المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بها بأنه صادقٌ أعظمَ من الأدِلَّةِ التي اقترنتْ بخبر الأوَّلِ!؟ - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فائدةلا يصحُّ الامتنانُ بممنوع منه

- ‌فائدة(4)الفرق بين دليل مشروعية الحكم وبين دليل وقوع الحكم

- ‌فائدةفرق النِّكاح عشرون

- ‌فائدةشرط العمل بالظَّنِّيات

- ‌فائدةقولهم: "من مَلَكَ الإنشاءَ لعقدِ مَلَك الإقرارَ به، ومن عَجَزَ عن إنشائه عَجَزَ عن الإقرار به"، غير مطَّرِدٍ ولا منعكس

- ‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

- ‌فوائد شتى من خط القاضي أبي يعلى

- ‌فوائد من مسائل مُثَنَّى بن جامع(1)الأنباري

- ‌من مسائل البُرْزَاطِي(2)بخط القاضي انتقاه من خطِّ ابن بَطَّةَ

- ‌ومن مسائل أبي جعفر محمد بن علي الورَّاق

- ‌ومن مسائل أبي العباس أحمد بن محمَّد البِرْتي

- ‌ومن مسائل زياد الطوسي

- ‌ومن مسائل بكر(3)بن أحمد البُرَاثي

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل عبد الملك الميموني

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل أحمد بن أصْرَمَ بن خُزَيْمَةَ

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد القطان

- ‌[من مسائل ابن هانئ]

- ‌ومن مسائل ابن بَدِينا محمد بن الحسن

- ‌ومن مسائل أبي علي الحسن بن ثَوَاب

- ‌ومن خطِّ القاضي أيضًا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌فائدة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصول في أحكام الوطء في الدُّبُر

- ‌ فصل

- ‌فائدةالفرق بين الشك والريب

- ‌ومما انتقاه القاضي من "شرح أبي حفصٍ لمبسوطِ أبى بكرٍ الخلال

- ‌فائدة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فصولٌ عظيمة النفع جداًفي إرشاد القرآن والسُّنّة إلى طريق المناظرة وتصحيحها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فائدةليس من شرط الدليل اندراجه تحتَ قضية كليةٍ

- ‌فائدة(1)من كُلِّيَّاتِ النَّحْو:

- ‌وإذا قلتَ: "ما جاءَني زَيْدٌ بل عَمْرٌو

- ‌فائدة

- ‌ مُنْتخب أيضًا

- ‌فائدةالجهلُ قسمان:

الفصل: بها بأنه صادقٌ أعظمَ من الأدِلَّةِ التي اقترنتْ بخبر الأوَّلِ!؟

بها بأنه صادقٌ أعظمَ من الأدِلَّةِ التي اقترنتْ بخبر الأوَّلِ!؟ فيكفي في العلم بصدقِ الثاني مطابقةُ خبرِه لخبر الأوَّلِ، فكيف إذا بَشَّرَ به الأولُ؟! فكيف إذا اقترن بالثاني من البراهين الدّالَّةِ على صدقِهِ نظيرُ ما اقترنَ بالأولِ وأقوى منها؟!.

‌فصل

* ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)} [البقرة: 91].

هذه حكايةُ مناظرةِ بينَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم وبينَ اليهود لمّا قال لهم: {آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ، فأجابوه بأن قالوا:{نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} ، ومرادهُم بهذا التخصيص: أن نؤمنَ بالمُنْزَل علينا دونَ غيرِه، فظهرت عليهم الحُجَّةُ بقولهم هذا من وجهين؛ دَلَّ عليهما قولُه تعالى: ...... } إلى آخر الآية.

