المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وإذا قلت: "ما جاءني زيد بل عمرو - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فائدةلا يصحُّ الامتنانُ بممنوع منه

- ‌فائدة(4)الفرق بين دليل مشروعية الحكم وبين دليل وقوع الحكم

- ‌فائدةفرق النِّكاح عشرون

- ‌فائدةشرط العمل بالظَّنِّيات

- ‌فائدةقولهم: "من مَلَكَ الإنشاءَ لعقدِ مَلَك الإقرارَ به، ومن عَجَزَ عن إنشائه عَجَزَ عن الإقرار به"، غير مطَّرِدٍ ولا منعكس

- ‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

- ‌فوائد شتى من خط القاضي أبي يعلى

- ‌فوائد من مسائل مُثَنَّى بن جامع(1)الأنباري

- ‌من مسائل البُرْزَاطِي(2)بخط القاضي انتقاه من خطِّ ابن بَطَّةَ

- ‌ومن مسائل أبي جعفر محمد بن علي الورَّاق

- ‌ومن مسائل أبي العباس أحمد بن محمَّد البِرْتي

- ‌ومن مسائل زياد الطوسي

- ‌ومن مسائل بكر(3)بن أحمد البُرَاثي

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل عبد الملك الميموني

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل أحمد بن أصْرَمَ بن خُزَيْمَةَ

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد القطان

- ‌[من مسائل ابن هانئ]

- ‌ومن مسائل ابن بَدِينا محمد بن الحسن

- ‌ومن مسائل أبي علي الحسن بن ثَوَاب

- ‌ومن خطِّ القاضي أيضًا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌فائدة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصول في أحكام الوطء في الدُّبُر

- ‌ فصل

- ‌فائدةالفرق بين الشك والريب

- ‌ومما انتقاه القاضي من "شرح أبي حفصٍ لمبسوطِ أبى بكرٍ الخلال

- ‌فائدة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فصولٌ عظيمة النفع جداًفي إرشاد القرآن والسُّنّة إلى طريق المناظرة وتصحيحها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فائدةليس من شرط الدليل اندراجه تحتَ قضية كليةٍ

- ‌فائدة(1)من كُلِّيَّاتِ النَّحْو:

- ‌وإذا قلتَ: "ما جاءَني زَيْدٌ بل عَمْرٌو

- ‌فائدة

- ‌ مُنْتخب أيضًا

- ‌فائدةالجهلُ قسمان:

الفصل: ‌وإذا قلت: "ما جاءني زيد بل عمرو

افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} [الأنبياء: 5] وكقوله: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)} [النمل: 66]، ونظائره، ويسمَّى هذا: إضرابًا وخُروجًا من قصَّةٍ إلى قصَّةٍ.

‌وإذا قلتَ: "ما جاءَني زَيْدٌ بل عَمْرٌو

" فله معنيانِ:

أحدهما: أنك نفيتَ المجيءَ عن زيدٍ وأثبتَّهُ لعَمرو، وهذا قولُ الأكثرينَ.

الثاني: أنكَ نفيتَ المجيءَ عنهما معًا فنسبتَ إلى الثاني حكمَ الأوَّلِ، وأنت حكمتَ على الأوَّل

(1)

بالنفيِ، ثم نسبتَ هذا الحكمَ إلى الثاني.

والتحقيقُ في أمرِ هذا الحرفِ: أنه يُذْكَرُ لتقرير ما بعدَهُ نفيًا كان أو إثباتًا، فالنظرُ فيه في أمرينِ: فيما قبلَهُ، وفيما بعدَهُ، ولما لم يفصِلْ كثيرٌ من النُّحَاةِ بين هذينِ النظرينِ، وَقَعَ في كلامِهم تخليطٌ كتيرٌ في معناه، فنقول:

أما حكمُ ما بعدَهُ فالتَّقريرُ والتَّحقيقُ، وهو شبيهٌ بمصحوبِ "قد"، وتجريدُ العنايةِ بالكلامِ إلى ما بعدَهُ أهمُّ عندهم من الاعتناءِ بما قَبْلَهُ، فقوله تعالى:{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأعلى: 16] المقصودُ

(2)

تقريرُ هذه الجملةِ الإضرابُ عن قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14 - 15]، وكذلك قوله {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 17] المقصود تقريرُ هذا النفيِ

(3)

وتحقيقُه لا الإضرابُ عن

(1)

(ظ): "عليه".

