الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما انتقاه القاضي من "شرح أبي حفصٍ لمبسوطِ أبى بكرٍ الخلال
"
(1)
* أحمد في رواية أحمد بن الحسين: يغسلُ يَدَهُ ثلاثًا ثم يستنجِي ثم يغسلُ يَدَهُ ثم
(2)
يَتَوَضَّأُ.
قال أبو حفص: قد بينَّا عن أبى عبد الله غسلَ اليدِ في الطَّهارة في ثلاثةِ مواضِعَ؛ أحدها: قبل الاستنجاء، والثاني: غسل اليد اليسري بعد الاستنجاء، والثالث: عند ابتداء الوضوء.
وقال في الرجل يستجمرُ ويعرقُ في سراويله: "إذا استجمرَ ثلاثةً فلا بأسَ". يحتملُ أن يحملَ على ظاهرِها، فيَكونُ الموضِعُ قد طَهُرَ بالاستجمار فلا يَضُرُّ العَرَقُ، ويحتملُ أن يتأولَ
(3)
على أنه عَرَقُ غيرِ موضِع الحَدَث، أو عَرِقَ فلم يُصِبْ ذلك الموضعُ سراويلَهُ، وهذا القولُ أولى؛ لأن الموضعَ عُفِيَ عنه تخفيفًا، فإذا نال الموضعَ رطوبةٌ، وَجَبَ إزالةُ الأَثَرِ، كما تجِبُ إزالةُ العين ونَجَسِ ما لاقاها كالعين.
* قلت: اختلف أصحابُنا في أثر الاستجمارِ؛ هل هو نَجَسٌ معفوٌّ عنه أو طاهرٌ؟ على وجهين، وعلى ما اختاره أبو حفص تصيرُ المسألةُ على ثلاثةِ أوجهٍ، وقولُه الذي اختارَه ضعيفٌ جدًّا، مذهبًا ودليلًا وعملًا، فإنَّ الصَّحابَةَ لم يكنْ أكثرُهم يستنجي بالماء، وإنما كانوا يستجمِرون صَيْفًا وشتاءً، والعادةُ (ق/ 348 أ) جاريةٌ بالعَرَق في الإزارِ،
(1)
"المبسوط" لأبي بكر الخلال، انظر "طبقات الحنابلة":(3/ 226)، وشرحه لأبي حفص العُكْبَرىِ، نقل عنه المرداوي في "الإنصاف":(2/ 182)، ولم أعرف عنهما أكثر من هذا.
(2)
(ف وظ): "و".
(3)
ليست في (ق)، (ظ):"يقول".
ولم يأمُرْهم النبي صلى الله عليه وسلم بغسلِه، وهو يعلمُ موضِعَهُ، ولا كانوا هم يفعلونَهُ
(1)
، مع أنهم خيرُ القرونِ وأتقاهم لله، ولا أعلمُ أحدًا من أصحابنا اختارَ ما اختاره أبو حفصٍ، وهو خلاف نصِّ أحمد، والله أعلم.
* واختلف قولُه إذا لم يجمع المستنْجِي بينَ الأحجارِ والماء أيُّهما أولى بالاستعمال؟ فنقل الشَّالَنجيُّ أنه قال: إن لم يكن مع الأحجار ماءٌ، فالأحجار أحبُّ إليَّ، والوجهُ فيه: أن ابنَ عُمر كان لا يَمَسُّ ذَكَرَهُ بالماء. وروى أبو عبد الله عن إسماعيل بن أميَّة عن نافع قال: "كان ابنُ عُمر لا يغسلُ أثرَ المَبَالِ"
(2)
، واستعمالُ الحِجارة أتت في الأخبارِ
(3)
.
وروى حربٌ الكرماني والحسن بن ثَوَاب تضعيفَ الأخبار في الاستنجاءِ بالماءِ، وقال في حديث مُعَاذَةَ، عن عائشة، عنه: قَتَادَةُ لم يرفَعْه، ولأن المستجمِرَ لا تُلاقي يَدُهُ النجاسَةَ، وعنه: هما سواءٌ، وعنه: الماء أفضلُ، جاء في البول من التغليظ ما لم يأتِ في الكلبِ.
* اختلف قوله إذا لم يقدروا أن يُصَلُّوا في السفينة قيامًا جماعةً وأمكنهم الصلاةُ فُرَادَى قيامًا، هل يُصَلُّون جُلوسًا جماعة؟
فعنه في رواية حرب: يُصَلِّي كُلُّ إنسان على حِدَتِهِ.
وقال في رواية الفضل بن زياد: تُصَلِّي وحدَك قائمًا. ووجهُهُ: أن القيامَ آكَدُ؛ لأنه لو صلَّى قاعدًا مع قدرتِه على القيام لِم يجزئْهُ،
(1)
(ق وظ): "يغسلونه".
(2)
أخرجه عبد الرزاق: (1/ 152) بنحوه.
(3)
(ق وظ): "واستعمال الأحجار أثبت
…
" وهو وجيه.
ولو صلَّى منفردًا مع قدرتِه على الجماعةِ أَجْزَأَ.
والقولُ الآخرُ تخريجًا على قوله: إن الإِمامَ إذا صلَّى جالسًا يُصَلِّي مَنْ خَلْفَهُ جلوسًا، فقد أجاز للمأمومِ الصلاة جالسًا لأجل الجماعة.
قال القاضي: قلت أنا: ولأنا أسقطنا القيامَ لعدم السِّتارة
(1)
فكذا الجماعةُ.
* واختلف (ظ/ 246 أ)، قولُه في صفة جلوس العَرْيان في صلاتِه.
فعنه: يَجْعَلُ قيامَهُ تَرَبُّعًا. قال القاضي: قلت أنا: كالمريض والمُتنفِّل.
وعنه: يَتَضَامُّون؛ لأنهم إذا تَضَامُّوا كان أسترَ لعوِراتِهم، والمُتَرَبِّعُ يُفْضِي بفرجِه إلى السَّماء، ولا يمكنُهُ وضعُ يَدِهِ على فَرْجِهِ لئلا تنتقضَ طهارَتُهُ.
* واختلف قوله: إذا توارى بعضُهم عن بعض، فصلُّوا قيامًا.
فعنه: لا بأس. وعنه: أنه قال: يُصَلِّي العُريانُ قاعدًا يجعل قيامَهُ متَربعًا
(2)
، فقد ذكر عريانًا واحدًا أنه يُصَلِّيَ قاعدًا، وهذا أصحُّ في مذهبه؛ لأن سترَ العورة آكَدُ عندَه من القيام، لأن مذهبَهُ في العراة يصَلُّون جلوسًا، ولأن سترَ العورةِ يُرَادُ للصلاة، ألا ترى أنه لا يجوزُ للخالي أن يصَلِّيَ مكشوفَ العورة، ولا إذا كان جيبُهُ واسعًا ينظر: إلى عورتهِ، ولحيتُهُ كبيرةٌ تحولُ بينَه وبين النظرِ.
(1)
وهي السترة، أي: ما تُسْتر به العورة.
(2)
(ع): "تربيعًا".