المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن خط القاضي أيضا - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فائدةلا يصحُّ الامتنانُ بممنوع منه

- ‌فائدة(4)الفرق بين دليل مشروعية الحكم وبين دليل وقوع الحكم

- ‌فائدةفرق النِّكاح عشرون

- ‌فائدةشرط العمل بالظَّنِّيات

- ‌فائدةقولهم: "من مَلَكَ الإنشاءَ لعقدِ مَلَك الإقرارَ به، ومن عَجَزَ عن إنشائه عَجَزَ عن الإقرار به"، غير مطَّرِدٍ ولا منعكس

- ‌من فتاوى أبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني

- ‌فوائد شتى من خط القاضي أبي يعلى

- ‌فوائد من مسائل مُثَنَّى بن جامع(1)الأنباري

- ‌من مسائل البُرْزَاطِي(2)بخط القاضي انتقاه من خطِّ ابن بَطَّةَ

- ‌ومن مسائل أبي جعفر محمد بن علي الورَّاق

- ‌ومن مسائل أبي العباس أحمد بن محمَّد البِرْتي

- ‌ومن مسائل زياد الطوسي

- ‌ومن مسائل بكر(3)بن أحمد البُرَاثي

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل عبد الملك الميموني

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد

- ‌ومن مسائل أحمد بن أصْرَمَ بن خُزَيْمَةَ

- ‌ومن مسائل الفضل بن زياد القطان

- ‌[من مسائل ابن هانئ]

- ‌ومن مسائل ابن بَدِينا محمد بن الحسن

- ‌ومن مسائل أبي علي الحسن بن ثَوَاب

- ‌ومن خطِّ القاضي أيضًا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فصل

- ‌فائدة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصول في أحكام الوطء في الدُّبُر

- ‌ فصل

- ‌فائدةالفرق بين الشك والريب

- ‌ومما انتقاه القاضي من "شرح أبي حفصٍ لمبسوطِ أبى بكرٍ الخلال

- ‌فائدة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فصولٌ عظيمة النفع جداًفي إرشاد القرآن والسُّنّة إلى طريق المناظرة وتصحيحها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فائدةليس من شرط الدليل اندراجه تحتَ قضية كليةٍ

- ‌فائدة(1)من كُلِّيَّاتِ النَّحْو:

- ‌وإذا قلتَ: "ما جاءَني زَيْدٌ بل عَمْرٌو

- ‌فائدة

- ‌ مُنْتخب أيضًا

- ‌فائدةالجهلُ قسمان:

الفصل: ‌ومن خط القاضي أيضا

فأدركت معه من آخِرِ صلاتِهِ، فما أعتدُّ به أول صلاتي؟ فقال لي: تقرأُ فيما مضى يعني: الحمد وسورة، وفي القعود تقعدُ على ابتداء صلاتِك

(1)

.

‌ومن خطِّ القاضي أيضًا

نقل مُهَنّا عن أحمد: في أسير في أيدي الروم مكثَ ثلاثَ سنينَ يصوم شعبان وهو يرى أنه رمضان = يُعِيدُ. قيل له: كيف؟ قال: شهرًا على أثرِ شهرٍ، كما يعيدُ الصّلَواتِ.

ونقل عبد الله

(2)

عنه في الرجل يُكبِّر تكبيرةَ الافتتاح، قبلَ الإمام = هذا ليس مع الإمامِ، يعيد الصلاةَ.

إنما أمَرَهُ بالإعادةِ، ولمِ يجعلْه منفردًا بالصَّلاةِ لأنه نوى الائتمام بمن ليس بإمام؛ لأنه إذا كثر قبله فليس بإمام له، ولم تَصحَّ صلاة الانفراد؛ لأن النية قد بطلتْ، فإن صلى نفسان ينوي كل واحد منهما أنه يأتم بصاحبه لم تصحَّ صلاتُهما؛ لأنه ائتم بغير إمام، فإن صلى نفسان كل واحد منهما نوى أنه إمام صاحبه (ق/344 أ) لم تصحَّ صلاتُهما أيضًا؛ لأنه

(3)

نوى الإمامَةَ بمن لا يأتم به، فهو كما لو نوى الائتمامَ بغير إمام.

نقل الحسن بن علي بن الحسن

(4)

، سألت أبا عبد الله عن الرجل

(1)

كرر المؤلف نقل هذه الرواية: (4/ 1405) لكن نسبها هناك إلى بكر بن أحمد الراثي. وانظر التعليق عليها.

(2)

"المسائل" رقم (536).

(3)

من قوله: "ائتم بغير

" إلى هنا ساقط من (ظ).

(4)

هو: الحسن بن علي بن الحسن بن علي الإسكافي، أبو علىِ، عنده عن أبي عبد الله مسائل صالحة حِسان كبار أغرب فيها على أصحابه. "طبقات الحنابلة":(1/ 364 - 365).

ص: 1447

يُكَبِّرُ خلفَ الإمام يُخَافِتُ أو يعلنُ به؟ قال: لا نعرفُ فيه شيئًا. إنما يُعرف

(1)

الحديثُ: "إذا كبَرِّ فَكَبِّروا"

(2)

.

قال القاضي: "ظاهر كلامِه التوَقُّف عن جهر المأموم بذلك، ويجبُ أن يكون السُّنَّة الإخفات (ظ/240 أ) في حقِّه كسائر الأذكار في حقه، ولأن الإمام إنما يجهر ليعلَمَ المأموم بدخوله في الصلاةِ: وركوعِه، وإلَاّ فالسّنَّة الإخفاتُ كسائرِ الأذكار

(3)

غير القراءةِ". انتهى.

من خط القاضي أبي يَعْلى مما انتقاه من "شرح مسائل الكَوْسج" لأبى حفص البَرْمكي

قال أبو حفص: إذا ترك التَّشَهُدَان صلاته تُجْزِئه، ولا فرقَ عندَه بين التَّشَهُّدِ الأوَّل والثاني، إن تَرَكَهما عامدًا أعاد الصَلاةَ، وإن تَركهما ناسيًا فصلاتُهُ جائزةٌ، وعليه سجودُ السَّهْوِ.

وقال: سجود السهوِ عندَنا واجب إلا أنَّ الصلاةَ لا تَبْطُلُ بتركِةِ.

