المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الحوالة هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة ــ كتاب الحوالة كل من - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌ ‌كتاب الحوالة هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة ــ كتاب الحوالة كل من

‌كتاب الحوالة

هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة

ــ

كتاب الحوالة

كل من الكفالة والحوالة عقد التزام ما على الأصيل للتوثق، إلا أن الحوالة تتضمن إبراء الأصيل إبراء مقيدًا كما سيجيء فكانت كالمركب مع المفرد، والثاني مقدم فلزم تأخير الحوالة وهي لغة النقل والتحويل بل قال في (المصباح): حولت الرداء نقلت كل طرف موضع الآخر، والحوالة مأخوذة من هذا يقال: أحلته بدينه نقلته من ذمتي إلى ذمتك، وأحلت الشيء إحالة نقلتها أيضًا.

وفي (الفتح) تبعًا (للدراية) يقال: أحلت زيدًا بماله على رجل فاحتال أي قبل الحوالة فأنا محيل وزيد محال ومحتال والمال محال به والرجل محال عليه ومحتال عليه وتقدير المحتال للفاعل على محتول بكسر الواو وفي المفعول بالفتح، وأما صلة له مع المحتال الفاعل فلا حاجة إليها بل الصلة مع المحال عليه لفظة عليه فهو محتال ومحتال عليه، فالفرق بينهما بعدم الصلة وبصلة عليه ويقال للمحتال أيضًا وعرفًا ما أفاده بقوله (هي) أي: الحوالة (نقل الدين من ذمة) أي: من ذمة المحيل (إلى ذمة) أي: ذمة المحال عليه هذا قول طائفة وهو الصحيح.

وفي (التتارخانية) وعليه الفتوى استدلالًا بأن المحتال لو وهب الدين من المحيل أو أبرأه منه بعد الحوالة لا تصح، ولو بقي الدين لصح كل منهما ونقض هذا التعريف بما إذا وقعت الحوالة بغير إذن المحيل فإنها صحيحة ولا نقل فيها.

وأجيب بأن معنى النقل يتحقق بعد أداء المحال عليه حتى لا يبقى إذ ذاك على المحيل شيء، ورده في (الفتح) بأنه لو صح لصح أن يقال في الكفالة بغير إذن المكفول عليه فيها نقل أيضًا بهذا الوجه، لأنه إذا أدى الكفيل عنه لم يبق عليه شيء، والحق أن أصل الجواب ساقط، فإن انتفى الدين عن المحيل بالأداء ليس هو نقل الدين بل نقله هو تحوله من محل إلى محل هو ذمة المحال عليه، وعندي أن الجواب هو أن الحوالة بغير إذن المحيل ليست حوالة من كل وجه لأن حقيقة الحوالة إن كان فعل المحيل الإحالة أو الحاصل من فعله فهو منتف لانتفاء الفعل منه، والنقل إنما هو في حقيقتها انتهى. ولا يرد على التعريف ما لو أحال على أنه متى شاء رجع المحيل حيث يجوز ويرجع على أيهما شاء، كما في (البزازية) لأن هذه كفالة معنى كما في الكفالة.

ص: 585

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: هي نقل المطالبة فقط تمسكًا بمسائل ذكرها محمد، منها أن المحتال لو أبرأ المحال عليه فرده لم يرتد، ولو انتقل الدين وجب أن يرتد، ومنها أن المحيل لو دفع المحال به إلى المحتال جبر على القبول ولو انتقل الدين لم يجبر لأنه متبرع، ومنها أن المحال لو وكل المحيل بقبض الدين من المحال عليه لا يصح، ولو انتقل الدين لكان أجنبيًا وتوكيله صحيح. ومنها أن المحتال لو أبرأ المحال عليه لم يرجع بشيء على المحيل ولو كانت بأمره ولو وهبه له رجع به إن لم يكن للمحيل دين، ولو انتقل الدين كان الإبراء والهبة في حقه سواء في عدم الرجوع، وجعل في (البدائع) هذا الخلاف بين المتأخرين وجعله شيخ الإسلام بين الصاحبين وأن الأول هو قول أبي يوسف، والثاني قول محمد وفائدة الخلاف تظهر في مسألتين، إحداهما أن الراهن لو أحال المرتهن بدينه كان له أن يسترد الرهن عنده خلافًا لمحمد، والثانية إذا أبرأ الطالب المحيل بعد الحوالة لا يصح وعند محمد يصح، وأنكر بعض المحققين هذا الخلاف وقال: لم ينقل عن محمد نص بنقل المطالبة فقط بل ذكر أحكامًا متشابهة اعتبر الحوالة في بعض تأجيلًا وجعل المحول بها المطالبة نظرًا للمعنى، وفي بعضها إبراء ولو جعل المحول بها المطالبة والدين نظرًا لحقيقة اللفظ فلم يبق النظر إلا في بيان خصوص الاعتبار في كل مكان، كذا في (الفتح).

