المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب خيار العيب - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌باب خيار العيب

لا بخيار رؤية أو شرط.

‌باب خيار العيب

من وجد بالمبيع عيبًا

ــ

فيه (لا) يرده (بخيار رؤية أو شرط) لأنه تعذر الرد فيما أخرجه عن ملكه، فلو رد الباقي فقط كان تفريقًا للصفقة قبل التمام لما مر من أن خيار الرؤية والشرط يمنعان تمامها ولو بعد القبض بخلاف البيع فإن الصفقة تتم فيه بعد القبض. وفي (المحيط): اشترى عدل ثياب فلبس واحدًا بطل خياره في الكل، وبه عرف أن البيع والهبة ليسا بقيد، هذا ولو عاد الثوب إليه بسبب هو فسخ محض كالرد بخيار الرؤية أو الشرط أو العيب بقضاء أو الرجوع في الهبة فهو على خيار الرؤية فيما ذكره السرخسي، وعن أبي يوسف أنه لا يعود بعد سقوطه، وعليه اعتمد القدوري وصححه قاضي خان.

قال في (الفتح): وحقيقة اللحظ مختلفة فشمس الأئمة لحظ البيع والهبة مانعًا ولحظه على هذه الرواية مسقطًا والساقط لا يعود بلا سبب وهذا أوجه لأن نفس هذا التصرف يدل على الرضى ويبطل الخيار قبل الرؤية وبعدها. قال في (البحر): والأوجه عندي ما ذكره شمس الأئمة وقوله: لأن نفس هذا التصرف ممنوع، وإيما يدل لو تصرف في جميع المبيع وكانه اختلط عليه ما إذا باع المبيع كله وسقط خياره ثم رد عليه بما هو فسخ لا يعود خياره، لكن لم يذكروا فيه خلافًا.

وأقول: هذا تهجم على مقام هذا الإمام مع عدم التدبر في الكلام وذلك أن جزمهم بعدم عود الخيار فيما إذا باع كله ثم عاد إليه بما هو فسخ من غير ذكر خلاف دليل بين لما اختاره القدوري إذ لو كانت العلة المؤثرة وجود المانع للزم أنه إذا زال أن يعود لكنه لا يعود لأنه سقط، وشأن الساقط أن لا يعود ودعوى أن يبيع الكل مسقط وبيع البعض مانع تحكم ظاهر، وهذا مقتضى قوله لأن مقتضى هذا التصرف إلى آخره فإن قلت: لو كان كذلك لما احتيج إلى التعليل لأن في الرد تقريق الصفة قلت: لا مانع مق أن يعلل الحكم بعلتين الرضى بالبيع ولزوم تفريق الصفقة غير أنه ما دام خارجًا عن ملكه فالتعليل به أظهر فلهذا المعنى تدبر.

باب/ خيار العيب

من إضافة الشيء إلى سببه والعيب والعيبة والعاب بمعنى، وعاب المتاع صار ذا عيب، وعابه زيد ينفد ولا يتعد، وعيبه بالتشدد نسبه إلى العيب، واستعمل العيب اسمًا وجمع على عيوب، وهو: ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة، وشرعًا ما سيأتي. أمن وجد بالمبيع عيبًا) لم يتمكن من إزالته بلا مشقة فخرجت إحرام الجارية ونجاسة

ص: 388

أخذه بكل الثمن أو رده

ــ

الثوب لتمكنه في تحليلها وغسله، وقيده الولوالجي بثوب لا ينقص بالغسل فإن نقص به كان عيبًا، وهكذا ذكر الرازي حيث قال: وجد على الثوب المشترى دمًا إن أضره الغسل يرده وإلا لا. ولو اشترى جبة فوجد فيها فارة ميتة فإن ضرها العتق ردها وإلا لا، ولا بذ في كونه عند البائع ولم يعلم به المضتري ولم يكن البائع شرط البراءة آنه خاصًا أو عامًا ولم يزل قبل الفسخ كبياض انجلى وحمى زالت (أخذه بكل الثمن) إن شاء (أو وده) لأن مطلق العقد يقول وصف السلامة فكانت كالمشروطة فيه فيجبو، ولده اقال البائع: بعته لك معيبًا وقال المشتري: إنما اشتريته سليمًا فالقول له ورقم في (القنية (بعده ينبغي أن يحكما الحال انتهى، وهو حسن.

وقالوا: لا يحل له أن يكتم العيب عند البيع فإد كتمه قال بعض المشايخ: يفسق وترد شهادته، قال الصدر: لا نأخذ به، كذا في (البزازية) أي لا نأخذ بكونه يفسق بمجرد هذا لأنه صغيرة ولا فرق في ذلك بين المبيع والثمن إلا في مسألتين، الأولي: المسلم في دار الحوب إذا اشترى شيئًا ودفع الثمن عروضًا مغشوشة أو دراهم زيوفًا جاز إن كان حرًا لا عبدًا، كذا في (الولوالجية).

الثانية: يجوز إعطاء الزيوف والناقص في الجبايات ثم الإطلاق يفيد أنه لا فوق بين كونه فاحشًا أو يسيرًا وهكذا نص عليه في (الفصول) حيث قال: المهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن عمد يرد بفاحش العيب لا يسيره، وفي غيرها يرد بهما واليسير من المهر إذا كان كيليًا أو وزنيًا يرد به أيضًا، وأفاد تخييره أنه ليس له إمساكه وأخذ النقصان لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمرة إلا أن يتعين كما لو كان حلالين فاحرما أو أحدهما ثم وجد به عيبًا ذكروه في الحج ومن هذا النوع ما في (القنية (لو كان للدار باب في الطريق الأعظم وباب في سكة غير نافذة أقام أهلها بينة أنهم أعاروا البائع هذا الطريق فامر القاضي بسده يخير المشتري إن شاء رده، وإن شاء رجع بالنقصان. ومنه أيضًا ما لو اشترى الوارث من التركة كفناء ووجد به عيبًا رجع بالنقصان، ولو تبرع به أجنبي لا يرجع كذا في (البزازية)، وفي مهر (فتح القدير) لو اشترى الذمي خمرًا وقبضها وبها عيب ثم أسلم سقط خيار الرد انتهى.

وفي (المحيط) وصي أو وكيل أو عبد مأذون اشترى شيئًا بألف وقيمته ثلاثة آلاف فليس له أن يرده بالعيب لما فيه من الإضرار باليتيم والموكل والمولى انتهى، وينبغي الرجوع بالنقصان في المسألتين وقالوا: إنه لا يرجع بالنقصان في مسائل.

قال في (البزازية): اشترى منن عبده المأذون المديون فوجد به عيبا لا يرد عليه ولا على بائعه إن كان الثمن منقودًا، فإن لم ينقده وقبض المبيع أولا له الرد إن كان

ص: 389

وما أوجب نقصان الثمن عند التجار

ــ

من النقود أو كيليًا أو وزنيًا لأنه يدفع بالرد مطالبة نفسه، وإن كان عرضًا لا يملك الرد، ولو باع العبد من وارثه ومات فورثه المشتري ووجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب قيمًا فيرد المشترى إلى القيم ويرده القيم إلى الوارث نقد الثمن أو لا في الصحيح.

ولو باع الوارث من مورثه فمات المشتري وورثه البائع ووجد به عيبًا رده إلى الوارث الآخر إن كان، فإن لم يكن له سواه لا يرده ولا يرجع بالنقصان، وكذا لو اشترى لنفسه من ابنه الصغير شيئًا وقبضه وأشهد ثم وجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب عن ابنه خصمًا يرده عليه ثم يرد الأب لابنه، وكذا لو باع الأب من ابنه، وكذا لو باع من وارثه فورثه المشتري ووجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي فينصب خصمًا فيرد، اشترى العبد المأذون شيئًا وأبرأه البائع عن الثمن لا يرد بالعيب وإن المشتري حرًا لو بعد القبض فكذلك، وإن قبله فله الرد لأنه امتناع عن القبول، وكذا خيار الشرط انتهى.

واعلم أنه يتصور الرد بالعيب مع عدم الرجوع بالثمن على البائع، كما لو باع عبدًا وسلمه ثم وكل وكيلاً يقبض الثمن فاقر الوكيل بقبضه وهلاكه وجحد البائع الموكل برئ المشتري ولا ضمان، فلو وجد المشتري به عيبًا رده على بائعه ولا يرجع بالثمن على البائع لإقرار الوكيل ولا على الوكيل لكونه أمينًا، وليس بعاقد ذكره في (القنية) (ومما) أي: وكل شيء (أوجب نقصان الثمن) سواء كان ينقص العين أو لا ينقصها ولا ينقص المنفعة بل مجرد النظر إليها كالظفر الأسود الصحيح القوي على، العمل، وكما في جارية لم تركية لا تعرف لسان الترك، كذا في (الفتح).

وقيد في (الدراية) سوار الظفر بالأتراك، أفا في الحبشي فلا والظاهر إطلاق ما في (الفتح)، وفي (المحيط) اشترى جارية هندية فوجدها لا تحسن الهندية إن كان الناس يعدونه عيبًا فله الرد، ولو اشترى جارية تركية فوجدها لا تعرف التركية فله الرد لأن ذلك عيب، ولو كان المشتري يعلم به لكت لا يعلم أن هذا عيب، فإذا كان هذا يخفى على الناس أنه عيب حصاد له الرد وإلا لا (عند التجار) بضم التاء مع التشديد، وبكسرها مع التخفيف جمع تاجر، زاد في (الفتح) أو أرباب الصنائع إن كان المبيع من المصنوعات انتهى، ولا بد منه ليدخل ما اشترى مثلاً حائطًا مبنية بجانب بيته فإذا أساسها ضعيف، فإن نقصت قيمتها عند أرباب الخبرة بذلك كان عيبا وإلا فلا

ص: 390

عيب كالإباق والبول في الفراش

ــ

فهو (عيب) لأن التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة والمرجع في معرفته عرف أهله. قال في (البحر): وما في جوامع الفقه العيب ما نقص العين أو المنفعة وإلا فإن عده التجار عيبا وإلا فلا أحسن مما في (الكتاب) انتهى، وكان وجهه أن نقصان الثمن بسبب نقص العين أو المنفعة مما يعرفه كل أحد لا أنه مقيد بالتجار كما يوهمه كلام المصنف (كالإباق) أبق ص باب منع وسمع وضرب وهو الذهاب من غير خوف ولا كد عمل أو استخفى ثم ذهب، كذا في (القاموس).

وفي (المصباح): أبق العبد أبقًا من باب تعب وقتل في لغة، والأكثر من باب ضرب، والإباق بالكسر: اسم سنة والجمع إباق مثل كافو وكفار، وفي (الجمهرة) عن الثعالبي الآبق الهارب من غير ظلم السيد، فإن كان من ظلمه سمي هاربًا فعلى هذا الإباق عيب والهرب ليس بعيب أطلقه فشمل ما لو كان من المولى أو إلى غيره، وإن لم يعرف بيت المالك أو لم يقف على الرجوع إليه وما إذا كان مسيرة سفر أو لا خرج من البلد أو لا.

