المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ترتيب المناظرة في التصديق - آداب البحث والمناظرة - جـ ١

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة منطقية

- ‌أنواع العلم الحادث

- ‌[الدلالة وأنواعها]

- ‌مباحث الألفاظ

- ‌النسب الأربع

- ‌فصل في مبادئ التصورات

- ‌فصل في مقاصد التصورات

- ‌فصل في مباديء التصديقات

- ‌[فصل في تقسيم القضايا باعتبار الكم والكيف]

- ‌فصل في التناقض

- ‌فصل في العكس

- ‌فصل في مقاصد التصديقات

- ‌فصل في القياس الاستثنائي

- ‌تنبيه يتعلق بهذا القياس الاستثنائي:

- ‌آداب البحث والمناظرة

- ‌فصل في تقسيم الكلام إلى مفرد ومركب وبيان ما تجري فيه المناظرة وما لا تجري فيه

- ‌فصل في التقسيم

- ‌فصل في شروط صحة التقسيم

- ‌فصل في بيان أوجه الاعتراض على التقسيم وبيان طرفي المناظرة في التقسيم

- ‌فصل في الأجوبة عن الاعتراضات الموجهة إلى التقسيم

- ‌فصل في التعريفات

- ‌فصل في أوجه الاعتراض على التعريف الحقيقي والاسمي

- ‌فصل في أجوبة صاحب التعريف

- ‌فصل في تسمية طرفي المناظرة في التعريف

- ‌فصل في التصديق وبيان المناظرة فيه

- ‌فصل في الأجوبة عن المنع

- ‌فصل في الغصب

- ‌فصل في المكابرة

- ‌فصل في النقض وأقسامه ويسمى النقضَ الإجمالي

- ‌فصل في الأجوبة عن النقض

- ‌فصل في المعارضة

- ‌فصل في أجوبة المعلل عن المعارضة

- ‌فصل في ترتيب المناظرة في التصديق

- ‌فصل في النقل

- ‌فصل في العبارة

- ‌فصل في المصادرة

- ‌فصل في المعاندة

- ‌فصل في المجادلة

- ‌فصل في الجواب الجدلي

- ‌فصل في انتهاء المتناظرَين

- ‌فصل في آداب المتناظرَين التي ينبغي أن يلتزماها

- ‌فصل في آيات قرآنية تستلزم طرقَ المناظرة المصطلح عليها

- ‌تطبيق قواعد البحث والمناظرة التي كنا نوضحها على الاعتراضات المعروفة في فن الأصول بالقوادح

- ‌الفصل الأول: في النقض

- ‌[فصل في الكسر]

- ‌فصل في تطبيق الاعتراض المسمى بالمناقضة -وهو المنع الحقيقي- على القادح المسمى في الأصول بالمنع

- ‌فصل في المعارضة وأقسامها

- ‌فصل في السؤال [السابع]

- ‌فصل في السؤال الثامن

- ‌فصل في السؤال التاسع

- ‌فصل في السؤال العاشر

- ‌فصل في السؤال الحادي عشر

- ‌فصل في السؤال الثاني عشر

- ‌فصل في السؤال الثالث عشر

- ‌فصل في السؤال الرابع عشر

- ‌فصل في السؤال الخامس عشر

- ‌فصل في إيضاح طرق مناظرة المتكلمين في الأدلة التي جاءوا بها

- ‌فصل في بيان عقيدة السلف الصحيحة الصافية من شوائب التشبيه والتعطيل

- ‌خاتمة في المقارنة بين مذهب السلف وما يسمونه مذهب الخلف

الفصل: ‌فصل في ترتيب المناظرة في التصديق

‌فصل في ترتيب المناظرة في التصديق

حسبما تقدم متفرقًا في هذه المذكرة؛ لأن جمعه في محل واحد بعد تفرقه يعين طالب العلم على إدراكه بسرعة.

إعلم أولًا أنك إذا أُلقي إليك تصديق -ويقال له هنا: الدعوى، والمدَعى- فانظر في ألفاظه أولًا، فإن كان في بعض ألفاظه إجمال أو غرابة فلك حينئذ الاستفسار، وهو طلب تفسير اللفظ الذي فيه إجمال وغرابة، أي تعيين المراد به.

ومثال ما فيه إجمال ما لو قال: (تؤخذ العين بالعين)؛ فإن لفظ العين فيه إجمال؛ لصدقه على الباصرة والجارية وغيرهما.

ومثال ما فيه غرابة أن يقول: (من قتل بالزخيخ قتل به)، فالزخيخ وهو النار لفظ فيه غرابة.

