الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا عشر في خارج أرض الخراج.
فصل في الجزية
الجزية لو وضعت بتراض وصلح لا يعد عنها.
ــ
رواه البيهقي (ولا عشر في خارج أرض الخراج) عندنا لما رواه الإمام في (مسنده) من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم) ولذا لم يجمع بينهما أحد من أهل العدل والجود وقد مر عد هذا من المسائل التي لا تجمع مع بعضها لما لم تجده في غير هذا الكتاب.
تتمة: ترك له السلطان خراج أرضه جاز عند الثاني إن كان مصرفا وبه يفتى وكذا لو وهب له وقال محمد: لا يجوز، وما في (الحاوي القدسي) من أنه يحل له على قول الثاني وإن لم يكن مصرفا وهو الفتوى مخالف لما نقله العامة عنه وأجمعوا أنه لو ترك العشر له لا يجوز ويخرجه بنفسه للفقراء ثم على قول أبي يوسف يعلم حكم الإقطاعات من أراضي بيت المال إذ حاصلها أن الرقبة لبيت المال والخراج له فيحنئذ لا يصح بيعه ولا هبته ولا وقفه نعم له إجارته تخريجا على إجارة المستأجر والعبد الذي صولح على خدمته مدة معلومة والموقوف عليه الغلة والعبد المأذون وإذا مات أو [331/ب] أخرجه السلطان عنه تنفسخ الإجارة كذا قال العلامة / قاسم والقونوي في رسالة له، ومن حوادث الفتوى ما لو أقطعها السلطان وانتقل من أقطع له في زمن سلطان آخر هل يكون لأولاده؟ لم أره في كلامهم ومقتضى قواعدهم إلغاء التعليق بموت المعلق فتدبره، هذا وأما إذا أقطعه أرضا مواتا أو ملكها السلطان ثم أقطعها له جاز وقفه لها كما في (الخصاف) وذكر الشيخ قاسم أن الإرصاد من السلطان ليس بإيقاف.
فصل
أي: في الجزية هذا هو الضرب الثاني من الخراج وقدم الأول لقوته ولوجوبه وإن أسلموا بخلاف الجزية أو لأنه الحقيقة إذ هو المتبادر عند الإطلاق ولا يطلق على الجزية إلا مقيدا وهذا أمارة المجاز، (الجزية) وهي لغة الجزاء بنيت على فعلة دلالة على الهيئة التي هي الإذلال عند الإعطاء والجمع جزى كقرى سميت بذلك لأنها تجزئ عن القتل (لو وضعت بتراض) أي:(صلح لا يعدل عنها) فلا يزاد عليها تحرزا
وإلا يوضع على الفقير المعتمل في كل سنة اثنا عشر درهما وعلى وسط الحال ضعفه وعلى المكثر ضعفه.
ــ
من الغدر ولا ينقص منها لما في (أبي داود): (صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والنصف في رجب) انتهى.
ونجران أرض من خير اليمن وأهلها كانوا نصارى فما في (الهداية) من أنه صالح بني نجران على ألف ومائتي حلة ليس بصحيح وقد بين أبو يوسف في كتاب (الخراج) الحلة فقال: كل حلة أوقية يعني قيمتها كذلك فقول (الولوالجية) كل حلة خمسون درهما ليس بصحيح لأن الأوقية أربعون درهما والحلة ثوبان إزار ورداء وتعتبر هذه الحلة في مقابلة ما يؤخذ من رؤوسهم وأراضيهم كذا في (الفتح).
وفي (الخانية) وتؤخذ الحلة من بني نجران دون الدراهم (وإلا) أي: وإن لم توضع بتراض بل بالقهر لأن فتح الإمام البلدة عنوة وأقرهم على أملاكهم (يوضع على الفقير المعتمل) أي: المكتسب والاعتمال كالاضطراب في العمل وهو الاكتساب والمراد القدرة عليه حتى لو لم يعمل مع قدرته وجبت كمن عطل الأرض.
وفي (الينابيع) الفقير المعتمل هو الذي يقدر على تحصيل الدراهم والدنانير بأي وجه كان وإن لم يحسن حرفة، (كل سنة اثني عشر درهما) وهذا التفصيل مأثور عن عمر وغيره (و) توضع (على وسط الحال) وهو من يملك دون المائتين (ضعفه و) توضع (على المكثر) وهو من يملك عشرة آلاف درهم فصاعدا (ضعفه) كذا اختاره في (شرح الطحاوي) قيل: وهو أحسن الأقوال وقال أبو جعفر: يعتبر في كل بلدة عرفها فمن عده الناس فقيرا أو وسطا أو غنيا فهو كذلك.