قال الشارح: والأشبه أن البلدة إذا كانت كبيرة كالقاهرة كان عيبًا وإلا لا بأن كان بحيث لا يخفى عليه أهلها وبيوتها لا يكون عيبًا، وقد يشكل على الإطلاق ولم يختف عنده فإنه ليس بعيب كذا في (القضية). وقديم أنه لو أبق من قوية المشتري إلي قوية البائع فإنه يكون عيبًا، وفي الثور لا يكون عيبا ثم رقم أنه يكون عيبًا فيه أيضًا كخلع الرسن عيب فهذا أولى، ثم رقم إن دام على ذلك فعيب أما بالمرتين أو الثلاث فلا، قال الشيخ: وجواب أنه عيب في الثور أحسن، ويمكن أن يجاب عن الأول بان الكلام في السباق الذي يوجب نقص الثمن عند التجار ليصح كونه جزئيا من هذا الكلي وهذا لا يوجبه.

وبه اندفع ما يحتج به في (البحر) من أن هذا يرد على إطلاقهم ولم يقيده بالمميز مع أنه من غيره ليس عيبًا لأنه لا يسمى آبقا بل ضالاً ولو أراد المشتري أن يرجع بنقصان العيب ليس له ذلك قبل عودته أو موته، (والبول في الفراش) لأنه لضعف في المثانة، ولذا قلنا: لو عاوده بعد البلوغ عند المشتري كان عيبا حادثا إذ هو ولدا في باطنه وعرف من هذا أنه عند اتحاد الحالة يثبت حق الرد بان ثبت أنه سرق أو أبق أو بال عند البائع، ثم وجدت منه عند المشتري في الصغر أو الكبر.

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي (الفتح): معزيًا إلى (الفوائد الظهيرين) هاهنا مسالة عجيبة هي أن من اشترى عبدًا صغيرًا فوجده يبول في الفراش كان له الرد، ولو تعيب بعيب آخر عند المشتري كان له أن يرجع بنقصان العيب، فإذا رجع به ثم كبر العبد هل للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب بالبلوغ؟ لا رواية في المسألة قال: وكان والدي يقول: ينبغي أن يسترد استدلالاً بمسألتين: إحداهما اشترى جارية فوجدها ذات زوج كان له أن يردها، ولو تعيب بعيب آخر يرجع بالنقصان فإذا رجع ثم أبانها الزوج كان للبائع أن يسترد النقصان، الثانية اشترى عبدا فوجده مريضًا له الرد، فإذا تعيب بعيب آخر رجع بنقصان العيب، فإذا رجع ثم برئ بالمداواة لا يسترد إلا استرد، والبلوغ هنا لا بالمداواة فينبغي أن يسترد انتهى.

وفي فتاوى (قاضي خان): اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت قالوا: إن كان البائع أعطاه على وجه الصلع عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك، وفيها أيضًا اشترى عبدًا وقبضه فحم عنده وكان يحم عند البائع قال ابن الفضل: المسألة محفوظة عن أصحابنا أنه إن حم في الوقت الذي كان يحم فيه عند البائع كان له أن يرده أو في غيره فلا، قيل له: ما لو اشترى أرضًا فنزت عند المشتري وقد كانت تنز عند البائع كان له أن يود لأن سبب النز واحده وهو تسفل الأرض وقرب الماء، إلا أن يجيء ما غالب أو كان المشتري نزع من ترابها فيكون النز غير ذلك أو يشتبه فلا يدري أنه عينه أو غيره.

قال القاضي الإمام: بشكل بما في (الزيادات) اشترى جارية بيضاء إحدى العينين ولا يعلم ذلل فانجلى البياض عنده ثم عاد ليس له أن يرد، وجعل الثاني غير الأول ولو اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو يعلم ذلك الذي رضي به إذا كان، الثاني عند لم البائع ولم يجعل عينه إذا عاد البياض عند المشتري وقال: لا يرد ثم قال القاضي الإمام: كنت أشاور شمسة الأئمة الحلواني وهو يشاور معي فيما كان مشي إذا اجتمعنا فشاورته في هذه المسالة فما استفدت منه فرق انتهى.

وأقول: يمكن أن يقال! يلتزم أن الثاني غير الأول وإنما لا يرد إذا عاد عند البائع لأن المشتري رضي به، ولا فرق بين الأول والثاني حيث لم يرد ولم ينقل إلي مكان آخر على أن كونه لا يرد فيما إذا انجلى ثم عاد في يد البائع ليس قدرا متفقا عليه، بل المذكور في (الواقعات الحساسية) أنه يرد فرق بين هذا وبين ما إذا

ص: 392

والسرقة لأنها توجب نقصان القيمة عندهم والجنون

ــ

قبضها وهو لا يعلم فانجلى يده ثم عاد فليصر له الرد، والفوق أن الثاني غير الأول حقيقة لا أنه في الأولى حدث في يد البائع فيوجب الرد، وفي الثانية في يد المشتري فلا يوجبه انتهى.

قال في (المحيط): ولو اختلفا في مكانه بأن ادعاه المشتري باليسرى وقال البائع كان اليمين وانجلى وحدث باليسرى، فالقول للبائع ولو ادعاه على البائع بعد الهلاك وقال البائع: انجلى فالقول للمشتري ولو ادعاه بالعينين فقال البائع: كان باليمين وزال وحدث باليسرى لم يصدق بالزوال وصدق في أنه لم يكين باليسرى لأنه في أحدهما منكر وفي الأخرى مدع (والسرقة) سواء أوجبت قطعًا أو لا كإنباش والطرار وأسبابها كهي كما إذا نقب البيت، وإطلاقه يعم الكبرى أيضأ كما في (الظهيرية) والكبير والصغير بشرط أن يكون مميزًا، وهذا الشرط في الثلاثة وفسره بعضهم بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده وهذا يقتضي أن يكون ابن سبع لأنهم قدروه بذلك في الحضانة لكن وقع التصريح في غير موضع بتقديره بخمس سنين فما فوقها وما دون ذلك لا يكون عيبًا، والحاصل أن هذه العيوب الثلاثة إن أتحدت أسبابها بأن وجدت في الكبر والصغر عندهما رد بها، لا إذا اختلفت بان وجدت في الصغر عند البائع وبعد البلوغ عند المشتري الجواز أن يكون الثاني إنما حدث عند المشتري، وأفاد الشارح أنه لو سرق طعامًا من المولى للأكل أو اليسير نحو الفلس والفلسين لا يكون عيبا، بخلاف ما لو سرقه للبيع، زاد غيره أو للأكل من غير المولى وينبغي أنه لو سرق من المولى زيادة على ما يأكله محرفًا أن يكون عيبًا.

وفي (جامع الفصولين) لو سرق بطيخًا من غلة الأجنبي فهو عيب هو المختار، وإن سرق للادخار فهو عيب مطلقًا وما لم يكن عيبا لا يرد على الإطلاق لما قد علمته، وظاهر أن رده بعيب السرقة محله ما إذا لم يقطع فإن قطع عند المشتري، قال في (المحيط): رجع بربع الثمن لأن اليد قطعت بالسرقتين جميعًا والجنون في الصغير عيب، قال محمد: أبدًا. ولو تبعه المصنف لكان أولى حتى لو جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في الكبر في يد المشتري كان له الرد لاتحاد السبب فيهما وهو فساد الباطن بخلاف الإباق ونحوه، وظن بعض المشايخ أن معناه عدم اشتراط المعاودة عند المشتري لأن آثاره لا ترتفع، وجعله الإسبيجابي ظاهر الجواب، والأصح هو الأول وهو المذكور في (الأصل)، و (الجامع الكبير) لأن الله تعالى قادر على إزالته بآثاره، وقد قال محمد بعد أن طعت المشتري بإباق أو جنون (و) لا يعلم القاضي ذلك لا يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن، فقد صرح باشتراط المعاودة في (الجنون) وعن هذا قيل: يشترط المعاودة بلا

ص: 393

والبحر والدفر والزنا وولده في الجارية

ــ

خلاف بين المشايخ، كذا في عامة الروايات وهذا بخلاف ما لو ولدت الجارية عند البائع لا منه أو، عند آخر فإنها ترد على رواية كتاب (المضاربة) وهو الصحيح وعليه الفتوى لأن الضعف الذي حصل بالولادة لا يزول أبدًا، وفي رواية كتاب (البيوع) لا ترد، كذا في (الفتح).

وعندي أن رواية (البيوع) أوجه لأن الله تعالى قادر على إزالة الضعف الحاصل بالولادة ثم رأيت في (البزازية) عن (النهاية) الولادة ليست بعيب إلا أن توجب نقصانًا وعليه الفتوى انتهى. وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه، ومقداره أن يكون أكثر من يوم وليلة وما دونه لا يكون عيبًا جزم به الشارح وقيل: هو عيب ولو ساعة وقيل: المطبق (والبخر) بالموحدة المفتوحة والخاء المعجمة الفوقية من حد تعب نتن الفم، أفا بالجيم التحتية فانتفاخ ما تحت السرة وفي الصحابة غالب وهذا الثاني عيب في الغلام أيضا. وفي (الفتح): البخر هو العيب الناشئ من تغير المعدة دون ما يكون لقبح في الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيفها، (والدفر) بفتح المهملة والفاء وسكونها أيضًا نتن ريح الإبط، وأدفر لغة ودفع كغلس اسم منه أفا بالذال المعجمة فبفتح الباء لا غير وهو حدة من طيب أو نتن.

قال في (العناية): منه قوله مسك أزفر وإبط/ زفر وهو مراد الفقهاء من قولهم: الزفر عيب في الجارية هذا في (البزازية) انتهى، وأصله في (المغرب) إلا أن كونه مراد الفقهاء لا غير فيه نظر، إذ لا يشترط في كونه عيبا شدته فالأولى كونه بالمهملة فتدبر، وبقي نتن ريح الأنف صرح في (الكزازية) لأنه عيب والظاهر أنه يقال: فيه زفر. بالمعجمة وريح الإبط بهما (والزنا وولده) أي: وكون المبيع ولد الزنا فحذف المضاف والمضاف إليه، كذا في (الحواشي السعدية)، وبه اندفع كون التعبير بالمتولد، كما في (الإصلاح) أولى هذه الأربعة تكون عيبًا في الأمة دون الغلام لأنه قد يراد منها الافتراش، وهذه المعاني تمنع منه بخلاف الغلام لأنه للاستخدام (في الجارية) وهذه ليست مانعة منه إلا إذا كانت عن داء فتكون عيبًا في الغلام أيضًا، لأن الداء عيب كذا في (الهداية)، وعلى هذا فلا بد أن نلتزم أن كونه من تغير المعدة كما مر لا يلزم منه وجود الداء، وإلا فلا فرق بين الأمة والعبد، وفي (فتاوى القاضي) إلا أن يكون فاحشًا لا يكون مثله في عامة الناس.

وفي (السراج) البخر في الجارية عيب سواء كان فاحشًا أو غير فاحش من داء أو من غيره وفي الغلام إن كان من داء فكذلك، وإن لم يكن من داء ولم يكن فاحشًا فليس بعيب وإن كان فاحشة بحيث يمنع سيده من قربانه فهو عيب، كذا في (الينابيع).

