المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب خيار الرؤية - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌باب خيار الرؤية

‌باب خيار الرؤية

ــ

ولو قال البائع: سلمته لك ذا حرفة لكنه نسي والمدة تحتمله، وقال المشتري: لم أجده كذلك، فالقول فرق بين هذا وبين ما لو باعه ثوبه على أنه وروي ثم اختلقا في كونه هروبًا فالقول للبائع، وذلك أن البائع لما قال: بعتك على أنه يروي فقبل المشتري صار كأنه قال: اشتريته على أنه نووي فكان مقود بكونه هروين فدعواه خلافه تناقض، وأفا في رسالتنا فالاختلاف في المقبوض والقول فيه للمشتري، والمسالة بحالها رجع بالنقصان بأن يقوم كاتبة وغير كاتب فيرجع بالتفاوت، هذا هو ظاهر الرواية وه والصحيح وعن الإمام أنه لا يرجع بشيء.

واعلم أنه ليس كل الأوصاف يصح العقد باشتراطها/ بل الضابط فيها أن كل وصف لا غرر فيه فاشتراطه جائز لا ما فيه غرر إلا أن يكون اشتراطه له بمعنى البراءة من وجود بان لم يكن مرغوبا فيه وعلى هذا تفرع ما لو باع ناقة أو شاة على أنها حامل أو تحلب فسد البيع، ولو شرط أنها حلوب جازت واختلف في اشتراط حمل الجارية فقيل: لا يجوز كالناقة وقيل: يجوز لأنه فيهن عيب فكان ذكره للبراءة منه وهو الصحيح، كما في (الثانية) إلا أن يكون في بلد يرغبون فيها في شراء الجواري للأولاد ولو قال: على أنها ذات لبن فالأكثر على الجواز وقيل: لا يكون ولو اشترى قلنسوة على أن حشوها قطن فإذا هو صوف فالصحيح الجواز ويرجع بالنقصان، وفي (البدائع) شرط أنها مغنية إن كان للتبرؤ منه لا يفسد البيع، وإن للرغبة فيه فسد.

وفي (الثانية) اشترى ثوبه على أنه مصبوغ بالعصفر، فإذا هو أبيضا جاز، وخسر وفي عكسه يفسد، ولو اشترى سويقًا على أن البائع لته بمن من لمؤمن يتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه أته بنصف من جاز البيع، ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا غايته انتفى الغرور. كما لو اشترى صابونة على أنه متخذ من كذا جهة من الدفق فظهر أنه متخذ من أقل من ذلك والمشترك ينظر إلى الصابون وقت الشراء، أو قميصًا على أنه من عشرة أذرع فإذا هو من تسعة، والفروع كثيرة والأعمار قصيرة وإذا كنت من أهل التقصير فمالي ولي التكفير، جعل الله هذا الوضع خالصا لوجهه الكريم مجاز عليه في دار النعيم آمين.

باب خيار الوخيمة

قدمه على خيار العيب لأنه يمنع تمام الحكم، وذاك يمنع لزوم الحكم بعد التمام والإضافة من قبيل إضافة الشيء إلى شرطه لأمن الرؤية شرط ثبوت الخيار، وعدم الرؤية هو السبب لثبوت الخيار عند الرؤية ولا يثبت هذا الخيار إلا في أربعة مواضع:

ص: 379

شراء ما لم يره جائز

ــ

شراء الأعيان والإجارة، والصلح عن دعوى مال على عين، والقسمة فلا يكون في الديون كالمسلم فيه، ولا في الأثمان الخالصة بخلاف ما لو كان المبيع إناء من أحد النقدين فإن فيه الخيار، ولو تبايعا مقايضة ثبت الخيار لكل منهما، ومحله كل ما كان في عقد ينفسخ بالفسخ، لا ما لا ينفسخ كالمهل وبدل الصلح عن القصاص وبدل الخلع كذا في (الفتح)،ألثراء ما لم يكره جائزة لما رواه ابن أبي سعيد وغيره مرسلا عن مكحول مرفوعا:(من اشترى شيئا لم يره فله الخيار وإذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه).

قال في (الفتح): ولا بد من كون المراد بالرؤية العلم بالمقصود فهو من عموم المجاز، عبر بالرؤية عن العلم بالمقصود فصارت حقيقة الرؤية من أفراد المعنى المجازي، وهذا لوجود مسائل اتفاقية لا يكتفى بالرؤية فيها مثل ما إذا كان المبيع مما يعرف بالشم كمسك اشتراه وهو يراه فإنه إنما يثبت الخيار له عند شمه فله الفسخ عند شمه بعد رؤيته.