قال: ومن الأبدال عندَنا ما يكونُ غيرَ واجب، وإن كان مُبْدَلُهُ واجبًا، مثلَ النكاحِ واجب، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم البَدلَ منه الصيام

(4)

،

(1)

من (ق).

(2)

أخرجه البخاري رقم (734)، ومسلم رقم (414) من حديث أبي هريرة، وأخرجاه -أيضًا- من حديث أنس رضي الله عنه.

(3)

من قوله: "في حقه

" إلى هنا ساقط من (ق).

(4)

في حديث: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج

". أخرجه البخاري رقم (1905)، ومسلم رقم (1400) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

ص: 1448

وهو غير واجب

(1)

.

وقال تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} . فبدأ بالسجود، قيل: ذلك فى غير شريعتنا {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً} ، ولأن الركوع يسمى سجودًا، والسجودُ ركوعًا بدليل حديث عائشة:"صلى النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف ركعتين، فى كلِّ ركعة سجدتين"

(2)

تريدُ: ركوعين، وفي حديث أبي هريرة:"من أدرك من العصر سجدة"

(3)

يريد: ركعةً. وقال تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)} يريدُ: ساجدًا.

قال أحمد: وإن انغمس فى الماء لا يُجزئهُ حتى يتوضَّأَ

(4)

.

قال أبو حفص: إن كان اغتسالُهُ لغير الجنابة لا يجزئه من وضوئه وإن نوى الوضوء؛ لأن عليه التَّرتيب، وإذا خرج من الماء خرج رأسهُ قبل وجهه؛ ولأن الغُسل لا يقوم مقام المسح، والمنغمس في الماء، فإن مسح برأسه وغسل رجليه بعد أن رتَّب الأعضاء في جوف الماء، فإن مسح برأسه وغسل رجليه بعد أن خرج رأسه من الماء، ويكون قد تمضمض واستنشق أولًا = صحَّ وضوؤُه.

قال أحمد: إذا علَّم رجلًا الوضوء لا يُجزؤهُ، يريد بهذا: إذا لم يَنو الوضوء لنفسه؛ لأن أبا داود

(5)

رَوى عنه: علَّم رجلًا الوضوء

(6)

ونوى أجزأه؛ لأن عثمان وعليًّا رضي الله عنهما جلسا يُعلِّمان الناس

(1)

"وهو غير واجب" ساقط من (ظ).

(2)

أخرجه البخاري رقم (1044)، ومسلم رقم (901).

(3)

أخرجه البخاري رقم (556)، ومسلم رقم (608).

(4)

انظر: "مسائل عبد الله" رقم (115 - 119).

(5)

لم أجده في مسائله.

(6)

من قوله: "لا يجزئه يريد .. " إلى هنا ساقط من (ق).

ص: 1449

وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لهما طُهورًا

(1)

.

عن أحمد ثلاثُ روايات في الجنب، هل يحتاجُ إلى الوضوء؟

إحداهنَّ: يُجْرئُهُ الغسل بلا وضوءٍ.

الثانية: يجزئُهُ الغسلُ لوضوئه إذا نواه.

الثالثة: لا يجزئه حتى يتوضَّأ.

قلت: استشكلَ: بعض الأصحاب (ق / 344 ب) الرِّوايَةَ الأولى، وهي الصحيحة دليلًا؛ لأن حكمَ الحَدَثَ الأصغرِ قد اندرجَ في الأكبر، وصار جُرءًا منه، فلم: ينفردْ بحكمٍ، لاسيَّما وكلُّ ما يجبُ غسلُهْ من الحَدَث الأصغر

(2)

يجب غسله في الأكبر وزيادة، فهذه الرِّوايةُ هي الصَّحيحةُ، وبهذا الطَريق كان الصحيح أن العُمْرَةَ ليست بفريضةٍ، لدخولها في الحجِّ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم علَّقَ الطُّهْرَ بإفاضةِ الماءِ على جميع الجَسَد

(3)

، ولم يشترطْ وضوءًا، وفَعَله النبيُّ صلى الله عليه وسلم لبيان أكملِ الغُسْل.

قال أبو حفص: إن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم أفردَ المضمضةَ والاستنشاقَ بالذِّكر عن الوجهِ، فقال: "إنَّ العَبْدَ أذا تَمَضمَض واسْتَنشَقَ، خرَجتْ ذنوبه مِن فيهِ وَمنخَرَيْهِ، فإذا غسَل وَجْهَهُ

"

(4)

الحديث.

(1)

حديث عثمان في "الصحيحين"، وحديث علي أخرجه أصحاب السنن وأحمد.

(2)

من قوله: "قد اندرج

" إلى هنا ساقط من "ظ".

(3)

فيما أخرجه مسلم رقم (330) عن أم سلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الغسل: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسِك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين".

(4)

أخرجه أحمد: (31/ 423 رقم 19064)، والنسائي:(1/ 74 - 75)، وابن ماجه رقم (282) من حديث الصنابحي. وأخرجه مسلم رقم (832) في حديث عَمرو بن عَبَسة الطويل.

ص: 1450

قيل: لا يمنعُ ذلك أن يكونا من الوجه، كما قال:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)} [الرحمن: 44]، فلم يمنعْ تمييزه بين الحميم وبينَ جهنَّمَ أن يكون من جهنَّم، ولأنه أفردهما لأنه خصَّ الوجه بمعنى آخرَ وهو خطايا النَّظَرِ، ولأنهُ يمكن فعلهما في حالٍ، فجمَعَ بينهما في الذِّكْرِ، ولا يمكنُ جَمعُهما مع الوجه في الاستعمالِ، فأفردا بالذكر، وإنما لم يَجِبْ غسلُ باطن العينين؛ لأنه يورِثُ العَمَى فسقط للمشقَّةِ.

وفيهما في الغُسل روايتان:

إحداهما: لا يجبُ للمشَقَّةِ.

والأخرى: يَجِب لعدم التَّكرار.

واختلف أصحابنا في المبالغة في الاستنشاق، فقال ابنُ أبي علي

(1)

: هي غيرُ واجبةٍ لأنها تسقُطُ (ظ/240 ب) في صوم التَّطَوعُّ، وقال أبو إسحاق

(2)

: هي واجبةٌ، ولا يدلُّ سقوطُها في الصَّوم على سقوطِ فرضِها في غيره؛ لأن سَفَرَ التطَوعِّ يُسْقِطُ الجُمعَة، ولا تسقطُ في غير السَّفَرِ.