قال في (التتارخانية): وهو الأصح وفي (الخانية) قال الكرخي: الفقير الذي لا يملك مائتي درهم أو أقل والوسط الذي يملك المائتين إلى العشرة آلف والمكثر هو الذي يملك فوق عشرة آلاف وعليه الاعتماد انتهى، وفي قوله في كل سنة إيماء إلى وجوبها في أول الحول والحول إنما هو للتخفيف قال في (الفتح): ويعتبر وجود هذه الصفات في آخر السنة، قال في (البحر): وينبغي اعتبارها في أولها لأنه وقت الوجوب ثم قال: وظاهر (المختصر) يفيد أن القدرة على العمل شرط في حق الفقير فقط وليس كذلك، فول حذف الفقير لكان أولى.
وأقول: إنما اعتبروا وجودها في آخرها لأنه وقت وجوب الأداء ومن ثم قالوا: لو كان في أكثر السنة غنيا أخذ منه جزية الأغنياء أو فقيرا أخذت منه جزية الفقراء ولو
وتوضع على كتابي ومجوسي ووثني عجمي.
ــ
اعتبر الأول لوجب إذا كان في أولها غنيا فقيرا في أكثرها أن يجب جزية الأغنياء وليس كذلك نعم الأكثر كالكل، وقوله: ولو حذف الفقير لكان أولى ممنوع إذ لو اقتصر على قوله ومعتمل ما أقاد اشتراط القدرة على العمل في حق الغني كيف وقد قابله به فالتقيق أن القدرة عليه في وسط الحال والغني معلومة من قوله بعد لا تجب على زمن.
وقالوا: لو كان مريضا في أكثر السنة أو نصفها لا تجب عليه ولو كان موسرا (وتوضع على كتابي) وهو من يعتقد كتابا منزلا عربيا كان أو أعجميا كذا في (العناية) وعزاه في (الدراية) إلى (جامعي) فخر الإسلام وشمس الأئمة لأن قوله تعالى: {حتى يعطو الجزية} (التوبة: 29) لم يفصل ولأنه عليه الصلاة والسلام (صالح أهل نجران) وعمر أخذ من بني تغلب وهم نصارى العرب انتهى كاليهود ويدخل فيهم السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى وإن خالفوهم في فروع والنصارى ومنهم الفرنج والأرمن لقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (التوبة: 29) وأما الصابئة ففي (الخانية)[332/أ] أنها توضع عليهم عند أبي حنيفة / خلافا لهما يعني بناء على أنهم من النصارى وعندهما يعبدون الكواكب فكانوا كعبدة الأوثان وقد مر في النكاح أن الخلف لفظي وإطلاقه يعم أهل الكتاب من العرب والعجم وفي (الخانية) وأما هل تؤخذ منهم الجزية؟ قالوا: ينظر إن كانوا حديثا فيهم مرتدون لا تؤخذ منهم ويقتلون وإن كانوا قديما تؤخذ منهم الجزية، وأما الزنادقة فأخذ الجزية منهم بناء على قبول توبتهم.
وقالوا: إن جاء الزنديق قبل أن يؤخذ فأقر أنه زنديق فتاب عن ذلك تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لا تقبل توبته (ومجوسي) وهو من يعبد النار لما في (البخاري): (لم يأخذ عمر من المجوس الجزية حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أنه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوسي هجر)(و) توضع أيضا على (وثني) وهو من يعبد الوثن وهو ما كان منقوشا في حائط ولا شخص له والصنم وهو ما كان على صورة الإنسان والصليب وهو ما لا نقش فيه ولا صورة تعبد (عجمي) وهو خلاف العربي ولو فصيحا
لا عربي ومرتد وصبي وامرأة وعبد ومكاتب وزمن وأعمى وفقير غير معتمل وراهب لا يخالط.
ــ
والأعجمي من فيه عجمة أي عدم إفصاح ولو عربيا، لأنه يجوز استرقافه فيجوز ضرب الجزية عليه بجامع أن كلا منهما مشتمل على سلب النفس، وإنما لم تضرب على النساء والصبيان مع جواز استرقاقهم لأنهم صاروا أتباعا لأصولهم في الكفر فكانوا أتباعا في حقهم فكأن الجزية عن الرجل وأتباعه في المعنى والله أعلم.
(لا) وثني (عربي) أي: لا توضع على عربي يعبد الوثن لأنه لا عذر له لأن القرآن نزل بلغته والرسول صلى الله عليه وسلم نشأ بين أظهر العرب فكانت المعجزة في حقه أظهر كذا قالوا وأنت خبير بأن هذا يأتي في العرب إذا كان كتابيا وقوله في (البحر) أخذ مما في (الدراية) المراد بالعربي عربي الأصل فأهل الكتاب وإن سكنوا بين العرب وتولدوا فالواحد منهم ليس بعربي الأصل فيه نظر إذ الكلام فيمن كان عربي الأصل وقد تهود أو تنصر كورقة بن نوفل، ويكفي في رده مما مر في أهل نجران وبني تغلب فتدبره.
