الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخفض الرُّكوعِ، وكذا روى عنه أبو داود
(1)
، ووجْهُه: المشقَّةُ على البعير.
قلت: الذي أوجب هذا: أن الصحابَةَ لم يكن سفرُهم ولا حَجُّهم في المحامل، وإنما حدث
(2)
في زمن الحَجَّاج، فالصّلاةُ فيها دائرةُ الشَّبَهِ بين الصلاةِ في السَّفينة والصلاةِ على الرَّاحلة، فمن راعى شبهها بالسفينة أوجبَ الاستقبال؛ لأن المحملَ بيتٌ سائرٌ في البَرِّ، كما أن السفينةَ بيتٌ سائرٌ في البحر، ومن راعى مَشَقَّةَ الاستدارةِ على المصَلِّي والبعيرِ أسقطَ الاستقبالَ، وهو الأَقْيَسُ، والله أعلم.
مسألة
قال المرُّوْذيُّ: كان أبو عبد الله إذا سَلَّم من المكتوبةِ ركَعَ ركعتينِ قبلَ التَّراويح.
وجْهُه: ما رَوى عليٌّ
(3)
: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي على إِثْر كلِّ صلاة مكتوبة ركعتين، إلا الفجر والعصر،
(4)
، ظاهرُهُ العمومُ في رمضان وغيره، ولا يُتْركُ
(5)
ذلك لأجل التَّراويحِ؛ لأن كُلاًّ منهما مقصودٌ.
وروى أحمد بن الحسين: صَلَّيْتُ مع أبي عبد الله في شهر رمضانَ
(1)
"المسائل" رقم (536).
(2)
(ق): "حدثت".
(3)
(ق): "رُوِي عن علي".
(4)
أخرجه أحمد: (2/ 294 رقم 1012)، وأبو داود رقم (1275)، وابن خزيمة رقم (1196)، والبيهقي:(2/ 459) وغيرهم.
والحديث صححه ابن خزيمة والضياء في "المختارة": (2/ 149).
(5)
تحرفت في (ق وظ).
التَّرَاوِيحَ، فكان إذا صَلَّى العَتَمَةَ لا يُصَلِّي حتى يقومَ إلى التَّرَاوِيح.
قال الخلَّال: لم يضبط هذا، فإن كان قد ضبط ما رواه، (ق/ 349 أ) فوجهُهُ أنه فعل
(1)
التَّراويحَ أو الركعتينِ قبل ركعةِ الوترِ، موضعَ الركعتينِ بعدَ المكتوبَةِ.
قال حنبلٌ: كان أبو عبد الله يُصَلِّي معنا، فإذا فرغنا من التَّرْويحة: جَلَسَ وجلسنا، وربما يُحدِّث ويُسألُ عن الشيء فيُجيبُ، ثم يقومُ فيُصَلِّي، ثم يدعو بعد الصلوات بدَعَوَاتٍ، ثم يوتِرُ، ثم ينصرفُ.
وقال الفضل: رأيتُ أحمدَ يقعدُ بين التَّراويحِ ويُرَدِّدُ هذا الكلامَ: "لا إله إلَّا الله وحدَه، لا شريكَ له، أستغفرُ الله الذي لا إله إلَّا هو". وجلوسُ أبي عبد الله (ظ/ 246 ب)، للاستراحَةِ؛ لأن القيام إنما سمي تراويحَ لما يَخَلَّلُه من الاستراحَةِ بعد كلِّ ترويحة.
* واختلف قولُه في تأخيرِ التَّراويحِ إلى آخرِ اللَّيلِ.
فعنه: إن أخَّروا القيامَ إلى آخرِ اللَّيل فلا بأسَ به، كما قال عمرُ:"فإنَّ الساعَةَ التي تنَامون عنها أفضلُ"
(2)
، ولأنه يحصل قيامٌ بعدَ رَقْدَةٍ، قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ
…
} [المزمل: 6]، الآية.