قال: إن كنتم قد آمنتم بما أُنْزِلَ عليكم

(1)

لأنه حقٌّ، فقد وجَبَ عليكمْ أن تُؤمنوا (ظ/ 257 أ) بما جاء به محمد لأنه حقٌّ مصدَّق لما معكم، وحُكْم الحقِّ الإيمان به أينَ كان، ومَعَ من كان، فلزمكم الإيمانُ بالحقَّيْنِ جميعًا أو الكفرُ الصُّراحُ.

وفي قوله: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ} نكتةٌ بديعةٌ جدًا، وهي: أنهم لما كفروا به (ق/370 أ) وهو حقّ، لم يكن إيمانهم بما أنزل عليهم، لأجل أنه حقّ، فإذا لم يَتَّبِعوا الحق فيما أنزل عليهم،

(1)

من قوله: "قوله تعالى

" إلى هنا ساقط من (ظ).

ص: 1567

ولا فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم لو آمنوا بالمُنْزلِ عليهم لأجل

(1)

أنه حقٌّ لآمنوا بالحقِّ الثاني، وأَعْطوا الحقَّ حقَّه من الإيمان، ففي ضِمن هذه الشهادةِ عليهم بأنهمِ لم يؤمنوا بالحقِّ الأوَّلِ ولا بالثاني، وهكذا

(2)

الحكم في كلِّ من فَرَّقَ الحق فآمَنَ ببعضِهِ وكَفَرَ ببعضهِ، كمن آمَنَ ببعض الكتاب وكَفَرَ ببعض، وكمن آمن ببعض الأنبياءِ وكفر ببعض، لم ينفعه إيمانهَ بما آمن به

(3)

حتى يؤمنَ بالجميع.

ونظيرُ هذا التفريقِ تفريق من يردُّ آيات الصّفاتِ وأخبارها، ويقبلُ آياتِ الأوامرِ والنَّواهي، فإن ذلك لا ينفعُه لأنه آمَنَ ببعض الرِّسالة وكفر ببعض، فإن كانت الشّبْهَةُ التي عَرَضَتْ لمن كفر ببعض الأنبياءِ غيرَ نافعةٍ له، فالشبهةُ التي عرضت لمن ردَّ بعض ما جاء به النبيُّ أولى أن لا تكود نافعة، وإن كانت هذه عذراً له، فشبهةُ من كَذَّبَ بعضَ الأنبياء مثلُها، فكما أنه لا يكون مؤمنًا حتى يؤمنَ بجميع الأنبياء، ومن كفر بنبي من الأنبياء فهو كمن كفر بجميعهم، فكذلكَ لا يكون مؤمناً حتى يؤمنَ بجميِع ما جاء به الرَّسولُ، فإذا آمن ببعضهِ وردَّ بعضَه، فهو كمن كفر به كُلّه.

فتأمَّلْ هذا الموضِعَ واعتبِر به الناس على اختلافِ طوائِفهم، يتبين لك أن أكثرَ من يَدَّعِي الإيمان برئٌ من الإيمان، ولا حَوْل ولا قوَةَ إلَّا بالله.

الوجه الثاني: من النقض قولهُ: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ

(1)

ليست في (ع).

(2)

(ق وظ): "وهذا".

(3)

(ع وظ): "كفر به".

ص: 1568

كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}، ووجهُ النقض: أنكم إن زعَمْتُم أنكم تؤمنون بما أنْزلَ إليكم وبالأنبياء الذين بُعثوا فيكم، فَلمَ قتلتموهم من قبلُ؟ وفيما أُنزل إليكم

(1)

الإيمان بهم وتصديقُهمِ، فلا آمنتم بما أُنْزلَ إليِكم ولا بما أُنْزلَ على محمد صلى الله عليه وسلم. ثم كأنه تَوقَعَ منهم الجوابَ: بأنّا لم نقتل من ثَبَتتْ نبوَّتُهُ، ولم نكذِّب به، فأُجيبوا -على تقدير هذا الجوابِ الباطلِ منهم -بأن موسى قد جاءَكُمْ بالبيِّناتِ، وما لا رَيْبَ معه في صحَّة نبوَّتِهِ، ثم عبدتم العجلَ بعد غيبته عنكم وأشركتم باللهِ وكفرتم به، وقد علمتم نبوَّةَ موسى وقيامَ البراهين على صدقِهِ، فقال:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92)} [البقرة: 92]، فهكذا تكون الحججُ والبراهينُ ومناظراتُ الأنبياء لخصومهم.

