المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الغنائم وقسمتها - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌باب الغنائم وقسمتها

‌باب الغنائم وقسمتها

ما فتح الإمام عنوة قسم بيننا أو أقر أهلها ووضع الجزية والخراج.

ــ

باب الغنائم وقسمتها

لما ذكر القتال وما يسقطه شرع في بيان ما يحصل به. قال في (القاموس): المغنم والغنيم والغنيمة والغنم بالضم الفيء وغنم بالكسر غنما بالكسر والفتح وبالتحريك وغنيمة وغنمانا بالضم الفوز بالشيء بلا مشقة (ما فتح الإمام عنوة) أي: قهرا كذا في (الهداية) واتفق الشارحون على أن هذا ليس تفسيرا له لغة لأنها من عنى يعنو عنوا ذل وخضع وهو لازم وقهرا متعد.

قال في (الفتح): وإنما المعنى فتح بلدة حال كون أهلها ذوي عنوة أي: ذل وذلك يستلزم قهر المسلمين لهم وفيه وضع المصدر موضع الحال وهو غير المطرد إلا في ألفاظ اشتهرت وإطلاق اللازم وإرادة الملزوم في غير التعاريف بل ذلك في الإخبارات، والوجه أنه مجاز فإن عنوة اشتهر في نفس القهر عند الفقهاء فجاز استعماله فيه تعريفا انتهى.

ونقل في (البحر) عن (القاموس) أن العنوة القهر وبه اندفع ما في شروح (الهداية) وأنت خبير بأن هذا لا يصلح دافعا إلا إذا كان معنى له حقيقيا لا مجازيا وليس في (القاموس) ما يعينه وهذا لأن صاحب (القاموس) لايميز بين الحقيقي والمجازي كما قال بعضهم بل يذكر المعاني جملة، (قسم بيننا) معاشر الغانمين إن شاء بعد إخراج الخمس اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في خيبر، ولو كان فيما أصابوه مصحفا فيه شيء من كتب اليهود والنصاري لا يدرى أفيه شيء من الكتب السماوية أو كفر لا يدخله الإمام الغنيمة للقسمة مخافة أن يقع في سهم رجل فيبيعه من المشركين وذلك مكروه، ولا ينبغي أن يحرق مخافة أن يكون فيه شيء من أسماء الله تعالى.

قالوا: وتصير هذه المسألة رواية عن الأصحاب في المصحف إذا خلق بحيث لا يقرأ فيه أن لا يحرق بالنار، وإذا كره إحراقه ينظر إن كان لورقه قيمة وينتفع به بعد المحو بالغسل بأن كان مكتوبا على جلد مدبوغ أو ما أشبه ذلك فإنه يمحى ويجعل الورق في الغنيمة وإلا يغسل ويدفن وهو على كل حال إن كان لا يتوهم وصول الكفرة إليه يدفن وإن توهم لا يدفن كذا في (التاتارخانية) (أو أقر أهلها) أي: من عليهم برقابهم وأرضهم وأموالهم (ووضع الجزية) على رؤوسهم (والخراج) على

ص: 210

وقتل الأسرى أو استرق أو ترك أحرارا ذمة لنا وحرم ردهم إلى دار الحرب والفداء.

ــ

أراضيهم اقتداء بفعل عمر رضي الله تعالى عنه في سواد العراق بمحضر من الصحابة من غير نكير.

قيل: والأول أولى إذا كان بالمسلمين حاجة، والثاني عند عدمها، قيد بالأراضي لأن المن عليهم بالمنقول المجرد لا يجوز لعدم الورود بخلاف ما إذا كان تبعا للأرض وأما المن عليهم برقابهم وأرضهم فقط فمكروه إلا أن يدفع إليهم من المال ما يتمكنون به من إقامة العمل والنفقة / على أنفسهم وأراضيهم إلى أن يخرج [323/أ] الغلال وإلا فهو تكليف بما لا يطاق، (وقتل) الإمام (الأسرى) أي: إن لم يسلموا إن شاء جمع أسير وهو الأخيذ والمقيد والمسجون ويجمع على أسارى أيضا كما في (القاموس)، وقد صح (أنه عليه الصلاة والسلام قتل مقاتلي بني قريظة واسترق دراريهم) (أو استرق) أي: جعلهم أرقاء دفعا لشرهم مع انتفاع المسلمين بهم، قيد بالإمام لأن الغازي ليس له أن يقتل أسيرا إذ قد يرى الإمام المصلحة في استرقاقه فليس له أن يفتات عليه فلو قتله بلا ملجئ إلى قتله بأن خاف من شره عزر إذا وقع على خلاف رأيه غير أنه لا يضمن شيئا، (أو ترك) الأسارى (أحرارا ذمة لنا) أي: أهل ذمة لنا بأن يضع عليهم الجزية والخراج لما مر من فعل عمر بالسواد إلا مشركي العرب والمرتدين فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف على ما سيأتي.