(2)

(ظ) زيادة: "منه".

(3)

(ظ): "المعنى".

ص: 1656

قوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)}

[الفجر: 19 - 20].

وكذلك إذا وقعتْ بين جملتينِ متضادَّتَيْنِ أفادت تقريرَ كلِّ واحدة منهما، كقوله:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169] فالمقصود تقريرُ الطلبِ والخَبَرِ، وكذلك قولُكَ:"لا تَضْرِبْ زَيْدًا بل اضْرِبْ عمْرًا" وكذلك: "ما قامَ زَيْدٌ بل قامَ عَمْرٌو" فهي في ذلك كلِّه لتقريرِ الجملتينِ، وكذلك قولُه تعالى:{أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ} [الأنعام: 40 - 41] المعنى: أنكم إذا نزل بكم هذا الأمرُ العظيمُ لا تدعونَ غيرَ اللهِ، بل تدعونَهُ وحدَهُ، فهو تقريرٌ لتركِ دعائِهم آلهتَهم، ولدعائِهم الإلهَ الحقَّ وحدَه، فيدخلُ في مثلِ ذلك على مقرَّرٍ بعدَ مقَرَّرٍ، والأوَّل تارةً يكونُ تقريرُه تَوْطِئةً للثاني، كقوله تعالى:{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)} [الفرقان: 44] وتارةً لا يكون توطئة كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} [الرعد: 31] وتارةً يدخلُ على كلام مقرَّر بعد كلام مردودٍ، كقوله تعالى:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)} [الأنبياء: 26] وفي مثل هذا يظهرُ معنى الإضرابِ، وليس المرادُ به الإضراب عن الذِّكر، بل الإضرابُ عن المذكور ونفيُه وإبطالُه.

وتارةً يأتي لتقريرِ كلامٍ بعد كلامٍ قد رَجَعَ عنه المتكلِّم، إما لغَلَطٍ أو لظهورِ رأيٍ أو لعُروضِ نسيانٍ، وذلك كلُّه إمَّا في الإخبارِ وإما في المُخْبَرِ به: فمثال الأولِ

(1)

: أن تقولَ: "أنتَ عَبْدي بل سَيِّدي".

(1)

"فمثال الأول" ليست في (ظ).

ص: 1657

ومثال الثاني: "لاحَ بَرْقٌ بل ضَوْءُ نارٍ".

ومثال الثالث: "خذْ هذا بلْ هذا".

ومثال الرابع: "شَرِبْتُ عَسَلًا بل لَبَنًا".

وتأتي مع التَّكرار لقصد ما بعدها بالأولوية والذِّكْر دونَ نفي ما قبلَها، كقوله تعالى:{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} [الأنبياء: 5] فهم لم يقصدوا إبطالَ ما قبلَ كلِّ واحدةٍ، بل قصدوا أولويَّةَ المتأخِّرِ بالقصدِ إليه والاعتمادِ عليه مع ثُبوتِ ما قبلَهُ، وكذلك قوله تعالى:{وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)} [النمل: 65 - 66]، فليس القصدُ نفيَ إدراكِ علمهم في الآخِرَةِ، ولا نفيَ شكِّهم فيها، فتأمَّلْهُ.

ومن مواردِها مجيئُها بعد قَسَمٍ لم يُذكَرْ جوابُهُ فيتضمَّن تحقيق ما بعدَها وتقريرَهُ، ويتضمَّنُ ذلك مع القَسَمِ تحقيقَ ما قصد بالقَسَمِ وتقريره

(1)

.

فائدة

احتمالُ اللَّفظ للمعنى شيءٌ، ودلالته عليه شيءٌ، فالمطلَقُ بالنسبةِ إلى المُقَيَّداتِ محتملٌ غيرُ دالٍّ، والعامُّ بالنسبةِ إلى الأفراد دَالٌّ.

(1)

هنا تنتهى نسخة (ع) وفي خاتمتها ما نصه: "آخر الجزء الثاني، والله المستعان وعليه التكلان، ونسأله الغفران من الزلل والعصيان إنه رحيم رحمان كريم منان وهو حسبي ونعم الوكيل.

نجز في الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، على يد الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي بن موسى بن يحيى الحمصي مولدًا الحنبلي مذهبًا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم آمين".

