المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فائدةلا يصحُّ الامتنانُ بممنوع منه

- ‌فائدة(4)الفرق بين دليل مشروعية الحكم وبين دليل وقوع الحكم

- ‌فائدةفرق النِّكاح عشرون

- ‌فائدةشرط العمل بالظَّنِّيات

- ‌فائدةقولهم: "من مَلَكَ الإنشاءَ لعقدِ مَلَك الإقرارَ به، ومن عَجَزَ عن إنشائه عَجَزَ عن الإقرار به"، غير مطَّرِدٍ ولا منعكس

- ‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

- ‌فوائد شتى من خط القاضي أبي يعلى

- ‌فوائد من مسائل مُثَنَّى بن جامع(1)الأنباري

- ‌من مسائل البُرْزَاطِي(2)بخط القاضي انتقاه من خطِّ ابن بَطَّةَ

- ‌ومن مسائل أبي جعفر محمد بن علي الورَّاق

- ‌ومن مسائل أبي العباس أحمد بن محمَّد البِرْتي

- ‌ومن مسائل زياد الطوسي

- ‌ومن مسائل بكر(3)بن أحمد البُرَاثي

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل عبد الملك الميموني

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل أحمد بن أصْرَمَ بن خُزَيْمَةَ

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد القطان

- ‌[من مسائل ابن هانئ]

- ‌ومن مسائل ابن بَدِينا محمد بن الحسن

- ‌ومن مسائل أبي علي الحسن بن ثَوَاب

- ‌ومن خطِّ القاضي أيضًا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌فائدة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصول في أحكام الوطء في الدُّبُر

- ‌ فصل

- ‌فائدةالفرق بين الشك والريب

- ‌ومما انتقاه القاضي من "شرح أبي حفصٍ لمبسوطِ أبى بكرٍ الخلال

- ‌فائدة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فصولٌ عظيمة النفع جداًفي إرشاد القرآن والسُّنّة إلى طريق المناظرة وتصحيحها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فائدةليس من شرط الدليل اندراجه تحتَ قضية كليةٍ

- ‌فائدة(1)من كُلِّيَّاتِ النَّحْو:

- ‌وإذا قلتَ: "ما جاءَني زَيْدٌ بل عَمْرٌو

- ‌فائدة

- ‌ مُنْتخب أيضًا

- ‌فائدةالجهلُ قسمان:

الفصل: ‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

(1)

* هل للذِّمِّي أن يُصلِّي بإذن المسلم؟

أجاب أبو الخطَّاب: لا يجوز له، أذِنَ المسلم أو لم يأذَن؛ لأنَّه حقٌّ لله تعالى. أجاب ابنُ عَقِيل مثلَه.

* هل يصحُّ أن يَقِفَ على المسجد ستورًا؟

أجاب أبو الخطَّاب: يصحُّ وقفُها على المسجد، ويبيعها وتنفَقُ أثمانها على عمارته، ولا تُسْتَر حيطانُه

(2)

بخلاف الكعبة، فإنَّها خصَّت بذلك كما خُصَّت بالطواف حولَها.

وأجاب ابنُ عقيل: لا ينعقدُ هذا الوقف رأسًا، لأنَّه بدعةٌ، وهو على حكم الميراث.

* إذا وجد لُقَطَة فخاف إذا عَرَّفها أن ينتَزِعَها ظالم؟

أجاب أبو الخطَّاب: لا يكونُ معذورًا في ترك التعريف ولا يملكها إلَّا بعد تعريفها.

أجاب ابنُ عَقيل: التَّعريفُ يُرادُ لحِفْظِها على مالكها، وهذا التَّعريف يُفضي إلى تضييعها، فيدعُها أبدًا في يده، إلى أن يجدَ فُسْحة وأمنًا، فَيعَرِّفها حولًا.

(1)

هذا العنوان تأخر في (ق) إلى ما قبل مسألة: "إذا رأى إنسانًا يغرق

". وتكررت كلمة "فتاوى" قبل كل عَلَم.

(2)

(ق): "جدرانه".

ص: 1353

* إذا وجد في البَرِّيَّة شاةً .. ؟

أَخَدها فذبحها ووجَبَ عليه ضمانُها إذا جاء مالكُها، وفي المصر يُعَرِّفُها؛ لأن الظاهر أنَّها خرجتْ من دار أهل المحلَّة بحلاف البَرِّيَّة، هذا جواب أبي الخطاب.

وجواب ابنِ عقيل: لا يجوز له ذبحُها، وإن ذبحَها أثِمَ، ولَزِمَهُ ضمان قيمتها.

* إذا صادر السلطانُ إنسانًا وعنده وديعةٌ هل يضمنُ؟

أجاب أبو الخطاب: عليه الإثمُ والضَّمان إذا فرَّط فيها، فإن تحقَّقَ أنَّه يتأذَّى في نفسه كان عليه الضَّمان من غير إثم، فإن استدعى السلطانُ المُودِعَ إذا لم يَدُلَّه عليها، وأُخِذت بغير اختيار فلا ضمان عليه.

جوابُ ابن عَقِيل: إذا غلب على ظنِّه أنَّه يأخذها منه بإقراره، كان ذلك دلالة عليها وعليه الضَّمان.

* إذا كان عنده وديعةٌ فاعترض السلطان لها ظلمًا؟

أجاب أبو الخطّاب: إن حَلَفَ وروَّى عنها وتأوَّلَ كان مثابًا، مثل

(1)

أن يحلفَ إنَّه لم يودعْني في المسجد الحرام، أو بموضع لم يَسْلكاه، أو في زمان كرمضان ونحوه، فإن لم يحلفْ وأخذها السلطانُ من حِرْزهِ لم يضمِنْ، فإن طلب منه أن يحلفَ بالطَّلاق فدفعها إليه أو دلَّه على مكانها ضمنَ.

(1)

(ق): "وورَّى عنها كان مثل

"!.

ص: 1354

وأجابَ ابنُ عقيل: لا يسقطُ الضَّمان بخوف من وقوع الطلاق، بل يضمنُ دفعها إليه؛ لأنَّه افتدى بها عن ضَررِهِ بوقوع الطلاق.

* إذا كان كلبُ المسلمِ قد علَّمه مجوسِيٌّ؟

أجاب أبو الخطَّاب وابنُ عَقِيل: لا يُكره للمسلم أن يصطادَ به.

* هل يجوز للحاكم أن يسمع شهادة أبيه وأبنه ويحكم بها؟

أجاب أبو الخطَّاب: تجوز له سماع شهادتهما لغيره ويحكم بها.

جواب ابن عقيل: يجوز إذا لم يتعلق عليهما من ذلك تهمة، ولم يوجب لهما بقبول شهادتهما ريبة لم تثبت بطريق التزكية.

* إذا سأل الحاكم الشهود عن مستند شهادتهم، فقالوا: أخبرنا جماعة؟

أجاب أبو الخطَّاب: تقبل شهادتهم في ذلك ويحكم فيه بشهادة الاستفاضة.

جواب ابن عقيل: إن صرَّحا بالاستفاضة أو استفاض بين النَّاس، قبِل في الوفاة والنسب جميعًا.

* هل يجوزُ كتابةُ المصحف بالذّهب؟ وهل تجبُ فيه الزكاة؟ فإن وجبتْ فهل يجوزُ حَكُّهُ لمعرفة قدره؟

أجاب أبو الخطَّاب: تجِبُ فيه الزَّكاة إن كان نِصابًا ويجوز له حَكَّهُ وأخذه.

وسُئل عنها ابنُ الزَّغواني فأجاب: كَتْب القرآن بالذهب حرامٌ؛

ص: 1355

لأنَّه من جملة زخرفة

(1)

المصاحف، ويؤمرُ بحكه وردعه، وإن كان مما إذا حُكَّ اجتمع منه شيء يتموَّلُ، وجبت فيه الزكاةُ، ولأنَّه ينزَّلُ منزلةَ الأواني المحرَّمة: وإن كان إذا حُكَّ لا يجتمع منه شيء

(2)

كان بمنزلة التَّالف فلا شيء فيه.

* إذا أجَّرت امرأةٌ نفْسَها للرَّضاع، فكان الصَّومُ يُنْقِصُ من لبنها أو يُغَيِّرُه، فطالبها أهل الصَّبيِّ بالفطر في رمضان لأجل ذلك، هل يجوز لها الفطر؟ فإن لم يَجُزْ هل يثبت لأهل الصَّبيِّ الخيار؟ وما المانع من جوازه وقد قلنا: يجوز للأم أن تفطرَ؟

أجاب أبو الخطَّاب: إذا كانت قد أجَّرتْ نفسها إجارةً صحيحةً جاز لها الإفطار إذا نقص لبنُها أو تغيَّرَ، بحيث يتأذَّى بذلك المرتضعُ، وإذا امتنعت لزمَها ذلك، فإن لم تفعلْ كان لأهل الصبيِّ الخيارُ في الفسخ.