* (ق/ 370 ب) ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)} [البقرة: 94]، كانوا يقولونَ: نحن أحبَّاءُ اللهِ ولنا الدَّارُ الآخرَةُ خالصةً من دونِ النَّاسِ، وإنما يُعَذَّبُ منا من عَبَدَ العجلَ مُدَّة، ثمَّ يخرُجُ من النَّارِ، وذلك مُدَّةُ عبادتهم له، فأجابهم تبارك وتعالى عن قولهم: إن النار لن تَمَسَّهم إلَّا أيامًا معدودةً بالمطالبة، وتقسيمِ الأمر بينَ أن يكون لهم عند الله عهدٌ عَهِدَهُ إليهم، وبيْنَ أن يكونوا قد قالوه عليه بما

(2)

لا يعلمونَ، ولا سبيلَ لهم إلى ادِّعاء العهد، فتعيَّنَ الثاني، وقد تقدَّم.

ثم أجابهم عن دعواهم خلوصَ الآخِرَةِ لهم بقوله: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)} ؛ لأن الحبيبَ لا يَكْرَهُ لقاءَ حبيبِه،

(1)

من قوله: "وبالأنبياء الذين

" إلى هنا ساقط من (ع).

(2)

(ع): "ما".

ص: 1569

والابنُ لا يكرهُ لقاءَ أبيه، لاسيَّما إذا عَلِمَ أن كرامَتَه ومثوبته مختصَّة به، بل أحبُّ شيء إليه لقاءُ حبيبه وأبيه، فحيثُ (ظ/ 257 ب) لم يحبَّ ذلك ولم يَتمنَّهُ، فهو كاذبٌ في قوله، مبطِلٌ في دعواه.

ونظير هذا قوله في سورة (المائدة) ردًّا عليهم قولَهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة: 18] يعني. أنَّ الأب لا يُعَذِّبُ ابنَهُ، والحبيبُ لا يُعَذِّبُ حبيبَهُ.

وها هنا نكتةٌ لطيفةٌ جدًّا قلّ من يَنْتَبِهُ لها، ونحنْ نُقَرَّرها بسؤالٍ وجوابٍ.

فإن قيل: معلومٌ أن الأبَ قد يؤَدبُ وَلَدَهُ إذا أذنبَ، والحبيبُ قدِ يهجُرُ حبيبَه إذا رأى منه بعض ما يكرهُ.

قيل: لو تأمَّلْتَ أيُّها السائلَ قوله: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} لعلمتَ الفرقَ بين هذا التعذيبِ وبين الهجران والتأديب، فإنَّ التعذيبَ بالذنب ثمرةُ الغَضَب المنافي للمحبَّةِ، فلو كانت المَحبةُ قائمة كما زعموا لم يكنْ هناكَ ذنوبٌ يستوجبون عليها العذابَ، من المسخِ قردة وخنازيرَ، وتسلُّط أعدائهم عليهم يستبيحونهم ويستعبدونهم، ويُخرَبوِن مُتعَبَّدَاتِهم ويسبونَ ذرارِيهم، فالمحبُّ لا يفعلُ هذا بحبيبِه ولا الأبُ بابِنهِ.