(ومرتد) لأنه خرج عن الإسلام بعد ما وقف على محاسنه فلن تقبل منه، وإذا ظهرنا على المرتدين فنساؤهم وصبيانهم فيء غير أن نساءهم وذراريهم يجبرون على الإسلام بخلاف ذراري عبدة الأوثان (و) لا توضع أيضا على (صبي وامرأة) لأنها وجبت بدلا عن القتل أو القتال ولا يقتلان ولا يقاتلان، (و) لا على (عبد ومكاتب) ومدبر وما في (الهداية) وأم ولد.
قال في (الفتح): ليس على ما ينبغي، فإن من المعلوم أنه لا جزية على النساء ولعله ابن أم الولد فسقطت لفظة ابن قيل: لأنها بدل عن القتل في حقهم وعن النصر في حقنا وبالاعتبار الثاني لا تجب فلا تجب بالشك، (وزمن) يقال: زمن الرجل زمانة عدم بعض أعضائه أو تعطلت قواه ودخل المفلوج والشيخ العاجز لأنها وجبت بدلا عن القتال كما مر (وأعمى وفقير غير معتمل) أي: غير قادر على العمل لأن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه لم يوظفها عليه وظاهر أن عطف الأعمى وغير المعتمل على الزمن من عطف العام على الخاص اهتماما بشأنهما.
ولو أفاق المجنون أو بلغ الصبي أو العبد أو برئ من الزمانة فإن كان بعد وضع الإمام الجزية لم يوضع عليهم وإلا وضع بخلاف الفقير إذا أيسر بعد الوضع حيث توضع عليه، (و) لا تجب على (راهب) وهو واحد من الرهبان عابد النصارى، وهي الرهبانية كذا في (المغرب) ويقال للواحد رهبان أيضا، ويجمع على رهابين ورهابنة (لا يخالط) الناس ولو قدر على العمل لأنه والحالة هذه لا يقتل وعن الإمام أنه تجب
وتسقط بالإسلام والموت والتكرار، ولا تحدث بيعه ولا كنيسة في دارنا.
ــ
عليه إذا قدر وهو قول الثاني وبه جزم الحدادي وجعله في (الخانية) ظاهر الرواية حيث قال: ويؤخذ من الرهبان والقسيسين في ظاهر الرواية، وعن محمد أنها لا تؤخذ قيد بقوله: لا يخالط الناس لأنه لو خالطهم وجبت عليه (وتسقط) الجزية (بالإسلام) بأن أسلم بعد ما تمت السنة لما في معجم الطبراني (الأوسط) من حديث ابن عمر قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسلم فلا جزية عليه) وإنما لم يسقط الرق به لأنه تعلق به حق معين فلا يبطل به.
وفي (الخانية) لو عمي أو صار مقعدا أو زمنا أو شيخا لا يقدر أن يعمل أو فقيرا لا يقدر على شيء أو أسلم وقد بقي عليه شيء منها يسقط ذلك الباقي وفي (الخلاصة) لو عجل الجزية لسنتين ثم أسلم ترد عليه جزية سنة واحدة ولو أدى [332/ب] الجزية في أول سنة / ثم أسلم فيها لا رد عليه شيء وهذا قول من يقول بوجوب الجزية في أول السنة وهو الصحيح.
(والموت) أي: بالموت كافرا لأنها عقوبة دنيوية على الكفر فلا تقام بحد الموت (والتكرار) وهو بدخول السنة الثانية على الأصح، لأن العقوبات إذا اجتمعت تداخلت وبذلك على أنها عقوبة أنها تؤخذ منه على وجه الإذلال، ولذا لو بعث بها على يد وكيله لا يمكن من ذلك على أصح الرويات، بل يكلف أن يأتي بها بنفسه فيعطى واقفا والقابض قاعدا، وفي رواية يأخذ بتلبيبة وهو موضع اللب من بيانه وهو موضع القلادة ويهزه ويقول أعط الجزية يا ذمي أو يا يهودي يا نصراني يا عدو الله.