وأجاب ابن الزغواني -وقد سئل عنها-: يجوز لها أن تُؤجَر نفسَها للرَّضاع لولدها ولغير ولدِها، سواء وُجد غيرها أم لم يوجد، فإذا أدركها الصومُ الفرضُ فإن كان لا يلحَقُها المشقَّةُ ولا يلحقُ الصَّبِيَّ الضَّرَرُ لم يَجُزْ لها الفطرُ، وإن لحقها المشقَّة في خاصَّتها دون الصَّبيَّ جاز لها الفطرُ، وتقضي ولا فديةَ عليها، وإن لحقها ولحق الصَّبيَّ المشَقَّة والضَّرر جاز لها الفطرُ، ووجب عليها مع القضاء الفدية، وإن أبتْ الفطر مع تغيير اللَّبن ونقصانه بالصّوم، فمستأجرها لرَضاع الصَّبِيِّ بالخِيار في المُقام على العقد وفي الفسخ، فإن قصدت

(1)

(ق): "سرقة"!.

(2)

من قوله: "يتمول وجبت

" إلى هنا ساقط من (ق).

ص: 1356

بالصّوم الإضرار بالصَّبِيِّ أثِمتْ وعَصَتْ، وكان للحاكم إلزامُها الفطرَ إذا طلب ذلك.

* إذا علَّم أحدُ النَّاس قردًا أن يدخل دور النَّاس ويخرِجَ

(1)

المتاع، فهل يُقطعُ بذلك صاحبةُ؟

أجاب أبو الخطَّاب: لا يلزمه القطعُ.

وأجاب ابنُ عَقِيلٍ: لا حكمَ لفعل القرد في نفسه ولا قطعَ على صاحبِهِ، وإنَّما عليه الرَّدّ لما أخَذهُ، والغُرْمُ لما أتلفه.

وسئل ابنُ الزغوانيِّ عن هذه المسألة بعينها وقيل له: ما الفرقُ بينبها وبين ما لو أمر صَبيًا لا يعقل بالقتل، فإنَّه يجب القَوَد على الآمِرِ؟ فأجاب: بأنه لا قطعَ ويجبُ الرَّدُّ والضَّمان. وأمَّا إذا أمر صبيًّا

(2)

أو أعجميًّا فإنَّه يتعلق به الضَّمان؛ لأن فعل الصَّبِيِّ أو الأعجميِّ مضمون في الخطأ على عاقِلَتِهِ. وقد قال قومٌ من الفقهاء: للصَّبِيِّ عملٌ في القتل، ولم يقلْ أحدٌ في فعل القرد مثلَ ذلك.

قلتُ: لو قيل بالقطع لكان أولى؛ لأن القردَ آلتهُ فهو ككُلَّابِهِ وخطَّافَتِهِ، وكما لو رمى حبلًا فيه دبقٌ

(3)

فَعلِقَ به المتاعُ، ولا يَقْوَى الفرق بين هذه الصُّورة ومسألة القرد، وقد قالوا: لو أرسَلَ عليه حيَّة أو سبُعًا فقتله أُقِيْدَ به فنزَّلوا الحيَّة والسَّبُعَ منزلةَ سلاحِهِ، فتنزيل القرد هنا منزلةَ آلتهِ وعُدَّتِهِ التي يتناولُ بها المتاعَ منه أولى؛ لأن

(4)

الأسبابُ

(1)

(ق): "ويأخذ".

(2)

من قوله: "لا يعقل بالقتل

" إلى هنا سقط من (ق).

(3)

هو: الغراء الذي يُصاد به.

(4)

(ع): "لهذه".

ص: 1357

التي يُخرَجُ بها المسروق

(1)

من الحِرز لا يمكنُ الاحترازُ منها غالبًا، وأسباب القتل يمكنُ الاحتراز منها غالبًا. وأيضًا فجناية القرد حصلت بتعليم صاحبه، وجنايةُ الحيَّة والسَّبُع لم يحصل بتعليم من أنهشهما، والله أعلم.

* إذا رأى إنسانًا يغرق ولا يمكنه تخليصه إلَّا بأن يُفْطِرَ، فهل يجوز له الفطرُ؟

أجاب أبو الخطَّاب: يجوزُ له الفطر إذا تيَقَّنَ تخليصَهُ من الغرق ولم يمكنه الصَّوم مع التخليص.

وأجاب ابن الزاغوني عنها: إذا كان يقدر على تخليصه وغلب على ظنِّه ذلك، لزمه الإفطارُ وتخليصه، ولا فرق بين أن يُفطِرَ

(2)

بدخول الماء في حلقه وقتَ السِّباحة، أو كان يجدُ من نفسِه ضعفًا عن تخليصِه لأجل الجوع حتَّى يأكلَ؛ لأنَّه يُفطر للسفر المُباح فَلأَن يُفْطِرَ للواجب أولى.

قلت: أسباب الفِطر أربعة: السَّفرُ، والمرضُ، والحيض

(3)

، والخوفُ على هلاك: من يُخشى عليه بصومه كالمُرضع والحامل إذا خافتا على ولديهما، ومثله مسألة الغريق.

وأجاز شيخُنا ابنُ تيمية الفطرَ للتَّقَوِّيّ على الجهاد وفَعَلهُ، وأفتى به لما نازلَ العدوُّ دمشق في رمضان

(4)

، فأنكر عليه بعضُ المتَفَقِّهة،

(1)

(ق): "المتاع".

(2)

(ع): "يدخل"!.

(3)

سقطت من (ق).

(4)

وانظر: "الاختيارات": (ص/ 107).

ص: 1358

وقال: ليس هذا بسفر طويل، فقال الشَّيخ: هذا فطرٌ للتَّقَوِّي على جهاد العدو، وهو أولى من الفطر لسفر يومين سفرًا مُباحًا أو معصية، والمسلمون إذا قاتلوا عدوَّهُم وهم صيامٌ لم يُمْكِنْهمُ النكايةُ فيهم، وربما أضعفهم الصَّومُ عن القتال، فاستباح العدوُّ بيضةَ الإسلام، وهل يشكُّ فقيه أن الفطر هاهنا أولى من فطر المسافر، وقد أمرهم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاة الفتح بالإفطار لِيَتَقَوَّوْا على عدوُّهم

(1)

، فعلَّل ذلك للقُوَّة على العدو لا للسَّفَر، والله أعلم.

قلت: إذا جار فطرُ الحامل والمُرْضع لخوفهما على ولديهما، وفطر من يُخَلِّص الغريق، ففطر المقاتلين أولى بالجواز، ومن جعل هذا من المصالح المرسلة فقط غلط، بل هذا أمرٌ من باب قياس الأوْلى

(2)

، ومن باب دلالة النَّصِّ وإيمائه.

* إذا وطئ ميتةً هل يجبُ إعادةُ غسلها؟

أجاب ابن الزاغوني: ينظرُ فيه فإن كان صُلِّيَ عليها فلا غسل عليها؛ لأن الغسلَ طهارتُها لأجل الصَّلاة عليها، وقد سقط فرض الصَّلاة عنها بالأولى، غير أنه يمنعُ من إعادة الصَّلاة عليها بعد ذلك، وإن لم يكنْ صلَّى عليها أعيدَ غسلها.

وقد اختلف أصحابُنا في وطء الميتة هل يوجب الحَدَّ وينشرُ الحرمةَ؟ على وجهين: أحدهما: يوجب الحَدَّ وينشرُ الحُرْمَةَ، فعلى

(1)

أخرجه أحمد: (25/ 241 رقم 15903)،، وأبو داود رقم (2365)، والحاكم:(1/ 432) عن بعض أصحاب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وصححه ابن عبد البر في "التمهيد": (22/ 47).

(2)

من قوله: "بالجواز

" إلى هنا ساقط من (ع).

ص: 1359

هذا إيجابُ الغسل أولى، والثَّاني: لا يوجبُ الحَدَّ ولا ينشر الحرمة، فعلى هذا

(1)

يكون الأمر على التفصيل المتقدِّم.

وأجاب أبو الخطَّاب عن هذه المسألة بأن قال: يجبُ غسلُها بعدَ الوِطء، كذا الظاهرُ عندي، ولا أعرف فيه رواية.

* إذا تيمم الصبي ثمّ بلغ، هل يبطل تيممه

(2)

؟

أجاب أبو الخطاب: يجوز له الصَّلاة بذلك التَّيمم في رواية، وكذلك إذا تيمم البالغ: قبل الوقت؛ ففيه روايتان:

إحداهما: يصح تيممه.

والأخرى: لا يصح، فالصبي مثله.

وأجاب ابنُ عقيل: هذا قد تيمم لنافلة؛ لأنه لا تجب عليه الصَّلاة

(3)

، وإذا تيمم لنافلة لم يجز أن يصلَّي بها فريضة.

وأجاب ابنُ الزاغواني: اختلف أصحابنا في الصبي إذا بلغ عشر سنين؛ هل يكون مكلَّفًا بالصلاة أم لا؟.

أحدهما: لا تجب عليه، وهو اختيار الخِرَقي، فعلى هذا إذا بلغ بعد التَّيمم وجب عليه إعادته؛ لأنَّه فَعَل التَّيمم لصلاة نافلة، فلا يصلِّي به الفرض.

والثاني: أنَّه مكلَّف بالصلاة، وهو اختيار أبي بكر

(1)

من قوله: "إيجاب الغسل

" إلى هنا ساقط من (ظ).

