الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المرتدين
ــ
وجوبا ولا ندبا لأنه حيلة وهي لا تملك إلا بالقبض قيد بالنصف لأنه لو مات في آخرها ندب صرفه إلى ورثته ولو تعجل القاضي ثم مات أو عزل قبل الحول قيل يجب رد ما بقي وقيل: عندهما لا يرد كالنفقة المعجلة ويرد عند محمد والله الموفق للصواب.
باب المرتدين
لما فرغ من أحكام الكفر الأصلي شرع في الطارئ والمرتد عرفا هو الراجع عن دين الإسلام وقد عرفوا الدين بأنه وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات ولصحة الردة شرائط العقل والصحو والطواعية فلا تصح ردة مجنون وصبي لا يعقل كإسلامهما وقدر في (فتاوى) قارئ (الهداية) عقله بأن يبلغ سبع سنين وكذا لو كان معتوها أو موسوسا أو مغلوبا على عقله برجه من الوجوه كما في (السراج) ولا ردة سكران ولا مكره وفي (الفتح) من هزل بلفظ كفر ارتد وإن لم يعتقده للاستخفاف فهو كافر العناد، والألفاظ التي يكفر بها تعرف في الفتاوى وفي (المسايرة) ولاعتبار التعظيم المنافي للاستخفاف كفر الحنفية بألفاظ كثيرة وأفعال تصدر من المتهكمين لدلالتها على الاستخفاف بالدين كالصلاة بلا وضوء بل بالمواظبة على ترك سنة استخفافا لها بسبب أنها إنما فعلها عليه الصلاة والسلام زيادة أو استقباحها كمن استقبح من آخر جعل بعض العمامة تحت حلقه أو أحفا شاربه.
قال في (البحر): والحق أن ما صح عن المجتهد فهو على حقيقته، وأما ما يثبت عن غيره فلا يفتى به في مثل التكفير ولذا قال في بغاة (فتح القدير): بقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير يعني من البغاة لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم مجتهدون بل من غيرهم ولا عبرة بغير الفقهاء انتهى. وهذا يفيد أن بعض الألفاظ الواقعة في كتب الفتاوى ليست من كلام المجتهدين فلا يعول عليها انتهى، وأنت خبير بأن كل من نقله أئمتنا الأعلام منسوب إلى الإمام إما تصريحا أو تلويحا ولو اعتبرت النسبة إلى الإمام في كل جزيئة لزم إهدار كثير من الأحكام ثم قال بعد سرد كثير من ألفاظ التكفير من (التتارخانية) وغيرها: الذي تحرز أنه لا يفتى بتكفير مسلم أمكن حمله كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بها وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها انتهى.
يعرض الإسلام على المرتد وتكشف شبهته ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم.
ــ
وهو مأخوذ مما في (الخلاصة) وغيرها إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد لا يوجبه فعلى المفتي أن يميل إلى عدم التكفير انتهى، غير أنه يجوز أن يراد بالوجوه الأقوال والاحتمالات لكن يؤيد الأول ما في (الصغرى) الكفر شيء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر وينبغي له أن يكثر من قول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغرك لما لا أعلم فإنه سبب النجاة من الكفر بوعد الصادق صلى الله عليه وسلم.
(يعرض الإسلام على المرتد) هذا ظاهر في وجوبه كذا في (الفتح) فقوله في (البحر) لم يبين صفته ممنوع نعم ظاهر المذهب أنه مندوب فقط لأنه الدعاء إليه ودعوة من بلغته الدعوة غير واجبة (وتكشف شبهته) بيان لثمرة العرض إذ عساه أن الردة كانت لشبهة اعترته (ويحبس ثلاثة أيام) يعرض عليه الإسلام في كل يوم منها كما في (الخانية) هذا أيضا ظاهر في وجوب / الانتظار لما عرف من الإخبار فإن لم [335/أ] يطلبه لا يستحب وإنما يقتل من ساعته وخص الثلاثة لأنها مدة ضربت لإبلاء الأعذار ولو ارتد ثانيا فعل به كذلك كذا في (التتارخانية).
(فإن أسلم) رفع عنه القتل هذا الإطلاق يستثنى منه ما لو ارتد بسببه صلى الله عليه وسلم ثم تاب فإنه يقتل حدا ولا تقبل توبته في إسقاط القتل عنه ولا فرق بين أن يجيء تائبا أو يشهد عليه بذلك بخلاف غيره من المكفرات فإن الإنكار فيه توبته فلا تقبل الشهادة معه حتى قالوا يقتل وإن سب سكرانا ولا يعفى عنه، ولا بد من تقييده بما إذا كان سكره بسبب محظور باشره مختارا بلا إكراه وإلا فهو كالمجنون. قال الخطابي: لا أعلم أحدا خالف في وجوب قتله كذا في (الفتح)، وعلله البزازي بأنه حق عبد فلا يسقط بالتوبة كسائر حقوقهم قال: وسب واحد من الأنبياء كذلك.
