الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسُورة- وفي القعودِ تقعُدُ على ابتداء صلاتِكَ
(1)
.
ومن مسائل الفضل بن زياد
(2)
قال: سمعتُ أبا عبد الله قيل له: ما تقولُ في التَّزويج في هذا الزَّمان؟
فقال: مثلُ هذا الزمان ينبغي للرَّجل أن يَتَزَوَّجَ، ليت أن الرجلَ إذا تزَوَّجَ اليومَ ثنتين يُفْلِت
(3)
، ما يأمنُ أحدكم أن ينظرَ النَّظْرة فَيحْبَط عملُهُ. قلت له: كيف يصنُعُ؟ من أين يطعمُهم؟ فقالت: أرزاقُهم عليك؟! أرزاقُهم على الله عز وجل.
ومن مسائل عبد الملك الميموني
(4)
قال: الزكاةُ أهونُ من الصَّدَقةِ؛ لأنَّ الله قال فيها: {وَابْنِ السَّبِيلِ} فهو حِينَ يأخذُ الزكاةَ: فيخرجُ من منزله تلك الساعة هو ابنُ السبيل. قال القاضي: "قوله: "حينَ يأخذُ الزكاةَ يخرجُ من منزله تلك الساعة هو ابن سبيل"
(5)
، يدلُّ على أن ابنَ السبيلِ هو المنشئُ للسفر، وعنه خلافٌ، وأنه المختارُ". انتهى كلامه.
(1)
انظر: "مسائل عبد الله": (2/ 355)، و"مسائل صالح":(1/ 370، 452، 2/ 260).
(2)
القطان البغدادي، تقدمت ترجمته (ص / 976)، وبعض مسائله (ص / 986، 991، 1002)، وله عن أبي عبد الله مسائل كثيرة.
(3)
(ق): "بمفلت"، (ظ):"فقلت"! وكذا في المطبوعات.
(4)
الميموني من كبار أصحاب أحمد والملازمين له، له عنه مسائل كثيرة جليلة، تقدمت ترجمته (ص / 963) وبعض مسائله (ص / 991، 993).
(5)
من قوله: "قال القاضي
…
" إلى هنا ساقط من (ظ).
ولم يفسِّر قولَ أحمد: "الزكاةُ أهونُ من الصَّدقة"، وأُرَاه قد خَفِيَ عليه معنى كلامِ أحمد، ولم يُرِدْ أحمدُ ما فَهِمَ القاضي.
وقال الميمونيُّ: قلت: يعتقُ من زكاته؟ قال: نعم، قلنا له: فإنْ جَنَى جنايةً أو أحدَثَ حَدَثًا أليسَ يرجعُ عليه؟ قال: بلى، قلنا له: فميراثُهُ له؟ قال: لا، قلنا: ولِمَ؟ قال: لأنَّ ذا للهِ، فإذا ورثَ منه شيئًا جعله في مثلِهِ، قلت: يعقلُ عنه ويؤخذُ بِجَريرتهِ في جنايَتِهِ فإذا ماتَ ذهب ميراثُهُ؟ قال: هو أراده وضيَّعَه بنفسِه.
وسألته عن الحَبِّ يُجْمَعُ؟ قال: مسألة فيها اختلافٌ، قلت: إذا كنا نذهبُ في الذَّهبِ والفضَّةِ إلى أنْ لا نجمَعها، لم لا تُشَبَّهُ الحبوبُ بهما؟ قال: هذه يقعُ عليها اسمُ طعامٍ واسمُ حبوب.
قال: ورأيتُ أبا عبد الله في الحبوب يُحِبُّ جمعَها، ومذهبُهُ في الذهب والفضَّةِ والبقرِ والغنَمِ أن يُزَكَّى كلُّ واحدٍ منها على حِدَتِه ولا يجمعُ بعضُها إلى بعض.
سألته عن الرجل من أهل الكتاب لي عليه اليمين: أستحلفُهُ؟ قال: نعم، إلَاّ أن من الناس من يقول: يستحلفه بالكنيسة ويغلظُ عليه بأيمانهم، ومنهم من يقول: يستحلفُه باللهِ.
قلت: فإذا استحلفه بالله
(1)
أو بالكنيسة، أليس ترى ذلك جائزًا؟ قال: بلى، وإذا رُفِعَ إلى الحاكم استحلفه بالكنيسة ويغلظ عليه، أو بالله عز وجل.
في الحاشية بخط القاضي: قوله: "أو بالكنيسة" يحتملُ أن يريد به:
(1)
"قلت: فإن استحلفه بالله" سقطت من (ع وق).
يستخلِفُهُ بالله في الكنيسة، ولم يُرِدْ أنه يَحْلف
(1)
بها. ويحتمل أن يريدَ يستحلفُه بالله، ويضم إليه: وهدم الله الكنيسة
(2)
.
قلت: ما تقولُ في الصَّفِيِّ
(3)
؟ قال: ذاك شيءٌ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً. قلت: فيكون للخليفةِ بعدَه قال: لا، إنّما كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً.
قلت: قال الله عز وجل: {لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] الآية، إنْ جعلها رجلٌ في صنفٍ واحدٍ أجزأ عنه؟ قال لي: ما علمتُ أنَّ أحدًا قال بذا، يُجعل في الأصناف كلِّها.
وقال: أرأيتَ إن كان عندَه عشرةُ آلافٍ، وعليه عشرةُ آلافٍ
(4)
لا يَحُجُّ، ما تقول في حجِّ هذا إذا حجَّ؟ قلت: على القياس حَجُّهُ فاسدٌ على قول من قال: ليس له أن يَحُجَّ من هذا المال.
