المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب البيوع هو مبادلة المال بمال بالتراضي ــ كتاب البيع لما فرغ من حقوق - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌ ‌كتاب البيوع هو مبادلة المال بمال بالتراضي ــ كتاب البيع لما فرغ من حقوق

‌كتاب البيوع

هو مبادلة المال بمال بالتراضي

ــ

كتاب البيع

لما فرغ من حقوق الله تعالى التي هي العبادات والعقوبات والكفارات شرع في المعاملات التي هي حقوق العباد ثم في تقديم بعض الأبواب على بعض مناسبات مرت ووقع في آخرها ترتيب أقسام حقوق العباد وهو الوقف على البيع لأنه إذا صح خرج عن ملك الواقف لا إلى مالك وفي البيع إلى مالك فنزل منزلة البسيط من المركب وهو مقدم في الوجود فقدم في التعليم، قال في (الفتح): ولا يخفي شروعه في المعاملات من زمان فإن ما تقدم من اللقطة واللقيط والمفقود والشركة من المعاملات انتهى. وكان النكاح أولى بالذكر من اللقيط ونحوه، وهو لغة مقابلة شيء بشيء قيل: هذا التعريف يدخل فيه السلام وإطلاق البيع عليه أبعد من البعيد.

قال في (القاموس): باعه يبيعه بيعاً ومبيعاً والقياس بياعاً إذا باعه وإذا اشتراه ويطلق على كل واحد من المتعاقدين أنه بائع غير أن المتبادر عند الإطلاق هو باذل السلعة، وقد يراد به المعقول فيجمع باعتباره كما يجمع المبيع، قال في (المغرب): والأصل فيه مبادلة مال بمال لقولهم بيع رابح وبيع خاسر وذلك حقيقة في وصف الأعيان وإطلاقه على العقد مجاز لأنه سبب التمليك والمحذوف من مبيع الواو عند سيبويه لزيادتها، وقال الأخفش: هو العين والتوجيه لكل معروف في محله.

قال المازني: كلاهما حسن وقول الأخفش أقيس ونبه على معناه الشرعي بقوله: (هو مبادلة المال) أي: تمليك المال كما في (الدراية)(بالمال بالتراضي) هذا القيد زيد شرعاً كما قال فخر الإسلام والذي يظهر أن التراضي لابد منه لغة أيضاً فإنه لا يفهم من باعه وباع زيد عبده إلا أنه يستدل به بالتراضي وأن الأخذ غصباً أو إعطاء شيء من غير تراض لا تقول فيه أهل اللغة باعه كذا في (الفتح) وهذا الحد بيع من كل وجه انتهى، وهذا كالصريح في أنهم أرادوا تعريف البيع المركب من الإيجاب والقبول وهو العقد لا قسيم الشراء وهو الذي يشتق منه لمن صدر عنه لفظ بائع وبه ظهر أن قوله في (الحواشي السعدية) لا يخفي عليك أن تفسيره بالمبادلة المذكور تسامح والمراد ما هو مبدؤها التام فلا يرد النقض بالشراء على أن الباء الداخلة على المال هي بالعوض والمقايضة انتهى، إنما يحتاج إليه بناء على أن المراد به قسيم الشراء لا العقد فتدبره.

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زاد في (العناية) على طريق الاكتساب وفسرها في شرح (الدرر) بالتجارة ورده في (الحواشي السعدية) بأنها هي المبادلة كما صرح بذلك في مأذون (الهداية) فيكون المعنى المبادلة المذكورة على طريق المبادلة بل هي طلب الربح فخرج بذلك الهبة بشرط العوض والتبرع من الجانبين ولا يخفى أن الهبة بشرط العوض والتبرع خالية عن المبادلة ابتداء أما انتهاء فمسلم ولا يضرنا، وكل من التبرع عين هبة مستقلة من كل جانب فلا مبادلة وكان هذا هو السر في حذف أهل التحقيق هذا القيد.

واعلم أن التقييد بالتراضي اقتداء بالآية وبه خرج بيع المكره ولولاه لكان الحذف أولى كما في (الوقاية) لشمول التعريف للفاسد بسائر أنواعه كما لو باع درهماً بمثله واتحدا وزناً وصفة وقد صرح بفساده في (الذخيرة) إذ غاية الأمر أن بيع المكره فاسد فما باله خصه بالإخراج مع أن حكمه إنما ذكر في الإكراه لكن عدم ذكره لا يستدعي إخراجه من التعريف إذ الصرف أيضاً غير مذكور فيه لإفراده بكتاب مع شمول التعريف له وعرف من هذا أن الرضا ليس جزء مفهومه شرعاً وإلا لكان بيع المكره باطلاً، بلا شرط لثبوت حكمه وهذا لأن لفظ بعت ليس علة لثبوت الرضا بل إمارة عليه فيتحقق ولا رضا وشرط في العاقد التمييز والولاية الكائنة عن ملك أو وكالة أو وصية أو قرابة أو غير ذلك فلم ينعقد بيع المجنون والصبي الذي لا يعقل أما بيع الصبي أو المعتوه الذي يعقل البيع وأثره فمنقعد، والتعدد فلم ينعقد بالوكيل من الجانبين إلا في الأب والقاضي والوصي فإنه إذا اشترى أحدهم مال اليتيم من نفسه أو باعه من صح وكذلك العبد يشتري نفسه من مولاه بأمره وشرط في الوصي النفع الظاهر بأن اشترى منه ما يساوي عشرة بخمسة عشر أو بيع خمسة عشر بعشر والظاهر أن العبرة في/ القيمة لوقت العقد حتى لو زادت بعده لا ينتقض شراؤه ولا يشترط هذا في الأب كما في وصايا (الخانية) وسماع كل منهما كلام الآخر.

ولو ادعى أحدهما عدمه مع سماع أهل المجلس لا يصدق حيث لا وقر في أذنه، وما في (القنية) لا يجوز أن يناديه من بعيد أو من وراء جدار محمول على ما إذا لم يسمع كلامه ولذا رقم بعده رجل في البئر قال للذي في السطح: بعت منك بكذا فقال: اشتريت صح إن كان كل واحد منهما يرى صاحبه ولا يلتبس الكلام للبعيد ثم رقم تعاقد البيع وبينهما النهر المردخاني يصح، قلت: وإن كان نهراً عظيماً تجري فيه السفن؟ قال الشيخ: وقد تقرر أي: في أمثال هذه الصور إن كان البعد بحال يوجب التباس ما يقول كل واحد منهما لصاحبه يمنع وإلا فلا، وفي العقد

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

موافقة الإيجاب للقبول فإن قبل المشتري غير ما أوجبه البائع أو بعض ما أوجبه أو بغير ما أوجبه أو ببعضه لم ينعقد لتفرق الصفقة إلا في الشفعة كما سيأتي.

وفي المبيع كونه مالاً متقوماً شرعاً مقدور التسليم في الحال أو في ثاني الحال كذا في (الفتح) فخرج بالمال الحر وبالمتقوم الخمر والخنزير في حق المسلم، قيل: التقوم إنما هو شرط في البيع الصحيح والكلام فيما يعم الفاسد أيضاً والحق أن من شرط التراضي فإنما أراد الصحيح ومن حذفه أراد ما يعم الفاسد وبالقدرة بيع الآبق على الظاهر زاد في (البحر) وأن يكون مملوكاً في نفسه موجوداً ليخرج بيع الكلأ ولو في أرضه وبيع المعدوم وقد يستغنى عن الثاني بكونه مقدور التسليم وههنا فرعان في (القنية) الأول: ما يؤخذ من البياع على وجه الجر كالعدس والملح والزيت ونحوها لو اشتراها بعدما انعدمت صح، والثاني: شراء التذاكر التي يكتبها الديوان على العمال لا يصح، قيل له: أئمة بخارى جوزوا بيع خطوط الأئمة، قال: لأن مال الوقف قائم ولا كذلك ثمة قال في (البحر): والفرع الأول خرج عن القاعدة فيجوز بيع المعدوم هنا ويستفاد من الثاني أن يجوز للمستحق بيع خبزه قبل قبضه انتهى.

وأقول: الظاهر أن ما في (القنية) ضعيف لاتفاق كلمتهم على أن بيع المعدوم لا يصح وكذا غير المملوك والمانع من أن يكون المأخوذ من العدس ونحوه بيعاً بالتعاطي ولا يحتاج في مثله إلى بيان الثمن لأنه معلوم كما سيأتي وخط الإمام لا يملك قبل القبض فأنى يصح بيعه؟ ولكن على ما ذكر مما قبله ابن وهبان في كتاب الشرب ما في (القنية) إذا كان مخالفاً للقواعد لا التفات إليه بما لم يعضده نقل من غيره، وسبب شرعيته تعلق البقاء المعلوم لله تعالى على وجه جميل وحكمه الملك وهو القدرة على التصرف شرعاً فلا ينقض التعريف بتصرف المشتري في المبيع قبل قبضه فإنه ممتنع مع الملك وكذا لو وطئ بعدم الاستبراء في الأمة إذ لا يلزم من العجز الغير المشروع العجز عن المشروع ولما كان الملك هو المقصود من شرعية البيع اقتصروا عليه وإن ترتب عليه غيره من عتق القريب ووجوب الشفعة وملك المنفعة في الجارية والخيارات ضمناً كذا في (العناية) وهو ظاهر في أنه شرعاً قيد في التصرف وفيه بحث، أما أولاً فلأنه لو أطلق التصرف وجعل قيداً للقدرة لا ينتقض التعريف أيضاً والجواب أن الأصل في لام التعريف إذا لم يكن ثمة مفهوم هو الحمل على الاستغراق عند الجمهور، وأما ثانياً فلأن هذه القدرة قد توجد في صورة الإباحة ألا ترى أنا نقدر على الشرب من المباح والتوضؤ منه وإحرازه في الإناء فالتعريف غير مانع فلا بد من اعتبار قيد بوصف الاعتبار على ما اعتبره الإمام النسفي كذا في

ص: 336

ويلزم بإيجاب وقبول

ــ

(الحواشي السعدية)، وأنت خبير بأن الحمل على الاستغراق يدفع هذا لامتناع التصرف فيه بنحو بيع قبل الإحراز فتدبره.

(ويلزم) أي: البيع (بإيجاب وقبول) أي: بسببهما عدل عن قول القدوري البيع ينعقد بالإيجاب والقبول لأن ظاهره يفيد أنهما غيره مع أنهما عينه، ولذا قال في (الفتح): المراد بالبيع هنا المعنى الشرعي الخاص المعلوم حكمه وإنما قلنا هذا لأنه لو قال: ينعقد بالإيجاب والقبول لجعلهما غيره مع أن البيع ليس إلا بالإيجاب والقبول الموجودين جساً يرتبطان ارتباطاً حكمياً فيجعل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثراً له بذلك المعنى هو البيع فالمراد بذلك المعنى المجموع المركب من الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشيء لا أن البيع مجرد ذاك المعنى الشرعي والإيجاب والقبول آلة له كما توهمه/ البعض لأن كونهما أركاناً ينافي ذلك فإن قلت: كيف قال في (الفتح) البيع ليس إلا الإيجاب والقبول انتهى مع أنه الربط أيضاً؟ قلت: كونه استغنى عنه بذكر القبول إذ لا يكون قبولاً شرعاً بدونه.

