الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الربا
هو فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال وعلته
ــ
باب الربا
ألحقه بالمرابحة لما أن في كل منها زيادة إلا أن تلك جائزة وهذه منهية والإباحة أصل فقدمت، وهو بكسر الراء وفتحها خطأ مقصور على الأشهر لغة مطلق والزيادة ومنه:{فلا يربوا عند الله} [الروم: 39] أطلق في التنزيل تارة على الزائد نفسه ومنه قوله تعالى: {لا تأكلوا الربا} [آل عمران: 130] أي الزائد في القرض وفي بيع الأموال الربوبية عند بيع بعضها بجنسه وأخرى على نفس الزيادة بالمعنى المصدري ومنه: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275] أي حرم أن يزاد في القرض على القدر المدفوع، وفي بيع الأموال بجنسها قدراً ليس مثله في الآخر وعرفاً (هو فضل مال) ولو حكماً فدخل ربا النسيئة والبيوع الفاسدة كالبيع بشرط فإنهم جعلوها من الربا وهذا أولى من قول بعضهم المقصر تعريف الربا المتبادر عند الإطلاق وذلك إنما هو رد الفضل (بلا عوض) خرج به ما سيأتي في الصرف من أنه لو باعه كر بر وشعير بضعفهما جاز بصرف الجنس إلى خلاف جنسه فضل قفيزي شعير على قفيز بر فإنه بعوض (في معاوضة مال) خرج به الهبة.
زاد في (الوقاية) مشروط لأحد المتعاقدين، لأنه لو شرط لغيرهما لا يكون من باب الربا، والأولى أن يقال في أحد البدلين لأن العاقد قد يكون وكيلاً وفضولياً والمعتبر كون الفضل للبائع أو المشتري، وعرفه في (جمع العلوم) بأنه عبارة عن عقد فاسد وإن لم يكن فيه زيادة لأن بيع الدراهم نسيئة ربا، وإن لم يكن فيه زيادة انتهى، وقد علمت جوابه غير أن كونه عقداً فاسداً ظاهر في أن الدراهم الزائد يملك بالقبض.
وفي (القنية) عن البزدوي من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية يملك فيها بالقبض ورد به على من أفتى من علماء عصره بأن الإبراء من الدراهم الزائد بعد استهلاكه لا يصح، بل يجب رده حقاً للشرع بأنه إذا كان مملوكاً للقابض بالقبض فإذا استهلك على ملكه ضمن مثله، فلو لم يصح الإبراء ورد مثله يكون ذلك رد ضمان ما استهلك لا رد عين ما استهلكه/ وبرد ضمان ما استهلك لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيداً للملك من فضل الربا فلم يكن في رده فائدة نقص عقد الربا ليجب بذلك حق الله تعالى، وإنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا إن كان قائماً لا رد ضمانه انتهى، وهو حسن (وعلته) أي: علة الربا المنهي عنه، وفي (الفتح)
القدر والجنس
ــ
أي: علة تحريم الزيادة (القدر) أي: الكيل والوزن وهذا أعني التعبير بالقدر أشمل كما في (الهداية).
قال في (الفتح): لكنه يشمل ما ليس بصحيح إذ يشمل الزرع والعد وليسا من أموال الربا، ورده في (البحر) بأنهم بعدما وضعوا القدر بإزاء الكيل والوزن كيف يشمل غيرهما؟ وأنت خبير بأن هذا في خير المنع غاية الأمر أنهم أرادوا هذا المعنى من اللفظ وهذا لا يفيد عدم شموله لغيره وضعاً نعم في (الحواشي السعدية) يمكن أن يقال: الألف واللام في القدر للعهد والمراد الكيل والوزن (والجنس) وهو عبارة عن مشاكلة المعاني، كذا في (الدراية).
قال في (الفتح): واختلافه يعرف باختلاف الاسم الخاص واختلاف المقصود فالحنطة والشعير جنسان عندنا لأن أفراد كل منهما في الحديث يدل على ذلك والثوب الهروي والمروي بسكون الراء جنسان لاختلاف الصنعة وقيام الثوب بها، وكذا المروي المنسوج ببغداد وخراسان واللبد الأرمني والطالقاني والتمر كل جنس واحد والحديد والرصاص والشيه أجناس، وكذا غزل الصوف والشعر ولحم البقر والضأن والمعز والألية واللحم وشحم البطن أجناس ودهن البنفسج والجير جنسان والأدهان المختلفة أصولها أجناس ولا يجوز بيع رطل زيت غير مطبوخ برطل مطبوخ بطيب لأن الطيب زيادة انتهى.