وفي (شرح الطحاوي): أنه يضعفه قبل خراج الأرض كالجزية فيتداخل، وقيل: كالعشر فلا يتداخل اتقاقا، قال في (البحر) وينبغي ترجيح الأول لأنه عقوبة بخلاف العشر (ولا تحدث) أي: ولا يجوز أن يحدث (بيعة) بكسر الباء متعبد النصارى (ولا كنيسة) وهي: متعبد اليهود، وكانت الكنيسة والبيعة في الأصل يطلقان على متعبدهما، ثم غلب في الاستعمال على ما قلنا، وأهل مصر يطلقون الكنيسة على متعبدهما ويخصون اسم الدين بمتعبد النصارى (في دارنا) معاشر المسلمين لرواية البيهقي، قال عليه الصلاة والسلام:(لا خصاء في الإسلام ولا بنيان كنيسة) ووجه الاشتراك بينهما: أن في كل منهما نوع ضعف أو تغيير على عليه أصل ذلك الشيء، وقد قيل: إن المراد بالخصاء نزع الخصيتين أو هو كناية عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التخلي عن إتيان النساء كالرهبان ولا شك أنه خصي معين ومن الإحداث نقلها من مكان إلى آخر، والصومعة وبيت النار كالكنيسة وفي (الدراية) الأمصار ثلاثة: ما مصره المسمون كالكوفة فلا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة ولا يجتمع لصلاتهم ولا صومعة فيها بإجماع العلماء، ولا يمكنون من إظهار شرب الخمر واتخاذ الخنزير وضرب الناقوس، وما فتحه المسلمون عنوة كذلك، وثالثها: ما فتح صلحا فإن وقع على أن الأرض لهم والخراج لنا جاز إحداثهم، وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية كان الحكم في الكنائس على ما يقع عليه الصلح، فإن كان على شرط إحداث لم يمنعوا، والأولى أن لا يفعل، وإن مطلقا لا يحدثون وتبقى القديمة وعلى هذا لم يمنعوا، والأولى أن لا يفعل، وإن مطلقا لا يحدثون وتبقى القديمة وعلى هذا فإطلاق المصنف محمول على ما إذا لم يعق الصلح على أن الأرض لهم أو على الإحداث إلا أن ظاهر الرواة لاستثناء فيه، ومن ثم صدر في (الفتح) هذا التقسيم بقيل، وإطلاق المصنف يعم الأماكن كلها حتى السواد أو القرى وهذا في السواد والقرى هو الذي رواه ابن زياد عن الإمام، وبه أخذ عامة المشايخ كذا في (الخانية)، وفي (الفتح) هو المختال، وقال السرخسي وعليه مشايخ بلخ وهو الأصح.
والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر:(لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)، قيد بالإحداث لأن القديم منها وهو ما كان قبل فتح الإمام البلدة يبقى إذا صالحهم الإمام على قرارهم على أراضيهم، لأنه قد جرى التوارث بترك البيع والكنائس إلى يومنا هذا، وهذا في السواد باتفاق الروايات، واختلف كلام محمد في الأمصار فذكر في (العشر والخراج) أنها تهدم وفي الإجارة أنها لا تهدم وعمل الناس على هذا.
وفي (التتارخانية): وهو الأصح، قال في (الفتح): وعلى هذا لو مصرنا برية فيها ديورا وكنيسة فوقع في داخل السور ينبغي أن لا تهدم لأنه كان مستحق للأمان قبل وضع السور فيحمل ما في جوف القاهرة من الكنائس على ذلك لأنها كانت فضاء فأدار العبيديون عليها السور ثم فيها الآن كنائس، ويبعد من إمام تمكين الكافر من إحداثها في المدن الإسلامية، فالظاهر أنها كانت في الضواحي فأدير السور عليها، وعلى هذا فالكنائس الآن الموجودة في دار الإسلام غير جزيرة العرب كلها ينبغي أن لا تهدم، لأنها إن كانت في أمصار قديمة فلا شك أن الصحابة والتابعين حين فتحوا
ويعاد المنهدم من الكنائس والبيع القديمة ويميز الذمي عنا في الزي.
ــ
المدينة علموا بها وأبقوها، وبعد ذلك ينظر فإن كانت البلدة فتحت عنوة حكمنا بأنهم أبقوها مساكن لا معابد فلا تهدم، ولكن يمنعون من الاجتماع فيها للتقرب وإن عرف بأنها فتحت صلحا حكما بأنهم أقروها معابد فلا يمنعون من ذلك بل من الإظهار انتهى.
ولذا قال محمد: كل قرية من قرى أهل الذمة لو مصر أو حديقة لهم أظهروا فيها شيئا من الفسق كالزنا والفواحش التي يحرمونها في دينهم يمنعون منه، وكذا عن المزامير والطنابير والغناء ومن كثر شيئا من ذلك لم يضمن، وكذا يمنعون من [333/أ] اتخاذ الخنزير (ويعاد المنهدم من البيع والكنائس القديمة)، لأن الإمام لما أقرهم / وقد علم أن الأبنية لا تبقى فقد عهد إليهم بالإعادة وفيه إيماء إلى أن الزيادة عليه لا تجوز وبه صرح في (الخانية) وغيرها.