تنبيه: من حوادث الفتوى ما لو حكم حنفي بكفره بسب النبي صلى الله عليه وسلم فهل للشافعي الحكم بقبول توبته؟ الظاهر أن له ذلك لأنه حادثة أخرى ولو حكم بالموجب لأن مواجبه متعددة وقد قالوا: لو حكم شافعي بصحة بيع عقار لا يكون ذلك حكما منه بأنه لا شفعة فيه بالجوار لما قالوه والله أعلم.
وأما سب الشيخين أو لعنهما ففي (الخلاصة) وغيرها أنه كفر، ونقل في (البحر) عن (الجوهرة) معزيا إلى الشهيد أن التوبة لا تقبل وإسلامه وبه أخذ أبو الليث وأبو نصر الديوسي وهو المختار وجزم به في (الأشباه والنظائر)، وهذا لا وجود له في أصل (الجوهرة) وإنما وجد على هامش بعض النسخ فألحق بالأصل مع أنه لا ارتباط له بما قبله هذا في أحكام الدنيا أما فيما بينه وبين الله تعالى إذا صدق قبله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سبحانه وتعالى بلا خلاف ولو تزندق فإن توبته لا تقبل في ظاهر المذهب وفي (الدراية) في الزنديق روايتان.
وفي (الخانية) قالوا: لو جاء قبل أن يؤخذ وأقر أنه زنديق فتاب تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لم تقبل ويقتل انتهى. وينبغي أن يكون هذا التفصيل محمل الروايتين وفسر الزنديق في (فتح القدير) بأنه الذي لا يتدين بدين أما من يبطن الكفر ويظهر الإسلام فهو المنافق ويجب أن يكون حكمه في عدم قبول توبته كالزنديق لأن ذلك في الزنديق لعد الاطمئنان إلى ما يظهر من التوبة إذا كان يخفي كفره الذي هو عدم اعتقاده دينا والمنافق مثله في الاعتقاد وعلى هذا فطريق العلم بحاله إما بأن يعثر بعض الناس عليه أو يسيره إلى من هو آمن إليه والحق أن الذي يقتل ولا تقبل توبته هو المنافق فالزنديق إن كان حكمه ذلك فيجب أن يكون مبطنا كفره الذي هو عدم التدين بدين ويظهر تدينه بالإسلام أو غيره إلى أن ظفرنا به وهو عرافي وإلا فلو فرضناه مظهرا لذلك حتى تاب يجب أن لا تقبل توبته كسائر الكفار المظهرين لكفرهم إذا أظهروا التوبة، وأما إذا كان ساحرا واعتقد إباحته فإنه يكفر ولا تقبل توبته ولا إمرة ولا خلاف بين أهل العلم في حرمة تعليمه وتعلمه وقد قال أصحابنا إن له حقيقة وتأثيرا في إيلام الأجسام خلافا لمن منع وقال: إنه تخييل كذا في (الفتح).
وفي (الخانية): الساحر إذا تاب أو كان يعتقد نفسه خالقا ثم تاب عن ذلك وتبرأ منه تقبل توبته ولا يقتل، وإن كان يستعمله بالتجربة ولا يعتقد له أثرا لا يقتل، وإن كان يجحد السحر فلا يدري كيف يفعل ولا يقر به قالوا: لا يستتاب بل يقتل إذا ثبت أنه مستعمل السحر، وفي بعض المواضع ذكر أن الاستتابة أحوط، وقال أبو الليث: إذا تاب قبل أن يؤخذ قبل توبته ولا يقتل وإذا اخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل وكذا الزنديق المعروف الداعي والفتوى على هذا القول انتهى، هذا وأما الكاهن فقيل: هو الساحر وقيل: هو العراف الذي يحدس ويتخوص وقيل: هو الذي له من الجن ما يأتيه بالأخبار، وقال أصحابنا: إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر، وعند الشافعي إن اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب وأنها تفعل ما يلتمسه كفر.
قال في (الفتح): ويجب أن لا يعدل عن مذهب الشافعي في كفر الساحر والعراف وعدمه، وأما قتله فيجب ولا يستتاب إذا عرفت مزاولته لعمل السحر لسعيه في الفساد في الأرض لا بمجرد علمه إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره.
وإلا قتل وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان سوى الإسلام أو عما انتقل إليه.
ــ
تتمة: تحبط الردة ثواب الأعمال، قالوا وعليه إذا عاد إلى الإسلام أن يعيد الحج والنكاح دون الصلوات والزكوات والصيامات إلا أنه عاد / في وقت صلاة صلاها [335/ب] كان عليه أداؤها ثانيا، وهل تعود حسناته بعوده إلى الإسلام؟ قال أبو علي وأبو هاشم من أصحابنا: لا تعود، وقال أبو القاسم الكعبي: تعود، ونحن نقول: إنه لا يعود ما بطل من ثوابه لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد كذا في (التاتارخانية) وفيها لو تكرر ارتداده وتاب فإنه يؤخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني وهو قول أبي الليث.