ومعلومٌ أنَّ الرحمن الرحيم لا يفعلُ هذا بأمَّةٍ إلا بعد فَرْط إجرامِها وعُتُوِّها على الله، واستكبارِها عن طاعتِهِ وعبادتِه، وذلك يُنافي كونهم أحبابَهُ، فلو أحبُّوه لما ارتكبوا من غضبهِ وسَخَطِهِ ما أوجبَ لهم ذلك، ولو أحبَّهم لأدَّبهم ولم يُعذِّبْهم، فالتأَديبُ شيءٌ والتَّعذيبُ (ق/ 371 أ) شيء، والتأديبُ يُرادُ به التهذيبُ والرحمةُ والإصلاحُ، والتعذيبُ

ص: 1570

للعقوبةِ والجزاءِ على القبائحِ، فهذا لونٌ وهذا لونٌ.

وفي ضمن هذه المناظرة معجزةٌ باهرةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وهي أنه في مقامِ المُناظرةِ مع الخصوم الذين هم أحرصُ النّاسِ على عداوتهِ وتكذيْبهِ، وهو يخبرُهم خبرًا جَزْمًا أنهم لن يَتَمَنَّوُا الموتَ أبداً، ولو علموا من نفوسِهم أنهم يَتَمَنَّوْنَهُ لوجدوا طريقاً إلى الرَّدِّ عليه، بل ذلُّوا وغُلِبوا وعَلموا صحَّةَ قوله، وإنما منعهم من تمَني الموتَ معرفتُهم بما لهم عند الله من الخِزْي والعذاب الأليمِ، بكفرهِم بالأنبياءِ، وقتلِهم لهم وعَدَاوَتِهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن قيلَ: فهلا أظَهروا التمَنِّي وإن كانوا كاذبينَ فقالوا: فنحن نَتَمَنَّاه؟.

قيل: وهذا أيضًا معجزةٌ أخرى، وهي: أن الله حَبَسَ عن تَمَنِّيهِ قلوبَهم وألسِنتهم، فلم تُرِدهُ قلوبهم ولم تنطِقْ به ألسنتهم تصديقاً لقوله:{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} .

* ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} [البقرة: 111]، هذه دعوى من كلِّ واحدة من الطائفتين، أنه لن يدخلَ الجنَّةَ إلَّا من كان منها، فقالت اليهودُ: لا يدخلُها إلَّا من كان هودًا

(1)

، وقالت النَّصارى: لا يدخلُها إلَّا من كان نصرانيًا، فاختصر الكلام أبلغَ اختصارٍ وأوجزَه، مع أَمْن اللَّبْس ووضوح المعنى، فطالَبَهُمُ اللهُ تعالى بالبرهانِ على صحةِ هذه الدَّعوى، فقال:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} ، وهذا هو المُسَمَّى: "سؤالَ المطالبةِ

(1)

(ق): "يهودياً".

ص: 1571

بالدَّليلِ"، فمن ادَّعى دعوى بلا دليل يُقالُ له: هاتِ برهانَكَ إن كنتَ صادقاً فيما ادَّعَيْتَ، ويحتجُّ بهذه الَآيةِ من يقولُ: يلزم النّافي الدَّليل كما يلزمُ المُثبِت، وحَكَوْا في ذلك ثلاثَ مذاهب.

ثالثها: يلزمُهُ في الشرعيات دون العقليات، واستدلالُهم بالآية (ظ/258 أ) لا يصِحُّ؛ لأن الله تعالى لم يطالبهم بدليلِ النَّفْيِ المجرَد، بل ادعوا دعوى مضمونُها إثبات دخولهم الجنَّةَ، وأن غيرَهم لم يدخُلْها

(1)

، فطولبوا بالدليل الدّالِّ على هذه الدعوى المركَّبة من النفْي والإثباتِ، وصاحبُ هذه الدعوى يلزمُهُ الدليل باتَفاق الناس، وإنما الخلافُ في النفي المُجَرَّدِ.