وروى عنه أبو داود
(3)
: لا يؤخَّرُ القيامُ إلى آخر اللَّيْلِ، سنة المسلمين أحبُّ إليَّ.
ووجهه: فعلُ الصحابة، ويُحْمَلُ قول عمر على التَّرغيبِ في
(1)
(ظ): "جعل".
(2)
أخرجه البخاري رقم: (2010).
(3)
"المسائل" رقم (438).
الصَّلاة آخرَ الليل، ليواصِلوا قيامَهم إلى آخرِ الليل، لا أنهم يُؤَخِّرونها، ولهذا أمَرَ عمرُ من يُصَلِّي بهم أوَّلَ الليل.
قال القاضي: قلت: ولأن في التأخير تعريضًا بأن يفوتَ كثيرًا من الناسِ هذه الصلاةُ لغَلَبَةِ النومِ.
* واختلف قوله في القيام ليلة العيد في الجماعة.
فروى عنه حنبلٌ: أما قيَامُ ليلةِ الفطرِ فما يُعْجِبُني ما سمعنا أحدًا فعل ذلك إلَّا عبدُ الرحمن
(1)
، وما أراه؛ لأنَّ رمضَانَ قد مضى، وهذه ليلةٌ ليست منه، وما أُحِبُّ أن أفعلَه، وما بَلَغَنا من سَلَفِنا أنهم فعلوه. وكان أبو عبد الله يصَلِّي ليلةَ الفطرِ المكتوبَةَ، ثم ينصرفُ، ولم يُصَلِّها معه قطُّ، وكان يكرهُهُ للجماعةِ.
الفضل بن زياد: شهدت أحمدَ ليلةَ الفطرِ وقد اختلفَ الناسُ في الهلال، فصلَّى المكتوبةَ، وركع أربع ركعات، وجلسَ يستخبرُ خبرَ الهلال، فبعث رسولًا فقال: اذهبْ نحو أبي إسحاق
(2)
فاستخبرْ خَبَر الهلال، فلم يَزَلَ جالسًا ونحن معه حتى رَجَعَ
(3)
الرسولُ فقال: قد رُؤِيَ الهلالُ، فانتعَلَ
(4)
أحمد، ثم قام فدخل منزلَه.
وعنه أبو طالب: أنه قال في الجماعةِ يقومون ليلةَ العيدِ إلى الصَّبَاحِ يجمِّعونَ، قال: من فعلَ ذلك هو زيادةُ خير، كان عبدُ الرحمنِ بن الأسودِ
(1)
هو: عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي الكوفي، أحد التابعين، وانظر:"مسائل ابن هانئ": (1/ 97)، وخبره في "صنف ابن أبي شيبة":(2/ 168)
(2)
(ق): "دار إسحاق".
(3)
(ق): "جلس".
(4)
أي: لبس النعل. ووقع في المطبوعات: "فانتقل".
يعتكِفُ فيقومُ ليلةَ العيدِ إلى الصَّباحِ، مَنْ فَعَلَهُ فحسنٌ، ومنْ لم يفعَلْه فليس عليه شيءٌ انتهى.
لما روى مالك بن دينار، عن سالم، عن ابنْ عمر كان يُحْيِي ليلةَ العيدِ
(1)
. عبد الرحمن بن الأسود (ق/ 349 ب)، كان يُصَلِّي بقومِه في شهر رمضان وكان يقرأُ بهم القرآن في كلِّ ليلةٍ
(2)
:
قال أبو عبد الله -في الرجل يُصَلِّي شهرَ رمضان، يقومُ فيُوتِرُ بهم، وهو يريدُ يصلِّي بقومٍ آخرينَ-: يشتغلُ بينَهم بشيءٍ يأكلُ أو يشرب أو يجلِسُ، رواه المرُّوْذيُّ.
