الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى {لقيا غُلَاما فَقتله} اسْمه حيسور بِالْحَاء الْمُهْملَة وَقيل بِالْجِيم بعْدهَا مثناة تحتية وَقيل نون آخِره رَاء الْملك الَّذِي فِي قصَّته فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} اسْمه هدد بن يدد كِلَاهُمَا بِوَزْن صرد الْعَزِيز اسْمه اطفير أَو قطفير إمرته اسْمهَا راعيل هَذَا مَا ذكره البُلْقِينِيّ فِي هَذِه الْمَوَاضِع ووراء ذَلِك أَقْوَال أُخْرَى سردناها فِي التحبير وَهِي أَي المبهمات فِي الْقُرْآن كَثِيرَة جدا وَلم يستوفها البُلْقِينِيّ وَلَا قَارب وفيهَا تصنيف مُسْتَقل لِلسُّهَيْلِي والبدر بن جمَاعَة وَقد استوعبتها فِي التحبير فَلم أدع مِنْهَا شَيْئا ورتبتها على فُصُول وَللَّه الْحَمد
علم الحَدِيث
هُوَ علم بقوانين أَي قَوَاعِد يعرف بهَا أَحْوَال السَّنَد والمتن من صِحَة وَحسن وَضعف وعلو ونزول وَكَيْفِيَّة التَّحَمُّل وَالْأَدَاء وصفات الرِّجَال وَغير ذَلِك
والسند الْإِخْبَار عَن طَرِيق الْمَتْن من قَوْلهم فلَان سَنَد أَي مُعْتَمد لاعتماد الْحفاظ عَلَيْهِ فِي صِحَة الحَدِيث وَضَعفه أَو من السَّنَد وَهُوَ مَا ارْتَفع وَعلا عَن سفح الْجَبَل لِأَن الْمسند يرفعهُ إِلَى قَائِله والمتن مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ غَايَة السَّنَد من الْكَلَام من المماتنة وَهِي المباعدة فِي الْغَايَة لِأَنَّهُ غَايَة السَّنَد أَو من متنت الْكَبْش إِذا شققت جلدَة بيضته واستخرجتها فَكَانَ الْمسند استخرج الْمَتْن أَو من الْمَتْن وَهُوَ مَا صلب وارتفع من الأَرْض لِأَن الْمسند يقويه بالسند وَيَرْفَعهُ ثمَّ إِن أول من صنف فِي هَذَا الْفَنّ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الرامَهُرْمُزِي عمل فِيهِ كِتَابه الْمُحدث الْفَاضِل وَلم يستوعب وَالْحَاكِم وَلم يهذب وَلم يرتب ثمَّ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ ثمَّ الْخَطِيب فصنف الْكِفَايَة فِي قوانين الرِّوَايَة وَالْجَامِع لِآدَابِ الشَّيْخ وَالسَّامِع وصنف فِي أَنْوَاع هَذَا الْفَنّ كتبا مُفْردَة كَثِيرَة حَتَّى قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر بن نقطة كل من أنصف علم أَن الْمُحدثين عِيَال على كتبه إِلَى أَن جَاءَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن الصّلاح
فَجمع مُخْتَصره الْمَشْهُور وأملاه شَيْئا بعد شَيْء لما ولي تدريس دَار الحَدِيث الأشرفية فهذب فنونه ونقح أَنْوَاعه ولخصها واعتنى بمؤلفات الْخَطِيب فَجمع متفرقاتها وشتات مقاصدها فَصَارَ على كِتَابه الْمعول وَإِلَيْهِ يرجع كل مُخْتَصر ومطول الْخَبَر بِمَعْنى الحَدِيث وَقيل أَعم مِنْهُ إِن تعدّدت طرقه بِلَا حصر بِأَن أحالت الْعَادة تواطأهم على الْكَذِب أَو وُقُوعه مِنْهُم اتِّفَاقًا بِلَا قصد واتصف بذلك فِي كل طبقاته فَهُوَ متواتر أَي يُسمى بذلك وَسَيَأْتِي فِي أصُول الْفِقْه أَنه يُوجب الْعلم اليقيني فَلَا يحْتَاج إِلَى الْبَحْث عَن أَحْوَال رِجَاله قَالَ ابْن الصّلاح ومثاله على التَّفْسِير الْمَذْكُور يعز وجوده إِلَى أَن يدعى ذَلِك فِي حَدِيث من كذب عَليّ مُتَعَمدا فقد رَوَاهُ من الصَّحَابَة نَحْو الْمِائَة وَقيل الْمِائَتَيْنِ وَتعقب عَلَيْهِ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ بِحَدِيث مسح الْخُف فقد رَوَاهُ سَبْعُونَ من الصَّحَابَة وَحَدِيث رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة فقد رَوَاهُ نَحْو خمسين مِنْهُم وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام الْحَافِظ أَبُو الْفضل ابْن حجر مَا أدعاه ابْن الصّلاح من الْعِزَّة وَغَيره من الْعَدَم مَمْنُوع لِأَن ذَلِك نَشأ عَن قلَّة الِاطِّلَاع على كَثْرَة الطّرق وأحوال الرِّجَال وصفاتهم الْمُقْتَضِيَة لإبعاد الْعَادة أَن يتواطؤا على الْكَذِب أَو يحصل مِنْهُم اتِّفَاقًا
