المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

ما يحنث بالمباشرة، لا بالأمر البيع والشراء،

ــ

باب اليمين في البيع والشراء

والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

قدم البيع والشراء لكثرة وقوعهما ثم الضابط هنا أحد أمرين، الأول: أن كل فعل ترجع الحقوق فيه إلى المباشر لم يحنث الحالف فيه بفعل الوكيل والمأمور وما لا حقوق له ترجع إلى المباشرة يحنث، سواء كان له حقوق أو لا، والثاني: أن كل ما يستغني المأمور في مباشرته عن إضافته إلى اآمر لا يحنث بمباشرة المأمور وإن كان لا يستغني عن الإضافة يحنث، وبالثاني دخل نحو الخصومة مما لا حقوق له ترجع إلى المأمور فإنه يحنث فيها بالتوكيل على ما سيأتي، وبهذا التقرير علمت أن القسمة ثنائية كما جرى عليه المصنف والأكثرون وجعلها في (الخانية) ثلاثية بجعل ما لا حقوق له قسما ثالثا.

وادعى في (البحر) أنه الأولى لأن ما لا حقوق له يخرج عنهما، وقد علمت أنه لا يخرج نعم يرد على الثاني الصلح عن إنكار فإنه من الثاني مع أنه يستغنى فيه عن إضافته إلى الآمر كما في (شرح الوقاية) (ما يحنث) فيه (بالمباشرة) أي: مباشرته بنفسه (لا) يحنث فيه (بالأمر) إلا إذ كان الحالف سلطانا أو قاضيا أو شريفا فيحنث بالأمر أيضا، نص عليه في (الكافي) فلو باشره مرة وترك أخرى اعتبر الأغلب جزم به في (الخانية) ووسيط (المحيط) والبزازي.

قال في (القنية): وقيل ينظر إلى العين المبيعة إن كانت مما يشتري بنفسه لشرفها لا يحنث بفعل وكيله إلا أن يقصد أن لا يفعل ذلك بنفسه، وإن كانت مما لا يشتريها بنفسه لحسنها أو لغير ذلك يحنث بشراء الوكيل (البيع)، فلو حلف لا يبيع فوهب بشرط العوض ينبغي أن يحنث كذا في (القنية) وبه جزم في (الظهيرية) ولو حلف لا يبيع داره فأعطاها صداقا لامرأته إن أعطاها عوضا عن دراهم المهر حنث لا إن تزوجها عليها (والشراء) فلو حلف لا يشتري منه فأسلم إليه في ثوب حنث، ولو اشترى منه بالتعاطي قيل: يحنث وفي (مجموع النوازل) وضع المسألة في البيع فقال: إن حلف لا يبيع الخبز فباعه بالتعاطي من الجانبين لا يحنث وفي (شهادات

ص: 100

والإجارة والاستئجار، والصلح عن مال، والقسمة، والخصومة وضرب الولد. وما يحنث بهما النكاح،

ــ

القدوري) ما يؤيده حيث قال: لا يسمع من عاين ذلك أن يشهد على البيع بل على التعاطي كذا في (البدائع)، وفي (القنية) حلف لا يشتري لا يحنث بالتعاطي وقد اختلف فيه أئمة بخارى وسمرقند، وقال الأولون: لا يحنث بالتعاطي، والآخرون يحنث ثم رقم (للمتنقى) وقال: لا يحنث وفيها عن الكرابيسي حلف إن اشتراها يحنث بالإقالة، كذا في (عقد الفرائد).

وفي (الظهيرية): باع عبده من رجل وسلم إلى المشتري ثم حلف البائع أن لا يشتريه من فلان ثم إن المشتري أقال البيع وقبل البائع الإقالة لا يحنث، فلو كان الثمن ألف درهم فوقعت الإقالة بمائة دينار أو أكثر من الثمن الأول أو أقل حنث قيل: هذا قولهما وأما على قول الإمام فلا يحنث (والإجارة والاستئجار) فلو حلف لا يؤجر وله مستغلات أجرتها زوجته وقبضت الأجرة وأعطتها له لا يحنث، وتركها في أيدي الساكنين ليس إجارة، وكذا لو تقاضى منهم أجرة شهر قد سكنوه، أما لو تقاضى منهم أجرة شهر لم يسكنوا فيه أو قال اقعدوا في هذه المنازل كان ذلك إجارة فيحنث كذا في (الذخيرة) وأنت خبير بأن تقاضي أجرة / شهر لم يسكنوا فيه ليس إلا إجارة [291/ب] بالتعاطي فينبغي أن يجري فيه الخلاف السابق (والصلح عن مال) مقيد بكونه عن إقرار لما سيأتي في بابه من أنه عن إنكار فداء فيكون من الثاني كالصلح عن عمد.

وفي (المحيط) عن (المنتقى): حلف لا يصالح رجلا في حق يدعيه فوكل رجلا فصالحه لم يحنث، وكذا لو حلف لا يخاصمه، ولو قال: والله لا أصالح فلانا فأمر غيره فصالحه حنث لأن الصلح لا عهدة فيه، وحمل الثاني في (البحر) على الصلح اللغوي أي: الرافع للعداوة ولا حاجة إليه بل الأول عن إقرار، والثاني عن إنكار (والقسمة والخصومة وضرب الولد) عد في (المحيط) الخصومة من الثاني أولا، وثانيا من الأول قال البرازي: والفتوى أنها ملحقة بالأول إنا لم يحنث بالأمر في هذا لأن العقد وجد من العاقد حقيقة وحكما حتى رجعت الحقوق إليه، ولذا لو كان هو الحالف حنث وإنما الثابت للأمر حكمه إلا أن ينوي غيره (وما يحنث بهما) أي: بالمباشرة والأمر أي التوكيل كما في (الشرح) وليس مقصورا عليه بل الرسالة كذلك بدليل عد الاستقراض من هذا النوع، والتوكيل به غير صحيح كذا في (البحر) ولك أن تقول: إنما خصه لتعلم الرسالة منه بالأولى بقي أن مجرد الأمر لا يحنث به لا بد من فعل الوكيل ذلك الشيء المحلوف عليه ففي العبارة تسامح.