(2)

هذه المسألة وجوابها ساقطة من (ظ) وجميع المطبوعات. وهي في (ع وق).

(3)

من قوله: "والأخرى

" إلى هنا ساقط من (ق).

ص: 1360

عبد العزيز، فعلى هذا لا يُعيد التَّيمم؛ لأنَّه تيمم واجب عليه لصلاة مفروضة.

قلت: لا وجه لبطلان تيممه، نعم إذا قلنا: التَّيمم لا يرفع الحدث، ولا يتيمم لفرضٍ قبل وقته

(1)

صَلَّى بهذا التيمم بعد بلوغه ما شاء من النوافل، والصَّواب أنَّه يصلِّي به الفرضَ -أيضًا-.

* إذا امتنع من صلاة الجمعة، وقال: أنا أصلِّي الظُّهْرَ هل يُقْتَلُ أم لا؟

أجاب أبو الخطَّاب: يُستتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل.

زاد ابنُ عَقِيل في جوابه: إذا لم يكن على وجهٍ قد اعتقد اعتقادَ بعض المجتهدين في أنَّها لا تنعقدُ في القرايا.

جوابُ ابنِ الزَّغواني: الجمعةُ تُفعلُ في موضعينِ:

أحدهما: متَّفقٌ على وجوبه فيه، وهو البلدُ الكبير الواسع مع إذن الإمام في إقامتها، فهذا متى ترك الجمعةَ في هذه الحالة قُتِلَ كما يُقتَلُ في سائر الصَّلوات.

والموضعُ الثَّاني: ما اختلف الفقهاءُ في وجوبها معه كالأرباض والقرايا، وإذا لم يأذَنِ الإمامُ، وأمثال ذلك، فهذا إن تركَ الجمعةَ متأوِّلًا قولَ أحد من الفقهاء، فإنَّه يكونُ معذورًا بذلك ولا يُعتَرَضُ عليه.

* إذا كان للأخرسِ إشارةٌ مفهومة فأشار بها في صلاته هل تَبْطُل؟

أجاب ابنُ الزّاغوني: أما الإشارة بردِّ السَّلام فلا تُبْطِلُ الصَّلاةَ من

(1)

(ق): "فرضه".

ص: 1361

الأخرس والمتكلِّم، وأمَّا غيرُ ذلك فإنه يجري منهما مجرى العمل في

(1)

الصَّلاة، إن كان يسيرًا عُفِيَ عنه، وإن كان كثيرًا أبطلَ الصَّلاةَ.

وجواب أبي الخطَّاب: إذا كَثرُ ذلك منه بَطَلَتْ صلاتُهُ.

وجواب ابن عَقِيل: إشارتُه المفهومةُ تجري مجرى الكلام، فإن كانت بردِّ السَّلام خاصَّة لم تَبْطُلْ صلاتُهُ، وما سوى ذلك تَبْطُل.

قلت: إشارةُ الأخرس مُنَزَّلة منزلةَ كلامه مطلقًا، وأمَّا تنزيلها منزلةَ الكلام في غير ردِّ السَّلام خاصة فلا وجهَ له، وإنَّما كان ردُّ السَّلام من النَّاطقِ بالإشارةِ غيرَ مُبْطل في أصحِّ قولي العلماء، كما دلَّ عليه النص؛ لأنَّ إشارته لم تُنزَّل منزِلةَ كلامِهِ، بخلاف الأخرسِ فإن إشارتَهُ المفهمةَ ككلام الناطق في سائر الأحكام.

* إذا توضأ بماء زمزم هل يجوز أم لا؟

أجاب ابنُ الزاغوني: لا يختلف المذهب أنَّه منهيٌّ عن الوضوء به، والأصل في النَّهي قول العباس:"لا أُحلِّها لمغتسل، وهي لشارب حِلٌّ وَبِلٌّ"

(2)

، واختُلِف في السبب الذي لأجله ثبتَ النَّهي، وفيه طريقان:

أحدهما: أنَّه اختيارُ الواقف وشرطُه، وهو قول العباس.

وقد اختلف أصحابُنا في مسألةٍ مثل هذه، وهي: أن رجلًا لو سَبَّلَ ماءً للشُّرْب، فهل يجوزُ لأحد أن يأخذ منها ما يَتَوضَّأ به؟ قال

(1)

(ع): "من".

(2)

أخرجه عبد الرَّزاق: (5/ 114، 316)، وأحمد في "العلل":(2/ 187) والأزرقي في "أخبار مكة": (2/ 14، 63 - 64).

ص: 1362

بعضُهم: يجوز ويُكرَهُ، فعلى هذا يكون النّهيُ عنها كراهية تنزيه لا تحريم.

وقال آخرون من أصحابنا: لا يجوز له الوضوءُ به؛ لأنَّه خالف مرادَ الواقفِ، فعلى هذا لا يجوز الوضوءُ بماء زمزم.

فأمَّا الطريقُ الآخرُ: أن سببَهُ الكرامةُ والتعظيمُ.

فإن قلنا: ما يتحدَّرُ من أعضاء المُتَوضِّئ طاهرٌ غير مُطَهِّر، كأَشْهَر الرِّوايات كُرِهَ الوضوءُ بماء زمزم.

وإن قلنَا بالرواية الثَّانية: إنَّه يحكم بنجاسة ما ينفصل من أعضاء الوضوء حرمَ الوضوءُ به

(1)

.

وإن قلنا بالرِّواية الثالثة: إنَّ المنفصلَ طاهرٌ مطهِّرٌ لم يَحْرُمِ الوضوء به ولم يُكْرَهُ؛ لأنَّه لم يؤثر الوضوء فيه بما يوجب رفع التعظيم عنه، فأمَّا إن أزال به نجاسة وتغير كان فعله محرمًا، وإن لم يتغيَّر وكان في الغسلة السابعة؛ فهل يحرم أو يكره؟ على روايتين.

وإن قلنا: إن الماءَ لا ينجس إلَّا بالتَّغَيُّر، فمتى انفصل غيرَ مُتَغَيِّر في أيِّ الغَسْلاتِ كان، كُرِهَ ولم يحرُمْ.

قلت: وطريقةُ شيخِنا شيخِ الإسلام ابن تيْميَّةَ كراهة الغُسل به دود الوضوء، وفرَّقَ بأن غُسْلَ الجَنابة يجري مجرى إزالة النجاسة من وجه، ولهذا عمَّ البَدَن كلَّه لما صار كلّه جُنُبًا، ولأن حَدَثها أغلظُ، ولأن العباس إنما حَجَرها على المغتسل خاصَّة

(2)

.

(1)

(ظ): "كره

"، و "حرم الوضوء" سقطت من (ق).

(2)

انظر: "مجموع الفتاوى": (12/ 600)، و "زاد المعاد":(3/ 669).

ص: 1363

وجواب أبي الخطَّاب وابن عَقِيل: يصحُّ الوضوءُ به رواية واحدة، وهل تُكْرَهُ؟ على روايتين.

* إذا صَلَّى سهوًا خلف المرأة؟

أجاب أبو الخطاب: تلزمه الإعادة إذا علم، وتجوز إمامة المرأة بالنساء، ويجوز على رواية عن أحمد أن تصلي بالرجال نافلة، وتكون وراءهم وهي بعيدة.

قلت: إن كان أميًّا وهي قارئة لم تلزمه الإعادة، وإن كان قارئًا مثلها، ففي وجوب الإعادة نظر؛ إذ غاية ذلك أن يكون كمن

(1)

صلى خلف محدِث لا يعلم حدثه، فإنه لا تلزمه الإعادة، وهاهنا أولى؛ لأنَّ صلاة المرأة في نفسها صحيحة، بخلاف المحدِث.

وأجاب ابنُ الزاغواني: إذا علم بذلك حُكِم ببطلان صلاته وعليه الإعادة، ولم يجوّر إمامنا أحمد أن يتابع رجلٌ امرأة في الصلاة مفترضًا، فأمَّا في النفل فإنَّه أجازه في موضع واحد، وهو إذا كانت امرأة تحفظ القرآن، فإنَّه يجوز للأمي أن يتابعها في النافلة كصلاة التراويح، وتكون صفوف الرجال بين يديها، والنساء

(2)

خلفهم.

* إذا قال: بعتك هذه السِّلعة، ولم يسمِّ الثَّمن؟

أجاب أبو الخطَّاب: لا يصح البيع، وإذا قبض السِّلعة فهي مضمونة عليه.

وجواب ابن الزاعوني: أما البيع من غير ذكر العِوَض فباطل،

(1)

(ظ): "كرجل".

(2)

(ظ): "وهي والنساء .... "

ص: 1364

وإذا قبض

(1)

السلعة عند هذا العقد فعليه ردُّها، فإن تلفت تحت يده وجب عليه ضمانها في المشهور من المذهب؛ لأنَّها تجرىِ مجرى المقبوضة على وجه السوْم، وقد روي عن أحمد في المقبوض على وجه السَّوْم إذا تلِفَ من غير تفريط فلا ضمان فيه ومثله هاهنا.