وعلى المستفسر إثبات الإجمال والغرابة، ويكفيه في إثبات الإجمال بيان احتمالين في اللفظ، كما لو قال: يجب أخذ العين بالعين. فقال المستفسر ما مرادك بالعين؟ فقال المعلل: ليس في كلامي إجمال حتى تستفسر عنه. فيثبت المستفسر الأجمال بأن العين تُطلق على الباصرة والجارية والنقد وغير ذلك.

وإذا أثبت المستفسر الاحتمال فجواب المعلل صاحب التصديق بأحد أمرين:

الأول: منع تعدد الاحتمال، كما لو قال المعلل: يجوز لك أن

ص: 260

تمنع الشرب من عينك. فيقول المستفسر: ما مرادك بالعين؟ فيقول: ليس في كلامي إجمال؛ لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدا. فيقول المستفسر: أليس لفظ العين في كلامك مشتركًا بين الباصرة والجارية وغيرهما؟ فيقول المعلل: لفظ الشرب في كلامي قرينة تعيّن أن مرادي العين الجارية، لا الباصرةَ ولا غيرها، فلا يحتمل كلامي إلا معنى واحدًا هو العين الجارية.

الثاني: ترجيح الاحتمال الذي قصده على غيره من الاحتمالات، كان يقول المعلل: ذلك الشيح أسد. فيقول المستفسر: ما مرادك بالأسد؟ فيقول: لا إجمال في كلامي. فيقول الآخر: أليس الأسد يطلق على الحيوان المفترس وعلى الرجل الشجاع؟ فيقول الآخر: هو في الحيوان المفترس أظهرُ منه في الرجل الشجاع عند التجرد من القرائن، وحملُ اللفظ على الأظهر لازم؟ لرجحانه على غيره.

وإذا كان المعلل معترفًا بالغرابة أو الإجمال لزمه بيان مراده من كلامه.

وإذا كان لفظ صاحب التصديق ظاهر المعنى واضح الكلمات لا إجمال فيه ولا غرابةَ، أو كان فيه إجمال أو غرابة وبيّنه صاحبُه حتى صار واضح المعنى لا إشكال فيه من غرابة أو إجمال = فعليه بعد هذه الخطوة أن ينظر في كلام المعلل صاحب التصديق: هل هو ناقل لذلك التصديق عن غيره من كتاب أو راوٍ؟ أو هو آت به من تلقاء نفسه؟ وفي حال كونه ناقلا له عن غيره: هل هو ملتزم صحتَه أو ليس ملتزمًا لها؟

فإن كان ناقلًا ولم يلتزم صحة ما نقل فليس له أن يوجه إليه شيئًا إلا المطالبةَ بتصحيح النقل، ويلزمه حينئذ تصحيحُ نقله بإثباته ذلك بطريقٍ

ص: 261

من طرق الإثبات.

وأما إن كان جاء بالتصديق من عند نفسه أو نقله والتزم صحته فعلى السائل أن يفعل كما يأتي: وهو أن ينظر في ذلك التصديق هل هو بديهي أو نظري؟ وإذا كان بديهيًا فهل هو جلي أو خفي؟

فإن وجد التصديقَ بديهيًا جليًا فعليه تسليمُه والأذعانُ له، وإن منعه فهو مكابر.

وإن وجد التصديق نظريًا أو بديهيًا خفيًّا فلينظر: هل أقام صاحب التصديق البديهي الخفي عليه تنبيهًا أو لم يقمه عليه؟ وهل أقام صاحب التصديق النظري عليه دليلًا أو لم يقمه؟

فإن كان صاحب النظري لم يقم عليه دليلًا، وصاحب البديهي الخفي لم يقم عليه تنبيهًا، بل كلاهما دعوى مجردةٌ فليس للسائل إلا شيء واحد: وهو منع الدعوى المذكورة، وطلب الدليل عليها أو التنبيه، وعلى صاحب الدعوى أن يأتي بالدليل في النظري، أو التنبيه في البديهي الخفي.

فإن كان صاحب التصديق الذي هو الدعوى قد أقام عليه دليلًا إن كان نظريًا، أو تنبيهًا إن كان بديهيًا خفيًّا، فللسائل حينئذ أن يعترض بإحدى الوظائف الثلاث الموضحة سابقًا، وهي (المنع) وهو المناقضة والنقض التفصيلي، و (النقض) ويقال له النقض الإجمالي، و (المعارضة)، وقد تقدم إيضاح الجميع وإقسامة وأمثلته، وعلى صاحب الدعوى بعد ورود أحد هذه الاعتراضات أن يجيب عنه، وقد بينا أوجه جوابه عن كل واحد منها. والعلم عند الله -تعالى-.

ص: 262