(وحرم ردهم) أي: الأسارى (إلى دار الحرب) لأنهم يعودون حربا علينا، (والفداء) مصدر أفداه استنقذه والفدية المال والمفاداة بين اثنين يقال فاداه إذا أطلقه وأخذ فرسه وعن المبرد والمفاداة أن تدفع رجلا وتأخذ رجلا والفداء أن تشتريه وقيل: هما بمعنى كذا في (المغرب) أطلقه فعم ما لو دفع أسيرا كافرا ولو شيخا لا يحل لاستنقاذ أسير مسلم وهذا هو إحدى الروايتين عن الإمام وعنه أنه يجوز وبه قالا غير أن أبا يوسف يجوزه قبل القسمة لا بعدها ومحمد يجوزه بكل حال، ووجه الأولى أن فيه معاونة الكفرة لأنه يعود حربا علينا ودفع شر حربهم خير من استنقاذه لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه فقط والضرر بدفع أسيرهم يعود على جماعة المسلمين وبالرواية الثانية قال العامة.

وفي (الدراية) عن (السير الكبير) أنها أظهر الروايتين عن الإمام إذ تخلص المسلم أولى من قتل الكافر لأنها أظهر للانتفاع به لأن حرمته عظيمة وما ذكر من الضرر الذي يعود إلينا بدفعه ظاهر في المسلم الذي يتخلص منهم لأنه ضرر واحد

ص: 211

والمن وعقر مواش شق إخراجها فتذبح وتحرق.

ــ

فيقوم بدفعه مثله فيتكافأان ثم يبقى فضيلة تخليص المسلم وتمكينه من عبادة الله تعالى كما ينبغي زيادة ترجح، ثم قد ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام كما في مسلم وابي داود والترمذي (أنه عليه الصلاة والسلام فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين) ولا خلاف أن المفاداة بالنساء لا تجوز.

وقالوا: لو أسلم الأسير في أيدينا لا يفادى بمسلم أسير لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه به وكان مأمونا على إسلامه وما لو أخذ الإمام في مقابلته مالا في المشهور من المذهب وفي (السير الكبير) لا باس به إذا كان بالمسلمين حاجة وهذا ظاهر في عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل وضع الحرب أوزارها أو بعده، (و) حرم أيضا (المن) وهو إطلاقهم مجانا بغير شيء قاله العيني يعني إلى دار الحرب كما في (الفتح). وفي (النهاية) و (الغاية) و (الدراية) وهو الإنعام عليهم بتركهم مجانا من غير قتل ولا استرقاق ولا ذمة وادعى في (البحر) عدم صحة إرادة الأول هنا لأنه عين قوله وحرم ردهم.

وأقول: الظاهر أن مؤدى العبارتين واحد وذلك أن قوله: بغير شيء أي: بغير قتل ولا استرقاق ولا ذمة وإن ردهم إلى دارهم هو إرسالهم إليها وهذا كما ترى مغاير لمطلق إطلاقهم بغير شيء فتدبره ثم رأيته في (إيضاح الإصلاح) قال: المن أن يطلقهم مجانا سواء كان الإطلاق بعد إسلامهم أو قبله أشير إلى ذلك في التعليل المذكور في (الهداية) يريد قوله: ولأنه بالأسر ثبت حق الاسترقاق فيه فلا يجوز إسقاطه بغير منفعة ثم قال: وقد علم من نفي المن والفداء نفي ردهم إلى دارهم بطريق الدلالة فلا حاجة إلى ذكره انتهى.

(و) حرم أيضا (عقر مواش شق إخراجها) من إبل وبقر وغنم أي: قطع قوائمها لأنه مثله (فتذبح) لأن ذبحها لغرض صحيح جائز وهو هنا كسر شوكة الأعداء أو إعدامهم هذه المنفعة المرغوب فيها (وتحرق) بعده قطعا لمادة الانتفاع ولم تحرق ابتداء لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يعذب بالنار إلا رب النار) ومن ثم قلنا: إن الأسلحة ونحوها تحرق بالنار ابتداء وما لا يحرق منها يدفن في موضع لا يقفون عليه، وفي [323/ب](التتارخانية) / مات نساء مسلمات في دار الحرب وهم يطؤون الأموات وسعنا حرقهن وفي (المحيط) لو وجد المسلمون حية أو عقربا في دار الحرب لا يقتلونها بل ينزعون ذنب العقرب وأنياب الحية.

ص: 212

وقسمة الغنيمة في دارهم لا الإيداع.

ــ

(و) حرم أيضا (قسمة الغنيمة في دارهم) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الغنائم في دار الحرب (خانية) والقسمة بيع معنى ولأنها تعتمد الملك ولا ملك قبل الإحراز بدار الإسلام عندنا ولذا قلنا: إن الرد قبله ويشارك العسكر ولا يثبت نسب ولد أمة من السبي ويجب عقرها ويقسم الكل ولا ضمان على من أتلف منها شيئا ولا يورث نصيب من مات قبله وفي (البدائع) ما يخالفه حيث قال: وأما بعد الإحراز بدار الإسلام قبل القسمة فيثبت الملك ويتأكد الحق ويتقرر فيجوز القسمة ويجوز فيه الإرث ويضمن المتلف إلا أنه لو أعتق واحد من الغانمين عبدا لا ينفذ إعتاقه استحسانا، لأن نفاذه يتوقف على الملك الخاص ولا يتحقق ذلك إلا بالقسمة فأما الموجود قبل القسمة فملك عام أو حق متأكد وأنه لا يحتمل الإعتاق لكنه يحتمل الإرث والقسمة ويكفي لإيجاب الضمان وانقطاع شركة الردء ونحو ذلك، ولذلك لو استولد جارية من الغنم وادعى الولد لا تصير أم ولد له استحسانا لما قلنا انتهى.