وجوابُ (ق/332 ب) شيخنا ابن تيميّة

(2)

: صحَّةُ البيع بدونِ تسمية الثمن؛ لانصرافه إلى ثمن المِثلِ كالنكاح والإجارة، كَما في دخول الحمام ودفع الثوب إلى القصَّار والغسال، واللَّحم إلى الطبَّاخ، ونظائره، قال: فالمُعاوضة بثمن المثل ثابتةٌ بالنَّصَ والإجماع في النكاح، وبالنص في إجارة المرْضِع، في قوله تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وعمل النَّاس قديمًا وحديثًا عليه في كثير من عقود الإجارة، وكذلك البيع بما ينقطعُ به السعر، هو بيع بثمن المثل، وقد نص أحمد على جوازه، وعملُ الأمَّة عليه.

قلت: والمحرِّمونَ له لا يكادون يخلُصون منه، فإنَّ الرجلَ يعاملُ اللَّحَّامَ والخبازَ والبقَّالَ وغيرهم، ويأخذُ كُلَّ يوم ما يحتاجُ إليه من أحدِهم من غير تقدير ثمن بل بثمن المثْل الذي ينقطع به السعر

(3)

، وكذلك جرايات الفقهاء وغيرها، فحاجة النَّاس إلى هذه المسألة تجري مجرى الضَّرورة، وما كان هكذا لا يجيء الشرع بالمنع منه ألبتَهَّ، كيف وقد جاء بجوازه في العقد الذي الوفاء بموجبه آكد من غيره من العقود، وهو النِّكاح؟! وتفريقُهم بينه وبين البيع بأن الصَّداق دخل

(4)

فيه لا يَصِحُّ،

(1)

(ظ): "اقتضى".

(2)

بنحوه في "الفتاوى": (29/ 231).

(3)

من قوله: "هو بيع

" إلى هنا ساقط من (ق).

(4)

(ق): "دخيل"، (ظ):"دَاخل".

ص: 1365

بل هو ركنٌ فيه بطل

(1)

العقدُ بنفيه، كما نص عليه صاحبُ الشرع في الشِّغار، وجاء بجوازه أيضًا في عقد الإجارة الذي تقدير العِوَض فيها آكَدُ من تقديره في البيع؛ لأنَّ قيمة العَينِ في البيع أقلُّ اختلافًا من قيمة المنفعة؛ لأنَّها تتجَدَّدُ بتَجَدّدِ الأوقاتِ وتختلفُ باختلافها غالبًا، فإذا جازتِ الإجارةُ بِعوض المِثْل، فالبيعُ بثمن المثل

(2)

وما ينقطعُ به السعر أولى، ولو فرعنا على بُطلان العَقد؛ فالمقبوض به يضمَن بنظيره، وهو إمَّا مثْلُه وإما قيمتُهُ، ولا يصِحُّ إلحاقُهُ بالمقبوض على وجه السَّوم، فإنّ القابض هناك لم يدخلْ على أنَّه ضامن، بل مختبر مُقَلِّب للمقبوض، والقابض هنا دخل على أنَّه ضامِن بثمن المِثلِ لمْ يقبضه على أنَّهُ مستام مقلب، بل مالكٍ له بِعِوَضِهِ فإذا تلف ضَمِنَهُ.

فإن قيل: هو لم يملكْهُ بهذا العَقد الفاسد، قلنا: دخل على أنَّه مالكٌ ضامنٌ، فلا وجهَ لإسقاط الضَّمان عنه، وكونه لم يملكْهُ في نفس الأمر لا يوجب سقوطَ الضمان عنه كالمستعار والمقبوض بالعقود الفاسدة والمغصوب، وأمَّا إذا فرَّعنا على صحة العَقد؛ فالضمان يكون بثمن المثل وهو القيمة لا بالمثل نفسه، والله أعلم.

* (ظ/230 أ) كم قدرُ الترابِ المعتبرِ في الوُلوغ؟

جواب أبي الخطَّاب: ليس له حَدّ، وإنما هو بحيث تمر أجزاءُ التُّرابِ مع الماء على جميع الإناء.

وأجابَ ابن عقيل: يكونُ بحيث تظهرُ صفتُهُ ويُغيِّرُ صفة الماء.

وأجاب ابنُ الزاغوني فقال: النَّجاسات على ضربين:

(1)

(ظ): "يبطل"، (ق):"مبطل".

(2)

"فالبيع بثمن المثل" سقطت من (ع).

ص: 1366

نجاسةٌ لا تزول عن مَحَلِّها إلَّا بالحَتِّ والفَركِ والتُّراب الذي يظهر أثرُه، فهذا الحتُّ والقَرْص والتُّراب في إزالتها واجبٌ.

الثَّاني: ما يكفي فيها إفراغُ الماء، ففي وجوب التُّراب فيها لأصحابنا وجهان؛ أحدُهما: وجوبُه عينًا، وهو اختيار أبي بكر، والثَّاني: مستحبٌّ غير واجب، والقائلون بوجوبه إذا كان المغسولُ مما لا يضرُّهُ التُّراب الكثير فلابُدَّ أن يطرحَ

(1)

في الغسل ما يؤثِّرُ، وإن كان ممن يضرّهُ التُّرابُ كالثوب ونحوه، فهل يجزيه ما يقعُ عليه اسمُ التُّراب وإن لم يظهرْ أثرهُ؛ فيه من أصحابنا وجهان؛ أحدهما: لا يجْزِئُهُ إلَّا ما يظهر أثره، الثَّاني: يجزئُه ما يقعُ على الاسم، وإن لم يظهرْ أثره.

وهل ينوب عنه الصابونُ والأُشنانُ وأمثالُ ذلك، مما يضرُّه التُّراب؟ فيه أيضًا عن أصحابنا وجهان.

* إذا قلنا: الواجبُ التَّوَجُّهُ إلى عَيْنِ القِبْلَةِ وكان الصَّفُّ طويلًا يزيد على سَمْتِ الكعبة؟

اختلف كلامُ أحمد في ذلك على روايتين:

إحداهما: أن طولَ الصَّفِّ مع البعدِ الكثير لا يُؤَثِّرُ ذلك مَيْلًا عن الكعبة إلّا قدْرًا يَخْفى أَمرُهُ ويعسُرُ اعتبارُه، لا سيَّما فيما هو مأخوذٌ بالاجتهاد فعُفي عنه.

والرِّواية الثَّانية: أنَّه إذا طال الصَّفُ من جانبي الإمام انحرفَ الطَّرَفانِ إلى ما يلي الإمامَ انحرافًا يسيرًا، يجمعُ به توجيهَ الجميع إلى العين،

(1)

(ق): "يظهر".

ص: 1367

ولا يشبهُ هذا اختلاف المجتهدين؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المجتهدين يعتقدُ خطأَ صاحِبهِ في اجتهاده، وفي مسألتنا قد اتَّفقا في الاجتهاد.

قلت: الصَّوابُ أنَّه مع كثرة البُعد يكثُرُ المحاذي للعين.

فإن قيل: هذا إنَّما يكون مع التَّقوُّس كالدَّائرة حول النُّقطة، قلنا: تعم، ولكن الدَّائرة إذا عظُمتْ واتَّسعتْ جدًّا، فإن التَّقَوُّسَ لا يظهرُ في جوانب محيطها إلّا خفيًّا، فيكون الخَطُّ الطَّويلُ مُتَقَوسًا نحو شَعَرَةٍ، وهَذا لا يظهرُ للحِسِّ.

* إذا وطئَ الصَّبِيِّ هل يَجبُ عليه الغُسْلُ؟

أجابَ ابنُ الزاغوني: هذا لا نُسَمِّيه جُنُبًا؛ لأنَّ الجُنُبَ اسمٌ لمن أنزل الماءَ، والصَّبيُّ لا ماء له، وهل يجبُ عليه الغسلُ لالتقاء الخِتَانين؟ ينظر فيه، فإن كان مراهقًا وهو أن يجدَ الشَّهوةَ في ذلك وجبَ عليه الاغتسالُ، وإن لم يجِد ذلك فلا غسل عَليه، لكن يؤمَرُ به تمرينًا وعادَة.

وهكذا أجابَ ابنُ عقيل عن هذه المسألة في صَبِيٍّ وطئَ مثلَهُ، قال: إذ كان له شهوة لَزِمَهُ الغُسلُ، وإن كان ذلك على سبيل اللَّعِب بغير شهوة فلا غُسلَ عليه

(1)

.

* إذا سجدَ على شيء مرتفع لعُذر فهل يجوزُ؟

أجاب ابن الزَّاغوني: إذا كانت الأرضُ ذاتَ صعودٍ وهبوط فلا يَضُرُّ إن سجد على الأعلى، ويجلسُ في المنهبط، فأمَّا إذا كان متَّخِذًا كالدَّرجة والصُّفَّةِ، وأمثال ذلك ولا حاجةَ تدعوه إلى السُّجود عليها، فإنه لا يجوز له ذلك.

(1)

من قوله: "لكن يؤمر

" إلى هنا ساقط من (ق).

ص: 1368

وإن كان مريضًا لم يَجُزْ له أن يتعَمَّدَ مثل ذلك، بل يومئُ بركوعِهِ وسجوده، ولا يترُك تحتَ جبهتِه شيئًا دون الأرض يسجدُ عليه، فأمَّا إذا زُحِم ولم يقْدِرْ إلَّا أن يسجدَ على ظهر أخيه سجدَ على ظهر أخيه وأجزأَهُ.