ص: 394

والكفر وعدم الحيض والاستحاضة

ــ

وقيل: البخر في الأمرد عيب، والأصح أن الأمرد وغيره سواء واعلم أن المعاودة في الزنا غير شرط، نص عليه محمد في (الأمالي) وكونه ليس عيبًا في العبد محله ما إذا لم عادة له بأن تكرر منه أكثر منه مرتين، وفي (الإيضاح): إذا مدمنًا له بحيث ينقطع به عن خدمة المولى يكن عيبًا.

تتمة: سكت عن الراطة بالجارية والغلام وقد نقل في (القنية) أنه عيب في الجارية كيف ما كان لأنه يفسد الفراش، أفا في الغلام فإن كان مجانًا فكذلك، لأنه دليل وإن كان بأجر فلا، وفيها اشترى حمارًا تعلوه الحمير ويأتونه في دبره وقعت هذه ببخاري فلم يستقر فيها جواب الأئمة، وقال عبد الملك النسفي؟ إن طاوع فعيب وإلا فلا، وقيل: عيب انتهى.

فما في (البزازية) التخنث نوعان: أحدهما بمعنى الرديء من الأفعال وهو عيب، والثاني الرعونة واللين في الصوت والتكسر في المشي، فإن قل لا يرد وإن كثر رده محمول على في الأول على ما مر، (والكفر) يعني عيب في الغلام والجارية علله في (الهداية) بان طبع المسلم ينفر عن صحبته ولأنه يمنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة وهذا يقول بان المشتري لو كان ذميًا لا يرده والمنقول في (السراج) أنه عيب وإن كان ذميًا ولم أره في كلام غيره كيف ولا نفع للذمي بالمسلم لأنه يجبر على إخراجه عن ملكه.

قال في (البحر): ولم أز ما لو وجده خارجًا عن مذهب أهل السنة كالمعتزلي والرافضي، وينبغي أن يكون كالكافر لأن السني ينفر عن صحبته وربما قتله الرافضي وأنت خبير بأن الرافضي الذي يسب الشيخين داخل في الكافر لأنه كفر بذلك، (وعدم الحيض والاستحاضة) لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء ويعتبر في الارتفاع أقصى غاية البلوغ وهو سبع عشرة سنة محند أبي حنيفة، ويعرف ذلك بقول الأمة فترد إذا انضم نكول البائع قبل القبض وبعده وهو الصحيح كذا في (النهاية)، وهو ظاهر في أنه لا يحتاج في دعوى الانقطاع إلى ذكر سببه من الداء أو الحبل وأنه لا يرجع في الحبل والداء إلا إلى قولها لا إلى قول النساء أو الأطباء وجزم في (النهاية) وعليه جرى في (العناية) وغيرها بأنه لا بد من ذكو السبب لأن ارتفاعه بدون هذين لا يعد عيباً ولو ادعاه في مدة قصيرة لم تسمع وأقلها ثلاثة أشهر عند الثاني، وأربعة أشهر محمد محمد، وعن أبي حنيفة وزفر سنتان، فإذا سمع القاضي الدعوى سال البائع أهي كما يقول المشتري؟ فإن قال نعم، يردها على البائع وإن قال: هي كذلك للحال وما كانت كذلك عندي توجهت الخصومة على البائع لتصادقهما على قيامه للحال، فإن طلب

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المشتري يمينه حلف، فإن حلف برئ، وإن نكل ردت عليه، وإن أقام المشتري بينة لم تقبل على الانقطاع وتقبل على الاستحاضة، وإن أنكر البائع الانقطاع في الحال هل يستحلف؟ عند الإمام لا، وعندهما يستحلف. وذكر في فتاوى (الفضلي): أنه يرجع في الحبل إلى قول النساء، وفي الداء إلى الأطباء ويشترط لقيام العيب فيها قول عدلين منهم وما لم يطلع محليه الرجال يثبت بقول امرأة.

قال في (الفتح): وهذا ينبو عن تقرير (الكتاب) والموافق له ما في (الخانية) اشترى جارية فقبضها فلم تحض عند المشتري شهرًا أو أربعين يومًا قال القاضي الإمام: ارتفاع الحيض عيب وأدناه شهر واحد إذا ارتفع هذا القدر عند المشتري كان له أن يرده إذا ثبت أنه كان عند البائع انتهى، وهذا كما ترى لا يشترط ثلاثة أشهر ولا أكثر وينبغي أن يعول محليه، وبه ظهر أنه لا يحتاج لأي دعوى الانقطاع إلى تعيين أنه من حبل أو داء لأنه كونه/ عيبا باعتبار كونه مفضيًا إلى الداء لا لأنه لا يكون إلا عن داء، ولذا لم يتعرض فقيه النفع قاضي خان بل يكفي في الخصومة ادعاؤه ارتفاعه فقط وهو الذي يجب أن يعول عليه، فظهر أن ما في (النهاية) من لزوم دعوى الداء أو الحبل في دعوى انقطاع الحيض ثم يحتاج في توجيه الخصومة إلى قول الأطباء أو النساء ليس تقرير ما في (الكتاب) بل ما ذكره مشايخ آخرون يغلب على الظن خطؤهم، وتعقبه في (البحر) بأن كون قاضي خان لم يتعرض له ممنوع، بل قال في (فتاواه (: اشترى جارية وقبضها ثم قال: إنها لا تحيض.

قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل: لا تسمع دعوى المشتري إلا أن يدعي ارتفاع الحيض بالحبل أو بسبب الداء، فإن ادعى سبب الحبل سال القاضي النساء إن قلنا: لأي حبلى حلف البائع أن ذلك لم يكن عنده، وإن قلنا: ليست بحبلى فلا يمين وفي معرفة داء بباطنها رجع إلى الأطباء، ثم نقل بعده ما مر لكن الأولى لسماع الدعوى عند القاضي، والثاني لتحقق العيب في نفسه، وأفا ما نقله من اعتبار الشهر فغير معتبر لأبنه مخالف لصريح النقل عن الأئمة الثلاثة ويمكن حمله على رواية أخرى انتهى. ورأيت في (المحيط) أن اشتراط ذكر السبب رواية (النوادر) وعليه يحمل ما في (الخانية) أو لا.

تنبيه: عدم الحيض إنما يكون عيبًا إذا أمكن، أفا إذا كان لكونها .... أو صغيرة فإنه لا يكون عيبا، كدا في (المعراج) ويجب أن يكون معناه إذا اشتراه عالما بذلك، وفي (المحيط) اشتراها على أنها تحيض فوجدها لا تحيض، إن تصادقا على أنها لا تحيض بسبب الإياس فله الرد لأمن هذا عيب لأبنه اشتراها للحبل والآنسة لا تحبل.

ص: 396

والسعال القديم والدين والشعر والماء في العين

ــ

وفي (القنية): لو وجدها تحيض كل ستة أشهر مرة كان له الرد، (والسعال القديم) لأن دوامه دليل الداء قيد بالقديم لأن المعتاد منه ليس عيبًا، كما في (الفتح (وهذا معنى ما في (جامع الفصولين) السعال عيب إن فحش، وإلا فلا (والدين) هذا الإطلاق شامل لما إذا كان يطال به في الحال أو بعد العتق وعليه جرى في (الفتح) إذ بعد ذكره أن الدين مطلقًا عيب، قال: وعند الشافعي تفصيل حسن في الدين، وهو أنه إن كان دينًا يتأخر إلى ما بعد العتق فلا خيار له يرده به، كدين معاملة بأن اشترى شيئا بغير إذن المولى وإن كان في رقبته ولاية بأن جنى في يد البائع ولم يفده حتى باعه فله رده إلا أن يقال: وبعد العتق قد يضره في نقصان ولاية وميراثه انتهى. لكن محلل الشارح المسألة بأن ماليته يكون مشغولاً بها وتتقدم الغرماء على المولى وهذا صريح في تخصيصه بما كان في رقبته، وبه صرح مسكين حيت قال: أي الدين الذي يطالب به في الحال لا المؤجل فإنه ليس بعيب، كما في (الذخيرة).

وفي (المحيط): حين عد العيوب قال: والدين يتعلق بالرقبة، وفي (السراج) إذا كان على العبد دين أو في رقبته جناية كان عيبًا، لأنه يجب بيعه فيه ودفعه فيها فتستحق رقبته بذلك، ويتصور هذا فيما إذا أحدث الجناية بعد العقد قبل قبض المبيع، أفا إذا كانت قبله فبالبيع يصير مختارًا للجناية، فإن قضاه المولى قبل الرد سقط، زاد البزازي وكذا لو أبرأه الغريم، (والشعر والماء في العين) قيد فيهما لأنهما يضعفان البصر وربما أورثا ذهابه، وفيه إشارة إلى أن كل مرض في العين عيب، ومنه كما قالوا: السل وكثرة الدمع، والغرب وهو ورم في المآقي وربما سال منه شيء حتى جعله محمد في حال سيلانه من أرباب الأعذار، والستر وهو انقلاب في الأجفان، والخوص بفتحتين وهو نوع من الحول والقبل في إنسان العين، والجرب والعشق وهو عدم الإبصار ليلة وكونه أجهر وهو من لا يبدو نهارا وكون أحد العينين زرقاء والأخرى غير زرقاء، أو أحدهما كحلاء والأخرى غير كحلاء.

والحاصل أن العيوب كما في (التحفة) على نوعين: ما يوجب فوات جزء من المبيع كالعمى والعور والصمم والإصبع الناقصة ونحو ذلك، وقي (الفتح (قطع إجماع عيب، والإصبعان ريجان، والأصابع مع الكف عيب واحد، وما يوجب نقصانه من حيث المعنى فقط وعليه اقتصر المصنف لظهور المعنى الأول لكن بقي منه النكاح من حيث المعنى فقط، فلو قال البائع: أبانها الزوج أو مات محنها قبل البيع قبل قوله: ولو أقام المشتري بينة على قيام النكاح لم يقبل إلا إذا كان على إقرار البائع بذلك، ولو قال: كان زوجها عبدي فأبانها أو مات عنها وأنكر المشتري ذلك كان له الرد كذا

ص: 397

فلو حدث آخر عند المشتري جع بنقصانه

ــ

في (الخانية)، والعسر وهو من يعمل بيساره فقط إلا إن عمل في اليمين أيضًا كعمر ابن الخطاب، وقلة الأكل في الدواب والكذب والنميمة وترك الصلاة.

وفي (القنية): تركها لم في العبد لا يوجب الرد، وفيها لو ظهر أن الدار مشؤومة ينبغي أن يتمكن من الرد لأن الناس لا يرغبون فيها، ولو اشترى حمارًا لا ينق فهو عيب، وفي (جامع الفصولين) لو كان مقامرا إن كان يعد عيبا كقمار نرد وشطرنج وغيرها فهو عيب، وكذا السحر عيب فيها لما فيه من الضرر، وشرب الخمر إلا أن يكون على سبيل الكتمان أحيانًا والعيوب كثيرة برأنا الله منها. (فلو حدث عيب آخر عند المشتري) بفعله أي بفعل أجنبي أو بآفة سماوية، كذا في (جامع الفصولين) وسكت عما إذا كان بفعل البائع يمنع الرد، ويجب الأرش على الجاني ويرجع بحصة العيب من الثمن وقبله بفعل البائع وغيره ويرده بجميع الثمن أو يأخذه وجد به عيبًا أو لا، ويطرح عند جناية المعقود عليه.