وأجاب أبو حفص: بأن الجمعةَ منها بَدَلٌ، وليس من المبالغة بَدَلٌ.

وأجاب أبو إسحاق: بأنه قد يسقطُ الفرض بالتَّطَوعُّ ولا بَدَلَ، كالسَفَرِ يسقِطُ بعض الصَّلاة.

قال: إلى قيل: يلزمُ أن يجعلَ ما خلفَ الأذُن من البياضِ من الرأسِ؟

قيل: يقول: إنه منه.

قل: يلزمُ أن يجوزَ الاقتصارُ من التقصِيرِ من شعر الأذن؟

(1)

كذا في الأصول، ولم أتبينه، ولم أجد من يُعرف بهذا اللقب من الحنابلة، والمسألة مذكورة في كتبهم، ولم تنسب لقائل معيّن، بل إلى الأكثر.

(2)

هو: ابن شاقلا.

ص: 1451

قيل

(1)

لا، عندنا يلزِمُ استيعابُ الرأس بالأخذ من جميع شعره، والمرأةُ تقصر من طرف شعرها أنملة؛ لأن شَعَرها منسبل فهو يأتي على شعرها.

قيل:. يلزمُ أن يجوز الاقتصارُ بالمسح عليهما في الوضوء؟

قيل: في المسح روايتان؛ إحداهما: استيعابُ الجميع، والأخرى: البعض، ولا يجوزُ الاقتصارُ على الأُذُنَيْنِ إجماعًا. وقال: صفةُ مسح المرأة

(2)

: أن تمسحَ من وسط رأسِها إلى مقَدَّمِهِ، ثم من وسط رأسها إلى مُؤخرِهِ، على استواء الشعر، وكذا الرجلُ إذا كان له شعرٌ

(3)

. وقد روي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح من (ق/345 أ)، مُقَدَّمِهِ إلى مؤخَّرِهِ

(4)

يُجْزِيء في المَذي النَّضْح؛ لأنه ليس بِنجَسٍ، لقوله صلى الله عليه وسلم:"ذاكَ مَاءُ الفَحْلِ، ولِكُلِّ فَحلٍ مَاءٌ"

(5)

، فلما كان ماءُ الفحل طاهرًا، وهو المنِيُّ، كان هذا مثلَهُ، لأنهما ينشآن من الشَّهوة.

(1)

من قوله: "يقول إنه

" إلى هنا ساقط من (ق).

(2)

(ق): "الرأس".

(3)

انظر: "مسائل أبي داود" رقم (42)، و"مسائل ابن هانئ":(1/ 15)، وفي "مسائل صالح" رقم (58). سئل عن مسح المرأة رأسها؟ فقال: لا تبالي كيف مسحت.

(4)

أخرجه البخاري رقم (185)، ومسلم رقم (235) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه.

(5)

أخرجه أحمد: (2/ 399 رقم 1238) من حديث علي رضي الله عنه وأصله في "الصحيحين" في سؤال علي عن المَذي وما الواجب فيه.

وأخرجه أحمد: (31/ 346 رقم 19007)، وأبو داود رقم (211) وغيرهما من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك المَذي، وكلُّ فحلٍ يُمْذي

" الحديث.

.

ص: 1452

قال: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا قَامَ أحَدكُمْ مِنْ مَنمامِهِ"

(1)

إشارة إلى نوم

اللّيل؛ لأن المنامَ المطلقَ إشارةٌ إلى الليل

(2)

؛ ولأنه قال: "باتَت يدُه"، والبيتوتةُ لا تكونُ إلاّ بالليل، كقوله تعالى:{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) وَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)} [الأعراف: 97 - 98]، فخصَّ البيَاتَ بالليل، ثم ذَكَرَ النهار

(3)

.

قال أحمد: مسّ الدرهم الأبيض على غير وضوء، أرجو، يحتمل أن يكون سَهَّل، لحاجةِ الناسِ إلى المعاملة به وتقليبه

(4)

.

وقال أحمد في الرجلِ يجامِعُ أهلَه في السفر وليس معه ماءٌ: لا أكرهُ له ذلك

(5)

، قد فعله ابن عباس، رُوي أنه تَيَمَّم وصلَّى بِمُتوَضِّئينَ، ثم التفتَ إليهم فقال: إني أصبتُ من جارية رُومِيَّة، ثم تَيَمَّمْتُ وصلَّيْتُ بكم.

أحتجَّ للتَّيَمُّم لا يجوزُ بغير تراب بقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] قال: فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى المدينة طَيْبةَ وطابة

(6)

، وكانت سَبْخَةً؟ قيل: سماها طَيْبَة؛ لأنها طابتْ له وبه، لا أن هذا

(1)

أخرجه البخاري رقم (161)، ومسلم رقم (278) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

"لأن المنام المطلق إشارة إلى الليل" سقط من (ق).

(3)

انظر "مسائل أبى داود" رقم (17، 18).

(4)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 18). لأن فيها شيئًا من كتاب الله، وانظر آثار السلف في حكم مسها في "مصنف ابن أبي شيبة":(1/ 107).

(5)

انظر "مسائل الكوسج": (1/ ق 18 - 19)، و"مسائل صالح" رقم (78).

(6)

فيما أخرجه مسلم رقم (1385) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.

ص: 1453

الاسم استحَقَّتْهُ الأرضُ.

قال في الدَّمِ في أكثرُ الروايات

(1)

: "إن الفاحشَ ما يستفحشه الإنسانُ في نفسِه"، وقد قال هاهنا

(2)

بالذِّراع والشّبر، ولا يَدلُّ ذلك: على أن ما دونَه ليس بفاحِشٍ؛ لأنه قال في مَسائل المرُّوْذي: "خمس بزقات من دم"، وإنما لم يُوَقت في ذلك؛ لأن التوقيتَ لم يأتِ عمَّن تَقَدَّم.

روي عن ابن عمر أنه تَيمَّمَ، والماء منه على غَلْوَة أو غَلْوتيْنِ

(3)

، ثم دخل المصر وعليه وقتٌ، أي غسل

(4)

.

