الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في السؤال التاسع
وهو القادح المعروف في الأصول بالتقسيم، وهو قادح عند الجمهور في الدليل، ومنع قوم القدح به.
وضابط التقسيم هو أن يحتمل لفظٌ مُورَدٌ في الدليل معنيين أو أكثر، بحيث يكون مترددًا بين تلك المعاني، والمعترض يمنع وجود علة الحكم في واحد من تلك الاحتمالات.
كأن يقول مشترط النية في الوضوء: الطهارة قربة فتُشترط فيها النية كغيرها من القرب، فيقول المعترض كالحنفي: الطهارة تنقسم إلى النظافة من الخبث، وإلى الأفعال المعروفة المخصوصة التي هي الوضوء شرعًا، والأول ممنوعٌ كونُه من القرب التي هي علة وجوب النية.
ومن أمثلته أن يُستدل على ثبوت الملك للمشتري في زمن الخيار بوجود سبب الملك وهو البيع، فيقول المعترض: البيع الذي هو سبب الملك ينقسم إلى قسمين: أحدهما مطلق البيع، الصادق بما فيه شرط، والثاني البيع الذي لا شرط فيه، والأول ممنوع كونُه علةً للملك، والثاني مسلم ولكنه مفقود في محل النزاع.
ويشترط لصحة التقسيم شرطان:
الأول: أن يكون ما ذكره المستدل منقسمًا إلى ما يمنع وغيرِه، فلو زاد المعترض وصفًا لم يذكره المستدل لم يُقبل منه.
والثاني: أن يكون التقسيم حاصرًا لجميع الأقسام، فإن لم يحصرها فللمستدل أن يتبين أن مَوْرِدَه غيرُ ما عيّنه المعترض بالذكر.
ووجه قبول القدح بالتقسيم أن اللفظ إذا احتمل أمرين أحدُهما باطل فهو محتمل البطلان، فلا تنهض به حجة.
ووجه رد القدح به أن احتمال البطلان لا يبطل الدليل.
والجواب عن القدح بالتقسميم كالجواب عن الاستفسار المتقدم، وهو أن يبين أن لفظه لا يحتمل إلا ذلك المعنى، أو أنه أظهرُ فيه، وقد أوضحناه [بأمثلته]
(1)
في الكلام على الاستفسار
(2)
.
وتطبيق هذا القادح على الاعتراض في البحث والمناظرة هو أن التقسيم منع، ولكنه منع خاص؛ لأنه منع لا يأتي إلا بعد تقسيم.
ووجهه أن يقول: دليلك هذا منقسم إلى ما يحقق بطلانه وإلى غيره، وكل دليل كان كذلك فلا تنهض به حجة، ينتج: دليلك لا تنهض به حجة، فالصغرى تضمنت تقسيما، والكبرى تضمنت منعًا بعد التقسيم.
(1)
في المطبوع (بأمثلة)، والمثبت أقرب.
(2)
ص 260، 261.