وقالوا: إن وقفه يبطل بالردة ولو روى لغيره حديثا لا يجوز للسامع منه أن يرويه عنه بعد ردته كما في شهادات (الولوالجية)(وإلا) أي: وإن لم يسلم (قتل) على الإطلاق أيضا يستثنى من أكره على الإسلام إذا ارتد فإنه يحبس ولا يقتل كما في (الخلاصة)، وقيد في (الخانية) بما إذا كان حربيا أم الذمي فلا يصح إسلامه، واللقيط لأن إسلامه كان على وجه الحكم لا من جهة الحقيقة، وقيده في (التاتارخانية) بما إذا وجد في مصر من أمصار المسلمين وفي (السراجيه) سواء كان مسلما أو كافرا وهو الصحيح.
قال في (المحيط): وكل من حكم بإسلامه تبعا إذا بلغ كافرا فإن يجبر على الإسلام ولا يقتل استحسانا ومن ثبت إسلامه برجلين ثم رجع كما في شهادات (اليتيمة) وإطلاقه يعم الحر والعبد وإن تضمن قتله إبطال حق المولى بالإجماع لإطلاق الدليل، (وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان) كلها بإن يقول: تبت ورجعت إلى دين الإسلام وأنا بريء من كل دين (غير) دين (الإسلام) كذا في (المنية) لكن هذا بعد أن يأتي بالشهادتين كما في (الإيضاح).
وفي (الكافي)(و) لو تبرأ (عما انتقل إليه) كفى لحصول المقصود كذا في (الدراية) والظاهر أن التبرؤ مع الإتيان بالشهادتين مغن عم قوله تبت ورجعت فليس جزءا من مفهومه كما يوهمه ما في (المنية) وما في (الكافي) معناه الكفاية عن قوله: أنا بريء من كل دين غير دين الإسلام، ولو أتى بالشهادتين على وجه العادة لم ينفعه ما لم يرجع عما قال إذ لا يرتفع بها كفره كذا في (البزازية) فيد بإسلام المرتد لأن في غيره تفصيلا.
قال في (البدائع): الكفار أصناف أربعة: صنف ينكرون الصانع وهم الدهرية، وصنف ينكرون الوحدانية وهو الثنوية والمجوس، وصنف يقرون بها لكن ينكرون بعثة الرسل وهو قوم من الفلاسفة، وصنف يقرون بالكل في الجملة غير أنهم ينكرون
وكره قتله قبله ولم يضمن قاتله ولا تقتل المرتدة بل تحبس حتى تسلم.
ــ
عموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى كافة وهو اليهود والنصارى، فالصنفان الأولان يكتفي منهم بقول لا إله إلا الله، والثالث لا بد أن يقول محمد رسول الله، والرابع لا بد مع الإقرار بالرسالة من التبرؤ من دينه زاد في (الخانية) مع زيادة قوله: ودخلت في دين الإسلام.
وعلله في (الذخيرة) بأنه قد يتبرأ من اليهودية ويدخل في النصرانية فجاز أن يكون تبرؤه لذلك وليس المراد من قول (البدائع) وهم اليهود والنصارى كل النصارى بل طائقة منهم في العراق يقال لهم العيسوية صرح بذلك في (المحيط)(والخانية) وعلى هذا فينبغي أن يستفسر الآتي بالشهادتين منهم إن جهل حال.
قال قارئ (الهداية): والذي أفتي به أن الذمي إذا تلفظ بالشهادتين يحكم بإسلامه وإن لم يتبرأ من دينه الذي كان عليه وإذا رجع عما كان عليه يقتل إلا أن يعود إلى الإسلام لأن التلفظ بهما صار علامة على الإسلام، واعلم أن الإسلام كما يكون بالقول يكون بالفعل أيضا كما إذا صلى مكتوبة وأتمها مقتديا أو أذن في الوقت أو سجد للتلاوة أو أدى زكاة السائمة لا بغير ذلك وقد جمعت ذلك:
وكافر في الوقت صلى باقتدا .... متمما صلاته لا مفسدا
أو أذن معلنا أيضا أو زكى .... سوائما كأن سجد تزكى
ومن رام إشباع الكلام في ذلك فعليه بكتابنا المرسوم (بدرر المسائل باختصار أنفع الوسائل)، (وكره) كراهة تنزيه (قتل) من الإمام أو غيره وإن أدب لافتئاته (قبل العرض) لما فيه من ترك المندوب نعم على القول بوجوبه يكره تحريما (ولم يضمن قاتله) لأنه مهدر الدم لكفره (ولا تقتل المرتدة) للنهي عن قتل النساء (بل تحبس) أبدا إلى أن تموت ولا تواكل ولا تجالس كما في (الحقائق) وإطلاقه يعم الأمة أيضا إلا أن حبسها يكون عند المولى لخدمته لكن لا يطأها سواء طلبت ذلك أو لا في الأصح ويتولى جبرها جمعا بين الحقين.