وفي (المحيط) لو وطئ الإمام جارية لا يحد ويؤخذ منه العقر إن وطئها في دار الإسلام دون دار الحرب انتهى وهذا يخالف إطلاق ما مر قبل وهو الظاهر لأن الوطء في دار الحرب لا يوجب شيئا فلو قسمت الغنيمة على الرايات أو العرف فوقعت جارية بين أهل راية صح عتق أحد لها واستيلاده إن قلوا لا إن كثروا، والقليل مائة وقيل: أربعون قال السرخسي: والأولى أن يوكل إلى اجتهاد الإمام، ثم الحرمة مقيدة بأن لا تكون القسمة عن اجتهاد أو لحاجة فإن كانت لأحدهما لا تحرم، ولو عبر بلا تصح لكان أولى لما استقر من أنه لا يلزم من حرمتها نفي الصحة والواقع أنها لا تصح أيضا.

و (لا) تحرم قسمتها بين الغانمين (للإيداع) بأن لم يجد ما يحملها عليه فإن أبوا أجبرهم على ذلك بأجر المثل في رواية وفي أخرى لا يجوز ثم إذا لم يجبروا ولم يجد على الرواية الأولى ما يستأجره إن كان بحال لو قسمها يقدر كل واحد على حمله قسم بينهم، وإن كانوا لا يقدرون ولا يجدون الدواب بالأجرة مشى السبايا إلى دار الإسلام وإن لم يطيقوه قتل الرجال منهم، وأما النساء والصبيان والشيوخ فيتركون في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعا وعطشا ولا يتركون في ارض عامرة، وكذا قالوا: لو وجدوا حية في رحالهم إن أمكنهم نزع أنيابها فعلوا ذلك قطعا للضرر ولا يقتلوها لأن فيه قطع نسلها ومنفعة للكفار، ولو وجدوا عقربا نزعوا ذنبها وأبقوها كذا في (التتارخانية).

ونقل في (الفتح) الترك في ارض خربة عن (الولوالجية) ثم قال: وهو بعيد لأنه

ص: 213

وبيعها قبلها وشرك الردء والمدد فيها لا السوقي بلا قتال ولا من مات فيها وبعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه.

ــ

قتل بما هو أشد من القتل المنهي عنه اللهم إلا أن يضطروا إلى ذلك بسبب عدم الحمل والجبر فيتركوا ضرورة وتعجب منه في (البحر) بأن الولوالجي صرح بأن يفعل ذلك عند عدم إمكان الإخراج لا مطلقا انتهى، وفي (السير الكبير) أراد أمير العسكر أن يرسل رسولا من دار الحرب إلى دار الإسلام بشيء من أموال المسلمين ولم يقدر الرسول أن يخرج إلا فارسا ولبعض العسكر فضل فرس فلا بأس بأخذ فرسه على كره منه انتهى.

(و) حرم أيضا (بيعها) أي: الغنائم (قبلها) أي: قبل القسمة للنهي عن ذلك ولأنه قبل الإحراز لم يملكه وبعده مجهول (وشرك) مخففا أي: اشترك ومشددا أي: شرك الإمام (الردء) بكسر الراء وسكون الدال بعدها همزة أي: المعين (والمدد) وهم الجماعة الناصرون للجند (فيها) أي: في الغنيمة للاستواء في سبب الاستحقاق وهو المجاوزة أو شهود الوقعة ولذا قلنا: إن الجندي الذي لم يقاتل لعذر وغيره سواء وكذا المتطوع والجندي وأنه لا يميز أحد عن أحد حتى أمير العسكر وهذا كله بلا خلاف.

ولو ادعى رجل بعد القسم أنه شهد الوقعة وأقام عدلين لم تنقض استحسانا [324/أ] ويعوض بقدر نصيبه من / بيت المال كذا في (التاتارخانية)(لا) يشترك (السوقي) وهو الخارج مع العسكر للتجارة (بلا قتال) أفهم به أنه لو قاتل شاركهم لأنه به ظهر أنه المقصود وتلك تبع. وفي (المحيط) لو أسلم الحربي أو المرتد في دار الحرب ولحق بالجيش لا يستحق شيئا ما لم يقاتل (ولا) يشرك أيضا (من مات فيها) أي: في دار الحرب قبل إخراج الغنيمة إلى دار الإسلام (وبعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه) لثبوت ملكه فيه.

قال في (البحر): وصرحوا في الوقف أن معلوم المستحق لا يورث بعد موته على أحد القولين وفي قول يورث ولم أر ترجيحا، وينبغي أن يفصل فإن كان مات بعد خروج الغلة وإحراز الناظر لها قبل القسمة يورث نصيبه وإن قبله لا يورث قياسا على الغنيمة.