وفي (القنية): لو كان بالمبيع أثر فوحة برأت ولم يعلم به فعاودت قرحة وأخبر الجراحون أن عودها بالعيب القديم لم يرد، ويرجع بالنقصان بخلاف ما إذا كان به قرحة فانفجرت عند المشتري حيث يرد لأن الانفجار ليس بعيب حادث انتهى، ومن الحادث ما لو اشترى ما له حمل ومؤنة في بلد ليس له الرد جبر إلا في بلد العقد، ولو أقام البائع بينة أنه حدث عند المشتري وللمشتري بينة أنه كان معيبا عند البائع تقبل بينة المشتري لأنه يثبت الخيار والقول للبائع لأنه ينكر الخيار، كذا في (شرح قاضي خان)(رجع بنقصانه) بأن يقوم بلا عيب ثم مع العيب وينظر في التفاوت، فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن، وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق حتى لو اشتراه بعشرة وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشر الثمن وهو درهم، ولو بمائتين وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشرين، ولو نقصه عشرين رجع بأربعين.

قال البزازي: وفي المقايضة إن كان النقصان عشر القيمة رجع بنقصان ما جعل ثمنًا يعني ما دخل عليه الباء، ولا بد أن يكون المقوم اثنان يخيران بلفظ الشهادة بحضرة البائع والمشتري وهو الأهل في كل حرفة، ولو زال الحادث كان له رد المبيع مع النقصان وقيل لا، وقيل: إن كان بدل النقصان قائما رد وإلا لا، كذا في (القنية) والأول بالقواعد أليق والفرق بين هذا وبين ما لو اشتراه ولم يره حتى سقط خياره فود عليه بعيب نقصًا حيث لا يعود خياره يدرك بأدنى تأمل، ويستثنى من الرجوع ما لو باعه تولية، والمسألة بحالها فلا نجوم ولا رد لأنه لو رجع صار الثاني أنقص من

ص: 398

أو رد برضا بائعه ومن اشترى ثوبًا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب وإن قبله البائع كذلك له ذلك وإن باعه المشتري

ــ

الأول، وقضية التولية أن يكون كالأول ذكره الشر وما لو وجد بالمسلم فيه عجبًا وقد حدث عنده آخر، فإنه كما قال الإمام: يخير المسلم إليه بين قبوله معيبًا بالعيب الحادث وبين أن لا يقبل ولا شيء له صن أس المال ولا من نقصان العيب، لأنه لو غرم النقصان كان اعتياضًا عن الجودة فيكون ربا.

وقالوا: لو اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم اطلع على عيب لا يرده ولا يرجع بالنقصان، (أو رد المبيع برضى بائعه) لأن في الرد إضرار بالبائع لكونه خرج عن ملكه سالمًا أي عن الحادث فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى بالضرر، فيخير المشتري بين الرد والإمساك من غير رجوع بنقصان وهل المعنى لا يستفاد من الكتب فلو قال: ولم يرجع بنقصان لكان أولى، واعلم أنه يستثنى من هذا الإطلاق ما لو قتل المبيع عند المشتري رجلاً خطأ ثم ظهر أنه قتل آخر عند البائع ثم اطلع على عيب فقبله البائع بالجنايتين لا يجبر المشتري على ذلك، وإنما يرجع بنقصان الجناية الأولي دفعا للضرر عنه لأنه لو رده على بائعه كان مختارًا للفداء فيهما، وما لو اشترى عصيرا فتخمر بعد قبضه ثم وجد به عيبًا لا يرده وإن رضي البائع، وإيما يرجع بالنقصان كذا في (المحيط) وغيره.

(ومن اشترى ثوبًا فقطعه) تبع المص القدوري في إفراد هذه المسالة وكان حذفها أليق لأنها من أفراد ما مر، أعني ما لو حدث به عيب آخر عند المشتري إلا أنه جعلها توطئة لقوله: فلو قطعه خاطه وعلى هذا فقوله في (الفتح) يعني ولم يخطه مما لا حاجة إليه (فوجد به عيبًا) كان به عند البائع كما فهمه التعبير يوجد (رجع بالعيب) أي: بنقصانه لتعذر الرد جبرًا لحدوث العيب الثاني طولب بالفرق بين هذا، وما لو نحره المشتري فوجد أمعاءه فاسدة حيث لا يرجع بالنقصان عند الإمام، وأجيب بان النحو إفساد للمالية لصيرورة المبيع به عرضية للنتن والفساد، ولذا لا يقطع السارق به فاختل معنى قيام المبيع، (فإن قبله) أي: الثوب (البائع كذلك له ذلك) أي: القبول لأن الامتناع إنما كان لحقه وقد أسقطه والوطء كالقطع بكرًا كان أو ثيبًا، كما في (الظهيرية). وقدمنا أنه لو كان للعلم بكونها بكرا من غير فعل بعده كان له الرد إن وجدها ثيبًا، وفي (البزازية) تقايضًا عبدًا بجارية وتقاضيا ووطئ المشتري الجارية ثم وجد بالعبد عيب ورده خير بائع الجارية بين أخذ قيمتها يوم قبضها أو أخذها وليس له نقصان الثمن إن بكر أولا العقر إن ثيبا لأمن الوطء على ملكه انتهى.

(وإن باعه المشتري) أي: أخرجه عن ملكه والبيع مثال فعم ما لو وهبه أو أقر به

ص: 399

لم يرجع بشيء فلو قطعه أو خاطه أو صبغه أو لت السويق بسمن فأطلع على عيب رجع بنقصانه ........

ــ

لغيره، وكذا لو باع بعضه بخلاف ما لو أجره أو رهنه كما في (المحيط) ولا فرق في إخراجه بيق ما إذا كان بعد رؤية العيب أو قبل، كما في (الفتح) ولمواء كان ذلك لخوف تلفه أو لا، حتى لو وجد السمكة المعيبة معيبة وغاب البائع بحيث لو انتظره لفسدت فباعها (لم يرجع) أيضًا (بشيء) كما في (القنية)، لم يرجع بشيء لأنه صار حابسًا للمبيع بالبيع، إذ الرد بالقطع غير ممتنع برضى البائع.

ولذا قلنا: (لو قطع الثوب) المشتري لولده الصغير لباسًا (أو خاطه) ثم اطلع على عيب لا يرجع بالنقصان لأن التمليك منه حصل بمجرد القطع له وهو نائبه في التسليم، ولو كان الولد كبيرًا وجع بالنقصان لأنه لم يصر مسلمًا إليه إلا بعد الخياطة فكانت الخياطة على ملكه، وامتناع الوجوب سبب الزيادة التي هي الخياطة قبل إخراجه عن ملكه فبعد ذلك لا يتفاوت الحال بيق أن يخرجه عن ملكه بالبيع أو لا في جواز الرجوع بالنقصان، وهذا معنى ما في (الفوائد الظهيرين) الأصل في جنس هذه المسائل أن كل موضع يكون المبيع قائمًا على ملك المشتري ويمكنه الرد برضى فأخرجه عن ملكه لا يرجع بالنقصان، وكل موضع يكون المبيع قائمًا على ملكه ولا يمكنه الرد وإن رضي البائع فأخرجه عن ملكه يرجع بالنقصان.

وفي هبة (البزازية) اتخذ لولده الصغير ثيابًا ليس له أن يدفعها لغيره إلا إذا بيق وقت الاتخاذ أنها عارية بان أشهد وقت الاتخاذ أنها عارية، فلو قطعه، أي: قطع المشتري الثوب وخاطه وأو صبغه) أطلقه وقيده في (الغاية)، بالأحمر وعليه جوى الحدادي فإن صبغه أسود، فكذلك عندهما لا له زيادة عند أبي حنيفة نقصان فيكون للبائع أخذه على الإطلاق، جرى العيني وغيره فقال: باي صبغ كان (أو أت السويق).

قال في (المصباح): لت السويس لتًا من باب قتل به بشيء من الماء انتهى. نبه بذلك على أن اللت مطلقًا هو البل بالماء ولذا قال: بسمق إذ الكلام في الزيادة في المبيع أو غرس في الأرض أو بنى أو طحن الحنطة أو شوى اللحم أو خبز الدقيق.

قال في (الفتح)،: وفي كون الطحن والشيء من المتصلة تأمل (فاطلع على عيب رجع) على البائع (بنقصانه) لامتناع الرد بالزيادة، إذ الفسخ إذا أن يرد على الأصل وحده أو معها لا سبيل إلى الأول لعدم انفكاكها عنه، ولا إلى الثاني لان العدد لم يرد عليها، فكذا الفسخ ولو أخذه مكان ولا فتعيق الرجوع بالنقصان بان فيد بغير المتولدة لأن المتولدة من الأصل كالسمن والجمال وانجلاء بياض العين لا يمنع الرد في ظاهر الرواية لتمحضها تبعد للأصل فكان الفسخ لم يرد إلا عليه، وبقي المنفصلة

ص: 400

كما لو باعه بعد رؤية العيب أو مات العبد أو أعتقه

ــ

يقسمها، ولا شك أن غير المتولدة منه لا تمنعه بحال فيفسخ العقد في الأصل دون الزيادة، لذا المتولدة منه فتمنع الرد لتعذر الفسخ محليها لأن العقد لم يرد محليها ولا يمكن التبعية للانفصال، فيكون المشتري بالخيار قبل القبض إن شاء ردهما جميعًا، وإن شاء رضي بهما بجميع الثمن، وأفا بعد القبض فيرد المبيع خاصة لكن بحصته من الثمن بان يقسم الثمن على قيمته وقت العقد، وعلى قيمة الزيادة وقت القبض، فإذا كانت قيمة المبيع ألفًا، وقيمة الزيادة مائة والثمن ألف سقط محشر الثمن إن رده وأخذ تسعمائة كذا في (الفتح). وجزم في (البحر) بأنه سهو لأنه إذا كان قبل القبض له ردهما وبعده له رد المبيع خاصة فأني تمنع الرد؟

وأقول: هذا هو الساهي إذ معناه يمنع رد الأصل وحده بخلاف غير المتولدة وقد أفصح محند ذلك في (العناية) حيث قال: وغير المتولدة كالكسب لا يمنع لكن طريق ذلك أن يفسخ العقد في الأصل دون الزيادة وتسلم الزيادة للمشتري مجانا بخلاف الولد، والفرق أن الكسب ليس بمبيع بحال ما لأنه تولد من المنافع غير الأعيان والولد متولد من المبيع فيكون له حكم المبيع، فلا يجوز أن يسلم له مجانًا لما فيه من الربا والتفضيل بين كونه قبل القبض أو بعده، مذكور في (البزازية) وغيرها (كما) أي: كما يرجع بالنقصان (لو باعه) في هذه الصورة (بعد رؤية العيب) لامتناع الرد قبله فلم يصر به حابسًا للمبيع وقد مر إيضاحه، (أو ممات العبد) لأن الملك انتهى به والامتناع حكمي لا بفعله، ولا فرق في هذا بين أن يكون بعد رؤية العيب أو قبله ولو قال: أو هلك المبيع لكان أفود إذ لا فرق بين الآدمي وغيره، ومت ثم قال في (الفصول): ذهب به إلى بائعه ليرده بعينه فهلك في الطريق هلك على المشتري ويرجع بنصفه.