ولو استَدلَّ هؤلاء بقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80]؛ لكان أقربَ، مع كونهِ متضمِّنا للنفي والإثبات، لكن الدعوى فيه إنما توجَّهَتْ إلى (ق/ 371 ب) النفي ومقصودُ الكلام: إنا لا نعَذَّبُ بعد تلك الأيام، فلم يُنْكِرْ عليهم اعترافَهم بالتَّعذيب تلك الأيام، بل دعواهم أنهم لا يعَذَّبون بعدَها، وذلك نفْيٌ محضٌ، فلذلك قلنا: إن الاستدلال بها أقربُ من هذه الآية.

وبعد؛ فالتحقيقُ -في مسألة النافي هل عليه دليلٌ-: أن النفيَ نوعان:

نوع: مستلزمٌ لإثباتِ ضدِّ المنفي، فهذا يَلْزَمُ النافيَ فيه الدليل، كمن نفى الإباحةَ، فإنه يطالَبُ بالدليل قطعاً؛ لأن نفيَها يستلزمُ ثبوتَ ضدّ من أضدادِها، ولا بد له من دليل، وكذلك نفي التعذيب بالنّار بعد الأيامِ المعدودة، يستلزمُ دخولَ الجنةِ والفوز بالنعيمِ، ولا بُد له من دليل.

(1)

(ق): "يدخلوها".

ص: 1572

النوع الثاني: نفيٌ لا يستلزم ثبوتاً، كنفي صحَّةِ عقدٍ من العقود، أو شرطٍ أو عبادة في الشرعيَّاتِ، ونفي إمكان شيء ما من

(1)

الأشياء في العقليّاتِ، فالنافي إن نَفَى العلمَ به لم يلزمه دليلٌ، وإن نفى المعلومَ نفسَهُ وادَّعى أنه منتفٍ في نفس الأمر فلا بدَّ له من دليل.

* ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)} [البقرة: 116، 117]، فردَّ عليهم سبحانه دعواهم له اتخاذَ الولد، ونزَهَ نفسَه عنه، ثم ذكر أربعَ حُجَجٍ على استحالَةِ اتخاذِهِ الولَدَ.

أحدها: كونُ ما في السموات والأرض مُلْكاً له، وهذا ينافي أن يكونَ فيهما ولدٌ له؛ لأنَّ الولدَ بعضُ الوالد وشريكُه، فلا يكونُ مخلوقاً له مملوكاً له؛ لأنَّ المخلوقَ مملوكٌ مربوبٌ، عبدٌ من العبيد، والابن نظيرُ الأب، فكيف يكونُ عبدُه تعالى ومخلوقه ومملوكُه بعضَه ونظيرَهُ؟! فهذا منَ أبطلِ الباطل.

وأكَّد مضمونَ هذه الحُجَّةِ بقوله: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)} ، فهذا تقريرٌ لعبودِيَّتِهم له، وأنهم مملوكونَ مربوبونَ، ليس فيهم شريكٌ ولا نظيرٌ ولا ولدٌ، فإثباتُ الولدِ لله من أعظم الإشراكِ به، فإن المشرِكَ به جعل له شريكاً من مخلوقاتِه مع اعترافِه بأنه مملوكه، كما كان المشركونَ يقولون في تلبيتِهم:"لَبَّيْكَ اللهُمَّ لبيكْ، لبَّيْكَ لا شريكَ لك، إلَّا شَرِيكٌ هو لك، تملكهُ وما مَلَكَ"، فكانوا يجعلونَ من أشركوا به مملوكاً له عبدًا مخلوقًا، والنَّصارى جعلوا له شريكًا هو نظيرٌ وجزءٌ

(1)

(ق وظ): "شيء من".

ص: 1573

من أجزائِهِ، كما جعل بعض المشركينَ الملائكةَ بنات الله، فقال تعالى:(ق/ 372 أ) {وَجَعَلُوا لَهُ

(1)

مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15)} [الزخرف: 15]، فإذا كان الله ما في السَّمواتِ والأرض عبيدٌ قانتون مربوبونَ مملوكون، استحالَ أن يكون له منهم شريكٌ وكلُّ من أقرَ بأن لله ما في السّموات وما في الأرض؛ لَزِمَهُ أن يُقِرَّ له بالتوحيد ولا بُدَّ، ولهذا يحتجُّ سبحانه على المُشْرِكينَ بإقرارِهم بذلك، كقوله:{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: 84 - 85] وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيدُ بيانٍ لهذا في موضعه.