ثم قال في (الفتح): لكن الظاهر أن المراد بالبيع هنا ليس إلا نفس حكمه لا معنى له إلا ذلك الحكم وما قبل البيع عبارة عن معنى شرعي يظهر في المحل عند الإيجاب والقبول حتى يكون العاقد قادراً على التصرف ليس غير الحكم الذي هو الملك لأنه هو الذي ثبت به قدرة التصرف عند وجود الفعلين أعني الشرطين بوضعهما سبباً شرعياً له وليس هناك شيء ثالث انتهى.

وفي (الحواشي السعدية) إما أن يراد بالبيع مجموع الإيجاب والقبول مع الارتباط الشرعي بينهما كما هو الظاهر أو الارتباط فقط أو ما بقوله البائع حال العقد وعلى التقدير الأول ينبغي أن يكون ينعقد بمعنى يحصل على طريق ذكر المقيد وإرادة المطلق أو بمعنى يحصل الانعقاد به ويجعل من قبيل وصف الكل بحال بعض أجزائه، وعلى الثاني يتعين الأول وعلى الثالث يكون المعنى أن قول البائع حين قصده إنشاء البيع إنما يرتبط بكلام المشتري ويحصل منهما معنى شرعي إذا كان كل منهما بلفظ الماضي، وقول الشراح الانعقاد هنا بمعنى تعلق كلام أحد المتعاقدين بالآخر شرعاً على وجه يظهر أثره يلائم المعنى الثالث أن لا يظهر العائد إلى المبتدأ في الجملة المجعولة خبراً على المعنيين كما لا يخفي انتهى، وإنما كان على الأول من ذكر المقيد وإرادة المطلق لأن المحصول إنما يكون في جزأين وليس مراداً وعلى الثاني من قبيل وصف الكل بحال بعض أجزائه لأن الذي يحصل الانعقاد به إنما هو الربط ولا شك أنه جزء وهذا المقام يحتاج إلى تدبر في الكلام، ونبه بقوله

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يلزم إلى أنه ليس لأحدهما بعد القبول خيار المجلس وأنه لا يحتاج تمام العقد إلى إجازة البائع بعد ذلك وبه قال العامة وهو الصحيح خلافاً لمن قال يحتاج كما في (الذخيرة) وإلى أنه لو أقر بالبيع كاذباً لم ينعقد كما في (الصيرفية) وبهذا عرف أن الضمير في يلزم يعود على البيع الذي هو العقد لا أن المراد حكم البيع كما توهمه في (البحر)، ثم الإيجاب اللفظ الصادر أولاً والقبول هو الصادر ثانياً ويرد على التعريفين ما لو خرجا معاً فإنه صحيح كما في (التتارخانية)، وعلى الأول ما لو تعدد الإيجاب فإن القبول يكون إلى الإيجاب الثاني ويكون بيعاً بالثمن الأول وفي الطلاق والإعتاق على مال إذا قبل بعدهما لزمه المالان ولا يبطل الثاني الأول كما في (جامع الفصولين).

وفي قوله: لا يبطل الثاني الأول هو الأولى في التحقيق ومن ثم قلنا: لو تعددا وكان الثاني بأزيد أو بأنقص من الأول انفسخ الأول، واختلف فيما إذا كان فاسداً ومقتضى النظر أن الأول لا ينفسخ، فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون الثاني تأكيداً والإيجاب هو للأول؟ قلت: لأنه فاصل بينه وبين القبول وعلى هذا فلو قال المشتري: قبلت بالإيجاب الأول ينبغي أن لا يتردد في عدم صحة البيع هذا ويشترط لصحة الإيجاب أن لا يقترن بما يبطله فلو وهبه الثمن قبل القبول بطل، وقيل: لا ويكون إبراء أما الإيجاب بلا ثمن نفياً فغير صحيح وإنكاره بعد الإقرار به لا يبطله أما إنكار القبول.

ففي (البزازية) وغيرها ادعى أنه باع من هذا بألف فأنكر الشراء ثم عاد في المجلس أو بعده إلى تصديق البائع فالأصل أن كل عقد يكون الحق فيه لهما كالبيع والنكاح فعود المنكر إلى التصديق قبل تصديق الآخر المنكر في الإنكار يبطل الإنكار وكل عقد يكون الحق فيه لأحدهما كالهبة والصدقة والإقرار لا ينفعه التصديق بعد الإنكار انتهى، وبه عرف جواب مسألة أوردها بعض المولى على شيخنا الأخ وكنت حاضراً أن زيداً قال لعمر: قتلت ابنك فكذبه ثم صدقه أيقبل منه ذلك؟ فتوقف رحمه الله تعالى وقد علمت أنه لا يقبل منه التصديق لكن في (عقد الفرائد) معزياً إلى (جامع الفتاوى) قال: أنا عبدك، فرده المقر له ثم عاد إلى التصديق فهو عبد ولا يبطل الإقرار بالرق والرد انتهى.

واعلم أنه في (فتح القدير) خالف القوم فعرف القبول بأنه الفعل الصادر ثانياً قال: وإنما قلنا: الفعل لأنه أعم منه ومن القول لأن من فروعهم ما لو قال: كل هذا الطعام بدرهم فأكله تم البيع وأكله حلالاً والركوب واللبس بعد قول البائع اركبها

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمائة والبسه بكذا رضي بالبيع وكذا إذا قال: بعتك بألف فقبضه ولم يقل شيئاً كان قبضه/ قبولاً بخلاف بيع التعاطي فإنه ليس فيه إيجاب بل قبض بعد معرفة الثمن ففي جعل مسألة القبض بعد قوله بعتك بألف من صور التعاطي كما فعل بعضهم نظر.

قال في (البحر): ولا حاجة إليه وما ذكره إنما هو من باب القبول يقوم مقامه فعل ولذا قال في (الخانية): يقوم القبض مقام القبول ويشترط لصحة القبول حياة الموجب فلو مات قبله بطل، قال في (البحر): إلا في مسألة في (الخانية) أوصى ببيع داره من رجل فقال: داري بيع منه بألف درهم، ومات فقبل الموصى له بعد موته جاز.

وأقول: هذا سهو ظاهر منشؤه فهم أن المراد جاز البيع وليس كذلك بل جاز قبول الوصية وعلى الوصي أن يبيعه بإيجاب وقبول، ثم رأيت المسألة ولله الحمد في شفعة (المحيط) طبق ما فهمت حيث قال: أوصى بأن تباع داره من رجل بألف درهم فقبل الموصى له بعد موته وحيث الشفعة وإن لم يقبضها لأن الوصية بشرط العوض وأنها لا تفيد الملك إلا بعد القبض وهذا إذا أوجب الوارث أو الوصي البيع بعد موته وقبل الموصى له انتهى.

ومن الشروط أيضاً أن تكون قبل رجوع الموجب وعليه تفرع ما في (الخانية) بعتك هذا بألف ثم قال لآخر: بعتك نصفه بخمسمائة، قال أبو يوسف: يصح قبول الثاني ولا يصح قبول الأول بعد رجوع البائع عن النصف انتهى.

ولو خرج الرجوع مع القبول معاً كان الرجوع أولى لأنه لم يتم البيع كذا في (السراج)، وأن يكون قبل تغيير المبيع ومن ثم قال في (الخانية): لو قطعت يد الجارية بعد الإيجاب أو ولدت أو تخمر العصير ثم صار خلاً لم يصح قبول المشتري، والظاهر أن التقييد بأخذ الأرش اتفاقي وأن يكون قبل رد المخاطب الإيجاب فلو قال: بعتك بألف، فقال: لا أقبل بل بخمسمائة، ثم قال: أخذت بألف.

قال أبو يوسف: إن دفعه إليه فهو رضى وإلا فلا ولم يقيد الإيجاب والقبول بالمضي لأنه ينعقد بالمضارع لكن بالنية في الأصح وقيده في (القنية) بما إذا لم يكن أهل البلد يستعملونه للحال فإن كان كذلك كأهل خوارزم لا يحتاج إليها انتهى، وظاهر أن كلامهم فيما يحتمل الحال والاستقبال أما ما تمحض للحال كأبيعك الآن فلا يحتاج إليها أيضاً وأما ما تمحض للاستقبال كالمقرون بالسين أو سوف أو الأمر فلا ينعقد به إلا إذا دل المعنى على الأمر المذكور كخذه بكذا وقال:

ص: 339

وبتعاط

ــ

أخذته فإنه كالماضي إلا أن استدعاء الماضي سبق البيع بالوضع وهذا بطريق الاقتضاء.

قال في (الفتح): وها هنا ثمانية مواضيع البيع والإقالة لا يكتفى بالأمر فيهما عن الإيجاب أما الخلع والنكاح والهبة والكفالة والإبراء والثامنة ما لو قال لعبده اشتر نفسك مني بألف فقال: فعلت فيقع الأمر فيها إيجاباً انتهى، وصور الخلع في (الصيرفية) بما إذا قالت: اخلعني على كذا فقال: قد فعلت أما إذا قالت: اخلعني فقال: خلعتك على كذا لا يقع ما لم تقبل، والكتاب كالخطاب وكذا الإرسال حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة ويصح الرجوع من الكاتب والمرسل قبل الوصول سواء علم الآخر أو لم يعلم.

وفي وكالة (الخلاصة) لا يصح عزل الرسول بدون علمه فكأنهم فرقوا بين الرجوع والعزل، (و) يلزم أيضاً (بتعاط) وهو التناول كما في (القاموس) لأن جواز البيع باعتبار الرضى لا بصورة اللفظ وقد وجد في التعاطي حتى لو صرح معه بعدم الرضا لم ينعقد بما كما في (الخانية) و (القنية) ولا بد أيضاً أن لا يكون بعد عقد فاسد أو باطل فإن كان لم ينعقد به قبل المتاركة لأنه بناء على السابق صرح في (الخلاصة) وغيرها وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين الخسيس والنفيس وهو الصحيح خلافاً للكرخي.

وفي (الحاوي القدسي) المشهور من الرواية كما قال الكرخي، وفي رواية محمد لا فرق بينهما وهذا أصح والنفيس نصاب السرقة والخسيس ما دونه، وهل قبض البدلين شرط فيه أو أحدهما كاف؟ خلاف أفتى الحلواني بالأولى وفي (البزازية) وهو المختار.

وفي (العمادية): قال صاحب (المحيط): وهو المختار عندي، واكتفى الكرماني بتسليم المبيع مع بيان الثمن أما إذا دفع الثمن وحده ولم يقبض المبيع لا يجوز إلا إذا كان بيع مقايضة، والصحيح أن قبض أحدهما كاف لنص محمد على أنه يثبت بقبض أحد البدلين وهذا ينتظم/ الثمن والمبيع وقوله في (الجامع): إن تسليم المبيع يكفي لا ينبغي الآخر، وفي (المنتقى) عليه ألف درهم فقال لرب الدين أعطيك مالك دنانير فساومه بالدنانير ولم يقع بيع ثم فارقه فجاء بها فدفعها إليه يريد الذي كان ساوم عليه ثم فارقه ولم يستأنف بيعاً جاز كذا في (الفتح).

وأقول: هذا يفيد أن التعاطي يكون في الصرف أيضاً ويدل عليه ما في

ص: 340

وأي قام عن المجلس قبل القبول بطل الإيجاب

ــ

(التتارخانية) اشترى عبداً بألف درهم على أن المشتري بالخيار فأعطاه مائة دينار ثم فسخ البيع فعلى قول أبي حنيفة الصرف جائز ويرد الدراهم وعلى قول أبي يوسف باطل وهي فائدة حسنة ولم أر من نبه عليها، ومن صور التعاطي أيضاً ما لو جاء المودع بأمة غير المودعة قائلاً: هذه أمتك والبائع يعلم أنها غيرها وحلف فأخذها حل الوطء للمودع وللأمة وكذا لو ردها عليه بخيار عيب والبائع متيقن أنها غيرها فأخذها ورضي فهو بيع بالتعاطي، وعن أبي يوسف لو قال للخياط: ليست هذه بطانتي فحلف أنها هي وسعة أخذها كذا في (الفتح).

