الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من إيقاع أفعالهم لأن الله عالم بها قبل وقوعها منهم وعالم بما في الكون كليّه وجزئيه وعلمه تعالى بظاهر الأمور كعلمه يبواطنها، راجع الآية 3 من سورة سبأ في ج 2، قال تعالى «وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ» يوم السؤال هو «الْحَقُّ» العدل الكائن لا محالة.
مطلب وزن الأحمال وحادث البطاقة:
واختلف في وصف الميزان وكيفية الوزن، والإيمان بهما على ظاهرهما واجب، وأصح ما قيل فيهما أن الميزان له لسان وكفتان عظيم الحجم، والوزن هو صحائف الأعمال، بدليل ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ان الله عز وجل سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول له أتنكر شيئا من هذا؟
أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول لا يا رب، فيقول ألك عذر؟ فيقول لا يا رب، فيقول تبارك وتعالى: بل إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج الله له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فيقول احضر وزنك، فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال له انه لا ظلم عليك اليوم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسمه شيء. أخرجه الترمذي واحمد بن حنبل. إن هذا يثبت ما قلناه في الميزان والحكمة من إظهار العدل للناس وتعريفهم ما لهم وعليهم، وعلامة السعادة والشقاوة، وبيان أنّ الله لا يظلم عباده، وانه امتحنهم بالإيمان في الدنيا وأقام عليهم الحجة في العقبى وليتيقنوا استحقاقهم العذاب وان الله لم يحف عليهم راجع الآية 26 من ص المارة، قال تعالى «فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ» بحسناته وطاشت سيئاته «فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 8» الفائزون بثواب الله الناجحون في ذلك اليوم «وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ» بسيئاته وطاشت حسناته «فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» فيه وعوقبوا بحرمانهم من ثواب الله وكرامته «بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ 9» أنفسهم في الدنيا بجحدهم آياتنا وتكذيبهم رسلنا،
قال تعالى «وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ» أيها الناس «فِي الْأَرْضِ» وأقدرناكم على التصرف فيها وملكناكم إياها «وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ» من كل ما تحتاجون في حياتكم من مشرب ومطعم وملبس ومسكن وغيره، ومع هذا أراكم «قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ 10» صنيعي فيكم وانعامي عليكم حق شكره، وذلك أن الآية تفيد أنهم يشكرون نوعا أي قليلا جدا بالنسبة لعظم أفضال الله عليهم وان حق الشكر تصور النعمة دائما وإظهارها والثناء على المنعم، وضده الكفر وهو نسيان النعم وكتمها وكان غاية شكرهم ذكرهم النعمة عند حضورها فقط وهذا لا يخلو منه إنسان
«وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ» أيها الناس من نطفة وخلقنا أباكم من تراب «ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ» في الأرحام على صورة أبيكم الذي صورناه على الأرض «ثُمَّ» أعلمناكم على لسان رسولنا بأنا «قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ» عند تمام خلقه «اسْجُدُوا لِآدَمَ» «هذا الذي خلقته بيدي» «فَسَجَدُوا» له كلهم إذعانا لأمرنا «إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ 11» له استكبارا عليه وأنفة منه ومخالفة لنا «قالَ» تعالى يا إبليس «ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ» مع الملائكة ومن قال لك لا تسجد! ولا هنا ليست بزائدة لعدم جواز وجود زائد في القرآن ولا يقال إنها لا معنى لها لأن كل حرف في كتاب الله له معنى وهنا جيء بها للتأكيد أي أي شيء منعك أن تسجد، يؤيد هذا الآية في سورة ص، وهي ما منعك أن تسجد بدون لا، وقد سبق أن ذكرنا ما يتعلق بمثلها أول سورة القيمة وسورة البلد المارتين فراجعهما وسنأتي على تفنيد الاستناد الى الآيات المحتج بها على قولهم بأن لا فيها زائدة عند تفسيرها بحالها إن شاء الله «إِذْ أَمَرْتُكَ» بالسجود الأمر هنا للوجوب والسؤال للتوبيخ ولإظهار عناده وكفره وافتخاره بأصله وبيان حسده لآدم وتحقير أصله المبين بقوله «قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 12» حجة قاصرة تقدم تفنيدها في الآية 76 من ص المارة إذ من المعلوم ان جوهر الطين الرزانة والهناءة والصبر والحلم والحياء والتثبت والمودة، وهذا ما دعا آدم وذريته إلى التوبة والندم والاستغفار، وجوهر النار الخفة والطيش والارتفاع والاضطراب والعجلة.