المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الشركة شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌ ‌كتاب الشركة شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء

‌كتاب الشركة

شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء وكل أجنبي في قسط.

ــ

كتاب الشركة

ذكرها بعد المفقود لمناسبة خاصة هي أنها قد تتحقق في ماله كما لو مات وله وارث آخر وهي بكسر الشين وإسكان الراء في المعروف ولك فتحها مع كسر الراء وسكونها وشرك {وما لهم فيهما من شرك} (سبأ: 22) والجمع أشراك وشركاء وهي لغة خلط النصيبين بحيث لا يتميز أحدهما سمي العقد بها لأنه سبب لها والإضافة في قولنا شركة العقد بيانية وشرعا عبارة الاشتراك واختلاط النصيبين وفيه تسامح إذ الاختلاط للمال والشركة هي التي مصدر إنما هي الخلط وبهذا عرف أن ركنها في العقد اللفظ المفيد له وفي العين الاختلاط وبعث صلى الله عليه وسلم والناس يتشاركون فقررهم عليها وشرط جوازها كون الواحد قابلا للشركة وحكمها صيرورة المجتمع من النصيبين مشتركا وفي شركة العقد صيرورة المعقود عليه أو ما يستفاد به مشتركا بينهما وهي على نوعين نبه على الأول بقوله (شركة الملك) سميت بذلك لحصولها بأسبابه وفائدتها أن كل حاصل منها يكون على قدر المال كم في (السراج).

(أن يملك اثنان عينا) ملكا جبريا أو اختياريا ومثل للأول بقوله (إرثا أو) اختلط مالهما من غير صنع من أحدهما وللثاني بقوله أي: (شراء) ومنه ما لو انتهبا عينا أو استوليا على مال حربي يملك ماله بالاستيلاء أو خلطا مالهما بحيث لا يتميز كالحنطة بالحنطة أو يتعسر كالحنطة بالشعير أو قبلا وصية بعين لهما ولو اقتصر على قوله أن يملك اثنان لعم الكل إلا أنه يفوته بيان أنها على قسمين كما قد علمت.

وفي (منية المفتي) اشترى شيئا ثم أشرك فيه آخر فهذا بيع النصف منه وبه عرف أن الملك لا يشترط فيه المعية بل ولو متعاقبا بقي أن التقييد بالعين يخرج الدين مع أن بعضهم عده من شركة الملك فقيل: مجاز لأن الدين وصف شرعي لا يملك والحق أنه يملك ولذا ملك ما عنه من العين على الاشتراك حتى إذا دفع من عليه الدين إلى أحدهما كان للآخر الرجوع عليه بنصف ما أخذ وليس له أن يقول: هذا الذي أخذته حصتى وما بقي على المديون حصتك ولا يصح من المديون أيضا أن يعطيه شيئا على أنه قضاه وأخر الآخر.

قالوا: والحيلة في اختصاص أحدهما بما أخذه أن يهبه المديون مقدار حصته ويهبه رب الدين حصته (وكل) من شريكي الملك (أجنبي في قسط) بالكسر هو

ص: 294

صاحبه وشركة العقد أن يقول أحدهما: شاركتك في كذا ويقبل الآخر.

ــ

الحصة والنصيب كما في (القاموس)(صاحبه) وفي بعض النسخ غيره قيل: والأول أولى فلا يجوز أن يتصرف فيه إلا بأمره لعدم تضمنها وكالة قيد بقسط صاحبه لأنه يجوز التصرف في قسطه ببيعه له مطلقا وأما لغيره فكذلك إلا في صورة الخلط والاختلاط فلا يجوز بيعه إلا بإذنه.

قال في (البحر): والظاهر أن البيع ليس بقيد بل المراد الإخراج عن الملك بهبة أو وصية أو صدقة أو أمهار أو بدل خلع وأما الانتفاع ففي البيت والخادم والأرض له الانتفاع بالملك على المفتى به حيث كانت الأرض ينفعها الزرع لا إن لم ينفعها انتهى. والذي في قاضي خان أن لشريكه أن يزرع النصف فقط، وفي (القنية) للقاضي أن يأذن بزراعة الملك وفي الدابة لا يركبها بغير إذنه للتفاوت وأما ما ينتفع به في غيره كالحرث ونحوه فله ذلك لعدم التفاوت كما في (عقد الفرائد).

وقالوا: في الأمة تكون عند أحدهما يوما وعند الآخر يوما ولو خاف أحدهما من صاحبه وطلب وضعها على يد عدل لا يجاب، وفي المكيل والموزون له أن يعزل حصته بغيبة شريكه ولا شيء عليه إن سلم الباقي وإن هلك كان عليهما وباقي الأحكام في الأشياء المشتركة بيناه مستوفى في (الرسالة المباركة في الأشياء المشتركة) فعليك بها تزداد بها فإنها لمن ابتلي بالإفتاء نافعة وأنوار القبول عليها ساطعة.