وهكذا ذكر في (الظهيرية) حيث قال: اختلف المشايخ في أنها نقل الدين والمطالبة أو نقل المطالبة مع بقاء الدين، وإنما اختلفوا على هذا الوجه لأن محمدًا في الحوالة مسائل بعضها يدل على الأول وبعضها يدل على الثاني فذكر ما مر وشرط صحتها في المحيل العقل، فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا فلا تصح حوالة المكره، وأما البلوغ فشرط للنفاذ فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة الولي وليس منها الحرية فتصح حوالة العبد مطلقًا غير أن المأذون فيطالب للحال والمحجور بعد العتق، ولا الصحة فتصح من المريض وفي المحتال العقل والرضا وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضًا فانعقد احتيال الصبي موقوفًا على إجازة وليه كان الثاني أملى من الأول كاحتيال الوصي بمال اليتيم، ومن شرط صحتها المجلس.

قال في (الخانية): والشرط حضرة المحتال له فقط/ حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل منه آخر، وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع حتى لو أحال عليه

فأجاز صح. وهكذا في (البزازية) ولابد في قبولها من الرضى، فلو أكره على قبولها لم تصح وفي المحال به أن يكون دينًا لازمًا فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة وهذا معنى ما في (البدائع) الأصل أن كل دين لا تصح الكفالة به لا تصح الحوالة به، فلو

ص: 586

وتصح في الدين لا في العين برضا المحتال والمحال عليه

ــ

أحال المولى غريمًا على المكاتب لم تصح إلا إذا قيدها ببدل الكتابة ولا يعتق إلا بالأداء، ولو أحال المكاتب مولاه على رجل فإن له عليه دين أو عين هي غصب أو وديعة وقيده بها صحت وعتق، وإن لم يكن واحد منهما أو كان ولم يقيده بها لا تجوز، (وتصح) الحوالة (في الدين) أي: به إذا كان معلومًا (لا في العين) لأن النقل الذي تضمنه نقل شرعي وهي لا يتصور إلا في الدين، والمتصور في العين إنما هو النقل الحسي وقيدنا بكونه معلومًا لأن الحوالة بالمجهول لا تصح قال البزازي: احتال .... مجهولًا على نفسه بأن قال: احتلت بما يذوب لك على فلان لا تصح الحوالة مع جهالة المال ولا تصح حوالة أيضًا بهذا اللفظ انتهى.

قال الحدادي: ولا تصح في الحقوق أيضًا انتهى. وبه عرف أن الحوالة على الإمام من الغازي بما يستحقه من الغنيمة بعد إحرازها غير صحيحة، وأن حوالة المستحق بمعلومه في الوقف على الناظر كذلك (برضى المحتال والمحال عليه) أما الأول فلأن الدين ينتقل بها حقه والذمم متفاوتة في حسن القضاء والمطل، فلو لم يشترط رضاه للزم الضرر بإلزامه إتباع من لا يوافيه، أما ما رواه الطبراني في مطل الغني ظلم ومن أحيل على مليء فليتبع، وفي رواية أحمد فليحتل فأكثر أهل العلم قال على أنه أمر استحباب، وأما الثاني: فلأن الذي يلزمه الدين ولا لزوم إلا بالتزامه ولو كان مديونًا للمحيل لأن الناس يتفاوتون في الاقتضاء ما بين ميسر سهل، وصعب معسر ولم يذكر رضى المحيل لأنه ليس بشرط ذكره في (الزيادات) لأن التزام الدين من المحال عليه لا يرجع عليه إذا لم يكن بأمره واشترطه القدوري، قال في (العناية): وفائدة اشتراطه الرجوع عليه إذا كانت بأمره.