فقال لي: ما يرى هذا إلَاّ شنيعٌ.
قلتُ: هذا القياسُ غيرُ صحيح؛ لأنه وإن كان دينُهُ بقدْر ما بيدِه فهو لم يحجَّ بمالٍ حرام، حتى تكونَ مسألةُ الحَجِّ بالمال الحرامِ، وإنما حجَّ بمالِه نفسِه، ولكنه أثِمَ بتأخيره قضاءِ الدَّيْن من هذا المالِ، ولو أنه اكتسبَ في هذا المالِ ونما، لكان نماؤُه له يختصُّ به، ولو
(1)
(ق وظ): "أن يحلفه".
(2)
كذا في (ق وظ) و (ع): "وهدمت إليه". وقد نقل هذه الرواية عن الميموني ابن مفلح في "الفروع": (6/ 284).
(3)
هو: ما يختار قبل قسمة الغنائم، كجارية وعبد وثوب ونحوه، قال في "المبدع":(3/ 363): "وانقطع ذلك بموته صلى الله عليه وسلم بغير خلافٍ نعلمه، إلا أبا ثور فإنه زعم أنه باق للأئمة بعده" اهـ.
(4)
"وعليه عشرة آلاف" سقطت من (ع).
تصدَّق منه لكان ثوابُهُ له، فلا يصِحُّ قياسُها على ما لو سَرَق مالًا لغيره وحَجَّ به.
عدنا إلى المسائل:
قلت: تخرجُ صدقة قومٍ من بلد إلى بلد؟ قال: لا، إلا أن يكونَ فيها فضلٌ عنهم.
قلت: كيف يكونُ من فَضْلٍ؟ قال: يُعطيهم ما يَكفيهم، ويُخْرِجُ الفضلَ عنهم؛ لأن الذي كان يجيءُ المدينةَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر إنما كان من فضلٍ عنهم.
وقال لي أبو عبد اللهِ: إذا بَيَّتَ فأصابَ نساءَهم فليس عليه كفَّارةٌ، وليس عليه شيءٌ، وإذا عمد فليس عليه -أيضًا- لا دِيَةٌ، ولا كفَّارةٌ، ولكن لا يَقْتلُ، لا يدخل في نهي النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو عبد الله: إنما الجهرُ بالقراءة في الجماعة، أرأيتَ إن صلَّى وحدَه عله أن يجهَرَ؟! إنما الجهرُ في الجماعةِ إذا صلَّوا.
وسألوه عن الجُرْح يكونُ بالإنسان يخاف عليه، كيف يمسح عليه؟ قال: ينزع الخِرْقَةَ، ثم يمسحُ على الجرحِ نفسه.
قلتُ: هذا النَّصُّ خلافُ المشهور عندَ الأصحاب، فإنَّهم يقولونَ: إذا كان مكشوفًا لم يمسحْ عليه حتى يسترَهُ، فإن لم يَكنْ مستورًا تَيمَّمَ له، ونصُّ أحمدَ صريحٌ في أنه يكشف الخِرْقَةَ، ثم يباشرُ الجرحَ بالمسحِ، وهذا يدلُّ على أن مسحَ الجرحِ البارزِ أولى من مسحِ الجَبِيرَةِ، وأنه خيرٌ من التَّيمُّمِ، وهذا هو الصَّوابُ الذي لا ينبغي
العُدولُ عنه، وهو المحفوظُ عن السَّلفِ من الصحابة والتابعينَ، ولا ريْبَ أنه مقتضى القياس، فإنَّ مباشَرةَ العضو بالمسحِ الذي هو بعضُ الغَسْل المأمورِ به أولى من مباشرةِ غيرِ ذلك العضوِ بالتُّراب، ولم أزل استبعدُ هذا، حتى رأيتُ نص أحمدَ هذا بخلافه، ومعلوم أن المسحَ على الحائلِ إنَّما جاء لِضَرورةِ المشقَّةِ بكشفِهِ، فكيف يكونْ أولى من المسحِ على الجرح نفسِه بغير حائلٍ؟! فالقياسُ والآثارُ تشهدُ لصحَّةِ هذا النَّصِّ، والله أعلم.
وقد ذكرتُ في الكتاب الكبير: "الجامع بين السنن والآثار"
(1)
: من قال بذلك من السّلف، وذكرت الآثارَ عنهم بذلك وكان شيخُنا أبو العباس ابن تيميَّة: يذهبُ إلى هذا، ويضعفُ القولَ بالتَّيمُّم بدلَ المسحِ
(2)
.
رجعنا إلى المسائل:
وقال: إذا كان الإمامُ من أئمةِ الأحياء يسكر؛ هذا لا تُقْبَلُ له صلاة أربعينْ يومًا، كيف أُصَلِّي خلفَ هذا؟! أَلِيْ
(3)
أن أختارَ؟ ليس هو واليَ المسلمينَ، والصلاةُ خلفَ الوُلاةِ لا بُدَّ، والصلاةُ خلف أئمَّةِ الأحياء لنَا أن نختارَ.
قال أبو عبد الله: لم تَرِثْ بناتُ عُمر من مواليه شيئًا
(4)
.
(1)
لم أر ذكرًا لهذا الكتاب عند مترجمي ابن القيم، ولا أشار إليه المؤلف في غير هذا الموضع.
(2)
انظر: "الفتاوى": (21/ 178).
(3)
(ظ): "لي".
(4)
أخرجه الدارمى: (2/ 489)، وعبد الرزاق:(8/ 422).