الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إتلافٌ، إذ الشَّعَر والظُّفُرُ ليسا بمتلَفَيْن، ولم تجب الفديةُ في إزالتهما في مقابلة الإتلاف؛ لأنَّها لو وجبتْ لكونها إتلافًا لتقيّدت بالقيمة، ولا قيمةَ لهما
(1)
وإنما هي من باب التَّرفُّهِ المحض كتغطية الرأس واللُّبس، فأي إتلاف هاهنا؟! وعلى هذا فالرَّاجح من الأقوال أن الفدية في ذلك لا تجبُ مع النسيان والجهل.
القسم الرابع: دم النُّسُك كالمتعة والقران، فهذه إذا عَجَز عنها وجبَ عليه بدلُها من الصيام، فإن عَجَزَ عنها ترتَّبَ في ذمَّته أحدُهُما، فمتى قَدَرَ عليه لَزِمَه، وهل الاعتبارُ بحال الوجوب أو بأغلظ الأحوال؟ فيه خلاف.
وأمَّا حقوق الآدميين؛ فإنَّه لا تسقطُ بالعجْز عنها، لكن إن كان عجزُه بتفريط منه في أدائها طُولبَ بها في الآخرة، وأُخِذَ لصاحبها من حسناته.
وإن كان عَجْزهُ بغير تفريط كمن احترق ماله، أو غرق، أو كان الإتلاف خطأ مع عجزه عن ضمانِهِ، ففي إشغال ذمَّتِهِ به وأخذ أصحابها من حسناته نظرٌ، ولم أقفْ على كلام شافٍ للنَّاس في ذلك، والله أعلم.
فائدة
قولهم: "من مَلَكَ الإنشاءَ لعقدِ مَلَك الإقرارَ به، ومن عَجَزَ عن إنشائه عَجَزَ عن الإقرار به"، غير مطَّرِدٍ ولا منعكس
. فأما اختلال طَرْدِه ففي
(2)
مسائل:
(1)
(ظ): "لها"، وسقطت من (ق).
(2)
(ع): "ففيه".
أحدها: ولىُّ المرأة غير المُجبرة يملكُ إنشاءَ العقد عليها دون الإقرار به.
الثانية: الوكيلُ في الشِّراء إذا ادَّعى أنَّه اشترى ما وكِّل فيه وأنكره الموكِلُ، لم يقبلْ إقراره عليه مع ملكه لإنشائه
(1)
.
الثالثة: الوكيلُ بالبيع إذا أقرَّ به، وأنكر المُوكِلُ، فالقولُ قولٌ الموكِل.
وأما اختلالُ عكسه ففي مسائل:
أحدها: أن العاقل لا يملك
(2)
إنشاءَ إرقاق نفسه، ولو أقرَّ به قُبِلَ، فهذا عاجزٌ عن الإنشاء قادرٌ على الإقرار.
الثَّانية: المرأةُ عاجزة عن إنشاء النكاح، ولو أقرَّتْ به قبِل إقرارُها.
الثَّالثة: لو أقرَّ العبدُ المرهون
(3)
بعد الحَجر عليه بِدَيْن، قبِلَ إقرارُه ولم يملكِ الإنشاء.
الرابعة: لو أقر المريضُ لأجنبي أنَّه كان وهبه في الصِّحَّة ما يزيد على الثلثِ، قُبِلَ إقرارهُ في أصحِّ الرِّوايتين ولم يملكِ الإنشاءَ.
الخامسة: الحاكم إذا قال بعد العزل: كنتُ حكمتُ في ولايتي لفلان عن فلان بكذا، قُبلَ قولُهُ وحده، وإن لم يملكِ الإنشاءَ، وكذلك لو قال القاضي المعزول عن مالٍ في يد أمين: أُقِرُّ أنَّه تسلَّمَهُ منه هو لفلان، وقال الأمين: بل هو لفلان، قُبِلَ قول القاضي دون الأمين.
(1)
(ق): "الإنشاء يه".
(2)
(ع): "يحمل".
(3)
(ق وظ): "المأذون".
وهذه المسألةُ مما يُعَايا بها وهي: رجلان في يد أحدهما مالٌ وهو أمين عليه، والآخرُ ليس الحال في يده، ولا له عليه حكْمٌ، ولا هو أمين عليه، يقبل إقرار هذا الثاني بالمال دون الأمين.
* * *
فائدة
(1)
من كان يعلمُ أن الموت مدركُه
…
والقبرُ مسكنه والبعث مخرجهُ
وأنَّه بين جناتٍ ستُبهِجُهُ
…
يومَ القيامةِ أو نار ستنضِجُهُ
فكلُّ شيءٍ سوى التَّقوى به سَمِجٌ
…
وما أقام عليه منه أسمجُهُ
ترى الذي اتَّخذ الدُّنيا له وطنًا
…
لم يدرِ أن المنايا سوف تزعِجُهُ
(2)
* * *
تظلُّ على أكتاف أبطالها القنا
…
وهابَتْكَ في أغمادِهِنَّ المناصلُ
تحَامَى الرَّزَايا كُلَّ خُفِّ ومَنسمٍ
…
وتَلْقَى رَدَاهُنَّ الذُّرَى والكَاهِلُ
وترجِعُ أعقابُ الرِّماح سَلِيمة
…
وقد حُطِّمتْ في الدَّارِعِينَ العَواملُ
فإن كنتَ تبغي العَيْشَ فابغ توسُّطًا
…
فعند التناهي يقصُرُ المتطاوِلُ
(3)
* * **
(1)
(ق): "شعر".
(2)
الآبيات لأبي العلاء المعرِّي في "ديوان سقط الزند": (2/ 549).
(3)
"ديوان سقط الزند": (2/ 551 - 552).