روى وَهْب بن الأجدع، عن عليٍّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم -قال:"لا صَلاةَ بعْدَ العَصْرِ، إلا أن تكون الشَّمسُ بيضَاءَ نقِية"

(5)

، قيل: يحتَمل أن يعني وقتَ العصرِ؛ لأنه روي أنه نهى عن الصلاة بعد العصرِ، أي: فعل الصلاة.

قوله -"أسْفروا بِالفَجْرِ، فَإنَّهُ أعْظَمُ للأجْرِ"

(6)

، فيه ضعف، ويريدُ

(1)

انظر "مسائل ابن هاني": (1/ 7)، و"مسائل عبد الله رقم (82)، و"مسائل صالح" رقم (72، 1002 - 1005).

(2)

يعني فى رواية الكوسج، انظرها:(1/ ق 36، 68).

(3)

أخرجه البيهقي. (1/ 233). والغَلْوة: قدر رمية بسهم. "النهاية في غريب الحديث": (3/ 383).

(4)

(ق وظ): "إن قيل" بدلًا من: "أي غسل".

(5)

أخرجه ابن أبى شيبة: (2/ 131)، وأبو داود رقم (1274)، والنسائي:(1/ 280)، وابن خزيمة رقم (1284)، وابن حبان "الإحسان":(4/ 414)، وغيرهم.

(6)

أخرجه أحمد: (25/ 133 رقم 15819)، وأبو داود رقم (424)، والترمذي رقم (154)، والنسائي:(1/ 272)، وابن ماجه رقم (672)، وابن حبان "الإحسان":(4/ 357) وغيرهم من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه.

قال الترمذي: أحسن صحيح"، وصححه ابن حبان، وابن القطان، كما في "نصب الراية": (1/ 235)، وتكلم فيه بعض العلماء.

ص: 1454

بذلك الإسفارَ في نفسِ الصلاة، فيكونُ قد ابتدأها بعدَما طَلَعَ الفجرُ، وأسْفَرَ بها بتطويلِ القراءة، أبو بكر قرأ بهم (البقرة) في الفجر، وقال:"لو طَلَعَتْ ما وَجَدَتْنا غافِلينَ"

(1)

.

قلت: للناس في هذا الحديث أربع (ظ/241 أ) طرق:

أحدها: تضعيفُه، وهي طريقة أبي حفص وغيره.

الثانية: حملُه على الإسفار بها في ليالي الغَيْم واللَّيالي المقمرَةِ، خشيَةَ الصَّلاةِ قبل الوقتِ.

الثالثة: أن الإسفارَ المأمورَ (ق/ 345 ب) به: الإسفارُ بها استدامةً وتطويلًا لها لا ابتداءً، وهذه أصحُّ الطُرُق، ولا يجوزُ حملُ الحديث على غيرها؛ إذ من المحال أن يكونَ تأخيرُها إلى وقتِ الإسفار أفضلَ وأعظَمَ للأجر، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يواظِبُ على خلافِه هو وخلفاؤه الرَّاشدون من بعدِهِ.

وتفسيرُ هذا الحديث يُؤخَذ من فعلِهِ، وفعلِ خلفائِهِ وأصحابهِ، فإنهم كانوا يُسْفِرونَ باستدامَتِها لا بابتدائِها، وهو حقيقةُ اللَّفظِ، فإنَّ قوِله:"أسْفِروا بها"، الباء للمصاحَبَةِ، أىِ: أطيلوها إلى وقتِ الإسفار، وفهْم هذا المعنى من اللفظ أقوى من فهم معنى آخر، والشروع فيها إلى وقت الإسفار، ولو قُدِّر أن اللَّفظَ يحتمل المعنيينِ احتمالًا متساويًا

(2)

لم يَجُزْ حملُه على المعنى المخالِفِ لعملِهِ وعمل خلفائِهِ الراشدينَ، والله أعلم.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة: (1/ 310)، وعبد الرزاق:(2/ 113)، والبيهقي في "الكبرى":(2/ 389) بسندٍ صحيح عن أنس رضي الله عنه.

(2)

من قوله. "إلى وقت

"إلى هنا ساقط من (ع).

ص: 1455

الطريقة الرابعة: أنَّ تأخيرَها أفضل، وحملوا الإسفار بها على تأخيرها إلى وقتِ الإسفارِ.

قال: دليل الجمع للمطر: روى عبدُ الرزاق، عن معْمرٍ، عن أيّوب، عن نافِع، قال: كان أهلُ المدينة إذا جمعوا بين المغرب والعشاء في اللّيلة المطيرة صلَّى معهم ابنُ عمر

(1)

، ورُوي عن ابن الزبير مثله

(2)

.

قال: ورُوِىِ عن أحمد: الشفقُ الحُمرَةُ حضرًا وسفرًا، وعنه: البياضُ سفرًا وحضرًا.

قال: احتجَّ من قال بطهارةِ الكلب بقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: 45]، وإطلاقُ الماء يقتضي الطهارة.

قيل: لا يمنعُ أن يقلب الله عينها إلى النَّجاسةِ كالعصير يتحمَّر، والماءُ ينقلبُ

(3)

بولًا.

سئل أحمد عن جيران المسجد، فقال: كلُّ من سَمعَ النَّداء.

وسُئل: يَؤُمُ الرَّجلُ أباه؟ قال: إيْ واللهِ، يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهم، وأحتجَّ أبو حفص أن النبي رضي الله عنه قال:"ورأيتني في جماعة منَ الأنبياء" إلى أن ذكر إبراهيمَ، قال:"فصلَّيت بِهِم"

(4)

.

عن أحمد في النفخِ، قال: أكرهُهُ شديدًا إلا أني لا أقولُ: يقطع

(1)

أخرجه عبد الرزاق: (1/ 556)، ومالك في "الموطأ" رقم (386) بنحوه.

(2)

لم أجده.

(3)

(ق وظ): "يصير".

(4)

أخرجه مسلم رقم (172) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 1456

الصَّلاة، وليس هو كلام، وعنه. أن النفخَ يقطعُ الصلاةَ، وعلى الروايتين هو مكروهٌ.

صلاةُ الضُّحى، قُتِل عثمانُ وما أحد يُسَبِّحُها

(1)

، قيل: وليس في ترك الصحابةِ ما يمنعُ من فعلِها، فقد فعلَها صلى الله عليه وسلم وقتًا وتَرَكَها وقتًا، وهذا اختيارُ أحمدَ أن لا يُداوَمَ عليها

(2)

.