وأجاب أبو الخطَّاب: إن كان ارتفاعُه بحيثُ يخرجُ به عن صِفَةِ السُّجود لم يجزِئْهُ، وإن فعل ذلك لعذر جاز.

* هل يجوزُ أن يُحْدِثَ مدارًا أو حمَّامًا يتأذَّى به الجيران؟

أجاب أبو الخطَّاب: لا يجوز له فعل ما يتأذَّى به عقار الجيران وأبنيتهم ويؤذيهم في أجسامهم.

وأجاب ابن عَقِيل: إذا كان ذلك في خاصَّة مُلكِهِ بحيث لا تَتَزلزلُ حيطانهم بالرَّحا، ولا يتعدَّى دخان نار حمّامِهِ ولا ينزو ماؤُه إلى جدار جارِهِ = جاز.

وأجاب ابن الزاغوني: لا يجوز له أن يَتَصرَّفَ في ملكه على وجه يضُرُّ بجيرانِهِ بزلزال حائط أو حَرٌ

(1)

نار أو ماءٍ ينزلُ إلى بالوعة، أو غير ذلك مما فيه ضَرَرٌ عليهم إلَّا بإذنهم.

* إذا قال القاضي للشاهدين: أعلمُكما أني حكمتُ بكذا وكذا، هل يجوز أن يقولا: أشهدنا على نفسه أنَّه حَكَم

(2)

بكذا وكذا؟

أجاب ابنُ الزاغوني: الشَّهادةُ على الحاكم

(3)

تكونُ في وقت حكمه،

(1)

(ع): "حما".

(2)

(ق وظ): "أشهدنا أنَّه حكم على نفسه

"، وانظر البحث فيهما مضى (3/ 1039).

(3)

(ع وق): "الحكم".

ص: 1369

فأمَّا بعد ذلك فإنَّه مخْبِرٌ لكما بحكمه، فيقول الشاهد: أَخبَرني أو أَعْلَمني أنَّه حكم بكذا في وقت كذا.

وأجاب أبو الخطَّاب وابن عَقِيل

(1)

: بأنه لا يجوز أن يقولا: "أشهدنا"

(2)

، وإنَّما يقولان: أخبرنا أو أعلمنا.

قلت: الصَّوابُ المقطوع به أنَّه يجوز أن يقولا: "أشهدنا" كما يقولان: "أعلمنا وأخبرنا"

(3)

؛ لأنَّ الخبر شهادةٌ فكلُّ مخبرِ شاهدٌ. قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: 26] ثم ذكر شهادته فقال: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26].

وقال ابن عباس: "شَهِدَ عندي رِجَالٌ مَرْضيُّونَ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الصَّلاة بعد العصر"

(4)

الحديث.

وقال علي بن المديني: أقول: إنَّ العَشرَةَ في الجنَّة، ولا أشهد بذلك، فقال الإمام أحمد: متى قلت: "هم في الجنَّة" فقد شهدتَ

(5)

.

قالْ شيخُنا: وهذا صريحٌ من أحمد أن لفظ الشَّهادة ليس بشرط، قال: وهو الصَّحيح

(6)

.

(1)

"وابن عقيل" سقطت من (ق).

(2)

"أن يقولا: أشهدنا" سقطت من (ق).

(3)

من قوله: "قلت: الصواب

" إلى هنا سقط من (ق).

(4)

أخرجه البخاري رقم (581)، ومسلم رقم (826).

(5)

ذكر القصة في المناظرة بينهما أبو يعلى وشيخ الإسلام فيما نقله ابن القيم في "الطرق الحكمية": (ص/ 204)، وانظر مناظرات أخرى للإمام في "السُّنة": 2/ 356 - 359 للخلال.

(6)

انظر: "مجموع الفتاوى": (14/ 170).

ص: 1370

قلت: على أحمد ثلاثُ رواياتِ منصوصات حكاها أبو عبد الله بن تيميَّة

(1)

في "ترغيبه"

(2)

.

أحدها: الاشتراط وهي المعروفة عند متأخِّري أصحابنا.

الثَّانية: عدم الاشتراط، اختارها شيخُنا.

الثَّالثة: الفرقُ بين الأقوال والأفعال، فإن شهدَ على الفعل؛ لم يشترط لفظ الشهادة، بل يكفيه أن يقولَ:"رأيتُ وشاهدتُ وتيقَّنتُ"، ونحوه، وإن شهود على القول؛ فلابُدَّ من لفظ الشهادة.

إذا عُرِفَ هذا، فإذا قال الحاكم:"أُعْلِمكما أو أُخْبِركما"، أو قال شاهدا الأصل لشاهدي الفرع: نُعلمُكُما أو نخبِرُكما بأنا نشهدُ بكذا وكذا، ساغ أن يقولا:"أشْهدَنا" كما يسوغ أن يقولا: "أخْبَرَنا وأَعْلَمَنَا"، ولا فرقَ بينهما ألبتةَ لا في اللفظ ولا في المعنى، ولا في الشرع ولا في الحقيقة، فالتَّفريقُ بينهما تفريق بين المتماثلين والشريعةُ تأباهُ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفعُ كُتُبهُ إلى رُسُلِهِ يُنْفِذونها إلى المكتوب إليه، ولم يقل لأحدِ منهم: أُشْهِدُك أن هذا كتابي، وكان الرسولُ يدفَع كتابَه إلى المرسَل إليه، ولا يقول: أشهدُ أن هذا كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقول: أَشْهدَنِي على ما فيه، ولو سُئِلَ الشهادةَ لشَهِدَ قطعًا وقال: أشهد أَنَّه كتابُهُ.

(1)

هو: أبو عبد الله محمَّد بن أبي القاسم الخضر بن محمَّد فخر الدين ابن تيمية ت (622)، انظر:"السير": (22/ 289 - 291)، و "الذيل على طبقات الحنابلة":(2/ 151 - 162).

(2)

اسم كتابه: "ترغيب المقاصد في تقريب المقاصد" لا يُعلم له وجود، وهو في فقه الحنابلة، والموجود مختصره المسمّى:"بلغة الساغب وبغية الراغب" طبع بتحقيق الشَّيخ بكر أبو زيد في مجلد واحد.

ص: 1371

ومما يدلُّ على أن لفظَ الشهادة غيرُ مُشْتَرط قولُهُ تعالى {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150] ومعلومٌ قطعًا أنَّه لم ينكرْ عليهم إلّا مُجَرَّدَ قولهم: إن الله حَرَّمَ هذا، لم يخصَّ الإنكار بقول من قال: نشهدُ أن الله حَرَّمَه

(1)

، ولا نهى رسوله أن يتلفَّظَ بالشَّهادةِ على التَّحريم، بل هو نهيٌ له أن يقولَ

(2)

: إن الله حَرَّمَه.

* رجلٌ قال لعبده: إذا فرغت من هذا العمل فأنت حُرٌّ، وقال: أردتُ أنَّك حرٌّ من العمل؟

أجاب ابن عَقِيل وأبو الخطَّاب وابن الزاغوني: لا يُقبل قولُه في ظاهر الحكم، وأمَّا ما بيْنهُ وبَيْنَ الله فيُحتَمَلُ.

قلت: أما التَّوقُّفْ لكونه يُدَيَّن

(3)

فلا وجه له، فإنَّه إذا أراد بلفظِه ما يحتملُهُ ولم يخطرْ بقلبه العِتْق، وليس هناك قرينةٌ ظاهرةٌ تكذبُهُ فهو أعلم بنيَّتِهِ ومرادِهِ، وقد قال أحمد في رواية بشر بن موسى في الرجل يكتبُ إلى أخيه: أعتقْ جاريتي فلانة، ويريد أن يتهدَّدها بذلك، وينوي التَّصْحِيف: أكره ذلك ولا يُخبِرُه

(4)

وهو عَبَثٌ، فيهدِّدها ويَسَعُه في ما بينه وبينَ الله أن يبيعَها والقاضي يفرِّقُ بينهما.

قلت: مرادُهُ بالتَّصحيفِ التعريض، وكأنه تصحيفٌ للمعنى، وهو العدول باللفظ عن معناه الموضوع له، وقد قال في رواية أبي الحارث إذا

(1)

(ظ): "حرم هذا".

(2)

(ظ): "هو بمنزلة يقول"!.

(3)

(ع): "أما التوقيف

"، (ع وق): "في كونه".

(4)

(ق): "ولا يجربه"، (ظ):"لا يخبر".

ص: 1372

قال: "أنتِ طالقٌ" وهو يريدُ طالقٌ من عِقَالٍ: إذا كانت قد سأَلتْهُ الطَّلاقَ، أو كان بينهما غضبٌ، لم يُقْلْ قولُه، وهذا يدلُّ على قبوله عند عدم القرينة الدَّالةِ على الطَّلاق، فعلى هذا إذا قال له عبدُه: أعْتِقْني لله، فقال: إذا فرغتَ من هذا العمل فأنتَ حُرٌّ، لم يُقْبلْ قولُهُ.