فلو قال: وما يحنث به بفعل مأموره لكان أولى، وأنت خبير بأن المؤثر في حنثه إنما هو أمره والفعل شرط فيه (كالنكاح) فلو حلف لا يتزوج فعقده بنفسه أو

ص: 101

والطلاق، والخلع، والعتق، والكتابة، والصلح عن دم عمد، والهبة، والصدقة

ــ

وكل، فعقد الوكيل حنث، وكذا لو كان الحالف امرأة فلو حلفت وأجبرت ممن له ولاية الإجبار ينبغي أن لا تحنث كما لو جن فزوجه أبوه كارها ولو صار معتوها فزوجه أبوه لا يحنث، كذا في (عقد الفرائد) وتزويج الأمة بولاية الإجبار يتصور في الأمة وقد سئلت بالدرس الجامع الأزهر عما إذا كان له وكيل مطلق مفوض قبل اليمين فزوجه وأجبت بأنه يحنث أيضا، لأن المقصود إيجاد الفعل من الوكيل بعد اليمين وقد وجد ثم رأيت في (عقد الفرائد) عن (التاتارخانية) وكذا لو كان الوكيل قبل اليمين ولو زوجه فضولي فإن عقد قبل اليمين لا يحنث بالإجازة مطلقا وبعده يحنث بالإجازة القولية هو المختار ولا يحنث بالفعلية رواه ابن سماعة عن محمد وعليه أكثر المشايخ وقيل: يحنث وبالأول يفتى، ولو قال: لا أزوج فلانة فأمر رجلا فزوجها لا يحنث بخلاف لا أتزوج، والفرق في الأول لم يلحقه حكم ولحقه في الثاني وهو الحل كذا في (البزازية) وغيرها.

(والطلاق) والعتاق هذا الإطلاق أيضا مقيد بأن يقعا بكلام واحد بعد اليمين حتى لو علق الطلاق أو الحرية بدخول الدار ثم حلف أنه لا يطلق ولا يعتق فدخل ووقع الطلاق (والعتق) لم يحنث، ولو كان ذلك بعد اليمين حنث وعلى هذا لو وقع الطلاق بمضي مدة الإيلاء أو أعتق المكاتب بالأداء، ولو فرق بينهما بالعنة لم يحنث عند زفر، وعن الثاني روايتان وكذا لو قال لها: أنت طالق إن شئت أو اختاري فاختارت ولو طلق امرأته ثم قال: إن تزوجت امرأة باسمك فهي طالق ثم تزوجها لم تطلق، ولو قال: بهذا الاسم طلقت، والفرق أنه في الأول صارت المرأة معرفة بكاف الخطاب فلم تدخل تحت النكرة بخلافه في الثاني (والخلع) هو الطلاق (و) قد مر في (الكتابة) عدها في هذا النوع هو الصحيح وجعلها في (النظم) كالبيع كما في (المجتبى).

ولو أجاز كتابة الفضولي حنث كذا أطلقه غير واحد وقياس ما مر أن يقيد بما إذا كانت بالقول (والصلح عن دم العمد)، فلو حلف أن لا يصالح عن دم العمد فوكل حنث، لأن المنافع تعود إليه بخلاف الصلح عن إقرار، ولو قال: والإنكار لكان أولى (والهبة)، فلو حلف لا يهب مطلقا أو معينا أو شخصا بعينه فوكل من وهب حنث صحيحة كانت الهبة أو لا قبل الموهوب له أو لا قبض أو لم يقبض لأنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه ولا يملك أكثر من ذلك وفي (المحيط) حلف لا يهب عبده هذا لفلان ثم وهبه له على عوض حنث لأنه هبة صيغة ولفظا انتهى.

(والصدقة) هي كالهبة فيما مر قال ابن وهبان: وكذا ينبغي أن يحنث في حلفه

ص: 102

والقرض، والاستقراض، وضرب العبد، والذبح والبناء، والخياطة، والإيداع والاستيداع، والإعارة

ــ

أن لا يقبل صدقة فوكل بقبضها له، قال: ولو تصدق على فقير بلفظ الهبة ينبغي أن يحنث، ولو وهب شيئا بلفظ الصدقة ينبغي أن لا يحنث لأنه لم يثبت له الرجوع استحسانا إذ قد / يقصد به الصدقة على الغني الثواب ويحتمل أن لا يحنث اعتبارا [292/أ] باللفظ انتهى.

وجزم في (التاتارخانية) عن (الظهيرية) بعدم الحنث بالصدقة في يمين الهبة (والقرض)، فلو حلف لا يقرض مطلقا أو معينا حنث بفعل وكيله قبل المستقرض أو لم يقبل، وكذا العطية والعارية وقبول المقترض شرط عندهما في الحنث لأنه كالمعاوضة وفي (التاتارخانية) أنه لا يكون قرضا بدون القبول في قول محمد وإحدى الروايتين عن الثاني، وفي أخرى ليس بشرط وقياس ما مر من أنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه ترجيحه (والاستقراض) وهو كالقرض فيحنث سواء أقرضه المستقرض منه أو لا، وينبغي أن يجري فيه الخلاف في القبول كالقرض ولم أره (وضرب العبد) لأن المقصود منه وهو الائتمار بأمره راجع إليه بخلاف ضرب الولد فإن المقصود منه هو التأدب راجع إلى الولد.

قال في (الفتح): وأما في عرفنا وعرف عامتنا فإنه يقال: ضرب فلان اليوم ولده وإن لم يباشر ويقول العامي لولده: غدا أسقيك علقة ثم يذكر المؤدب الولد فيضربه فيعد الوالد نفسه قد حقق إيعاده ذلك ولم يكذب، ومقتضاه أن ينعقد على معنى لا يقع بكل ضرب من جهتي ويحنث بفعل المأمور انتهى. ويوافقه ما في (الخانية) إن كان الولد صغيرا ينبغي أن يحنث بفعل وكيله لأنه يملك ضرب ولده، والصغير والزوجة قيل نظير العبد وقيل نظير الولد.