قال: إذا قال المؤَذِّن: "قد قامتِ الصلاةُ" وجَبَ أن يقومَ الإمامُ ولا يسبقوه، ثم يقوموا، وإذا لم يكنْ في المسجد أيضًا قاموا فانتظروهُ قِيامًا، َ وقد رَوَى أبو هريرة قال: "أقِيْمتِ الصلاةُ، وصفَّ الناسُ صفوفَهم، فخرجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

إلى قولهِ، ثم ذكر أنه لم يغتسلْ فقال بيدِهِ للناس:"مكانَكم"

(3)

،

وأما قوله: "لا تَقُوموا حَتَّى تَرَوني"

(4)

، فنقول: إذا لم يكنْ في المسجدِ جاز أن يقوموا إذا قال: "قد قامتِ الصلاةُ" ينتظرونَه قيامًا (ق/ 346 أ) لحدِيث أبي هريرة، وإذا كانَ في المسجدِ قاموا ولم يتَقدَّموه، لأنه قال:"حتى تَروني" أيْ: قائمًا.

اختار أحمد حديثَ عمَرَ في الاستفتاح

(5)

، وقد روى أبو سعيد

(1)

انظر "مسائل الكوسج": (1/ ق 40).

(2)

انظر: "المغني": (2/ 549 - 551).

(3)

أخرجه البخاري رقم (275)، ومسلم رقم (605) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.

(4)

أخرجه البخاري رقم (637)، ومسلم رقم (604) من حديث أبى قتادة رضي الله عنه.

(5)

أثر عمر في الاستفتاح هو: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك". =

ص: 1457

عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

، وليس بصحيح، لأن رواية عليِّ بن عليِّ الرِّفاعي، عن أبي المتوكّل النَّاجي، عن أبي سعيد، وقد قال أحمد: عليُّ بن علي لا يُعبأُ به شيئًا

(2)

.

حديث البَراء أنه صلى الله عليه وسلم"كان إذا افتَتحَ الصلاةَ رَفعَ يديْهِ، ثمَّ لا يعودُ"

(3)

، قال أحمد:"لم يَعُد" من كلامِ وكيع

(4)

.

قال: لا يختلفُ المذهب في اللَّحْنِ الذي هو مخالفة الإعراب (ظ/ 241 ب)، لا يبْطِلُ الصلاةَ.

واختلف قولُه إذا خَتَم آيةَ رحمة بآيةِ عذاب، على روايتين؟

إحداهُما: عليه الإعادة، والثانية: لا، ووجهها ما روى قابوس بن أبي ظبيان، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس، قال: صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون قال: فأكثَرُوا، فقال: إنَّ له

= أخرجه الحاكم: (1/ 235)، وابن أبي شيبة:(1/ 209)، والدارقطني:(1/ 299)، والبيهقى:(2/ 34 - 35).

(1)

أخرجه أحمد: (18/ 51 رقم 11473)، وأبو داود رقم (775)، والترمذي رقم (242)، وابن ماجه رقم (804)، والنسائي:(2/ 132)، وغيرهم.

قال الترمذي: "وقد تكلَّم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيي بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث" أهـ. وضعفه أبو داود وابن خزيمة والنووي.

(2)

انظر "مسائل الكوسج"(1/ق 44).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (749)، والبيهقي:(2/ 76)، والحميدي:(2/ 316) وغيرهم، وهو ضعيف: بزيادة: "ثم لا يعود" وانظر ما سيأتي.

(4)

انظر: "مسئل عبد الله" رقم (325، 326)، و"العلل":(1/ 369 - 370)، و"تهذيب السنن":(1/ 368 - 369)، و"المنار المنيف":(ص/ 138)، و"نصب الراية":(1/ 394 - 395).

ص: 1458

قَلْبَيْنِ ألا تسمعونَ إلى قوله، والآية في الصلاة

(1)

.

قال ابن عباس: "لا يَؤُمُّ الغلامُ حتى يحتلمَ"

(2)

، إن قيل: يلزمُ عليك إمامَتُهُ إذا كان ابنَ عشر؛ لأنه خُوطِبَ بالصَّلاةِ عندَك؟ قيل: الخَبَرُ ألَزَمَ ذلك في النَّظَر. إن قيل: فقد أَمَ عَمْرو بنُ سَلِمَةَ وهو غلامٌ

(3)

. قيل: سمَّي غلامًا وهو بالغٌ، ورواية أنه كان له سبعُ سنين فيه رجلٌ مجهولٌ فهو غيرُ صحيح

(4)

.

الكوسج

(5)

: قلت: يَؤُمُ القومَ، وفيهم من يكرهُ ذلك، قال: إذا كان رجلًا أو رجلينِ فلا حتى يكونوا جماعةَ ثلاثةَ فما فوقَهُ.

(1)

أخرجه أحمد: (4/ 233 رقم 2410)، والترمذي رقم (3199)، وابن خزيمة رقم (865)، والحاكم:(2/ 415)، وابن جرير:(10/ 255)، وغيرهم، ولفظ أحمد:"قلت لابن عباس: أرأيتَ قول الله عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}، ما عنى بذلك؟ قال: قام نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يومَا يصلّي، قال: فَخَطر خَطْرةً، فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترون له قلبين، قال: قلبًا معكم، وقلبًا معهم؟ فأنزل الله عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}. وسقنا اللفظ هنا لأن سياق المؤلف غير محرر، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الحاكم؛ لكن فيه قابوس ضعيف الحديث. وانظر "مسائل الكوسج": (1/ ق 49).

(2)

أخرجه عبد الرزاق: (1/ 487)، والبيهقي:(3/ 225)، وروي مرفوعًا ولا يصح، انظر:"فتح الباري": (2/ 217).

(3)

أخرجه البخاري رقم (4302) عن عَمْرو بن سَلِمة.

(4)

بل وقع في رواية البخاري أنه كان ابن ست أو سبع سنين. وسئل أحمد في رواية الكوسج (1/ ق 61): "يؤم القوم من لم يحتلم؟ فسكت. قلت: حديث أيوب عن عَمرو بن سَلِمة؟ قال: دعه، ليس هو شيءٌ بيَّن، جبن أن يقول فيه شيئًا".

(5)

"المسائل": (1/ ق 62).

ص: 1459

قال أبو حفص: جعل الحكمَ للكثيرِ فى الكراهَةِ لأنَّ الحكمَ للأغلب.