(وشركة العقد) جعلها المصنف تبعا لصاحب (الهداية) مفاوضة وعنانا وتقبلا ووجوها، قال الإتقاني: وفيه نظر لأنه يوهم أن شركة الصنائع والوجةه مغايرتان للمفاوضة فالأولى / في التقسيم ما ذكره الطحاوي والكرخي وعليه جرى الشارح من أنها على ثلاثة أوجه بالمال والأعمال الوجوه وكل يكون مفاوضة وعنانا (أن يقول أحدهما: شاركتك في كذا) هذا تفسير للإيجاب فيها (ويقول الآخر: قبلت) أي: في كذا من المال أو في كذا من التجارات البزازية أو البقالية في العنان أو في كل مالي ومالك وهما مستويان في جميع التجارات ونحو ذلك كذا في (الفتح).

وتخصيص العموم بالمفاوضة والخصوص بالعنان يوهم أن شركة العنان لا تكون عامة مع أنها تكون عامة أيضا وقد أفصح عن ذلك في (الهداية) حيث قال: كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطه ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاجتماع شرائط العنان إذ هو قد يكون خاصا وقد يكون عاما انتهى نعم العموم في المفاوضة شرط وذكر شيخ الإسلام في شركة المفاوضة أنها تجوز في نوع خاص كذا في (التتارخانية) بقي أن اللفظ المذكور ليس بلازم فيها بل المعنى ولذا لو دفع له

ص: 295

وهي مفاوضة إن تضمنت وكالة وكفالة وتساويا مالا وتصرفا ودينا فلا تصح بين حر وعبد وصبي وبالغ. ......

ــ

ألفا وقال: أخرج مثلها واشتر وما كان من ربح فهو بيننا وفعل انعقدت، هذا ويندب الإشهاد عليها (وهي مفاوضة) من التفويض أو من الفوض الذي منه فاض المال إذا عم ومعناه المساواة وما قيل أنها مشتقة منها ففيه تسامح ظاهر. قال الأفوه الأودي:

لا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم .... ولا سراة إذا جهالهم سادوا

إذا تولى سراة الناس أمرهم .... نمى على ذاك أمر الناس وازدادوا

تهدى الأمور بأهل الرأس ما صلحت .... فإن توت فبالجهال ينقادوا

ومعنى البيت لا يصلح أمور الناس حال كونهم متساويين إذا لم يكن لهم أمراء وسادات فإنهم إذا كانوا متساويين فتتحقق المنازعة بينهم والسراة جمع السرى وهو جمع عزيز لا يعرف غيره وقيل اسم جمع للسرى كذا في (العناية) ومعناه السيد الشريف والمحفوظ في السراة فتح السين، (إن تضمنت وكالة وكفالة) بأن عقداها بلفظ المفاوضة وإن لم يعرفا معناها كما في (السراج) لأن هذا اللفظ جعل علما على إتمام المساواة في الشركة وبه تثبت أحكامها إقامة للفظ مقام المعنى وإلا فلا بد من ذكر تمام معناها بأن كان العاقد يقدر على استيفاء معانيها لأن العبرة في العقود للمعاني، وحينئذ فتستلزم وكالة كل منهما عن الآخر في نصف ما يشتريه لتحقق غرض الشركة وكفالة كل منهما للآخر لتحقق المساواة، وأفاد بقوله: تضمنت أن كلا منهما ليس قصديا فاندفع به ما أورد كيف تصح الوكالة بالمجهول وهلا توقفت الكفالة على القبول؟ لأن ذاك فيما قصد منهما على أن الفتوى في الكفالة على الصحة.

قال الشارح: وقوله إن تضمنت وكالة ليس فيه فائدة يمتاز به عن غيرها من أنواع الشركة وفي (البحر) أنه زائد لأن هذا لا يخصها وأنت خبير بأنه لا بدع في ذكر شرط الشيء وإن كان شرطا لآخر، (ويتساويا مالا) تصح في الشركة ولا تضر زيادة ما لا تصح فيه الشركة على ما بينه (وتصرفا) بأن يقدر أحدهما على ما يقدر عليه الآخر.

قال في شرح (الدرر): وهذا مغن عن قوله (ودينا)، وأوضحه في (إيضاح الإصلاح) بأن التساوي في التصرف يستلزم التساوي في الدين وفسر التصرف كالكفالة والوكالة قال: وهذا تصرف دقيق لا يهتدي لأمثاله إلا من له دربة في هذا الفن (فلا تصح) مفاوضة وإن صحت عنانا (بين حر وعبد ولا بين صبي وبالغ) لعدم المساواة وهذا لأن الحر البالغ يملك التصرف والوكالة ولا يملك المملوك شيئا منها

ص: 296

ومسلم وكافر وما يشتريه كل يقع مشتركا إلا طعام أهله وكسوتهم وكل دين لزم أحدهما بتجارة.