وَمن أحسن مَا يُقرر بِهِ كَون الْمُتَوَاتر مَوْجُودا وجود كَثْرَة فِي الْأَحَادِيث أَن الْكتب الْمَشْهُورَة المتداولة بأيدي أهل الْعلم شرقا وغربا بالمقطوع عِنْدهم بِصِحَّة نسبتها إِلَى مصنفيها إِذا اجْتمعت على إِخْرَاج حَدِيث وتعددت طرقه تعددا تحيل الْعَادة تواطئهم على الْكَذِب إِفَادَة الْعلم اليقيني بِصِحَّتِهِ إِلَى قَائِله وَمثل ذَلِك فِي الْكتب الْمَشْهُورَة كثير قلت صدق شيخ الاسلام وبر وَمَا قَالَه هُوَ الصَّوَاب الَّذِي لَا يمترى فِيهِ من لَهُ ممارسة بِالْحَدِيثِ واطلاع على طرقه فقد وصف جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَحَادِيث كَثِيرَة بالتواتر مِنْهَا حَدِيث نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف وَحَدِيث الْحَوْض وانشقاق الْقَمَر وَأَحَادِيث الْهَرج والفتن فِي آخر الزَّمَان وَقد جمعت جزأ فِي حَدِيث رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء فَوَقع لي من طرق تبلغ الْعشْرين وعزمت على جمع كتاب فِي الْأَحَادِيث المتواترة يسر الله ذَلِك بمنه وَكَرمه آمين وَغَيره وَهُوَ مَا لم تصل طرقه إِلَى الرُّتْبَة الْمَذْكُورَة آحَاد فَإِن كَانَ بِأَكْثَرَ من اثْنَيْنِ كثلاثة فمشهور أَي يُسمى بذلك لوضوحه وَرُبمَا يُطلق على
مَا اشْتهر على الْأَلْسِنَة وَلَو كَانَ لَهُ إِسْنَاد وَاحِد بل وَلَو لم يُوجد لَهُ إِسْنَاد أصلا أَو بهما أَي بِاثْنَيْنِ بِأَن روياه فَقَط عَن اثْنَيْنِ فَقَط وَهَكَذَا فعزيز لقلَّة وجوده أَو عزته وقوته لمجيئه من طَرِيق آخر مِثَاله حَدِيث الشَّيْخَيْنِ عَن أنس وَالْبُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده الحَدِيث رَوَاهُ عَن أنس قَتَادَة وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب وَرَوَاهُ عَن قَتَادَة شُعْبَة وَسَعِيد وَرَوَاهُ عَن عبد الْعَزِيز اسمعيل بن علية وَعبد الْوَارِث وَرَوَاهُ عَن كل جمَاعَة
أَو بِوَاحِد فَقَط بِأَن لم يروه غَيره فِي أَي مَوضِع وَقع التفرد فَغَرِيب فَمِنْهُ مَا وَقع التفرد فِي أصل السَّنَد بِأَن يكون فِي الْموضع الَّذِي يَدُور عَلَيْهِ الْإِسْنَاد وَيرجع وَلَو تعدّدت الطّرق إِلَيْهِ وَهُوَ طرفه الَّذِي فِيهِ الصَّحَابِيّ وَيُسمى الْفَرد الْمُطلق كَحَدِيث النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء وَعَن هِبته تفرد بِهِ عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر وَقد يتفرد بِهِ راو عَن ذَلِك المتفرد كَحَدِيث شعب الْإِيمَان تفرد بِهِ أَبُو صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَتفرد بِهِ عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح وَقد يسْتَمر التفرد فِي جَمِيع رُوَاته أَو أَكْثَرهم وَفِي مُسْند الْبَزَّار والمعجم الْأَوْسَط للطبراني أَمْثِلَة كَثِيرَة لذَلِك وَمِنْه مَا حصل التفرد بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص معِين وَإِن كَانَ الحَدِيث فِي نَفسه مَشْهُورا وَيُسمى الْفَرد النسبي وَهُوَ أَي الْآحَاد بأقسامه الثَّلَاثَة قِسْمَانِ مَقْبُول وَغَيره فَالْأول أَي المقبول إِن نَقله عدل تَامّ الضَّبْط مُتَّصِل السَّنَد غير مُعَلل وَلَا شَاذ صَحِيح
فَخرج بِالْعَدْلِ الْفَاسِق والمجهول وَالْعَدَالَة ملكة تمنع من ارْتِكَاب كَبِيرَة أَو إِصْرَار على صَغِيرَة بِحَيْثُ تغلب على حَسَنَاته كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وبالضبط وَالْمرَاد بِهِ ضبط الصَّدْر بِأَن يثبت مَا سَمعه بِحَيْثُ يتَمَكَّن من استحضاره مَتى شَاءَ أَو الْكتاب بِأَن يصونه لَدَيْهِ مذ سمع فِيهِ وَصَححهُ إِلَى أَن يُؤَدِّي مِنْهُ نقل الْمُغَفَّل وبالتام أخف مِنْهُ الْمَأْخُوذ فِي حد الْحسن وبقولنا مُتَّصِل السَّنَد وَهُوَ بِالنّصب على الْحَال مَا لم يتَّصل سَنَده بأقسامه الْآتِيَة وَبِمَا بعده الْمُعَلق والشاذ فَلَا يُسمى شَيْء من ذَلِك صَحِيحا ويتفاوت الصَّحِيح فِي الْقُوَّة بِحَسب ضبط رِجَاله واشتهارهم بِالْحِفْظِ والورع وتحري مخرجيه واحتياطهم
وَلِهَذَا اتَّفقُوا على أَن أصح الحَدِيث مَا اتّفق على إِخْرَاجه الشَّيْخَانِ ثمَّ مَا أنفرد بِهِ البُخَارِيّ ثمَّ مُسلم ثمَّ مَا كَانَ على شَرطهمَا ثمَّ على شَرط البُخَارِيّ ثمَّ على شَرط مُسلم ثمَّ على شَرط غَيرهمَا وَإِن صَحِيح بن خُزَيْمَة أصح من صَحِيح ابْن حبَان وَابْن حبَان أصح من مُسْتَدْرك الْحَاكِم لتفاوتهم فِي الِاحْتِيَاط
