الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذا عيال فقير ليس لك شىء «فَأَغْنى 8» فيسر لك ما أغناك به عن الناس ولم يحجك الى أحد من خلقه إذ أرضاك بما أعطاك من القناعة التي وفرت في صدرك روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النّفس. وروى مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص أن رسول الله قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه. وما قيل أغناه بمال خديجة غير سديد لإن مال الزوجة لا يستوجب عده من قبل الله نعمة أما كونها وبنيها من عياله وبهم صار ذا عيال فنعم وما قاله بعض المفسرين بما أفاء عليك من الغنائم لا صحة له، إذ لا يوجد في مكة غنائم وانما كانت الغنائم والحروب في المدينة وهذ السورة مكية ولكنه صلى الله عليه وسلم جبل منذ كان في مهده بإلهام من ربه على القناعة وفيه قيل:
في المهد يعرب عن سعادة جده
…
أثر النجابة ساطع البرهان
ثم طفق بوصيه بقوله «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ 9» لا تذله ولا تظلمه ولا تحقره ولا تعمل به عملا يوجب انزعاجه، وهذا لا يتصور من حضرة الرسول وانما نهاه ليتجنب الناس ظلم اليتيم على حد إياك اعني واسمعي يا جارة، وذلك لان قومه كانوا لا يورثون اليتيم ويغلبونه على ماله ويهضمون حقه روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال قال صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. وروى البغوي عن أبي هريرة قال قال عليه الصلاة والسلام خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه ثم قال أنا وكافل اليتيم هكذا ويشير بأصبعيه.
مطلب عدم رد السائل واللطف باليتيم:
«وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ 10» لا تزجره إذا سأل ولا ترده إذا طلب ولا تمنعه إذا أراد من فضلك وابذل اليه مما عندك ولو قليلا ولا تردّ وجهه فيرجع صفر اليدين وإذا لم تجد ما تعطيه فرده بكلمة طيبة ردا جميلا من غير تقطب وجه قال ابراهيم بن أدهم، نعم القوم السؤّال يحملون زادنا الى الآخرة. وقال ابراهيم
النخعي، السائل بريدنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول أتوجهون إلى أهلكم أي موتاكم شيئا، قال جرير:
الله نزل في الكتاب فريضة
…
لابن السبيل وللفقير العائل
وقرىء فلا تكهر لغة أعرابية والاعراب حتى الآن يبدلون القاف القولي بالكاف الفارسي والكاف بالجيم الفارسي على أن تفشي هذين الحرفين لديهم يوقع في الخلد أنهما عربيان وضعا والله أعلم. وما قيل ان السائل هنا هو طالب العلم ليس بشيء، على أنه لا يجوز منع السائل عنه بل يجب عليه اجابته. هذا وقد عاتب الله رسوله في الفقراء في ثلاثة مواضع أحدها في ابن أم كلثوم إذ أنزل الله فيه مبادئ سورة عبس الآتية، والثانية فيما كلفته قريش بأن لا يجلس الفقراء معهم إذ أنزل قوله:
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) الآية 38 من سورة الكهف في ج 2، والثالثة أن سائلا وقف ببابه وكان أمامه عنقود من التمر فسأل فأعطاه إياه فقام عثمان فاشتراه منه ووضعه أمام الرسول، فعاد وطلب فأعطاه إياه ثانيا، فعاد عثمان واشتراه منه، ثم عاد ثالثا فقال صلى الله عليه وسلم أسائل أنت أم بائع، فأنزل الله هذه الآية
«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11» بها أداء لشكرها وأراد بالنعمة هنا والله أعلم النبوة التي شرفه بها فكل نعمة دونها، فأمره في هذه الآية أن يبلغ ما يوحيه إليه إلى قومه، وأن يتحدث بما فضله الله به، واعلم أنه كما يجب على العبد شكر نعم الخالق، ينبغي له أن يشكر نعمة المخلوق، روى جابر عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أعطى عطاء فليجز به إن وجد، فإن لم يجد فليثن عليه، فإن من أثنى عليه فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور. أي الذي يقول فلان أعطاني كذا وفلان عمل لي كذا من حيث لم يعطه ولم يعمل له شيئا، وكذلك الضرّة إذا قالت لضرّتها إن زوجي فعل لي كيت وكيت من حيث لم يفعل. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبى زور- أخرجه الترمذي-