قال في (عقد الفوائد) وهذا يؤخذ منه أنهم لا يبنون ما كان باللبن بالآجر ولا ما كان بالآجر بالحجر ولا ما كان بالجريد وخشب النخل بالنقى والساج ولا بياضا لم يكن. قال ولم أجد في شيء من الكتب المعتمدة أن لا تعاد إلا بالنقض الأول، وكون ذلك مفهوم الإعادة شرعا أو لغة غير ظاهر عندي على أنه وقع في عبارة محمد يبنونها، وفي إجارة (الخانية) يعمروا وليس فيهما ما يشعر باشتراط النقض الأول، وفي (الحاوي القدسي) وإذا انهدمت البيع والكنائس القديمة لذوي الصلح أعادوها باللبن والطين إلى مقدار ما كان قبل ذلك ولا يزيدون عليه ولا يشيدونها بالحجر والشيد والآجر، وإذا وقف الإمام على بيعة جديدة أو بني منها فوق ما كان في القديم خربها، وكذا ما زاد في عمارة العتيق انتهى.
ومقتضى النظر أن النقض الأول حيث وجد كافيا للبناء الأول لا يعدل عنه إلى آلة جديدة إذ لا شك في زيادة الثاني على الأول حينئذ، وبقي ما لو هدت بغير وجه شرعي فنقل السبكي من الشافعية الإجماع على أنها لا تعاد، قال في (الأشباه) ويستنبط منه أنها إذا قفلت ولو بغير وجه شرعي لا تفتح انتهى، وفيه نظر لا يخفى (ويميز الذمي عنا) معاشر المسلمين (في الزي) بكسر الزاي أي: اللباس والهيئة بما في (الصحاح) بأن يجعل له علامة تميزه عن المسلمين فيها هوان وصغار لئلا يعامل معاملتهم من التوقير والإجلال وربما مات فجأة في الطريق فلا يعرف فيصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويستغفر له وكل ذلك لا يجوز.
واختلف المشايخ هل يشترط في التمييز ثلاث علامات أو يكتفى بعلامة واحدة أو علامتين، قال بعضهم: يكتفى بواحدة أما على الرأس كالقلنسوة الطويلة
والمركب والسرج فلا يركب خيلا، ولا يعمل بالسلاح.
ــ
المضربة أو على الوسط كالكستيج أو على الرجل كالنعل والمكعب على خلاف نعالنا، ومنهم من قال في النصارى يكتفى بواحدة وفي اليهود بعلامتين وفي المجوس إلى ثلاث وإليه مال ابن الفضيل، وبه كان يفتي بعضهم، قال شيخ الإسلام: والأحسن أن يكون في الكل ثلاث علامات، وكان الحاكم يقول: إن صالحهم أو أعطاهم الذمة بعلامة واحدة لا يزاد عليها، وأما إذا فتحها عنوة كان له أن يلزمهم العلامات وهو الصحيح كذا في (التتارخانية).
وفي (الفتح) وإذا عرف أن المقصود العلامة فلا يتعين ما ذكر بل يعتبر في كل بلدة ما تعارفه أهله، وفي بلادنا جعلت العلامة في العمامة فألزم النصارى بالزرقاء واليهود بالصفراء واختص المسلمون باليضاء أنتهى. إلا أنه في (الظهيرية) قال: وأما لبس العمامة والزنار الإبريسم فجفاء في حق أهل الإسلام، ومكسورة لقلوبهم وهذا يؤذن بمنع المتميز بها ويؤيده ما في (التتارخانية) حيث صرح بمنعهم من القلانس الصغار وإنما تكون طويلة من كرباس مصبوغة بالسواد مضطربة مبطنة، وهذا في العمامة أولى وإذا عرف هذا فمنعهم من لبس العمائم الآن هو الصواب الواضح بالتبيان فأيد الله سلطان زماننا إذ منعهم من لبسها ولسعادته أيد ولملكه شهيد ولأمره سدد، وإذا لبس قميصا كان زيله قصيرا وجيبه على صدره كما يكون للنساء كما ذكره في (التتارخانية)، وإذا عرف هذا فمنعهم من الثياب الفاخرة حريرا أو غيره كالصوف الرفيع والحرج الرفيع والأبراد الرفيعة أولى كما صرح به في (فتح القدير)، قال: ولا شك في وقوع خلاف هذا في هذه الديار ولا شك في منع استكتابهم وإدخالهم في المباشرة التي يكون بها تعظيما عند المسلمين بل ربما يقف بعض المسلمين خدمة له خوفا من أن يتغير خاطره منه فيسعى به عند مستكتبه سعاية توجب له منه الضرر.