وَمن الْمرتبَة الْعليا مَا أطلق عَلَيْهِ بعض الْأَئِمَّة أَنه أصح الْأَسَانِيد كالشافعي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عَمْرو وَالزهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَابْن سِيرِين عَن عُبَيْدَة عَن عَليّ وَالنَّخَعِيّ عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود وَدون ذَلِك كَرِوَايَة يزِيد بن عبد الله بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي مُوسَى وكحماد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس وَدون ذَلِك كسهيل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة والْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة فَإِن خف الضَّبْط أَي قل مَعَ وجود بَقِيَّة الشُّرُوط فَحسن وَهُوَ يُشَارك الصَّحِيح فِي الإحتجاج بِهِ وَإِن كَانَ دونه وَأما تفاوته فأعلاه مَا قيل بِصِحَّتِهِ كَرِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَمُحَمّد بن اسحق عَن عَاصِم بن عمر عَن جَابر وَزِيَادَة راويهما أَي الصَّحِيح وَالْحسن أَي الْعدْل الضَّابِط على غَيره مَقْبُول إِذْ هِيَ فِي حكم الحَدِيث المستقل وَهَذَا إِذا لم تناف رِوَايَة من لم يزدْ فَإِن نافت بِأَن لزم من قبُولهَا رد الْأُخْرَى احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيح فَإِن كَانَ لأَحَدهمَا مترجح فالآخر شَاذ وَقد ذَكرْنَاهُ حَيْثُ قُلْنَا فَإِن خُولِفَ أَي الرَّاوِي بأرجح مِنْهُ لمزيد ضبط أَو كَثْرَة عدد وَنَحْو ذَلِك من المرجحات فشاذ والأرجح يُقَال لَهُ الْمَحْفُوظ مِثَاله مَا رَوَاهُ الْأَرْبَعَة إِلَّا أَبَا دَاوُد من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا توفّي على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يدع وَارِثا إِلَّا مولى هُوَ أعْتقهُ الحَدِيث وتابع ابْن عُيَيْنَة على وَصله ابْن جريج وَغَيره وَخَالفهُم حَمَّاد بن زيد فَرَوَاهُ عَن ابْن دِينَار نَحن عَوْسَجَة وَلم يذكر ابْن عَبَّاس قَالَ أَبُو حَاتِم الْمَحْفُوظ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة فحماد من أهل الْعَدَالَة والضبط وَمَعَ ذَلِك رجح رِوَايَة الْأَكْثَر
وَعرف من هَذَا أَن الشاذ مَا رَوَاهُ المقبول مُخَالفا لمن هُوَ أولى مِنْهُ أما إِذا كَانَت الْمُخَالفَة من غير مَقْبُول فَلَا يُسمى شاذا بل مُنْكرا وَإِن سلم من الْمُعَارضَة بِأَن لم يَأْتِ خبر يضاده فمحكم ومثاله كثير وَإِلَّا أَي وَأَن عورض وَأمكن
التجمع بَينهمَا فمختلف الحَدِيث أَي يُسمى بذلك وَقد صنف فِيهِ الشَّافِعِي وَابْن قُتَيْبَة والطَّحَاوِي وَغَيرهم مِثَاله حَدِيث لَا عدوى وَلَا طيرة مَعَ حَدِيث فر من المجذوم فرارك من الْأسد وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيح وَالْجمع بَينهمَا أَن هَذِه الْأَمْرَاض لَا تعدِي بطبعها لَكِن الله تَعَالَى جعل مُخَالطَة الْمَرِيض بهَا للصحيح سَببا لإعدائه مَرضه ثمَّ قد يتَخَلَّف أَو يُقَال إِن نفي الْعَدْوى بَاقٍ على عُمُومه وَالْأَمر بالفرار سدا للذريعة لِئَلَّا يتَّفق للَّذي يخالطه شَيْء من ذَلِك بِتَقْدِير الله تَعَالَى ابْتِدَاء لَا بالعدوى فيظن أَن ذَلِك بِسَبَب مخالطته فيعتقد صِحَة الْعَدْوى فَيَقَع فِي الْحَرج أَو عورض حَيْثُ لَا يُمكن الْجمع
وَعرف الآخر مِنْهُمَا فناسخ أَي الآخر والمتقدم مَنْسُوخ وَمَعْرِفَة الآخر إِمَّا بِالنَّصِّ كَحَدِيث مُسلم
كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها فَإِنَّهَا تذكر الْآخِرَة أَو بتصريح الصَّحَابِيّ كَقَوْل جَابر
كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار أخرجه الْأَرْبَعَة أَو بالتاريخ كصلاته صلى الله عليه وسلم فِي مرض مَوته قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيَاما وَقد قَالَ قبل ذَلِك
وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ثمَّ أَن لم يعرف الآخر إِمَّا أَن يرجح أَحدهمَا بمرجح إِن أمكن كَحَدِيث ابْن عَبَّاس
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نكح ميمنة وَهُوَ محرم رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن أبي رَافع أَنه نَكَحَهَا وَهُوَ حَلَال قَالَ وَكنت الرَّسُول بَينهمَا فرجح الثَّانِي لكَونه رَوَاهُ صَاحب الْوَاقِعَة وَهُوَ أدرى بهَا
والمرجحات كَثِيرَة ومحلها علم أصُول الفقة أَو يُوقف عَن الْعَمَل بِأحد مِنْهُمَا حَتَّى يظْهر مُرَجّح وسياتي لَهُ مِثَال فِي الْأُصُول والفرد النسبي أَن وَافقه غَيره فَهُوَ المتابع بِالْكَسْرِ فَإِن حصل للراوي نَفسه فمتابعة تَامَّة أَو لشيخه فَصَاعِدا فقاصرة وَيُسْتَفَاد بهَا التقوية مِثَاله مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال وَلَا تفطروا حَتَّى تروه فَإِن غم عَلَيْكُم فأكموا الْعدة ثَلَاثِينَ ظن قوم أَن الشَّافِعِي تفرد بِهِ بِهَذَا اللَّفْظ عَن مَالك لِأَن أَصْحَاب مَالك رَوَوْهُ عَنهُ بِلَفْظ
فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ
لَكِن تَابع الشَّافِعِي القعْنبِي عَن مَالك أخرجه عَنهُ البُخَارِيّ وَهِي مُتَابعَة تَامَّة وَله مُتَابعَة قَاصِرَة فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة من رِوَايَة عَاصِم ابْن مُحَمَّد عَن أَبِيه مُحَمَّد بن زيد عَن جده عبد الله بن عمر بِلَفْظ ثَلَاثِينَ وَفِي صَحِيح مُسلم من رِوَايَة عبيد الله ابْن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِلَفْظ فاقدر وَآله ثَلَاثِينَ
وَلَا تخْتَص الْمُتَابَعَة بقسيمها بِاللَّفْظِ بل وَلَو جَاءَت بِالْمَعْنَى كفي نعم تخْتَص بِكَوْنِهَا من رِوَايَة ذَلِك الصَّحَابِيّ أَو وَافقه متن يُشبههُ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَو فِي الْمَعْنى فَقَط من رِوَايَة صَحَابِيّ آخر فالشاهد مِثَاله فِي الحَدِيث السَّابِق مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن حنين عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِمثل حَدِيث ابْن دِينَار عَن ابْن عمر سَوَاء بِلَفْظِهِ وَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ
فَإِن أغمى عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ وَخص قوم الْمُتَابَعَة بِمَا حصل فِي اللَّفْظ سَوَاء كَانَ من رِوَايَة ذَلِك الصَّحَابِيّ أم لَا وَالشَّاهِد بِمَا حصل بِالْمَعْنَى كَذَلِك وَقد يُطلق أَحدهمَا على الآخر وَالْأَمر فِيهِ سهل
وتتبع الطّرق من الْمُحدث من الْجَوَامِع وَالْمَسَانِيد وَغَيرهَا لَهُ أَي للْحَدِيث الَّذِي يظنّ أَنه فَرد ليعلم هَل لَهُ متابع أَو شَاهد أَو لَا اعْتِبَار أَي يُسمى بذلك والمردود إِمَّا أَن يكون رده لسقط أَي حذف بعض رجال الْإِسْنَاد فَإِن كَانَ السقط من أول السَّنَد فمعلق سَوَاء كَانَ السَّاقِط وَاحِدًا أم أَكثر وَلَو كل رِجَاله وَقيل مثلا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَذَا النَّوْع كثير فِي صَحِيح البُخَارِيّ قَالَ ابْن الصّلاح وَحكمه أَنه إِن أَتَى بِصِيغَة الْجَزْم كَقَوْلِه قَالَ وروى دلّ على أَنه ثَبت إِسْنَاده عِنْده وَإِنَّمَا حذفه لغَرَض من الْأَغْرَاض وَإِلَّا كيروى وَيذكر فَفِيهِ مقَال أما فِي غير صَحِيحه فمردود للْجَهْل بِحَال السَّاقِط مَا لم يعرف من وَجه آخر أَو كَانَ بعد التَّابِعِيّ فمرسل بِأَن يَقُول التَّابِعِيّ كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَا أَو افْعَل كَذَا وَإِنَّمَا رد للْجَهْل بِحَال السَّاقِط إِذْ يحْتَمل أَن يكون صحابيا وَأَن يكون تابعيا
وعَلى الثَّانِي يحْتَمل أَن يكون ضَعِيفا وَأَن يكون ثِقَة وعَلى الثَّانِي يحْتَمل أَن يكون حمل عَن صَحَابِيّ وَأَن يكون حمل عَن تَابِعِيّ آخر وعَلى الثَّانِي فَيَعُود
الِاحْتِمَال السَّابِق ويتعدد إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ عقلا وَإِلَى سِتَّة أَو سَبْعَة استقراء إِذْ هُوَ أَكثر مَا وجد من رِوَايَة بعض التَّابِعين عَن بعض وَلِهَذَا لم يصوب قَول من قَالَ الْمُرْسل مَا سقط مِنْهُ الصَّحَابِيّ إِذْ لَو عرف أَن السَّاقِط صَحَابِيّ لم يرد أَو كَانَ السَّاقِط بعد غَيره أَي غير التَّابِعِيّ بِأَن يكون من أثْنَاء الْإِسْنَاد فَإِن كَانَ يفوق وَاحِد أَي بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَلَاء فمعضل وَإِلَّا بِأَن كَانَ بِوَاحِد أَو أَكثر لَا التوالي بل من موضِعين من الْإِسْنَاد أَو أَكثر فَهُوَ مُنْقَطع فَإِن خَفِي السقط بِحَيْثُ لَا يُدْرِكهُ إِلَّا الْأَئِمَّة الحذاق المطلعون على علل الْأَسَانِيد وطرق الحَدِيث ككون الرَّاوِي أرسل عَمَّن عرف لقِيه إِيَّاه مَا لم يسمع مِنْهُ فمدلس بِفَتْح اللَّام وَالْفَاعِل لذَلِك مُدَلّس بِكَسْرِهَا وَمن عرف بذلك وَهُوَ ثِقَة لم يقبل من رواياته إِلَّا مَا صرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ
وَأما أَن يكون الرَّد لطعن فِي الرَّاوِي فَإِن كَانَ لكذب فِي الحَدِيث بِأَن يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا لم يقلهُ مُتَعَمدا لذَلِك فموضوع وَهُوَ شَرّ الْمَرْدُود وَيعرف باقرار الرَّاوِي بِوَضْعِهِ وبقرائن يُدْرِكهَا من لَهُ فِي الحَدِيث ملكة قَوِيَّة واطلاع تَامّ مِنْهَا أَن يكون مناقضا لنَصّ الْقُرْآن أَو السّنة المتواترة أَو الْإِجْمَاع الْقطعِي أَو صَرِيح الْعقل حَيْثُ لَا يقبل شَيْء من ذَلِك التَّأْوِيل وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذ من حَال الرَّاوِي كَمَا وَقع لغياث بن ابراهيم حِين دخل على الْمهْدي فَوَجَدَهُ يلْعَب بالحمام فساق فِي الْحَال إِسْنَادًا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح فَزَاد فِي الحَدِيث أَو جنَاح فَعرف الْمهْدي أَنه كذب لأَجله فَأمر بِذبح الْحمام ثمَّ تَارَة يخترع الْوَاضِع كلَاما من عِنْده وَتارَة يَأْخُذ كَلَام غَيره كبعض السّلف أَو قدماء الْحُكَمَاء أَو الْإسْرَائِيلِيات أَو يَأْخُذ حَدِيثا ضَعِيف الْإِسْنَاد فيركب لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحا ليروج وَالْحَامِل على ذَلِك إِمَّا عدم الدّين كالزنادقة أَو غَلَبَة الْجَهْل كبعض المتعبدين الَّذين وضعُوا أَحَادِيث فَضَائِل الْقُرْآن أَو فرط العصبية كبعض المقلدين أَو اتِّبَاع هوى بعض الرؤساء أَو الأغراب لقصد الاشتهار
وَأجْمع من يعْتد بِهِ على تَحْرِيم ذَلِك كُله بل كفر الْجُوَيْنِيّ من تعمد الْكَذِب على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعَلى تَحْرِيم رِوَايَة الْمَوْضُوع إِلَّا مَقْرُونا بِبَيَان حَاله
لحَدِيث مُسلم
من حدث عني بِحَدِيث يرى أَنه كذب عَليّ فَهُوَ أحد الْكَاذِبين أَو اتهمته أَي تُهْمَة الرَّاوِي بِالْكَذِبِ بِأَن لَا يروي ذَلِك الحَدِيث إِلَّا من جِهَته وَيكون مُخَالفا للقواعد الْمَعْلُومَة أَو عرف بِالْكَذِبِ فِي كَلَامه وَلم يظْهر مِنْهُ وُقُوعه فِي الحَدِيث فمتروك وَهُوَ أخف من الْمَوْضُوع أَو فحش غلط فِي الرَّاوِي أَي كثرته أَو غَفلَة عَن الإتقان أَو فسق بِغَيْر الْوَضع والبدعة فمنكر أَو وهم بِأَن تقوم الْقَرَائِن على وهم راوية من وصل مُرْسل أَو مُنْقَطع أَو ادخال حَدِيث فِي حَدِيث أَو نَحْو ذَلِك من القوادح فمعلل وَيعرف ذَلِك بِكَثْرَة التتبع وَجمع الطّرق وَهُوَ من أغمض أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث وأدقها أَو مُخَالفَة بتغيير السَّنَد بِأَن يروي جمَاعَة الحَدِيث بأسانيد مُخْتَلفَة فيرويه عَنْهُم راو يجمع الْكل على إِسْنَاد وَاحِد مِنْهَا وَلَا يبين أَو يكون طرف الْمَتْن عِنْد راو بِإِسْنَاد وطرفه الآخر بآخر فيرويه عَنهُ تَاما بِالْإِسْنَادِ الأول أَو يروي متنين مُخْتَلفين لَهما إسنادان بِوَاحِد أَو يروي أَحدهمَا وَيزِيد فِيهِ من ألآخر مَا لَيْسَ فِي الأول أَو يَسُوق إِسْنَادًا ثمَّ يعرض لَهُ عَارض فَيَقُول كلَاما من قبل نَفسه فيظن من سَمعه أَنه متن ذَلِك الْإِسْنَاد فيرويه عَنهُ بِهِ فمدرجه أَي فَذَلِك يُسمى مدرج السَّنَد
أَو يدمج مَوْقُوف بمرفوع أول الحَدِيث أَو آخِره أَو وَسطه فمدرج الْمَتْن وَيعرف بوروده مفصلا من طَرِيق آخر أَي بتصريح الرَّاوِي بذلك أَو نَحوه كَحَدِيث
اسبغوا الْوضُوء ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار فَإِن صَدره مدرج من كَلَام أبي هُرَيْرَة وَحَدِيث ابْن مَسْعُود فِي التَّشَهُّد وَفِيه
فَإِذا قلت ذَلِك فقد تمت صَلَاتك الحَدِيث فَإِن هَذَا مدرج من قَول ابْن مَسْعُود وَحَدِيث
من مس ذكره أَو انثيه فَليَتَوَضَّأ فَقَوله أنثيه مدرج فَإِنَّهُ من كَلَام عُرْوَة راوية
أَو بِتَقْدِيم وَتَأْخِير فِي الْإِسْنَاد أَو الْمَتْن فمقلوب كمرة بن كَعْب وَكَعب بن مرّة لِأَن اسْم أَحدهمَا أسم أبي الآخر وكحديث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم فِي السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله عز وجل فِي ظلّ عَرْشه فَفِيهِ
وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم يَمِينه مَا تنْفق شِمَاله فَهَذَا مِمَّا انْقَلب على أحد الروَاة وَإِنَّمَا هُوَ لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
أَو بابدال لراو أَو لفظ بآخر وَلَا مُرَجّح لاحدى الرِّوَايَتَيْنِ على ألأخرى
فمضطرب كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ابْن ماجة من رِوَايَة اسمعيل ابْن أُميَّة عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث عَن جده حُرَيْث عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا
إِذا صلى أحدكُم فليجعل شَيْئا تِلْقَاء وَجهه الحَدِيث فقد اخْتلف فِيهِ على اسمعيل فَرَوَاهُ بشر بن الْمفضل وَغَيره هَكَذَا أَو رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَنهُ عَن أبي عَمْرو ابْن حُرَيْث عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ غير الْمَذْكُورين على هَيْئَة أُخْرَى وكحديث فَاطِمَة بنت قيس
إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأخرجه ابْن ماجة بِلَفْظ
لَيْسَ فِي المَال حق سوى الزَّكَاة فَهَذَا اضْطِرَاب لَا يحْتَمل التَّأْوِيل أما إِذا كَانَ لإحذى الرِّوَايَتَيْنِ مُرَجّح بِحِفْظ أَو نَحوه فالعمدة على الرَّاجِح أَو بتغيير نقط فمصحف أَو شكل فمحرف وَقد صنف فِي ذَلِك العسكري وَالدَّارَقُطْنِيّ مِثَال الأول فِي الْمَتْن مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ أَن أَبَا بكر الصولي أملي حَدِيث
من صَامَ رَمَضَان وَاتبعهُ سِتا من شَوَّال فَقَالَ شَيْئا بالشين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء التَّحْتِيَّة وَفِي الْإِسْنَاد مَا ذكره أَيْضا ان ابْن جرير قَالَ فِيمَن روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من بني سليم وَمِنْهُم عتبَة بن الْبذر قَالَه بِالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة وَإِنَّمَا هُوَ بالنُّون والمهملة
وَمِثَال الثَّانِي كتصحيف سليم بسليم أَو عَكسه وَلَا يجوز إِلَّا لعالم إِبْدَال اللَّفْظ من الحَدِيث بمرادف لَهُ أَو نَقصه بِأَن يُورد الحَدِيث مُخْتَصرا لِأَنَّهُ لَا يُؤمن من الْإِبْدَال بِمَا لَا يُطَابق وَمن حذف مَاله تعلق كاستئناف وَشرط والعالم يُؤمن فِيهِ ذَلِك وَشَرطه أَن لَا يكون مِمَّا تعبد بِلَفْظِهِ كالأذكار وَأَن لَا يكون من جَوَامِع الْكَلم وَحَيْثُ جَازَ فَالْأولى الْإِتْيَان بِلَفْظ الحَدِيث وَتَمَامه فَإِن خَفِي الْمَعْنى إِمَّا بِأَن يكون اللَّفْظ مُسْتَعْملا بقلة أَو بِكَثْرَة لَكِن فِي مدلولة دقة احْتِيجَ فِي الْحَالة الأولى إِلَى الْكتب المصنفة فِي الْغَرِيب ككتاب أبي عبيد الْقَاسِم الْهَرَوِيّ وَالْفَائِق للزمخشري وَالنِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير وَهِي أجمع كتب الْغَرِيب وأسهلها تناولا مَعَ أعواز قَلِيل فِيهِ وَقد عزمت على اختصارها واستدراك مَا فاتها فِي مُجَلد
واحتيج فِي الْحَالة الثَّانِيَة إِلَى الْكتب المصنفة فِي الْمُشكل ككتاب الطَّحَاوِيّ والخطابي وَابْن عبد الْبر
أَو لجَهَالَة عطف على قولي لطعن وَمَا بعده أَي وَإِمَّا أَن يكون الرَّد لجَهَالَة
الرَّاوِي وَذَلِكَ إِمَّا بِذكر نَعته الْخَفي دون مَا اشْتهر بِهِ وصنف فِي ذَلِك الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد والخطيب مِثَاله مُحَمَّد بن السَّائِب بن بشر والكلبي نسبه بَعضهم إِلَى جده فَقَالَ مُحَمَّد بن بشر وَسَماهُ بَعضهم حَمَّاد بن السَّائِب وكناه بَعضهم أَبَا النَّصْر وَبَعْضهمْ أَبَا سعيد وَبَعْضهمْ أَبَا هِشَام فَصَارَ يظنّ أَنهم جمَاعَة وَهُوَ وَاحِد
أَو ندرة رِوَايَته أَي قلتهَا وصنفوا فِي هَذَا النَّوْع الوحدان وَهُوَ من لم يرو عَنهُ الا وَاحِد وَمِمَّنْ صنف فِي ذَلِك مُسلم
أَو ابهام اسْمه اختصارا من الرَّاوِي عَنهُ كَقَوْلِهِم حَدثنِي فلَان أَو شيخ أَو رجل أَو بَعضهم أَو ابْن فلَان وَيعرف اسْمه بوروده مُسَمّى من طَرِيق آخر فَإِن سمي الرَّاوِي وَانْفَرَدَ عَنهُ بالرواية وَاحِد بِأَن لم يرو عَنهُ غَيره فمجهول الْعين فَلَا يقبل كالمبهم إِلَّا أَن يوثق أَو سمي وروى عَنهُ أَكثر من أحد لَكِن لم يوثق وَلم يجرح فالحال أَي فَهُوَ مَجْهُول الْحَال وَيُسمى أَيْضا المستور وَقد اخْتلف فِي قبُوله فَرده الْجُمْهُور وَصحح النَّوَوِيّ وَغَيره الْقبُول وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام التَّحْقِيق الْوَقْف إِلَى استبانة حَاله
أَو لبدعة عطف على أَسبَاب الرَّد والمبتدع إِن كفر فَوَاضِح أَنه لَا يقبل فَإِن لم يكفر قبل وَإِلَّا لَأَدَّى إِلَى رد كثير من أَحَادِيث الْأَحْكَام مِمَّا رَوَاهُ الشِّيعَة والقدرية وَغَيرهم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من روايتهم مَا لَا يُحْصى وَلِأَن بدعتهم مقرونة بالتأويل مَعَ مَا هم عَلَيْهِ من الدّين والصيانة والتحرز نعم سَاب الشَّيْخَيْنِ والرافضة لَا يقبلُونَ كَمَا جزم بِهِ الذَّهَبِيّ فِي أول الْمِيزَان قَالَ مَعَ أَنهم لَا يعرف مِنْهُم صَادِق بل الْكَذِب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم وَإِنَّمَا يقبل المبتدع غير من ذكرنَا مَا دَامَ لم يكن دَاعِيَة إِلَى بدعته