[336/أ] وفي (البدائع) لو سبيت المرتدة بعد / لحوقها بدار الحرب واسترقت فإنها تجبر أيضا على الإسلام بالضرب والحبس انتهى، يعني عند المولى كما مر، والصغيرة العاقلة كالبالغة والخنثى المشكل كالمرأة كما في (التتاخانية)، ولو قتلها قاتل لا شيء عليه كما في (المبسوط) وفي (العتابية) أنه يضمن الأمة لمولاها والظاهر ضعفه ولم يذكر ضربها في ظاهر الرواية، وعن الإمام أنها تضرب في كل يوم ثلاثة أسواط وعن الحسن تسعة وثلاثين إلى أن تموت أو (تسلم) وهذا قتل معنى لأن موالاة الضرب تفضي إليه كذا في (الفتح)، واختار بعضهم أنها تضرب خمسة وسبعين سوطا وهذا ميل إلى قول الثاني في نهاية التعزير.
ويزول ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا فإن أسلم عاد ملكه وإن مات أو قتل على ردته ورث كسب إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه.
…
ــ
قال في (الحاوي القدسي): وهو المأخوذ به في كل تعزير بالضرب، ولا تسترق المرتدة الحرة ما لم تلحق بدار الحرب وفي رواية (النوادر) عن الإمام أنها تسترق في دار الإسلام أيضا قيل: ولو أفتى بهذه الرواية لا بأس به فيمن كانت ذات زوج حسما لقصدها السعي بالردة عن إثبات الفرقة وينبغي أن يشتريها الزوج من الإمام أو يهبها له إذا كان مصرفا لأنها صارت بالردة فيئا للمسلمين لا يختص بها الزوج فيملكها وينفسخ النكاح بالردة وحينئذ يتولى هو حبسها وضربها على الإسلام فيرتد ضرر قصدها عليها (ويزول ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا) أي: غير بات (فإن أسلم عاد ملكه) عند الإمام وقالا: لا يزول كالمحكوم عليه بالرجم والقصاص وله أنه حربي مقهور تحت أيدينا إلى أن يقتل ولا يقتل إلا بالحراب.
قال في (الفتح): واعلم أن حقيقة المراد بالردة أن يزول ملكه وإلا باتا فإن استمر حتى مات حقيقة أو حكم باللحاق استمر الزوال الثابت من وقت الردة وإن عاد الملك وهما هربا من الحكم بالزوال لأن الساقط لا يعود انتهى وعلى ذلك جرى بعض الشارحين إلا أن تصريح كلام المصنف وغيره يأباه ففي (البدائع) ثمرة الخلاف تظهر في تصرفاته فعندهما هي نافذة قبل الإسلام وعنده موقوفة انتهى، ولو زال ملكه زوالا باتا لما توقفت لأنه بالعود إلى الإسلام يطرأ ملك بات على موقوف فيبطله، هذا وبعد اتفاقهما على عدم زوال ملكه اختلفا في تبرعاته فجعلها أبو يوسف من جميع المال ومحمد من الثلث قيد بالمرتد لأن المرتدة لا يزول ملكها بالإجماع وينبغي أن يلحق بها من لا يقتل إذا ارتد لشبهة في إسلامه كما مر، وفي (الخانية) وتصرف المكاتب في ردته نافذ في قولهم، وفي (السراج) وكسب المكاتب المرتد حال الردة لمولاه (وإن مات) المرتد (أو قتل على ردته) أو حكم بلحاقه (ورث كسب إسلامه) بفتح الكاف وكسرها لجمع كذا في (القاموس)(وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه) لأن ملكه بعد الردة باق فينتقل بعد موته إلى ورثته مستندا إلى قبيل ردته إذ الردة سبب الموت فيكون توريث المسلم من المسلم واختلفت الروايات فيمن يرث المرتد، فروى محمد عن الإمام أنه يرثه من كان وارثا عند أحد الثلاثة.
وفي (الخانية) وهي الرواية الصحيحة وروي عن الحسن أنه يورثه من كان وارثا حال الردة وبقي إلى وقت موته قيل: وهو الأظهر كذا في (السراج)، وروى أبو يوسف عنه أنه من كان وارثا وقت الردة، وتفرع على الأول وهي الأصح كما في (المبسوط) ما لو كان له ولد كافر أو عبد فأسلم أو عتق بعدها قبل موته أو الحكم بلحاقه ورثه
وكسب ردته فيء بعد قضاء دين ردته وإن حكم بلحاقه عتق مدبره وأم ولده وحل دينه.