وأقول: في (الدرر والغر) عن (فوائد) صاحب (المحيط) للإمام أو المؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقطا لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل: لا يسقط لأنه كالأجهزة انتهى. وجزم في (البغية) بأنه يورث بخلاف رزق القاضي وأنت خبير بأن ما يأخذه القاضي ليس صلة كما هو ظاهر ولا أجرا لأن مثل هذه العبادة لم يقل

ص: 214

وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ولا يبيعها.

ــ

أحد بجواز الاستئجار عليها، بخلاف ما يأخذه الإمام والمؤذن فإنه لا ينفك عنهما فبالنظر إلى الأجرة يورث ما يستحقه إذا استحق غير مقيد بظهور الغلة وقبضها في يد الناظر وبالنظر إلى الصلة لا يورث، وإن قبضه الناظر قبل الموت وبهذا عرف أن القياس على الغنيمة غير صحيح وسيأتي لهذا مزيد بيان في الوقف إن شاء الله تعالى.

(وينتفع فيها) أي: في دار الحرب (بعلف) يقال: علف الدابة علفا من باب ضرب فهي معلوفة وعليف والعلف ما أعلفته (وطعام وحطب وسلاح ودهن) بالفتح قاله العيني والظاهر أنه بالضم لتناسق المتعاطفات (بلا قسمة) لقوله صلى الله عليه وسلم في طعام خيبر: (كلوها واعلفوها ولا تحملوها) أطلق في الطعام فعم المهيأ للأكل كاللحم المطبوخ والسكر والشعير والتبن وغيره كالبقر فيجوز ذبحها غير أن الجلد يرد للغنيمة ولم يشترط الحاجة أي: الفقر فيجوز للغني الانتفاع وهو رواية (السير الكبير) وشرطها في (السير الصغير) وهو القياس والأول استحسانا وبه قالت الثلاثة.

وقيد في (الظهيرية) بما إذا لم ينه الإمام عن أكله فإن نهى لا يباح له وتسوية المصنف بين الطعام والسلاح ظاهره في أنه لا يشترط فيه عدم الحاجة أيضا إلا أن المنقول في (فتح القدير) وغيره اشتراطها فيه بأن مات فرسه أو انكسر سيفه، أما إذا أراد توفيرها باستعمال ذلك فلا يجوز ولو فعل أثم ولا ضمان عليه لو تلف وفي (إيضاح الإصلاح) لا خلاف في اشتراط الحاجة فيه ولو احتاج الكل إلى السلاح والثياب قسمها حينئذ بخلاف السبي إذا احتيج إليه ولو للخدمة لأنه من فضول الحوائج، وخرج غير الطعام كالأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك فلا يجوز له أن يتناول منه كذا في (الشرح) وغير خاف أنه لو حل بأحدهم مرض احتاج فيه إلى استعماله أنه يجوز وبه صرح في (المحيط) وله أن يأكل ويطعم عبيده ونساؤه وصبيانه الذين دخلوا معه إلا أن الداخل لخدمته بأجر والتاجر فلا يطعمهم إلا ما كان من خبز الحنطة أو طبيخ اللحم لأنه ملكه بالاستهلاك، (ولا يبيعها) أي: الأشياء المذكورة لأنه لا ملك له فيها وإنما أبيح له التناول ضرورة فإن باع شيئا منها قبل القسمة.

قال الشارح: وغيره رد الثمن إلى الغنيمة ومعناه إذا أجازه الإمام إذ لا شك أن هذا بيع فضولي يتوقف على الإجازة فإن لم يجزه وكان المبيع قائما رد إلى الغنيمة ويدل على ذلك ما في (المحيط) لو وجد واحد من العسكر في دار الحرب ما لا

ص: 215

وبعد الخروج منها لا وما فضل رد إلى الغنيمة ومن أسلم منهم أحرز نفسه وطلفه وكل مال معه أو وديعة عند مسلم أو ذمي دون ولده الكبير وزوجته وحملها وعقاره.

ــ

يملكونه كعسل في جبل أو وجد معدنا أو أصاب شيئا من بر أو بحر لم يختص به فإن باعه توقف على إجازة الأمير فإن كان الثمن أنفع أجازه وإلا رده وإلى الغنيمة ضمه وإن كان المبيع هالكا أجازه استحسانا ورده إلى الغنيمة انتهى، (وبعد الخروج منها) أي: من دار الحرب (لا) أي: لا ينتفع بشيء مما ذكر لزوال المبيح وهو الضرورة (وما) أي: والذي (فضل) في يده مما أخذه قبل الخروج من دار الحرب [3248/ب](رد) أي: رده الآخذ (إلى الغنيمة) / بعد الخروج إلى دار الإسلام لزوال الحاجة التي هي مناط الإباحة وعلى هذا التعليل أنه لو كان فقيرا أكله لكن بالضمان كما في (المحيط) هذا كله قبل القسمة.