وفي (البزازية) الإقالة تنعقد بالتعاطي أيضاً من أحد الجانبين على الصحيح كالبيع وفي (العمادية) تنعقد الإجارة أيضاً بالتعاطي فقد ذكر محمد في إجارات (الأصل) لو استأجر قدوراً بغير أعيانها لا يجوز للتفاوت فإن جاء بقدور وقبلها منه على الكراء الأول جاز ويكون هذا إجارة مبتدأة بالتعاطي (وأي) يعني: وأي واحد من المتعاقدين (قام عن المجلس) أي: مجلس البيع (قبل القبول بطل الإيجاب) بيان لاشتراط المجلس لصحة الإيجاب وهذا لأن للموجب أياً كان له أن يرجع قبل قبول الثاني الآخر لأنه لم يثبت له حق يبطله الآخر، وللآخر أن يقبل ما بقي المجلس وإن لم يقبل حتى اختلف لم ينعقد، واختلافه باعتراض ما يدل على الإعراض من الاشتغال بعمل آخر كأكل إلا إذا كان لقمة وشربة إلا إذا كان الإناء في يده، ونوم إلا أن يكونا جالسين، وصلاة إلا إتمام فريضة أو شفع نفلاً، أو كلام ولو لحاجة ومشي مطلقاً في ظاهر الرواية حتى لو تبايعا وهما يمشيان أو يسيران ولو على دابة واحدة لم يصح واختار غير واحد كالطحاوي أنه إن أجاب على فور كلامه متصلاً جاز، وصححه في (المحيط) كما في (البحر).

وفي (الخلاصة) لو قبل بعدما مشى خطوة أو خطوتين جاز في جميع التفاريق وبه نأخذ، وقيام لأنه دليل الإعراض فلو قام أحدهما ولم يذهب ذكر شيخ الإسلام أنه لو قبل صح وإليه أشير في (جميع التفاريق) قيل: وفي قوله عن المجلس إيماء إليه لأن القيام عنه إنما يتحقق بالذهاب ومع عدمه إنما يقال: قام فيه كذا في (المعراج) وغيره وفي التعبير بقيل إيماء إلى ضعفه ومن ثم قال في (الفتح): ظاهر (الهداية) وعليه جمع أنه لا يصح القبول بعد ذلك وإليه ذهب قاضي خان حيث قال: فإن قام أحدهما بطل يعني الإيجاب لأن القيام دليل الإعراض، وتلك المقدمة في حيز المنع.

وفي (القنية) لو قام لمصلحة لا معرضاً لم يصح وبه عرف أن قصر اختلاف المجلس على ما يجل على الإعراض، فيه قصور والأولى ما في (المجتبى) المجلس

ص: 341

ولا بد من معرفة قدر

ــ

المتحد أن لا يشتغل أحد المتعاقدين بغير ما عقد له المجلس أو ما هو دليل الإعراض إذ لا شك أن القيام وإن لم يكن للإعراض لكن لم يعقد المجلس له، قيد بالقيام لأنهما لو قعدا لم يبطل، والسفينة كالبيت فلا يقطع المجلس بجريانها لانهما لا يملكان إيقافها (ولا بد من معرفة قدر) أي: قدر مبيع وثمن ككر حنطة وخمسة دراهم أو أكرار حنطة فخرج ما لو كان قدر المبيع مجهولاً أي: جهالة فاحشة فإنه لا يصح وقيدنا بالفاحشة لما قالوه: ولو باعه جميع ما في هذه القرية أو هذه الدار والمشتري لا يعلم ما فيها لا يصح لفحش الجهالة، أما لو باعه جميع ما في هذا البيت أو الصندوق أو الجوالق فإنه يصح لأن الجهالة يسيرة.

قال في (القنية):إلا إذا كان لا يحتاج معه إلى التسليم والتسلم فإنه يصح بدون معرفة قدر المبيع كمن أقر أن في يده متاع فلان غصباً أو وديعة ثم اشتراه منه جاز وإن لم يعرف مقداره انتهى. ومعرفة الحدود تغني عن معرفة المقدار ففي (البزازية) باعه أرضاً وذكر حدودها لا ذرعها طولاً وعرضاً جاز وكذا إن لم يذكر الحدود ولم يعرفه المشتري إذا لم يقع بينهما تجاحد، وفيها جهل البائع معرفة المبيع لا يمنع وجهل المشترى يمنع/ انتهى.

وعلى هذا تفرع ما في (القنية) لك في يدي أرض خربة لا تساوي شيئاً في موضع كذا فبعها مني بستة دراهم فقال: بعتها ولم يعرفها البائع وهي تساوي أكثر من ذلك جاز ولم يكن ذلك بيع المجهول لأنه لما قال: لك في يدي أرض صار كأنه قال: أرض كذا وفي (المجمع) لو باعه نصيبه من دار فعلم العاقدين شرط ويجيزه مطلقاً وشرط علم المشتري وحده.

وفي (الخانية) اشترى كذا كذا قربة من ماء الفرات قال أبو يوسف: إن كانت القربة بعينها جاز لمكان التعامل وكذا الرواية والجرة وهذا استحسان وفي القياس لا يجوز إذا كان لا يعرف قدرها وهو قول الإمام، وخرج أيضاً ما لو كان الثمن مجهولاً كالبيع بقيمته أو برأس ماله أو بما اشتراه أو بمثل ما اشتراه فلان فإن علم المشتري بالقدر في المجلس فرضيه عاد جائزاً ومنه أيضاً لو باعه بمثل ما يبيع الناس إلا أن يكون شيئاً لا يتفاوت.

فرع

قال لمديونه: بعني هذا الثوب ببعض العشرة التي لي عليك وهذا الآخر بباقي العشرة جاز مع جهالة الثمن ف كل منها وهذا يرد على المصنف لكن علله في (فتح)

ص: 342

ووصف ثمن غير مشار

ــ

(القدير) بعدم إفضاء جهالة الثمن الأولى إلى المنازعة بضم البيع الثاني إليه إذ لا بد أن يصير ثمنهما عشرة انتهى، ولم أر ما لو وجد بأحدهما عيباً وينبغي أن يكون في حكم صفقة واحدة فيردهما أو يأخذهما، (ووصف ثمن غير مشار) لأن إذا كان مجهول الوصف تتحقق المنازعة فالمشتري يريد دفع الأدون والبائع يطلب الأرفع فلا يحصل مقصود شرعية العقد وظاهر كلامه ييعطي أنه معرفة وصف المبيع غير شرط.

قال في (البحر):وظاهر ما في (الفتح) أن معرفة الوصف في المبيع والثمن شرط الصحة كمعرفة القدر فإنه قال: والصفة عشرة دراهم بخارية أو سمرقندية وكذا حنطة بحيرية أو صعيدية.

وأقول: هذا وهم فاحش وذلك أن القدوري قال: والأثمان المطلقة لا تصح إلا أن يكون معلومة القدر والصفة، فبين في (الفتح) الصفة بما قال إذ الكلام في الثمن لا فلي المبيع ولا شك أن الحنظة تصلح ثمناً إذا وصفت كما سيأتي وليس في الكلام ما يوهم ما ذكره بوجه وفي (البدائع) وأما معرفة أوصاف المبيع والثمن فقال أصحابنا: ليس شرطاً والجهل بها ليس بمانع من الصحة لكن شرط اللزوم فيصح بيع ما لم يره.

واعلم أن الدراهم والدنانير أثمان أبداً سواء قوبلت بغيرها أو بجنسها وأما الأعيان التي ليست مكيلة ولا موزونة فمبيعة أبداً ولا يجوز فيها البيع إلا عيناً إلا فيما يجوز فيه السلم كالثياب وكما تثبت الثياب مبيعاً في الذمة بريق السلم تثبت ديناً مؤجلاً في الذمة على أنها ثمن وحينئذ فيشترط الأجل لا لأنها ثمن بل لتصير ملحقة بالثمن في كونها ديناً في الذمة ولذا قلنا: إذا باع عبداً بثوب موصوف في الذمة إلى أجل جاز ويكون بيعاً في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس بخلاف ما إذا سلم الدراهم وإنما ظهرت أحكام المسلم فيه في الثوب حتى شرط فيه الأجل وامتنع ببيعه قبل قبضه لإلحاقه بالمسلم فيه، أو مكيلاً أو موزوناً أو عددياً متقارباً كالبيض فإن قوبلت بالنقود فهي مبيعات أو بأمثالها من المثليات فما كان موصوفاً في الذمة فهو ثمن وما كان معيناً فمبيع وإن كان كل منهما معيناً فما صحبه حرف الباء أو لفظ على كان ثمناً والآخر مبيعاً كذا في (الفتح) وغيره، والفلوس كالنقدين كما في (الدراية) ودخل في القيميات المصوغ من الذهب والفضة فتعين للصنعة، أما المثلي إذا قابل بقيمي فلم يدخل فيما ذكرنا، وقال خواهر زاده: إنه ثمن، كذا في (البحر) (لا مشار) تصريح بمفهوم قوله غير مشار أي: لا يحتاج في صحة البيع إلى معرفة القدر والوصف في المشار إليه حتى لو قال: بعتك هذه الصبرة من الحنطة أو

ص: 343

لا مشار وصح بثمن حال وبأجل معلوم

ــ

هذه الكورجة من الأرز والشاشات وهي مجهولة القدر بهذه الدراهم التي في يدك وهي مرئية فقيل: جاز ولزم لأن الباقي جهالة الوصف يعني القدر وهو لا يمنع من التسليم والتسلم، والمسألة مقيدة بغير الأموال الربوية أما الربوية إذا قوبلت بجنسها فلا تصح مع الإشارة لاحتمال الربا كحقيقيته.

قال في (العناية): ولم يقيد به في (الكتاب) لأن ذلك مما يتعلق بالربا وهذا الباب ليس لبيانه وبغير السلم فلا يصح أن يكون العرض فيه مشاراً إليه اتفاقاً للأجل ولا رأس مال السلم إذا كان مكيلاً أو موزوناً عند الإمام كما سيجيء.

واعلم أن ظاهر قول القدوري والأعراض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقداراها في جواز البيع يفيد أن معرفة الصفة يحتاج إليها وقد أفصح عن ذلك في (فتح القدير) حيث قال: والتقييد بمقدارها احتراز عن الصفة فإنه لو أراه دراهم وقال اشتريته بهذه فوجدها زيوفاً أو نبهرجة كان له أن يرجع بالجياد لأن الإشارة إلى الدراهم كالتنصيص عليها/ وهو منصرف إلى الجياد ولو وجدها ستوقة أو رصاصاً فسد البيع وعليه القيمة إن كان أتلفها.