وفي (الحاوي القدسي) وينبغي أن يلازم الذمي الصغار فيما بينه وبين المسلم في كل شيء، قال في (الفتح) فعلى هذا يمنع من القعود حال قيام المسلم عنده قال في (الذخيرة) ولو قام له المسلم إن كان تعظيما له أو لغناه كره وإن لطمعه في الإسلام فلا بأس به وجزم الطرسوسي بأنه إن قام تعظيما لذاته وما هو عليه كفر، قالوا: ويجب أن يميز نساؤهم أيضا عن نسائنا في الطرقات والحمامات ويجعل على دورهم علامات كي لا يقف عليهم سائل يدعو لهم بالمغفرة، وفي (الخانية) ولا تؤخذ عبيد أهل الذمة بالكستجات، (و) في (المركب والسرج فلا يركب خيلا ولا يعمل بالسلاح) قيد بذلك لأن له ركوب الحمار وألحق بعضهم البغل بالحمار، وهذا قول المتقدمين
ويظهر الكستيج ويركب سرجا كالإكف ولا ينتقض عهده بالإباء عن الجزية والزنا بمسلمة وقتل مسلم وسب النبي صلى الله عليه وسلم.
ــ
[333/ب] لكنه مقيد بأن يكون / على الأكف مع مخالفته لهيئة المسلمين صرح به في (الذخيرة) كذا في (عقد الفوائد)، وظاهر أن المخالفة لهيئتهم إنما تكون إذا ركبوا من جانب واحد وغالب ظني أنني سمعته من الشيخ الأخ كذلك، واختار المتأخرون أنهم لا يركبون أصلا إلا إذا خرجوا إلى قرية أو نحوها أو كان مريضا وحاصله إلا لضرورة فيركب ثم ينزل في جامع المسلمين إذا مر بهم كذا في (الفتح).
وفي (المجمع) وهو الأصح واستثنى في (الذخيرة) من منع الخيل ما لو دعت الحاجة إلى ذلك بأن استعاد بهم الإمام في المحاربة والذب عن المسلمين لكنه يركب في هذه الحالة بأكاف لا بسرج كما قال بعضهم (ويظهر الكستيج) لأنه من أعلام الكفر وهو: فارسي معرب، معناه: بلغة العجم العجز والذل هو خيط غليظ بقدر الإصبع يشده الذمي فوق ثيابه وكذا عن أبي يوسف وقيده في (المجمع) بالصوف.
وشرط في (التتارخانية): أن يكون غير منقوش وأن لا يكون له حلقة وإنما يعقده على اليمين أو الشمال (ويركب سرجا كالأكف) جمع أكاف وهو معروف والسرج الذي على هيئته وهو ما يجعل على مقدمته شبه الرمانة والوكاف لغة ومنه أوكف الحمار وأكفه كذا في (المغرب) وفسر العيني أكاف الحمار بالبردعة (ولا ينتقض عهده) أي: عهد عقده للجزية (بالإباء عن) دفع (الجزية) لأن التزامها باق وبالإباء تؤخذ منه جبرا وفي رواية ذكرها في (الواقعات) أنه ينقض وهو قول الثلاثة، قيد بالإباء عن دفعها لأنه لو امتنع من قبولها انتقض عهده كذا في (الفتح) والزنا ولا يالزنا (بمسلمة) لأنه يقام عليه موجبه وهو الحد وفيه إيماء إلى أنه لا ينتقض أيضا بإصابته إياها بنكاح وإن عزرا وكذا الساعي بينهما (وقتل مسلم) لأن القصاص منه يستوفى به فلذا لا ينتقض عهده بإفتان مسلم عن دينه أو بقطع طريق (وسب النبي صلى الله عليه وسلم) لأنه كفر من الذمي كما هو ردة من المسلم، والكفر المقارن لعقد الذمة لا يمنعه في الابتداء فأولى أن لا يرفعه في حال البقاء.
قال في (الفتح): والذي عندي أن سبه صلى الله عليه وسلم أو نسبة ما لا ينبغي إلى الله تعالى إن كان ممن لا يعتقدونه كنسبة الولد إليه تعالى وتقدس إذا أظهره يقتل به وينتقض عهده وإن لم يظهر لكن عثر عليه وهو ينكره فلا، لأن دفع القتل والقتال عنهم بقبول الجزية مقيد بكونهم صاغرين أذلاء ولا خلاف أن المراد استمرار ذلك لا مجرد القبول وإظهار ما هو الغاية في التمرد؟ وعدم الالتفات والاستخفاف ينافي أن يكون جاريا على العقد الذي يدفع عنه القتل انتهى ملخصا، ثم قال: وهذا البحث يوجب أنه إذا
بل بالالتحاق ثمة أو بالغلبة على موضع للحراب وصاروا كالمرتد ويؤخذ من تغلبي وتغلبية ضعف زكاتنا.