الحجة الثانية: قوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117]، وهذه من أبلغ الحُجَج على استحالة نسبة الولدِ إليه، ولهذا قال في سورة (الأنعام):{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} [الأنعام: 101] أي: من أينَ يكون لبديع السَّمواتِ والأرض ولدٌ؟! ووجهُ تقريرِ هذه الحجَّةِ: أن مَنِ اخترع السمواتِ والأرض -مع عِظَمِهما وَآياتِهما- وفطَرَهما وابتدَعَهما (ظ / 258 ب)، فهو قادرٌ على اختراع ما هو دونَهما، ولا نسبةَ له إليهما ألبَتَهَّ، فكيف يخرجون هذا الشخص المعيَّن

(2)

عن قُدرتهِ وإبداعِه، ويجعلونَهُ نظيرًا وشريكاً وجُزءاً؟! مع أنه تعالى بديعُ العالَمِ العُلْوِيَّ والسُّفْلِي وفاطرهُ ومخترعُهُ وبارؤهُ، فكيف يُعْجزُهُ أن يوجدَ هذا الشخص من غيرِ أبٍ حتى يقولوا: إنه ولدُهُ؟! فإذا كان قد أبدع العالَمَ عُلْوِيَّهُ وسُفْلِيَّهُ، فما يُعجزهُ ويمنعُهُ عن إبداعِ هذا العبدِ وتكوينهِ

(3)

وخلقِه بالقدرةِ التي خلقَ بها العالمَ العُلْويَّ والسفلي؟!.

(1)

من قوله: "شريكاً هو نظير

" إلى هنا ساقط من (ع).

(2)

(ع): "بالعين"، وسقطت من (ق).

(3)

(ق): "عن إبداعه وتكوينه هذا العبد"

ص: 1574

فمن نسب الولدَ لله فما عرف الربَّ تعالى، ولا آمَنَ به ولا عبدَهُ. فظهرَ أن هذه الحُجَّةَ من أبلغِ الحُجَجِ على استحالةِ نسبةِ الولدِ إليه.

وإن شئت أن تُقَررَ الاستدلالَ بوجهٍ آخَرَ، وهو أن يقالَ: إذا كان نسبةُ السَّمواتِ والأرضِ وما فيهما إليه إنما هى بالاختراع والخَلْق والإبداع، أنشأ ذلك وأبْدَعَهُ من العَدَم

(1)

إلى الوجود، فكيَف يَصِحُّ نسبةُ شيءٍ من ذلك إليه بالنبوَّةِ، وقدرته على اختراعِ العالمِ وما فيه لم تزَل، ولم يحتجْ فيها إلى معاونٍ ولا صاحب ولا شريكٍ.

وإن شئتَ أن تقَرِّرَها بوجهِ آخَرَ فتقول: النسبةُ إليه بالبنوَّةِ تستلزم حاجتَهُ وفقرَهُ إلى محل الولادةِ، وذلك يُنافي غِناه وانفرادَهُ بإبداع السّمواتِ والأرضِ، وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى بقوله:{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] فكمال قدرته، وكمالٌ غناه، وكمالُ ربوبِيَّتهِ، يُحِيلُ نسبةَ الولدِ إليه، ونسبَتُه إليه تقدحُ في كمالِ ربوبيتِهِ، وكمال غناه وكمالِ قدرتهِ.