وذلك لأنه يكرَهُ: أن يوصلَ بوتِرِهِ صلاةً، فيشتغلُ بينَهم بشيءٍ ليكونَ فصلًا بين وتْرِهِ وبينَ الصلاةِ الثانيةِ، وهذا إذا كان يصلِّي بهم في موضعِه، أما في موضِعٍ آخَرَ فذهابُهُ فصلٌ، ولا يُعيد الوتْرَ ثانيةً، "لا وِتْرَانِ في لَيْلَةٍ"
(3)
.
وقال أبو عبد الله -في الرجل يجيءُ والإمامُ يوتِرُ في شهر رمضان،
(1)
قال الشافعي في "الأم": (1/ 231): "وبلغنا عن ابن عمر أنه كان يحيي ليلة جَمْع، وليلة جمع هي ليلة العيد، لأن في صبحها النحر" اهـ، وأخرج عبد الرزاق:(4/ 317) عن ابن عمر قال: خمس ليالٍ لا يرد فيهن الدعاء .. وذكر ليلتي العيدين. لكن إسناده: ضعيف.
(2)
لم أعثر عليه.
(3)
أخرجه أحمد: (26/ 222 رقم 16296)، وأبو داود رقم (1439)، والترمذي رقم (470)، والنسائي:(3/ 229 - 230) وغيرهم من حديث طلق بن علي رضي الله عنه.
والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الترمذي:"حسن غريب"، وحسنه الحافظ في "الفتح":(2/ 258).
فيلحق معه ركعةً-: إن كان الإمام يفصلُ بينهم بسلام أجرأتْهُ الركعةُ التي لحِقَ، وإذا كان لا يسلِّمُ في الثنتينِ، يقضي مثلَ ما صلَّى ثلاثًا إذا فَرَغَ قام يقضي ولا يقنُتُ.
قوله: "ولا يقنُتُ"، يحتملُ لأنه قد قنَتَ مع الإمام فلا يقنتُ، كما لو سَجَدَ للسهو معه لا يسجدُ آخر صلاته.
ويحتملُ لأنه أدرك آخرَ صلاتِهِ فلا يقنُتُ في أوَّلها.
محمد بن بحر
(1)
: رأيتُ أبا عبدِ الله في شهر رمضانَ، وقد جاء فضلُ بن زياد القَطَّانُ فصلَّى بأبي عبد الله التَّرَاويحَ -وكان حسَنَ القراءةِ- فاجتمعَ المشايخُ وبعضُ الجيران حتى امتلأَ المسجدُ، فخرج أبو عبد الله فصعِد درجةَ المسجدِ، فنظر إلى الجَمْع فقال: ما هذا تَدَعُونَ مساجدَكم وتجيئونَ إلى غيرها؟! فصلَّى بهم لياليَ، ثم صَرَفَة كراهيَةً لما فيه -يعني: من إخلاء المساجدِ- وعلى جارِ المسجد أن يصليَ في مسجدِه.
قال أحمدُ -في الرجل يتركُ الوِترَ متعمدًا-: هذا رجل سوءٍ، يتركُ سُنَّةً سنَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟!، هذا ساقط العدالة إذا تَرَكَ الوِتْرَ مُتَعَمِّدًا.
روى هذه المسألة هارون بن عبد الله البزَّاز
(2)
، (ظ/ 247 أ) ونقل أبو طالب وصالحٌ
(3)
: من تَرَكَ الوِتْرَ متعمدًا هذا رجلُ سوءٍ، وذلك
(1)
لم أعرفه. ولعله محمد بن علي بن بحر، نُسِبَ إلى جده، نقل عنه في "المغني":(10/ 210)، و"طبقات الحنابلة":(2/ 585).
(2)
أبو موسى المعروف بالحمَّال، له عن أبى عبد الله مسائل حسان جدًّا. ت (243). "طبقات الحنابلة":(2/ 514 - 517).
(3)
في "المسائل" رقم (159، 235).
لقول الله
(1)
: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63]، وقد أمر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
* واختلف قوله إذا أوتَرَ بعد طلوعِ الفجرِ؛ هل يوتِرُ بواحدةٍ أو بثلاث؟.