وذكر الخبازي عن (الأوضح) لعل موضوع ما ذكره القدوري أن يكون للمحيل على المحتال عليه دين بقدر ما ينقل الحوالة فإنها حينئذ تكون إسقاطًا لمطالبة المحيل عن المحال عليه فلا تصح إلا برضاه قال في (العناية) بعدما ذكر القولين: والظاهر أن يقال الحوالة قد يكون ابتداؤها من المحيل وقد يكون من المحال عليه والأول إحالة وهي فعل اختياري ولا يتصور بدون الإرادة والرضى وهو محمل وجه رواية القدوري، والثاني احتيال يتم بدون إرادة المحيل بإرادة المحال عليه ورضاه وهو وجه رواية (الزيادات) وعلى هذا اشتراطه مطلقًا كما ذهب إليه الأئمة الثلاثة، وعدم اشتراطه مطلقًا كما ذهب إليه بعض الشارحين بناء على رواية (الزيادات) ليس على ما ينبغي انتهى.

وحاصله أن الحوالة في كلام القدوري بمعنى الإحالة وفي كلام المص كما هو

ص: 587

وبرئ المحيل بالقبول من الدين ولم يرجع المحتال على المحيل إلا بالتوى

ــ

رواية (الزيادات) بمعنى الاحتيال وقدمنا أن الحوالة حقيقة لابد فيها من رضى المحيل إذ قد عرفوها بالنقل ولا نقل فيها بدون رضاه وعلى هذا فكان على المص إذ قد عرفها بالنقل أن ينحو نحو القدوري إذ الدسومة في (القدوري)، وما في (المجتبى) أحال الغريم بدون رضا المحال عليه لا يجوز وقيل: يجوز كالتوكيل بقبض الدين، وفي شروط (الظهيرية) رضى من عليه الحوالة ليس بشرط إجماعًا.

قلت: معناه إذا كان المحال به مثل الدين انتهى. شاذ والمذهب ما اعتمده أولًا من عدم الحوالة مطلقًا، وفي (البزازية) غاب المحيل وزعم المحال عليه أن مال المحتال على المحيل كان ثمن خمر لا يصح دعواه وإن برهن على ذلك كما في الكفالة وفي (فروق الكرابيسي) أحالها بصداقها على رجل وقبل الحوالة ثم عاد الزوج فبرهن المحال عليه أن نكاحها كان فاسدًا وبرهن على ذلك لم يقبل، ولو أقام بينة أنها أبرأته عنه أو أنه أعطاها أو باع منها به شيئًا وقبله قبلت بينته، وإن كان المبيع غير مقبوض لا يقبل، والفرق أن مدعي الفساد متناقض (وبرئ المحيل بالقبول) أي: بقبول المحتال والمحال عليه الحوالة من المحيل (من الدين) الذي عليه لأن الحوالة التي هي النقل لا تتحقق إلا ببراءة ذمة الأصيل وفيه رد لقول من قال: إنما يبرئ من المطالبة فقط، ومقتضى هذا إن المشتري لو أحال البائع على آخر بالثمن لا يحبس المبيع، وكذا لو أحال المرتهن على الراهن بالدين لا يحبس الرهن، ولو أحالها بصداقها لم تحبس نفسها بخلاف العكس والمذكور في (الزيادات) عكس هذا، كما في (الشرح) وغيره وقدم المص أن براءة الأصيل توجب براءة الكفيل بخلاف العكس.