قال في (البحر): وينبغي ترجيح الثاني لما مر في الولد، ورجح ابن وهبان الأول لأن النفع عائد إليه بطاعتها له، وقيل: إن جنت فنظير العبد وإلا فنظير الولد، قال بديع الدين: ولو فصل هذا في الولد لكان حسنا كذا في (القنية)(والذبح والبناء والخياطة) حتى لو حلف لا يذبح في ملكه شاة أو لا يبني دارا بعينها أو لا يخيط ثوبه فأمر غيره بذلك حنث. وفي (الخانية) ي البناء والخياطة يحنث بالأمر سواء كان يحسن ذلك أو لا (والإيداع والاستيداع) حتى لو حلف لا يودع شيئا سواء قيده بشخص أو أطلق يحنث بفعل وكيله، لأن المنفعة تعود إليه (والإعارة) حتى لو حلف لا يعير مطلقا أو شيئا بعينه فوكل بذلك حنث قبل المستعير أو لا، ولو عين شخصا فأرسل المحلوف عنه شخصا فاستعار حنث، لأنه سفير محض فيحتاج إلى إضافة

ص: 103

والاستعارة، وقضاء الدينن وقبضه، والكسوة، والحمل

ــ

إلى الموكل فكان كالوكيل بالاستقراض كذا في (الخانية) وجعل في (جمع التفاريق) الحنث قول زفر خلافا ليعقوب قال الشهيد: والفتوى على الحنث وهذا إذا أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة بأن قال: إن فلانا يستعير منك كذا، فأما إذا لم يقل ذلك لم يحنث ذكره في (التاتارخانية) غير أنه عبر عن الرسول بالوكيل (والاستعارة)، وهي كالإعارة (وقضاء الدين وقبضه)، فلو حلف لا يقبض الدين فأمر غيره يحنث بقبض وكيله، فلو حلف لا يقبض من غريمه اليوم وقد كان وكل فقبض الوكيل بعد اليمين كذا في (المنتقى).

قال قاضي خان: وينبغي أن يحنث كما في النكاح (والكسوة)، فلو حلف لا يلبس أو لا يكسو مطلقا أو كسوة بعينها أو معينا حنث بفعل وكيله، لأن منفعة الاكتساء عائدة إليه وكسوة غيره هبة إن كانت لغني وصدقة إن كانت لفقير وفي (السراجية) لو لقيه بعد موته لا يحنث إلا إذا أراد الستر دون التمليك وفي (الخانية) حلف أن لا يكسو فلانا فأرسل إليه بقلنسوة أو خفين أو نعلين حنث لا أن ينوي أن يعطيه، ولو حلف لا يجدد لأمته ثوبا فأمر غيره فاشترى بمال المولى حنث، (والحمل) فلو حلف لا يحمل شخصا شيئا يعني متاعا فوكل شخصا أن يحمل متاعا كذلك حنث بفعل وكيله هذا في غير الإجارة، قال ابن وهبان: والظاهر أنه لا فرق بين هذا وبين الاستخدام.

تكميل: من هذا النوع الهدم والقطع والقتل والشركة كما في (منظومة ابن وهبان) وقدمنا أن منه ضرب الزوجات والولد الصغير في رأي قاضي خان ومنه تسليم الشفعة والإذن كما في (الخانية) والنفقة كما في الإسبيجابي والوقف والأضحية والحبس والتعزيز بالنسبة إلى القاضي والسلطان وينبغي أن يقال في الحج كذلك في صورة أخرى، كذا في (شرح المنظومة) للشيخ عبد البر ومنه الوصية كما في (الفتح) وينبغي أن يكون منه الحوالة والكفالة كما لو حلف لا يحلل فلانا فوكل من [292/ب] يحيله أو لا يقبل حوالته أو لا يكفل عنه فوكل بقبول ذلك والقضاء / والشهادة والإقرار في (البحر) أن منه التولية فلو حلف لا يولي شخصا ففوض إلى من يفعل ذلك حنث، وهي حادثة الفتوى ويدل على ذلك ما قاله الشيخ ففوض إلى من يفعل ذلك حنث، وهي حادثة الفتوى ويدل على ذلك ما قاله الشيخ عبد البر فقرات بخط والدي نظم المسائل التي لا يحنث فيها بفعل الوكيل لأنها الأقل مشيرا إلى أنه يحنث فيما عداها فقال:

بفعل وكيل ليس يحنث حالف .... ببيع شراء صلح مال خصومة

إجارة استئجار الضر لابنه .... كذا قسمة والحنث في غيرها أثبت

ص: 104

ودخول اللام على البيع، والشراء والإجارة والصاغة والخياطة، والبناء كإن بعت لك ثوبا لاختصاص الفعل بالمحلوف عليه بأن كان بأمره كان ملكه أو لا،

ــ

والله أعلم، وبهذا تمت المسائل أربعة وأربعين وقصارى ما أوصله الطرسوسي إلى أربعة وعشرين، وقال: إنه لم يقف على أكثر منها وزاد ابن وهبان خمسة والله الموفق. واعلم أن ما يحنث فيه بفعل الوكيل لو قال: نويت أن لا ألي ذلك بنفسي ففي الأفعال الحسية كالضرب والذبح يصدق قضاء وديانة لأنها لا توجد منها إلا بمباشرته لها حقيقة، فإذا لم يباشرها فقد نوى حقيقة كلامه، وفي غيرها كالطلاق والنكاح روايتان، أشهرهما أنه لا يصدق إلا ديانة لأنه كما يوجد بمباشرته يوجد بأمره وإذا نوى المباشرة فقط نوى تخصيص العام وهو خلاف الظاهر فلا يقبل منه كذا في (كافي المصنف).

(ودخول اللام) والواو للاستئناف وحذفها في (الوافي) دفعا لتوهم عطفها وهو أولى (على البيع) أي: على فعل يحتمل النيابة وأراد بدخولها عليه قربها منه (والشراء والإجارة والصياغة والبناء كإن بعت لك ثوبا) التصريح بالمفعول به ليس بشرط لما في (المحيط) حلف لا يبيع لفلان فباع ماله أو ما غيره بأمره حنث كذا في (البحر) وأنت خبير بأن تمايز الأقسام أعني تارة دخل على الفعل أو على العين إنما يظهر بالتصريح بالمفعول فلا جرم صرح به (لاختصاص الفعل) خبر الدخول (بالمحلوف عليه بأن كان بأمره كان ملكه أو لا) لأنها تضيف متعلقها وهو الفعل بمدخولها وهو كاف الخطاب فتقيد أن المخاطب مختص بالفعل، وكونه مختصا به يفيد أن لا يستفاد إطلاق فعله إلا من جهة بأن يكون بأمره، فإذا وجد كان بيعه إياه من أجله وهي لام التعليل فصار المحلوف عليه أن لا يبيعه من أجله، سواء كان مملوكا أو لا، ولزم من هذا أن لا يكون إلا في الأفعال التي تجري فيها النيابة.

