الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ميزانه وفي هذه الآية بشارة بأن الله تعالى يري المؤمن أعماله الصالحة ليفرح بها والكافر أعماله الطالحة ليحزن
«ثُمَّ يُجْزاهُ» أي يجزى الإنسان بفعله «الْجَزاءَ الْأَوْفى 41» الأتم الأكمل ان خيرا فخير كثير وان شرا فشر مثله، راجع الآية 160 من سورة الانعام من ج 2 «وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى 42» المرجع والمصير بعد هذه الدنيا إذ ينتهي كل شيء يوم القيامة اليه لا لأحد غيره، كما أن الأفكار لا تزال تسير في بدء حقائق الأمور وما هيأتها فتنتقل من بحث إلى بحث ومن برزخ إلى برزخ حتى إذا وصلت الى الله انتهت ووقفت وتعطل سيرها في بحر غيبه، لأن الغيب ما غاب عن الناس وتفرد به ربهم عز وجل إذ لا غيب عليه، ومن قال ان الله لا يعلم الغيب أراد هذا المعنى يعني لا غيب عليه لأن كل شيء عنده معلوم، غير. أنه لا ينبغي أن يقال لما فيه من نسبة النفي عليه تعالى وتنزه عنه، حتى ان الإمام الرباني لما عرضت عليه هذه المسألة اغتاظ جدا لما فيها من النقص عليه، تنزه عنه، وعليه فإن من يقدم على هكذا أسئلة فإنه في غاية من الفتنة ونهاية من الجهل، وأفظع من هذا من يقول ان الله لا يقدر على أن يخرجني من ملكه في معرض سماعه ان الله على كل شيء قدير، لأنه وإن كان من حيث المعنى صحيح لأنه أينما قذفته فهو في ملكه، إلا أنه لا يقال لما في ظاهره من إيقاع الشك للجاهل، تدبر، وإياك أن تقدم على مثله.
مطلب في الغيب وأنه قسمان:
واعلم أن الغيب قسمان غيب حقيقي لا يعلمه إلا الله، وغيب اضافي قد يعلمه بعض الخلق بأسباب تختلف باختلاف الاستعداد الفطري والعمل الكسبي، ومن أظهره الله على بعض الغيب الحقيقي من رسله فليس لهم كسب فيه لأنه من خصائص النبوة، والنبوة غير مكتسبة لأحد ولو رقى في العلم أعلى رتبة، راجع ص 421 إلى ص 469 من الجزء السابع وص 513 من الجزء التاسع في تفسير الأستاذ محمد رشيد رضا المنسوب إلى الإمام محمد عبده. هذا ومن دون الأنبياء خواص قد أوتوا نصيبا من الإشراف على العالم باكتشاف للحجاب وإدراك ما بشيء من تلك
الأنوار قال صلى الله عليه وسلم لو كشف الحجاب وفي رواية الغطاء ما ازددت يقينا، وذلك لأن الله تعالى شرح صدره فكان على نور من ربه بلغ به مقام الاطمئنان، ووقع لمن دونه في العرفان، رواية النور العيني عيانا ورأوا الملائكة، عدا أن جبريل كانت رؤيته في صورة دحية الكلبي ووقع لمن دون الآخرين ممن لهم سلامة فطرة أو معالجة النفس بالرياضة، أو طروء مرض يصرف قوى النفس عن الاهتمام بشهوات الجسد، أو من سلطان إرادة قوية على إرادة ضعيفة تصرفها عن حسها وتوجه قواها النفسية إلى ما شاءت أن تدركه لقوتها الخاصة بها، فقد يكون لبعض هؤلاء في بعض الأحوال من قوّة الروح ما يلمحون به بعض الأشياء أو الأشخاص البعيدة عنهم. وتتمثل لهم بعض الأمور قبل وقوعها في عالم الشهادة، فترتسم بخيالهم فيخبرون بها فنقع كما أخبروا، وقد ثبت هذا وذاك عند بعض الماديين في هذا الزمن مما يسمونه قراءة الأفكار، أو مراسلتها، ومن هذا ما ذكرت جريدة المقطّم في 1 صفر سنة 1354 (الموافق مايو سنة 1935) عن العرافة (مدام ترفران ليلى) أنّها قالت للوزراء والملوك والرؤساء بأنه سيقتل رئيس جمهورية فرنسا. ويعود كارول ملك رومانيا المنفي إلى بلاده، ويصير أحمد زوغو ملكا على ألبانيا، وبصير انقلاب في ألمانيا، ثم وقع ما قالت على علم من قبل الملأ. هذا وإن الأمور التي تكون على غير السنن المعروفة، والعادات المألوفة الخارقة للعادة، نقلتها جميع الأمم في كل العصور نقلا متواترا جنسا لا نوعا. فهذه ليست كلها خوارق حقيقية لأن منها ماله أسباب مجهولة، ومنها ما هو صناعي بتعليم خاص، ومنها ما هو من خصائص قوى النفس في توجهها لمطالبها. وفي تأثير قوى الإرادة على ضعيفها، ويدخل فيها المكاشفة والتنويم المغناطيسي وشفاء بعض المرضى بالأمراض العصبية التي يؤثر فيها الإعتقاد والوهم وبعض أنواع العمى والفالج. ومنه انخداع البصر بالتخيل الذي يحذقه المشعوذون، ومن هذا سحرة فرعون. ومنه انخداع السمع لمن يدعى استخدام الجن ويسمع الناس أصواتا غريبة، أو يتكلمون في بطونهم. فيظن الناس أنه صوت الجن، وقد انفضح كثير من أمثال هؤلاء بالاطلاع على حيلهم، فهذا كله لا يوثق