ولو قال: من الدين والمطالبة لكان أولى ليدخل ما لو أحال الكفيل المكفول به، ونص على براءته فإنه يبرأ عن المطالبة، وإن أطلق الحوالة/ برئ الأصيل أيضًا، ولا يشترط قبض المحال به في المجلس لبراءته إلا إذا ضمنت الحوالة صرفًا وعلى هذا تفرع ما في تلخيص (الجامع) لو كان دينه جيادًا أو ذهبًا وعليه زيف أو ورق فأحال عنهما بجياد أو ذهب على أن يأخذهما من غريمه جاز أن يقبل الغريم نافذًا في مجلس المحيل والمحال (ولم يرجع المحتال على المحيل) بدينه الذي أحال به (إلا بالتوى) عطف على قوله: برئ المحيل، أي: إذا برئ بالقبول لم يرجع المحال على المحيل بشيء إلا بالتوى وهو بالقصر هلاك المال يقال: توي الثوب بالكسر يتوى توي وأتواه غيره وهذا مال أتوا على فعل انتهى، كذا في (الصحاح).

وفي (المصباح) التوى وزان الحصى وقد يمد هو الهلاك، وفيه إيماء إلى أن

ص: 588

وهو أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له عليه أو يموت مفلسًا

ــ

مرآته ليست مطلقة بل مقيدة بشرط سلامة العافية كيف وقد جاء عن عثمان مرفوعًا وموقوفًا في المحتال عليه إذا مات مفلسًا قال: يعود الدين إلى ذمة المحيل، واختلفت عبارات المشايخ في كيفية عود الدين فقيل: تفسخ الحوالة أي: يفسخها المحتال كالمشتري إذا وجد المبيع عيبًا وقد تفسخ كالمبيع إذ هلك قبل القبض، وقيل: في الموت تنفسخ وفي الجحود لا تنفسخ، ولم أر أن فسخ المحتال يحتاج إلى الترافع عند القاضي، وظاهر أن التشبيه بالمشتري إذا وجد عيبًا أنه يحتاج نعم أنها تفسخ لا يحتاج فتدبره.

(وهو) أي: التوى عند الإمام بأحد أمرين (أن يجحد) المحال عليه (الحوالة ويحلف ولا بينة له) أي: للمحتال ولا للمحيل (عليه) أي: على المحال عليه، ولو ادعى المحتال ذلك على المحيل في غيبة المحال عليه أنه جحدها وحلف وبرهن على ذلك لم تصح لغيبة المشهود عليه، كذا في (البزازية) إلا إذا صدقه المحيل فإنه يرجع عليه من غير برهان، كما في (المحيط)(أو يموت) المحال عليه (مفلسًا) لأن العجز عن الوصول يتحقق بكل واحد منهما، ومعنى الإفلاس أن لا يترك مالًا عينًا ولا دينًا ولا كفيلًا سواء كفل بأمره أو لا لأنه خلف عنه، ولو مات وترك رهنًا رهنه غيره بأمره أو بغير أمره .... على المبيع أو لا عاد الدين إلى ذمة المحيل لأن عقد الرهن لم يبق بعد الموت المحال عليه مفلسًا إذا لم يبق الدين عليه والرهن بدين ولا دين محال، كذا في (الشرح).

وقيد في (البزازية) التسليط على البيع بما إذا لم يقبض الثمن حتى مات المحال عليه مفلسًا ولابد منه لأنه إذا قبضه فقد تم الأمر، ولو اختلفا في موته مفلسًا فالقول للطالب مع اليمين على العلم لتمسكه بالأصل وهو العسرة، ولو قال المحيل: مات بعد الأداء، وقال المحتال: بل قبله وتوى حقي فالقول له وقد طولب بالفرق بين هذا وبين ما لو أوصى لفقراء بني فلان فقال أحدهم: أنا فقير، وقال الورثة: بل غني فالقول للورثة والفرق الفقير مدع وفي مسألتنا الطالب منكر معنى لأن المحيل بدعواه أن المحتال عليه مات عن وفاء يدعى بوجه المطالبة على الورثة وإنما لم تكن ثابتة على الوارث وهذا دعوى على الطالب فإنه متى ثبت ذلك لا يعود الدين إلى المحيل، كذا في (الذخيرة).