أَو لم يرو مُوَافقَة أَي مُوَافق مذْهبه واعتقاده فَإِن كَانَ دَاعِيَة أَو رُوِيَ مُوَافقَة رد للتُّهمَةِ إِذْ قد يحملهُ تَزْيِين بدعته على تَحْرِيف الرِّوَايَات وتسويتها على مَا يَقْتَضِيهِ مذْهبه
أَو لسوء حفظ فِي الرَّاوِي عطف على أَسبَاب الرَّد وَالْمرَاد أَن لَا يرجح جَانب
إِصَابَته على جَانب خطئه فَإِن كَانَ ذَلِك ملازما لَهُ فَهُوَ الشاذ كَمَا تقدم فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ لكبر أَو ضرّ أَو احتراق كتبه أَو عدمهَا وَكَانَ يعتمدها فَرجع إِلَى حفظه فسَاء فمختلط وَحكمه رد مَا حدث بِهِ بعد الإختلاط وَقبُول مَا قبله فَإِن لم يتَمَيَّز وقف حَتَّى يتَبَيَّن وَيعرف ذَلِك بِاعْتِبَار الآخذين عَنهُ صنف مغلط كتابا فِي الْمُخْتَلطين وَأَشَارَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ وَابْن الصّلاح إِلَى أَنه لم يؤلف فيهم أحد وَلَيْسَ كَذَلِك فقد رَأَيْت الْحَافِظ أَبَا بكر الْحَازِمِي ذكر فِي كِتَابه التُّحْفَة أَنه ألف فيهم كتابا
والإسناد وَقد تقدم حَده إِن انْتهى إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم قولا أَو فعلا أَو تقريرا فَهُوَ مَرْفُوع مُسْند وَكَذَا مَا انْتهى إِلَى صَحَابِيّ لم يَأْخُذ عَن الْإسْرَائِيلِيات مِمَّا لَا مجَال للإجتهاد فِيهِ وَلَا لَهُ تعلق بِبَيَان لُغَة أَو شرح غَرِيب كالأخبار عَن بَدْء الْخلق وَأُمُور الْأَنْبِيَاء والملاحم والبعث إِذْ مثل هَذَا لَا مجَال للرأي فِيهِ فَلَا بُد للقائل بِهِ من موقف وَلَا موقف للصحابة إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو بعض من يخبر عَن الْكتب الْقَدِيمَة وَقد فرض أَنه مِمَّن لم يَأْخُذ عَن أَهلهَا قَالَ الْحَاكِم وَمن ذَلِك تَفْسِير الصَّحَابِيّ الَّذِي شهد الْوَحْي والتنزيل وَخَصه ابْن الصّلاح والعراقي بِمَا فِيهِ سَبَب النُّزُول وَفِيه شَيْء فقد كَانَ الصَّحَابَة يتحاشون عَن تَفْسِير الْقُرْآن بِالرَّأْيِ ويتوقفون عَن أَشْيَاء لم يبلغهم فِيهَا شَيْء من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد ظهر لي تَفْصِيل حسن أَخَذته مِمَّا رَوَاهُ ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا من طَرِيق وَمَرْفُوعًا من أُخْرَى إِن التَّفْسِير على أَرْبَعَة أوجه تَفْسِير تعرفه الْعَرَب من كَلَامهَا وَتَفْسِير لَا يعْذر أحد بجهالته وَتَفْسِير يُعلمهُ الْعلمَاء وَتَفْسِير لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى فَمَا كَانَ عَن الصَّحَابَة مِمَّا هُوَ من الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلين فَلَيْسَ بمرفوع لأَنهم أَخَذُوهُ من معرفتهم بِلِسَان الْعَرَب وَمَا كَانَ من الْوَجْه الثَّالِث فَهُوَ مَرْفُوع إِذْ لم يَكُونُوا يَقُولُونَ فِي الْقُرْآن بِالرَّأْيِ
وَالْمرَاد بالرابع الْمُتَشَابه أَو انْتهى إِلَى صَحَابِيّ وَهُوَ من اجْتمع بِهِ صلى الله عليه وسلم مُؤمنا فَهُوَ مَوْقُوف وَالتَّعْبِير بالاجتماع أحسن من الرُّؤْيَة ليدْخل الْأَعْمَى كَابْن أم مَكْتُوم وَخرج من اجْتمع بِهِ كَافِرًا وَأسلم بعده فَلَا يُسمى صحابيا وَزَاد الْعِرَاقِيّ وَغَيره فِي الْحَد وَمَات على الْإِيمَان ليخرج من ارْتَدَّ بعد
اجتماعه وَمَات على الرِّدَّة كَابْن خطل بِخِلَاف من أسلم بعْدهَا كالأشعث بن قيس
أَو انْتهى إِلَى تَابِعِيّ فَمن بعده فَهُوَ مَقْطُوع وَرُبمَا يُطلق عَلَيْهِ مُنْقَطع وَبِالْعَكْسِ تجوز وَإِلَّا فَالْأول من مبَاحث الْمَتْن وَالثَّانِي من مبَاحث الْإِسْنَاد فان قل عدده أَي عدد رجال الْإِسْنَاد فعال وَأَعْلَى مَا وَقع لنا من ذَلِك مَا بَيْننَا وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ عشرَة على ضعف وَبِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح أحد عشر وبالسماع الْمُتَّصِل اثْنَا عشر فَإِن وصل إِلَى شيخ مُصَنف بالأضافة لَا من طَرِيقه فموافقة أَو شيخ شَيْخه فَصَاعِدا فبدل مِثَال الأول روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده حَدِيثا عَن عبد الرَّزَّاق فَلَو روينَاهُ من طَرِيقه كَانَ بَيْننَا وَبَين عبد الرَّزَّاق عشرَة رجال وَلَو روينَاهُ من مُسْند عبد بن حميد كَانَ بَيْننَا وَبَينه تِسْعَة وَذَلِكَ مُوَافقَة لِأَحْمَد بعلو لنا وَمِثَال الثَّانِي روى البُخَارِيّ حَدِيثا عَن مُسْند عَن يحيى الْقطَّان عَن شُعْبَة فَلَو روينَاهُ من طَريقَة كَانَ بَيْننَا وَبَين شُعْبَة أحد عشر رجلا وَلَو روينَاهُ من مُسْند أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ كَانَ بَيْننَا وَبَينه عشرَة أَو تِسْعَة بالجائز وَذَلِكَ يدل للْبُخَارِيّ بعلو لنا