ــ
وكذا لو ولد ولد من علوق حادث بعد الردة. قال في (البدائع): لو ارتد الزوجان معا ثم جاءت بولد ثم قتل الأب على ردته فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الردة ثرثه وإن ستة فصاعدا لم يرثه ولو ارتد الزوج وحده أو كانت له أم ولد مسلمة ورثه مع ورثته المسلمين، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر، وإطلاقه يعم الزوجة فترثه امرأته المسلمة إذا مات وهي في العدة لأنه بالردة كأنه مرض مرض الموت لاختياره سبب المرض بإصراره على الكفر مختارا حتى قتل، وهذا يقتضي أن غير المدخول بها لا ترث لصيرورتها بالردة أجنبية وليست الردة موتا حقيقيا بدليل أن المدخولة إنما تعتد بعد موته بالحيض لا بالأشهر فلا تنتهض سببا للإرث، والإرث وإن استند إلى الردة لكن يتقرر عند الموت هذا حاصل ما في (الفتح).
قال الشارح: وينبغي على رواية أبي يوسف أن ترث إذا مات بعد العدة أو قبل الدخول وفي (السراج) لو ارتدت وهي مريضة ورثها زوجها المسلم لأنها فارة لقصدها إبطال حقه بخلاف الصحيحة لأنها لا تقبل (وكسب ردته فيء) أي: غنيمة توضع في بيت المال عند الإمام وقالا: هو ميراث لورثته المسلمين أيضا بناء على أن أملاكه لا تزول بردته (بعد قضاء دين ردته)، هذا أعني قضاء دين إسلامه من كسب [336/ب] الإسلام ودين الردة من كسبها رواية زفر عن الإمام وبها قال زفر والحسن / أيضا وروى أبو يوسف عنه أنه من كسب الردة إلا أن لا يفي فيقضي الباقي من كسب الإسلام وروى الحسن عنه أنه من كسب الإسلام إلا أن لا يفي فيقضي الباقي من كسب الردة.
قال في (البدائع): وفتاوى (الولوالجية) وهو الصحيح لأن دين الميت إنما يقضى من ماله وهو كسب إسلامه فأما كسب الردة فلجماعة المسلمين فلا يقضى منه الدين إلا لضرورة فإذا لم يف تحققت، قيد بالمرتد لأن كسب المرتدة لورثتها اتفاقا (وإن حكم) أي: القاضي (بلحاقه عتق مدبروه) من ثلث ماله وأهمله لما مر (وأم ولده) من كل ماله (وحل دينه) لأنه بالإلحاق صار من أهل الحرب، وهم أموات في حق أحكام الإسلام فصار كالموت إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بالقضاء لاحتمال العود، وإذا تقرر موته تثبت الأحكام المتعلقة به كما ذكر ومنها قسمة ماله وسيشير إليه بعد في قوله وما وجده في يد واريه، وظاهر أن المكاتب بعد موت سيده إذا أدى وارثه ما عليه عتق والولاء للمرتد لأنه المعتق فاعلم أن اللحاق إذا صار كالموت لا أنه حقيقة الموت لا يستقر حتى يقضى به سابقا على القضاء بشيء من الأحكام المذكورة في الصحيح لأن القضاء بشيء منها يكفي بل يسبق القضاء باللحاق ثم تثبت الأحكام المذكورة كذا في (الفتح).
وتوقف مبايعته وعتقه وهبته فإن أمن نفذ وإن هلك بطل وإن عاد مسلما بعد الحكم بلحاقه فما وجده في يد وارثه أخذه.
ــ
قال في (البحر): وظاهر أن القضاء به قصدا صحيح وينبغي أن لا يصح إلا في ضمن دعوى حق العبد، وقد قالوا: إن يوم الموت لا يدخل تحت القضاء قصدا فينبغي أن لا يصح إلا في ضمن دعوى حق العبد وينبغي أنه لو حكم بعتق مدبره لثبوت لحاقه مرتدا ببينة عادلة أن يصح ولا يشترط له تقدم الحكم للحاقه ولم أر من أوضح هذا الحل انتهى.
وأقول: ليس معنى الحكم بلحاقه سابقا على هذه الأمور أن يقول ابتداء: حكمت بلحاقه كما قد توهمه بل إذا ادعى مدبر مثلا على وارثه أنه لحق بدار الحرب مرتدا وأنه عتق بسببه وثبت ذلك عند القاضي حكم أولا بلحاقه ثم يعتق ذلك المدبر كما يعرف ذلك من كلامهم فتدبر والله الموفق، (وتوقف مبايعته) وأراد بها كل ما كان مبادلة مال بمال فشمل الصرف والسلم والصلح عن إقرار والإجارة وقبض، لأنه مبادلة حكمية والرهن أيضا قيل لأنه معاوضة مالية وعلى هذا فتدخل الهبة بشرط العوض (وعتقه) وتدبره وكتابته.