وأمَّا إذا قال: أرِحْني من هذا العمل، واستعملْني في غيره، أو أَعْتِقْني من هذا العمل، فقال: إذا فرغتَ منه فأنتَ حُرٌّ، وأراد: مِنْ هذا العمل، قُبلَ قولُه، فالمراتبُ ثلاثة: ما يبعدُ معه صرف اللفظ عن عُرفه

(1)

لما هناك من القرائنِ، فلا يُقبلُ قوله، وما يقربُ معه الصرفُ كقرائنَ تحفُّ به فيقبل قوله، وما يكونُ مُتَجَرِّدًا عن الأمرينِ فهو محلُّ تردُّدٍ.

* إذا لقي امرأةٌ في الطَّريق، فقال: تَنَحَّيْ يا حُرَّة، فإذا هي جاريتُه؟

فأجابَ أبنُ الزَّاغوني بأن قال: اختلفَ أصحابُنا فيما إذا لقِيَ امرأة في الطَّريق فقال: تنَحَّيْ يا طالقُ، فإذا هي امرأتُهُ، فهل تطلق؟ على وجهين، قال: والعِتقُ مثله.

قلت: وقوعُ العتق في هذه الصُّورة بعيدٌ؛ إذ من عادة النَّاسِ في خطابهم في الطُّرُقاتِ وغيرها إطلاق هذا اللفظ، ولا يريدُ به المخاطب إنشاءَ العِتْقِ، هذا عُرفٌ مستقرٌ، وأمرٌ معلوم، وأيضًا فإنَّما يُريدونَ حرِّيَّةَ الأفعال وحرية العِفَّةِ، لا حرية العِتْقِ، ولم تَجْر العادةُ بأن تخاطَبَ المرأةُ الأجنبية بـ "يا طالق"

(2)

، فلا يلزمُ من الحكمِ بوقوع الطَّلاقِ في مثلِ هذا: الحكمُ بوقوعِ العِتْقِ.

(1)

(ظ) تحتمل قراءتها: "غرضه".

(2)

(ظ): "بالطلاق".

ص: 1373

* إذا قال المشهود عليه: أشهدت على نفسي بما في هذا الكتاب، ولم أعلم ما فيه، ولم يقرأ علي، وليس في الكتاب أَنَّه قرئ عليه، هل يمنع ذلك من الحكم به؟ وهل يجوز للشاهد أن يقول للمشهود عليه: أشهدُ عليك بجميع ما نُسِب إليك في هذا الكتاب من غير أن يعرفه ما فيه ويشهد به؟

أجاب ابن الزاغوني: لا يجوز للشاهد أن يشهد على المشهود عليه، إلَّا بأن يقرأ عليه الكتاب، أو يقول المشهود عليه: قد قرئ عليَّ، أو يقول: قد فهمت جميع ما فيه وعرفته، فإذا أقرَّ بذلك عند الشهود شهدوا عليه به. وإذا شهد الشاهدان عند الحاكم أنَّه أقر عندهم بفهم جميع ما في الكتاب، لم يلتفت إلى إنكار المشهود عليه.

وأجاب أبو الخطاب: إذا قال المشهود عليه: "أشهدت على نفسي بما في هذا الكتاب"، لا يشهد الشاهدان إلا أن يقول له: نشهد عليك بجميع ما في هذا الكتاب، وقد فهمته أو قرئ عليك، فيقول: نعم، أو يُقرأ عليه، فإذا وجد ذلك لم يقبل قوله: لم أعلم ما فيه، ولزمه الحكم في الظاهر.

قلت: وعلى هذا فكثير من كتب هذه الأوقاف المطوَّلة التي واقفُها امرأة أْو أعجمي أو تركي أو عامي لا يَعْرف مقاصد الشروطيين، لا يجب القيام بكثير من الشروط التي تضمنته؛ لأنَّ الواقف لم يقصدها ولا فهمها، وقد صرّح كثير من الواقفين بذلك بعد الوقف، وعلى هذا يصير كالوقف الذي لا تُعلم شروطه.

* إذا علمَ الحاكم من حال الشَّاهدين أنَّهما لا يفرِّقان بينَ أن يشهدا بما يذكران الشهادة به، وبينَ أن يعتمدا على معرفةِ الخَطِّ من

ص: 1374

غير ذكرٍ، هل يجوزُ إذا شهدا شهادةً قديمة أن يسألَهُما: هل يعتمدانِ على الخِطِّ، أو هما ذاكران للشهادةِ؟

أجاب ابنُ الزَّاغوني: إذا علمَ الحاكم أنَّهما يتجوَّزانِ بذلك صار حكمُهما في ذلك حكمَ المُغَفَّلين أو المجرحين

(1)

، إذا علم أنَّهما يُجرحانِ

(2)

، ومَنْ هذه صفته لا يجوز له قَبولُ شهادتِهما بحالٍ، فإن كان يتوهَّمُ ذلك من غير تحقيق لم يَجزْ له

(3)

أن يسألَهما عن ذلك، ولا يَجِبُ عليهما أنَّ يُخبراه بالصِّفةِ.

وأجاب أبو الخطَّابِ: لا يلزمُ الحاكمَ سؤالهما عن ذلك، ولا يلزمُ جوابه إذا قالا:"شهدنا من حيث جاز لنا الشهادة"، وإذا علم تَجوُّزهما في الشَّهادةِ صارا كالمغفلين، فلا يجوز له قبول شهادتهما.

* إذا شهدا: أنا لا نعلمُ لفلان وارثًا إلَّا هذا، فدفع إليه الحاكمُ المال، ثم عادا وشَهِدا لآخرَ أنَّه وارث معه فهل يشاركُ الأوَّل؟

أجاب ابن الزَّاغونيِّ: ليس بين الشَّهادتينِ تناقُضٌ؛ لأنه قد يعلمُ الإنسانُ بعضَ المعلوم في وقتِ، ويعلمُ في وقتٍ آخرَ ما بقي، وإذا ثبتَ هذا وجبَ أنَّ يشارِكَ الثَّاني الأولَ.

وأجاب أبو الخطَّاب: يُقْبَلُ قولُهما، وتقسمُ التَّركَةُ بينهما.

وأجاب ابن عَقِيل: الشهادَةُ الأولى لا تنافي الثَّانية، ولا تناقُض بينهما، فإن نَفْيَ العلمِ في حالي لا يُنافي ثبوتَهُ بطريقة فيما بعد فَيَرِثانِ جميعًا.

(1)

هكذا استظهرتها في (ع)، وغير محررة في (ق) وتحتمل في (ظ):"المحرفين".

(2)

غير محررة -أيضًا- في النسخ، وهكذا استظهرتها من (ع).

(3)

(ع): "له أن

".

ص: 1375

* إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين، ثم بان له فسقُهما أو كذبُهُما وقتَ الشهادةِ؟

أجاب أبو الخطَّاب: ينقضُ الحكم الأوَّل ولا يجوز له تنفيذُهُ.

وأجاب ابن عَقيل: لا يُقْبَلُ قوله بعدَ الحكمِ، فإن قال: كنت عالمًا بفِسْقِهما قُبلَ قولُه.

وجوابُ ابن الزاغواني: لا يخلو قبولُه بشهادة الشَّاهدين؛ إمَّا أن يكون لعدالة ثبتت عندَه بعلمه أو بعدالة ثبتت بتعديل مزَكٍّ، أو بظاهرِ عدالةِ الإسلامِ، فإن كان لعدالة ثبتتْ عندَه بعلمه

(1)

، فالأمرُ في ذلك مبْنيٌّ على الحاكم، هل يجوز أن يحكمَ بعلمه؟ وفي ذلك عن أحمدَ روايتان:

إحداهما: أنَّه لا يحكمُ بعلمه، فعلى هذا قد أخبر بأنه حكمَ على وجه لا يجوز الحكمُ به فيُنقَض حكمُه.

والرواية الثانية: أنَّه يجوز له الحكم بعلمه، فعلى هذه الرواية لا ينقض حكمه؛ لأنَّه متَّهَمٌ في نقصه، وذلك؛ لأنَّه

(2)

أتى بقولينِ مختلفينِ يُضيفهما إلى نفسه، فالعمل يكون على الأول دون الثَّاني.

وإن كان حَكَمَ بعدالتِهما بشهادة مُزَكَّين لعدالتهما، لم يَجُزْ له أن ينقص حكمه إذا أضافَهُ إلى علمه، وهل يفتقر في نقضه

(3)

إلى شاهدينِ غيرِه يشهدان بفسقِهما؟ أو يَكتفي معه بشاهدٍ واحدٍ؟ فيه

(1)

من قوله: "أو بعدالة

" إلى هنا سقط من (ع وق).

(2)

"لأنَّه متهم في نقضه، وذلك لأنَّه" سقطت من (ق).

(3)

(ظ): "وهل يقتصر في حكمه".

ص: 1376

وجهان، ذكرهما أبو علي بن أبي موسى

(1)

من أصحابنا.