ولذلك كان نسبةُ الوَلَد إليه مَسَبَّةَ له تباركَ (ق/372 ب) وتعالى، كما ثَبَتَ في "الصحيحين"

(2)

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يَقولُ اللهُ تَعالَى شَتَمَنِي ابْن آدَمَ وَما يَنْبغِي لَهُ ذلِكَ، وَكَذَّبنَي ابْنُ آدَمَ وَما يَنْبغِي لَهُ ذلكَ، أمَّا شَتْمُهُ إيّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا وَأنا الأحَدُ الصمَدُ الَّذي لَمْ ألِدْ وَلَمْ أولَدْ وَلَمْ يكُنْ لِي كفُوًا أحدٌ، وَأمَّا تكْذيبُهُ إيَّايَ فَقَوْلُه: لَنْ يُعيدَنِي كما

(1)

(ع): من العلوم من العدم"!

(2)

أخرجه البخاري رقم (4482) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ورقم (4975) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه. وليس في مسلم.

ص: 1575

وأنها والدةُ الإله

(1)

عيسى، فيقول عوامُّهم: يا والدةَ الإلهِ اغفري لي، ويصرِّح بعضُهم بأنها زوجةُ الرَّبِّ، ولا رَيْبَ أن القول بالإيلادِ يستلزمُ ذلك، أو إثباتُ إيلادٍ لا يُعقلُ ولا يُتوهَّمُ، فخواصُّ النَّصارى في حَيْرَة وضَلالِ، وعوامُهم لا يستنكفونَ أن يقولوا بالزوجةِ والإيلادِ المعقولِ، تعالى اللهُ عن قولهم عُلُوًّا كبيراً، والقومُ في هذا المذهب الخبيثِ أضَلُّ خلق الله، فهم كما وصفهم اللهُ بأنهم:{قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} [المائدة: 77]

وأما منافاةُ عموم علمِه تعالى للوَلَد؛ فيحتاجُ إلى فهم خاصٍّ، وتقريره أن يقالَ: لو كان له ولدٌ لعَلِمَه؛ لأنه بكلِّ شيء عليم، وهو تعالى لا يعلم له ولداً، فيستحيلُ أن يكون له ولدٌ لا يعلمُه، وهذا استدلالٌ بنفي علمه للشيء على نفيهِ في نفسِه، إذ لو كان لَعَلِمَه، فحيث لم يعلَمْه فهو غيرُ كائنِ.

ونظيرُ هذا قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 18]، فهذا نفيٌ لما ادَّعَوْهُ من الشّفعاء بنفْي علمِ الرَّب تعالى بهم، المستلزمِ لنفيِ المعلومِ، ولا يمكنُ أعداءَ الله المكابرةُ، وأن يقولوا: قد عَلِمَ اللهُ وجودَ ذلك؛ لأنه تعالى إنما يعلم وجودَ ما أوجَدَهُ وكوَّنه، ويعلم أن سيوجدُ ما يريدُ إيجادَه، فهو يعلمُ نفسَهُ وصفاتِهِ، ويعلمُ مخلوقاتِهِ التي دخلت في الوجود وانقطعتْ، والتي دخلتْ في الوجودِ وبَقِيَتْ، والتي لو توجد بعد.

وأما شيءٌ آخَرُ غيرُ مخلوقٍ له ولا مربوب؛ فالرَّبُّ تعالى لا يعلمُه؛

(1)

(ظ): "الإله الإله".

ص: 1576

بَدَأني وَلَيْسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ

(1)

مِنْ إعادَتِهِ".

وقال عمرُ بن الخطّاب في النَّصارى: "أَذلُّوهم ولا تَظْلِمُوهم، فلقد سَبُّوا اللهَ مَسَبَّةً ما سَبَّة إيّاها أحَدٌ من البَشَر"

(2)

، وقال تعالى:{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)} [الكهف: 4 - 5]، وأخبر تعالى: أن السماوات كادت تنفطر من قولهم هذا وتنشق الأرض منه وتخر الجبال هدًّا

(3)

، وما ذاك إلا لتضمُّنه شتمَ الرَّبِّ تبارك وتعالى، والتنَقُّصَ به، ونسبة ما يمنع كمال ربوبِيته، وقدرته وغناه إليه.