ــ

إلا بإذن المولى كما أن الصبي لا يملك التصرف إلا بإذنه وأما الكفالة فلا يملكها ولو أذنه، وإذا لم تصح بين من ذكر فعدم صحتها بين عبدين ولو مكاتبين وصبيين ولو بالإذن بالأولى وغير خال أن العبدين وإن كانا أهلا للكفالة بالإذن إلا أنها يتفاضلان فيهما لما أنهما يتفاوتان قيمة فلم يتحقق كون كل منهما كفيلا بجميع ما لزم صاحبه (و) لا بين (مسلم وكافر) عندهما وجوزها الثاني مع الكراهة لاستوائهما وكالة وكفالة ولا معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما ألا ترى أنها تجوز بين الحنفي والشافعي مع تفاوتهما في التصرف في متروك التسمية عمدا ولهما أنه لا تساوي في التصرف فإن الذمي لو / اشترى برأس ماله خمرا أو خنزيرا صح بخلاف المسلم والمساواة بين الحنفي والشافعي ثابتة لأن الدليل على كونه ليس مالا متقوما قائم، وولاية الإلزام بالحاجة ثابتة باتحاد الملة والاعتقاد، ولا خلاف في جوازها بينهما عنانا كما في (السراج) وأما بين المسلم والمرتد فلا تجوز في قولهم هكذا ذكر الكرخي وفي (الأصل) قياس قول أبي يوسف أن تجوز عنده كذا في (الفتح).

وفي (المحيط) أنها موقوفة عنده وعندهما تجوز عنانا فقط وفي (السراج) وكذا المرتدان لو تشاركا وإن شارك مرتدة صحت عنانا لا مفاوضة ومقتضى ما مر عن (الأصل) أنها تصح مفاوضة أيضا على قول أبي يوسف مع الكراهة وفي (التتارخانية) لو ارتد أحدهما بطلت المفاوضة وقالا تصير عنانا وقال قبله: إنها موقوفة عنده والأول يوافق ما مر عن الكرخي والثاني ما عن (المحيط)(وما يشتريه كل) أي: كل واحد منهما (يقع مشتركا) بينهما (إلا طعام أهله) وإدامهم (وكسوتهم) واستئجاره بيتا للسكنى أو دابة للركوب لحاجة كالحج والأمة التي يطؤها استحسانا لاستثنائه عن المفاوضة ضرورة ولا يتوهم من اختصاصه بذلك أن الثاني لا يكون كفيلا بالثمن بل يكون كفيلا ويرجع بما أدى على المشتري كما في (السراج) وغيره.

(وكل دين لزم أحدهما بتجارة) كثمن المبيع في البيع الجائز أو قيمته في الفاسد وأجرة ما استأجره ولو لنفسه ومهر المشتراة الموطوءة إذا استحقت كما في (السراج) وما لزمه بالاستقراض في ظاهر الرواية كما في (المحيط) لا فرق في لزومه بين أن يكون بالبينة أو بالإقرار إلا إذا أقر لمن لا تقبل شهادته كأصوله وفروعه وزوجته ولو في عدة البائن فإنه ينفذ عليه خاصة عنده وقالا: يلزم شريطه أيضا إلا لعبده ومكاتبه ولا يرد عليه بأدنى تأمل ما لو اشترى من شريكه جارية ليطأها أو طعاما لأهله فإن البيع صحيح ولا يلزم لأن لزومه إياه يقتضي عدم صحته لأنه يكون مطالبا ومطالبا وكذا لو

ص: 297

وغصب وكفالة لزم الآخر وتبطل إن وهب لأحدهما أو ورث ما تصح فيه الشركة لا العرض ولا تصح مفاوضة وعنان بغير النقدين والتبر والفلوس.

ــ

اشترى منه شيئا للتجارة لم يصح (وغصب) أراد به ما يشبه التجارة فدخل ضمان الاستهلاك والوديعة وكذا العارية المجحودة أو المستهلكة لأن تقرر الضمان في هذه المواضع يفيد تملك الأصل فتصير في معنى التجارة (وكفالة) بالمال (لزم الآخر) عند الإمام خلافا لهما لأنها مفاوضة انتهى، ولذا لو كانت بغير الأمر أو بالنفس لم يلزمه اتفاقا.

قيل: ولو قال وكل شيء لكان أولى لأن أحدهما لو أجر عبده أو باعه طولب الآخر بالتسليم قيد بما ذكر لأنه لا يلزمه ما لزم الآخر من المهر والخلع والصلح عن دم العمد ونفقة الزوجات والأقارب وأرش الجناية على الآدمي لأن هذه الديون بدل عما لا يصح الاشتراك فيه، أما الجناية على الدابة أو الثوب فتلزمه في قول الإمام ومحمد لما أنه يملك المجني عليه بالضمان قاله الحدادي، وفائدة اللزوم أنه لو ادعى على أحدهما والمباشر غائب كان له أن يستحلفه على العلم، (وبطلت) أي: المفاوضة (إن وهب لأحدهما أو ورث) أو وصل إلى يده ولو بصدقة أو إيصاء (ما تصح فيه الشركة) مما سيأتي بيانه، وكذا لو زادت دراهم أحدهما البيض على دراهم الآخر السود أو دنانيره قبل الشراء لفوات المساواة بقاء وهي شرط كالابتداء لكنها تصير عنانا (لا العرض) لا تبطل بهبة العرض ولا بإرثه لأن التفاوت فيه لا يمنع ابتداء فكذا بقاء وما لم يقبض من الهبة ونحوها كالعرض (ولا تصح مفاوضة وعنان) ذكر المال فيهما (بغير النقدين والتبر) وهو ما كان غير مضروب من الذهب والفضة (والفلوس).