وفي (القنية): اشترى جدارًا مائلاً فلم يعلم به حتى اسقط فله الرجوع بالنقصان، (أو أعتقه) لأنه إنهاء للملك فصار كالموت وهذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يعلم بالعيب، أفا إذا علم به كان العتق رضى فلا يرجع بشيء والتدبير والاستيلاد كالعتق لأنه تعذر النقل مع بقاء المحل بالأمو الحكمي، والكتابة كالإعتاق على مال لحصول العوض فيها كالبيع، كذا في (الشرح).

وفي (السراج) لو كاتبه وأدى بدل الكتابة وعتق ثم اطلع على عيب لا يرجع بشيء، وهو ظاهر في أن مجرد الكتابة من غير أداء البدل غير مانع من الرجوع وفيه نظر، وسياتي ما يرشد إليه قال الشر: ولو عجز المكاتب ينبغي أن يرده بالعيب لزوال المانع، كما لو اطلع على عيب في العبد السبق لا يرجع بشيء لأن الرجوع خلف عن

ص: 401

فإن أعتقه على مال أو قتله أو كان طعامًا فأكله

ــ

الرد فلا يصار إلى الخلف مادام حيًا، فإذا رجع رده لزوال وبه اندفع ما في (السراج) من تقييد الكتابة بأداء بدلها ليصير كالعتق على مال، إذ لو صح هذا لما تصور عجزه كما لا يخفى.

وقدمنا ما لو اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم اطلع على عيب لأنه مكاتب عليه فلا يتمكن من إخراجه عن ملكه ولا يرجع بالنقصان، وهذا يؤيد النظر السابق ولو عجز يرده المولى ويتولاه المكاتب لأنه هو المشتري فكان حقوقه إليه، إلا إذا مات المكاتب فيرده المولى، ولو أبرأه المكاتب قبل العجز لا يرده المولى، وإن أبرأه المولى قبل عجز المكاتب جاز، ولو اشترى المكاتب أم ولده ومعها ولدها لا يردها بالعيب ويرجع بنقصانه، ولو أبرأه المكاتب جاز ولو اشترى من مكاتبه عبدًا لا يرده بالعيب ولا يخاصم بائعه، كذا في (المحيط).

تتمة: وقف المشتري الأرض ثم علم بالعيب رجع بالنقص في جعلها مسجدًا اختلاف، والمختار الرجوع بالنقص، كما في (جامع الفصولين). وفي (البزازية) وعليه الفتوى، وما رجع به يسلم إليه لأن النقصان لم يدخل تحت الوقف انتهى. (فلو أعتقه على مال) لم يرجع بشيء لأنه حبس بدله وليس المراد به قبضه إذ من صوره ما لو قال: إذا أديت إلى ألفًا في شهر كذا فانت حر، وأو قتلهم أي: قتل المبيع هذا أعني عدم رجوعه بشيء هو ظاهر الرواية عن أصحابنا، وعن أبي يوسف قيل ومحمد أنه يرجع لأن هذا القتل لم يتعلق به حكم دنيوي فكان كالموت وجه الظاهر أن القتل لم يعهد شرعا إلا مضمونه، وإنما سقط عن المولي بسبب الملك فصار كالمستفيد به عوضا وهو سلامة نفسه عن القتل إن كان عمدا، أو الدية إن كان خطا فكان كانه باعه حتى لو كان مديونا ضمنه، كما في (الكافي).

(أو كان) المبيع (طعامه فأكله) عند الإمام وقالا: يرجع بالنقصان وهو قول الأئمة الثلاثة وعلى هذا الخلاف لبس الثوب ثم اطلع على غيب لهما أنه فعل بالمبيع ما يقصد بشرائه ويعتاد فعله فأشبه الإعتاق، وله أنه تعذر الرد بفعل مضمون منه في المبيع فأشبه الجيش، وفي (الخلاصة): الفتوى على قولهما، وبه أخذ الطحاوي لكن جعل صاحب (الهداية) قوله استحسانا مع تأخيره ولجوابه عن دليلهما يقرر مخالفته في كون الفتوى على قولهما، وفي (جامع الفصولين): شرى بعيرا فلما أدخله داره سقط فذبحه رجل بأمر المشتري فظهر عيبه يرجع بنقصه عندهما، وبه أخذ المشايخ كما لو أكل طعاما ولو لم يعلم بعيبه قبل الطبع فذبحه هو أو غيره بأمره لا يرجع، ولو اشترى برأ على أنه ربيعي فزرعه، فظهر أنه خريفي اختار المشايخ أنه يرجع بنقص

ص: 402

أو بعضه لم يرجع بشيء ولو اشترى بيضًا أو قثاء أو جوزًا ووجده فاسدًا ينتفع به رجع بنقصان العيب وإلا بكل الثمن

ــ

العيب وهو قولهما بناء على ما لو اشترى طعاما فأكله فظهر عيبه والفتوى على قولهما وفي (القنية) باع منه زكاء للبذر وقال: ازرعه فإن لم ينبت فأنا ضامن لهذا البذر فزرع فلم ينبت فعليه ضمان النقصان انتهى. (أو) أكل (بعضه لم يرجع بشيء) هذا قول الإمام أيضًا، وعنهما روايتان في رواية رجع بنقصان العيب في الكل فلا يرد الباقي وفي أخرى يرد ما بقي لأن الطعام لا يضره التبعيض، فكان قادرًا على الرد فيما أخذه ويرجع بالنقصان، فيما أكل. وفي (المجتبى): وبه يفتى ولو أطعمه ابنه الصغير أو الكبير أو امرأته أو مكاتبًا وضيفه لا يرجع بشيء، ولو عبده أو مدبره أو ولده يرجع لأن ملكه باق ولو اشترى دقيق الخبز بعضه ثم ظهر أنه مر رد ما بقي ورجع بنقصان ما خبز هو المختار، ولو كان سمنًا ذائبًا فأكله ثم أقر البائع أنه كان وقع فيه فارة رجع بالنقصان عندهما وبه يفتى كذا في (الفتح).

(ومن اشترى بيضًا أو جوزًا) أو فستقًا أو بندقًا أو نحو ذلك فوجده، أي: أصابه حال كونه فاسدا بأن كسره وفيه إيماء إلى أنه لو علم بعيبه من غير كسر كان له الرد فلو كسره بعد العلم بالعيب لا يرد لأنه صار راضيًا به، وبه اندفع ما في (البحر) من أنه لا بد من تقييد المسالة بكسره ينتفع به مع فساده بأن يأكله الفقراء أو يصلح للعلف، ولا خفاء أن بعض الفقراء يأكل البعض الفاسد، فاندفع قول العيني هذا لا يتصور في البيض لأن قشره لا قيمة له رجع بنقصان العيب لأن الكسر عيب حادث إلا إذا رضي به البائع هذا إذا لم يتناول منه شيئًا، فإن تناول بعد ما ذاقه لم يرجع بشيء قيد بكونه وجد المبيع لم فاسدًا لأنه لو وجد البعض منه فاسدًا فإن كان قليلاً جاز. البيع، وإن كان كئيرًا بطل عنده في الصحيح، وجاز عندهما في حصة الصحيح منه.

وفي (النهاية) الأصح قولهما لأن الثمن ينقسم على الأجزاء لا على القيمة والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة كالواحد والاثنين في المائة، كذا في (الهداية) وهو ظاهر في أن الواحد في العشرة كثير، وبه صرح في (القنية)، وقال السرخسي: الثلاثة عفو يعني في المائة.

وفي (البزازية) كسر بعض الجوزات (فوجده فاسدًا) لا (ينتفع به) وله قيمة عند الناس (يرجع بنقصان العيب) فيما كسر ولا يبرد المكسور (وإلا) أي: وإن لم ينتفع به بان كان البيض منتنًا والقثاء مرآ والجوز خاويا، وما في العيني أو ..... ففيه نظر لأنه يشكله الفقراء رجع (بكل الثمن) تبين بالكسر أنه ليس بمال فكان البيع باطلة قيل:

ص: 403

ولو باع المبيع فرد عليه بعيب بقضاء يرده على بائعه

ــ

هذا صحيح في الجوز الذي لا قيمة لقشره، أفا إذا كان له قيمة بان كان في موضع يباع فيه قشرة يرجع بحصة اللب فقط، وقيل: يرده ويرجع بكل الخمن لأن ماليته باعتبار اللب وظاهر (الهداية) يفيد ترجيحه، وكذا في البيض أما بيض النعامة إذا وجده فاسدًا بعد الكسر فإنه يرجع بنقصان العيب.

قال في (العناية): وعليه جرى في (الفتح) وهذا يجب أن يكون بلا خلاف لأن مالية بيض النعامة قبل الكسر باعتبار القشر وما فيه جميعًا قال ابن وهبان: وينبغي أن يفصل بان يقال هذا في موضع يقصد فيه الانتفاع إلا بالمخ بان كان في برية والقشر لا يتنقل كان كغيره قال الشيخ عبد البر: ولا يخفى عليك فساد هذا التفصيل فإن هذا القشر مقصود بالشراء في نفسه ينتفع به في سائر المواضع، وما ذكره لا ينهض لأن هذا قد يتقعض في كثير مما اتفقوا على صحة بيعه ولا يكون ذلك موجبًا لفساد البيع، (ولو باع) المشتري (المبيع فود محليه بعيب بقضاء) بإقرار أنه كان عنده ووجد عند المشتري منه وهو عند المشتري الآخر أو بينه على ذلك أو بنكول عن اليمين عن العيب، ومعنى القضاء بالإفرار أنه أنكر الإقرار فأثبته بالبينة، كذا في (الهداية)، ولو قال بعد الرد عليه: لا محيب فيه لا (يرده) على البائع الأول اتفاقا، كما في (الفتح).

وفي (البزازية) ولو علم البائع بالعيب له أن لا يقبل بغيو قضاء لتمكنه من الرد (على بائعه) قيل: بقوله فرد لو اطلع على محيب قديم وحدث عنده آخر فرجع بنقصان العيب القديم لا يرجع على بائعه بنقصان العيب القديم عند الإمام، وعندهما يرجع، كذا في (البحر) معزيًا إلى الإسبيجابي ورده على بائعه لا فسخ من الأصل فجعل البيع كأن لم يكن غاية الأمر أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبًا شرعًا بالقضاء إلا إذا حدث به محيب آخر عنده فإنه يرجع بالنقصان، كما في (التهذيب)، وهذا الإطلاق قيده في (المبسوط) بما إذا ادعى المشتري العيب عند البائع الأول، أفا إذا أقام البينة أن العيب كان عند المشتري الأول ولم يشهد أنه كان عند البائع الأول ليس للمشتري الأول أن يرد عليه إجماعًا، كذا في (الفتح) تبعًا (للدراية).