وفي (الظهيرية) حلف لا يشتري لفلان ثوبا فأمره فلان أن يشتري لولده الصغير أو لعبده ثوبا فاشتراه لا يحنث، وبه علم أنه لا بد أن يكون المحلوف عليه قد أمره بأن يفعله لنفسه لا يطلق الأمر كما في (المختصر) وغيره كذا في (البحر).

وأقول: مقتضى التوجيه السابق حنثه حيث كان الشراء لأجله ألا ترى أن أمره ببيع مال غيره موجب حنثه غير مقيد بكونه له بقي ما لو باع الحالف ثوبا للمحلوف عليه بغير أمره لكنه أجازه البيع، فروى ابن سماعة عن محمد أنه يحنث، وعلله في (المحيط) بأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وفي (الخانية) قال: والله لا أبيع لفلان ثوبا، فباع الحالف ثوبا للمحلوف عليه ليجيز صاحب الثوب حنث الحالف

ص: 105

وعلى الدخول، والضرب والأكل والشرب، والعين كإن بعت ثوبا لك لاختصاصها به بأن كان ملكه أمره أو لا، فإن نوى غيره صدق فيما عليه إن بعته، أو ابتعته، فهو حر فقعد بالخيار

ــ

أجازه المحلوف عليه أو لم يجز ولو باعه الحالف وهو لا يريد بذلك أن يكون البيع للمحلوف عليه وإنما يريد بيعه لنفسه لا يكون حانثا انتهى.

قال في (البحر): وهذا يفيد أنه يكفي من حلفه أن يقصد بيعه لأجله سواء كان بأمره أو لا، فلو حذف المصنف الأمر لكان أولى إلا أن يقال: إن هذا في اليمين بالله تعالى والباب معقود للطلاق والعتاق لكنه بعيد وما في (الكتاب) عزاه في (المحيط) إلى (الجامع) وما في (الخانية) عن ابن سماعة عن محمد فظاهره أنه ضعيف انتهى. وأنت قد علمت أن ما عن ابن سماعة خلاف ما في (المحيط) وما في (الخانية) جزم به في (البزازية) والذي ينبغي حمله على ما إذا نوى بالاختصاص الملك على ما سيأتي، (و) دخول اللام (على الدخول) كإن دخلت دار فيحنث بدخول دار يختص بها المخاطب أي: تنسب إليه، كذا في (الفتح) وتمثيل بعضهم بإن دخلت لك دارا يختص بها المخاطب أيضا لا يناسب تقسم المصنف، لأن دخولها في هذا المقال على العين وإن اتحدا حكما فيما لا يحتمل حكم النيابة (والضرب) كإن ضربت لك غلاما أي: ولدا وهذا هو الصواب في تفسير الغلام الواقع في كلامهم خلافا لما في (الجامع الصغير) لقاضي خان من أن المراد به العبد لأنه [293/أ] يحتمل البناء والكلام فيما لا يحتملها، / كذا في (العناية).

(والأكل والشرب و) دخول اللام أيضا على (العين)، أي: الذات (كإن بعت ثوبا لك لاختصاصها) أي: العين في القسمين (به) أي: بالمحلوف عليه (بأن كان) المحلوف عليه (ملكه أمره) به (أو لا)، لأن المحلوف عليه يوجد مع أمره وهو بيع ثوب مختص به لأن اللام هنا أقرب إلى الاسم من الفعل، والقرب من أسبابه الترجيح ومثله ما إذا وليت فعلا لا يجزئ فيه النيابة كما مر، (وإن نوى) الحالف (غيره) أي: غير ما مر مما يقتضيه ظاهر كلامه (صدق) ديانة وقضاء (فيما عليه) أي: فيما فيه تشديد عليه بأن باع في الأولى ثوبا مملوكا للمخاطب بغير أمره ونوى بالاختصاص الملك وعليه يحمل ما مر عن (الخانية) كما أشرنا إليه، أو باع في الثانية ثوبا لغير المخاطب بأمره ونوى به الأمر فيحنث في المسألتين لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه.

وأفهم كلامه أنه لو نوى به الأمر فيحنث لو نوى العكس فيهما لئلا يحنث صدق ديانة فقط (إن بعته) أي: هذا العبد (أو ابتعته) أي: اشتريته (فهو حر فعقد) البائع البيع أو المشتري الشراء (بالخيار) للبائع في الأول، وللمشتري في الثاني

ص: 106

حنث وكذا بالفاسد،

ــ

(حنث) لوجود الشرط وهو البيع والشراء مع قيام الملك عنده، إذ المبيع لا يخرج عن ملك البائع باشتراط الخيار له اتفاقا، وخيار المشتري وإن منع من دخوله في ملك المشتري عند الإمام لكن العتق معلق بتعلقه والمعلق كالمنجز ولو نجز العتق بعد الشراء بالخيار انفسخ الخيار ووقع العتق، فكذا إذا علق قيل: لا نسلم أن هذا المعلق كالمنجز لأن المنجز لو لم ينفسخ الخيار فيه يلغو والمعلق لا يلزم إلغاؤه لثبوت العتق يحتاط في إثباته وجب اعتباره إذ ذاك، وظاهر أن البائع في حلفه لو شرط الخيار للمشتري لا يعتق، وكذا لو شرط المشتري الخيار للبائع في حلفه أيضا قيد بالخيار لأنه لو باعه بيعا باتا لا يعتق لزوال ملكه به، والجزاء لا ينزل في غير الملك وينبغي أن تنحل اليمين لوجود الشرط وهو البيع حقيقة، كذا في (الشرح).

وفي (الذخيرة) إن اشتريته فهو حر فاشتراه لغيره هل تنحل اليمين؟ لم يذكر محمد المسألة وكان البلخي يقول: لقائل أن يقولك لا تنحل وهو الأشبه لأنه إنما يراد به عرفا فالشراء لنفسهن وبهذا عرف الفرق بين هذا وبين قوله لامرأته: إن اشتريت غلاما فأنت كذا حيث تنحل اليمين بوقوع الطلاق إذا لم يوجد ما يدل على إرادته الشراء لغيره والله الموفق.