ولو أعتقه الوارث المسلم الذي ليس له سواه لا ينفذ عتقه أيضا كما في (الخانية)(وهبته) لأنها عقد ينزع ومن ثم قلنا: تتوقف وصيته أيضا (فإن أمن) أي: المسلم (نفذ وإن هلك) بأن مات أو قتل أو حكم بلحاقه (بطل) ما فعله وهذا عند الإمام بناء على زوال ملكه على ما مر، وقالا: كل ذلك نافذ إلا أنه عند محمد ينفذ من الثلث ولا خلاف بينهم في عدم صحة نكاحه وذبيحته وصيده بالكلب والبازي أو الذمي وشهادة وارثه لأنه هذه الأشياء تعتمد الملة ولا ملة له وفي صحة استيلاده وطلاقه وقبول هبته وتسليم الشفعة والحجر على عبده المأذون لأن هذه لا تعتمد ولاية ولا حقيقة ملك، وأجمعوا على توقف ما يعتمد المساواة من التصرف أو ولاية متعدية كالمفاوضة فإن أسلم نفذت وإن هلك بطلت وتصير عنانا من الأصل عندهما وتبطل عنده، والتصرف على ولده الصغير وفي ماله، قال في (البحر): ولم أر حكم التقاطه لقيطا أو لقطة.
أقول: وبقي إيداعه واستيداعه وأمانه وعقله ولا شك في عدم صحة أمانه إذا مات الذمي لا يصح فهذا أولى وكذا عقله لأن التناصر لا يكون بالمرتد، وأما التقاطه وإيداعه واستيداعه فلا ينبغي التردد في جوازها منه والله الموفق.
وبهذا عرف أن تصرفاته أربعة أقسام، (وإن عاد مسلما بعد الحكم بلحاقه فما وجده في يد وارثه أخذه) لأن الوارث إنما يخلفه لاستغنائه وإذا عاد مسلما احتاج إليه
وإلا لا ولو ولدت أمة له نصرانية لستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولده وهو ابنه حر ولا يرثه ولو مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وإن لحق المرتد بماله فظهر عليه فهو فيء فإن رجع وذهب بماله وظهر عيه فلوارثه.
ــ
فقدم عليها لكن إنما يأخذه بقضاء القاضي أو التراضي فإن ذكر في (السير الكبير) أن الوارث لو تصرف في المال بعدما عاد مسلما نفذ في تصرفه كذا في (التتارخانية) وعلله الشارح بأنه دخل في ملكه فلا يخرج عنه إلا بطريقه، وقوله في (البحر) طريقه عوده مسلما ممنوع.
وفي قوله: وارثه إيماء إلى أنه لا حق له فيما وجده من كسب ردته لأن أخذه ليس بطريق الخلافة عنه بل لأنه فيء ألا ترى أن الحربي لا يسترد ماله بعد إسلامه [337/أ] وهذا وإن لم يرد مسطورا إلا أن القواعد تؤيده / (وإلا) أي: وإن لم يجد شيئا في يد وارثه (لا) أي: لا يأخذ شيئا هذا شامل لما إذا أزاله الوارث عن يده بسبب يقبل الفسخ كنحو بيع أو لا يقبله كعتق وتدبير واستيلاد وحكم الكتابة قد مر، ولما لم يدخل في يده أصلا كمدبريه وأمهات أولاده المحكوم بعتقهم بذلك قيد بما بعد الحكم لأنه لو عاد قبله كان كالذي لم يرتد.
(ولو ولدت أمة له) أي: للمرتد (نصرانية) أراد بها الكتابية (لستة أشهر) فأكثر (منذ ارتد) قيد بذلك لأنها لو ولدته لأقل منها كان مسلما وورث أباه للتيقن بوجوده قبل الردة (فادعاه فهي أم ولده)، لأن صحة الاستيلاد لا يفتقر إلى حقيقة الملك (وهو ابنه) وهو (حر) لأن المرتد لا يسترق (ولا يرث) لأنه إنما يتبع أباه لقربه إلى الإسلام بالجبر عليه فصار في حكم المرتد وهو لا يرث أحدا (ولو) كانت (مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب) يعني وحكم بذلك كما مر، لأن الولد يكون مسلما تبعا له والمسلم يرث كسب إسلام المرتد كما مر.
(وإن لحق المرتد بماله) إلى دار الحرب (فظهر عليه) أي: قال في (المغرب) ظهر علي اللص غلب وظهر عليه غلب انتهى والمراد الأول (فهو) أي: ماله (فيء) يوضع في بيت المال لسقوط عصمته تبعا لنفسه وهو بإجماع الأئمة الأربعة (فإن رجع) إلى دار الإسلام (وذهب بماله) إلى دار الحرب (وظهر عليه فلواريه)، لأنه باللحاق انتقل إلى الوارث فكان ملكا قديما وحكمه ما مر إنه إن وجده قبل القسمة أخذه مجانا وبعدها بالقيمة إن شاء ولا يأخذه إن كان مثليا لعدم الفائدة، وهذا إنما يتم بناء على أنه لا فرق بين أن يكون أخذه المال بعد القضاء بلحاقه أو قبله وهو ظاهر الرواية، أما إذا كان بعد القضاء فظاهر وأما قبله فلأن القضاء إنما احتيج إليه لثبوته الإرث لترجح عدم عوده فيقرر إقامته فيثبت موته وهذا القدر موجود بعوده
وإن لحق فقضى بعبده لابنه فكاتبه فجاء مسلما فالمكاتبة والولاء لمورثه فإن قتل مرتد رجلا خطأ ولحق أو قتل فالدية في كسب الإسلام. .......