فعنه الميمونيُّ قال: إذا استيقظ وقد طَلَعَ الفجرُ، ولم يكن تَطَوَّعَ ركعَ ركعتين، ثم يُوتِرُ بواحدةٍ، لأن الركعتينِ من وِتْرِهِ. ونحوه الأثرم وأبو داودَ
(2)
.
ووجهه: أن الوِتْرَ اسمٌ للثلاث؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُوتِرُ بها، ولأنه وقتٌ لفعل الوتر، وكان وقتًا للثلاث.
ونقل يوسفُ بن موسى
(3)
: يُوتِرُ بواحدةٍ.
وكذلك
(4)
نقل أحمد بن الحسين في الرجلِ يَفْجَؤُه الصُّبْحُ، ولم يكنْ صلَّىَ قبل العَتَمَةِ، ولا بعدَها شيئًا: يوتِرُ بواحدةٍ
(5)
، ولا يُصَلِّي قبلها (ق/ 350 أ) شيئًا.
ووجهه: قوله صلى الله عليه وسلم: "صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ"
(6)
فجعل ما قبلَها من صلاة الليل
(7)
، وأمرَه بالمبادرة
(1)
(ق وظ): "النبي صلى الله عليه وسلم"!.
(2)
"المسائل" رقم (467، 468).
(3)
هو: القطان، تقدمت: ترجمته (ص/ 1002).
(4)
فى الأصول: "وذلك".
(5)
من قوله: "وذلك نقل
…
" إلى هنا ساقط من (ظ).
(6)
أخرجه البخاري رقم (472)، ومسلم رقم (749) من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما.
(7)
(ع) زيادة: "مثنى مثنى".
بواحدة، ولأن ما بعد طلوع الفجر لا يجوز فيه إلا ركعتا الفجر، وإنما أجزنا الوتر لتأكُّده.
* واختلف قولُه في اختيارِه الوترَ.
فروى عنه أبو بكر بن حمَّاد
(1)
أنه قال: أذهبُ إلى حديث أبي هريرة: "أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ
…
"
(2)
الحديث.
وعنه الميمونيُّ: لست أنامُ إلَّا على وِتْر.
وعنه الفضلُ بن زياد قال: آخره أفضل، فإن خافَ رجلٌ أن ينامَ أوْتَرَ أوَّلَ الليلِ.
قال أبو حفص: وإنما يكونُ الوِتْرُ آخِرَ الليل أفضلَ
(3)
في غير شهرِ رمضانَ، فأمَّا في شهر رمضانَ، فالوترُ أول الليلِ تَبَعٌ للإمام أفضلُ، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ صَلَّى مَعَ إمَامِه حَتَى يَنْصَرِفَ كُتِبَ له قِيامُ لَيْلَةٍ"
(4)
.
قال أحمد: إذا كان يقْنُتُ قبلَ الرُّكوعِ، افتتحَ القنوتَ بتكبيرةٍ، رواه أبو داود
(5)
والفضل بن زياد، ودليلُه: ابنُ مسعود: كان يقنُتُ
(1)
هو: محمد بن حماد بن بكر أبو بكر المقرئ، روى عن أبي عبد الله، وله عنه مسائل ت (267). "طبقات الحنابلة":(2/ 288 - 289).
(2)
أخرجه البخاري رقم (1178)، ومسلم رقم (721).
(3)
من قوله: "فإن خاف
…
" إلى هنا ساقط من (ظ).
(4)
أخرجه أحمد: (35/ 352 رقم 21447)، وأبو داود رقم (1375)، والنسائي:(3/ 83 - 84)، وابن ماجه رقم (1327)، وابن خزيمة رقم (2206)، وابن حبان "الإحسان":(6/ 288)، وغيرهم من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه في قيام رمضان.
(5)
"المسائل" رقم (484).
في الوِتر، إذا فَرَغَ من القراءة كَبَّرَ
(1)
ورفع يديه، ثم قَنتَ
(2)
.