وفي (السراج): لحوم الإبل جنس واحد وكذا المشاقة والكتان وعن أبي يوسف في لحم الطيور يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً وإن كان من نوع واحد لأنه لا يوزن في العادة وثمار النخيل كلها جنس واحد وكذا ثمار الكروم والرطب جنس واحد أيضاً، والأصل في هذا الباب ما رواه الستة إلا البخاري عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل فمن زاد واستزاد فقد أربى)، وليس فيه البدأة بالحنطة وإنما هي من رواية محمد عن أبي حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري وقال: جاءت الرواية بالرفع أي بيع الحنطة فحذف المضاف إليه مقامه أو ابتاع الحنطة وكلاهما خبر بمعنى الأمر .... أي بيعوا، وروى مثل بالرفع على الخبرية وبالنصب على الحالية، وكذلك جاء الوجهان في يد بيد فالرفع عطف على
فحرم الفضل والنساء فقط بأحدهما
ــ
الخبر أي مثل ومقبوض كذا في (البحر)، وكأنه حذف العاطف لكن بابه الشعر كما قالوا والنصب على الحال بتأويله بمشتق أي متناجزين (فحرم الفضل) أي: الزيادة (والنساء) بفتح النون والمد لا غير التأخير (بهما) لتمام العلة.
(و) حرم (النساء فقط بأحدهما) أي القدر وحده كالحنطة بالشعير أو الجنس كالهروي بالمروي لما روينا في قوله فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يداً بيد وروى أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) وهذا دليل على أن وجود أحد جزئي علة الربا علة تامة لتحريم النساء وإن كان بعض علة لحرمة الفضل إلا أن مقتضاه أن لا يجوز أسلام النقود في الموزونات كالزعفران ونحوه مع أنه جائز إجماعاً، وجوابه أنهما لا يتفقان في صفة الوزن فإن الزعفران يوزن بالأمناء وهو مثمن يتعين بالتعيين، والنقود توزن بالسنجات وهو ثمن لا يتعين بالتعيين، ولو باع بالنقود وقبضها صح التصرف فيها قيل الوزن، وفي الزعفران وأشباهه لا يجوز فإذا اختلفا فيه صورة ومعنى وحكماً لم يجمعهما القدر من كل وجه وتنزل الشبهة فيه إلى شبهة الشبهة وهي غير معتبرة كذا في (الهداية)، ولا يخفى أن الزعفران والمسك والزباد وتوزن بالسنجات أيضاً والتعيين وعدمه مما لا يتعلق للوزن به، والاختلاف الحكمي وحده أعني جواز التصرف قبل وزنه، بخلاف المبيع لا يوجب اعتباره غير مشارك له في أصل الوزن فالوجه في هذا أن يضاف تحريم الجنس بانفراده إلى السمع كما مر.
ثم يستثنى إسلام النقود في الموزونات بالإجماع كيلا يفسد أكثر أبواب السلم وسائر الموزونات خلاف النقد لا يجوز أن يسلم في الموزونات، وإن اختلفت أجناسها كإسلام حديد في قطن أو زيت في جبن وغير ذلك إلا إذا خرج من أن يكون وزنياً بالصنعة إلا في الذهب والفضة، فلو أسلم سيفاً فيما يوزن جاز إلا في الحديد لأن السيف خرج من أن يكون موزوناً ومنعه في الحديد/ لاتحاد الجنس، ولذا يجوز بيع الإناء من غير النقدين بمثله من جنسه يداً بيد نحاساً كان أو حديداً أو إن كان أحدهما أثقل من الآخر بخلافه من الذهب والفضة فإنه يجري فيه ربا الفضل، وإن كانت لا تباع وزناً لأن صورة الوزن منصوص عليها فيهما فلا تتغير بالصنعة فلا تخرج عن الوزن بالمعادن، وأورد أنه ينبغي أن يجوز حينئذ إسلام الحنطة والشعير في الدراهم والدنانير لاختلاف طريقة الوزن.
وحلا بعدمهما وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح والموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل
ــ
أجيب بأن امتناعه لامتناع كون النقد سلماً فيه لأن المسلم فيه مبيع وهما متعينان للثمنية وهل يجوز بيعاً قيل: إن كان بلفظ البيع يجوز بيعاً بثمن مؤجل، وإن كان بلفظ السلم فقد قيل: لا يجوز، وقال الطحاوي: ينبغي أن ينعقد بيعاً، وأما إسلام الفلوس في الموزون ففي (فتح القدير) مقتضى ما ذكروه في زماننا لأنها وزنية، وذكر الإسبيجابي جوازه لأنها عددية بخلاف ما إذا أسلم فلوساً في فلوس فإنه لا يجوز لأن الجنس بانفراده محرم النساء.
وأقول ينبغي أن يقال: إن كانت كاسدة لا يجوز لأنها وزنية حينئذ وعليه يحمل ما في (الفتح)، وإن كانت رائجة يجوز لأنهم في هذه الحالة أجروها مجرى النقود حتى أوجبوا الزكاة فيها، وعليه يحمل ما في الإسبيجابي وهذا يجب أن يعول عليه (وحلا) أي التفاضل والنساء (بعدمهما) أي: بعدم القدر والجنس فيجوز بيع هروي بمرويين لعدم العلة وهي وإن كانت لا توجب عدم الحكم لكن إذا اتحدت لزم من عدمها لا بمعنى أنها تؤثر العدم بل لا يثبت الوجود لعدم علته فيبقى عدم الحكم على عدمه الأصل وإذا عدم سبب الحرمة والأصل، في البيع الإباحة كان الثابت الحل كذا في (الفتح).
(وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح وصح أيضاً بيع الموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل) بكسر الراء وفتحها أي يقع عليه كيله أو إلى الأوقية فهو وزني قال في (المبسوط): يريد بذلك الأدهان ونحوها لأن الرطل إنما يعدل بالوزن غير أنه يشق عليهم وزنها بالأمناء والسنجات في كل وقت لأنها لا تستمسك إلا في وعاء حرج فاتحد الرطل لذلك تيسيراً فعرفنا أن كيل الرطل موزون فجاز بيع الموزون به انتهى، ومن ثم قال بعضهم، المراد هنا مواعين معلومات الوزن.
قال في (الهداية): وإن كان موزوناً فلو بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله لا يجوز لتوهم الفضل في الوزن بمنزلة المجازفة، واستشكله الشر بأن الشيئين إذا استويا في كيل واحد يلزم أن يستويا في كيل آخر أيضا، ولا تأثير لكونه معلوماً أو مجهولاً في ذلك إذ لا يختلف ثقله فيهما، وقدمنا عن (الفتح) أنه لو باع الفضة بمثلها كفة ميزان بكفة ميزان جاز لانتفاء احتمال التفاضل وهذا يؤيد ما ادعاه الشر، وعن (الصيرفية) أيضاً لو تبايعا تبراً بذهب مضروب كفة بكفة لا يجوز ما لم يعلما وزن الذهب لأنه وزني، وهذا يشهد لصاحب (الهداية) والظاهر أنهما قولان متقابلان والله الموفق.
بجنسه متساوياً لا متفاضلاً وجيده كرديئه
ــ
وفي (النهاية) قال الإسبيجابي: فائدة هذا لو باع ما ينسب إلى الرطل (بجنسه) متفاضلاً في الكيل (متساوياً) في الوزن يجوز وهذا أحسن وهو قياس الموزونات، غير أنه يؤدي إلى أنه لا يجوز بالأواقي أيضاً إذ لا فرق بين كيل وكيل على ما بينا، ولا يندفع هذا الإشكال إلا إذا رفع الجواز في الكيل انتهى.
وفي (الفتح): الرطل والأوقية مختلف فيها عرف الأمصار ويختلف في المصر الواحد أمر المبيعات، فالرطل الآن بالإسكندرية وزن ثلاثمائة درهم واثني عشر درهماً يوزن كل عشرة سبعة، وفي مصر مائة وأربعة وأربعون درهماً، وفي الشام أكثر من ذلك فهو أربعة أمثاله، وفي حلب أكثر من ذلك، وتفسير أبي عبيدة الرطل بأنه مائة وثمانية وعشرون تفسير الرطل في العراق الذي قدر به الفقهاء كيل صدقة الفطر وغيرها من الكفارات، ثم في الإسكندرية الرطل المذكور لغير الكتان مائتا درهم يوزن سبعة وكل رطل في عرف ديار مصر والشام وأقطاره اثني عشر أوقية وحينئذ لا يشكل اختلاف كمية الأوقية باختلاف الرطل، وفي زمنه صلى الله عليه وسلم كانت أربعين درهماً، ثم الأوقية مثلاً اثني عشر كما ذكرنا. وفي نحو المسك والزعفران عشرة والحاصل أن هذه الأسماء مع اسماً آخر توفيقية من جهة الاصطلاح يعرف بالاستكشاف والسؤال فيعرف بجنسه مستوياً من حيث الكيل إذا كان مكيلاً، ومن حيث الوزن إذا كان موزوناً فهو كذلك أبداً، وإن ترك الناس ذلك حتى لو باع المكيل وزناً والموزون كيلاً لا يجوز وإن تساويا فيما بيعا به حتى يعلم تساويهما بالأصالة وما لا نص فيه تعتبر العادة، وعن أبي يوسف أن العرف على خلاف المنصوص عليه معتبر.
قال في (الحواشي السعدية): وعلى هذا فاستقراض الدراهم عدداً وبيع الرقيق وزناً على ما هو المتعارف في أزماننا/ ينبغي أن يكون مبنياً على هذه الرواية انتهى، أي يبيعه بمثله وزناً، وظاهر ما في (الفتح) يفيد ترجيحها ثم مقتضى ما قالا امتناع السلم في الحنطة وزناً وهو رواية الحسن عن أصحابنا، واختار الطحاوي الجواز لأن المسلم فيه معلوم وعليه الفتوى.
وقوله في (الكافي): الفتوى على عادة الناس يقتضي أنهم لو اعتادوا أن يسلموا فيها كيلاً وأسلم وزناً لا يجوز ولا ينبغي ذلك بل إذا اتفقا على معرفة كيل أو وزن أن يجوز لوجود المصحح وانتفاء المانع كذا في (الفتح)، (لا متفاضلاً) لوجود علة الربا (وجيده) أي: جيد مال الربا و (كرديئه) فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً للنهي عن ذلك، وقد اعتبروا الجودة في الأموال الربوية في مال اليتيم فلا يجوز للوصي بيع جيده برديء، وينبغي أن يكون الوقف كذلك وفي مال المريض
ويعتبر التعيين دون التقابض في غير الصرف وصح بيع الحفنة بالحفنتين
ــ
حتى اعتبرت من الثلث وفي القلب الرهن إذا انكسر ونقصت قيمته فللراهن تضمين المرتهن قيمته ذهباً ويكون رهناً، ذكره الزيلعي كذا في (البحر).
(ويعتبر التعيين دون التقابض) في الربويات (في غير الصرف) لأنه مبيع متعين فلا يشترط في صحته القبض كالثوب بالثوب، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف وذلك يترتب على التعيين فلا حاجة إلى اشتراط شرط آخر بخلاف الصرف لأن التعيين لا يحصل فيه إلا بالقبض، ومعنى قوله في الحديث:(يد بيد)(عينا بعين) كما رواه مسلم، وأورد أن فيه إما تعميم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن يداً بيد بمعنى القبض في الصرف وبمعنى التعيين في غيره. وأجيب بأن يداً بيد فسر بالتعيين والاستدلال به على التقابض في الصرف لا ينفيه لأنه لا يكون فيه إلا به، بقي أن يقال: حمل يداً بيد على معنى عيناً بعين محكم فكان تفسيراً له قال في (الفتح): ولقائل أن يمنع الاحتمال بل هو ظاهر في التقابض ويجب أن يحمل عيناَ بعين عليه لأن القبض أخص من التعيين وكل قبض يتضمن تعييناً، وليس كل تعيين قبضاً، وباب الربويات احتياط فيجب أن تحمل العينية على القبض هذا إذا كانا عينين، فإذا كان أحدهما ديناً والآخر عيناً إن كان العين هو المبيع جاز، ويشترط إحضار الدين والقبض في المجلس قبل التفرق بالأبدان لأن الدين لا يتعين، إلا بالقبض ولو قبض الدين فقط ثم تفرقا جاز، وإن كان الدين هو المبيع لم يجز وإن أحضره في المجلس كاشتريت منك قفيز حنطة بهذا القفيز وما دخل عليه الباء فهو ثمن، ولو تبايعا دراهم بفلوس فالقبض في أحد الجانبين شرط كذا في (السراج).
(وصح بيع الحفنة) وهي ما يملأ الكفين كما هو في (الصحاح)(بالحفنتين) لعدم وجود المعيار المعرف للمساواة وهو نصف الصاع قد جعلوا ما دونه في حكم الحفنة، لأن الشارع لم يقدر بعض المقدرات في الواجبات المالية كالكفارات وصدقة الفطر بأقل منه، وعرف من هذا أنه لو وضعت مكايل أصغر منه كربع القدح وثمنه كما في مصر لا يعتبر التفاضل بها هذا إذا لم يبلغ أحد البدلين نصف صاع، فإن بلغ لم يجز وفي (جمع التفاريق) قيل: لا رواية في الحفنة بقفيز، واللب
والتفاحة بالتفاحتين والبيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين والتمرة بالتمرتين والفلس بالفلسين بأعيانهما واللحم بالحيوان
…
ــ
بالجوزتين والصحيح ثبوت الربا، كذا في (الفتح). (والتفاحة بالتفاحتين والبيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين والتمرة بالتمرتين) لأن هذه الأشياء ليست بمكيل ولا موزون فانعدمت العلة بانعدام أحد شرطيها، ولذا كانت مضمونة بالقيمة عند الإتلاف هذا في غير الجوز من العدي المتقارب، أما فيه فكلام فخر الإسلام أن الجوزة مثل الجوزة في ضمان العددان، وكذا التمرة لا في حكم الربا قيد بالتفاضل لأن النساء فيها لا يجوز.
قال في (الفتح): ولا يسكن الخاطر إلى هذا بل يجب بعد التعليل بالقصد إلى صيانة أموال الناس تحريم التفاحة بالتفاحتين والحفنة بالحفنتين، أما إذا كانت مكايل أصغر منها كما مر فلا شك وكونه لا تقدير في الشرع بما دونه لا يستلزم إهدار التفاوت المتيقن بل لا يحل بعد تيقن التفاضل مع تيقن تحريم إهداؤه، ولو أعجب غاية العجب من كلامهم هذا، وروى المعلى عن محمد أنه يكره التمرة بالتمرتين وقال: كل شيء حرم في الكثير فالقليل منه حرام.
(و) صح أيضاً بيع (الفلس بالفلسين) وبما زاد عليهما (بأعيانهما) قيد في الكل وهذا عندهما، وقال محمد: لا يجوز لأن الثمنية تثبت باصطلاح الكل فلا تبطل باصطلاحهما وإذا بقيت أثماناً لا تتعين فصار كما إذا كان بغير أعيانهما وكبيع الدرهم بالدرهمين ولهما أن الثمنية يتعين بالتعيين ولا يعود وزنياً كبقاء الاصطلاح على العد إذ في نقضه في حق العد فساد العقد كذا في (الهداية)، واعترض عليه بأنها إذا/ كسدت باصطلاح الكل لا يكون ثمناً باصطلاح المتعاقدين فيجب أن لا تكون عروضاً أيضاً باصطلاحهما مع اتفاق ما سواهما على الثمنية.
وأجيب بأنها في الأصل عروض فاصطلاحهما على الثمنية بعد الكساد وعلى خلافه فلا يجوز، وأما إذا اصطلحا على أنها عروض فهو على الأصل فيجوز وإن كان من سواهما على الثمنية وفيه نظر لأن هذا ينافي قوله أن الثمنية في حقهما تثبت باصطلاحهما إلى آخره قيد بكون البدلين معينين لأنهما لو كانا غير معينين أو أحدهما لا يجوز اتفاقاً، غير أن عدم الجواز عند انتفاء تعيينهما باق، وإن تقابضا في المجلس بخلاف ما لو كان أحدهما فقط وقبض الدين فإنه يجوز، كذا في (المحيط)، وسيأتي عند قوله: ولو كسدت أفلس القرض بقيت أحكام الفلوس.
(و) صح أيضاً بيع (اللحم بالحيوان) عندهما سواء كان اللحم من جنس ذلك الحيوان أو لا مساوياً لما في الحيوان أو لا بشرط التعيين، أما نسيئة فلا لأنها إن
والكرباس بالقطن والرطب بالرطب أو بالتمر متماثلاً
ــ
كانت في الحيوان أو في اللحم كان سلماً وهو في كل منهما غير صحيح، وقال محمد: إن بغير جنسه كلحم البقر بالشاة الحية جاز كيف ما كان، وإن كان بجنسه كلحم شاة بشاة حية فلا بد أن يكون اللحم المقرر أكثر من الذي في الشاة لتكون الشاة بمقابلة السقط وهو ما لا يطلق عليه اسم اللحم كالكرش والمعلاق والجلد والأكارع، ولهما أنه باع موزوناً بما ليس بموزون وعلانية اتحاد المجلس كما قال محمد باعتبار ما في الضمن كالعصير مع العنب لكن اتحاده مع اختلاف المقدر به إنما يمنع النساء به وقد قلنا به.
وادعى بعض المشايخ أن لحم الشاة مع الشاة الحية جنسان أخذا من قوله تعالى .... وعليه فلا إشكال وأجمعوا أن الشاة لو كانت مذبوحة مسلوخة قصد السقط منها جاز إذا تساويا، وأنه لو باع مذبوحة بحية جاز أيضاً، أما على قولهما فظاهر، وأما على قول محمد فلأنه لحم بلحم وزيادة اللحم مع أحدهما مع سقطها بإزاء السقط، وعلى هذا فيجوز بيع شاتين مذبوحتين غير مسلوختين بمذبوحة لأن زيادة لحم الشاة بإزاء الجلد على وزان ما مر، وفي (شرح الطحاوي) ولو كانت الشاة مذبوحة غير مسلوخة فاشتراها بلحم شاة فالجواب في قولهم جميعاً كما قال محمد.
وفي (الحاوي): لو باع شاة في ضرعها لبن بجنس لبنها فهو على الاختلاف الذي في اللحم، والمذكور في (الشرح) أنه لو باع شاة على ظهرها صوف أو في ضرعها لبن بصوف أو لبن بشرط أن يكون الصوف أو اللبن أكثر مما على الشاة، وفي (السراج) ولا خلاف بينهم أنه لا يجوز بيع اللبن بشاة في ضرعها لبن إلا على وجه الاعتبار فما في (الحاوي) ضعيف.
(و) صح أيضاً بيع (الكرباس) جمع كرابيس ثياب كان يبيعها الإمام محمد بن محمد الكرابيسي، وإليها نسب (بالقطن) لاختلافهما فهما جنسان لأن الثوب لا ينقض فيعود قطناً لأنه موزون والثوب غير كذلك، وأفهم كلامه جواز بيعه بالغزل بالأولى، ولو باع القطن بقوله جاز عند محمد لاختلاف الجنس لما قلنا، ومنعه أبو يوسف إلا مساوياً لأن غزل القطن قطن وقول محمد أظهر، ولو باع المحلوج بغيره جاز إذا علم أن الخالص أكثر مما في الآخر، ولو باع غير المحلوج بحب القطن فلا بد أن يكون الحب الخالص أكثر من الذي في القطن ليكون الزائد مقابلاً بالقطن، كذا في (الشرح).
(و) صح أيضاً بيع (الرطب بالتمر) حال كونه (متماثلاً) كيلاً، كذا في غير
والعنب بالزبيب
ــ
كتاب وقال العيني: وزناً، أما بيع الرطب بالرطب فبالإجماع، وأما بالثمر فهو قول أبي حنيفة وقالا: وبه قالت الأئمة الثلاثة لا يجوز متساوياً لأنه صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه قال: (أينقص إذا جف فقيل نعم قال: لا إذاً) رواه مالك وغيره، فبين العلة في المنع وهو كونه ينقص في ثاني الحال عن المساواة وله أنه تمر لقوله صلى الله عليه وسلم حين أهدي إليه رطباً:(وكل تمر خيبر هكذا) ورد بأن المهدى إنما كان تمر كم أخرجه الشيخان والمحكي عن الإمام أنه حين دخل بغداد سئل عن ذلك وكان أشد عليه لمخالفته الخبر إنما استدل عليهم بأن الرطب إما أن يكون تمراً أو لا، فإن كان جاز لقوله (التمر بالتمر) وإلا فبقوله (إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم) فأورد عليه الحديث المتقدم فأجاب بأن مداره على زيد بن عباس وهو لا يقبل حديثه، وقد رد ترديده وطعنه بأن هناك قسماً ثالثاً وهو كونه من الجنس ولا يجوز بيعه بالآخر لعدم تسوية الكيل بينهما لأنهما إنما تكون في حال اعتدال البدلين وهو أن يجف الآخر، وأما زيد بن عباس فوثقه غير واحد والمذكور في كتب الحديث عن الإمام أنه قال: هو مجهول. قال ابن الجوزي: إن كان هو لا يعرفه فقد عرفه أئمة النقل.
وأجيب عن الأول بأن الإمام إنما يعتبر التساوي في حالة العقد وعروض/ النقد بعد ذلك لا يمنع مع المساواة في الحال إذا كان موجبه أمراً خلقياً، وقد أجيب أيضاً بأن المراد بتقدير صحة المسند النهي عن بيعه نسيئة لما في (أبي داود):(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) ورد بأنه يبقى قوله: (أينقص إذا جف؟) عرفياً عن الفائدة وما ذكروا من أن فائدته، أن الرطب ينقص إلى أن يحل الأجل فلا يكون في هذا التصرف منفعة لليتيم باعتبار النقصان عند الجفاف فمنعه على طريق الإشفاق مبني على أن السائل كان ولي اليتيم ولا دليل عليه، كذا في (الفتح).
(و) صح أيضاً بيع (العنب بالزبيب) متماثلاً كيلاً عنده خلافاً لهما والوجه لكل ما مر وقيل: لا يجوز اتفاقاً كالحنطة المقلية بغير المقلية والفرق له على هذه
واللحوم المختلفة بعضها ببعض متفاضلاً ولبن البقر والغنم وخل الدقل بخل العنب وشحم البطن بالألية أو باللحم والخبز بالبر أو الدقيق متفاضلاً
ــ
الرواية أن اطلاق اسم التمر على الرطب استعمل كما مر ولا كذلك الزبيب، وقيل: يجوز اتفاقاً وذكر أبو الحسن أن عندهما لا يجوز إلا على الاعتبار فصار في المسألة أربع روايات قيد بالزبيب لأن بيعه كالرطب بمثله كيلاً جائز عندنا، وكذلك كل ثمرة لها جفاف كالتين والمشمش والجوز والكمثرى والرمان والإجاص يجوز بيع رطبها ويابسها، وكذلك يجوز بيع الباقلاء الأخضر بمثله وبيع الحنطة المبلولة بالمبلولة والرطبة بالرطبة أو المبلوبة باليابسة، كذا في (الفتح).
(و) صح أيضاً بيع (اللحوم المختلفة بعضها ببعض متفاضلاً) يداً بيد قيد باختلافهما، لأن التفاضل عند اتحاد الجنس لا يجوز كلحم البقر والجاموس والمعز والضأن وكذا ألبانها إلا إذا اختلف المقصود كشعر المعز وصوف الضأن، وكذا إذا نبذ بالصنعة كالزيت المطبوخ بغيره والدهن المربى لأن المقاصد تختلف بالتبدل أيضاً فيجوز التفاضل، وقدمنا عن الثاني أن لحم الطير يجوز التفاضل فيه وإن كان نوعاً واحداً لأنه لا يوزن عادة، وبه جزم الشارح وغيره هنا، قال في (الفتح): وينبغي أن يستثنى منه الدجاج والأول لأنه يوزن في عادة ديار أهل مصر بعظمه انتهى، وهذه العادة لم تعرف إلا بمصر وإنما كانت في زمنه.
(و) صح أيضاً بيع (لبن البقر والغنم) متفاضلاً منه بذلك على أن الأجزاء تتبع الأصول في الاختلاف وعدمه حتى جاز لبن البقر والغنم متفاضلاً دون لبن المعز والضأن. (و) صح أيضاً بيع (خل الدقل) بفتح الدال والقاف الرديء من التمر وخصه وإن كان خل تمر كذلك جرياً على عادتهم في جهل الخل منه (بخل العنب) متفاضلاً بخلاف جنسهما.
(و) صح أيضاً بيع (شحم البطن بالألية) مخففة (أو باللحم) متفاضلاً، لأنها وإن كانت كلها من الضأن إلا أنها أجناس مختلفة لاختلاف الأسماء والمقاصد. (و) يصح أيضاً بيع (الخبز بالبر وبالدقيق متفاضلاً) في أصح الروايتين عن الإمام قيل: هو ظاهر مذهب علمائنا الثلاثة وعليه الفتوى عدداً ووزناً كيف ما اصطلحوا عليه لأنه بالصنعة صار جنساً آخر، والبر والدقيق مكيلان فانتفت العلتان، ولا يخفى أن هذا في الحنطة ظاهر لأنها مكيلة والخبز إما موزون أو معدود. وأما الدقيق فوزني في عرفنا ومع هذا يجوز التفاضل لاختلاف الجنس بالصنعة فقط هذا إذا كان يداً بيد، فإن كانت نسيئة إن كانت الحنطة هي المتأخرة جاز لأنه أسلم موزوناً في مكيل، وفي عكسه لا يجوز عند الإمام لأنه لا يتوقف على حد له فإنه يتفاوت في الصنعة عجناً
لا بيع البر بالدقيق أو السويق والزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم وستفرض الخبز وزناً لا عدداً
ــ
وخبزا، وكذا عند محمد لأنه عددي عنده، ويجوز عند أبي يوسف لأنه وزني عنده أو يجوز بشرط الوزن وإن كان العرف فيه العدد والنضج وحسن العجن مضبوط نوعيهما وخصوص ذلك القدر بعينه من العجن والنار مهدر، واختاره المشايخ للفتوى إذا أتى بشرائطه لحاجة الناس لكن يجب أن يحتاط وقت القبض حتى يقبض من الجنس الذي سمي حتى لا يصير استبدالاً بالمسلم فيه قبل قبضه وقبل ذلك فالأحوط المنع.
(لا) يصح (بيع البر بالدقيق أو بالسويق) وهو ما يجرش من الحنطة والشعير وغيرهما يعني ولا متساوياً لأن جنسه من جنس المعيار فيهما الكيل وهو غير مسو لهما فكان فيه شبهة الربا، بخلاف بيع السمسم بالسمسم حيث يجوز لأن المعيار فيه الوزن وهو مسو، ودل كلامه أن بيع الدقيق بالدقيق متساوياً جائز سواء كان أحدهما أخشن وأدق، وكذا بيع النخالة بالنخالة لا متفاضلاً لاتحاد الاسم والصورة والمعنى في بيعه بمثله وزناً روايتان، وفي (الصغرى) بيع النخالة بالدقيق عند أبي يوسف يجوز على طريق الاعتبار بأن كانت النخالة الخالصة أكثر من النخالة في الدقيق، وعند محمد لا يجوز بطريق الاعتبار بل إذا تساويا كيلاً قيد بالبر لكن بيع الدقيق بالسويق لا يجوز عنده مطلقاً ويجوز عندهما مطلقاً لاختلاف.