أما بعدها فإن كان غنيا وكانت العين قائمة تصدق بها وبقيمتها لو هالكة، وإن كان فقيرا انتفع بها،) ومن أسلم منهم) أي: من أهل دار الحرب لا بد أن يقيد بكونه فيها لأن المستأمن لو أسلم في دار الإسلام ثم ظهرنا على داره فجميع ما تركه فيها من الأولاد الصغار والمال فيء لأن تباين الدارين قاطع للعصمة فبالظهور ثبت الاستيلاء على مال غير معصوم، أما في غير الأولاد فظاهر وما فيهم فلأنهم لم يصيروا مسلمين بإسلامه لانقطاع التبعية بتباين الدارين فكانوا من جملة الأموال، ولا بد أيضا أن يقيد بكونه لم يخرج إلينا فإن خرج فظهر عليهم فجميع ماله فيء إلا أولاده الصغار لأنه حيث أسلم كان متبعا لهم فصاروا مسلمين فلا يرد الرق عليهم ابتداء، بخلاف غيرهم لانقطاع يده عنهم بالقتال فيغنم كما في (الفتح).

(أحرز نفسه) عن القتل والاسترقاق (وأولاده) تبع له (و) أحرز أيضا (كل مال معه) لخبر (فإذا أسلموا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) والمسلمة مقيدة بما إذا لم يؤخذوا فإن أخذوا أحرز نفسه فقط (أو) كان المال (وديعة) له (عند مسلم أو ذمي) لأنه في يده حكما، قيد بالوديعة لأن الغصب يكون فيئا عند الإمام وبكونها في يدهما لأنها لو كانت في يد حربي كانت فيئا أيضا في ظاهر الرواية عن الإمام وعنه أنها له (دون ولده الكبير) لأنه غير تابع له (وزوجته) لما قلنا (وحملها) لأنه كجزئها وإن حكم بإسلامه تبعا لخير الأبوين، والمسلم محل التمليك تبعا لغيره فإنه لو تزوج أمة الغير كان أولاده مسلمين أرقاء، (و) دون (عقاره) وما فيه من زرع لم يحصد لأنه في يد أهل الدار إذ هو من جملة دار الحرب فلم يكن في يده إلا حكما

ص: 216

وعبده المقاتل للراجل سهم وللفارس سهمان.

ــ

والدار ليست دار أحكام فكانت يد غير معتبرة قبل ظهور المسلمين على الدار وبعد ظهورهم يدهم أقوى من يد أهل الدار لأنها جعلت شرعا سالبة لما في أيديهم وهذا قول الإمام وأبي يوسف الآخر.

وقال محمد: هو كغيره من الأموال وقيل: هذا قول الثاني ومحمد مع الإمام، (وعبده المقاتل) لأنه بالقتال تمرد على مولاه فخرج عن يده وصار تبعا لأهل دارهم فنقصت نسبة بالمالية إلى مولاه لأن كماله معناه ماليته بالملك واليد وفي هذا خلاف الأئمة الثلاثة والظاهر معهم لأنه لم يخرج عن كونه ماله كما في (الفتح) وفيه.

فرع: أسر العدو عبدا ثم أسلموا فهو لهم ولو كان ذلك العبد جنى جناية أو أتلف متاعا تلزمه قيمته بطلت الجناية ولزمه الدين والله أعلم.

فصل في كيفية القسمة

لما فرغ من بيان الغنيمة شرع في بيان قسمتها وأفردها بفصل لكثرة شعبها وهي جعل النصيب الشائع معينا (للراجل سهم) إجماعا يعني من الأربعة أخماس الباقية بعد إخراج الخمس الآتي مصرفه (وللفارس سهمان) عند الإمام وزفر وقالا: له ثلاثة أسهم لما أخرجه الجماعة إلا النسائي (أنه صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما) ولأبي حنيفة ما رواه أبو داود وأحمد (أنه صلى الله عليه وسلم لما أن قسم خيبر أعطى للفارس سهمين وللراجل سهما) وما رواه الجماعة محمول على التنفيل كما روي (أنه عليه الصلاة والسلام أعطى سلمة بن الأكوع سهم الراجل والفارس وكان راجلا أجيرا لطلحة) والأجير لا يستحق سهما من الغنيمة وإنما أعطاه رضخا لجده في القتال وقال: (خير رجالنا سلمة بن الأكوع وخير فارسنا أبو قتادة) كذا في (الشرح).

قال في (الحواشي السعدية): وهو مخالف لما سيصرح به بعد من أن الأجير إن ترك الخدمة وقاتل يسهم له كأهل سوق العسكر وإلا فلا شيء له ولا يجمع بين أجر ونصيب لخدمة في الغنيمة انتهى. وهو الحق ويوافقه ما في (غاية البيان) الأجير

ص: 217

ولو له فرسان والبراذين كالعتاق لا الراحلة والبغل والعبرة للفارس والراجل عند المجاوزة.

ــ

لخدمة الغازي والسوقي يسهم لهما إذا قاتلا والعبد يرضخ له والفرق أن العبد تبع [325/أ] فانحطت رتبته بخلافه ولذا يسقط / أجره من القتال عن المستأجرين (ولو له فرسان) أي: لا يسهم إلا لفرس واحد ولو كان له أكثر، وقال أبو يوسف: يسهم لفرسين (لأنه صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير يوم خيبر خمسة أسهم) وحملاه على التنفيل ولم يذكر الخلاف في ظاهر الرواية وما عن أبي يوسف في (الإملاء) ولا خلاف أنه لا يسهم لثلاثة فأكثر.