روي أنس: "صلَّيْت خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم أنا ويتيمٌ لنا وأم سُلَيم خَلْفَنا"

(1)

.

يحتمل أن يكون كان بالغًا ويحتملُ أن يكونا صَبيَّيْنِ، أما إذا كان أحدهما بالغًا فعلى حديث ابن مسعود:"أنه صلَّى بَعلقمةَ والأسودِ، وأحدُهما غيرُ بالغ، فأقام أَحَدَهما عن يمينهِ، والآخرَ عن يَسَارهِ، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم"

(2)

.

الكوسج

(3)

: قلت: إذا دخل والإمامُ راكِع يركعُ قبل أن يَصِلَ إلى الصف؟ قال: إذا كان وحدَه وظنَّ أنه يُدْرِكُ فعَلَ

(4)

.

احتجَّ أبو حفص بحديث أبي بَكْرَةَ

(5)

.

فإن قيل: فقد نهاه صلى الله عليه وسلم؟ قيل: نهاه عن شدَّة السَّعْيِ.

قلت: الإشارةُ

(6)

في الصَّلاة؟ قال: قد أشارَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اجلِسوا"

(7)

إذا كان يُفهِمهم شيئًا من أمر صلاتِهم

(8)

.

الصلاةُ لغير القِبْلَةِ وهو لا يعلمُ ثم عَلِمَ؟ قال: يستديرُ، قلت:

(1)

أخرجه البخاري رقم: (727)، ومسلم رقم (658)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه.

(2)

أخرجه مسلم رقم (534).

(3)

"المسائل": (1/ق 63).

(4)

وتمام جواب الإمام: "وإن كان مع غيره فيركع حيث ما أدركه الركوع".

(5)

تقدم.

(6)

في "المسائل": "تكره الإشارة

؟ ".

(7)

تقدم.

(8)

"المسائل". (1/ق 67).

ص: 1460

يُعِيدُ ما صلَّى؟ قال: لا

(1)

.

أبو حفص: دليلُه أهل قُبَاء.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فَلْيصَلَّ إلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْن مِنْهَا لا يقْطَعِ الشَّيْطَان عَلَيْهِ صَلاتَهُ"

(2)

.

إن قيل: فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم (ق/346 ب) خَنَقَ شيطانًا وهو يُصَلِّي

(3)

؟ قيل: يحتملُ أنه خَنَقَهُ يَمْنَةً أو يَسْرَةً.

قال أحمد: لا يعجبُني أن ينقضى وِتْرهُ

(4)

، وعنه الجواز؛ لحديثِ عثمان، وابنُ عباس وأسامَةُ رخَّصا فيه.

قلتُ: إن رجلًا قال: يا رسولَ الله إني أعملُ العملَ أُسِرُّهُ، فَيطلَعُ عليه، فيُعْجبُني

(5)

؟ قال: لما أسرَّ العملَ فأظهر الله له الثناءَ الحَسَنَ فأعجبه، فلَم يعبْ ذلك أن الرجلَ يعجِبهُ أن يقالَ فيه الخير

(6)

.

(1)

"المسائل": (1/ ق 69).

(2)

أخرجه أحمد: (26/ 9 رقم 16090)، وأبو داود (695)، والنسائي:(2/ 62)، وابن خزيمة رقم (803)، وابن حبان "الإحسان":(6/ 136) وغيرهم، من حديث سَهل بن أبي حَثْمة رضي الله عنه. وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

(3)

أخرجه البخاري رقم (461)، ومسلم رقم (541) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

"المسائل": (1/ ق 71)، وانظر "مسائل عبد الله" رقم (432 - 435).

(5)

أخرجه الترمذي رقم (2384)، وابن ماجه رقم (4226) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الترمذي: "حديث حسن غريب".

(6)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 73) وزاد إسحاق ابن راهوية في الجواب: فإذا كان ذلك منه لِيقتدى به الناس، وليذكر بخير صار له أجر سرِّه وأجر ما نوى، من اقتداءِ الناس به وذكرهم إياه بخير.

ص: 1461

لا بأس أن يُعجبَ الإنسان ما قيلَ عنه من الخير، إذا كان مَقْصَدهْ في عمله اللهُ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمنُ تسُرُّه حسنتُه"

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا نسِيَ أحدُكُمْ صَلاةً، فَلْيصلها إذا ذكَرَهَا ولوَقْتِها مِنَ الغَد"

(2)

محمول على النسخ

(3)

بحديث عمرانَ بن حُصَيْن: سِرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فذكره، إلى قوله: فصلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسولَ الله نَقْضيها لميقاتِها من الغد؟ قال: "لا، أيَنهَاكم رَبكم عَنِ الرِّبا ويقبلهُ منكم"

(4)

.

قال ابن مسعود: "لا يقصرُ إلا حاجٌّ أو غازٍ"

(5)

. يحملُ على ما شاهَدَهُ من الرَّسولِ؛ لأن أسفارَهُ لم تكن إلاّ في حَجٍّ أو غزو.

(1)

أخرجه أحمد: (1/ 269 رقم 114)، والترمذي رقم (2165)، وابن حبان "الإحسان":(16/ 239)، والحاكم:(1/ 113) وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنحوه، وله شواهد من حديث جماعة من الصحابة.

(2)

أخرجه مسلم رقم (681)، وأبو داود رقم (437)، والترمذي رقم (177)، والنسائى:(1/ 294)، وابن ماجه رقم (698) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه مطولًا ومختصرًا.

(3)

انظر "مسائل الكوسج": (1/ ق 74)، وسلك جمعٌ من العلماء سبيل الجمع بين الروايات، فجعل الضمير فى:"فليُصَلها" راجعًا إلى صلاة الغد، أي: فليؤد ما عليه من الصلاة مثل ما يفعل كل يوم بلا زيادة عليها، فتتفق الألفاظ كلها. انظر:"فتح الباري": (2/ 85)، وحاشية السندي على النسائي:(1/ 295).

(4)

أصل حديث عمران في "الصحيحين" بدون هذا اللفظ، وهذا اللفظ أخرجه أحمد:(33/ 178 رقم 19964)، وأبو داود رقم (443)، وابن خزيمة. رقم (994)، وابن حبان "الإحسان":(4/ 319)، وغيرهم من طريق الحسن البصري عن عمران، ورواية عنه مرسلة في قول جماعة من أهل العلم.