وكذا لو رأى شيئا ثم اشتراه فوجده متغيرة لادن تلك الرؤية غير معرفة للمقصود الآن، وكذا شراء الأعمى يثبت له الخيار عند الوصف فأقيم فيه الوصف مقام الرؤية انتهى، وبه اندفع ما في (العناية) من أن قوله لم يره معلب وهو يقتضي تصور الإيجاب، وهو إنما يكون في البصير فإن هذا إنما يتم بناء على إبقاء الرؤية على بابها لا على أنها بمعنى العلم.

واعلم أن الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه شرط الجواز، كان اشترى جرابا فيه أثواب هروية أو زيتي في حق أو حنطة في حرارة أو يقول: بعتك درة في كمي صفتها كذا أو ثوبا صفته كذا أو هذه الجارية وهي حاضرة متنقبة فإن لم يشر إليه ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع، دوره في (المبسوط (وغيره، لكن إطلاق (الكتاب) يقتضي الجواز سواء سمى جنس المبيع أو لا، وسواء أشار إلى مكانه أو إليه وهو حاضر مستور ولا مثل أن يقول: بحت منك ما في كمي بل عامة المشايخ قالوا: إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده، وطائفة قالوا؟ لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه.

قال في (الفتح): والظاهر أن المواد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة وغيره لبعد القول بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا كان يقول: بعتك شيئا بعشرة انتهى، وهذا التقرير ظاهر في أنه لو قال: بعتك عشرة أرادب من القمح أن لا يصح البيع، لأنه لم

ص: 380

وله أن يرده إذا رآه وإن رضي قبله ولا خيار لمن باع ما لم يره

ــ

نشر إليه ولا إلى مكانه، وبه جزم في (الدرر والغرر). قال في (الحواشي السعدية): وفي كون هذا شرط جواز البيع سيما بالإجماع كلام (وله) أي: للمشتري (أن يرده) أي يرد ما اشتراه فإذا رآه، وإن رضي قبلها أي: قبل رؤيته بأن قال: رضيت بالبيع قبل هذا يوهم تحقق الرضا قبلها وفساده ظاهر فلو قال وإن قال رضيت لكان أولى وقد يقال: بل الرضى قبلها يتحقق لكنه لا يعتبر مسقطا وهذا لأن الخيار معلق بالنص بالرؤية، ولا وجوده لمعلق قبل الشرط.

وأما قول صاحب (الهداية) ولأن الرضى بالشيء قبل العلم بأوصافه لا يتحقق فلا يعتبر قوله رضيت قبله فقال في (الفتح):/ لو تتم لزم أن لا يصح البيع بشرط البراءة من العيوب انتهى، ويجوز أن يقال المراد العلم الشخصي بأوصافه، وأفا البيع بشرط البراءة فإبراء وهو عن المجهول صحيح كما سيأتي، واعترض بأنه لو لم يكن له خيار قبل الرؤية لما ملك الفسخ مع أنه يملكه في الأصح، وأجيب بأنه إنما يثبت له بسبب آخر هو عدم لزوم هذا العقد على أن المستوي وما كان غير لازم عليه له أن يفسخه، ونظم فيه (العناية (بان عدم اللزوم باعتبار الخيار فهو ملزم للخيار والخيار معلق بالرؤية لا يوجد بدونها، فكذا معزومه لأن ما هو شرط للازم فهو شرط للمهزوم انتهى، وهو ظاهر في أنه ظاهر قبل الرؤية بات.

وبه صرح في (الفتح) حيث قال: وقولكم عدم اللزوم بسبب آخر قبل الرؤية قلنا: نمنع تحقق عدم اللزوم بل نقول: قبل الرؤية البيع بات فليس له فسخه إلى غاية الرؤية فيرفعه عندها فيثبت قدرة الفسخ والإجازة معه، وما في (البحر) من أنه مردود لان اللازم ما لا يقبل الفسخ من أحدهما وهذا يقبله إذا رآه هو بالرد أليق، لأن الشارع حيثما علق إثبات قدرة الفسخ والإجازة بالرؤية لزم القوة بلزومه قبله نعم.