(والبراذين) خيل العجم وأحدهما برذون (كالعتاق) بكسر العين جمع عتيق كرام الخيل العربية فلا يفضل أحدهما على الآخر لاستواء الكل في السبب وهو الإرهاب وعرف من هذا أن الهجين وهو ما يكون أبوه من البراذين وأمه عربية والمقرف وهو ما يكون أبوه عربيا وأمه برذونة كالعتاق بالأولى، وجعل في (الصحاح) و (القاموس) الهجنة من قبل الأم والإقراف من قبل الأب (لا الراحلة) أي: لا تكون الراحلة (والبغل) كالعتاق فلا يسهم لهما لأن الإرهاب لا يقع بهما، (والعبرة) أي: والاعتبار (للفارس والراجل عند) أي: وقت (المجاوزة) أي: الانفصال من دار الإسلام إلى دار الحرب أي: مجاوزة الدرب وهو الحد الفاصل بين دار الإسلام ودار الحرب حتى لو دخل دار الحرب فنفق فرسه وقاتل راجلا استحق سهم الفرسان.

ولو دخل راجلا فاشترى فرسا فيها فقاتل فارسا استحق سهم راجل في ظاهر المذهب وروى ابن المبارك عن الإمام أنه يستحق سهم الفارس واعتبرت للمجاوزة لأنها قتال لأنهم يلحقهم الخوف بها والحال بعدها حال الدوام فلا يعتبرن وعم إطلاقه ما لو كان الفرس مغصوبا أو مستعارا أو مستأجرا فاسترده المالك فقاتل راجلا وهذا إحدى الروايتين وفي رواية له سهم الراجل.

قال في (الفتح): ومقتضى كونه جاوز بفرس لقصد القتال عليه ترجيح الاستحقاق، نعم لا بد أن يكون عدم القتال على الفرس لا بصنع منه حتى لو دخل فارسا ثم باع فرسه أو وهبه وسلمه أو أجره أو رهنه ففي ظاهر المذهب لا يستحق سهم الفرسان وروى أنه يستحق وحكى صاحب (الخلاصة) روايتين في العارية والمنع يوافق ظاهر الرواية ولو غصب فرسه قبل الدخول فدخل راجلا ثم استرد أو ركب عليه آخر ودخل دار الحرب ونفر الفرس أو ضل منه فاتبعه ودخل راجلا استحق سهم الفارس، ولا بد أن يكون الفرس صالحا للقتال حتى لو كان مريضا أو هزيلا أو

ص: 218

وللملوك والمرأة والصبي والذمي الرضخ لا السهم والخمس لليتامى والمساكين وابن السبيل وقدم ذوو القربي الفقراء منهم عليهم ولا حق لأغنيائهم.

ــ

كبيرا أو صغيرا لا يستحق ما للفارس إلا إذا زال المرض وصار بحال يقاتل عليه فإنه يستحقه أيضا استحسانا، ولو طال المكث في دار الحرب حتى كبر فقاتل عليه لا يستحقه كذا في (التاتارخانية).

قال في (البحر): وكأن الفرق حصول الإرهاب بالكبير ولو مريضا بخلاف الصغير (وللمملوك والمرأة والصبي) والمجنون كما في (الولوالجية) فالمعتوه أولى (والذمي الرضخ) بمعجمتين وهو إعطاء قليل من كثير وهو السهم على حسب ما يراه الإمام قبل إخراج الخمس عندنا (لأنه عليه الصلاة والسلام كان يرضخ للنساء والصبيان والعبيد) ولما استعان باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة أي: لم يسهم لهم ثم إنما يرضخ لغير المرأة بالقتال لأنهم يقدرون عليه ولذا شرطوا في الصبي أن يكون قادرا عليه ولا فرق في العبيد بين أن يقاتلوا بغير إذن السيد أو بإذنه أما المرأة فيرضخ لها بغير قتال كذا في (الفتح) لأن بها مداواة الجريح منهم والقيام على المريض وحفظ الأمتعة ونحوها وصحة أمانها لثبوت شبهة القتال منها.