(5)

"مسائل الكوسج": (1/ق 74) وفي (ق) جعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه عن ابن مسعود الطحاوي في "شرح معاني الآثار": (1/ 425 - 426).

ص: 1462

اختلفتِ الرِّواية في صلاةِ النائمِ، فرُوِيَ عنه: على جَنْبٍ، وعنه: مستلقيًا ورجلاه إلى القِبْلَةِ.

تجبُ الصلاةُ على الصَّبي عند تكامل العَشر، لا كما يقولُ مخالفُنا: عند تَكامُلِ الخَمس عَشْرَة

(1)

.

قلت: رجلٌ وضع يديه على فَخِذَيه في الركوع، أو وضع إحدى يديهِ على رُكْبَتَيْهِ، (ظ/ 242 أ) ولم يَضَعِ الأخرى. قال أحمد: أرجو أن يُجْزِئَه

(2)

.

قال أبو حفص: معنى هذه المسألةِ إذا كان ذلك من عِلَّةٍ، أما من غير عِلَّة فلا، لما روي عن سعد: كنا نُطَبقُ، ثم أُمِرْنا أَن نَضع الأيديَ على الرُّكَب

(3)

، وابن مسعود لم يبلغْه ذا، وكان يُطَبِّقُ، ولو أنَّ رجلًا لم يبلغْه فَعمل بالمنسوخ كابن مسعود لم تبطلْ صلاتُهُ، ولزمَهُ ذلك منذ وقتِ عَلِمَ.

إذا سها في صلاتِه عشرينَ مرةً، يكفيه سجدتانِ

(4)

، لحديث عمران بن حُصَيْن فإنه حصلَ منه سهو كثيرٌ، واكتفى بسجدتينِ، من ذلك أنه جَلَس في الثالثةِ ساهيًا وسلَّم ساهِيًا، وسؤالهم له ساهِيًا، ودخوله الحجرةَ ساهيًا

(5)

.

(1)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 78).

(2)

المصدر نفسه: (1/ ق 78 - 79).

(3)

أخرجه مسلم رقم (535) بنحوه، واللفظ للحاكم:(1/ 244).

(4)

"مسائل الكوسج"(1/ ق 85).

(5)

أخرجه مسلم رقم (574) من حديث عمران بن حُصَين رضي الله عنه في قصة ذي اليدين، وسمَّاه عمرانُ: الخِرْباق.

ص: 1463

إذا أدركَ إحدى سجدتي السَّهْوِ، يقضي السجدةَ ثم يقومُ فيقضي ما فَاتَه، إنما لم يَجُزْ

(1)

تأخيرها إلى آخر صلاتِه بل يقضيها معه، لقوله:"وَمَا فَاتكُم فَاقْضْوا"

(2)

، وقد فاتَتهُ سجدةٌ فيجِبُ أن يسجدَها، لا زيادةَ عليها

(3)

.

رجلان نسي أحدُهما الظُّهْرَ أمس والآخر أوَّل أمس، قال أحمد: يجمعان جميعًا من يوم. واحدٍ، وأيامٍ متفرِّقَةٍ

(4)

.

وعنه في رواية صالح أنهما لا يَجمعان من أيام متفَرِّقةٍ

(5)

.

وَجْه. رواية الكوسج: أن صلاتهما يجمعهما اسمُ ظُهْر، (ق/347 أ): وليس بينهما اختلاف، هذا قول أبي حفص.

وجهُ رواية صالح: ما ذكره الشريف أبو جعفر من أن ظُهْرَ يوم واحد في حكم الجنس الواحد، ومن يومين في حكم الجنسين، بدليل أنه قد سقط ظهر أحدهما بما لا يسقطُ به ظهْر الآخَرِ، وهو ظهرُ يومِ الجمعةِ، وبقيَّةُ الأيام تسقط

(6)

بظهر مثلها، وهذا معدومٌ في

(1)

(ق): "يقوم فيصلي ما فاته، إنما لم يجب

".

(2)

أخرجه بهذا اللفظ الحميدي رقم (935)، وأحمد:(12/ 192 رقم 7250)، والترمذي رقم (329)، والنسائي:(2/ 114 - 115)، وابن حبان "الإحسان":(5/ 517)، وغيرهم من حديث ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة - ضى الله عنه-.

وذكر مسلم وأبو داود أن لفظة "فاقضوا" تفرَّد بها ابن عيينة عن بقية أصحاب الزهري، فهي خطأ منه والرواية المحفوظة "فأتموا". وأجاب الزيلعي وغيره عن ذلك بمتابعة معمر لابن عينة وكذا ابن أبي ذئب، انظر "نصب الراية":(2/ 200).

(3)

"مسائل الكوسج" ت (1 / ق 81).

(4)

المصدر نفسه: (1/ ق 82).

(5)

لم آره في المطبوع في رواية صالح.

(6)

من قوله: "ظهر أحدهما

" إلى هنا ساقط من (ظ).

ص: 1464

اليوم الواحد وهذا فرق صحيحٌ، وقد ذكرناه بعينهِ إذا كان عليه كفَّارتان من جنسين، أنه يفتقرُ إلى التَّعيين.

قال في رجلينِ صَلَّيا جميعًا ائْتَمَّ كلُّ واحدِ منهما بصاحِبه: يُعِيدان جميعًا

(1)

. والدليلُ عليه أنه لم يحصل

(2)

واحدٌ منهما معتقدًا للإمَامَةِ.

قال: ولو أن رجلًا ائْتَمَّ برجل ولم يَنْو ذلك الرجل أن يكونَ إمامَهُ: يجزئُ الإمامَ ويعيدُ هو

(3)

.

دليلُهُ أن الإمَامَةَ لا تَصِحُّ إلاّ بنيَّةِ.

فإن قيل: ابن عبَّاس ائْتَمَ بالنَّبِي صلى الله عليه وسلم في صلاة اللَّيل

(4)

، وكان قد ابتدأها لنفسِه؟ قيل: النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليس كغيرِه، هو إمامٌ كيف تصرَّفَتْ أحوالُه، إلا أن ينقلَ نفسَه فيصيرَ مأمومًا.

قال إسحاق الكوسج

(5)

: قلت: يكرَه لهؤلاء الخيَّاطين الذين في المساجد؟ قال: لَعَمري شديدًا.