أجاب في (الحواشي السعدية) بانا لا نسلم أن عدم لزومه للخيار، بل لعدم وقوعه منبرمًا غاية ما في (الكتاب) أن عدم الانصرام باعتبار أنه يثبت له الخيار عند الرؤية وهذا لا يستلزم عدم وجوده بدونها، واعلم أنه مبني على الأصح من جواز الفسخ (ولا خيار لمن باع ها لم يره)، بذلك قضى جبير بن مطعم كما رواه البيهقي وغيره، وهو الذي رجع إليه الإمام وقدمنا بثبوته في بيع المقايضة.

وفي (الظهيرية) اشترى جارية بعبد وألف يتقابضا ثم رد بائع الجارية العبد بخيار الرؤية لم ينتقل البيع في الزاوية بحصة الألف لما قدمناه من أنه لا خيار في

ص: 381

ويبطل بما يبطل به خيار الشرط وكفت رؤية وجه الصبرة والرقيق

ــ

الدين، وفي (الولوالجية): أراد أن يبيع صنيعة على وجه لا يكون للمشتري خيار الرؤية فالحيلة أن يقر بثوب لإنسان ثم يبيع الثوب مع الصنيعة ثم المقر له يستحق الثوب المقر به، فيبطل خيار المشتري لأنه اشترى شيئين صفقة واحدة وقد استحق أحدهما فليس له أن يرد الباقي بخيار الرؤية، لأن فيه تفريق الصفقة.

(ويبطل) خيار الرؤية بعد ثبوته دل محلى هذا قوله قبله وإن رضي قبله (بما يبطل به خيار الشرط) سواء كان خيار الشوط للبائع أو للمشتري، وفيه إيماء إلى أنه غير مؤقت خلافًا لما ذهب إليه بعضهم من أنه مؤقت بقدر ما يتمكن فيه من الفسخ، والمختار أنه يبقى إلى أن يوجد ما يبطله من الرضا صريحاً أو التعصب أو تصرف لا يرتفع كالإعتاق والتدبير أو يوجب حقا للغير كالبيع ولو بشرط الخيار للمشتري والهبة مع التسليم والرهن والإجارة إلا أنه في هذه لا يتقيد بما بعد ثبوته بل يبطل قبله، ومعناه خروجه عن صلاحية أن يثبت له الخيار عندهما، وإلا فالخيار معلق بها فكيف يبطل قبلها؟ بخلاف ما لا يوجبه كالبيع بخيار للبائع والمساومة بالمبيع وهبته بلا تسليم، وبهذا اندفع إيراد الآخذ بالشفعة والعرض على البيع فإن خيار الشرط يبطل بهما دون الرؤية وهذا هو ظاهر الرواية في الشفعة وهو المختار.

وفي (الخانية): لو عرض بعض المبيع على البيع بطل عند محمد خلافا لأبي يوسف، وقول الإمام محمد وإنما يبطل خيار الرؤية لأن الرضى صريحا غير مسقط قبله فالدلالة أولى، والظاهر أن هذه الكلية غير منعكسة لأنه لو قبض المبيع بعد رؤيته لم يبطل خيار الشرط، وبطل خيار الرؤية، وقالوا: لو هلك بعض المبيع بطل خيار الرؤية دون خيار الشرط والعيب، ذكره المحبوبة يعني فيما إذا كان الخيار للبائع لما مر من أن تعيبه في يد المشتري يسقط خياره (وكفت رؤية وجه الصبرة)، لأن رؤية أجزاء المبيع غير شرط في انتفاء خيار الرؤية لتعذره عادة وشرعت فاكتفى بما يدل على العلم بالمقصود، فإذا رآه جعل غير المرئي تبعد للمرئي.

(و) معنى هذه المسألة أنه لو رأى وجه الصورة أو (الرقيق) أو ظاهر الثوب مطويًا قبل الشراء، ثم اشترى بعد ذلك فلا خيار له لا أنه بعد الشراء يسقط خياره بذلك كما توهمه بعض الطلبة واستشكلت بأن الأصح أنه غير مؤقت، بل له الفسخ في جميع عمره ما لم يسقطه بقول أو فعل يدل على الرضا، فكيف يسقط بمجرد الرؤية إلى ما ذكر؟ ولا إشكال محلى ما ذكر وسيأتي ما يرشد إليه وهذا إذا كانت في وعاء واحد، وإن كانت في وعاءين اختلف المشايخ، والأصح أنه يبطل برؤية البعير أيضا بشرط أن لا يكون الباقي أردأ من المرئي فإن كان له الخيار، أي: خيار العيب لا خيار