ــ
وأخذه المال ولحاقه ثانيا فكان ذلك بمنزلة القضاء وفي بعض روايات (السير) جعله فيء يعني إذا كان قبل القضاء.
قال في (الفتح): والأوجه ظاهر الرواية (وإن لحق) المرتد (وقضى بعبده لابنه) يعني بعد القضاء بلحاقه على ما مر (فكاتبه) الابن (فجاء) المرتد (مسلما فالمكاتبة) أي: بدلها (والولاء لمورثه) لأنه لا وجه في إبطال الكتابة لنفوذها بدليل متعد وهو القضاء بالعبد له ولا إلى نقله إلى ملك الأب لأنه لا يقبل النقل فجعل على أن الابن وكيل عنه لأنه لما لحق كأنه سلطه على ماله وحقوق العقد ترجع إلى الموكل في الوكالة بالكتابة والولاء لمن يقع العتق منه.
وجزم في (الخانية) بأنه إن رجع قبل أن يؤدي جميع بدل الكتابة كان له إبطالها وهو مناف لما مر، قيد بالكتابة لأنه لو دبره كان الولاء للابن كما في (التاتارخانية) وكان الفرق أن الكتابة تقبل الفسخ بالتعجيز فلم تكن في معنى العتق من كل وجه بخلاف التدبير (وإن قتل مرتد رجلا خطأ ولحق) بدار الحرب (أو قتل) على ردته (فالدية في كسب الإسلام) خاصة، أما كونها في ماله فلأن العواقل لا تعقل المرتد وأما كونها في كسب الإسلام فقط فهو قول الإمام، وقالا في كسب الردة أيضا بناء على أنه يملك الكل عندهما فيكون ما لزمهما الكل وعنده لا يملك غيره فاختص ما لزمه به.
قال في (الفتح): وعلى هذا ما لو غصب مالا فأفسده فيجب ضمانه في مال الإسلام وعندهما في الكل وعلى هذا لو لم يكن له كسب إسلام واكتسب في الردة فهدر الجناية عند أبي حنيفة خلافا لهما انتهى، وهذا الإطلاق أعني وجوب ضمان ما غصبه في مال الإسلام عنده مقيد بما إذا لزمه ذلك بإقراره أما لو كان بالمعاينة أو البينة فإنه يخير بين أن يوفيه من كسب الإسلام أو الردة عندهم جميعا نص عليه في (الفوائد الظهيرية).
قال في (البحر): وينبغي أن يكون القتل خطأ كذلك لكونه متهما في إقراره بحق الورثة وقوله فهدر الجناية الظاهر أنه تفقه منه لا حكاية للمنقول وإلا فالمسطور في كلامهم خلافه ففي (التتارخانية) قال محمد في (الجامع الصغير): فإن لم يكن له إلا كسب الإسلام أو إلا كسب الردة تستوفى منه وإن كان له كسبها فعلى قولهما تستوفى الدية من الكسبين وعلى قوله تستوفى من كسب الإسلام أولا فإن فضل منها شيء أخذ الفضل من كسب الردة وفي (الخانية) وإن لم يكن له إلا كسب الردة كان عليه الدية من ذلك المال.
ولو ارتد بعد القطع عمدا ومات منه أو لحق وجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع نصف الدية في ماله لورثته وإن لم يلحق وأسلم ومات ضمن الدية ولو ارتد مكاتب ولحق وأخذ بماله وقتل فمكاتبته لمولاه وما بقي لورثته ولو ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب فولدت.
ــ
[337/ب] واعلم أن جناية العبد والأمة والمكاتب المرتدين كجنايتهم في / غير الردة (ولو ارتد) المسلم (بعد القطع) أي: قطع يده (عمدا) فسرى القطع إلى النفس (ومات أو لحق) بدار الحرب وحكم بلحاقه (وجاء مسلما فمات منه) أي: من القطع (ضمن القاطع نصف الدية في ماله لورثته) في المسألتين لأن السراية حلى محلا غير معصوم فانهدرت، قيد بالعمد لأنه لو كان خطأ كان على العاقلة وقيدنا بكونه حكم بلحاقه لأنه لو عاد قبل الحكم ضمن الدية عندهما وعند محمد نصف الدية كما إذا لم يلحق وهو الذي بينه بقوله:(وإن لم يلحق) بدار الحرب (فأسلم ومات) بالسراية (ضمن الدية) فعندهما وقال محمد: يضمن نصف الدية لأن اعتراض الردة إهدار الجناية فلا ينقلب بالإسلام إلى الضمان، ولهما أن الجناية وردت على معصوم وهذا لأن المعتبر في العصمة قيامها حال انعقاد السبب وحال ثبوت الحكم وحالة البقاء بمعزل عنهما، ونبه بإضافة الضمان إليه على أنه في ماله لأنه فرضه في العمد فأومئ به على أنه لو كان خطأ وجب على العاقلة ولو كان المرتد هو القاطع فقطع فقتل على ردته أو مات ثم سرى إلى النفس بعد ذلك فلا شيء فيه لو عمدا لفوات محل القصاص ولو خطأ وجبت الدية على العاقلة في ثلاث سنين من يوم القضاء عليهم كما في (الخانية).
