الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في بيان أوجه الاعتراض على التقسيم وبيان طرفي المناظرة في التقسيم
اعلم أولًا أنه قد اشتهر عند علماء هذا الفن أن الذي يعترض على التقسيم بأحد وجوه النقض الآتية يسمى مستدِلًا، وأن صاحب التقسيم أو الذي يبين بطلان الاعتراضات عليه يسمى مانعًا، عكس الاصطلاح الأصولي المعروف، ولا مشاحة في الاصطلاح.
وقد عرفت مما قدمنا أن تقسيم الكلي إلى جزئياته تشترط لصحته ثلاثة شروط، وقد قدمناها قريبًا موضحة، وأن تقسيم الكل إلى أجزائه له شرطان، وقد قدمناهما موضحين قريبًا، وبينا أن الاعتراض على التقسيم إنما يتوجه بسبب اختلال أحد الشروط المذكورة، وقد قدمنا أمثلة اختلالها، وورود الاعتراض على التقسيم بسبب اختلال أي واحد من الشروط، ومثلنا لذلك كله في تقسيم الكلي إلى جزئياته، وسنذكره مع المثال هنا في تقسيم الكل إلى أجزائه.
وإيضاحه أنك قد علمت مما مر أن الشرطين المشترطين لصحة تقسيم الكل إلى أجزائه: الأول منهما كونه جامعًا مانعًا، والثاني كون كل قسم من أقسامه مباينًا لما عداه منها، ومباينًا أيضًا للمقسم بالنظر إلى الحمل، لا بالنظر إلى التحقق، وبذلك تعلم أن الاعتراض يتوجه إليه باختلال أحد الشرطين، كان يكون غير جامع أو غير مانع، أو يكون بعض أقسامه غير مباين لبعض، أو غير مباين للمقسم من حيث الحمل.
فمثال ورود الاعتراض عليه بكون غير جامع قولك في كرسي مركب من ذهب وخشب ومسامير: (هذا الكرسي ذهب ومسامير)؛ لأن ذلك لم يشمل الجزء الخشبي، فهو غير جامع لجميع الأجزاء التي هي أقسامه.
ومثال كونه غير مانع قولك: (الكرسي: المتحيز [و]
(1)
المسامير)، تعني: الجزء الخشبي ومسامير؛ لأن لفظ المتحيز وإن كان صادقا بالجزء الخشبي فإنه لا يمنع غير أجزاء الكرسي من الدخول كالحجر لأنه متحيز.
ومثال توجه الاعتراض إليه بكون بعض الأقسام غير مباين لبعضها الآخر قولك في كرسي مركب من خشب وصفائح حديد ومسامير: (هذا الكرسي قطع حديد -تعني الصفائح- وخشب ومسامير)؛ لأن قطع الحديد لا تباين المسامير؛ لأن كل واحد منها قطعة من حديد في الجملة، وإن كانت قطع الحديد المذكورة تختلف هيآتها؛ لأن اختلاف الهيآت لا يغير الحقيقة، فلا شك في أنه يصدق على كل من الصفائح والمسامير أنه قطع من حديد.
ومثال توجه الاعتراض عليه بكون بعض الأقسام غير مباين للمقسَّم من حيث الحمل قولك: (الكرسي مسامير وشيء يجلس عليه) تعني الجزء الخشبي؛ لجواز الحمل في قولك الكرسي شيء يجلس عليه.
(1)
في المطبوع: (غير)، والسياق يأباها ويقتضي ما أثبت.