واعلم أنهما جعلا من التوى أيضًا أن يحكم الحاكم بإفلاسه بالشهود حال حياته وهذا بناء على أن التفليس يصح عندهما وعنده لا يصح لتوهم ارتفاعه بحدوث ماله، يقال: إن أفلس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير فاستعمل مكان افتقر

ص: 589

فإن طالب المحتال عليه المحيل بما أحال فقال المحيل: أحلت بدين لي عليك ضمن المحيل مثل الدين، وإن قال المحيل للمحتال: أحلتك لتقبضه لي فقال المحتال: أحلتني بدين لي عليك فالقول للمحيل ولو أحال بماله عند زيد وديعة صحت فإن هلكت برئ

ــ

وفلسه القاضي، أي: قضى عليه بإفلاسه حين ظهر له حاله، كذا في (طلبة الطلبة) للإمام عمر النسفي (فإن طالب المحتال عليه المحيل بما) أي: بمثل الذي (أحاله) به مدعيًا قضاء دينه بماله بأمره (فقال المحيل: أحلت بدين لي عليك) لم يقبل قوله، بل (ضمن المحيل مثل الدين) الذي أحاله به لأن سبب الرجوع قد تحقق بإقراره وهو قضاء دينه بأمره إلا أن يدعي عليه دينًا وهو ينكر والقول للمنكر والبينة للمحيل، وقبول الحوالة ليس إقرارًا بالدين لأنها قد تكون بدونه ولم يقل ضمن مثل ما أداه لأنه لو أحاله بدراهم فأدى دنانير أو عكسه أو أعطاه عرضًا أو صالحه بشيء رجع بالمحال به إلا إذا صالحه على جنس الدين بأقل فإنه يرجع بقدر المؤدى ولو أعطاه زيوفًا بدل الجياد رجع بالجياد، كذا في (البزازية).

(ولو قال المحيل للمحتال: أحلتك) على فلان أي: وكلتك (لتقبضه لي، فقال المحتال: أحلتني بدين لي عليك فالقول للمحيل) لأن المحال يدعي عليه الدين وهو ينكر فالقول للمنكر مع يمينه، ولفظ الحوالة يستعمل بمعنى الوكالة مجازًا ومنه قول محمد: إذا امتنع المضارب عن تقاضي الديون لعدم الربح يقال له: أحل رب الدين أي: وكله، وفي قوله: فقال المحتال إيماء إلى أنه حاضر فلو قال غائبًا أراد المحيل قبض ما على المحال عليه قائلًا إنما وكلته بقبضه. قال أبو يوسف: لا/ أصدقه ولا أقبل بينته، وقال محمد: يقبل قوله، كذا في (الخانية).

ولو ادعى المحتال أن المحال به ثمن متاع كان المحيل وكيلًا في بيعه وأنكر المحيل ذلك فالقول له أيضًا، (ولو أحاله بما له على زيد وديعة صحت) بيان للحوالة المقيدة وهي أقسام ثلاثة مقيدة بعين أمانة، أو مضمونة وبدين خاص وحكمها في هذه الأقسام أن لا يملك المحيل مطالبه عليه بالدين ولا بالعين لأن الحوالة لما قيدت بها تعلق حق المطالبة به وهو استيفاء دينه منه على مثال الرهن وبأخذ المحيل يبطل هذا الحق حتى لو دفع المحال عليه ذلك إلى المحيل ضمنه للطالب لأنه استهلك ما تعلق به حق المحتال كذا في (الفتح) وكان ينبغي أن يقال: إن كان العين قائمة رجعها المحتال عليه على المحيل لأنه قبض ما لا يستحقه، ولو استهلكها كان له أن يرجع عليه بقيمتها، (وإن هلكت) الوديعة (برئ) زيد على المطالبة بها ويثبت الهلاك بقوله.

قال في (الخلاصة): ولو قال المودع ضاعت بطلت الحوالة، وفي (التتارخانية)

ص: 590

وكره السفاتج.

ــ

ولو وهبها المحتال من المحال عليه صح التمليك وهو مشكل لأن المحتال لم يملكها فكيف يملكها؟ وجوابه أنه لما كان له حق أن يملكها كان له أن يملكها انتهى. وليس للمحيل أن يرجع على المحال عليه بشيء بخلاف ما لو أبرأه من الدين فإن للمحيل أن يأخذ منه ما كان عنده من الدين أو العين، والفرق أن المحال عليه ملك الدين بالهبة معنى ولا كذلك في الإبراء، ولو مات المحيل كان الدين والعين المحال بهما بين غرمائه بالحصص، كذا في (السراج).