ولو أعتق العبد يرضخ له فيما أصيب من الغنيمة قبل عتقه ولو أسلم الذمي المقاتل يضرب له بسهم فيما أصيب بعد إسلامه كذا في (التاتارخانية)(لا السهم) لما روينا نبه بهذا على أن الرضخ لا يبلغ به الإمام به السهم، فإن قلت: قد قالوا: إن الذمي إذا دل على الطريق فللإمام أن يزيده على السهم قلت: ما يدفع إليه في هذه الحالة ليس رضخا بل قائم مقام الأجرة بخلاف ما إذا قاتل لأنه عمل الجهاد ولا يستوي في عمله بين من يؤجر عليه ومن لا يقبل منه، (والخمس) الباقي بعد صرف الأربعة أخماس يصرف (لليتامى والمساكين وابن السبيل) فيعطى لكل واحد سهم نبه بذلك على أن الخمس يقسم أثلاثا عندنا (وقدم ذوي القربي) من بني هاشم وبني المطلب فقط لأن استحقاقهم ليس بمحض القرابة بل للنصرة أيضا وهي المؤانسة معه بالكلام والمصاحبة لا المقاتلة، وهذا القدر مفقود في غير بني هاشم وبني عبد المطلب ولذا كان لنسائهم أيضا ثم سقط ذلك بموته عليه الصلاة والسلام لعدم تلك العلة وهي النصرة فيستحقونه بالفقر، (الفقراء) بالرفع على البدلية (منهم) أي: من ذوي القربى (عليهم) الأصناف الثلاثة لأن غيرهم من الفقراء يتمكنون من أخذ الصدقات / [325/ب] وذوا القربى لا يحل لهم (ولا حق لأغنيائهم)، والأصل في هذا قوله تعالى: {واعلموا

ص: 219

وذكره تعالى للتبرك وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته كالصفي وإن دخل جمع ذو منعة دراهم بلا إذن خمس ما أخذوا.

ــ

أنما غنمتم من شيء} (الأنفال: 41) الآية، وقد قسم الخلفاء الراشدون الخمس على هذا ولم يدفعوا شيئا لذوي القربى وفيه دلالة ظاهرة لقول الطحاوي من أنهم يحرمون لأن فيه معنى الصدقة.

وقال الكرخي: يدفع إليهم بشرط الفقر وهو الأصح لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (يا بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم عنها بخمس الخمس) والعوض إنما يثبت في حق من ثبت في حقه العوض وهم الفقراء، ويحمل عدم إعطائهم على أن ذوي القربى بيان مصرف الاستحقاق، وعندنا يجوز الاقتصار على جنس واحد نص عليه في (البدائع) وغيرها أو أنهم رأوهم أغنياء وأن الصرف إلى غيرهم أنفع وكونه فيه معنى الصدقة ممنوع بل هو مال الله لأن الجهاد حقه أضافه إليهم لا حق لنا لزمنا أداؤه طاعة له ليصير وسخا، وفي (الحاوي القدسي) وعن أبي يوسف: إن الخمس يصرف لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وبه نأخذ، قال في (البحر): وهذا يقتضي أن الفتوى على الصرف إلى الأقرباء الأغنياء فليحفظ.

وأقول: فيه نظر بل هو ترجيح لإعطائهم وغاية الأمر أنه سكت عن اشتراط الفقر فيهم للعلم به وفي (منية المفتي) لو وضع أي: الإمام الخمس في الغانمين لحاجتهم إليه له ذلك انتهى. (وذكره تعالى للتبرك) باسمه في افتتاح الكلام لأن له ما في السموات وما في الأرض كذا جاء عن ابن عباس رواه الطبراني وفيه رد لقول أبي العالية: إنه يصرف إلى بناء بيت الكعبة إن كان قريبا وإلا فإلى مسجد كل بلد ثبت فيه الخمس (وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته) لأنه حكم علق بمشتق وهو الرسول فيكون مبدأ الاشتقاق عله وهو الرسالة ولا رسول بعده، (الصفي) بفتح الصاد وكسر الفاء والياء المشددة أي: كما أن الصفي وهو ما كان صلى الله عليه وسلم يصطفيه من الغنيمة قبل القسمة وإخراج الخمس من درع أو جارية سقط بموته بلا خلاف، (وإن دخل جمع) من المسلمين (ذو منعة) أي: قوة (دارهم بلا إذن) الإمام (خمس ما أخذوه) لأنه غنيمة للقهر والغلبة لما أنه يجب عليه نصرهم دفعا للإهانة عن المسلمين بخلاف الواحد أو الاثنين، وأفهم كلامه أنه لو كان بإذن خمس بالأولى.

وفي (منية المفتي): لو دخل أربعة خمس ولو ثلاثة لا وفي (التاتارخانية) لو

ص: 220

وإلا لا وللإمام أن ينفل.

ــ

كان بعضهم بإذن الإمام وبعضهم بلا إذنه ولا منعة لهم فالحكم في كل واحد منهم حالة الاجتماع كما في حالة الانفراد، وإن كانت له منعة يجب الخمس انتهى، (وإلا) أي: وإن لم يكونوا ذوي منعة (لا) أي: لا يخمس ما أخذوه لأنه اختلاس، وظاهره ولو كان بإذن الإمام لكن هذا إحدى الروايتين والمشهور أنه يخمس لأنه به التزم نصرتهم، (وللإمام أن ينفل) الغازي بأن يعطيه فوق سهمه يقال: نفله تنفيلا وجاء في الفصيح مخففا أيضا.