ص: 382

والدابة وكفلها وظاهر الثوب مطويًا وداخل الدار

ــ

الرؤية، كما في (الينابيع). وعلله في (الكافي) بأنه إنما وضي بالصفة التي رآها/ لا بغيرها، وهذا يفيد أنه خيار رؤية، قال في (الفتح): والتحقيق أنه في بعض الصور خيار عيب وهو ما إذا كان اختلاف الباقي يوصله إلى حد العيب، وخيار رؤية إذا كان الاختلاف لا يوصله إلى اسم المعيب، بل أدون وقد يجتمعان فيما إذ اشترى ما لم يرده فلم يقبضه حتى ذكر البائع به عيبًا ثم أراه المبيع في الحال، وعندي أن ما في (الكافي) هو التحقيق، وذلك أن هذه الرؤية إذا لم تكن كافية فما الذي أسقط خيار رؤيته حتى انتقل منه إلى خيار العيب فتدبره؟ ووجه الرقيق أو أكثره كما في (السراج) عبدًا كان أو أمة لأن سائر الأعضاء في العبيد وإلا ما تبع للوجه، ولذا تفاوتت القيمة إذا فرض تفاوت الوجه مع تساوي الأعضاء، ودل كلامه أنه لو نظر لسائر أعضائه غير الوجه لا يسقط خياره.

وبه صوح في (السراج)(و) وجه (الدابة وكفلها) أي: مع كقلها بفتحتين بمعنى العجز لأنهما المقصودان وهذا قول أبي يوسف، واكتفى محمد برؤية الوجه، والأول هو الصحيح قاله ابن ملك وأفاد أن رؤية القوائم غير شرط وشرطها بعضهم، والأول هو المروي عن أبي يوسف وهو الصحيح، كما في (الدراية) وأراد بها التي تركب احترازًا عن الشاة، فإن كانت شاة لحم فلا بد مق جسها، أو فتيته للدر والنسل فلا بد مق النظر إلى ضرعها والبقرة الحلوب والناقة كذلك، وشرط في (الظهيرين) مع النظر إلى ضوعها سائر جسدها. قال في (البحر): فليحفظ بأن في بعض العبارات ما يوهم الاقتصار على رؤية ضرعها انتهى.

وأقول: الظاهر أنه لو اقتصر على رؤية الضرع كما جزم به غير واحد وعق الإمام في البرذون والحمار والبغل أنه يكفي أن يرى شيئًا منه إلا الحافر والذنب والناصية كذا في (المجتبى)، (و) كفت رؤية (ظاهر الثوب) حال كونه (مطويًا) لأن البادي يعرف ما في الطي، فلو شرط فتحه لتضرر البائع بتكسير ثوبه ونقصان بهته، نعم لو كان له وجهان فلا بد من رؤيتهما، وكذا لو كان في طيه ما يقصد بالرؤية كالعلم، قيل: هذا في عرفهم أفا في عرفنا فما لم ير باطنه لا يسقط خياره وهو قول زفر، وفي (المبسوط) الجواب على ما قال زفر لأنه استقر خلاف الباطن والظاهر في الثياب.

وقالوا: في البساط لا بد من رؤية جميعه، وفي الجبة يكتفى برؤية ظاهرها إلا إذا كانت البطانة مقصودة بأن كان لها فرو، وفي الوسادة برؤية ظاهرها إن كانت محشوة بما يحشى به مثلها (و) كفت أيضا رؤية مداخل الدار)، قيل: هذا قول زفر وهو الصحيح وعليه الفتوى، واكتفى الثلاثة برؤية خارجها، وكذا برؤية صحنها،

ص: 383

ونظر وكيله بالقبض كنظره لا

ــ

والأصح أن هذا بناء على محادتهم في الكوفة أو بغداد فإن دورهم لم تكن متفاوتة إلا في الكبر والصغر وكونها جديدة أو لا، فأفا ديارنا فهي متفاوتة، قال الشارح؟ لأن بيوت الشتوية والصيفية والعلوية والسفلية ومرافقها ومطابخها وسطوحها تختلف فلا بد من رؤية ذللك كله في الأظهر.