(ولو ارتد مكاتب ولحق) بدار الحرب (وأخذ) أي: أسير (بماله) أي: مع ماله الذي اكتسبه في زمن ردته (وقتل) على ردته (فمكاتبته) أي: بدلها والمكاتبة التكاتب كما في (القاموس)(لمولاه وما بقي لورثته) وهذا مما يشكل على قول الإمام لا على قولهما لأنه لا يملكه إذا كان حرا ويملك إذا كان مكاتبا، ووجهه أن المكاتب إنما يملك اكتسابه بعقد الكتابة وهي لا تتوقف بالردة ولا تبطل بالموت فبقي موجبها مع الردة فيتحقق ملكه في اكتسابه ولا يتوقف فيقضي منها ويؤدي الباقي، قيل: إذا أوقفت كتابته حكم بحربته في آخر جزء من أجزاء حياته فينبغي أن كسبه كسب مرتد حر فيكون فيئا وأجيب بأن الحكم بحريته إنما هو في الحقوق المستحقة بالكتابة من حريته وأولاده وملك كسبه وقنة لا فيما عد ذلك ألا ترى أن وصيته غير صحيحة لما أنها ليست من الحقوق المستحقة بها.
(ولو ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب فولدت) المرتدة ولدا سواء حملت به في
وولد له فظهر عليهم فالوالدان فيء ويجبر الولد على الإسلام لا ولد الولد وارتداد الصبي العاقل صحيح كإسلامه.
ــ
دار الإسلام أو في دار الحرب (وولد له) أي: لذلك الولد (ولد فظهر عليهم) أي: غلب (فالولدان فيء) كأصلهما، قيد بردتهما لأن المسلم لو مات عن زوجته الحامل فارتدت ولحقت به ثم ولدت فظهر عليهم فالولد حر يرث أباه ولو ولدته بعد ما سبيت في دار الإسلام كان مسلما تبعا لأبيه رقيقا تبعا لأمه فلا يرث كذا في (البدائع)(ويجبر الولد على) الإسلام لأنه يتبع أبويه في الإسلام والردة فيجبر كما يجبران إلا أن جبره بالضرب والحبس وجبرهما بالقتل (لا) يجبر (ولد الولد) لأنه لا يتبع جده بل أباه وردة أبيه إنما كانت تبعا والتبع لا يستتبع وإذا لم يتبع الجد صار حكمه كسائر أهل الحرب من الاسترقاق أو وضع الجزية عليه أو القتل إذا أسروا ولا محالة أن الجد يقتل وروى الحسن عن الإمام أنه يجبر تبعا لجده وهذه رابعة أربع مسائل على الروايتين، ففي ظاهر الرواية لا يكون الولد تبعا للجد، وفي رواية الحسن يكون الثانية صدقة الفطر والثالثة جر الولاء والرابعة الوصية للقرابة كذا في (الهداية) وصورة الجر معتقة تزوجت بعبد وله أب عبد فولدت منه فالولد حر تبعا لأمه وولاؤه لمولى أمه فإذا أعتق جده لا يجر ولاء حافده إلى مواليه عن موالي أمه في ظاهر الرواية.
وفي رواية الحسن يجر كما لو أعتق أبوه زاد في (البحر) النفقة لا تفرض على الجد الموسر بخلاف الأب وأن الأم تشارك الجد في نفقة الصغير أثلاثا بخلاف الأب الموسر ويتصف الصغير باليتيم مع حياة جده بخلاف الأب وقدم أن في الفرائض أربعة أخرى رد الأم إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب والإخوة لا تسقط بالجد وعندهما تسقط بالأب اتفاقا والرابعة أن المعتق يحجب الجد عن ميراث المعتق ولا يحجب الأب عند أبي يوسف فله السدس والباقي للابن فهو أحد عشر انتهى وأنت خبير بأن الكلام فيما جاء على الروايتين وليس في المزيد ما ذكر فما في (الهداية) هو التحقيق (وارتداد الصبي العاقل صحيح) عندهما خلافا لأبي يوسف / لأنه ضرر [338/أ] محض قلنا: لا مرد للحقيقة بعد وجودها والخلاف في أحكام الدنيا ولا خلاف أنه مرتد في أحكام الآخرة لأن العفو عن الكفر ودخوله الجنة مع الشرك مما لا يرد به شرع ولا حكم به عقل كذا في (التلويح) وعلى هذا فما في (الفتح) من أنه يخلد في النار يعني اتفاقا (كإسلامه) أي: كما يصح إسلامه باتفاق علمائنا الثلاثة ولذا جعله مشبها به لأنه صلى الله عليه وسلم صحح إسلام علي وكان صغيرا وافتخاره بذلك معروف فقيل: