المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس في صلاة الخوف

- ‌وقت صلاة الخوف

- ‌صفة صلاة الخوف

- ‌الباب السادس من الجملة الثالثة في صلاة المريض

- ‌أسباب إعادة الصلاة

- ‌الباب الأول: في الإعادة

- ‌الحدث بقطع الصلاة

- ‌المرور بين يدي المصلي

- ‌الضحك في الصلاة

- ‌رد السلام في الصلاة

- ‌الباب الثاني: في القضاء

- ‌من يجب عليه القضاء

- ‌صفة قضاء الصلاة

- ‌المأموم يدرك الإمام قبل الرفع من الركوع

- ‌سهو المأموم عن اتباع الإمام

- ‌إتيان المأموم ما فاته من الصلاة

- ‌إلزام المأموم حكم صلاة الإمام

- ‌المأموم يدرك صلاة الجمعة

- ‌المأموم يدرك الإمام في سجود السهو

- ‌الباب الثالث: في سجود السهو

- ‌الفصل الأول: الاختلاف في سجود السهو

- ‌الفصل الثاني: مواضع سجود السهو

- ‌الفصل الثالث: الأقوال والأفعال التي يسجد للسهو لها

- ‌الفصل الرابع: صفة سجود السهو

- ‌الفصل الخامس: سجود السهو من سنة المنفرد والإمام

- ‌الفصل السادس: التسبيح لمن سها في صلاته

- ‌السجود للسهو لمن شك في صلاته

- ‌6 - كتاب الصلاة الثاني

- ‌الباب الأول القول في الوتر

- ‌صفة صلاة الوتر

- ‌وقت صلاة الوتر

- ‌القنوت في صلاة الوتر

- ‌الباب الثاني: في ركعتي الفجر

- ‌ما يقرأ في ركعتي الفجر

- ‌الباب الثالث: في النوافل

- ‌الباب الرابع: في ركعتي دخول المسجد

- ‌الباب الخامس: في قيام رمضان

- ‌الباب السادس [في صلاة الكسوف]

- ‌صفة صلاة الكسوف

- ‌وقت صلاة الكسوف

- ‌الخطبة في صلاة الكسوف هل هي شرط أم لا

- ‌صلاة كسوف القمر

- ‌الباب السابع: في صلاة الاستسقاء

- ‌الباب الثامن [في صلاة العيدين]

- ‌استحباب الغسل لصلاة العيدين

- ‌التكبير في صلاة العيدين

- ‌من تجب عليه صلاة العيد

- ‌التنفل قبل العيد وبعده

- ‌الباب التاسع: في سجود السهو

- ‌حكم سجود التلاوة

- ‌عدد عزائم سجود القرآن

- ‌7 - كتاب أحكام الميت

- ‌الباب الأول: فيما يستحب أن يفعل به عند الاحتضار وبعده

- ‌الباب الثاني: في غسل الميت

- ‌حكم غسل الميت

- ‌فيمن يجب غسله من الموتى

- ‌فيمن يجوز له أن يغسل الميت

- ‌في صفة الغسل

- ‌نزع القميص في الغسل

- ‌الاختلاف في وضوء الميت

- ‌الاختلاف في التوقيت في الغسل

- ‌الباب الثالث: في الأكفان

- ‌الباب الرابع: في صفة المشي مع الجنازة

- ‌الباب الخامس: في الصلاة على الجنازة

- ‌صفة صلاة الجنازة

- ‌التكبير في صلاة الجنازة

- ‌القراءة في صلاة الجنازة

- ‌التسليم من صلاة الجنازة

- ‌أين يقوم الإمام من الجنازة

- ‌ترتيب جنائز الرجال والنساء

- ‌من يفوته بعض التكبير على الجنازة

- ‌الصلاة على القبر لمن فاتته صلاة الجنازة

- ‌فيمن يصلي عليه ومن أولى بالتقديم

- ‌وقت الصلاة على الجنازة

- ‌في مواضع الصلاة على الجنازة

- ‌شروط الصلاة على الجنازة

- ‌الباب السادس: في الدفن

الفصل: ‌صفة صلاة الكسوف

‌صفة صلاة الكسوف

598 -

حديث عائشة قالت: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ في عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَصلَّى

بالنَّاسِ، فَقَامَ فَأطَالَ القِيَامَ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ. ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ، وَهو دُونَ

ص: 188

القِيَام الأوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُوْنَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ. ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْل ذَلِكَ. ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ".

مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وآخرون من حديثها وله عندهم ألفاظ وبقيته ستأتي.

* * *

599 -

حديث ابن عباس: "مِثْلُ هذِهِ الصِّفَة".

ص: 189

مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم.

* * *

600 -

قوله: (وَوَرَدَ مِن حَديثِ أبي بَكْرَةَ، وسمرة بن جندب، وعبد الله عمرو والنعمان بن بشير أنَّهُ صَلَّى في الكُسُوفِ رَكْعَتَينِ كَصَلَاةِ العِيْدِ).

• أما حديث أبي بكرة، فرواه الطيالسي، والبخاري، والنَّسائي،

ص: 190

والطحاوي، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، من رواية الحسن عنه قال: انكسفت الشمس وفي لفظ خسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد وثاب الناس إليه، فصلى بهم ركعتين فانجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا يخسفان لموت أحد وإذا كان ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم، الحديث لفظ البخاري، والنَّسائي، والبيهقي، وهو عند الباقين مختصر. ولفظ الحاكم وهي رواية للنَّسائي أيضًا، من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث عن الحسن، عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه وذكر كسوف الشمس، وقال الحاكم:(على شرطهما ولم يخرجاه). قال الذهبي: (إسناد حسن وما هو على شرط واحد منهما).

ص: 191

• وأما حديث سمرة: فرواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، والحاكم، والبيهقي، في حديث طويل، وأصله عند الترمذي، وابن ماجه أيضًا، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى فقال كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا، ثم فعل في الركعة الأخرى بمثل ذلك الحديث.

• وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: فرواه أحمد، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنَّسائي، والطحاوي، والبيهقي، من رواية عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوم كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابنه فقام الناس فقيل لا يركع فركع، فقيل لا يرفع فرفع، فقيل لا يسجد وسجد فقيل لا يرفع فقام في الثانية ففعل مثل ذلك وتجلت الشمس؛

ص: 192

قال البيهقي: (فهذا الراوي حفظ عن عبد الله بن عمرو طول السجود، ولم يحفظ ركعتين في ركعة، وأبو سلمة حفظ ركعتين في ركعة وحفظ طول السجود عن عائشة، وقد رواه مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، وزاد في الحديث ثم رفع رأسه فأطال القيام حتى قيل لا يركع، ثم ركع فأطال الركوع حتى قيل لا يرفع.

قلت: هذه الطريق خرجها الحاكم في "المستدرك"، وعنه البيهقي، من رواية حميد بن عياش الرملي، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو؛ وعن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بذكر الركوعين في كل ركعة ثم قال:(غريب صحيح). وقال البيهقي: (أخرجه ابن خزيمة في مختصر الصحيح). وهذا هو الموافق لرواية أبي سلمة التي ذكرها البيهقي وهي في الصحيحين، من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، وقال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نودي الصلاة جامعة فركع ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس حتى جلي عن الشمس.

• وأما حديث النعمان بن بشير: فهو المذكور بعده.

ص: 193

601 -

حديث أبي قلابة، عن النعمان بن بشير قال:"صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في الكُسُوفِ نَحْوَ صَلاتِكُم يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ الله حتى تَجَلَّت الشَّمسُ".

أحمد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، وأصله عند ابن ماجه بدون التصريح بالركعتين، وإنما قال: ولم يزل يصلي حتى انجلت، الحديث. وقال الحاكم:(صحيح على شرط الشيخين)؛ وصححه أيضًا ابن عبد البر، وابن حزم، وأعله أبو حاتم بالانقطاع، وغيره به وبالاضطراب، وقال البيهقي: (هذا مرسل أبو قلابة لم يسمعه من النعمان بن بشير خاليًا عن هذه الألفاظ التي توهم خلافًا، وخاليًا عن لفظ التجلي يعني قوله في الحديث إن الله -عز

ص: 194

وجل- إذا تجلى لشيء خشع له)، ثم أخرجه كذلك من طريق هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن النعمان، وفيه: فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي أو يحدث الله عز وجل أمرًا. قال: وهذا أشبه أن يكون محفوظًا، وقد قيل، عن أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي؛ ثم أخرجه كذلك وبين أن فيه انقطاعًا أيضًا، وبالجملة فهو حديث ضعيف جدًا أو باطل من أصله، فإن النعمان نفسه لم يحضر القصة، وإنما رواها عن غيره، ثم وقع من الرواة عنه أيضًا حفظ. وتخليط وزيادة ونقصان، وإدخال ألفاظ ليست من الحديث، ولا واردة فيه كلفظة التجلي الموقعة في الإشكال على أن أحاديث الكسوف من أصلها أتى فيها الرواة من التخليط وسوء الحفظ والفهم بما يوقع في الحيرة، فإن القصة واحدة وهم رووها على أوجه شتى متعارضة لا يمكن الجمع بينها بحال فلابد من الترجيح.

ص: 195

602 -

قوله: (وَقَدْ رُوِيَ في صَلاةِ الكُسُوفِ عَشْرُ رَكَعَاتٍ في ركعتين).

عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"، وأبو داود، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركوعات، وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى تجلى كسوفها؛ وقال الحاكم:(الشيخان قد هجرا أبا جعفر الرازي ولم يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال وهذا الحديث فيه ألفاظ ورواته صادقون)، وتعقبه الذهبي فقال:(هذا خبر منكر وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء وأبوه فيه لين).

قلت: أما عبد الله فبريء منه لأن الباقين رووه من غير طريقه. وأمَّا أبو جعفر، فوثقوه ولينه بعضهم؛ وقال ابن حبان: إنه يأتي بالمناكير عن الثقات لا يعجبني الاحتجاج بما انفرد به، وهذا أعدل الأقوال فيه، وقد أتى بمنكر خالف فيه الثقات، وكان ينبغي أن يروي بطريق التواتر، ولا ينفرد برواية واحد لأنه على خلاف

ص: 196

المألوف المعروف في الصلاة، فالخبر منكر كما قال الذهبي وعندي أنه باطل ولابد.

* * *

603 -

قوله: (وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ في ركعتين).

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي، من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات، وعن علي مثل ذلك، لفظ مسلم ورواه أيضًا مفصلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف قرأ ثم ركع، ثم قرأ،

ص: 197

ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد، قال: والأخرى مثلها؛ وقال البيهقي: (أعرض البخاري عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار، وكثير بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت، وإن كان من الثقات فقد كان يدلس ولم أجد ذكر سماعه في هذا الحديث، عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به، عن طاوس، وقد روي سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات فخالفه في الرفع والعدد جميعًا).

قلت: بل حبيب نفسه رواه بذكر الثلاث أيضًا مرفوعًا كما وقع عند الترمذي ثم أنه مرة قال في آخر الحديث، وعن علي مثل ذلك كما سبق عند مسلم، ومرة قال: وعن عطاء مثل ذلك كما عند النَّسائي، وهذا صريح في عدم ضبطه للحديث، والحديث كذب باطل مقطوع ببطلانه عقلًا، ولو أنه في صحيح مسلم، فإن كسوف الشمس إنما وقع مرة واحدة يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يصرح به أكثر الرواة ويذكرون عقب الصلاة الخطبة، فمن المحال المقطوع به عقلًا أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف يومئذ ركعتين كسائر الصلوات، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة أربع ركعات ثم صلاها ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات، ثم يتفق الرواة على عدم نقل هذا التكرار واقتصر كل فريق منهم على نقل صفة

ص: 198

واحدة؛ بل بالضرورة ندرك أنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم إلا صفة واحدة، والباقي كله باطل لا أصل له وإنما هو ناشيء من غلط الرواة وأدل دليل على ذلك أن الصحابي الواحد تنقل عنه روايات مختلفة يُضيفها أيضًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي مقدمتهم ابن عباس راوي حديث الثمان ركعات في زعم حبيب فإنه قد روي في الصحيح عنه أيضًا ركعتان في كل ركعة ركوعان، كما رَوَتْ عائشة وغيرها، وغير جائز أن يكون ابن عباس روى الوجهين لفعل واحد صدر منه صلى الله عليه وسلم في وقت واحد، بل الصحيح عنه أيضًا واحد، والباقي من غلط الرواة عليه، إما في أصل الرواية، وإما في نسبة الرفع لأنه قد يكون ابن عباس فعل خلاف ما روى اجتهادًا منه، فأضاف الراوي ذلك إلى روايته أيضًا كما وقع في هذا الحديث، فقد رواه سليمان الأحول عن طاوس موقوفًا كما سبق، وقد أجاد البيهقي رحمه الله إذ قال عقب حديث عطاء، عن جابر بن عبد الله: (من نظر في هذه القصة وفي القصة التي رواها أبو الزبير عن جابر، علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، ورواية عطاء بن يسار، وكثير بن عباس، عن ابن عباس ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، ورواية أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان؛ وفي حكاية أكثرهم قوله صلى الله عليه وسلم يومئذ: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته، دلالة على أنه صلاها يوم توفي ابنه فخطب وقال هذه المقالة ردًا لقولهم إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه

ص: 199

الشافعي، ومحمد بن إسماعيل البخاري -رحمهما الله تعالى-).

قلت: وهذا في غاية التحقيق وهو الواقع الذي لا يرتاب فيه عاقل، أما تلك الصفات الأخرى فمنشؤها والله أعلم فعل بعض الصحابة فإنه لا ينكر عن بعضهم بعض تلك الصفات التي صدرت منهم عن اجتهاد لا عن توقيف، وكان وجه تلك الزيادات في نظرهم أنهم كما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم خرج في صلاة الكسوف عن سننها المألوف فركع في كل ركعة ركوعين فهموا الإذن في الزيادة من الركوع، وإن المقصود الإِكثار منه حتى يقع الانجلاء، فركع بعضهم ثلاث ركوعات، وبعضهم أربعًا، وبعضهم خمسًا، فظن الرواة أن فعلهم ذلك مروي، فرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينتبه لهذا أبو محمد بن حزم، فحكم بصحة جميع هذه الصفات وجعل المصلي مخيرًا أن يفعل منها ما شاء، لثبوت الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نظره لأنه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف مرارًا في كل مرة منها صلى نوعًا من تلك الأنواع، والواقع أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة، ولذلك استحال ثبوت جميع تلك الصفات عنه، وهكذا وقع في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له فإنه حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم في غير خطبة الكسوف، كما رواه أبو بكرة كذلك مستقلًا ولكن الرواة لسوء فهمهم، وقلة إتقانهم أدرجه بعضهم في حديث النعمان بن بشير، وحديث أبي بكرة، ولذلك لم يذكره الحفاظ المتقنون فيه لا في حديث أبي بكرة ولا في حديث النعمان، والحمد لله على فضله.

ص: 200

604 -

قوله: (وَسِتُّ رَكَعَاتٍ في رَكْعَتَيْنِ).

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي، والبيهقي، من حديث جابر بن عبد الله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ست ركعات بأربع سجدات، ورواه الترمذي من حديث ابن عباس كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله.

* * *

605 -

قوله: (وأرْبع ركعات في ركعتين).

ص: 201

القراءة في صلاة الكسوف

أي في كل ركعة ركوعان تقدم هذا وهو الذي فعله صلى الله عليه وسلم ولم يفعل غيره كما قررناه في الكلام على قوله وثمان ركعات.

ص: 202

606 -

قوله: (وذلك أنَّ مفهوم حديث ابن عباس الثابت أنَّهُ قَرأ سِرَّا لِقَوْلِهِ فِيه عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فَقَام قَيامًا نَحْوًا مِن سُورة البَقَرةِ).

البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي، من رواية عطاء بن يسار عن ابن عباس.

* * *

607 -

(ورُوِيَ هَذا المَعْنى نَصًا عَنْهُ قَال: قُمْتُ الى جَنبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا).

أحمد، وأبو يعلى، والطحاوي، والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم

ص: 203

في "الحلية" والبيهقي من أوجه عن عكرمة، عن ابن عباس به. ورواه البيهقي في "المعرفة" من الأوجه الثلاثة، عن عكرمة ثم قال: وهؤلاء وإن كان لا يحتج بهم ولكنهم عدد وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن ابن عباس، أنه عليه الصلاة والسلام، قرأ نحوًا من سورة البقرة، أخرجاه في الصحيحين قال الشافعي، فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره ويدفع حمله على البعد رواية الحكم بن أبان، صليت إلى جنبه، ويوافق أيضًا رواية محمد بن إسحاق بإِسناده عن عائشة قالت: فحزرت قراءته، ويوافق أيضًا حديث سمرة بن جندب، وإنما الجهر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظًا فيشبه أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد اهـ.

* * *

608 -

قوله: (وقد رُوِيَ أيضًا من طريق ابن إسحاق، عن عائشة في صَلَاة الكُسُوفِ أنَّهَا قَالت: تَحَرَّيْتُ قِرَاءَتَهُ فَحَزِرْتُ أنَّهُ قَرَأ سُورَةَ البَقَرةِ).

ص: 204

أبو داود، والبيهقي، كلاهما من طريق عبيد الله بن سعد، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال حدثني هشام بن عروة، وعبد الله بن أبي سلمة، عن سليمان بن يسار، كلٌ قد حدثني عن عروة، عن عائشة قالت: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة ثم سجد سجدتين ثم قام فأطال القراءة فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران، لفظ البيهقي.

* * *

609 -

حديث: "صَلَاةُ النَّهارِ عَجْمَاء".

ليس هو بحديث كما قال الدارقطني وغيره من الحفاظ، وإنما هو من كلام بعض الفقهاء.

ص: 205

610 -

حديث: "أنهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأ في إحْدَى الرَّكْعَتَيْن مِنْ صلاةِ الكُسُوفِ بالنَّجْمِ".

ابن أبي شيبة في "المصنف"، عن الحسن مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ركعتين قرأ في إحداهما بالنجم.

* * *

611 -

حديث سُفيان بن حُسين، عن الزُّهري، عن عُروةَ، عن عَائِشَة، "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَهَر بالقِرَاءَةِ في كُسُوفِ الشَّمْسِ"، قال أبو عمر بن عبد البر: سُفيانُ بن حسين ليسَ بالقوي، وَقَدْ تَابَعَهُ على ذَلِكَ عن الزُّهْرِي عبد الرحمن بن نمر، وسليمان بن كثير.

قلت: رواية سفيان بن حسين خرَّجها الترمذي، من طريق إبراهيم بن صدقة

ص: 206