الحجة الثالثة: قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: 35] وتقريرُ هذه الحُجَّةِ: أن من كانت قدرتُهُ تعالى كافية في إيجاد ما يريدُ إيجادَهُ بمجرَّدِ أمرِه، وقوله:"كنْ"، فأيُّ حاجة به إلى ولدٍ؟، وهو لا يتكثَّرُ به من قِلَّة، ولا يَتَعَزَّز

(4)

به، ولا يستعينُ به، ولا يعجز عن خلقِ ما يريدُ خَلْقهُ، وإنما يحتاج إلى الولدِ من لا يخلُق، ولا إذا أراد شيئًا قال له: كنْ فيكون، وهو

(5)

المخلوقُ العاجزُ المحتاجُ الذي لا يقدِرُ على تكوينِ ما أراد.

وقد ذكر تعالى حُجَجًا أخرى على استحالةِ نسبة الولد إليه، فنذكرُها في هذا الموضع:

(1)

(ع وق): "عليه".

(2)

لم أعثر عليه.

(3)

كما في سورة مريم آية (90).

(4)

(ق): "ولا يتكبر ولا يتعزّز".

(5)

(ع): "وهذا".

ص: 1577

وأنها والدةُ الإله

(1)

عيسى، فيقول عوامُّهم: يا والدةَ الإلهِ اغفري لي، ويصرِّح بعضُهم بأنها زوجةُ الرَّبِّ، ولا رَيْبَ أن القول بالإيلادِ يستلزمُ ذلك، أو إثباتُ إيلادٍ لا يُعقلُ ولا يُتوهَّمُ، فخواصُّ النَّصارى في حَيْرَة وضَلالِ، وعوامُهم لا يستنكفونَ أن يقولوا بالزوجةِ والإيلادِ المعقولِ، تعالى اللهُ عن قولهم عُلُوًّا كبيراً، والقومُ في هذا المذهب الخبيثِ أضَلُّ خلق الله، فهم كما وصفهم اللهُ بأنهم:{قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} [المائدة: 77]

وأما منافاةُ عموم علمِه تعالى للوَلَد؛ فيحتاجُ إلى فهم خاصٍّ، وتقريره أن يقالَ: لو كان له ولدٌ لعَلِمَه؛ لأنه بكلِّ شيء عليم، وهو تعالى لا يعلم له ولداً، فيستحيلُ أن يكون له ولدٌ لا يعلمُه، وهذا استدلالٌ بنفي علمه للشيء على نفيهِ في نفسِه، إذ لو كان لَعَلِمَه، فحيث لم يعلَمْه فهو غيرُ كائنِ.

ونظيرُ هذا قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 18]، فهذا نفيٌ لما ادَّعَوْهُ من الشّفعاء بنفْي علمِ الرَّب تعالى بهم، المستلزمِ لنفيِ المعلومِ، ولا يمكنُ أعداءَ الله المكابرةُ، وأن يقولوا: قد عَلِمَ اللهُ وجودَ ذلك؛ لأنه تعالى إنما يعلم وجودَ ما أوجَدَهُ وكوَّنه، ويعلم أن سيوجدُ ما يريدُ إيجادَه، فهو يعلمُ نفسَهُ وصفاتِهِ، ويعلمُ مخلوقاتِهِ التي دخلت في الوجود وانقطعتْ، والتي دخلتْ في الوجودِ وبَقِيَتْ، والتي لو توجد بعد.

وأما شيءٌ آخَرُ غيرُ مخلوقٍ له ولا مربوب؛ فالرَّبُّ تعالى لا يعلمُه؛

(1)

(ظ): "الإله الإله".

ص: 1578