مهمة لم أَقف على تَصْرِيح بِأَنَّهُ هَل يشْتَرط اسْتِوَاء الْإِسْنَاد بعد الشَّيْخ الْمُجْتَمع فِيهِ أَولا وَقد وَقع لي فِي الْإِمْلَاء حَدِيث أمليته من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا
لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِر الحَدِيث وَقد أخرجه مُسلم عَن قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب القاريء عَن سُهَيْل فقتيبة لَهُ فِيهِ شَيْخَانِ عَن سُهَيْل فَوَقع فِي صَحِيح مُسلم عَن أَحدهمَا وَفِي التِّرْمِذِيّ عَن الآخر فَهَل يُسمى هَذَا مُوَافقَة لاجتماعنا مَعَه فِي قُتَيْبَة أَو بَدَلا للتخالف فِي شَيْخه والاجتماع فِي سُهَيْل أَو لَا وَيكون وَاسِطَة بَين الْمُوَافقَة وَالْبدل احتمالات أقربها عِنْدِي الثَّالِث فَإِن سَاوَى عدد الآسناد عدد إِسْنَاد أحد المصنفين بِأَن يكون بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم عدد مَا بَينه وَبَينه وَهُوَ مَعْدُوم الْآن فِي أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة فمساواة أَو سَاوَى تِلْمِيذه أَي تلميذ أحد المصنفين بِأَن يكون أَكثر عددا من أستاذه بِوَاحِد فمصافحة إِذْ الْعَادة جرت بالمصافحة بَين من تلاقيا فَكَأَنَّهُ لَاقَى ذَلِك المُصَنّف وَصَافحهُ
ويقابله أَي الْعُلُوّ النُّزُول أَو روى الرَّاوِي عَن قرينه فِي السن أَو الْمَشَايِخ فاقران أَي فَهُوَ النَّوْع الْمُسَمّى رِوَايَة الاقران وصنف فِيهِ ابو الشَّيْخ الْأَصْبَهَانِيّ كَمَا رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل عَن أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب عَن يحيى بن معِين عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن عبد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة عَن أبي بكر بن حَفْص عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة
قَالَت كن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَأْخُذن من شعورهن حَتَّى تكون كالوفرة فَأَحْمَد وَالْأَرْبَعَة فَوْقه خمستهم أَقْرَان
أَو روى كل من القرينين الآخر فمذبح وَهُوَ أخص مِمَّا قبل وصنف فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ كَرِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها وَرِوَايَة عَائِشَة عَنهُ وَرِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أبي الزبير وَأبي الزبير عَنهُ وَمَالك عَن الْأَوْزَاعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ عَنهُ وَأحمد عَن ابْن الْمَدِينِيّ وَابْن الْمَدِينِيّ عَنهُ
أَو رُوِيَ عَمَّن هُوَ دون أَي أَصْغَر مِنْهُ أَو فِي مرتبَة الآخذين عَنهُ فأكابر عَن أصاغر كَرِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن مَالك وَالْأَصْل فِيهِ رِوَايَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن تَمِيم الدَّارِيّ خبر الْجَسَّاسَة وَمِنْه أَي من نوع رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر رِوَايَة آبَاء عَن أَبنَاء وَالصَّحَابَة عَن الأتباع وصنف فِيهَا الْخَطِيب كَرِوَايَة الْعَبَّاس عَن ابْنه الْفضل وَرِوَايَة وَائِل بن دَاوُد عَن ابْنه بكر وكرواية العبادلة الْأَرْبَعَة وَأبي هُرَيْرَة وَمُعَاوِيَة وَأنس عَن كَعْب الْأَحْبَار أما رِوَايَة الْأَبْنَاء عَن الْآبَاء فكثير وأخص مِنْهُ من رُوِيَ عَن أَبِيه عَن جده وصنف فِي ذَلِك جمَاعَة
وَإِن تقدم موت أحد قرينين أَي اثْنَيْنِ اشْتَركَا فِي الْأَخْذ عَن شيخ فسابق ولاحق وصنف فِي ذَلِك الْخَطِيب كالبخاري حدث عَن تِلْمِيذه أبي الْعَبَّاس السراج وَمَات سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَآخر من حدث عَنهُ بِالسَّمَاعِ أَبُو الْحسن الْخفاف وَمَات سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة وَسمع أَبُو عَليّ البرداني من تِلْمِيذه السلَفِي حَدِيثا وَرَوَاهُ عَنهُ وَمَات على رَأس الْخَمْسمِائَةِ وَكَانَ آخر اصحاب السلَفِي سبطه أَبُو الْقَاسِم بن مكي وَمَات سنة خمسين وسِتمِائَة وَبَينهمَا مائَة وَخَمْسُونَ قَالَ شيخ الْإِسْلَام وَهُوَ أَكثر مَا وقفنا عَلَيْهِ من ذَلِك وَقد سمع الذَّهَبِيّ عَن أبي اسحق التنوخي وَحدث عَنهُ كَمَا ذكره شيخ الْإِسْلَام فِي تَارِيخه