وفي (البزازية) معزيًا إلى (الجامع): جدد البائع مع المشتري ثانيًا بأقل من الثمن الأول أو أكثر ثم رد عليه بعيب لم يكن له أن يرده على بائعه الأول، وبقي قيد ثالث: هو أن يكون البيع قبل الاطلاع على العيب القديم، أفا بعده فليعر له الرد على بائعه ولو كان الود عليه بقضاء، بدا في الفتوى. ومعنى الرد عليه أن له أن يخاصمه بذلك لأن الرد عليه يكون ردا على بائعه، بخلاف الوكيل بالبيع إذا رد عليه بعيب

ص: 404

ولو برضا لا ولو قبض المشتري المبيع وادعى عيبًا لم يجبر محلى دفع الثمن ولكن يبرهن او يحلف بائعه ......

ــ

بقضاء ببينة أو بإباء يمين أو بإقرار مق المأمور حيث يكون ردأ على الموكل كذا في (الجامع)، لأن البيع واحد وفيما نحن فيه بيعان، وقيده فخر الإسلام بعيب لا يحدث فيرده بالبنية أو بإباء اليمين ولا يرده الط مور بالإقرار لأن إقرار المأمور لا يسمع على الآمر، فإذا كان لا يسمع فيما لا يحدث مثله ففيما يحدث بالأولى، ولو كان بغير قضاء اقتصر عليه وأن لا يحدث مثله هو الصحيح، كما في (البزازية).

وفي (الولوالجية): رد عليه بلا قضاء لزمه دون الموكل #والصحيح، وينبغي أن يكون معنى الإقرار المذكور في (الجامع) ما مر مق أنه الإقرار فاثبته بالبينة لأنه صار مكذبًا شرعًا بالقضاء فلا ينافيه ما قاله فخر الإسلام وغيره مق أنه لا يوده بإقرار الوكيل ولو كان الرد برضى لا، أي: لا يرده على بائعه لأنه بيع جديد في حق ثالث، وإن كان فسخًا في حقهما والأول ثالثهما أطلقه فعم ما لا يحدث مثله في المدة وهو قول العامة، والمسالة مقيدة بما إذا كان ذلك بعد القبض فيرده (ولو برضى) وبغير الصرف. أفا في الصرف فإنه يرده بغير قضاء عليه، تنوع ما في (المنتقى) اشترى دينارًا بدراهم ثم باع الدينار مق آخر ثم وجد المشتري الآخر بالدينار عيبًا ورد على المشتري بغير قضاء فإنه يوده على بائعه، لمعنى هو أن المبيعين حينئذ يكونان معدومين لأن المعيب ليس بمبيع بل المبيع السليم فيكون المعيب ملك البائع بخلاف المبيعين في غير النقود كمسألة (الكتاب) فإنهما موجودان وعلى هذا فإطلاق لم الكتاب بالنسبة إلى موضوع المسالة غير محتاج إلى هذا الفيد، كذا في (الفتح) قيد بخيار العيب لأنه لو رد على المشتري بخيار رؤية أو شرط فإنه يوده على بائعه ولو بغير قضاء.

(ولو قبض المشتري المبيع وادعى عيبًا) كان عند بائعه (لم يجبر محلى دفع الثمن) لأنه لو أجبر لربما أثبت العيب فيسترده وفيه نقص للقضاء فلا يصار إليه حتى يتبين الأمر، ولم أر ما لو كان البيع مقايضة فوجد المشتري بالمبيع عيبًا ولم يقبض ما دخل محليه .... هل يجبر على دفعه أو لا؟ (ولكن يبرهن) المشتري أي: يقيم البينة (أو يحلف) بسكون (بائعه) هذا ظاهر في أنه إذا أقام المشترى البينة مع وجود العيب عنده أو حلف البائع أجبر على الدفع، وليس مراد لأنه من إقامة البينة على وجوده عند المشترى وعند البائع ومن ثم قال الجو وقوله ولكن يبرهن، أي: يقيم البينة لإثبات العيب وطريقه ما قلنا: بقي أن قوله أو يحلف بائعه أنما يأتي عند العجز عن الأولى على قولهما، أفا على قوله فلا في الصحيح عنه لأنه لا يتناسب خصمه إلا بعد إثبات قيامه عند المشتري.

ص: 405

وإن قال شهودي بالشام: دفع إن حلف بائعه فإن أدعى إباقًا

وقوله في (البحر): وتحليف البائع في المسألتين إنما هو فيما إذا أقر بقيام العيب به ولكن أنكو قدمه مما لا دليل في كلامه عليه، وقد ظهر لي أن موضوع هذه المسألة في عيب لا يشترط تكراره كالولادة. فإذا ادعاه المشتري ولا برهان له حلف بائعه، وقوله بعد ولو ادعى إباقًا بيان لما يشترط تكوره وإلا كان الثاني حشوًا فتدبره فإني لم أز من عرج عليه.

واعلم أن المصنف عدل عن قول صاحب (الهداية) لم يجبر حتى يحلف البائع أو يقيم البينة لأن ظاهره غير صحيح، وهذا لأنه جعل غاية عدم الإجبار إما تحليف البائع، أو بينة المشتري وكلاهما غير صحيح، أفا الثاني فظاهر، وأما الأول فلان معناه يطلب منه الحلف ولا يلزم ممه حلفه ليترتب عليه عدم جبره لجواز أن ينكل فيستمر عدم الجبر هذا حاصل ما في (الفتح). واقتصر في (العناية) على الثاني وهو الظاهر بناء على أن يحلف من الحلف لا من التحليف، أجابوا بأنه من باب علفتها تبنًا وماء باردًا، أو أن التقدير حتى يظهر وجه الحكم أي حكم الإجبار وعدمه، أو بأن الانتظار مستلزم لعدم الإجبار وذكر اللازم وإرادة الملزوم كناية قال في (العناية): والحق أن الاستثناء إنما هو بالنظر إلى مفهوم الغاية وهو ليس بلازم.

قال في (الحواشي السعدية): فيه بحث فإن مفهوم الغاية لزومه متفق عليه على ما صرح به في (التلويح) خصوصًا في الروايات وكلام المصنفين، قال يعقوب باشا: والأولى في التوجيه أن يقال: إدن هذا من قبيل اللف والنشر التقديري تقديره لم يجبر على دفع الثمن ولا يكون له حق الرد حتى يحلف بائعه، أو يقيم بينة كما ذكره صاحب (الكشاف) في تحقيق قوله تعالى:{يوم يأتي بآيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا} [الأنعام: 158] حيث قال: إنه من قبيل اللف والنشر التقديري والمعنى لا ينفع نفسًا إيمانها ولا عملها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا انتهى.

(فإن قال) المشتري: (شهودي بالشام) أي: غيب عن المصر والشام مثال (دفع) الثمن (إن حلف بائعها لأن في الإنذار ضرر بالبائع وليس في الدفع كبير ضرر على المشتري لأنه على حجته متى أقام البرهان عليها قبلت، ولو قال: أحضر بينتي إلى ثلاثة أيام أجله ولو قال: لا بينة لي فحلفت البائع ثم أتى بها تقبل عند الإمام، خلافا لمحمد كذا في (الفتح).

(فإن ادعى إباقًا) ونحوه مما يتوقف الرد فيه على وجود العيب عندهما كالبول

ص: 406

لم يحلف بائعه حتى يبرهن المشتري أنه أبق عنده فإن برهن حلف بالله ما أبق عندك قط

ــ

في الفراش والسرقة والجنون (لم يحلف البائع) إذا أنكر قيامه للحال (حتى يبرهن المشتري أنه آبق عنده).

أفا لو اعترف بقيامه للحال فإنه يسأل عن وجوده عنده، فإن اعترف به رده عليه بالتماس من المشتري، وإن أنكر طولب المشتري بالبينة على أن الإباق وجد عند البائع فإن أقامها رده وإلا حلف بالله لقد باعه وسلمه وما أبق عنده قط، (فإن برهن) المشتري قيامه للحال حلف البائع، وإن لم يبرهن ولم يقر البائع فعند الإمام لا (يحلف) خلافًا لهما، وقد مر (بالله ما أبق عندك قط) قال الشارح: والأحوط أن يحلف بالله ما أبق قط أو بالله ما يستحق عليك الرد من هذا الوجه الذي ذكره أو بالله لقد سلمه وما به هذا العيب لأنه يحتمل أنه باعه وقد أبق عند غيره وبه يرد عليه وفيما ذكره ذهول عنه انتهى. وأبهم الغير ليعم ما لو كان عند مورثه أو واهبه أو مودعه أو مستأجره أو من الغاصب لا إلى منزل مولاه مع معرفته له والقدرة على الرجوع له على مر إلا أن كون حذف الظرف أحوط بالنظر إلى المشتري مسلم لا بالنظر إلى البائع إذ يجوز أنه أبق عند الغاصب ولم يعلم منزل المولى ولم يقدر عليه، وقد مر أنه ليس بعيب فالأحوط بالله ما يستحق عليك الرد إلخ وما بعده.

وفي (البزازية) والاعتماد علي المروي عن الثاني بالله ما لهذا المشتري قبلك حق الرد بالوجه الذي يدعيه تحليفا محلى الحاصل انتهى. ولا يحلف بالله لقد باعه وما به العيب لأن فيه ترك النظر/ للمشتري لجواز حدوثه بعد البيع قبل التسليم فيكون بارًا مع أنه يوجب الرد، وكذا لا يحلفه لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب لأنه يوهم تعلقه بالشرطين فيتناوله في اليمين عند قيامه في أحد الجانبين وهذا من باب الاحتياط، وإلا فهذا التأويل لا يخلصه عند الله تعالى بل هذا يمين غموس.

ومن ثم قال السرخسي: الأصح عندي أنه يجوز أن يحلف كذلك قيل كيف يحلف على البات مع أن فعل الغير والتحليف فيه إنما يكون محلى العلم؟ وأجيب بأنه محلى فعل نفسه في المعنى وهو تسليم المعقود عليه سليمًا كما التزمه قاله السرخسي: وقيل محله ما لو ادعى أنه لا علم له به أما لو ادعى الحالف العلم به كما هنا حلف على البنات، ألا ترى أن المودع لو ادعى قبض ربها لها حلف على البنات لادعائه العلم بذلك؟ وإن كان القبض فعل الغير.

قال في (الفتح): وهذا أوجه لأن معنى تسليمه سليمًا سلمته، والحال أنه لم يفعل السرقة عندي فيرجع إلى الحلف محلى فعل الغير، ثم قال: ومما تطارحناه أنه لو لم يطبق عند البائع وأبق عند المشتري وكان أبق عند آخر قبل هذا البائع ولا علم

ص: 407

والقول في قدر المقبوض للقابض

ــ

للبائع بذلك فادعى المشتري بذلك وأثبته يرد له، ولو لم يقدر على إثباته له أن يحلفه على العلم، وكذا في كل محجب يرد في تكرره انتهى. وظن في (البحر) أن المتطارح هو رده بهذا العيب فقط فنقل عن (القنية) أنه يرد به ثم قال: وظاهر ما في (فتح القدير) أنه لم يطلع هو وأصحابه على نقل فيها لأنه قال: إنه مما تطارحناه انتهى.