* واختلف قولُه في قَدْر القيام في القنوت.
فعنه بِقَدْر: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [الإنشقاق: 1]، أو نحو ذلك. وقد روى
(3)
أبو داود
(4)
: سمعتُ أحمد سُئل عن قول إبراهيم: القُنُوتُ قَدْرُ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ؟ قال: هذا قليلٌ يعجبُني أن يزيدَ.
وعنه: كقُنوت عُمَرَ
(5)
، وعنه: كيف شاءَ.
وجْهُ الأولى: أنه وَسَطٌ من القيام. والثانية: فعل عمر. والثالثة: أن طَرِيقَهُ الاستحبابُ، فسقط التوقيتُ فيه.
نَقَل يوسفُ بن موسى عنه: لا بأس أن يدعوَ الرجلُ في الوِتْر لحاجتِهِ.
وروى عنه علي بن أحمد الأنماطي
(6)
أنه قال: يُصَلِّي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في دعاء القُنُوتِ.
قال أحمد: يدعو الإمامُ ويؤمِّنُ من خَلْفَهُ
(7)
.
وعنه أبو داود
(8)
: إذا لم يسْمَعْ صوتُ الإمام يدعو.
(1)
(ع وظ): "وكبر".
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة: (2/ 100).
(3)
(ق وظ): "وروى".
(4)
"المسائل" رقم (476).
(5)
انظر "مسائل أبي داود" رقم (800، 801).
(6)
"طبقات الحنابلة": (2/ 117).
(7)
"مسائل أبي داود" رقم (475).
(8)
"المسائل" رقم (485).
أبو حفص: لأن التأمين لما يسمعونَ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِذَا أمَّنَ الإمَامُ فَأَمنُوا"
(1)
.
وعنه: إذا
(2)
دعا وأمَّنُوا فجيدٌ، وإد دعا ودَعَوْا فلا بأسَ كلٌّ موسَّعٌ.
وجْهُه: أن المؤَمِّنَ داع قال تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] وكان هارونُ مُؤَمِّنًّا.
قال: يجهر الإمامُ بالقنوتِ، ولم يَرَ أن يخافِتَ إذا قَنَت ألبتة، لما رُوِي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَهَر بالقُنوت، بِدَليل أن أصحابَه كانوا يُؤَمِّنُونَ.
وروى أبو عبد الله: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا سعيد، عن جعفر، عن أبي عثمان: صَلَّيْتُ خلف عمر بن الخطاب فَقَنَتَ بعد الرُّكوع، ورفع يديه في قُنُوته، ورفع صوتَهُ بالدُّعاء، (ق/ 350 ب) حتى سَمَّعَ مَنْ وراء الحائطِ
(3)
.
وعن أُبَيٍّ أنه جَهَرَ بالقُنوتِ. وعن معاذٍ القارئ أنه جَهَرَ.
المرُّوْذيُّ: كان أبو عبد الله في دعاء الوِتر لم يكن يسمَعُ دعاءَهُ مَنْ يليه. هذا يدلُّ
(4)
على أنه كان مأمومًا والمأموم لا يجْهَرُ.
مهنَّا: سُئل أحمد عن الرجل يقنتُ في بيتِه، أيعجِبُكَ يجهرُ بالدعاء في القنوتِ أو يُسِرُّهُ؟ قال: يُسِرُّهُ، وذلك أن الإمام إنما يجهرُ لِيُؤَمِّنَ المأمومُ.
(1)
أخرجه البخاري رقم (780)، ومسلم رقم (410) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه.
(2)
(ق وظ): "إن".
(3)
أخرجه البيهقي: (2/ 212) عن أبي عثمان من طريق آخر.
(4)
من (ظ).
عبد الله
(1)
: قلت لأبي: يمسح بهما وجهَه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأسٌ. وكان الحسنُ إذا دعا مسح وجْهَهُ.
