الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
آداب البحث والمناظرة
اعلم أولًا أن البحث في اللغة الفحص والتفتيش. ومنه قوله -تعالى-: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: 31]، والمتناظران كل منهما يفحص ويفتش عما يصحح به حجته ويبطل به حجة خصمه.
والمناظرة: مفاعلة على بابها من اقتضاء الطرفين، وهي من النظر أو النظير، وكلاهما معروف لغة.
والنظر في الاصطلاح: هو الفكر المؤدي إلى علم أو غلبة ظن.
وقد قدمنا تعريفه وتعريف الفكر في الاصطلاح
(1)
.
فالمناظرة في اللغة: المقابلة بين اثنين كل منهما ينظر إلى الآخر، أو كل منهما ينظر بمعنى يفكر، والفكر هو المؤدي إلى علم أو غلبة ظن.
وهي في الاصطلاح: المحاورة في الكلام بين شخصين مختلفين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول الآخر، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق، فكأنها بالمعنى الاصطلاحي مشاركتهما في النظر الذي هو الفكر المؤدي إلى علم أو غلبة ظن ليظهر الصواب.
والأصل في مشروعيتها قوله -تعالى-: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
(1)
في القسم الأول "مقدمات منطقية": ص 15.
[النحل / 125] وقوله: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] وقوله: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)} [الفرقان: 33].
فأقل مراتب حكمها الجواز إن كانت على الوجه المطلوب، وقيل بعضهم باستحبابها. وقيل إن القدر الذي يلزم لإبطال شبه خصوم الحق فرض كفاية، وليس ببعيد والله أعلم.
وموضوع هذا الفن: الأبحاث الكلية التي تندرج تحتها أبحاث جزئية من حيث هي موجهة مقبولة، أو غير مقبولة، فالأبحاث الكلية: كالمناقضة والنقض والمعارضة الكليات
(1)
.
والأبحاث الجزئية المندرجة تحت هذه: كمعارضة دليل بعينه، وكنقض دليل خاص.
وقبول ذلك وعدمه يعرف من هذا الفن، فكل نقض بالتخلف أو استلزام الفساد، فهو وظيفة مقبولة، وكل إفساد للمقدمة، قبل إثباتها مع إقامة دليل الإفساد فهو غصب غير مقبول.
وقد علمت معنى الموضوع في المقدمة
(2)
، وبه تعلم أن موضوع كل فن ما يُبحث فيه عن عوارضه الذاتية، كما أشرنا له الآن بالأمثلة
(3)
، فموضوع علم الطب بدن الإنسان، وموضوع الحساب
(1)
يقصد المناقضة الكلية، والنقض الكلي، والمعارضة الكلية.
(2)
ص 14، 83.
(3)
يقصد قوله: كالمناقضة والنقض والمعارضة. . إلخ.
الأعداد، وموضوع الفرائض التركات، وهكذا.
وموضوع هذا الفن الأبحاث الكلية المشتملة على الأبحاث الجزئية من حيث إنها موجهة مقبولة، أو غير موجهة ولا مقبولة.