ويقال: إنه مندوب لأن فيه تحريضا على القتال فإن قلت: التحريض مأمور به فهو واجب لا مندوب قلت: المندوب إنما هو اختيار الأنشاط دون غيره لما أنه أدعى إلى المقصود أما هو في نفسه فواجب مخير لأنه قد يكون أيضا بالموعظة الحسنة والترغيب فيما عند الله بقوله حال القتال قيد به القدوري ولا بد منه لأنه بعده لا يملكه الإمام وقبل ما داموا في دار الحرب يملكه كذا في (السراج) ويؤيد هذا القيل أن قوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل قتيلا فله سلبه) إنما كان بعد الفراغ من خيبر ولم أر جوازه قبل المقاتلة وقد يؤيد هذا القيل من قتل قتيلا سماه بذلك لقربه من القتل وسواء سمع القاتل ذلك أم لا وقد يكون بدفع الدراهم والدنانير فله سلبه هذا اللفظ يدخل فيه الإمام أيضا بخلاف ما إذا قال: منكم، ولو قال: من قتلته أنا فلي سلبه لا يستحقه ويقع هذا اللفظ على كل قتال في تلك السفرة ما لم يرجعوا، وإن مات الوالي أو عزل ما لم يمنعه الثاني كما في (التتارخانية) قيل وبقوله من أصاب شيئا فهو له ذكره في (الحواشي السعدية).

وفي (المنية) قال أمير العسكر: إن قتلت ذلك الفارس فلك كذا فقتله فلا شيء له ولو قال إن قطعت رؤوس أولئك القتلى فلك كذا استحق القاطع وبقوله أيضا للسرية جعلت لكم الربع بعد الخمس ليس بقيد إذ لو نفل بربع الكل جاز لأن / له أن [326/أ] ينفل السرية بالكل فهذا أولى كذا في (الشرح) وفي (السير) لو قال للعسكر: كل ما أخذتم فهو لكم بالسوية بعد الخمس أو للسرية لم يجز لأن فيه تسوية الفارس بالراجل وكذا لو قال: ما أصبتم فهو لكم ولم يقل بعد الخمس لأن فيه إبطال الخمس الثابت بالنص.

قال في (الفتح): وهذا يبطل ما ذكر في (الحواشي) لاتحاد اللازم فيهما بل وزيادة حرمان من لم يصب شيئا فهو أولى بالبطلان وبه ينتفى أيضا ما مر أنه لو نفل

ص: 221

وينفل بعد الإحراز من الخمس فقط والسلب للكل إن لم ينفل وهو مركبه وثيابه وسلاحه وما معه.

ــ

بجميع المأخوذ جاز لأن فيه زيادة إيحاش الباقين وإثارة الفتنة، ولو اجتمع رجلان على قتل حربي اشتركا في سلبه وقيده في (شرح الطحاوي) بأن يقاوم الكل فإن كان ضعيفا كان سلبه غنيمة، ولو قيد الإمام بقوله وحده لا يستحقان ولو كان الخطاب لواحد فشاركه غيره استحقه المخاطب وهده ولو قتل رجلين كان له سلب الأول فقط إلا إذا قتلهما معا فإنه يخير في أخذ سلب أيهما شاء، ويستحق السلب من يستحق السهم والرضخ بشرط أن يكون المقتول مباح الدم فلا يستحق السلب بقتل النساء والصبيان، (وينفل بعد الإحراز) بدارنا (من الخمس فقط) لأن حق الغانمين له تأكيد ولا حق لهم في الخمس فجاز أن ينفل منه، وأورد أنه إن لم يكن حقا لهم فهو للأصناف الثلاثة فلا يجوز إبطال حقهم أيضا وأجيب بأنه إنما يجوز باعتبار جعل المتنفل من الأصناف الثلاثة وصرفه إلى واحد كاف ولذا قال في (الذخيرة): لا ينبغي للإمام أن يضعه في الغني لأن الخمس حق المحتاجين فجعله للأغنياء إبطال لحقهم.

قال في (البحر): لكن تصريحهم بأنه تنفيل يدل على جوازه للغني ومن العجب قول الزيلعي: لا يجوز للغني فإن ظاهر ما في (الذخيرة) عدم الحرمة وأقولك ممنوع بل ظاهر في الحرمة كما قال الشارح لأن إبطال حق الغير لا يجوز، (والسلب) محركا أي: المسلوب والجمع أسلاب (للكل) أي: لكل العسكر (إن لم ينفل) الإمام به القاتل لقوله صلى الله عليه وسلم لحبيب بن أبي سلمة (ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك) ولأنه أخذ بقوة العسكر فيكون غنيمة (وهو) أي: السلب (مركبه) أي: المقتول وما على مركبه من السرج والآلة (وثيابه وسلاحه وما معه) من ذهب وفضة في حقيبته أو وسطه وخاتم وسوار ومنطقة في الصحيح كما في (الحقائق) وليس منه ما كان مع غلامه أو في خيمته أو على دابته أخرى.

وفي (المحيط) قال الأمير: من قتل قتيلا فله فرسه فقتل راجل رجلا ومع غلامه فرس قائم بجنبه بين الصفين كان للقاتل إذا كان مع غلامه بقرب منه لأن مقصود الإمام قتل من كان متمكنا من القتال فارسان وإن لم يكن بجنبه في الصف لا يكون له ولو كان على بغل أو حمار أو جمل لا يستحق السلب لأن راكب هذه الأشياء لا يسمى فارسا انتهى ووقع في نسخة الشارح فله سلبه وجزم في (البحر) بأنه سبق قلم

ص: 222