وفي (الخانية) لو كانت الحوالة مقيدة بوديعة فمرض المحيل فدفعها إلى المحتال له ثم مات المحيل وعليه ديون لا يضمن المودع شيئًا ويكون بين غرماء المحيل وبينه بالحصص انتهى. ولو كانت مقيدة بدين فقضاه إياه والمسألة بحالها سلم للمحتال ما أخذه ويؤخذ من المحال عليه ويقسم بين الغرماء بالحصص ويشاركهم المحال عليه، كذا في (المحيط).

قال في (البحر): وظاهر قولهم يقسمه بين غرماء المحيل أنه يقسم بين ورثته أيضًا بمعنى أن لهم المطالبة به دون المحتال فيضم إلى تركته، ولم أره في (الخانية) وغيرها لو أمسك الوديعة لنفسه وقضى دين المحال من مال نفسه كانت الوديعة له ولم يكن متبرعًا استحسانًا قيد بالهلاك لأنه لو استهلكها لم يبرأ، كما إذا كانت مقيدة بالمغصوب فهلك حيث لا يبرأ أيضًا لأنه يخلفه القيمة والفوات إلى خلف كالفوات حتى لو هلك لا إلى خلف بأن استحق بالبينة صار كالوديعة. مهمة لم أر حوالة المستحق بمعلومة على ناظر الوقف ولا شك أن المطلقة منها لا تصح لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل.

قال في (الجوهرة): فلا تصح بالحقوق، وأما المقيدة ففي (البحر) إن كان مال الوقف تحت يد الناظر ينبغي أن تكون صحيحة كالإحالة على المودع بجامع أن كلًا منهما أمين ولا دين عليه، وأما إذا لم يكن مال الوقف في يده فلا لأنها لثبوت المطالبة انتهى. ومقتضاه صحتها بحق الغنيمة المحرزة تحت يد الإمام من أحد الغانمين وعندي فيه ترد فتدبره (وكره السفاتج) جمع سفتجة بفتح السين، وقيل: بضمها وفتح التاء معرب سفنة وهي الشيء المحكم سمي هذا القرض به لإحكام أمره وهو قرض استفاد به المقرض سقوط خطر الطريق بأن يقرض ماله عند الخوف عليه يرد عليه في لموضع آمن لأنه صلى الله عليه وسلم: (نهى عن قرض جر نفعًا) وأخرج ابن عدي السفتجات حرام، وإطلاق المص يفيد إناطة الكراهية بجر النفع سواء كان ذلك مشروطًا أو لم يكن قال الشر: وقيل إذا لم تكن المنفعة مشروطة فلا بأس به انتهى.

ص: 591

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزم بهذا القيد في (الصغرى) و (الواقعات الحسامية) والكفالة للشهيد، وعلى ذلك جرى في صرف (البزازية) فقال: لا بأس بقبول هدية الغريم وإجابة دعوته بلا شرط، وكذا إذا قضى أجود مما قبض يحل بلا شرط، وكذا إذا قضى دون ولو رجح في الوزن إن كثيرًا لم يجز وإن قليلًا جاز، وما لا يدخل في معادن الوزنين ولا يجري في الكيلين لا يسلم بل يرده والدراهم في مائة يرده بالاتفاق، واختلفوا في نصفه قيل: كثير، وقيل: قليل وإن المستقرض وهب له الزائد لم يجز لأنه مبتاع يحتمل القسمة انتهى. نعم قالوا: إنما يجعل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر، فإن كان يعرف أن ذلك يفعل فلا.

قال في (الفتح): والذي يحكى عن الإمام أنه لم يتعد في ظل جدار غريمه فلا أصل له لأن ذلك لا يكون انتفاعًا يملكه كيف ولم يكن مشروطًا ولا متعارفًا؟ وأنت خبير بأن هذا لا يقدح في نقل الثقات عنه ذلك بل هو محمول على الورع قيل: وإيراد المسألة لأنها معاملة في الديون كالكفالة والحوالة وقال الإمام الكردي: لأن المقرض أحال الخطر الواقع/ على المستقرض فكان في معنى الحوالة.

ص: 592