وفي (الفتح): وهذا هو المعتبر في ديارنا مصر والشام والعراق، وبهذا عرف أن كون ما في (الكتاب) قول زفر كما ظنه بعضهم غير واقع لأنه كان في زمنهم و/ يكتف برؤية الخارج فكان مذهبه عدم الاكتفاء مطلقًا، واختار المشايخ التفصيل بين كونها لا تتفاوت فيكتفى برؤية الخارج أو تتفاوت فلا، فبان أنه اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان، وأفا البستان فقيل: يكتفى برؤية رؤوس الأشجار أو رؤية خارجه، وأنكر بعضهم هذه الرواية وقال: المقصود باطنه فلا يكتفى برؤية ظاهره.

وجزم به في (جامع) قاضي خان وهو الذي ينبغي أن يعول عليه، وقالوا: في الكرم لا بد من رؤية عينه من كل نوع، وفي الرمان لا بد من رؤية الحلو والحامض، وفي الدهن في الزجاجة لا بد أن يصبه في كفه عند الإمام، ولو اشترط سمكة في ماء يمكن أخذه فوزه فيه لا يسقط خياره وهو الصحيح، وفي دفوف المغازي لا بد من سماع صوتها، وقد مر ما يشم أو يذاق.

واعلم أن بقاء هذه الخيارات مقيد بأن لا يحدث بالمبيع عيبا، ومن ثم قال في (الظهيرية): اشترى نافجة مسك فأخرج المسك منها ليعمل له الرد بخيار الرؤية لأنه حدت بالإخراج عيب ظاهر، ولو اشترى مغيبة في أرض كالجزر والبصل لم يذكر في ظاهر الرواية، وروى بشر عن الثاني إن كان مما يكال أو يوزن بعد القلع فباعه بعدم نبت فباتا يتم به وجوده تحت الأعرض جاز، فإن قلع البعض هل يثبت له الخيار حتي إذا رضي به يلزم البيع في الكل؟ إن قلع البائع أو المستشري بإذن البائع يثبت لما عرف من أن رؤية بعض المكيل أو الموزون كرؤية الكل، وإن قلعه المشتري بلا إذن إن كان المقلوع له ثمن بطل في الكل، لأنه بالقلع صار المقلوع معيبًا لأنه كان حيا ينظم وبعضه صار مواتا والتسيب في يد المشتري يمنع الرد وإن لا ثمن له لا يبطل، ولو قالي االمشتري: أخاف إن قلعته لا يصالح ولا أقدر محلى الرد، وقال البائع: لو قلعته قد لا ترضى يتطوع إنسان لم بالسلع فإذن وشاحا فسخ القاضي العقد بينهما، فلو كان معدودا إن قلعه البائع والمشتري بإذن كان له الخيار في الباقي، وإن قلعه المشتري بغير إذن لم يكن له الخيار في الباقي هو المختار وكذا في (الفتح) ملخصًا (ونظر وكيل ابالقبضة وهو من يقول له المشتري، وكلمتك بقبضه (كنظره) أي: الموكل (لا)

ص: 384

نظر رسوله وصح عقد الأعمى ويسقط خياره إذا اشترى بجس المبيع وشمه وذوقه

ــ

يكون (نظر رسوله) كنظره وهو من يقول له المشتري: قل لفلان: يدفع إليك المبيع أو أنت رسولي إليه في قبضه أو أرسلتك لقبضه أو أمرتك بقبضه.

وقيل: لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر بأن قال: اقبض المبيع فلا يسقط الخيار، ومنهم من حكى هذا القول فيما إذا قال أمرتك وهذا قول الإمام، وقالا: الوكيل كالرسول لأنه إنما توكل بالقبض دون إسقاط الخيار، ولذا لم يملك إسقاطه قصدًا بأن قبضه مستورًا ثم أراه وأسقط الخيار، وله أن القبض تام وهو أن يقبضه وهو يراه، وناقص وهو أن يقبضه مستورًا والموكل لا يملكه بنوعيه، فكذا الوكيل غير أن التوكيل ينتهي بالناقص منه فلا يملك إسقاطه قصدًا بعد ذلك، قيد بالوكيل بالقبض لأن الوكيل بالشراء فقط تسقط رؤيته اتفاقًا وبالرؤية لأن خيار العيب والشرط لا يسقطان بقبضه اتفاقًا، ولو وكله بالرؤية وقال: إن رضيته تختره لا يصح، كذا في (جامع الفصولين).