دليلُه عمر رأى رجلينِ يَتبَايَعَانِ في المسجد، فقال: هذا سوقُ الآخِرَةِ فاخْرجا إلى سُوقِ الدنيا

(6)

.

قضاءُ الركعتينِ بعدَ العصرِ خُصوصًا له صلى الله عليه وسلم، بدليلِ حديثِ أم سَلَمَةَ:

(1)

"مسائل الكوسج"(1/ ق 82).

(2)

كذا، وفي المطبوعة:"يصل".

(3)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 82).

(4)

تقدم (3/ 964).

(5)

"المسائل"(1/ ق 90).

(6)

أخرج مالك في "الموطأ" رقم (483)، ومن طريقه ابن أبى عاصم في "الزهد":(ص/317) عن عطاء بن يسار نحوه، ولم أجده عن عمر.

ص: 1465

يا رسولَ الله أنقضيها إذا فاتَتْنَا؟ قال: "لا"

(1)

الفرقُ بين الإسلام يَصِحُّ في الأرض المغصوبة دون الصلاة، أنَّ الإسلام لا يفتقرُ إلى مكان بخلاف الصلاةِ.

المسلمُ إذا أعتق عبدَهُ النَّصْرَاني فهل عليه جِزيَة؟ على روايتينِ

(2)

، وجه سقوطِها أن ذمَّتَهُ ذِمَّة سيدِهِ.

كراهتهُ للمعتكفِ أن يعتكفَ في خيمةٍ، إلا أن يكونَ بَرْد

(3)

؛ لأنَّ الخيمةَ تُضَيِّق المسجد، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم اعتكفَ في زمان باردٍ في قُبّةٍ وخيمة، يدلُّ عليه قوله:"إنى رَأيتُنِي أسْجدُ فْي صَبيْحَتِها في ماءٍ وطينٍ"

(4)

" فعُلِم أن الزمان بارد لوجود المطَرِ.

في إتيان المستحاضة، قال: لا يأتيها إلاّ أن يطولَ ذلك بها

(5)

. وليس أنه أباح ذلك إذا طال ومنع ذلك إذا قَصُر، ولكنه أراد: أنه إذا طال عَلِمَتْ أيام حَيْضِها من أيام استحاضَتِها يقينًا، وهذا لا تعلمُهُ إذا قَصُر ذلك.

قوله في المرأة تشربُ دواءً يقطعُ الدَّمَ عنها، قال: إذاِ كان دواءً يُعْرَفُ فلا بأسَ

(6)

.

(1)

أخرجه أحمد: (6/ 315)، وابن حبان "الإحسان":(6/ 378) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.

(2)

(ق): "على وجهين روايتين".

(3)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 133).

(4)

أخرجه البخاري رقم (669)، ومسلم رقم (1167) من حديث أبي سعيد الخدري - رصى الله عنه-.

(5)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 139).

(6)

المصدر نفسه: (1/ ق 139).

ص: 1466

قال أبو حفص: معناه عندي: إذا ابْتُلِيَتْ بالاستحاضَةِ الشديدةِ فهو مَرَضٌ، لا بأسَ بشرب الدَّواء، أما الحيض فلا، لأن الحَيض كتبهُ الله على بناتِ آدَمَ، وإنما تَلِدُ إذا (ق/347 ب)، كان حَيْضُها موجودًا، ولا جائز أن يتعرَّض (ظ/242 ب) لما يقطع الوَلَدَ.

في إتيان الحائض، قال أحمد: لو صحَّ الحديثُ كنا نرى عليه الكفَّارَةَ

(1)

.

قال أبو حفص: إن لم يَصِحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم صحَّ عن ابن عباس

(2)

، ومذهب أحمد الحكمُ بقولِ الصَّحَابِيِّ إذا لم يُخالفْ، قال: واختياري ما قال الكوسجُ: إنه مُخيَّرٌ في الدينار أو النصف دينار.

قوله في أكثر الحيض: أكثرُ ما سمعنا سبعة عشر يومًا. يحتملُ أن يكونَ ذكره لأنه قوله، ويمكن أن يكون على طريق الحكاية، والأشبَهُ عندي أن يكونَ قولُه لا يختلِفُ أنه خمسة عشر يومًا، وإنما أخبرَ عن السبعَ عَشْرَةَ أنه سمعه لا أنه يُقَلِّدُهُ

(3)

.

قوله في الطهر إنه على قدر ما يكون. فليس عندَه أنَّ لأقَله حَدًّا، كما ليس لأكثرهِ حَدٌ، وكل شيء ليس لأكثره حَد ليس لأقلِّهِ حَدٌّ.

(1)

المصدر نفسه.

(2)

أخرجه أحمد: (4/ 269 رقم 2458)، وأبو داود رقم (266)، والترمذي رقم (136)، وغيرهم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، وقد اختلف في هذا الحديث اختلافًا كثيرًا في رفعه ووقفه، وفي ألفاظه، وصححه جماعة، وضعفه آخرون، انظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على الترمذي:(1/ 246 - 254).

(3)

وهذا الموافق لما نص عليه الإمام في جميع الروايات، انظر "مسائل عبد الله" رقم (210)، وأبي داود رقم (152، 153)، وابن هانئ:(1/ 30)، وصالح رقم (382).

ص: 1467

فإن قيل: ينبغي أن كان ليس لأقلِّهِ حَدّ

(1)

، لو ادَّعَتِ انقضاء: عِدَّتِها في أربعةِ أيام تباحُ للأزواج؟ قيل: العدةُ ليس من هذا؛ لأن قوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} يزيدُ الأقْرَاءَ الكاملةَ، وأقل الكاملة أن تكون في شهر لحديث علي مع شُرَيح

(2)

.

وقوله في الصبيِّ: لا يُزَوِّجُ لا يكون وَلِيًّا حتى يحتلِمَ

(3)

، وعنه: ابنْ عشر يُزوِّجُ ويَتزوَّج.

آخر المنتقى من خط القاضي ما انتقاه من "شرح مسائل الكوسج" لأبي حفص قال: ومبلغهُ ستةُ أجزاء.

* * *

(1)

من قوله: "وكل شيءِ .... " إلى هنا سقط من (ق).

(2)

لم أعرفه.

(3)

"مسائل الكوسج": (1/ ق 146).

ص: 1468