ولو قال: أشتريتها بهذه الصرة من الدراهم فوجد البائع ما فيها خلاف نقد البلد جاز ولا خيار للبائع بخلاف ما لو قال: اشتريه بما في هذه الخابية ثم رأى الدراهم التي فيها كان له الخيار وإن كانت نقد البلد، لأن الصرة يعرف مقدار ما فيها من خارجها بخلاف الخابية والمراد بالخيار خيارة الكمية لا خيار لرؤية لأنها لا تثبت في النقود انتهى، وفيه بحث فإنه إن أريد الاحتياج إليها في جواز البيع كما هو الظاهر لزم أن لا يصح فيما لو وجدها زيوفاً وليس بالواقع وإذا كانت الإشارة إليها كالتنصيص عليها وهو منصرف إلى الجياد وقد استغنى عن وصفها وإنما فسد فيها إذا وجدها ستوقة أو رصاصاً فلأنها ليست من الدراهم المشترى بها فالظاهر أنه ليس بشرط كما يشير إليه قول المصنف فتدبره. (وصح) البيع (بثمن حال). قال في (المصباح):حل الدين يحل بالكسر انتهى أجله فهو حال وظاهره أنه لا يقال: حل إلا بعد تأجيل وليس بمراد وفي (القاموس) حل الدين أي صار حالاً كذا في (البحر).

وأقول: فيه نظر للفرق البين بين حل الدين وباعه بحال ويدل عليه ما في (المغرب) حل الدين وجب ولزم والدين الحال خلاف المؤجل (و) صح أيضاً (بأجل معلوم) لإطلاق قوله تعالآ: {وأحل الله البيع} [البقرة: 275] وما هو بثمن مؤجل بيع قيد بالمعلوم لأنه إلى مجهول فاسد وليس منه ما لو باعه مؤجلاً لانصرافه إلى شهر كما في (شرح المجمع) نعم من جهالة الأجل ما لو باعه بألف على أن يؤدي الثمن

ص: 344

ومطلقه على النقد الغالب وإن اختلفت النقود فسد إن لم يبين

ــ

في بلد آخر، ولو قال: إلى شهر والمسألة بحالها صح وبطل الشرط لأنه تعيين مكان الإيفاء فيما لا حمل له ولا مونة غير صحيح، فلو كان له حمل ومونة صح، وفي الحدادي لو اختلفا في أصله فالقول لنافيه أو في قدره فلمدع الأقل والبينة بينة المشتري في الوجهين ولو في مضيه فالقول للمشتري والبينة بينته أيضاً.

وفي شرح (المجمع) لو مات البائع لا يبطل الأجل ولو مات المشتري حل المال ولا يبطل بقوله: برئت من الأجل ولا حاجة لي به ولو قال: تركته أو أبطلته أو جعلت المال حالاً بطل وفي (البزازية) له على آخر ألف من ثمن مبيع فقال: أعطني كل شهر مائة درهم لا يكون تأجيلاً.

وفي (الملتقط) عليه ألف ثمن جعله الطالب نجوماً إن أخل بنجم حل الباقي فالأمر على ما شرطا وهي كثيرة الوقوع (ومطلقه) أي: مطلق الثمن عن قيد الوصف بعد أن سمى القدر، زاد الشارح وعن قيد البلد كعشرة دراهم يقع (على النقد الغالب) في البلد التي جرى البيع فيها لا بلد المتابعين كما قال تاج الشريعة لأنه هو المتعارف ينصرف المطلق إليه، وسواء كان ذلك الغالب هو المتعامل به مع وجود دراهم أخرى لا يتعامل بها أو يتعامل بها إلا أن غيرها أكثر تعاملاً وإلى هذا أشار في (الفتح) حيث قال: إن كان إطلاق اسم الدراهم عرفاً يختص بها مع وجود دراهم غيرها فهو تخصيص الدراهم بالعرف القولي وهو من أفراد ترك الحقيقة بدلالة العرف وإن كان المتعامل بها في الغالب كان من تركها لدلالة العادة وكل منهما واجب تحرياً للجواز وعدم إهدار كلام العاقل انتهى.

(إن اختلفت النقود) في المالية كالذهب الأشرفي والناصري بمصر واستوت رواجاً (فسد) البيع للجهالة المفضية إلى المنازعة لأن الصرف إلى أحدهما بعينه مع الاستواء في الرواج تحكم و (إن لم يبين) المشتري أحدهما في المجلس ويرضى به البائع لارتفاع المفسد قبل تقرره، قيد باختلافها لأنها لو استوت مالية ورواجاً صح وكان له أن يؤدي من أيها شاء، وكذا لو كانت مختلفة مالية ورواجاً فقط ويصرف إلى الأروج وبهذا علم أن في كلامه إرسالاً غير واقع، قيد بالبيع لأنها لو اختلفت في المهر مالية نظر في مهر مثلها فأي ذلك وافقه يحكم لها به كما في (التتارخانية) وبدل الصلح والأجزة كالبيع كما في (البزازية) وفيها من الدعوى يحتاج إلى ذكر الصفة عند اختلاف النقود ولو استوت رواجاً يجوز البيع وفي الدعوى لا بد من التعيين ولا بد من ذكر الجودة عند العامة ومن ضرب أي دار وذكر اللامشي إذا كانت النقود مختلفة وأحدهما أروج لا تصح الدعوى ما لم يبين وكذا لو أقر بعشرة دنانير حمر

ص: 345

ويباع الطعام كيلاً وجزافاً وبإناء أو حجر بعينه لا يعرف قدره

ــ

وفي البلد نقود ومختلفة حمر لا يصح بلا بيان انتهى. وفي الوصية عند اختلاف المالية فقط تنفذ بأقل النقود وإن تفاوتت رواجاً انصرفت إلى الأغلب، وبقي الخلع لو خالعها على ألف درهم/ ولم يبين والوقف لو شرط له دراهم أو دنانير قال في (البحر): وينبغي أن يستحق الأقل.

وأقول: ينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يعرف عرف الواقف فإن عرف صرفت الدراهم إيه، (ويباع الطعام) هو في العرف الماضي اسم للحنطه ودقيقها فقول القدوري والحبوب من عطف العام ومن ثم اقتصر عليها في (المجمع) ويجب أن يفسر بها ما في (الكتاب) بقرينة قوله (كيلاً وجزافاً) بالضم أي: بلا كيل ولا وزن فارسي معرف والمجازفه في البيع المساهلة، وفي (البزازية) بيع الحنطة بالدراهم وزناً يجوز.

وفي (السراج): بعني هذا الكر من الحنطة فباعه فهو على الكيل فإن قبضه من غير كيل ثم كاله وحده جاز غير أنه لا يصدق في نقصه لو ادعاه لأه صدق على وفاء الكيل وإنما كيله تحليل وإطلاق المجازفة مقيد بغير الأموال الربوية أما هي إذا بيعت بجنسها مجازفة فلا يجوز لاحتمال الربا بشرط أن تدخل تحت الكيل فإن لم تدخل كحفنة بحفنتين جاز، والعذر للمصنف في تركه التقييد به على ما مر، وفي (جامع الفصولين) شراء قصيل البر بالبر كيلاً وجزافاً يجوز لعدم الجنس.

وفي (الفتح) لو باع غير الحبوب من الربويات كالفضة إذا باعها بجنسها كفة ميزان بكفة ميزان جاز مع أنه لا يخرج عن المجازفة بسبب أنه لا يعرف قدرها لانتفاء احتمال التفاضل انتهى، ولا ينافيه ما في (الصيرفية) معزياً إلى (الجامع السصغير) تبايعا تبراً بذهب مضروب كفة بكفة وأخذ صاحب التبر الذهب لا يجوز ما لم يعلما وزن الذهب لأنه وزني انتهى، لأن الذهب الخالص أقل لأنه لا ينطبع بنفسه، (و) يباع أيضاً (بإناء) لا ينكبس ولا ينقبض كأن يكون من خشب أو من حديد أما إذا كان كالزبيل والجولق فلا يجوز إلا في قرب الماء استحساناً للتعامل (أو حجر بعينه لا يعرف قدره) قيد فيهما لأن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة وعن الإمام أنه لا يجوز والأول أصح، والظاهر أن هذا القسم من المجازفة وعطفه عليها لأنها في صورة الكيل وليس حقيقة ولذا وجه مسألة الإناء في (المبسوط) بأنه في المعين مجازفة يجوز فبمكيال غير معروف أولى ونازعه في (الفتح) في الأولوية.

ثم رأيت في (السراج) قال: ومن المجازفة ما لو اشتراه مكايلة بإناء بعينه لا يعرف قدره انتهى، ذكره بعد التولية ولا بد في الصحة من بقاء الإناء والحجر فلو

ص: 346

ومن باع صبرة كل صاع بدرهم صح في صاع

ــ

هلكا فسد البيع كذا في (السراج) أطلق الحجر وقيده الشارح بما إذا كان لا يتفتت فإن تفتت لا يجوز قال: وكذا إذا باعه بوزن شيء يخف إذا جف كالخيار والبطيخ انتهى.

قال في (الفتح):وليس بشيء فإن البيع بوزن حجر بعينه لا يصح إلا بشرط تعجيل التسليم ولا جفاف يوجب نقصاً في ذلك الزمن، قال في (المبسوط): اشترى بهذا الإناء يداً بيد فلا بأس به انتهى، وبتقدير التسليم فالجفاف يسير.

وقد قالوا: لو باع الجمد في المجمدة جاز مطلقاً في الأصح إذا سلمه قبل ثلاثة أيام لأن النقص قبلها قليل فأهدر فكذا في البطيخة النقص الحاصل الذي به ينقص قدر المبيع قليل فكان ينبغي أن يقتر فتدبره.

وسكت المصنف عن ثبوت الخيار للمشتري ونص في جمع (النوازل) على ثبوته فيما لو اشترى بوزن هذا الحجر ذهباً ونسبه في جميع (التفاريق) إلى محمد وينبغي ثبوته أيضاً فيما لو اشترى بإناء لا يعرف قدره قال في (الفتح): وينبغي أن يكون هذا محمل الرواية المتقدمة من عدم الجواز فتقوله: لا يجوز أي: لا يلزم.

وأقول: عبارته في (الخانية) رجل اشترى طعاماً بإناء لا يعرف قدره قالوا: لا يجوز بيعه لأنه يس بمكايلة ولا بمجازفة انتهى، وهذا التعليل يمنع هذا الحمل فتدبره، ونظير ما نحن فيه لو باعه حنطة مجموعة في بيته أو مطمورة في أرض والمشتري لا يعلم مبلغها ولا منتهى حفر الحفيرة كان له الخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن كان يعلم منتهى المطمورة ولا يعلم مبلغ الحنطة جاز بلا خيار إلا أن يظهر تحتها صفة ونحوها كذا في (الخانية)، وعن أبي جعفر باعه من هذه الحنطة قدر ما يملأ هذا الطشت جاز ولو باعه قدر ما يملأ هذا البيت لا يجوز.