وفي (المحيط). وكله بالنظر إلى ما اشتراه ولم يره إن رضي يلوم العقد، وإن لم يرضن يفسخه يصح التوكيل فيقوم نظره مقام نظر الموكل، ود 4 كلامه أن رؤيته قبل التوكيل به لا أثر لها فلا يسقط بها الخيار، كما في (الفتح) وغيره.

وقالوا: إن الوكيل بالقبض كالرسول في مسائل منها أنه لا رجوع عليه بالثمن لو رد المبيع بالعيب وتصح كفالته بالثمن للمشتري، ولا يصح إبراؤه وتقبل شهادة الوكيل بقبض الدين به (وصح عقد الأعمى) لأنه مكلف محتاج ودل إطلاقه أنه لا فرق بين كونه عاقدًا لنفسه أو لغيره، (ويسقط خياره إذا اشترى) فيه إيماء إلى أن الخيار يثبت له لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم (من اشترى ما لم يره (على ما بينا (بجس المبيع وذوقه وشمه).

قال الشارح: هذا محمول على ما إذا وجد منه الجس قبل الشراء، وأفا إذا اشترى قبل أن جس لا يسقط خياره بل يثبت باتفاق الروايات ويمتد إلى أن يوجد منه ما يدل على الرضى من قول أو فعل في الصحيح على ما بينا، وفي (البحر): ظاهر كلام المصنف أن الجس يكتفى به في الرقيق والثياب والدواب وشاة القينة وكل شيء يمكن جسه، وفي (الأصل) وجس الأعمى في المنقولات مثل نظر البصير، كذا في (المحيط) وهل يشترط أن يجس الموضع الذي يكتفى برؤية البصير له؟ فيجس من الرقيق وجهه ومن الحيوان الوجه والكفل حتى لو وصلى غيرهما لا يكتفى به لم أره والظاهر اشتراطه انتهى.

وأقول: المنقول في (الزواج (ما لقطه وإن كان ثوبا فلا بد من صفة طوله

ص: 385

وفي العقار بوصفه ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر له ردهما ولا يورث كخيار الشرط ومن اشترى ما رأى خير إن تفير وإلا

ــ

وعرضه ورقته مع الجحر، وفي الحنطة لا بد من اللمس والصفة، وقي الأدهان لا بد من الشمم، (وفي العقار) لا بد من (وصفه)، قال: وكذا الدابة والعبد والأشجار وجميع ما لا يعرف بالجحر والشم والذوق انتهى.

وفي (التتارخانية) وفي التمر على رؤوس الشجر يعتبر الصفة، وبهذا بطل قوله في (البحر) وهل يشترط أن يجس الموضع الذي يكتفي برؤية البصير له إلى آخره، وذلك لأنه إذا كان يكتفى في نحو العبد والأمة بالوصف فلا معنى لاشتراط الجس ويسقط خياره في العقار بوصفه لأنه أقيم مقام الرؤية في الجملة كما في السلم، وشوط بعضهم أن يوقف في مكان لو كان بصيرًا لرآه ثم يوصف له، قال الفقيه: وهذا أحسن الأقاويل وبه نأخذ، كذا في (العناية).

قال في (الفتح): ولا يخفى أن إيقافه ذلك المكان ليس بشرط في صحة الوصف وسقوط الخيار به، ولذا لم يسقطه في (المبسوط) وممن أنكره الكرخي وقال: وقوفه في ذلك الموضع وغيره سواء انتهى. والأول مروي عن أبي يوسف، قال محمد: ولا أقول به وإنما أعتبر الصفة، (ومن رأى أحد الثوبين) أي: القيميين (فاشتراهما ثم رأى الثوب الآخر له ردهما) لبقاء الخيار فيما لم يره لكنه لا يتمكن في رده وحده للزوم تفريق الصفقة على البائع قبل التمام، وكذا لو وجد بأحدهما عيبا قبل القبض ليس له أن يرده وحده ولو استحق أحدهما رد الباقي لأن الصفقة تمت فيما كان ملك البائع ظاهرًا فلم يثبت في الباقي عيب الشوكة، حتى لو كان المبيع عبدًا واحدًا فاستحق بعضه كان له أن يرد الباقي أيضأ، ولو قبض أحدهما فقط ثم استحق أحدهما كان له الخيار، ولو كان المبيع مكيلاً أو موزونًا فاستحق بعضه بعد القبض يخير لأن الشوكة ليست بعيب فيه وقبل القبض يخير لتفريق الصفقة قبل التمام، كذا في (الفتح).