ــ
استعلا على المسلمين على وجه صار مستمرا عليه حل للإمام قتله أو يرجع إلى الذل والصغار. قال العيني: وأختار في السب أنه يقتل ولا كلام أنه يعاقب على ذلك كما إذا شتم دين الإسلام أو القرآن ذكره في (الحاوي القدسي)، (بل) ينقض عهده (بالالتحاق) إلى دار الحرب أو بالغلبة على موضع للحراب لأنهم بذلك صاروا حربا علينا فعري عقد الذمة عن الفائدة وفي نكاح المشرك من (فتح القدير) لو جعل نفسه طليعة للمشركين قتل لأنه محارب معنى وقال هنا: إن عهده لا ينتقض بدلالته على عورات المسلمين ونحوه في (المحيط) حيث قال: لو كان يخبر المشركين بعيوب المسلمين أو يقاتل رجلا من المسلمين ليقتل لا يكون نقضا للعهد والطليعة واحدة الطلائع في الحرب وهم الذين يبعثون ليطلعوا على أخبار العدو وكذا في (المغرب) فيحمل الأول على ما إذا بعثوه لذلك والثاني على ما إذا لم يبعثوه وأفاد أنه لا ينتقض بالقول وبه صرح في (المحيط).
ويشكل عليه ما قدمناه من أنه لو امتنع من قبول الجزية نقض عهده وليس ذلك إلا بالقول، (فصاروا) أي: أهل الذمة بالالتحاق أو بالغلبة (كالمرتد) في الحكم بموتهم باللحاق فيقسم مالهم بين ورثتهم وفي قبول توبتهم فنفود ذمتهم وفي بينونة زوجاتهم التي تركوها في دار الإسلام إجماعا وفي أن ما لحقوا به من المال يكون فيئا أما إذا عادوا بعده إلى دارنا وأخذوا من مالهم أشياء ولحقوا به فإنه يكون لورثتهم قبل القسمة مجانا وبعدها بالقيمة كذا في (الفتح) وفي أنهم إذا عادوا إلى الذمة لا يؤاخذون بحقوق لحقتهم في المحاربة من القصاص والمال بخلاف ما قبلها كما في (المحيط)، وفي قتلهم ودفع مالهم لورثتهم وعلى هذا اقتصر الشارح.
قال في (الفتح): فإن عاد بعد الحكم باللحاق ففي رواية يكون فيئا وفي رواية لا، ولا يبعد أن يقال: انتقاله للمكان الذي تغلبوا فيه كانتقاله إلى دار الحرب إن لم يكن محل / الروايتين ما لم يعد ثانيا وخالفوا المرتد في أنهم يسترقون ولا يجبرون [334/أ] على قبول الجزية وأما المرتد فلا يسترق ويجبر على الدخول في الإسلام (وتؤخذ من تغلبي) بالغين بمثناة معجمة ولام مكسورة نسبة إلى بني تغلب بن وائل بن ربيعة قوم تنصروا في الجاهلية وسكنوا قرب الروم (ضعف زكاتنا) بذلك صالحهم عمر رضي الله تعالى عنه وعليه إجماع الصحابة ثم الفقهاء ونبه بقوله زكاتنا إلى أن المأخوذ وإن
ومولاه كمولى القرشي والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب وما أخذنا منهم بلا قتال يصرف في مصالحنا كسد الثغور.
ــ
كان جزية في المعنى إلا أنه لا يراعى فيه شرائطها من وصف الصغار وتقبل من النائب بل شرائط الزكاة وأسبابها لأن الصلح وقع كذلك ولذا أخذ من المرأة لأهليتها لها بخلاف الصغير والمجنون حيث لا يؤخذ من مواشيهم وأموالهم بخلاف أراضيهم، وإذا كان كذلك فيأخذ الساعي من غنمهم السائمة من كل أربعين شاة شاتين ومن كل مائة وإحدى وعشرين أربع شياه وعلى هذا في الإبل والبقر، (ومولاه) أي: معتق التغلبي (كمولى القرشي) في أن كل منهما لا يتبع أصله حتى توضع الجزية والخراج عليهما وإن لم يوضع على أصلهما لأن عدم الوضع عليها تخفيف والمعتق لا يلحق بالأصل فيه، ألا ترى أن الإسلام أعلى أسباب التخفيف.
ولو كان المسلم مولى نصراني وضعت عليه الجزية ولم يتعد إليه التخفيف فلأن لا يتعدى بوصف غيره أولى، وأما قوله عليه الصلاة والسلام (مولى القوم منهم) فعام مخصوص بالإجماع فإن مولى الهاشمي لا يتبعه في الكفاية للهاشمية والإمامة فجاز تخصيصه بالمعنى المذكور أيضا أو أنه أريد به خاص وهو عدم دفع الزكاة ولأن حرمة الصدقة ليس تخفيفا والحرمات تثبت بالشبهات، ونقض بمولى الغني فإن حرمة الصدقة لم تتعد إليه وأجيب بأنه أهل للصدقة في الجملة بدليل أنه لو كان عاملا عليها أعطى كفايته منها بخلاف الهاشمي (والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب) فيه إيماء إلى أن للإمام أن يقبلها ويضعها في بيت المال.