(ومن باع صبرة) هي الطعام المجموع سميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض ومنه قيل للسحاب فوق السحاب صبر قاله الازهري، وقال القرطبي: هي الجملة المصبورة أي: المحبوسة للبيع والصبر الحبس والجمع صبر كغرف وأراد صبرة مشار إليها كما سيأتي وليست قيداً بل مكيل أو موزون أو معدود من جنس واحد إذا لم يختلف قيمته كذلك، (كل صاع بدرهم) هذا أيضاً ليس بقيد لأنه لو قال: كل صاعين أو ثلاثة/ بكذا صح بقدر ما سمى به عنده (صح) البيع (في صاع) واحد عند الإمام مع الخيار للمشتري لتفرق الصفقة عليه دون البائع، وأفهم كلامه أنه فاسد في الباقي إلى تسميته الكل في المجلس أو كيله به لزوال المفسد قبل تقرره فيثبت حينئذ على وجه يكون الخيار للمشتري فإن رضي هل يلزم البيع بدون رضى البائع أو

ص: 347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يتوقف على قبوله؟ روى الثاني عن الإمام أنه لا يجوز إلا بتراضيهما وروى محمد خلافه، حتى لو فسخ البائع البيع بعد الكيل أو رضي المشتري بأخذ الكل لا يعمل فسخه وهو الظاهر وقالا: صح في الكل لأن المبيع معلوم الإشارة والمشار إليه لا يحتاج إلى معرفة مقداره لجواز البيع، وجهالة الثمن بيدهما رفعها بأن يكيلاه في المجلس وما هو كذلك لا يفضي إلى المنازعة، وله أن الثمن مجهول وذلك مفسد ولا جهالة في القفيز فصح فيه وكون العاقدين بيدهما إزالة جهالة في صلب العقد لا يوجب صحة البيع قبل إزالتها بدلالة الإجماع على عدم جواز بيع الثوب برقمه مع أن بيد البائع إزالتها.

وقدر في (فتح القدير) أولاً أنه موقوف وثانياً في دليل الإمام أنه فاسد وهذا إنما يتم بناء على أن الموقوف فاسد وهو قول مرجوح ثم قال: وغايته أنه إذا أزيلت أي: الجهالة في المجلس وهما على رضاهما ثبت للعقد المعاطاة لا لعين الأول كما قال الحلواني في الرقم إذا تبين في المجلس، وأنت خبير بأن هذا لا يناسب التوقف بل ولا الفساد لأنه إذا رفع قبل تقرره انقلب العقد صحيحاً وحينئذ فلا حاجة إلى انعقاده بالتعاطي.

وفي (السراج) لو أشار إلى نوعين حنطة وشعير فقال: أبيعك هاتين الصبرتين كل قفيز بدرهم فالبيع جائز عند الإمام في قفيز واحد وقالا: يجوز في الكل كذا في الكرخي، وفي (المنظومة) فاسد في الجميع وعند الإمام.

واعلم أن ظاهر (الهداية) ترجيح قولهما وفي (عيون المذاهب) وبه يفتى لا لضعف دليل الإمام بل تيسيراً على الناس وكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فقال: رجح قولهما في (الخلاصة) في نظيره حيث قال ما محصله: اشترى كل وقر بكذا والوقر عندهم معروف إن كان من جنس واحد يجب أن يجوز في واحد عند الإمام كما في الصبرة وإن أجناساً مختلفة لا يجوز أصلاً عنده كبيع قطيع الغنم وعندهما يجوز في الكل حيث كان جنساً واحداً وكذا إذا كان مختلفاً قاله الشهيد، وجعل أبو لليث الجواز عند اتحاد الجس متفقاً عليه والفتوى على قولهما تيسيراً للأمر على الناس انتهى.

تنبيه: قال في (المعراج): أبو الليث هذا هو الخوارزمي انتهى، قلت: تحرز به عن السمرقندي بفتح السين والميم وفتح الراء لحن كذا في (القاموس) وهو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم صاحب (التفسير) و (النوازل) و (خزانة الفقه) و (تنبيه الغافلين) و (بستان العارفين) و (عيون المسائل) و (تأسيس النظائر)

ص: 348

ولو باع ثلة أو ثوباً كل شاة بدرهم أو كل ذراع بدرهم فسد في الكل ولو سمى الكل صح في الكل

ــ

و (مقدمة الصلاة)، تفقه على أبي جعفر الهندواني، توفي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة كذا في (تاج التراجم) ولم أر من ترجم الخوارزمي هذا. قيد بالبيع لأن في الإجارة كأجرتك داري كل شهر بكذا أو الإقرار كلك على كذا درهم ينصرف إلى الواحد اتفاقاً.

وفي إقرار (الخلاصة) قال الوصي: قبضت كل ما لفلان الميت على الناس فادعى غريم أنه دفع إليه كذا وأنكره فالقول للوصي مع يمينه وفي غصب (الخانية) كل غريم لي فهو في حل قال ابن مقاتل: لا تبرأ غرماؤه، وفيها كل إنسان تناول من مالي فهو له حلال، قال ابن سلمة: لا يجوز وابن نصر بن سلام يجوز وعليه الفتور (ومن باع ثلة) وهي بفتح المثلثة.

قال في (القاموس): هي جماعة الغنم أو الكثير منها أو من الضأن خاصة والجمع كبدر وثلال انتهى. وبالضم الكثير من الناس (أو ثوباً وكل شاة بدرهم أو كل ذراع بدرهم فسد في الكل) عند الإمام وقالا: جاز في الكل لما مر من أن هذه الجهالة بيدهما إزالتها وعنده وإن انصرف إلى الواحد إلا أن الآحاد هنا متفاوته فلم ينقسم الثمن على الجملة بالأجزاء فتقع المنازعة على تعيين ذلك الواحد فيفسد في الكل وعلى هذا كل عددي متفاوت كالإبل والبقر والعبيد والبطيخ والرمان والسفرجل.

قال في (البدائع): وكذا كل ما في تبعيضه ضرر كالمصوغ من الأواني والقلب وفي/ (المعراج) البيض كالقفزان استحساناً فإن سمي عدد الغنم والذرعان أو جملة الثمن صح اتفاقاً للعلم بتمام الثمن التزاماً في الأول ومطابقة في الثاني.

وفي (المعراج) قال الحلواني: الأصح أنه إن علم عدد الاغنام في المجلس لا ينقلب العقد صحيحاً لكن لو كان كل منهما على رضاه ينعقد البيع بالتعاطي، والعلم به بأن عزلها المشتري وذهب البائع ساكت، قيد بقوله: كل شاة بكذا لأنه لو قال: كل شاتين بعشرين وسمى الجملة مائة مثلاً كان باطلاً إجماعاً وإن وجده كما سمي لأن كل شاة لا يعرف ثمنها إلا بانضمام غيرها إليها قاله الحدادي.

وفي (الخانية) لو كان ذلك في مكيل أو موزون أو عددي متقارب جاز، وقيد العتابي المنع في الثوب بما إذا كان يضره التبعيض أما في الكرباس فينبغي أن يجوز عنده في واحد كالصبرة، (ولو سمى الكل) أي: كل المبيع والثمن (صح) البيع (في الكل) أي: المثلي والقيمي لزوال المانع، وإطلاقه يعم ما لو وقعت التسمية في صلب العقد أو بعده في المجلس وقدمنا عن (الفتح) أنه في الثاني يكون بيعاً بالتعاطي.

ص: 349

ولو نقص كيل أخذ بحصته أو فسخ، وإن زاد فللبائع

ــ

(وإن نقص كيل أخذ) المشتري الباقي (بحصته) إن شاء لأن الثمن ينقسم بالأجزاء على أجزاء المبيع المثلي مكيلاً أو موزوناً، (أو فسخ) لتفرق الصفقة الواحدة عليه وكذا الحكم في كل مكيل أو موزون ليس في تبعيضه ضرر، وخرج بهذا القيد ما لو اشترى سمكة على أنها عشرة أرطال فوجد المشتري في بطنها حجراً يزن ثلاثة أرطال فإن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء تركها فإن شواها قومت عشرة وبسبعة ورجع بحصة ما بينهما من الثمن كذا في (المحيط). وفي (الخانية): لو باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالاً فوجدها أكثر سلمت للمشتري لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف بمنزلة الذرعان في الثوب، وفيها القول للمشترى في النقصان وإن وزنه له البائع ما لم يقرأنه قبض منه المقدار.

وفي (البزازية): اتفق أهل بلدة على سعر الخبز واللحم وشاع ذلك على وجه لا يتفاوت فأعطى رجلاً ثمناً فأعطاه أقل من المتعارف إن ما أهل البلدة رجع بالنقصان من الثمن وإن من غير أهلها رجع في الخبز لا في اللحم.

واعلم أن في (البحر) قيد قوله: أخذه بحصته بما إذا لم يكن المبيع مشاهداً له فإن كان مشاهداً انتفى الغرر ولذا قال في (الخانية):اشترى سويقاً على أن البائع لته بمن من السمن وتقابضا والمشترى ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينه انتهى الغرور، وهو كما لو اشترى صابوناً على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن فظهر أنه متخذ من أقل من ذلك والمشتري ينظر على الصابون وقت الشراء وكذا لو اشترى قميصاً على أنه من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري انتهى.

وأقول: فيه نظر إذ الكلام في مبيع ينقسم أجزاء الثمن فيه على أجزاء المبيع وما في (الخانية) ليس منه لتصريحهم بأن السويق قيمي لما بين السويق والسويق من التفاوت الفاحش بسبب القلب وكذا الصابون كما في (جامع الفصولين) وأما الثوب فظاهر وعلى هذا فما سيأتي من أنه يخير في نقص القيمي بين أخذه بكل الثمن أو تركه مقيد بما إذا لم يكن مشاهداً فتدبره نعم نخيره بين الأخذ والفسخ، قيده فيها بما إذا لم يقبض المبيع أو قبض البعض فإن قبض الكل لا يخير يعني وإنما يرجع بالنقصان، وأنت خبير بأن الموجب للتخيير إنما هو تفريق الصفقة وهذا القدر ثابت فيما لو وجده بعد القبض ناقصاً إلا أن يقال: إنه بالقبض صار راضياً بذلك فتدبره.

(وإن زاد فللبائع) لأن المبيع وقع على مقدار معين ليس له جهة الوصفية فما زاد عليه لم يدخل في العقد فلا يجب رده في العقد فيكون للبائع، وقيده الزاهدي

ص: 350

ولو نقص ذراع أخذ بكل الثمن أو ترك وإن زاد فللمشتري ولا خيار للبائع ولو قال: كل ذراع بكذا ونقص أخذه بحصته أو ترك وإن زاد أخذ كله كل ذراع بكذا أو فسخ

ــ

بما لا يدخل تحت الكيلين أو الوزنين أما ما يدخل فلا يجب رده، واختلف في قدره فقيل: نصف درهم في مائة وقيل دانق في مائة لا حكم له وعن أبي يوسف دانق في عشرة كثير وقيل: ما دون عفو في الدينار وفي القفيز المعتاد في زماننا نصف من انتهى. والزيادة الحادثة بعد الكيل قبل القبض للبائع وبعده للمشتري كما لو زادت الحنظة بالبلل وفي المشار إليه إذا بيع بشرط الكيل يكون للبائع إن حدث قبل الكيل وبعده للمشتري كذا في (المحيط).

