الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة البروج عدد 27- 85
نزلت بمكة بعد سورة والشمس، وهي اثنتان وعشرون آية، ومثلها في عدد الآي المجادلة فقط، ومائة وتسع كلمات، واربعمائة وخمسة وستون حرفا، ويوجد سورة الطارق مبدوءة بما بدئت به ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: «وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ 1» القصور الاثني عشر ستة منها شمالية، ثلاثة ربيعية وهي الحمل والثور والجوزاء وابتداء الحمل من الاعتدال الربيعي وثلاثة صيفية: السرطان والأسد والسنبلة وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي والشمال يسار القبلة، وستة جنوبية ثلاثة خريفية وهي الميزان والعقرب والقوس وابتداء الميزان من الاعتدال الخريفي، وثلاثة شتائية:
الجدي والدلو والحوت وابتداء الجدي من الانقلاب الشتوي والجنوب يمين القبلة فتكون السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم وهي مدة دخول الشمس إلى النقطة التي فارقتها من تلك البروج، وكل برج ثلاثون درجة فمجموعها ثلاثمائة وستون درجة، كل درجة بمقدار أربع دقائق، ومجموعها أربع وعشرون ساعة وأن الشمس تقطع هذه البروج كلها مرة في السنة كل برج في شهر، وبها تتم دورة الفلك ويقطعها القمر في ثمان وعشرين يوما وكسور، وسيأتي تفصيلها عند تفسير الآية 39 من سورة يس الآتية ومعناها لغة القصر، والحصن وأصله الأمر الظاهر ثم صار حقيقة للقصر العالي لظهوره ويقال لما ارتفع من سور المدينة برج أيضا وشبهت بالقصور لعلوها ولأن النجوم نازلة فيها والمراد بها هنا اجزاء الفلك الأعظم المسمى بالفلك الأطلس وفلك الأفلاك، وزعموا أنه العرش بلسان الشرع، لكنها لم تكن ظاهرة حساد لّوا عليها بما سامتها وقت تقسيم الفلك الأعلى من الصور المعروفة أي الاثني عشر برجا المار ذكرها لأنها في الفلك الثامن المسمى عندهم بفلك الثوابت أو بالكرسي بلسان الشرع على ما زعموا، فبرج الحمل مثلا ليس إلا جزءا من أثنى عشر جزءا من الفلك الأعلى سامته صورة الحمل من الثوابت وقت
التقسيم وبرج الثور كذلك مسامتة صورة الثور منها في ذلك الوقت أيضا وهكذا وإنما قيل وقت التقسيم لأن كل صورة قد خرجت لحركتها وإن كانت بطيئة عما كانت مسامتة له من تلك البروج حتى كاد يسامت اليوم الحمل برج الثور والثور برج الجوزاء وهكذا، وطول كل برج ثلاثون درجة وعرضه مائة وثمانون درجة منها تسعون في جهة الشمال، وتسعون في جهة القبلة. وقال مجاهد وعكرمة وقتاده المراد بالبروج النجوم. وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله حديثا بلفظ الكواكب وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد عن أبي صالح أنها النجوم والكواكب العظام والأول أولى وأنسب بالمقام، وقد أقسم الله بها لما فيها من عظيم حكمته ومرور الكواكب السيارة فيها ومسيرها على قدر معلوم لا يختلف أبدا إلى حلول اليوم المعلوم «وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ 2» لخرابها وبعث الخلق وحسابهم وجزائهم «وَشاهِدٍ» فيه على الأعمال الواقعة من الخلق «وَمَشْهُودٍ 3» فيه من أهوال وخوارق أقسم الله تعالى بيوم القيامة لعظمة ما فيه، وبأنبيائه الذين يشهدون على أممهم بما وقع منهم قال تعالى:(وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) الآية 41 من سورة النساء في ج 3 وباليوم المشهود لما فيه من العجائب التي يطلع عليها كافة الخلق قال تعالى:
«فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ» الآية 35 من سورة مريم الآتية وقال تعالى (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) الآية 103 من سورة هود من ج 2. وما قيل ان ذلك اليوم هو يوم الجمعة أو يوم التروية أو يوم عرفه الله جل شأنه والمشهود يوم عرفة أو يوم النحر أو آدم عليه السلام لا وجه له، وسياق النظم ينافيه وكل ما جاء في هذا من الأحاديث لا عبرة بها لأنها لم تثبت بصورة يصح الإحتجاج بها وجواب القسم (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ 4) الشقوق المستطيلة في الأرض المعمولة لتعذيب الناس، واعلم أن الذين وصفوا بهذا ثلاثة ولم يعلم المراد به منهم في هذه الآية وهي تنطبق عليهم الأذل أبطاموس الرومي عملها بالشام. والثاني بختنصر بفارس والثالث دو نواس باليمن إلا أن التي بالشام وفارس لم تشتهر عند العرب.
ت (15)