وقيده في (الذخيرة) بأن يغلب على ظنه أن المشتركين يقع عندهم أن القتال لإعلاء كلمة الله تعالى لا لطمع دنيوي وقيل: إنما تقبل من شخص لا يطمع في إيمانه لو ردت هديته وقيل: من شخص علم أنه لا تقل صلابة المسلمين في حقه بل تبغي المسلمون على عزتهم وصلابتهم أما من كان من المشركين يغلب على الظن ظنه أن قتال المسلمين لطمع أو يطمع في إيمانه لو ردت هديته أو أن المسلمين تقل صلابتهم وعزتهم لا تقبل هديته، وقيل: تقبل في حالة الصلح والمسألة في (السراج)(وما أخذنا منهم بلا قتال) بل بالصلح على ترك القتال قبل نزول العسكر بساحتهم ودخل فيه ما لو أخذ العاشر منهم ومن أهل الذمة ومال نجران ومنه تركة أهل الذمة كما في (الظهيرية)(يصرف في مصالحنا) نبه بذلك على أنه لا يخمس ولا يقسم بين الغانمين، (كسد الثغور) وهي المواضع التي يخاف هجوم العدو منها إلى
وبناء القناطر والجسور وكفاية القضاة والعلماء والمقاتلة وذراريهم ومن مات في نصف السنة حرم عن العطاء.
ــ
دار الإسلام وأصله الهدم سمي بذلك لانقلابه وإمكان دخول العدو منه (وبناء القناطر) جمع قنطرة وهي ما لا ترفع الأحكام بنائها (وكفاية القضاة) والعمال كذا في نسخة العيني جمع عامل وهو الذي يعمل للمسلمين كالكتاب عند القضاة وشهود الغنيمة والرقباء على السواحل (و) كفاية (العلماء) زاد في (التجنيس) والمتعلمين.
قال في (الفتح): وبهذا تدخل طلبة العلم، وفي حظر (الخانية) سئل الرازي عن بيت المال هل للأغنياء فيه نصيب؟ قال: لا إلا أن يكون عالما أو قاضيا وليس للفقهاء فيه نصيب إلا فقيه فرغ نفسه لتعليم الفقه والقرآن.
قال في (البحر): فيحمل ما في (التجنيس) على ما إذا فرغ نفسه لذلك بأن يصرف غالب أوقاته في العلم، ودخل المفتي وبه صرح في (المحيط)، وفي مسائل (الفتاوى) لكل قارئ في كل سنة مائتا دينار أو ألفا درهم إن أخذها في الدنيا وإلا يأخذها في الآخرة، وفي (الحاوي القدسي) ولم يقدر في ظاهر الرواية قدر الأرزاق سوى قوله ما يكفيهم وذراريهم وسلاحهم وأهاليهم، وما ذكر في الحديث لحافظ القرآن وهو المفتي اليوم مائتا دينار، وعن عمر أنه زاد فيه دليل على قدر الكفاية انتهى.
وفي (القنية) كان أبو بكر يسوي في العطاء، وكان عمر يعطيهم على قدر الحاجة والفقه والفضل والأخذ بما فعله عمر في زماننا أحسن، (و) كفاية (المقاتلة وذراريهم) أي: ذراري من ذكر لأن مال بيت المال لمصالح المسلمين وهؤلاء عملتهم ونفقة الذراري على الآباء فلو لم تحصل الكفاية لاحتاجوا إلى / الاكتساب [334/ب] كذا قالوا وهذا يقتضي أن المراد بكفاية غير الذراري كفاية أنفسهم وأنه لا حق لهم بعد موت الآباء وإلى هنا تمت. مصارف بيت المال ثلاثة: مصرف الزكاة والعشر ومصرف خمس الغنائم، ومصرف الجزية والخراج، وبقي رابع وهو اللقطات والتركات التي لا وارث لها ودية مقتول لا ولي له ومصرفه اللقيط الفقير والفقراء الذين لا أولياء لهم يعطون منه نفقتهم وأدويتهم وتكفين أمواتهم وعقل جنايتهم.
قالوا: وعلى الإمام أن يجعل لكل نون بيتا يخصه فإن خلى بعضها كان له الاستقراض من النوع الآخر ليصرفه إلى ذلك النوع ثم إذا حصل منه شيء رده في المستقرض منه إلا أن يكون ما صرفه من الصدقات والخمس على أهل الخراج فلا يرد شيئا لأنهم مستحقون للصدقات بالفقر وكذا في غيره إذا صرفه للمستحق، وعليه أن يتق الله ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته فإن قصر كان الله عليه حسيبا (ومن مات) ممن ذكر (في نصف السنة حرم من العطاء) أي: عما يصرفه إليه فلا يدفع إليه