فرع

قال لأمته: إن بعت منك شيئا فأنت حرة، فباع نصفها من الزوج الذي ولدت منه أو من أبيها لا تعتق ولو من أجنبي عتقت، والفرق أن الولادة من الزوج والنسب من الأب يقدم فيقع ما تقدم نسبه وهذا المعنى لا يمكن اعتباره في حق الأجنبي، وكذا لو قال: إن اشتريت من هذه الجارية فهي مدبرة ثم اشتراها هو وزوجها الذي ولدت منه فهي أم ولد لزوجها ولا يقع عليها تدبير للمشتري لما مر كما في (الظهيرية).

(وكذا) يحنث (بالفاسد) في حلفه لا يبيع أو لا يشتري هو الصحيح كما في (الذخيرة) خلافا لما عن الثاني، ثم هذا مقيد في الأول بأن يكون في يد البائع أو في يد المشتري بأمانة أو برهن لأنه لم يزل ملكه عنه، فإن كان في يد المشتري مضمونا بنفسه لا يعتق لزوال ملكه عنه بالعقد وينبغي أن تنحل اليمين وفي الثاني بأن يكون في يد المشتري حاضرا وقت العقد أو غائبا وهو مضمون بنفسه كالمغصوب فإن كان في يد البائع أو في يد المشتري أمانة أو مضمونا بغيره كالرهن لا يعتق لأنه لا يصير قابضا عقب العقد، كذا في (البدائع).

وفي (المحيط): عن الثاني إن اشتريت عبدا فهو حر فاشتراه فاسدا ثم تتاركا

ص: 107

والموقوف، لا بالباطل. إن لم أبع فكذا أعتق، أو دبر حنث

ــ

البيع ثم اشتراه صحيحا لا يعتق، لأنه حنث بالفاسد وانحلت اليمين به لأنه شراء حقيقة قال الشارح: وفيه دليل على أنه لو اشتراه فاسدا والعبد في يد البائع انحلت اليمين لا إلى جزاء لعدم الملك قبل القبض ثم بالقبض لا يعتق قيد بالبيع لأنه بالنكاح لا يحنث بالفاسد، سواء عينها أم لا هو الصحيح كما في (الخانية) وكذا في حلفه لا يصوم ولا يصلي لأن المقصود من النكاح الحل ومن الصلاة والصوم الثواب.

ولو قال: إن كنت تزوجت أو صمت أو صليت كان على الصحيح والفاسد لأن [293/ب] الماضي / إنما يقصد به الإخبار عن المسمى لا الحل والتقرب والاسم يطلق عليهما كذا في (البدائع)(والموقوف) أي: ويحنث أيضا بالموقوف في حلفه لا يبيع بأن يبيعه لغائب قبل عنه فضولي أو لا يشتري بأن اشتره ببيع فضولي له فإنه يحنث عند إجازة البائع وأما إذا حلف لا يشتري أو لا يبيع، واشترى موقوفا فإنه يحنث قبل الإجازة، كذا في (البحر).

والذي في (الشرح) أنه يحنث بالشراء، وإن لم يجزه المالك (لا) يحنث (بالباطل) من البيع والشراء في حلفه لا يبيع ولا يشتري بأن باع أو اشترى ميتة أو دما لانعدام المقصود من هذا العقد وهو الملك، ولو اتصل به القبض ولو اشترى بهذه الأشياء لم يذكره محمد وقد قيل: يحنث وقيل: لا يحنث كذا في (الذخيرة).

ولو اشترى مدبرة أو أم ولد لا يحنث إلا إذا قضى بجواز البيع والمكاتب كالمدبر في رواية وبها جزم في (المحيط) غير أن القضاء فيه لا يتأتى فأريد الحنث على رضاه بذلك (إن لم أبع) عبدي هذا أو أمتي هذه (فكذا)، أي: فامرأته طالق (حنث) لأن الشرط وهو عدم بيعه قد تحقق بوقوع اليأس عنه بما ذكر قبل وقوع اليأس في الأمة والتدبير ممنوع لجواز أن ترتد فتسبى فيملكها الحالف وأن يحكم القاضي ببيع المدبر، وأجيب بأن من المشايخ من قال: لا تطلق لهذا الاحتمال، والأصح ما في (الكتاب) لأن ما فرض أمر متوهم فلا يعتبر.

قال في (البحر): وينبغي أنه إذا قال: إن لم أبعك فأنت حر فدبره تدبيرا مطلقا أنه يعتق.

فرعان: إن لم تضعي هذا في هذا الصحن فأنت كذا فكسرته وقع الطلاق، كذا في (القسامية) وعزى الثاني إلى (الذخيرة) وإنما حنث لبطلان اليمين باستحالة البر كما إذا كان في الكوز ماء فصب على ما مر وكان ذلك في الحمام يمين الفور وإلا

ص: 108

قالت: تزوجت علي فقال: كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة علي المشي إلى بيت الله، أو إلى الكعبة حج، أو اعتمر ماشيا، فإن ركب أراق دما بخلاف الخروج، أو الذهاب إلى بيت الله، أو المشي إلى الحرم،

ــ

فعود الحمام بعد الطيران ممكن عقلا وعادة فتدبر. (قالت: تزوجت علي فقال) الزوج: (كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة) بكسر اللام في ظاهر الرواية لأن اللفظ عام ولا مخصص متيقن، ولم يحك خلافا في (الجامع الصغير) والمذكور في شروحه عن الثاني أنها لا تطلق.

قال السرخسي: وهو الأصح عندي وفي نكاح (الجامع) لقاضي خان وبه أخذ مشايخنا لأن الكلام خرج جوابا فينطبق على السؤال فكأنه قال: كل امرأة لي غيرك دلالة في (الذخيرة) الأولى أن يحكم الحال إن جرى بينهما خصومة يدل على غضبه يقع الطلاق عليها وإلا لا، ثم فرق بين هذا وبين قوله ألك امرأة غير هذه المرأة فقال: كل امرأة لي طالق لا تطلق هذه المرأة بأن قوله غير هذه المرأة لا يحتمل هذه المرأة، فلم تدخل واسم المرأة يشملها فدخلت.