وأقول: المطارحة هي تحليفه على عدم العلم أخذًا من قولهم إنما يحلف على البتات لادعائه العلم، به والغرض هنا أنه لا علم له به فتدبره.

تتمة: بقي مق أنواع العيوب ما يكون ظاهرًا لا يحدث مثله أصلاً أولاً من وقت البيع إلى وقت الخصومة كالإصبع الزائدة والناقصة والعمى فيقضي فيها بالرد إذا طلب المشتري بلا يمين للتيقن به في يدهما إلا أن يدعي البائع سقوطه برضى البائع أو العلم به عند الشواء أو الإبراء منه، فإن أثبته بالبينة أو الإقرار فيها وإلا حلف المشتري، فإن حلف رده، وإن نكل امتنع الرد. والثالث: ما لا يعرفه إلا الأطباء كوجع الكبد والطحال فإن اعترف به عندهما رده، وكذا إذا أنكره فحلفه المشتري وأقام البرهان عليه إلا أن يدعي الرضا فعلى ما مر وإن أنكره عند المشتري يريه طبيبين مسلمين عدلين والواحد يكفي والاثنان أحوط فإن قالا به ذلك يخاصمه في أنه كان عنده إلا إذا كان القاضي مق الأطباء فينظر بنقسه، كما في (البزازية) ونظر أمينه كهو، كما في (الينابيع). الرابع: ما لا يطلع عليه إلا النساء كالرتق والبكارة فعلى هذا الذي مر إلا أنه إذا أنكر قيامه في الحال رأيت النساء والواحدة الثقة تكفي فإذا قالت: هي ثيب وقد اشترى بكرًا ردت عليه بقولها عندهما.

فروع

اشترى جارية وادعى أنها خنثى يحلف البائع لأنه لا ينظر إليه الرجال ولا النساء، كذا في (شرح قاصي خان). وفي (الدراية): أراد المشتري الرد ولم يدع البائع محليه شيئًا يسقطه لا يحلف، وعند الثاني يحلف صيانة للقضاء وأكثر القضاء يحلفون بالله وأسقط في حقك في الرد بالعيب من الوجه الذي تدعيه قضاء ولا دلالة وهو الصحيح، وأحب أن يستحلفه وإن لها يدع البائع وإن ادعاه حلف اتفاقًا وهذا أحد المواضع التي يستحلف فيها الخصم بدون طلب المدعي، والثاني: المرأة إذا طلبت النفقة في مال الغائب والثاني الشفعة نص على ذلك في (الخلاصة) وغيرها.

(والقول في قدر المقبوض) من المبيع (للقابض) لأنه هو المفكر بان اشتوى جارية بثمن وتقايضا فوجد بها عيبًا فقال البائع: بعتك هذه وأخرى معها وقال

ص: 408

ولو اشترى عبدين صفقة فقبض أحدهما ووجد بأحدهما عيبًا أخذهما أو ردهما

ــ

المشتري: بعينها وحدها، ولو اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض، فكذلك كما في (الهداية) وعلى هذأ فلو حذف المص القدر لكان أولى وشمل كلامه (الكافي) لو قال المشتري بعد قبض المبيع موزونًا: وجدته ناقصًا إلا إذا سبق منه إفرار بقبض مقدار معيق، كما في صلح (الخلاصة).

وفي (الظهيرية) اشترى عبدين أحدهما بألف حالة، والآخر بألف إلى سنة صفقة أو صفقتين فرد أحدهما بعيب ثم اختلفا فقال البائع: رددت مؤجل الثمن وقال المشتري: بل معجله فالقول للبائع سواء هلك ما في يد المشتري أو لا ولا تحالف ولو اختلفا في الثمنين فادعى البائع أن الثمن المردود كذا وعكس المشتري فالقول للمشتري، ولو اختلفا في تعيين الزق فالقول للمشتري ولو في طول المبيع وعرضه فالقول للمشتري انتهى.

وفي (العمادية) جاء ليرد المبيع بخيار شرط أو رؤية فقال البائع ليس هو المبيع فالقول للمشتري في تعيينه بخلاف ما لو رده بخيار محيب فإن القول للبائع وتقبل بينة القابض مع قبول قوله لإسقاط اليمين كالمودع يدعي الود أو الهلاك، كذا في صرف (الذخيرة (. قال في (البحر): وذكر لقبولها فائدة أخرى هي الوكيل بالصرف لو رد عليه الدينار بعيب لم فأقر به وقبله كان عليه لا على الموكل فإن أقام مشتريه بينة على أنه هو الذي قبضه من الوكيل قبلت لإسقاط اليمين محنه ولرجوعه إلى الموكل فليحفظ انتهى.

وأقول: قد علمت فيما مر أنه في الصوف لو رد عليه الدينار بغيو قضاء كان له أن يرده على بائعه فسووا فيه بيق القضاء والرضا، وعلى هذا فينبغي هنا أن يكون الرد على الوكيل ردآ على الموكل، والفرق ما مر فتدبره. (ولو اشترى عبدين صفقة) بأن سمى لهما ثمنًا واحدًا (فقبض أحدهما ووجد بأحدهما عيبًا) سواء كان هو المقبوض أو غيره (أخذهما أو ردهما) لأن في أخذ السليم فقط تفريقًا لها قبل التمام لأن تفريقها قبل القبض كتفريقها في نفس العقد، إذ القبض له شبه بالعقد لما أنه يثبت- ملك التصرف، كما أن العقد يثبت ملك التصرف كما أن العقد يثبت ملك الرقبة، ومعنى المسألة أنه لم يعلم بالعيب إلا بعد القبض.

أما لو علم به قبله فقبض المعيب لؤماه ولو كان معيبين فقبض أحدهما ردهما جميعًا لأنه لا يمكن إلزام البيع في المقبوض دون الآخر لما هو فيه من تفريق الصفقة على البائع ولا إسقاط حقه في غير المقبوض لأنه لم يرضخ به، ولو أعتق السليم أو باعه بعد قبضه لزمه الآخر كيلا يتفرق الصفقة على البائع كذا في (المحيط)، وهذا

ص: 409

ولو قبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا رد المعيب وحده ولو وجد ببعض الكيلى أو الوزني عيبًا رده كله أو أخذه

ــ

إذا كان العيب في غير المقبوض بلا خلاف. أفا إذا كان في المقبوض فعن الثاني أنه يرده خاصة لتمام الصفقة فيه، والصحيح أنه لا فرق لأن تمامها تعلق بقبض المبيع وهو اسم لكله قيد باتحاد الصفقة لأنها لو تعددت بأن سمى لكل واحده ثمنا كان له رد المعيب، (ولو قبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا رد المبيع وحده) لأن تفريقها بعد التمام جائز شرعا، ألا ترى أنه لو استحق أحدهما بعد القبض ليس له رد الآخر بل إنما يرجع بحصته فقط قيد بخيار العيب لأنه ليس له رد أحدهما بخيار الشرط والرؤية لعدم تمامها معهما ولو بعد القبض.

وفي موضع المسالة في العبدين إيماء إلى أن الكلام فيما ينتفع به وحده، أما ما لا ينتفع به وحده كقفلين أو خفين أو مصراعي بابه فإنه بعد القبض يردهما أو يمسكهما إجماعًا وجعل مشايخنا من ذللت لو اشترى ثورين ألف أحدهما الآخر بحيث لا يعمل بدونه فوجد بأحدهما عيبًا بعد القبض فإنه لا يملك رد المعيب وحده، كذا في (الإيضاح) وغيره. وجعل من ذللت أيضًا في (المحيط) ما لو اشترى فور فيه سمو فجزه ثم وجد بأحدهما عيبا لا يرده، بل يردهما لأنهما كشيء واحد لأن الثمر بعد النخل، بخلاف ما لو اشترى خاتما فيه فص وقلع الفص لا يرد بواحد منهما فوجد بأحدهما عيبا بعد القبض كان له أن يرد المعيب منهما، وكذا السيف المحلى والمنطقة.

(ولو وجد ببعض الكيل) كالحنطة والتمر

وأو الوزني كالسمن والزعفران (عيبًا رد كله أو أخذه)، هذا مقيد بقيدين: الأول أن يكون من نوع واحد لأنها مع اتحاد النوع لشيء واحد حكما وتقديره لما أن تقومهما باعتبار الاجتماع فلو له أن يأخذ البعض كالثوب، كذا في (الشرح).

وفي (فتح القدير) قيل؟ هذا إذا كان وعاء واحدة، أمرا إذا كانا وعاءين فإنه يرد المعيب خاصة لأن رد أحدهما بعينه هنا لا يوجبه زيادة عيب، كذا ذكره فخر الإسلام، فال أبو الليث: هذا قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف لا على قول أبي حنيفة، وقد روى الحسن عنه في (المجرد) أن رجلا لو اشترى أعدالاً من ثمر فوجد بعدل منها عيبا فإن كان الثمر كله من جنس واحد ليس له أن يرد المعيب خاصة لأنه بمنزلة لشيء واحد.

وذكر الناطفي رواية بشر بن الوليد أنه لو اشترى يقين من سوق أو سلتين من زعفران أو حملين من القطن أو الشعير وقبض الجميع رد المبيع خاصة إلا أن يكون

ص: 410

ولو استحق بعضه لم يخير في رد ما بقي ولو ثوبًا خير

ــ

هذا، ولآخر سواء، فإمًا أن يرد كله أو يتركه كله فقد رأيت كيف جعل الثمر أجناسًا مع أن الكل جنس الثمر، فعلى هذا يتقيد الإطلاق أيضًا في نحو الحنطة فإنهما جنسان يتفاوتان في السمن والعجين ويتقيد إطلاق فجر الإسلام أن في الأعدال يرد المعيب خاصة بل ذلك إذا كان ما في الأعدال من غير ذلك الجنس. أما إذا كانت الأعدال من جنس واحد فيرد الكل البصرة كالعدل الواحد وإن كثرت لجيريان ما ذكر من وجه رد المعيب وحده فيها انتهى.

أقول: في تقييد إطلاق فجر الإسلام بهذا نظر إذ بتقديره يرتفع الخلاف في رد المعيب فقط مع اختلاف الجنس، فظاهر كلامهم أنه لا فرق حينئذ بين كونه في وعاء واحد أو وعاءين فلم يبق مما جرى فيه الخلاف غير الاتحاد وعلى هذا جرى الشراء قال بعد أن قيل المسألة باتحاد النوع، وقيل: إذا كان في وعاءين يكون بمنزلة عبدين نعم اختاره في (الخانية) مقتصرًا عليه إلا أنا الأظهر جعله مع الاتحاد كشيء واحد مطلقًا كما في (العناية) /.