(و) لا يصح أيضاً بيع (الزيتون بالزيت و) لا بيع (السمسم بالشيرج/ حتى يكون الزيت) الخالص (والشيرجي أكثر مما في الزيتون والسمسم) ليكون الخارج منه من الدهن المفرد والزائد بمقابلة الشيرج، ومن هذا النوع بيع الجوز بدهنه واللبن بسمنه، والعنب بعصيره، والتمر بدبسه، وطريقة معرفة ذلك العلم حتى لو جهل أو علم أنه أقل أو مساو لا يجوز.
وفي (الخانية) هذا إذا النقل له قيمة، فإن كان لا قيمة كما في الزبد بعد إخراج السمن منه فيجوز مع مساواة الخارج للسمن المفرد. يروى ذلك عن الإمام، (ويستقرض الخبز وزناً لا عدداً) عند أبي يوسف لأن الوزن يوجب التساوي دون العدد، وعند محمد يجوز بهما للتعامل بين الجيران بذلك مهددين تفاوته والحاجة تدعو إلى ذلك بينهم والقياس يترك بالتعامل.
قال في (الفتح): وجعل المتأخرون الفتوى على قول أبي يوسف، وأنا أرى أن قول محمد أحسن انتهى. وفي شرح (المجمع) لابن الملك وعليه الفتوى، وفي (المجتبى) باعه رغيفاً نقداً برغيفين نسيئة يجوز، ولو باع الرغيفان نقداً والرغيف
ولا ربا بين المولى وعبده وبين الحربي والمسلم ثمة.
ــ
نسيئة لا يجوز، ولو باع كسيرات الخبز يجوز نقداً ونسيئة كيفما كان (ولا ربا) يتحقق (بين المولى وعبده) ولو مدبراً أو أم ولد لأنه وما في يده لمولاه فلا يتحقق الربا لعدم تحقق البيع، بخلاف المكاتب لأنه ضار كالحر يداً وتصرفاً في كسبه وهذا الإطلاق قيده في (الهداية) بما إذا لم يكن مأذوناً مديوناً، فإن كان تحقق الربا بينهما، أما عند الإمام فلعدم ملكه لما في يده، وأما عندهما فلتعلق حق الغرماء، والمص تبع صاحب (المبسوط) في الإطلاق وهو التحقيق، كما في (الدراية).
إلا أن على المولى أن يرد ما أخذه من العبد لأن أخذه من العبد بغير عوض لا للربا، ولو أعطاه العبد درهماً بدرهمين لا يجب عليه الرد على المولى، كما في صرف (المحيط) قال الشر: وكذا لا ربا بين المتفاوضين، وكذا شريكي العنان إذا تبايعا من مال بالشركة.
(و) لا (بين المسلم والحربي ثمة) أي في دار الحرب حتى لو باع مسلماً دخل إليهم مستأمناً درهماً بدرهمين لا يجب عليه الحل، وكذا إذا باع منه ميتة أو خنزيراً أو قامرهم وأخذ المال وهذا عندهما، وقال أبو يوسف: لا يحل وبه قالت الثلاثة لإطلاق النصوص المحرمة للربا وعلى هذا الخلاف الربا بين المسلم الأصلي والذي أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا.
وأما إذا هاجر إلينا ثم عاد إليهم لم يجز الربا معه، وعلى هذا فلو قال: ولو في دار الحرب لكان أولى وكذا لو أسلما ولم يهاجر كما في (إيضاح الكرماني) ولهما ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب) وقد طعن في هذا الحديث وجعله في (المبسوط) من مراسيل مكحول وهو ثقة والمرسل من مثله مقبول ولأن مالهم مباح وبعقد الأمان عنهم لم يصر معصوماً إلا أنه التزم ألا يتعرض لهم لغدره، ولا لما في أيديهم لغير رضاهم فإذا أخذ برضاهم أخذ مالاً مباحاً بلا عذر ويملكه بحكم الإباحة الأصلية كذا قالوا، وأنت خبير بأن هذا إنما يفيد حل العقد إذا كانت الزيادة ينالها المسلم والربا أعم من ذلك إذ يشمل ما إذا كان الزائد من جهة المسلم أيضاً، وجوابه المسألة بالحل عام في الوجهين وعرف من هذا أن الربا يجري بين المسلم والمستأمن منهم في دارنا لأن ماله صار محظوراً بعقد الأمان.