وإن كان حكَمَ بشهادتِهما لظاهر عدالةِ الإسلام، فهل يجوزُ له ذلك؟ فيه عن أحمد روايتان:

إحداهما: لا يجوز له الحكم بشهادة شاهدٍ حتَّى يعلمَ عدالته باطنًا وظاهرًا، فعلى هذا ينقض حكمه.

والرواية الثَّانية: أنَّه يجوز

(2)

له ذلك، فعلى هذا هل

(3)

يجوز له أن ينقض حكمه؟ يحتمل وجهين:

أحدهما: ليس له ذلك، إلَّا أن يثبتَ

(4)

عندَه ببيِّنَةٍ.

والثَّاني: يجوز له نقض الحكم؛ لأنَّه قد تظهر بالإسلامِ عدالةُ من لو كُشِفَتْ حالُه لم يكن عدلًا، وكان قولُه محملًا يبعدُ عن التهمة، ثم ينظرُ بعد هذا فإن وافقه المشهودُ له على ما ذكر وجبَ عليه ردُّ ما أخذ، فإن كان عالمًا

(5)

نقض الحكم بنفسه دونَ الحاكم وإن خالَفَهُ فيه، فإن أوجبَه ذاك

(6)

غرامَةً لزمت الحاكمَ.

* * *

(1)

هو: محمَّد بن أحمد بن أبي موسى أبو علي الهاشمي، من أئمة الحنابلة ت (428)، له كتب منها:"الإرشاد" في الفقه طبع في مجلد واحد بتحقيق د/ عبد الله التركي. انظر: "طبقات الحنابلة": (3/ 335 - 341).

(2)

(ظ): "لا يجوز" وهو خطأ.

(3)

سقطت من (ق).

(4)

من قوله: "والرواية الثانية

" إلى هنا سقطت من (ق).

(5)

من (ق)، و (ع وظ):"ما"!.

(6)

(ق وظ): "دون"!.

ص: 1377

[فائدة]

(1)

قال في رواية أبي طالب: إذا قال: "أمرك بيدك" فالأمر في يدها حتَّى ترجع أو يطأها، فإذا وطئها، فليس لها من الأمر شيء، مثل الوكيل إذا رجع فقد خرج الأمر من يده، وإذا قال:"أمرك بيدك" فقالت: قد اخترت، فليس بشىِءٍ إنما أخذت أمرها، ولم يقض بشيء.

ولو قالت: قد أخذت نفسي، فهو بمنزلة: اخترت نفسي وطلقت نفسي، وإذا قالت: أخذت أو قبلت، فليس بشيءٍ، مثل قول الوكيل: قد قبلتُ وكالتك وأخذت وكالتك، فإنَّما

(2)

قبل ولم يعمل شيئًا.

فقد صرّح أحمد بأن هذا توكيل لا تمليك.

وقالت المالكية: تفويض الطلاق إليها ضربان: توكيل وتمليك، ففي التوكيل له أن يرجع ما لم تطلِّق نفسها، وفي التمليك ليس له ذلك إلَّا أن يبطل تمليكها، فالتمليك أن يقول: قد ملّكتك أمرك، وأمرك بيدك، أو طلاقك بيدك، أو ما أشبهه.

والتمليك عندهم نوعان:

أحدهما: تمليك تفويض، وهو هذا.

والثاني: تمليك تخيير، وهو أن يقول: اختاري، وهذا التخيير على ضربين.

(1)

هذه الفائدة ليست في (ظ) ولا في المطبوعات، وهي من (ع وق) تلو المسألة السابقة.

(2)

(ق): "فقد".

ص: 1378

فوائد شتَّى

(1)

قال القاضي

(2)

: نص أحمد على أن الإسراء كان يَقَظَة، وحكي له أن موسى بن عقبة

(3)

قال: أحاديث الإسراء مَنَامٌ، فقال: هذا كلامُ الجَهْميَّة.

ونقل حنبلٌ أن الرؤيةَ منامٌ، ونقل الأثرم وغيره: أنَّه رآه ولا يُطْلَقُ شيء سوى ذلك

(4)

.

وقال أبو بكر النَّجَّاد

(5)

: رآه إحدى عشرةَ مرَّة، منها بالسُّنة تسع مرات ليلة المعراجِ حينَ كان يتردَّدُ بينَ موسى وبينَ ربِّه، ومرتينِ بالكتاب.

فائدة

(6)

قال القاضي: صنف المرُّوْذيُّ كتابًا في فضيلة النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وذكر فيه

(1)

"شتى" ليست في (ق). وانظر "إبطال التأويلات": (1/ 110 - 114).

(2)

تقدم أن المقصود بـ "القاضي" عند المؤلف وغيره من الحنابلة أبو يعلى ابن الفرَّاء، نبَّهنا عليه لبعد العهد.

(3)

(ع): "عطية"، ولم أجد من اسمه: موسى بن عطية، وموسى بن عقبة، مشهور، إمام المغازي. (ت 141).

(4)

هذه الروايات عن الإمام أحمد ساقها القاضي أبو يعلى مساق الاختلاف، وقد بين شيخ الإسلام، وابن القيم أن كلام أحمد لا اختلاف فيه، وأن رواياته هذه مؤتلفة، انظر:"منهاج السنة": (5/ 384 - 387)، و"أقسام القرآن":(ص / 257 - 261).

(5)

(ق): "التمار" والنجاد هو: أبو بكر أحمد بن سلمان البغدادي الحنبلي ت (348)، له كتاب كبير في "السنن". انظر:"طبقات الحنابلة": (3/ 15).

(6)

ليست في (ق).

ص: 1379

إقعادَهُ على العرش، قال القاضي: وهو قولُ أبي داودَ، وأحمدَ بنِ أصرمَ، ويحيى بن أبي طالبٍ، وأبى بكر بن حماد، وأبى جعفر الدّمشقيُّ، وعباس

(1)

: الدُّوري، وإسحاقَ بنِ راهويه، وعبد الوهاب الورَّاق، وإبراهيم الأصبهاني، وإبراهيمَ الحربى، وهارون بن معروف، ومحمدِ بن إسماعيل

(2)

السُّلَمِيِّ، ومحمدِ بن مُصْعَب العابدِ، وأبى بكر بن صَدَقةَ، ومحمد بن بشر بن شَرِيكٌ، وأبي قِلابَةَ، وعلي بن سهل، وأبي عبد الله بن عبد النور، وأبى عبيد، والحسنْ بن فضل، وهارون بن العباس الهاشميِّ، وإسماعيلَ بن إبراهيمَ الهاشميِّ

(3)

، ومحمَّد بن أبي عمران الفارسيِّ الزَّاهد، ومحمد ابن يونس البصري، وعبد الله بن الإمام أحمد، والمرُّوْذي، وبشر الحافي. انتهى.

قلتُ: وهو قول ابن جرير الطبريِّ، وإمام هؤلاء كلِّهم مجاهِدٌ إمام التفسير، وهو قول أبي الحسن الدارقطني، ومن شعره فيه

(4)

:

حديثُ الشفاعةِ في أحمد

إلى أحمدَ المصطفى نُسندُه

وجاء حديثٌ بإقعاده

على العرشِ أيضًا فلا نجْحدُهْ

أَمِرُوا الحديثَ على وجهِهِ

ولا تُدْخِلوا فيه ما يُفسِدُهْ

ولا تنكِروا أنَّه قاعد

ولا تنكِروا أنهْ يُقْعِدهْ

(1)

(ع): "عياش"، ولم (ظ):"عباد"، وكلاهما خطأ.

(2)

(ق): "إبراهِيم".

(3)

سقط الاسم من (ق).

(4)

انظر: "إبطال التأويلات": (2/ 492) لأبي يعلى، و "العلو":(2/ 1286) للذهبي دون البيت الأخير.

ص: 1380

فائدة

سئل القاضي عن مسائلَ عديدة وردت عليه من مكةَ، وكان منها:

* ما تقول في قول الإنسان إذا عَثَر: محمَّد وعلي؟

فقال: إن قصد الاستغاثةَ

(1)

فهو مخطئٌ؛ لأنَّ الغوثَ من الله تعالى، وهما مَيتانِ فلا يَصِحُّ الغوثُ منهما، ولأنَّه يجبُ تقديمُ الله على غيره

(2)

.

* ومنها: إذا قال القائل

(3)

: أفضل النَّاس بعد رسول الله الخلفاءُ ثم طلحةُ ثم الزُّبيرُ ثم سعد إلى آخر العشرة؟

فأجاب: الأوْلى العطفُ على الأربعة بالواو؛ لأنَّ (ثم) تقتضي التَّرتيب، فيقتضي تقديمَ طلحةَ على الزُّبير، والزُّبير على عبد الرحمن، ولا يمكن لأنَّه ليس فيه نقل يُرْجَعُ إليه، وعمرُ رضي الله عنه أمرهم أن يختاروا للخلافة واحدًا من ستة، ولم يَنُصَّ على واحد منهم، وظاهرهُ التَّساوي.

* ومنها: وقد سئل عن حركة اللسان بالقرآن الكريم؟

فقال: لا يجوز أن يقالَ: إنَّها قديمة، بل حركة اللِّسان بالقرآن محدَثَة.