(وإذا نقص ذراع) من القدر الذي سماه (اخذ) المشتري/المبيع (بكل الثمن أو ترك وإن زاد فللمشتري ولا خيار للبائع) لأن الذرع وصف في الثوب المبيع وكل ما هو وصف في المبيع لا يقابله شيء من الثمن فالذرع في الثوب لا يقابله شيء من الثمن، أما أنه وصف فلأنه عبارة عن الطول والعرض وهما من الأعراض وأما أنه لا يقابله شيء من الثمن فلأن التوابع شأنها كذلك كأطراف الحيوان حتى أن من اشترى جارية فاعورت في يد البائع قبل التسليم لا ينقص شيء من الثمن ولو أعورت عند المشتري جاز له أن يرابح على ثمنها بلا بيان وإنما يتخير لفوات الوصف المشروط المرغوب فيه كما لو اشتراها على أنها بكر فوجدها ثيباً، وكان الزائد له كما لو باعها على أنها ثيب فوجدها بكراً قيل: هذه المسألة من أشكل المسائل إذ لقائل أن يمنع كونه وصفاً والاستدلال عليه بما مر ممنوع لأنه كما يجوز أن يقال: طويل وعريض يقال: قليل وكثير والحق أنه ليس المراد بالوصف هنا كونه صفة عرضية بل هو في الاصطلاح ما يكون تابعاً للشيء غير منفصل إذا حصل فيه يزيده حسناً وإن كان في نفسه جوهراً كذراع من ثوب فإن ثوباً هو عشره أذرع بعشرة إذا نقص منه ذراع لا يساوي تسعة ومن ثم قيل: ما تعيب بالتشقيص والزيادة والنقصان وصف وما ليس كذلك أصل، وقيل: ما لوجوده تأثير في تقوم غيره ولعدم تأثيره نقصان غيره فوصف وإلا فأصل.

قال في (الدراية): مما ظهر أثر الوصفية فيه أنه يجوز بيعه قبل ذرعه سواء اشتراه مجازفة أو شرط الذرع وأن بيع الواحد باثنين منه جائز، وأعلم أن إطلاقه يفيد أن الزيادة له ديانة أيضاً وهو قول أبي حفص الكبير وأبي الليث لكن المذكور في (فتاوى النسفي) و (آمالي) قاضي خان أنها لا تسلم له ديانة كذا في (المعراج).

(ولو قال): على أنه مائة ذراع (كل ذراع بكذا ونقص) عما سماه (أخذ) المشتري الباقي (بحصته أو ترك وإن زاد أخذ كله كل ذراع بكذا أو فسخ) لأن الوصف

ص: 351

وفسد بيع عشرة أذرع من دار لا أسهم

ــ

وإن كان تابعاً لكنه صار أصلًا بانفراده بذكر الثمن فنزل كل ذراع منزلة ثوب قيل: هذا القدر ممكن في الأولى لأنه ذكر عشرة دراهم في مقابلة عشرة أذرع ومقابلة الجملة بالجملة تقتضي انقسام الآحاد وأجيب بأن الذراع أصل من وجه لأنه من أجزاء العين وصف من وجه لأنه لا يقابله شيء من الثمن فلو جعلناه منقسماً عند ترك ذكر الذراع لزم إلغاء جهة الوصفة من كل وجه فقلنا بالوصفية عند ترك ذكره وبالأصالة عند ذكره عملاً بالشبهين.

قال في (العناية): وفيه نظر لأن قوله: من حيث أنه لا يقابله شيء من الثمن معلول للوصفية فلا يكون علة لها فالأولى أن يقال إذا لم يفرد كل ذراع بالذكر كان كون ذراع مبيع ضمناً ولا معتبر بذلك لما ذكرنا أن الوصف يصير أصلاً إذا كان مقصوداً بالتناول وخير في النقصان لتفرق الصفقة عليه وفي الزيادة لأنه وإن حصلت له الزيادة لكنه لزمته الزيادة في الثمن وفي ذلك ضرر فكان في معنى خيار الرؤية في نفي الضرر وفيه بحث من وجهين:

الأول: أن كل ذراع إن كان بمنزلة ثوب على حدة فسد البيع إذا وجد أكثر أو أقل كما لو كان العقر وارداً على أثواب عشرة وقد وجدت أحد عشر أو تسعة على ما سيأتي أن الذراع لو كان أصلاً بإفراد ذكر الثمن امتنع دخول الزيادة في العقد كما لو باع صبره على أنها عشرة أقفزة فإذا هي أحد عشر فإن الزيادة لا تدخل إلا بصفقه على حدة وأجيب عن الأول بأن الأثواب مختلفة فيكون العشرة المبيعة مجهولة جهالة تفضي إلي المنازعة والذرعان من ثوب واحد ليست كذلك.

وعن الثاني: بأن الذراع لو لم يدخل كان بائعًا بعض الثوب وفسد البيع فحكمنا بالدخول تحريًا للجواز، والقفيز الزائد ليس له كذلك (وفسد بيع عشرة أذرع من دار) أو حمام عند الإمام وقالا: يجوز إذا كانت الدار مائة ولا فرق عنده بين أن يكون من مائة ذراع أو لا في الأصح، وقصر الخصاف الفساد على ما إذا لم يبين جملة الذرعان ويرده أن محمد صورها في (الجامع الصغير) قوله من مائة ذراع من دار.

ولو تبعه المصنف لكان أولى لوجهين: الأول: إفادة الفساد فيما إذا لم يبين جملتها بالأولى، الثاني: ليصح قوله (لا أسهم) إذ الصحة مقيدة بما إذا قال: عشرة أسهم من مائة سهم من دار فإن لم يقل فسد البيع أيضاً لهما أن عشرة أذرع من مائة ذراع عشر الدار فأشبه عشرة أسهم وله أن الذراع اسم لما يزرع به واستعير لما يحله

ص: 352

وإن اشترى عدلاً على أنه عشرة أثواب فنقص أو زاد فسد ولو بين ثمن كل ثوب ونقص صح بقدره وخير، وإن زاد فسد

ــ

الذراع هو المعين دون/ المشاع فمرجع الخلاف حينئذ مؤدي التركيب فعندهما شائع وبيعه جائز اتفاقاً وعنده قدر معين والجوانب مختلفة الجودة فتقع المنازعة في تعيين العشرة تفسد فهو نظير اختلافهم في نكاح الصائبة ولو تراضياً في تعيينها في مكان لم أره، وينبغي أنه إن كان في المجلس انقلب العقد صحيحا (وإن) كان بعده بيعاً بالتعاطي واختلف المشايخ على قولهما فيما إذا لم يسم جملتها والصحيح عندهما الجواز؛ لأن هذا الجهالة بيدهما إزالتها ومن (اشترى) أي: باع (عدلًا) تعدل الشيء بكسر العين مثله من جنسه في مقداره ومنه عدل الحمل (على أنه عشرة أثواب) بأن بعتك ما في هذا العدل على أنه عشرة أثواب بمائة درهم (فنقص) منه (أو زاد) ثوب (فسد) البيع لجهالة الثمن في النقصان لأنه لا تنقسم أجزاؤه على أجزاء المبيع القيمي فلم يعلم للثوب الناقص حصة معلومة من الثمن المسمى لينقص ذلك القدر منه فكأن الناقص من الثمن قدراً مجهولاً والمبيع في فصل الزيادة لأنه يحتاج إلي رد الزائد فيتنازعان في المردود.

(ولو بين ثمن كل ثوب) بأن قال كل ثوب منه بكذا (ونقص) ثوب (صح) البيع (بقدره) أي: بما يسوى قدر الناقص لعدم الجهالة (وخير) المشتري لتفرق الصفقة عليه (وإن زاد) ثوباً (فسد) البيع لأن جهالة المبيع لا ترتفع به لوقوع المنازعة في تعين العشرة المبيعة من الأحد عشر ومن المشايخ من قال بأنه فاسد عنده في صورة النقصان أيضاً لأنه جمع بين موجود ومعدوم في صفقة فكأن قبول البيع في المعدوم شرطا لقبوله في الموجود واستدل بما في (الجامع) اشترى ثوبان على أنهما هرويان كل ثوب بعشرة فإذا أحدهما مروي فسد البيع فيهما عنده وعندهما يجوز في المروي فإذا فسد بفوات الصفقة فبفوات الأصل أولى قال السرخسي والأصح عندي عدم الفساد في النقصان قول الكل إذ لم يجعل قبول العقد في المعدوم شرطا لقبوله في الموجود بل قصد بيع الموجود إلا أنه غلط في العدد بخلاف مسألة الجامع فأنه قصد الإيجاب فيهما فجعل قبول العقد في كل منهما شرطاً لقبوله في الآخر وهو شرط فاسد وعلى هذا فجعل الشارح الفساد في النقصان رواية فيه نظر بل هو استخراج لبعض المشايخ وليس بصحيح. وفي (البزازية) و (الخلاصة) أشترى عدلًا على أنه كذا فوجده أزيد والبائع غائب يعزل الزائد ويستعمل الباقي لأنه ملكه أنتهى.

وفي (الخانية) اشترى جراباً على أن فيه عشرين ثوباً بكذا فوجده أكثر لا تسلم

ص: 353

ومن اشترى ثوبًا على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم أخذه بعشرة في عشرة ونصف بلا خيار وبتسعة في تسعة ونصف بخيار.

فصل

ــ

الزيادة للمشتري فإن غاب البائع قالوا يعزل المشتري من ذلك ثوبًا ويستعمل الباقي وهذا استحسان أخذ به محمد رحمه الله تعالي نظراً للمشتري انتهى، وقول البزازي لأنه ملكه أي بالقبض وإن كان فاسداً وهروي بفتح الراء ومروي بسكونها منسوب إلي هراة ومرو قريتان بخراسان كذا في (العناية) وفي (الفتح) مروي نسبه إلي قرية من قرى الكوفة أما النسبة إلي مرو المعروف بخراسان فقد التزموا فيها زيادة الزاي فيقال مروزي فكأنه للفرق بين القريتين.

قال في (الحواشي السعدية): وفيه كلام (ومن أشتري ثوباً) تتفاوت جوانبه (على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم أخذه بعشره في عشرة ونصف) أي: في زيادتهم نصفاً (بلا خيار وأخذه بتسعة في تسعة ونصف) أي: في نقصانه نصفاً (بخيار) عند الإمام وقال الثاني يأخذه في الأموال بأحد عشر وفي الثاني بعشرة إن شاء وقال محمد يأخذه في الأول بعشرة ونصف وفي الثاني بتسعة ونصف إن أحب لأنه قابل كل ذراع بدرهم ومن ضرورة ذلك مقابلة نصف الذراع بنصف الدراهم ولأبي يوسف أنه بإفراد الثمن صار كل ذراع كثوب على حدة والثوب إذا بيع على أنه كذا ذراعا لا فنقص ذراع يسقط شيء من الثمن وخير على القولين لأن الزيادة نفعاً يشوبه ضرر بزيادة الثمن عليه وفي النقصان فوات وصف مرغوب فيه ولأبي حنيفة أن الذراع وصف مرغوب فيه في الأصل وإنما أخذ حكم الأصل بالشرط وهو مقيد بالذراع ونصفه ليس ذراعاً فكان الشرط معدوماً وحينئذ فلا وجه لثبوت الخيار مع الزيادة إذا لم يلحقه ضرر في مقابلة الزائد بل نفع خالص كما اشتراه معيباً فوجده سالماً وخير في النقصان لتفرق الصفقة.

قال في (الفتح): ثم من الشارحين من اختار محمد وفي (الذخيرة) قول الإمام أصح قيدنا بتفاوت/جوانبه لأنها لو لم تتفاوت كالكرباس لا تسلم له الزيادة لأنها بمنزلة الموزون حيث لا يضره النقصان وعلى هذا قالوا: يجوز بيع ذراع منه والله الموفق.

فصل

لما ذكر ما ينعقد به وما لا ينعقد ذكر ما يدخل فيه مما لم يسم وما لا يدخل، واستتبع ما يخرج بالاستثناء، أعلم أن مسائل هذا الفصل مبنية على قاعدتين: إحداهما أن كل ما هو متناول أسم البيع عرفاً يدخل في البيع وإن لم يذكر صريحاً،

ص: 354

يدخل البناء والمفاتيح في بيع الدار، والشجر في بيع الأرض

ــ

الثانية أن كل ما كان متصلاً بالمبيع إيصال قرار وهو ما وضع لا لأن يفصله البشر كان تابعًا له في الدخول وما لا فلا وهو ما وضع لأن يفصله البشر، كذا في (العناية) وبقي ما لا يكون من القسمين إن كان من حقوق للبيع ومرافقة دخل في البيع بذكر وإلا فلا (يدخل البناء) والسلم المتصل به وحجر الرحى الأسفل، أي المبني في الدار والأعلى استحسانًا.