قال: (علي المشي إلى بيت الله، أو إلى الكعبة، حج أو اعتمر) سواء كان بمكة أو لا، لأنه تعورف بذلك إيجاب أحد النسكين فصار مجازا لغويا حقيقة عرفية كقوله على حجة أو عمرة (ماشيا) حال من فاعل حج، وأورد أنه إذا كان كقوله: علي حجة أو عمرة ينبغي أن لا يلزمه المشي لأنه لو قال: علي الحج لا يلزمه المشي وأجيب بأن التقدير على حجة أو عمرة ماشيا، لأن المشي لم يهدر اعتباره شرعا ثم إن لم يكن بمكة لزمه المشي من بيته على الراجخ لا من حيث يحرم من الميقات، والخلاف فيما إذا لم يحرم منه فإن أحرم منه لزمه المشي منه اتفاقا وإن كان بها وأراد أن يجعل الذي لزمه حجا فإنه يحرم من الحرم ويخرج من عرفات ماشيا إلى أن يطوف طواف الزيارة كغيره، وإن أراد إسقاطه بعمرة فعليه أن يخرج إلى الحل ويحرم منه، وهل يلزمه المشي في ذهابه خلاف؟ والوجه يقتضي أنه يلزمه إذ الحاج يلزمه المشي من بلدته مع أنه ليس محرما بل ذاهب إلى محل الإحرام ليحرم منه فكذا هذا، (فإن ركب)، أي: اختار الركوب (أراق دما) لأنه أدخل فيه نقصا، ولو أراد ببيت الله بعض المساجد لم يلزمه شيء (بخلاف) ما لو قال علي (الخروج: أو الذهاب) أو السفر أو الشد والهرولة أو السعي (إلى بيت الله تعالى أو) قال: علي (المشي إلى الحرم) أو إلى المسجد الحرام حيث لا يلزمه شيء عند الإمام وقالا: يلزمه في هذين أحد النسكين.

ص: 109

أو الصفا، والمروة عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق. وحنث في لا يصوم بصوم ساعة بنية، ......

ــ

[294/أ] قال في (الفتح): والوجه أن يحمل على أنه تعورف / بعد الإمام إيجاب النسك بهما فقالا به فيرتفع الخلاف وإلا فالوجه المذكور لهما ليس بقوي، وهو أن الحرم والمسجد الحرام يشتمل على الكعبة فذكر المشتمل ذكر للمشمول وهو الكعبة، ولو صرح بقوله المشي إلى الكعبة لزمه، فكذا ذكر المشتمل لأنه إيجاب اللفظ للتعارف عينه فيه وليس عين المشي إلى الحرم عينه وهو وجه الإمام ولا خلاف أنه لو قال: علي المشي إلى أستار الكعبة أو بابها أو ميزابها أو أسطر نهلة البيت أو إلى عرفات أو مزدلفة (أو) إلى (الصفا والمروة) لا يلزمه شيء (عبده حر إن لم يحج العام) ثم قال: حججت (فشهدا بنحره) أي: القاضي أي: بأنه ضحى في هذا العام (بالكوفة لم يعتق) لعدم قبول هذه الشهادة عندهما.

وقال محمد: تقبل لأنها قامت على أمر معلوم هو التضحية، وكيف لا تقبل؟ ومن ضرورته انتفاء الحج ذلك العام وبه يتحقق الشرط ولهما أنها قامت على نفي الحج لأنه المقصود منها، وهذا لأن الشهادة على التضحية غير مقبولة إذ العبد لا حق له يبطله وما لا مطالبا له يدخل تحت القضاء والشهادة على النفي باطلة ونوقض هذا بما في (السير) شهدا أنه قال: المسيح ابن الله ولم يقل قول النصارى والرجل يقول وصلت بذلك كلامي أجاب الإمام قاضي خان بأنها قامت على أمر وجودي وهو سكوت الزوج لا لأن النفي يقبل إذا أحاط به علم الشهاد كما ادعاه بعض المشايخ لأنه لا فرق بين نفي ونفي كما اختاره في (الهداية) والظاهر أن محمدا لم يعلل المسألة بأنها قامت على نفي شيء أحاط به علم الشاهد وإلا فكيف يستقيم جواب قاضي خان؟

قال في (الحواشي السعدية): وفي كون السكوت أمر وجوديا بحث ففي شرح (العقائد) السكوت ترك التكلم انتهى، لكن يجوز أن يراد بالترك الكف وما في (المبسوط) من أن الشهادة على النفي تقبل في الشروط كما لو قال لعبده: إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر، فشهدا أنه لم يدخلها قضي بعتقه، وما نحن فيه كذلك أجيب عنه بأنها قامت على أمر معاين هو كون خارج البيت فيثبت النفي ضمنا وفيه نظر، إذ العبد كما لا حق له في التضحية لا حق له في الخروج فإذا كان مناط القبول كون المشهود به أمرا وجوديا للمدعى به من النفي المجعول شرطا، وإن كان غير مدعى به لتضمنه المدعى به، كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة للنفي، وبهذا ينهض الوجه لمحمد. ولذا فال في (الفتح): إنه الأوجه (وحنث في) حلفه (لا يصوم بصوم ساعة بنية)، ولو أفطر بعد ذلك لوجود تمام حقيقة الشرط أعني الصوم

ص: 110

وفي صوما أو يوما بيوم، وفي لا يصلي بركعة،

ــ

الشرعي وما زاد أدنى إمساك في وقته تكرار الشرط وذكر التمرتاشي أنه لو حلف لا يصوم فهو على الجائز لأنه لتعظيم الله تعالى وذلك لا يحصل بالفاسد إلا إذا كانت اليمين على الماضي، وهو مخالف لما في (الكتاب) إلا أن ما في (الكتاب) أصح لأنه نص محمد في (الجامع الصغير) وأورد أن الصوم الشرعي هو اليوم وحمل اللفظ على الشرعي أولى من حمله على اللغوي.

وأجاب صدر الشريعة بأنه قد أطلق على ما دون اليوم في {أتموا الصيام إلى الليل} (البقرة: 187)(وفي) حلفه لا يصوم (صوما أو) لا يصوم (يوما) يحنث (بيوم) لأنه مطلق فينصرف إلى الكامل، وأورد وما لو قال: والله لأصوم من هذا اليوم وكان بعد أن أكل أو بعد الزوال أو قال لامرأته: إن لم تصل اليوم فأنت طالق فحاضت من ساعتها وبعد ركعة صحت اليمين وطلقت في الحال مع أنه مقرون بذكر اليوم ولا كمال، وأجيب بأن اليمين تعتمد التصور والصوم بعد الزوال والأكل متصور كما في الناسي وكذا الصلاة من الحائض لأن درور الدم لا يمنع كما في المستحاضة إلا أنها لم تشرع مع درور هو حيض ففات شرط أدائها بخلاف مسألة الكوز، لأن محل الفعل وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه وغير خاف أن الإيراد في غير نحده إذ كلامنا في المطلق وهو لفظ يوم لأنه نكرة وهذا اليوم من المقيد فأى يرد ثم المسألتان الموردتان مشكلتان على قولهما إذ االتصور شرعا منتف وكونه ممكنا في صورة أخرى لا يفيد فإنه حيث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا لم يتصور الفعل المحلوف عليه ولا إشكال على قول الثاني هذا حاصل ما في (الفتح) وأنت خبير بأن تصوره فيما إذا / حلف بعد الزوال في الناسي الذي لم يأكل ممنوع. [294/ب]

وأما مسألة الحيض قال في (البحر): وقدمنا عن (المبتغى) أن الأصح عدم الحنث فيما إذا قال لامرأته: إن لم تصل الفجر غدا فأنت كذا فحاضت بكرة وحينئذ فلا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح انتهى. يعني لعدم انعقاد اليمين بعدم تصور البر لكن في (الغاية) أن اليوم في الصوم صحيحه اتفاقا (وفي) حلفه (لا يصلي) يحنث (بركعة) استحسانا لأن الصلاة عبارة عن أفعال مختلفة فما لم يأت بها لا تسمى صلاة، يعني إذا لم يوجد تمام حقيقتها والحقيقة تنتفي بانتفاء الجزاء، كذا في (الفتح) وهو ظاهر في توقف حنثه على القراءة فيها وإن كانت ركنا زائدا هذا أحد القولين وقيل: يحنث به وبهذا حكاهما في (الظهيرية) ولم يذكر محمد متى يحنث واختلف المشايخ فيه قال بعضهم: بنفس السجدة وقال بعضهم: برفع الرأس منها كذا في (الشرح) وينبغي أن يخرج الأول على قول أبي يوسف، والثاني على

ص: 111

وفي صلاة بشفع

ــ

قول محمد كما مر في السهو. ثم رأيته مذكورا في (الفتح) قال: والأوجه أن لا يتوقف لتمام حقيقة السجود بوضع بعض الوجه على الأرض، وأورد أن من أركان الصلاة القعدة وليست في الركعة الواحدة فيجب أن لا يحنث بها، وأجيب بأنها موجودة بعد رفع رأسه من السجدة وهذا إنما يتم بناء على توقف الحنث على الرفع منها، وقد علمت أن الأوجه خلافه على أنه لو سلم فليست تلك القعدة هي الركن والحق أن القعدة ركن زائد، وإنما وجبت للختم فلا تعتبر ركنا في حق الحنث كذا في (الفتح) وقدما على أنها شرط لا ركن.

وذكر التمرتاشي: أنه لو حلف لا يصلي وقع على الجائز فلا يحنث بالفاسد كما مر عنه في الصوم إلا إذا كانت اليمين في المضي وهذا يخالف ما في (الكتاب) وحمله في (الفتح) على التي لم يوصف منها شيء بعرض الصحة في وقت بأن يكون ابتداء الشروع غير صحيح كما إذا صلى بلا طهارة ويكون ما في (الذخيرة) بيانا له حيث قال: ولو حلف لا يصلي فصلى صلاة فاسدة بأن صلى بغير طهارة مثلا لا يحنث استحسانا إلا أن ينويها، وعليه يحمل أيضا ما مر عنه في الصوم.

واعلم أنه ذكر في (الذخيرة) أنه لو قال لعبده: إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة ثم تكلم لا يعتق ولو صلى ركعتين عتق بالأولى، لأنه في اأولى ما صلى ركعة لأنها بتيراء بخلاف الثانية، وذكر هذه المسألة في (نوادر ابن سماعة) عن أبي يوسف قال بعض المتأخرين: وبهدا تبين أن المذكور في (الجامع) قول محمد يعني وحده وهو غير لازم فإن موضوع المسألتين مختلف للفرق البين بين لا يصلي ركعة ولا يصلي وذلك أن صلاة الركعة حقيقة دون مجرد الصورة لا تتحقق إلا بضم أخرى إليها بخلاف لا يصلي، (وفي) حلفه لا يصلي (صلاة) يحنث (بشفع) لأن المطلق ينصرف إلى الكامل وهو الركعتان لنهيه عليه الصلاة والسلام عن البتيراء تصغير البتراء تأنيث الأبتر وهو مقطوع الذنب في الأصل ثم صار يقال للناقص قيل: ينبغي أن لا يحنث بمجرد الإتيان بالركعتين ما لم يأت بالقعدة، لأن الصلاة لا تكون معتبرة بدونها شرعا وليس بشيء لأن الركعتين عباة عن صلاة تامة، وتمامها شرعا لا يكون إلا بالقعدة، كذا في (العناية).

وفي (فتح القدير) الأظهر أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل كلا يصلي صلة يحنث قبل القعدة، وإن عقدها على الفرض كصلاة الصبح وركعتي الفجر ينبغي أن لا يحنث حتى يقعد انتهى. وتوجيه المسألة يشهد لما في (العناية) والله الموفق.

ص: 112

إن لبست من غزلك فهو هدي فملك قطنا فغزلته ونسج فلبس فهو هدي. ليس خاتم ذهب، أو عقد لؤلؤ لبس حلي، ....

ــ

تتمة: حلف أن لا يؤم أحدا فاقتدوا به فقال: لم أنو الإمامة صدق ديانة لا قضاء إلا إذا أشهد أنه يصلي لنفسه، ولو نوى أن يصلي لنفسه الجمعة وأم فيها جازت استحسانا.