الثاني: أن يكون بعد القبض قيد به في (الهداية) وعليه فيفترق الحال بين المثليات والقيمات لأنه لو كان قبله يرد الكل ويأخذ الكل لا فرق بين كونه مثليًا أو قيميًا، (ولو استحق بعضه) أي: بعض أو الوزن (لم يخبر المشتري في رد ما بقي) على البائع بل يلزمه في ظاهر الرواية لأن التشقيص لا يضر والاستحقاق لا يمنع تمام الصفقة، وروى الحسن أنه بخير هذا بعد القبض، أما قبله فيخير وقبض أحدهما لا يعد قبضًا، كما قي (المحيط).

(ولو ثوبًا خير) لأن التشقيص يضره في المالية والانتفاع بخلاف المثلي والاستحقاق ليس بعيب حادث عند المشتري لوجوده وقت البيع، وإنما تأخر ظهوره وأراد بالثوب القيمي فعم العبد والدار كما في (النهاية)، وينبغي أن تكون الأرض كذلك. وفي فصل الاستحقاق من (جامع الفصولين) شرى دارًا مع بنائه فاستحق البناء قبل قبضه قالوا: يخير المشتري بين أخذ الأرض بحصته من الثمن أو الترك ولو بعد القبض بأخذ البناء بحصته ولا خيار له والشجر كالبناء ولو احترقا أو قلعهما ظالم قبل القبض أخذهما بجميع الثمن أو ترك، ولا يأخذ بالحصة بخلاف الاستحقاق، وقال قبله: شرى دارًا فاستحقت عرصتها ونقضت البناء فقال: أنا بنيتها فارجع على بائعي وقال بائعه: بعتها مبنية فالقول للبائع.

وفي (العناية) تنبه لكلام المص نجد حكم العيب والاستحقاق سيان قبل القبض في جميع الصور يعني فيما يكال أو يوزن أو غيرهما وتجد حكمها بعد

ص: 411

واللبس والركوب والمداواة رضًا بالعيب لا الركوب للسقي أو للرد أو لشراء العلف ولو قطع المقبوض بسبب عند البائع رده واسترد الثمن

ــ

القبض كذلك إلا في المكيل والموزون (واللبس والركوب) أي: ركوب المبيع لحاجة (والمداواة) أي: مداواته من عيب لم يبرأ منه، أما لو برأ البائع فداواه وبه عيب آخر لا يكون (رضى) ، كما في (الولوالجية).

وجوز العيني أن يراد المداواة به رضى (بالعيب) لأنه دليل الاستبقاء،، ودل كلامه أن كل تصرف من المشتري يدل على الرضى بالعيب بعد العلم به يمنع الرد والأرش ، فمن ذلك أيضًا العرض على البيع والإجارة واللبس والرهن والكتابة والاستخدام ولو مرة بعد العلم بالعيب بخلاف خيار الشرط فإنه لا يسقط بالمرة الثانية، كذا في (الفتح) ، ويستثنى من العرض الدراهم إذا وجدها زيوفًا فعرضها على البيع فإنه لا يكون رضا، كما في (البحر).

وفي (المبسوط): الاستخدام لا يكون رضا استحسانًا لأن الناس يتوسعون فيه وهو للاختيار وفي (البزازية) الصحيح أنه رضى في المرة الثانية إلا إذا كان من نوع آخر، وفي (الصغرى) أنه مرة واحدة ليس رضى إلا إذا كان على كره من العبد (لا الركوب) أي: لا يكون الركوب (للسقي أو للرد) على البائع (أو لشراء العلف) رضا بالعيب. أمًا الركوب فلأنه سبب الرد لما أنه أضبط للدابة، ولذا لم يفرق فيه بين كونه له منه بد أو لا، وأمًا للسقي وشراء العلف فمقيد بما إذا لم يجد منه بدًا إما لصعوبتها أو لعجزه أو لكون العلف عدل واحد، أمًا إذا كان بجد منه بدًا لانعدام ما ذكرنا يكون رضا كذا في (الهداية). وفي (الخلاصة): لو حمل علف دابة أخرى فهو رضى ركبها أو لم يركبها قيد بالركوب لهذه لأنه لو ركبتها لينتظر إلى سيرها أو لبس ثوبًا لينظر إلى قده فهو رضا، وفي (جامع الفصولين): ادعى عيبًا في حمار فركبه ليرده فعجز عن البينة فركبه جانبًا فله الرد.

وفي (الفتح): فرع: وجد بالدابة عيبًا في السفر وهو يخاف على حمل حمله عليها ويرد بعد انقضاء سفره فهو معذور، (ولو قطع) العبد (المقبوض) بيد المشتري (بسبب) كان (عند البائع) أو غيره على ما مر (رده واسترد الثمن) عنده قالا: إنما يرجع بالنقصان بأن يقوم عبدًا وجد عليه القطع وعبدًا لم يجب عليه بإزاء النقصان من الثمن، ولا يخفى ما في جواب المسألة من الإلباس إذ يفيد ظاهره أنه ليس له غير هذا الأمر مع أن المنقول في (شرح الطحاوي) أنه لو اختار إمساك المبيع رجع بنصف الثمن عنده، وعندهما بنقصان العيب إلا أن يرضى البائع فيرجع بجميع الثمن.

قال في (الفتح): وعبارة (الهداية) أحسن فإنه قال: فله أن يرده ويأخذ الثمن

ص: 412

ولو برئ من كل عيب صح

ــ

فإنها لا تمنع أن له شيئًا آخر لكن لا يجوز الاقتصار على هذا إلا إذا كان ماله من الآخر المسكوت عنه متفقًا عليه فاقتصر على محل الخلاف لكن الغرض أن الخلاف ثابت في الآخر، وعلى هذا الخلاف لو قتل سبب كان البائع والحاصل أنه بمنزلة الاستحقاق عنده وبمنزلة العيب عندهما حتى لو مات بعد القطع حتف أنفه رجع بنصف الثمن عنده، وعندهما يرجع بالنقصان ولو سرق عند المشتري أيضًا فقطع بهما رجع بالنقصان عندهما وعنده لا يرده بدون رضي البائع ولكن يرجع بربع الثمن، ولو رضي البائع بأخذه بثلاثة الأرباع ولو تداولته الأيدي فقطع عند الآخر أو قتل رجعت الباعة بعضهم على بعض عنده وعندهما يرجع الأخير على بائعه بالنقصان ثم هو لا يرجع على بائعه، ولم يقيد المص بعدم علم المشتري بالسرقة، كما في (الجامع الصغير) ، لأنه لا يفيد على قوله في الصحيح لأن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع/ وإن أفاد على قولهما لأن العلم بالعيب رضا به، وفي هذا يظهر أثر الخلاف وفيما لو أعتقه ثم قطع أو قتل على ما مر قيد بقطعه عنده، لأنه لو قطع عند البائع ثم باعه فمات عند المشترى به رجع بالنقصان اتفاقًا.

(ولو برئ) البائع (من كل عيب) بأن قال: بعتك هذا على أنني برئ من كل عيب ووقع في (العيني) لفظة فيه وهذا سهو لما سيأتي (صح) البيع وبرئ البائع من العيب القائم ولو غير معلوم للمشتري والحادث عند أبى يوسف والإمام كما في (المبسوط) وغيره.

وقال قاضي خان: إنه ظاهر مذهبهما وقال محمد: لا يدخل الحادث، وأجمعوا على عدم دخوله لو قال: من كل عيب به قال مما يحدث صح عند أبي يوسف كما في (المبسوط) وقيل: لا يصح اتفاقًا وهو مشكل لأنه إذا كان مع التنصيص لا يصح فكيف مع عدمه؟ وعلى هذا فما قي (البدائع) لو شرط البراءة من الحادث فقط فسد البيع عندهما معللًا بأن الإبراء لا يحتمل الإضافة فكان شرطًا فاسدًا انتهى. مبني على قول محمد كما في (الشرح). وعند أبي يوسف يصح لأن الغرض إيجاد البيع على وجه لا يستحق فيه سلامة المبيع من العيب في (الفتح) أبرأه عن كل داء، فعن الإمام هو ما في الباطن في العادة وما سواه يسمى مرضًا وقال أبو يوسف: يتناول الكل.

وفي (المحيط) أبرأتك من كل عيب بعينه فإذا هو أعور لا يبرأ لأنه عدمها لا عيب بها ولو قال: أنا بريء من كل عيب إلا إباقه برئ من إباقه، ولو قال: إلاباق فله الرد بالإباق، ولو قال: أنا بريء من كل حق لي قبلك دخل العيب هو المختار دون

ص: 413

وإن لم يسم الكل ولا يرد بعيب

ــ

الدرك، ولو قال: ليس به عيب لم يكن إقرار بانتفاء العيوب حتى لو وجد به عيبًا رده.

فرع

أطلق المشتري على عيب في المبيع والبائع غائب فرفع الأمر إلى القاضي وأثبت عنده الشراء والعيب، فأخذ القاضي ووضعه على يد عدل فهلك في يده وحضر البائع ليس له أن يسترد الثمن لأن الرد على البائع لم يثبت لمكان غيبته فكان الهلاك على المشتري. قال صاحب (الخلاصة): قلت: ينبغي أن يكون هذا فيما إذا لم يقض القاضي بالرد على البائع حين أخذه منه ووضعه عند عدل، وأما إذا قضى على البائع بالرد ينبغي أن يهلك من مال البائع ويسترد الثمن لأن أقصى ما في الباب أن هذا قضاء على الغائب من غير خصم، ولكنه ينقل في أظهر الروايتين عن أصحابنا خاتمة: في الصلح عن العيب والكفالة به:

أما الأول ففي (الفتح) وجد به عيبًا فاصطلحا على أن يحط كل عشرة ويأخذ الأجنبي بما وراء المحطوط ورضي الأجنبي بذلك جاز، وجاز حط المشتري دون البائع ولو قصر المشتري الثوب فإذا هو منخزق وقال المشتري: لا أدري تخرقا عند القصار أو عند البائع فاصطلحوا على أن يقبله المشتري ويرد عليه القصار درهمًا والبائع درهمًا جاز، وكذا لو اصطلحا على أن يقبله البائع ويدفع له القصار درهمًا ويترك المشتري درهمًا قيل: هذا غلط وتأويله أن يضمن القصار أولًا للمشتري ثم يدفع المشتري ذلك إلى البائع.

وأما الثاني: ففي (البزازية) اشترى عبدًا فضمن له رجل عيوبه فاطلع عيب فرده لا ضمان عليه عند الإمام لأنه ضمان العهدة، وعلى قول الثاني يضمن لأنه ضمان العيوب، وإن ضمن السرقة والحرية والجنون أو العمى فوجده كذلك ضمن الثمن للمشتري، وإن مات عنده قبل الرد وقضاء على البائع رجع على الضامن ولو ضمن له حصة ما يجده من العيوب من الثمن فهو جائز عند الإمام، فإن رده المشتري رجع بكل الثمن، وإن لم يرده وقضى بالنقص على البائع رجه على الضامن كما يرجع على البائع.

وعلى الثاني قال رجل للمشتري: ضمنت لك عماه فكان أعمى فرده لم يرجع على الضامن بشيء، ولو قال: إن كان أعمى فعليه حصة العمى، من الثمن فرده ضمن حصة العمى ولو وجد به عيبًا فقال رجل للمشتري: ضمنت لك هذا العيب فالضمان باطل انتهى، كذا في (البحر).

ص: 414