قال في (الفتح): هذا في عرفهم أما في عرف مصر فلا تدخل رحى اليد لأنه بحجرها ينتقل ويحول والبئر وبكرتها لا الدلو والحبل إلا إذا قال بمرافقها، وكذا البستان ولو كبيراً إذا كان فيها لا إن كان خارجها ولو كان له باب منها قاله: أبو سليمان وقال أبو جعفر: إن كان مفتحه من الدار يدخل إن كان أصغر منها لا إن كان، أكبر أو مساوياً قيل يحكم العرف، ولذا يدخل في بيع الحمام القدور دون القصاع، وأما قدور القصارين وأجاجين الغسالين وخوابي الزياتين ودنانهم فلا تدخل وإن قال بحقوقها وينبغي أن تدخل كما إذا قال بمرافقها، كذا في (الفتح) ويدخل الغلق والمركب (والمفاتيح) بخلاف غير المركب، ويدخل أيضاً ثياب الغلام والجارية أي كسوة مثلهما وبردعة الحمار والأكاف وإن لم يكن موكفاً هو المختار، كما في (الظهيرية) لكن لا يتعين ذلك الأكاف بعينه كثوب العبد وقال أبن الفضل: لا يدخل الأكاف بلا شرط، قال في (الخانية): وهو الظاهر.

وفي (القاموس) أكاف الحمار ككتاب وغراب بردعته وفي العين منه البردعة الحلس تحت الرحل وبلا لام وقد تسقط دالة، قال في (البحر): فعلى هذا الأكاف الرحل والبردعة ما تحته ولكن في العرف الأكاف خشب فوق البردعة، ولو باع فرساً وعليه سج قيل لا يدخل إلا بالتنصيص، وبه جزم الشارح ولم يحك خلافاً في دخول الأكاف للحمار وكأن الفارق العرف واختلف فيما لو باع أتاناً لها جحش أو بقرة لها عجل قيل يدخلان وقيل لا، وقال الشارح: إن ذهب بهما مع الأم إلي موضع البيع دخلا وإلا لا.

أقول: وينبغي أن يكون شقي هذا القول محل القولين (والشجر في بيع الأرض) لأنه متصل بها اتصال قرار فأشبه ولم يفصل تبعًا لمحمد بين المثمرة وغير المثمرة، ولا بين الصغيرة والكبيرة وهو الحق خلافاً لما يقوله بعض المشايخ من عدم دخول الصغيرة وغير المثمرة، نعم لا تدخل اليابسة لأنها على شرف القطع.

وفي (الخانية) الأشجار الصغيرة التي تقلع من البيع تباع، إن كانت تقلع من أصلها تدخل وإن من وجه الأرض لا تدخل إلا بالشرط كالثمر الذي على رؤوسها،

ص: 355

بلا ذكر ولا يدخل الزرع في بيع الأرض بلا تسمية

ــ

وفي (الظهيرية) يجوز شراء الشجرة بشرط القطع وبشرط القلع فيه اختلاف المشايخ والصحيح الجواز انتهى، ولم يبين أنه اشتراها للقطع وللقرار، قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يملك أرضها وأدخل محمد ما تحتها بقدر غلظ ساقها وقيل بقدر ظلها عند الزوال، وقيل: بقدر عروقها العظام وهو رواية عن الإمام، وفي (الصغرى) وغيرها وهو المختار، وأجمعوا أنهل واشتراها للقطع لم يدخل ما تحتها.

قال في (الفتح): ولو شرط قدراً فعلى ما شرط انتهى. وينبغي أن يكون إجماعاً ولا يدخل الشرب والطريق في بيع الأرض والدار إلا بذكر الحنوت، وكذا في الإقرار والصلح والوصية ويدخلان في الإجارة والرهن والوقف والقسمة، كذا في (الفتح) وجعل في (المحيط) الصدقة كالوقف ولم أر ما لو أقر بوديعة أرض وباستعارتها (بلا ذكر) قيد في المسألتين وعرف منه الدخول مع الذكر بالأولى، وأعلم أن كل ما دخل تبعاً لا يقابله شيء من الثمن.

ولذا قال في (القنية): اشترى داراً فذهب بناؤها لم يسقط شيء من الثمن إلا بالتسمية وإن استحق أخذ الدار بالحصة، ومنهم من سوي بينهما بخلاف صوف الشاة لا يؤخذ قسطاً من الثمن إلا بالتسمية أنتهى. والظاهر أنه لا يؤخذ بأخذ قسط في الكل إلا بالتسوية بدليل ما جزموا به في ثياب العبد من أنه لو استحق شيء منها لم يرجع على البائع شيء، كما في (الشرح) وغيره.

وفي (الكافي) له أرض بيضاء ولآخر فيها نخل فباعها رب الأرض بإذن الآخر هي بالألف/وقيمة كل واحد خمسمائة فالثمن بينهما نصفان، فإن هلك النخل قبل القبض بآفة سماوية خير المشترى بين التركة وأخذ الأرض بكل الثمن لأن النخل كالوصف، فلهذا لا يسقط شيء من الثمن.

قال في (البحر): مسألة (الكافي) مقيدة بما إذا لم يفصل ثمن كل فإن فصل سقط النخل بهلاكه، كما صرح به في (تلخيص الجامع).

وأقول: توجيه ما في (الكافي) أن النخل ليس وصفاً من كل وجه بل هو أصل من وجه فانقسم الثمن عليهما وصف من وجه فلم يظهر بهلاكه نقض الثمن، وإذا فصل الثمن كان الوصف أصلاً كما مر في الذراع والكلام فيما هو باق على الوصفية فلا تقييد ولا خصوصية للنخل بل كل ما دخل تبعاً لكونه كالوصف إذا جعل له ثمناً على حدة بقي أصلاً، (ولا يدخل الذرع في بيع الأرض بلا تسمية) لأنه متصل به للفصل من الآدمي فاندفع ما أورد من أن حمل الجارية يدخل مع متصل للفصل وإطلاقه يعم ما أذا يثبت لأنه حينئذ يمكن أخده بالغربال، وما إذا عفن.

ص: 356

ولا الثمر في بيع الشجر إلا بالشرط

ــ

واختار الفضيلي وتبعه في (الذخيرة) أنه حينئذ يكون للمشتري لأنه لا يجوز بيعه على الانفراد، وبإطلاق أخذ أبو الليث ولو نبت ولم تصر له قيمة، قال الصفار: لا يدخل والإسكاف يدخل وهو الصواب، نص عليه القدوري والإسبيجابي، كذا في (التجنيس).

قال في (الهداية): وكان هذا بناء على الاختلاف وفي جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل يعني، فمن منع البيع قال: إنه يدخل ومن جوزه قال لا يدخل، وفي (السراج) لو باعد بعد مانبت ولم تنله المشافر والمناجل ففيه روايتان، والصحيح أنه لا يدخل إلا بالتسمية ومنشأ الخلاف هل يجوز بيعه أو لا؟ الصحيح الجواز، قال في (البحر): هذا من باب التلفيق إذ القائل بعدم الجواز قائل بعدم الجواز وعكسه فيهما، وصحح في (المحيط) دخول الزرع قبل النبات.

وأقول: هذا سهو ظاهر بل لقائل بعدم الدخول قائل بالجواز كما قد علمت لأنه حينئذ لم يجعله تابعاً، ومن قال بالدخول جعله تابعاً (ولا) يدخل (الثمر) بمثلثة الحمل الذي يخرجه الشجر وإن لم يؤكل، فيقال ثمر الأراك والعوسج والعنب، وقيل: ما لا نفع فيه ليس له ثمر، كذا في (المصباح) وفي (الفتح) يدخل في الثمرة الوردة والياسمين ونحوهما من المشمومات (في بيع الشجر إلا بالشرط) لما رواه محمد في شفعة (الأصل) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من اشترى أرضًا فيها نخل فالثمرة للبائع) إلا أن يشترط المبتاع من غير فصل بين المؤبر وغيره، ولا فرق بين أن يكون له قيمة أو لا في الصحيح لأن بيعه يجوز في أصح الروايتين، كذا في (الهداية) وخص دخول الثمر بالشرط وإن لم يكن قيدًا لأن قوله: بعتك الشجر وثمره كذلك اتباعًا للحديث الذي سمعته وكيفية أن هذا الشرط غير مفسد للعقد، وهذا أولى مما في (البحر).

إنما أفرد كل واحد منهما لاختلاف المبيع هذا ويقوم مقام التسمية والشرط مما لو قال بقل قليل وكثير هو له فيها، ومنها إلا أن يبينه بقوله من حقوقها أو مرافقها لأن الحق يذكر عادة لما هو بيع لابد للمبيع منه كالطريق والشرب والمرافق ما يرتفق به وهو مختص بالتوابع كمسيل الماء، كذا في (العناية).

وعبارته في (المجتبي) كمسيل الماء والشرب وقوله: كل قليل وكثير مبالغة في حق التابع في المبيع وبما هو متصل به وقوله أو منها تفسير لقوله فيها كذا في (المحيط)، وهذا يفيد أن أحدهما كاف لإدخال الطريق والشرب، وأعلم البائع لو

ص: 357

ويقال للبائع: اقطعها وسلم المبيع

ــ

أكل الثمرة مع الشرط أسقطت حصتها من الثمن ثم يثبت الخيار للمشتري في الأصح لتفرق الصفقة عليه عند الإمام.

ولو أشترى شاة بعشرة فولدت ولدًا يساوي خمسة فأكله البائع قال الإمام: تلزمه الشاة بخمسة، قال في (الفتح): والفرق غير خاف وكأنه لأن الصفقة مع الشاة لم تتفرق وإنما استهلك البائع زيادة المبيع، وفي (القنية) اشترى أرضاً مع الزرع وأدرك الزرع في مدة ثم تقابلا لا تجوز الإقالة، لأن العقد إنما ورد على القصيل دون الحنطة، ولو حصد المشتري الزرع ثم تقايلا صحت الإقالة في حصتها من الثمن.

ولو اشتري أرضاً فيها أشجار فقطعها ثم تقايلا صحت الإقالة بجميع الثمن، ولا شيء للبائع من قيمة الأشجار وتسلم الأشجار للمشتري، هذا إذا علم البائع بقطع الأشجار، وإن لم يعلم به وقت الإقالة يخير إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك.

تتمة: يدخل الزرع والثمر في رهن الأرض والشجر بلا ذكر، كما في رهن (الخانية)، وفي (البزازية) أقر بأرض عليها شجر أو زرع دخل في الإقرار ولو برهن قبل القضاء أو بعده أن الزرع/صدق المقر ولا يصدق في الشجر وفي (الإسعاف) قال: أرضي: هذه صدقة موقوفة بحقوقها وجميع ما فيها ومنها وعلى الشجرة ثمرة قائمة يوم الوقف قال هلال: في القياس تكون الثمرة له، وفي الاستحسان يلزمه التصديق على الفقراء على وجه البذر، وما يحدث بعده يصرف في الوجوه التي سماها لكونه غلة الوقف، وكذا الناطفي رجل قال: جعلت أرضي هذه وقفاً على الفقراء ولم يقل بحقوقها يدخل البناء والشجر الذي فيها تبعًا، ولا يدخل الزرع النابت فيها، ولو زاد بحقوقها تدخل الثمرة القائمة في الوقف وهذا أولى خصوصاً إن أراد بجميع ما فيها، ومنها الوصية كالبيع، كما في (السراج) وغيره.