* ومنها: في البدريِّينَ أنهم أفضلُ في الجملة من غيرهم، ولا يفضلُ آحادُهم على غيرهم؛ لأنَّه قد يكون في غيرهم من هو أفضلُ

(1)

تحتمل: "الاستعانة".

(2)

وورد السُّؤال نفسه على ابن الصلاح، انظر "فتاويه".

(3)

كذا في (ع) و (ق وظ): "القاص" وتحتمل: "القاضي".

ص: 1381

من آحادهِم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُكُمُ القَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ"

(1)

، فخايَرَ بين القرون في الجملة؛ لأنه قد يكون في التفضيل مَنْ غيرُهُ أفضلُ منه، ولهذا يعلم أن أحمَدَ أفضلُ من يزيدَ، ويزيدُ في عصر التابعين، لِمَا جرى من يزيدَ بما عاد في القدح في عدالته.

* ومنها: هل يجوز أن يقال: إنَّ اللهَ يرحمُ الكافرَ؟

فقال: لا يجوزُ أن يقالَ: إن الله يرحمُ الكافرَ؛ لأن فيه ردَّ الخير الصادق: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]{لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ} [البقرة: 162]، إلى أمثاله، بل يقال: يُحففُ عذابُ بعضهم، قال تعالى:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 46]، و {آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب: 68].

فائدة

قال ابن عَقِيل: قولهم: إن الله جعل للمرأة شهوةٌ تزيدُ على شهوة الرجل بسبعة أجزاء

(2)

. قال: لو كان كذلك ما جعل الله للرجلِ أن يتزوَّجَ بأربعٍ ويَتَسَرَّى بما شاء من الإماء، وضيَّق على المرأة فلا تزيدُ على رجلٌ واحد، ولها من القَسْمِ الرُّبُعُ، وحاشا حكمته أن تُضَيِّق

(3)

على الأحرج، وتُوسِّعَ على من دونَهُ في الحرج.

أجابه حنبليٌّ آخرُ فقال: إن ذلك إنما كان لمعارض راجح، وهو

(1)

أخرجه البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

(2)

انظر: "فيض القدير": (4/ 430)، وفيه آثار لا تصح!.

(3)

ليست في (ع).

ص: 1382

خوف اشتباه الأنساب، وأيضًا: ففي التَّوسعة للرجل تكثير النسلُ الذي هو من أهم مقاصد النِّكاح.

وأيضًا: فإن الرجلَ والمرأة لما اشتركا في التذاذ كلٍّ منهما بصاحبه، وقضاء وطرِهِ منه، وخُصَّ الرجلُ بالنَّفقة والكسوة وكُلفة المرأة، عُوِّضَ بأن أطلق له الاستمتاعُ بغيرها.

وأيضًا: فإن المرأةَ مقصورةٌ في الخِدْرِ، لا تدخلُ ولا تخرجُ إلَاّ لحاجةٍ، حتى إنَّ صلاتَها في بيتها أفضلُ من صلاتها في المسجد، لم يقعْ نظرُها من الرِّجال على ما يقعُ نظرُ الرجل عليه. فحاجتُه إلى أكثر من واحدة أشدُّ من حاجتها.

وأيضًا: فإن طبيعةَ الذَّكَر الحَرارةُ، وطبيعة الأنثى البُرودةُ، وصاحب الحرارة يحتاج من الجماع

(1)

فوقَ ما يحتاج إليه صاحب البرودة.

وأيضًا: فإن الله تعالى فضَّل الذَّكَرَ على الأنثى في الميراث والدِّيَةِ والشَّهادة والعقيقة، وغير ذلك، ولهذا قال الله تعالى:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه} [النساء: 32] فكان من تفضيله الذَّكَرَ على الأنثى أن خُصَّ بجواز نكاح أكثرَ من واحدة، والله أعلم.

فائدة

سئل ابن عقيل: هل يجوزُ أن يَتَّخِذ النساءُ السُّفَرَ والمطارحَ والمخادَّ، وغير ذلك حريرًا؟

فقال: لا، بل ملابسَ فقط.

(1)

"من الجماع" سقط من (ظ).

ص: 1383

فائدة

في "الفنون": سئل حنبلي

(1)

عن رجل سمع مؤذِّنًا يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقال: كذبتَ، هل يكفُرُ؟

فقال: لا

(2)

يكفرُ لجواز أن يكونَ قصدُه تكذيبَ القائل فيما قال لا أصل الكلمة، فكأنه قال: أنت لا تشهدُ هذه الشهادةَ، كقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)}

(3)

[المنافقون: 1].

فائدة

قال الخَلاّلُ: حدثنا العباسُ بن أحمدَ اليماميُّ بطَرَسُوسَ، سأل أبا

(4)

عبدِ الله رجلٌ عن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَكْفُرُ أحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِذَنْب"

(5)

، فقال: موضوع لا أصل له، كيف بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فقدْ كفَرَ"

(6)

؟! فقال له: يورث بالمِلَّة؟ فقال: لا يُورَثُ ولا يَرِثُ.

(1)

(ظ): "أحمد بن حنبل".

(2)

تكررت في (ظ).

(3)

هذا إذا كان الرجل مسلمًا، أما إذا كان ذميًّا فإنه ينتقض عهده ويقتل؛ فعن جعفر بن محمد قال:"سمعت أبا عبد الله يسأل عن يهودي مر بمؤذن وهو يؤذن، فقال له: كذبت، فقال: يُقتل؛ لأنه شتم" ذكره الخلال في "أحكام أهل الملل": (2/ 339) وشيخ الإسلام في "الصارم المسلول": (3/ 996).

(4)

(ظ): "حدثنا أو أنبأ"! وعليه المطبوعات!.

(5)

لم أجده.

(6)

أخرجه أحمد: (5/ 346) والترمذي رقم (2621)، والنسائي:(1/ 231 - 232) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

ص: 1384

فائدة

قال ابن الجَوْزي في آخر "منتخب الفُنوِن"

(1)

مما بلغه عن ابن عَقِيل من غير "الفنون"، قال: سمعت أبا يَعْلَى بنَ الفرَّاء يقول: من قال: إن بينَه وبينَ الله سرًّا فقد كفر، وأيُّ وصلة بينَه وبينَ الإله؟ وإنما ثَمَّ ظواهرُ الشَّرْعِ، فإن عنى بالسِّرِّ ظاهرَ

(2)

الشَّرع فقد كذبَ؛ لأنه ليس بسِرٍّ، وإن عنى شيئًا وراء ذلك، فقد كفر.

وقال في قول المتوسِّلين بالميِّت: "اللَّهُمَّ إلي أسأَلُكَ بالسِّرِّ الذي بينَكَ وبينَ فلان": أيُّ سرٍّ بين العبد وبين ربِّه لولا حماقةُ هذا القائل؟!

قال ابن الجوزي معترضًا عليه: إنما يعني المتوسِّلُ بذلك العباداتِ المستورةَ عن الخَلْق.

فائدة

سئل رجلٌ: عن رجلٍ تزوَّج أُمَّ رجلٍ وأختيه فقال:

صورةُ المسألة: رجلانِ وطِئا أَمَةً في طُهْرِ واحدٍ، فأتتْ بولد فَتَداعياه، فأُري القافَةَ فألحقوهُ بهما على مذهب من يرى ذلك، وكان للرجلين بنتان، فجاء رجلٌ أجنبيٌّ

(3)

فتزوَّجَ بالأَمَة بعد عِتْقِها وتزوَّجَ بنتي الواطِئَيْن؛ لأنه ليس إحداهما أختًا للأخرى، وإن كانتا أختين للولد المُلحق بالواطِئَيْنِ، فقد جمع هذا الرجل الأجنبيُّ بين أم ذلك الولد وأختيه من الواطئين، فأمه ليست أمهما.

(1)

انظر "مؤلفات ابن الجوزي" رقم (401).

(2)

(ق): "ظواهر".

(3)

ليست في (ق).

ص: 1385

فائدة

استدل على تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد بتخصيص آية الميراث بقوله: "لا ثورث ما تركناه صدقة"(1) والصدِّيق أول من خصَّصَه.

قال ابن عقيل: وهذه بلاهة من هذا المستدل، فإن الصدِّيق لم يخصصه إلا بما سمعه شفاهًا من النبي صلى الله عليه وسلم، فهو قطعي وليس النزاع فيه.

فائدة

قال ابنُ عقيل في مناظرته لبعض المعتزلة: أنتم اعتمدتم في نفي التثنية على دليل التمانع، وهو بعينه ينقلب عليكم في خلق الأفعال؛ لأنَّا إذا قدرنا أنه -تعالى- أراد تحريك جسم، وأراد العبدُ تسكينه فلا يخلو

إلى آخره، وفِعْلُ الله لا يدخل تحت مقدور العبد، وفعل العبد لا يدخل تحت مقدور الله عندكم، فلا انفكاك لكم ألبتة عن هذا السؤال، فأين توحيدكم

(2)

؟!.

فائدة.

جعفر بن محمد: سألت أبا عبد الله عن رجلٍ يَنْتَقد للناس مئة دينار بدرهم، يخرج في نقده دينار رديء؟

(1، أخرجه البخاري رقم: (3092)، ومسلم رقم (1758) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2)

غير محررة في (ع).

ص: 1386