وقال
(2)
: سئل أبي عن رفع الأيدي في القُنوت، يمسحُ بهما وجهه؟ قال: لا بأس يمسح بهما وجهَه، قال عبد الله: ولم أرَ أبي يمسحُ بهما وجْهَهُ
(3)
.
فقد سهَّلَ أبو عبد الله في ذلك وجعَلَه بمنزلة مسحِ الوجهِ في غيرِ الصَّلاةِ؛ لأنه عملٌ قليل ومنسوب إلى الطَّاعة، واختيارُ أبي عبد الله تَرْكُهُ.
* قال حنبل: قلت لأبي عبد الله: ما أحبُّ إليك ما يَتَقَرَّبُ به العبدُ من العمل إلى الله؟ قال: كثرةُ الصلاةِ والسجودِ، أقربُ ما يكون العبدُ من الله، إذا عَمر وجْهَه له ساجدًا.
يعني بهذا: إذا سجدَ لله على التراب، وفى هذا بيان أن الصَّلاة أفضلُ أعمال الخير.
وروى عنه المرُّوْذيُّ أنه قال: كلُّ تسبيحٍ في القرآن صلاةٌ
(4)
إلَّا موضع واحد. قال: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (41)} الطور: 49]، ركعتينِ قبلَ الفجر، {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)} [ق: 40]، ركعتين بعد المغرب.
(1)
"المسائل" رقم (426).
(2)
المصدر نفسه رقم (446).
(3)
وفي "مسائل أبي داود" رقم (486): "سئل عن الرجل يمسح وجهه بيده إذا فرغ في الوتر؟ قال: لم أسمع به، وقال مرة: لم أسمع فيه بشيء، ورأيت أحمد لا يفعله" أهـ.
(4)
أخرجه الطبري: (9/ 331) وغيره عن ابن عباس: "كل تسبيح في القرآن فهو صلاة، وكل سلطان في القرآن حجة" والزيادة الأخيرة عند الضياء في "المختارة". (10/ 314)
قال أبو حفص: والحجَّةُ في تفضيله الصلاةَ على سائِر أعمال القرَب قولُه تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]، {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].
و [قال]
(1)
حذيفةُ: إذا حَزَبَهُ أمرٌ صَلَّى
(2)
.
وقال: "أعِني عَلَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ"
(3)
، وقال:"أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الصَّلاةُ لأَوَّلِ وَقْتِها"
(4)
وقالَ: "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"
(5)
، ولأنها تختصُّ بجمع الهمِّ، وحضورِ القلبِ، والانقطاع عن كلِّ شيء سواها، بخلاف غيرِها من الطَّاعات، ولهذا كانتَ ثقيلةً على النَّفْس.
* نقل عنه محمد بن الحكم
(6)
(ظ/ 247 ب) في الرجل يفوتُهُ وِرْدُه من اللَّيل: لا يقرأ به في ركعتي الفجرِ، كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّفُهما، لكن
(1)
في الأصول: "وكان"، وسياق الكلام يدل أن المحكيّ عنه هو الرسول صلى الله عليه وسلم لا حذيفة، إذ ساق الآيات على فضل الصلاة ثم الأحاديث، ثم لم أجد هذا الأثر عن حذيفة.
(2)
حديث حذيفة أخرجه أحمد: (5/ 388)، وأبو داود رقم (1319).
(3)
أخرجه مسلم رقم (489) من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري رقم (527)، ومسلم رقم (85) من حديث أبي مسعود بنحوه بلفظ "على وقتها"، ولفظ المؤلف عند الترمذي رقم (170)، وأبو داود رقم (426) من حديث أم فروة.
(5)
أخرجه أحمد: (19/ 307 رقم 12294)، والنسائي:(7/ 61 - 62)، والحاكم:(2/ 160) من حديث أنسٍ رضي الله عنه والحديث قوَّاه الذهبي والعراقي والحافظ ابن حجر.
(6)
تقدمت ترجمته (ص/955)، وعدد من مسائله (ص/957، 958 وغيرها)، ووقع في (ق):"محمد بن عبد الحكم".