(ويقال للبائع: اقطعها وسلم المبيع) لأن ملك المشتري مشغول ملك البائع فكان عليه تعريفه وتسليمه، واكتفي بذكر القطع في الثمن لأن الحكم إذا علم فيه علم في الزرع أيضاً إذ لا فرق بينهما، وقوله في (البحر): أراد بالمبيع الأرض والشجر لا يلائم اقطعها وأشار بقوله: وسلم المبيع أنه لا يؤمر بالقطع إلا عند وجوب المبيع فإذا لم ينعقد الثمن لا يؤمر به.

وفي (جامع الفصولين) باع أرضًا بدون الزرع فهو للبائع بأجر مثلها واستشكله بأن يجب على البائع قطعه وتسليمه الأرض فارغة، وجوابه أنه محمول على ما إذا

ص: 358

ومن باع ثمرة بدا صلاحها أولًا صح ويقطعها المشتري

ــ

كان برضى المشتري، (ومن باع ثمرة بدا صلاحها) بأن أمنت العاهة والفساد (أو لا) بأن ينتفع بها في أكل وعلف وقد ظهرت، وهذا القيد لابد منه ليصح قوله (صح)، إذ لا خلاف في عدم جواز بيعها قبل أن يظهر وقد يؤخذ هذا القيد من قوله ثمرة لأنها قبل الظهور لا تسمي بذلك، واختلف فيما إذا ظهر البعض وظاهر المذهب أنه لا يجوز أيضًا. وأفتى ابن الفضل والحلواني بالجواز ويجعل المعدوم تبعًا، وقيل: إذا لم ينتفع بها لا يصح بيعها، وجعله قاضي خان قول المشايخ، والأصح هو الجواز لأنه ينتفع بها لا يصح بيعها، وجعله قاضي خان قول المشايخ، والأصح هو الجواز لأنه ينتفع بها في ثاني الحال، وإله أشار محمد في العشر حيث قال: لو باع الثمار أول ما تطلع وتركها بإذن البائع حتى أدركت فالعشر على المشتري، ولو لم يكن جائزاً لم يوجب فيه العشر عليه.

قال في (الفتح): وصحة البيع على هذا التقدير بناء على التعويل على إذن البائع وإلا فلا انتفاع له مطلقاً فلا يجوز بيعه أنتهى. وحاصلة أن الاستدلال بتلك الإشارة لا يتم لأن المدعي عام وهي في خاص، لكن قد علم من دلالة الإتقان على جواز بيع المهر والجحش جواز بيع الثمار التي لا ينتفع بها الآن، فذكر محمد الترك بإذن البائع في التصوير إنما هو لوجوب العشر لا لوجوب البيع (ويقطعها المشتري) أي: يجبر على قطعها تفريقًا لملك البائع، يعني إن اشتراها مطلقًا أو بشرط القطع على البائع فسد، كما في (الحاوي).

ولو تركها بإذن البائع طاب له الفضل وهو ما زاد في ذات المبيع وإن بغير إذنه فإن لم يتناه عظمها تصدق به لا إن تناهى، ولو استأجر النخيل إلي وقت الإدراك طاب له أيضًا بخلاف ما اشترى الزرع واستأجر الأرض إلي أن تدرك حيث لا يطيب له، والفرق أن الإجارة في الأول باطلة والباطل لا وجود له فلم يوجد إلا الإذن، وفي الثاني فاسدة والفاسد له وجود فكان ثابتاً في ضمن عقد فاسد فأورث خبثاً، ولو اشتراها مطلقًا عن القطع وأثمرت ثمرة أخرى فإن كان قبل القبض، أي قبل تخليه البائع بين المشتري والثمار فسد البيع، فإن كان بعده لم يفسد ويشتركان والقول للمشتري في مقدار الزائد مع يمينه، وكذا في الباذنجان والبطيخ فإن قلت: قدمت أن الترك إن كان بإذن البائع يطيب له الفضل وإلا تصدق بالفضل فمتى يشتركان؟ قلت: معني الأول أن الزيادة إنما وقعت في ذات المبيع كما مر، ومعنى الثانية أن العين الزائدة لم يقع عليها بيع وإنما حدثت بعده، وقد خفي هذا على بعض طلبة الدرس إلي أن بينته له كذلك والله الموفق.

والحيلة في كون الحارث للمشتري أن يشتري أصول الباذنجان والبطيخ

ص: 359

وإن شرط تركها على النخل فسد ولو استثنى منها أرطالًا معلومة صح

ــ

والرطبة ليكون الحارث على ملكه، وفي الزرع والحشيش يشتري الموجود ببعض الثمار ويستأجر الأرض مدة معلومة يعلم فيها الإدراك وانقضاء الغرض فيها بباقي الثمن، وفي ثمار الأشجار يشتري الموجود ويحل له البائع ما يوجد، فإن خاف أن يرجع يقول: على أنه متى رجع في الإذن كان مأذونًا في الترك قاله الفقيه أبو الليث.

(وإن شرط تركها على النخيل فسد) البيع سواء تناهي عظمها أو لا ولا خلاف في الثاني، وفي الأول خلاف محمد جوزه استحساناً قيل: والثاني معه وجه قولهما في الصورتين أنه شرط لا يقتضيه العقد وهو شغل ملك الغير أو هو صفقة/في صفقة لأنه إن شرط بلا أجرة فشرط إعارة في البيع أو بأجرة هي حصته من الثمن فشرط إجارة فيه، ومثل هذا بيع الزرع بشرط الترك، كذا قالوا: وفيه تأمل لأن إعارة الأشجار وإجاراتها غير جائزة نعم هو مستقيم في بيع الزرع بشرط الترك، كذا في (العناية) تبعاً لما في (النهاية).

وأجاب في (البحر) بأنه صفقة فاسدة في صحيحة ففسدت جميعاً انتهى، وأنت قد علمت أن إجارة النخل باطلة، وفي (الحواشي السعدية) ينبغي أن تجوز الإعارة ويدل عليه ما نقله العلامة السكاكي عن (الجامع الأصغر) انتهى.

أقول: وبه صرح في (جامع الفصولين) حيث قال: باع شجرًا عليه ثمر أو كرمًا عليه عنب لا يدخل الثمر، فلو أستأجر الشجر من المشتري ليترك عليه الثمر لم يجز ولكن يعار إلي الإدراك فلو أبى المشتري يخير البائع إن شاء وأبطل البيع أو قطع الثمر انتهى، فلا فرق يظهر بين المشتري والبائع، ووجه قول محمد في الأول أنهم تعارفوا ذلك فيه فكان شرطاً يقتضيه العقد، وجعل في (الأسرار) الفتوى على قوله، وفي (التحفة) الصحيح قولهما.

(ولو استثنى منها) أي: من الثمرة المبيعة ولو مجذوذة (أرطالًا معلومة) أو رطلًا (صح) البيع في قياس ظاهر الرواية لأن كل ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده جاز استثناؤه وما لا فلا، وروى الحسن عن الإمام أنه لا يجوز، واختاره الطحاوي والقدوري لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول بخلاف ما لو استثنى نخلاً معيناً لأنه معلوم بالمشاهدة، والجهالة لا تفضي إلي المنازعة إذ المبيع معلوم بالإشارة وجواز قدره لا تمنع الجواز.

قال في (الفتح): وعدم الجواز فليس بمذهب الإمام في مسألة بيع صبرة طعام لا فقير بدرهم، فإن أفسد البيع لجهالة قدر المبيع وقت العقد وهو لازم في استثناء أرطال معلومة على الأشجار وليس كل ما لا يفضي إليها يصح معها، بل لابد في

ص: 360

كبيع بر في سنبله وباقلي في قشره وأجرة الكيل على البائع وأجرة نقد الثمن ووزنه على المشتري

ــ

الصحة من كون المبيع على حدود الشرع، ألا ترى أن المتبايعين قد يتراضيان على شرط لا يقتضيه العقد وعلى البيع بأجل مجهول ولا يعتبر ذلك مصححاً انتهى.

وأقول: يمكن أن يجاب عنه بما قدمناه من أن الفساد عنده في بيع الصبرة بناء على جهالة الثمن إذ المبيع معلوم بالإشارة وفيها لا يحتاج إلي معرفة القدرة والثمن فيما نحن فيه معلوم (كبيع) أي: كما يجوز بيع (بر في سنبله، وباقلا في قشره) لأنه مال منتفع به، وإنما امتنع بيعه بمثله من سنبل الحنطة لاحتمال الربا، وإنما لا يجوز بيع ما في هذا القطن من الحب وما في هذا الثمر من النوى لأن كلاً منهما معدوم عرفًا، إذ لا يقال: هذا نوى في ثمرة ولا حب في قطنة ويقال: حنطة في سنبلها وبه عرف امتناع بيع اللبن في الضرع، واللحم في الشاة، والزيت في الزيتون، والعصير في العنب، ونحو ذلك.

قال في (الفتح): واعلم أن الفتح يقتضي ثبوت الخيار للمشتري بعد الاستخراج في ذلك كله لأنه لم يره انتهى. يعني فيما صح بيعه (وأجرة الكيل) والوزن والعد رد الزرع (على البائع) لأن عليه التسليم وهذا من تمامه، قال: لو اشترى حنطة في سنبلها فعلى البائع تخليصها بالدرس والتذرية ودفعها إلي المشتري هو المختار، والتبن للبائع، فلو اشترى ثيابًا في جراب ففتح الجراب على البائع، وإخراج الثياب على المشتري قيد بالكيل لأن صب الحنطة في الوعاء على المشتري إلا إذا كان العرف بخلاف ما لو اشترى ماء في قربة فإن صبه يكون على البائع كما في (الخانية).

وفي (المجتبي) لو اشترى وقر حطب في المصر فالحمل على البائع، وفي (الخلاصة) إخراج الطعام من السفينة، وكذا قطع العنب المشترى جزافًا وكل شيء باعه جزافاً كالثوم والبصل والجزر إذا خلى بينهما وبين المشتري، وكذا قطع الثمر على المشتري (وأجرة نقد الثمن ووزنه على المشتري)، أما كون أجرة النقد عليه فهو رواية ابن سماعة عن محمد وهو ظاهر الرواية كما في (الخانية)، وبه كان يفتي الشهيد وهو الصحيح كما في (الخلاصة) لأنه يحتاج إلي تسليم الجيد وتعرفه بالنقد كما يعرفه المقدار بالوزن، ولا فرق بين أن يكون دراهم منقودة أو لا هو الصحيح خلافًا لمن فصل، كذا في (الخانية)،وروى أن يكون دراهم منقودة أو لا هو الصحيح خلافاً لمن فصل، كذا في (الخانية)، ورورى ابن رستم عن محمد أنه على البائع، وفي كلامه إيماء إلي أن أجرة نقد الدين على المديون وهو مروي عن محمد إلا إذا قبضه ثم جاء يرده بعيب الزيافة فإنه يكون على رب الدين كما في الثمن وهذا ينبغي أن يكون في الثمن بالإجماع.

ص: 361