واعلم أن صاحب (الهداية) صرح بان الصفقة مع خيار الرؤية غير تامة قبل القبض وبعده، قال السكاكي: يعني فيما إذا قبضه مستورا كذا قيل ولا حاجة إليه لأن خيار الرؤية يبقى إلى أن يوجد ما يبطله انتهى. قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث يظهر بملاحظة ما مر في امسالة الوكيل (ولا يورث كخيار الشرط) لأن الخيار إنما يثبت بالنص للعاقد لا لغيره ولأن الأوصاف لا توارث فيها، (ومن اشترى ما رأى) قبل الشواء (خير إن تغير) عن الحالة التي كان يراه عليها لأن تلك الرؤية لم تقع معلمة بأوصافه فكانت رؤيته وعدمها سواء (وإلا)، أي: وإن كان لم تتغير عن تلك

ص: 386

لا، وإن اختلفا في التغير فالقول قول البائع مع يمينه وللمشتري لو في الرؤية ولو اشترى عدلاً وباع منه ثوبًا أو وهب رده بعيب

ــ

الحالة التي (لا) أي: لا يخير لأن العلم بأوصافه بالرؤية السابقة فلم يتناوله الحديث السابق، وهذا الإطلاق قيده في (الهداية) بما إذا علم وقت الشراء أنه مرئيه السابق فإن لم يعلم كان له الخيار.

وفي (الظهيرية) قيل؟ هذا إذا كانت رؤيته السابق لقصد الشراء حتى لو كانت لا لقصده ثم اشتراه كان له الخيار انتهى، ووجهه أن الرؤية لا لقصد الشراء لا توجب إحاطة بأوصاف المشترى بخلاف ما إذا كانت لقصده، ولما كان الباب معقودة للخيار لم يقل ومن اشترى ما رأى فلا خيار له إلا إذا تغير.

وبه اندفع ما في (البحر) من أنه لو قاله لكان أولى، إلا أن الأصل فيما رآه عدم الخيار (وإن اختلفا في التغير فالقول قول البائع مع يمينه) لادن دعواه بعد ظهور سبب لزوم العقد وهو رؤية ما يدل على المقصود من البيع دعوى أمر حادث بعده والأصل عدمه فلا يقبل إلا ببينة، وهذا الإطلاق مقيد لما إذا لم تطل المدة، فإن طالت فالقول للمشتري لادن الظاهر أن الشيء لا يبقى في دار التغير زمنا طويلا لم يعثر تغير قبل الشهر فما فوقه طويل وما دونه غير طويل وجزم به في (الظهيرين).

وفي (الفتح) الشهر في مثل الدابة والمملوك قليل (وللمشتري لو في الرؤية)، يعني لو اشترى شيئا فادعى البائع أنه رآه قبل الشراء فلا خيار له وأنكر المشتري فالقول له مع يمينه لأن البائع يدعي أمرا عارضا هو العلم بصفته والمشترى ينكره، وكذا لو قال البائع عند الرد ليس هو المبيع فالقول للمشتري سواء كان ذلك في بيع بات أو فيه خيار شرط أو رؤية، بخلاف ما إذا كان له خيار العيب فإن القول للبائع في أنه غير المبيع مع يمينه لأن المشترى في الخيار ينفسخ العقد بفسخه بلا توقف على رضى الآخر بل على علمه، وإذا انفسخ يكون الاختلاف بعد ذلك في المقبوض والقول فيه قول القابض ضمينًا كان أو أمينة، وفي العيب لا ينفرد لكنه يدعي ثبوت حق الفسخ فيما أحضره والبائع ينكره والقول قول المنكر ولو اختلفا في اشتراط الخيار فالقول لمنكره عندهما وعنده لمدعيه، كذا في (المجمع) ولو أقاما البينة فبينة مدعي الخيار أولى، كما في (القنية).

(ولو اشترى عدلاً) بكسر العين هو المثل ومنه عدل المتاع يعني لم يره (فباع منه ثوبًا) بعد القبض قيد به في (الجامع الصغير) وكان المصنف استغنى عنه بقوله باع، لأن ما لم يقبض لا يضيع بيعه ولا هبته، وأو وهبها منه ثوبا زاد في (الهداية) وسلمه وأهمله المصنف لما اشتهر من أن تمامها به (رده) أي؟ الباقي (بعيب) وجده

ص: 387