قل في (الفتح): وينبغي أنه إذا أم في الجنازة أو التلاوة لا يحنث لأن يمينه إنما انصرفت إلى الصلاة المطلقة، ولو أمهم في النافلة حنث وإن نهي عنها فيها، ولو قال: والله ما أخرت صلاة عن وقتها وقد كان نام عن صلاة حتى خرج وقتها وصلاها فقد قيل: لا يحنث وقد قيل: يحنث، قال رجل لامرأته: إن تركت الصلاة فأنت طالق فأخرت الصلاة عن وقتها ثم قضتها اختلف المشايخ قال بعضهم: لا يقع بالصلاة وبه كان يفتي ركن الإسلام وعبد الرحيم الكرابيسي، وقيل: يقع وبه كان يفتي ركن الإسلام علي السغدي وهو الأشبه والأظهر كذا في (الظهيرية) أيضا وفي (المحيط) إن صليت فأنت / حر فادعى أنه صلى وأنكر المولى لا يعتقن لأن هذا من الأمور [295/أ] الظاهرة التي يمكن الوقوف عليها بلا حرج، ولو حلف لا يحج أو لا يحج حجة لا يحنث إلا بالصحيح بأن يقف بعرفة، رواه سماعة عن محمد وزاد بشر عن الثاني ويطوف أكثر طواق الزيارة، وفي المعمرة لا بد أن يطوف أكثر طوافها والله أعلم.

(إن لبست) ثوبا (من غزلك) أي: مغزولك (فهو هدي)، أي: صدقة أو تصدق به على فقراء مكة (فملك) الزوج (قطنا) بعد الحلف (فغزلته ونسج فليس هو هدي) عند الإمام وله التصدق بقيمته ولو نذر إهداء شاة، ففي جواز إهداء قيمتها روايتان ولو نذر إهداء دار كان نذرا بقيمتها كذا في (الفتح) وقالا: لا يكون هذا حتى تغزله من قطن مملوك له يوم حلفه، لأن النذر إنما يصح في الملك أو مضافا إلى سببهن كإن اشتريت كذا وهو هدي ولم يوجد، وله أن غزل المرأة عادة يكون من قطن الزوج والمعتاد هو المراد بالألفاظ فالتعليق بقولها بسبب ملكها للثوب كأنه قال: إن لبست ثوبا أملكه بسبب غزل أملك قطنه فهو هدي، وحينئذ فلا فرق بين أن يملك القطن بعد ذلك وفي حال الحلف.

قال في (الفتح): والواجب في ديارنا أن يفتى بقولهما لأن المرأة لا تغزل إلا من كتان نفسها أو قطنها أقول: في الديار الرومية يجب الإفتاء بقول الإمام، لأن المرأة تغزل من كتان أو قطن هو ملك لزوجها (لبس خاتم ذهب أو) لبس (عقد لؤلؤ) بكسر العين (لبس حلي) بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلى بفتح الحاء وسكون اللام فيحنث بهما في يمينه لا يلبس حليا، وهذا في الخاتم اتفاقا ولو بلا فص، سواء كان الحالف رجلا أو امرأة، وفي العقد قولهما وقال الإمام: لا يحنث وعلى هذا عقد

ص: 113

لا خاتم فضة لا يجلس على الأرض فجلس على بساط، أو حصير، أو لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه، أو لا يجلس على سرير، فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث، ولو جعل على الفراش قرام، أو على السرير بساط، أو حصير حنث.

ــ

الزبرجد والزمرد والياقوت والخلاف مبني على أنه حلي أو لا، ولا خلاف أن المرصع منها بذهب أو فضة حلي.

قال بعضهم: وقياس قوله أنه لا بأس أن يلبس الغلمان والرجال اللؤلؤ، وجزم الحدادي في الحظر والإباحة بحرمة اللؤلؤ للرجال لأنه من حلي النساء لكنه بقولهما أليق وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان وبقولهما قالت الثلاثة وبه يفتى للعرف (لا خاتم فضة)، أي: لا يكون لبس حلي فلا يحنث به في حلفه لا يلبس حليا، وإطلاقه يعم ما لو صيغته على هيئة خاتم النساء بأن كان له قص وهو قول طائفة، قال في (الفتح): وليس ببعيد، لأن العرف في خاتم الفضة يبقى كونه حليا وإن كان فضة، وجزم آخرون بحنث في هذه الحالة.

قال في (عقد الفرائد): وهو الصحيح لأن لبس النساء إنما يراد به الزينة دون الختم، ولم أر في كلامهم ما لو كان خاتم فضة مموها بالذهب وينبغي حنثه به ولو حلف (لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير) أراد بذلك كل حائل منفصل عنه ولو من خشب أو جلد (أو) حلف (لا ينام على فراش، فجعل فوقه فراشا آخر، فنام عليه أو) حلف (لا يجلس على سرير، فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث) في الصور الثلاثة، لأنه في الأولى، لا يعد جالسا على الأرض عرفا فانقطعت النسبة بخلاف ما لو جلس على ثوبه وهو عليه حيث يحنث لأنه تبع له إلا إذا نزعه وجلس عليه، ولم أر ما لو جلس على حشيش، وينبغي أنه لو كان كثير لا يحنث، وفي الثانية والثالثة لا يعد نائما ولا جالسا قيل: وعن أبي يوسف يعد نائما فيحنث إلا أن يكون المذكور في (المحيط) عن أبي يوسف في (النوادر) أنه لا يحنث لأنهما مقصودان بالنوم عليهما لزيادة التعيين ونكر السرير هنا.

وفي (الهداية) قال الشارح: وليس على ظاهره لأنه في المنكر يحنث بالأعلى لتناول اللفظ، وعدم الحنث إنما هو في المعين لهذا السرير لأنه غيره ويمكن أن يقال المدعى أنه لا يحنث لأنه لم ينم على الأسفل، وهذا لا فرق فيه بين المنكر والمعين لانقطاع النسبة إليه بالثاني، وأما حنث في المنكر بالأعلى فيحنث آخر (ولو جعل على الفراش قرام) بكسر القاف، وهو ستر رقيق كما في (الجمهرة) كالملاءة في عرفنا وقديه في (الصحاح) بأن يكون فيه رقم ونقس، وكذا المقرم والمقرمة (أو) جعل (على السرير بساطا أو حصيرا حنث) لأنه يعد نائما وجالسا عليهما عرفا بخلاف ما مر.

ص: 114