ص: 1658

فائدة

حملُ اللَّفظِ على المعنى يُرادُ به صلاحِيَّتُهُ له تارةً، ووضعُه له تارةً، فإن أُرِيدَ بالحَمْلِ الإخبارُ (ظ/270 ب) بالوضعِ طُوْلِبَ مُدَّعِيه بالنَّقْلِ، وأن أُريدَ صلاحِيَّتُه لم يكْفِ ذلك في حملِه عليه؛ لأنه لا يلزمُ من الصلاحِيَّةِ له أن يكونَ مُرادًا به ذلك المعنى، هذا إن أُريدَ بالحمل الإخبارُ عن مُرَادِ المتكلِّم، وإن أُريدَ به إنشاءُ معنى يدَّعِيه صاحبُ الحَمْل، ثم يحملُ عليه الكلامَ، فإنَّ ذلك يكون وضعًا جديدًا.

فليتأملْ هذا من قولِهم: "يُحْمَلُ اللفظُ على كذا وكذا"، فكثيرٌ من النُّظَّار أطلقَ ذلك، ولا يحصلُ معناها.

فائدة

تجرُّدُ اللفظِ عن جميع القرائنِ الدَّالَّةِ على مُرادِ المُتكلِّمِ ممتنعٌ في الخارج، وإنما يقدِّرهُ الذهنُ ويفرضُه، وإلَاّ فلا يمكنُ استعمالُه إلا مقيَّدًا بالمسند والمسند إليه ومتعلقاتِهما وأخواتِهما الدالَّة على مُرادِ المُتكلِّمِ، فإن كان كلُّ مقيَّدٍ مجازًا استحال أن يكونَ في الخارج لفظُ حقيقةٍ، وإن كان بعضُ المقيَّداتِ مجازًا وبعضها حقيقةً، فلا بُدَّ من ضابطٍ للقيودِ التي تجعلُ اللفظ مجازًا، والقيودُ التي لا تخرِجُهُ على حقيقتِه، ولن يجدَ مُدَّعُو المجازِ إلى ضابطٍ مستقيمٍ سبيلًا ألبَتَّةَ، فمَن كان لديه شيءٌ فَلْيذَكرْهُ.

فائدة

منعُ الدلالة شيءٌ ومنعُ المدلولِ عليه شيءٌ، فالثاني مستلزمٌ للأوَّلِ من غير عكس، فمن مَنَعَ الدلالةَ مع تسليمٍ للمدلول عليه، فانتقل عنه منازِعُهُ إلى دليلٍ آخَرَ كان انقطاعًا، وإن منع المدلولَ فانتقل عنه

ص: 1659

المنازع إلى دليل آخَرَ لم يكنِ انقطاعًا، كما إذا طعن الخصمُ في شهود المُدَّعي فأقام بيِّنَةً أخرى غَيْر مطعونٍ فيها، فله ذلك. فينيغي التَّفَطُّنُ في المناظرةِ لذلك.

فائدة

من ادَّعَى صَرْفَ لفظٍ عن ظاهرِه إلى مجازِه لم يتمَّ له ذلك إلاّ بعد أربعِ مقاماتٍ:

أحدها: بيانُ امتناع إرادةِ الحقيقةِ.

الثاني: بيان صلاحيَّةِ اللفظِ لذلك المعنى الذي عيَّنَهُ. وإلَاّ كان مفترِيًا على اللغةِ.

الثالث: بيانُ تعيين ذلك المُجْمَلِ إن كان له عدَّةُ مجازاتٍ.

الرابع: الجوابُ

(1)

عن الدليل الموجِبِ لإرادة الحقيقة، فما لم يَقُمْ بهذه الأمورِ الأربعةِ كانت دعواه -صَرْفَ اللفظِ عن ظاهرِهِ- دعوى باطلةً.

وإن ادَّعى مجرَّدَ صرف اللفظ عن ظاهرِه ولم يُعَيِّنْ له مجملًا؛ لزمه أمران:

أحدُهما: بيانُ الدليلِ الدَّالِّ على امتناعِ إرادةِ الظاهرِ، والثاني: جوابُهُ عن المعارِضِ.

فائدة

مدَّعىِ صرفِ اللفظِ عن ظاهرِه وحقيقتِه إلى مجازِه تتضمَّنُ دعواه الإخبارَ عن مراد المتكلِّمِ ومرادِ الواضعِ.

(1)

(ظ)"الجواز"! والصواب ما أثبت، ويؤيده ما يأتي بعده.

ص: 1660