وقيدنا بذكر المال لما قدمناه في أول الباب من أنهما يكونان تقبلا ووجوها وكل منهما يصح بلا مال فلزم اعتبار هذا القيد كما في (العناية) وغيرها وإلا فالإيجاب الجزئي يناقض السلب الكلي فلا يصحان بالعرض لأنه إذا باع كل منهما رأس ماله وتفاضلا ثمنا فما يستحقه أحدهما من الزيادة قي مال صاحبه ربح ما لم يضمن وما لم يملك ولا بالمكيل والموزون والعددي المتقارب قبل الخلط بجنسه وأما بعده فكذلك في ظاهر الرواية فيكون المخلوط شركة ملك وهو قول الثاني وقال محمد: شركة عقد، وأثر الخلاف يظهر في استحقاق المشروط من الربح وأجمعوا أنها عند اختلاف الجنس لا تنعقد وجعل التبر كالنقدين رواية كتاب الصرف وجعله في شركة (الأصل) / و (الجامع) كالعرض وهو ظاهر المذهب إلا إذا جرى التعامل فينزل منزلة الضرب.

قال في (البحر): وعليه يحمل ما في (الكتاب) وفيه نظر وأراد بالفلوس

ص: 298

النافقة ولو باع كل نصف عرضه بنصف عرض الآخر وعقد الشركة صح.

ــ

الرائجة، قيل: هذا قول محمد وعندهما لا يجوز والأصح أنها تجوز عندهما لأنها أثمان باصطلاح الكل فلا تبطل ما لم يصطلح على ضده وسكت عن إحضار المال وهو صحيح لأنه لا يشترط إحضاره عند العقد بل عند الشراء، حتى لو دفع لرجل ألفا وقال له: أخرج مثلها واشتر بهما وبع والحاصل بيننا أنصافا فبرهن المأمور على أنه فعل ذلك وأحضر المال وقت الشراء جاز.

وفي (الذخيرة) دفع إلى آخر ألفا وقال: اشتر بها بيني وبينك نصفين والربح لنا والوضعية عليها فهلك المال قبل الشراء فلا ضمان عليه وهذا شركة، ولو بعد الشراء كان عليهما (ولو باع كل) أي: كل واحد منهما (نصف عرضه) أي: نصف ماله من العروض (بنصف عرض الآخر وعقدا بعد ذلك عقد الشركة) مفاوضة أو عنانا (يصح) بيان للحيلة في جواز الشركة بالعروض توسعة على الناس وهذا لأنه بالبيع صار بينهما شركة ملك حتى لا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصف الآخر وبالعقد صارت شركة عقد فتجوز إذ المانع من كون رأس المال عرضا لزوم ربح ما لم يضمن وجهالة ما لكل منهما عند القسمة وكل منهما منتف وبه اندفه ما قيل هذا على قياس قول محمد في المكيل والموزون وهو قول الكل، عليه تواردت كلمة أهل المذهب وهو الحق وعلى قياس قول أبي يوسف لا يجوز أن يكون مضافة إلى حالة بيعها العروض بالدراهم وعقد الشركة يحتمل الإضافة لكن قال صاحب (الهداية): وهذه شركة ملك لما بينا أن العروض لا يصلح مال الشركة.

قال في (الفتح) تبعا (للكافي): وهو مشكل ووجهه كما في (العناية) بأنه لو كان المراد شركة الملك لم يحتج إلى قوله ثم عقد الشركة، قال في (البحر): ولعله أي: صاحب (الفتح) فهم أن الإشارة عائدة إلى الكل وليس كذلك وإنما هي راجعة إلى البيع فقط.

واقول: كيف يصح هذا مع قوله لما بينا أن العروض لا يصلح مال الشركة نعم ذكر الأكمل عن شيخه عبد العزيز البخاري وشيخه هو الإمام قوام الدين الكاكي وصرح الكاكي هنا بأنه أخذ عن صاحب (الهداية) ما حاصله أن ما ذكره المصنف تبعا للقدوري من جواز الشركة اختيار شيخ الإسلام وصاحب (الذخيرة) وشرح الطحاوي واختار شمس الأئمة وصاحب (الهداية) أنه لا يجوز عقد الشركة اتفاقا وهو أقرب إلى الفقه لبقاء جهالة رأس المال والربح عند القسمة بخلاف ما إذا باع نصف عرضه بنصف دراهم صاحبه ثم اشتركا لأن الدراهم بهذا القد صارت نصفين بينهما فيكون ذلك رأس مالهما ثم بينا حكم الشركة في العروض تبعا انتهى.

ص: 299

وعنان إن تضمنت وكالة فقط وتصح مع التساوي في المال دون الربح وعكسه.

ــ

قال في (الفتح): ولا يخفى ضعف هذا إذ فسادها بالعروض ليس لذاتها بل للازم الباطل وعلمت أنه منتف وفي (الحواشي السعدية) وكون هذا أقرب إلى الفقه منظور فيه لأن هذه الجهالة لبقاء الجهالة لا تفضي إلى المنازعة وقيد بقوله: نصف عرضه بنصف عرض الآخر ليشمل المفاوضة والعنان نعم قوله بنصف عرض الآخر اتفاقي لما مر.

وفي (المحيط): اشتركا في طعام لهما شركة خلط وأحدهما أجود جازت وكان الثمن بينهما لأن هذا يشبه البيع حين خلطاه على أنه بينهما وفي موضع آخر نص في هذا الكتاب أنه يقسم الثمن على قيمة الجيد وقيمة الرديء يوم باعا انتهى، والثاني بالقواعد أليق، (و) هي (عنان) بوزن كتاب كما في (القاموس) وقيل: بفتح العين من عنان السماء أي: سحابة لأنها علت كالسحاب بصحتها وشهرتها ولذا اتفقوا على صحتها وهي مأخوذة من عن كذا عرض أو ظهر له أن يشاركه في البعض من ماله وقيل: من عنان الفرس لأن كلا منهما جعل عنان التصرف في ماله لرفيقه وبعضه لنفسه ويجوز تفاوتهما في المال والربح كما يتفاوت العنان في كف الفارس طولا وقصرا في حالتي الإرخاء وضده.

قال في (الفتح): إلا أنه اشتقاق غير صحيح إلا فيما سمع ولا بد منه كما في استحجر الطين وأمثاله يعني: أن اشتقاق اسم المعنى من اسم العين مقصور على السماع وأنت خبير بأن هذا بتقدير تسليمه الظاهر أنه مسموع يف والذاهب إليه الإمامان الكسائي والأصمعي والواحد منهما حجة في اللغة فكيف بهما، (إن تضمنت وكالة فقط) بيان لشرطها وهو أن يكون التصرف المعقود عليه عقد الشرك قابلا / للوكالة ليكون ما يستفاد منه مشتركا بينهما ونبه بقوله فقط لأنها لا تتضمن كفالة بأن عقداها في نوع من التجارات ولم يذكر الكفالة لاختصاصها بالمفاوضة ومن ثم صحت بين البالغ والصبي أو معتوه يغفل البيع والشراء فلو ذكرنا الكفالة مع توفر باقي شروطها انعقدت مفاوضة وإن لم تكن متوفرة كانت عنانا ثم هل تبطل الكفالة يمكن أن يقال: تبطل وأن يقال: لا تبطل لأن المعتبر فيها عدم اعتبار الكفالة لاعتبار عدمها كما أنها تكون عنانا مع العموم.

قال في (الفتح): وقد يرجح الأول بأنها كفالة بمجهول فلا تصح إلا ضمنا فإذا لم تكن مما يتضمنها الشركة لم يكن ثبوتها إلا قصدا (وتصح) شركة العنان (مع المتساوي في المال دون الربح وعكسه) وهو التفاضل في المال دون الربح، اعلم أنهما إذا شرطا العمل عليهما وتساويا مالا وتفاوتا ربحا جاز عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر

ص: 300

وببعض المال وبخلاف الجنس وعدم خلط وطولب المشتري بالثمن فقط ورجع على شريكه بحصته منه وتبطل المالين أو أحدهما قبل الشراء

ــ

والربح بينهما على ما شرطا وإن عمل أحدهما فقط، وإن شرطاه على أحدهما فإن شرطا الربح بينهما بمقدار رأس مالهما جاز ويكون مال الذي لا عمل له بضاعة عند العامل له ربحه وعليه وضيعته وإن شرطا الربح للعامل أكثر من رأس ماله جاز أيضاً على الشرط ويكون مال الدافع عند العامل بضاعة لكل واحد منهما بربح ماله والوضيعة بينهما على قدر رأس مالهما أبداً هذا حاصل ما في (العناية) وبقي من الأقسام ما لو شرطا كل الربح لأحدهما فإنه لا يجوز لأنه حينئذ يخرج إلى قرض إن شرط للعامل أو بضاعة إن شرط لرب المال وبهذا عرف أن في كلام المصنف إرسالاً غير واقع.

وفي (الظهيرية) قال أحد الشريكين لصاحبه: لا أعمل معك في الشركة فهذا بمنزلة قوله فاسختك (و) تصح أيضاً (ببعض المال) أي: مال كل واحد منهما (وبخلاف الجنس) بأن يكون من أحدهما دراهم ومن الآخر دنانير والوصف أيضاً بأن تكون دراهم أحدهما بيضاً والثاني سوداً وإن تفاوتت قيمتها، والربح على ما شرطا لأن لفظها لا يقتضي المساواة ولا ينبئ عنه ليعتبر في مفهومه، (وعدم الخلط) أي: تصح أيضاً بعدم الخلط للمالين لأن الشركة في الربح مستندة إلى العقد لا المال (وطولب المشتري) من شريكي العنان (بالثمن) أي: بثمن ما اشتراه لأنه العاقد (فقط) أي: دون شريكه الآخر لعدم تضمنها كفالة (ورجع على شريكه بحصته منه) معناه إن أدى المال نفسه لأنه وكيل من جهته في حصته كذا في (الهداية) واحترز به عما لو نفد من مال الشركة فإنه لا يرجع وهذا القيد أهمله المصنف كالقدوري للعلم به من قوله: يرجع لظهور أنه لا يكون إلا إذا أداه من مال نفسه.

ولو ادعى بعد الهلاك أنه اشتراه للشركة كان عليه البيان (وتبطل الشركة بهلاك المالين) لأن المعقود عليه عقد الشركة هو المال المعين لتعينه في الشركة كالهبة والوصية وبهلاك المعقود عليه يبطل العقد كما في البيع، (أو) هلاك (أحدهما) لأن من بقي ماله لم يشركه صاحبه في ماله ولا يشركه هو أيضاً في ماله بتقدير بقائه فإذا فات ذلك ظهر وقوع ما لم يكن راضياً به عند عقد الشركة فيبطل العقد لعدم فائدته من الاشتراك فيما يستفاد، وغير خاف أن هلاك أحدهما إنما يتصور قبل الخلط سواء هلك في يد صاحبه أو في يد الآخر ويهلك عليه لأنه أمانة في يده أما بعد الخلط فالهلاك عليهما لعدم التمييز والباقي على الشركة وإن هلك الكل بطلت، (قبل الشراء) قيد به لأنه لو هلك أحدهما بعد الشراء بالمال الآخر كان المشتري بينهما

ص: 301

وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر فالمشتري بينهما ورجع على شريكه بحصته منه وتفسد إن شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع ويستأجر ويودع ويضارب

ــ

وقد كشف نقاب هذا المفهوم بقوله: (وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر فالمشترى) بالفتح (بينهما) على ما شرطا لقيام الشركة وقت الشراء لأن الهلاك لم يقع قبله ليبطل فلا يعتبر بهلاك مال الآخر ثم هذه الشركة في المشترى شركة عقد عند محمد فلكل منهما أن يتصرف فيه.

وقال الحسن بن زياد: شركة ملك فلا يصح تصرف أحدهما إلا في نصيبه وظاهر كلام كثير ترجيح قول محمد ويجب أن تكون الواو في قوله: وهلك بمعنى ثم لأنه لو اشترى بماله بعد هلاك مال الآخر لا يكون المشترى مشتركاً بينهما على ما شرط إلا إذا صرحا بالوكالة في عقد الشركة بأن قالا: على ما اشتراه كل منهما بمال هذا يكون مشتركاً.

وفي (المحيط) لو كان لأحد شريكي العنان مائة دينار قيمتها ألف وخمسمائة والآخر ألف واشترط الربح والوضيعة على قدر رأس المال فاشترى صاحب الدراهم/ جارية ثم هلك الدنانير فالجارية بينهما وربحها أخماساً ثلاثة أخماس لصاحب الدنانير وخمسان لصاحب الدراهم (ورجع على شريكه بحصته منه) أي: من الثمن لأنه وكيل عنه في حصته وقد قضى الثمن من ماله فيرجع عليه بحسابه لعدم الرضا بدون ضمانة، (وتفسد) الشركة (وإن شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح) بأن قال أحدهما: لي مائة من الربح مثلاً والباقي يقسم.

قال ابن المنذر: ولا خلاف في هذا لأحد من أهل العلم فإن قلت: الشركة كالمضاربة لا تبطل بالشرط الفاسد فكيف بطلت هنا؟ قلت: إنما بطلت لا لأن هذا شرط فاسد بل لأن هذا الشرط تنتفي به الشركة إذ عساه أن لا يخرج إلا قدر المسمى فيكون اشتراط جميع الربح لأحدهما على ذلك التقدير مخرج على القرض أو البضاعة، (ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع) أي: يدفع المال بضاعة بأن يشترط الربح كله لرب المال (ويستأجر) من يتجر له أو يحفظ له المال (ويودع) لأنه استحفاظ بدون أجر إذا جاز بالأجر فبدونه أولى (ويضارب) أي: يدفع المال مضاربة وهذا رواية (الأصل) وهو الأصح، وعن الإمام ليس له ذلك لأن فيه نوع شركة.

قلنا: هي غير مقصودة وأما إذا أخذ مالاً مضاربة فإن أخذه ليتصرف فيما ليس من تجارتهما فالربح له خاصة وكذا فيما هو من تجارتهما إذا كان بحضرة صاحبه ولو مع غيبته أو مطلقاً كان الربح بينهما نصفه لشريكه ونصفه بين المضارب ورب المال

ص: 302

ويوكل ويده في المال أمانة

ــ

كذا في (المحيط)(ويوكل) لأن هذا من توابع التجارة وبقي أن له أن يعير ثوباً أو داراً أو خادماً استحساناً كذا في (كافي) الحاكم، والصحيح من مذهب الإمام ومحمد أن لكل منهما أن يسافر وكذا للمبضع والمودع قاله الحدادي، وكل ما كان لأحدهما إذا نهاه عنه شريكه لم يكن له فعله ولهذا لو قال له: اخرج لدمياط ولا تجاوزها فجاوزها فهلك المال ضمن حصة شريكه كذا في (الفتح).

وفي (السراج): للمفاوض أن يدفع المال شركة عنان وأن يفاوض بإذن شريكه وله أن يرهن عبداً من المفاوضة بدين عليهما وكذا عليه فقط، وله أن يقر بالرهن والارتهان وله أن يكاتب عبداً وأن يأذن له في التجارة وأن ينهى وكيل شريكه عما وكل فيه إن كان قبل الشراء، وليس للشريك عناناً أن يرهن شيئاً من مال الشركة بدين عليهما إلا أن يكون هو العاقد في موجب الدين أو بإذن شريكه ولا يشارك عناناً إلا بإذنه أيضاً، وإقراره بالرهن والارتهان عند ولايته العقد صحيح، ولا أن يكاتب وليس لأحدهما الإقرار إلا بإذن شريكه إذناً صريحاً فيه هذا كله إذا لم يقل له اعمل برأيك فإن قال: له الشركة والمضاربة والرهن وكل شيء كان من أنواع التجارات إلا القرض والهبة وكل ما كان من التبرعات انتهى. (ويده) أي: الشريك (في المال) الذي في يده للشركة (أمانة) لأنه قبضه بإذنه لا على وجه البدل والوثيقة فيصير كالوديعة فلو ادعى دفعه لشريكه وأنكر حلف وكذا المضارب مع رب المال كما في (البزازية) ولو ادعاه بعد موته.

قال في (البحر): ظاهر ما في (الولوالجية) من الوكالة يفيد أنه كذلك حيث قال: ادعى الوكيل الدفع في الحياة وأنكر الوارث فإن كان المقصود نفي الضمان عن نفسه كالوكيل بقبض العين فالقول قوله، وإن كان المقصود إيجاب الدين على الميت كالوكيل بقبض الدين لا يقبل قوله، قال في (البحر): وقد وقعت حادثتان: الأولى نهاه عن البيع نسيئة فباع فأجبت بنفاذه في حصته وتوقفه في حصة شريكه فإذا أجاز قسم الربح بينهما، الثانية نهاه عن الإخراج فخرج ثم ربح فأجبت بأنه غاصب حصة شريكه بالإخراج فينبغي أن لا يكون الربح على الشرط انتهى.

ومقتضاه فساد الشركة وتفرع على كونه أمانة أيضاً ما في (فتاوى) قارئ (الهداية) وقد سئل عن شريك طلب من شريكه أو من عامل في المضاربة حساب ما باعه وأصرفه فقال: لا أعلم هل يلزم بعمل محاسبته؟ فأجاب بأن القول قول الشريك والمضارب في مقدار الربح والخسران مع يمينه ولا يلزمه أن يذكر الأمر مفضلاً والقول قوله في الضياع والرد إلى الشريك انتهى، وعلى هذا الوصي ومتولي الوقف إذا

ص: 303

وتقبل إن اشترك خياطان أو خياط وصباغ على أن يتقبلا الأعمال

ــ

قالا: لم يبق معنا من مال اليتيم والوقف إلا هذا فينبغي أن لا يلزما بذكر الأمر مفصلاً وقضاة زماننا ليس لهم قصد بالمحاسبة إلا/ الوصول إلى ما يرومونه من ذلك من سحت المحصول ولقد رأيت بعض قضاة الطريق النواب يدعي به على نائبه عند بعض الموالي فلم يلتفت إليه والله تعالى هو الهادي للصواب، (وتقبل) عطف على مفاوضته.

قال في (البحر): وظاهره أن التقبل والوجوه غير المفاوضة والعنان وقد قدمنا خلافه، وفي (البزازية) وشركة التقبل والوجوه قد تكون مفاوضة وعناناً فالعنان ما تكون في تجارة خاصة والمفاوضة تكون في التجارات انتهى. والتحقيق أن ما مر من المفاوضة والعنان فيما إذا ذكر المال فيهما وأما إذا لم يذكر فيكونان وجوهاً وتقبلاً كما أشرنا إليه وتسمى أيضاً شركة الصناع والأبدان والأعمال وإنما جاز هذا النوع من الشركة لأن المقصود منها إنما هو تحصيل الربح على الاشتراك وهو لا يقتصر على المال بل يكون بالعمل أيضاً فإذا وكل كل منهما الآخر بقبول العمل كان واحد أصيلاً في نصف العمل المتقبل وكيلاً في النصف الآخر فتحققت الشركة في الربح فإن لم يعمل إلا أحدهما كان العامل معيناً شريكه فيما لزمه، ونبه بقوله:(إن اشترك خياطان أو خياط وصباغ على) أنه لا يشترط فيها اتحاد العمل بل ولا المكان أيضاً لان ما مر من المعنى المجوز لها لا يختلف وفيه إيماء إلى أن المشترك فيه حلال حتى لو اشتركا في حرام لم تصح كما في (البزازية)، وفيها اشتركا على أن يعمل بأداته في بيت هذا والكسب بينهما جاز وكذا سائر الصناعات، ولو من أحدهما أداة القصارة والعمل من الآخر فسدت والربح للعامل وعليه أجر مثل الأداة، ولو اشتركا معلمان لحفظ الصبيان وتعليم الكتابة والقرآن جاز هو المختار، وفي (الخانية) وكذا لو اشتركا في تعليم الفقه يعني بناء على جواز أخذ الأجرة على القربات على ما عليه الفتوى.

وفي (القنية) لو اشتركا في نقل كتب الحاج على أن ما رزق الله فهو بينهما نصفان جاز على (أن يتقبلا الأعمال)، نبه بذلك على أنه لو شرط على الصانع أن لا يتقبل لا يجوز لأنه عند السكوت جعل إثباتهما اقتضاء ولا يمكن ذلك مع النفي كذا في (المحيط)، وفي إيماء على أنهما لو اشتركا على أن يتقبل أحدهما ويعمل الآخر جاز كما في (القنية)، لأن من شرط عليه العمل لو تقبل جاز وبه اندفع ما في (البحر) من أن قوله على أن يتقبلا ليس بقيد.

قال: وقوله: خياطان ولو حكما ليشمل ما لو اشتركا في صنعة ولم يحسنهما

ص: 304

ويكون الكسب بينهما وكل عمل يتقبله أحدهما يلزمهما وكسب أحدهما بينهما ووجوه إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا

ــ

أحدهما فإنها صحيحة كما سيأتي ولا حاجة إليه إذ المشترك فيه إنما هو العمل لا خصوص الخياطة، ولذا قالوا: من صور هذه الشركة أن يجلس آخر على دكانه فيطرح عليه العمل بالنصف والقياس أن لا يجوز لأن من أحدهما العمل ومن الآخر الحانوت واستحسن جوازها لأن التقبل من صاحب الحانوت عمل، ولابد أن يكون من أحدهما العمل مما يمكن استحقاقه فلا تجوز شركة الدلالين، ولا شركة القراء في القراءة بالزمزمة لأنها غير مستحقة عليهم، ولا شركة السؤال لأن التوكيل بالسؤال غير صحيح كما في (القنية)(ويكون الكسب بينهما) على ما شرطا ولو شرطا أكثر الربح لأدناهما عملا فالأصح الجواز، (وكل عمل يقبله أحدهما يلزمهما) حتى كان لصاحب الثوب أن يأخذ الشريك بالعمل وللشريك الذي لم يتقبل أن يطالب رب الثوب بالدفع إليه، وهذا ظاهر فيما إذا كانت مفاوضة.

قال في (البحر): وصورها في (المحيط) أن يعقداها على أن يتقبلا ويضمنا العمل جميعاً على التساوي وأن يتساويا في الربح والوضيعة وأن يكون كل واحد منهما كفيلاً فيما لحقه بسبب الشركة، ويكفي عند استجماع شرائطها أن يعقداها مفاوضة كما مر.

وفي (الخانية): شرط على الخياط أن يخيطه بنفسه لا يطالب الآخر بحكم الكفالة أما إذا أطلقاها أو قيداها بالعنان فثبوت هذه الأحكام استحسان ووجهه كما في (الهداية) أن هذه الشركة مقتضية للضمان، ألا ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما مضمون على الآخر وبهذا يستحق الأجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل انتهى، ولعل هذا هو السر في حذف المصنف التنصيص على أنها تتضمن وكالة فقط لأنها إنما تتضمنها في غير هذين الأمرين.

قالوا: وفيما سوى هذين الأمرين فهي باقية على مقتضى العنان ولذا لو أقر أحدهما بدين من ثمن صابون مثلاً أو آجر أجيراً أو بيت أو دكان لمدة مضت لا يصدق على صاحبه إلا ببينة لأن نفاذ الإقرار على الآخر موجب للمفاوضة ولم ينصا عليها (وكسب أحدهما بينهما)، أما العامل فظاهر، وأما/ غيره سواء كان امتناعه عن العمل لعذر سفر أو لم يكن فلأنه لزمه العمل بالتقبل فيكون ضامناً له فيستحقه بالضمان وهو لزوم العمل، ولو شرطا التساوي فيه والتفاضل في الكسب جاز استحساناً وقد مر، ووجوه أن تكون شركة العقد شركة وجوه أيضاً.

(و) فسرها بقوله: (إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا) حذف المفعول إيماء إلى

ص: 305