الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الثَّامِن
الإيجاز والإطناب والمساواة
هِيَ التَّعْبِير عَن الْمَعْنى المُرَاد بناقص أَي بِلَفْظ نَاقص عَنهُ واف بِهِ رَاجع إِلَى الإيجاز
وَخرج بِالْوَفَاءِ الْإِخْلَال أَو بِلَفْظ زَائِد عَلَيْهِ لفائدة رَاجِعَة إِلَى الإطناب وَخرج بالفائدة الحشو أَو بِلَفْظ مسَاوٍ لَهُ رَاجع إِلَى الْمُسَاوَاة وَسبق مثالها فِي علم التَّفْسِير
والإيجاز قِسْمَانِ قصر لَا حذف فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} فَإِن مَعْنَاهُ كثير وَلَفظه يسير وَتقدم بَيَانه فِي علم التَّفْسِير وإيجاز فِيهِ حذف والحذف إِمَّا لمضاف نَحْو {واسأل الْقرْيَة} أَي أهل الْقرْيَة أَو مَوْصُوف نَحْو أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا أَي أَنا ابْن رجل جلا أَو صفة نَحْو {يَأْخُذ كل سفينة غصبا} أَي سفينة صَالِحَة إِذْ تعيبها لَا يُخرجهَا عَن كَونهَا سفينة وَقد قريء بِهِ كَمَا تقدم فِي علم التَّفْسِير أَو شَرط نَحْو فَالله هُوَ الْوَلِيّ أَي إِن أَرَادوا أَوْلِيَاء فَالله أَو جَوَاب لَهُ نَحْو {وَإِذا قيل لَهُم اتَّقوا} الْآيَة أَي أَعرضُوا {وَلَو ترى إِذْ وقفُوا على النَّار} أَي لرأيت أمرا عَظِيما
ثمَّ الْحَذف للجواب يكون إِمَّا لاختصار كالمثال الأول أَو دلَالَة على أَنه لَا يحاط بِهِ وليذهب السَّامع كل مَذْهَب مُمكن كالمثال الثَّانِي أَو
الْجُمْلَة عطف على المحذوفات ولتخلل نُكْتَة حذف جَوَاب الشَّرْط جِئْت بِاللَّامِ وَالْجُمْلَة إِمَّا مسببة عَن سَبَب مَذْكُور نَحْو ليحق الْحق وَيبْطل الْبَاطِل فَهَذَا سَبَب حذف مسببه أَي فعل مَا فعل أَو لَا مَذْكُور وَلَا سَبَب أصلا الأول نَحْو {اضْرِب بعصاك الْحجر فانفجرت مِنْهُ} أَي فَضَربهُ وَالثَّانِي نَحْو {فَنعم الماهدون} أَي نَحن حذف الْمَخْصُوص ومبتدؤه وَأكْثر من جملَة {أَنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يُوسُف} أَي فأرسلون إِلَى يُوسُف لاستعبره الرُّؤْيَا فَأَرْسلُوهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا يُوسُف ثمَّ قد يُقَام شَيْء مقَام الْمَحْذُوف نَحْو {وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذبت رسل} أَي فَلَا تحزن واصبر وَقد لَا يُقَام شَيْء مقَامه اكْتِفَاء بِالْقَرِينَةِ كالامثلة السَّابِقَة
وَيدل عَلَيْهِ أَي الْحَذف بِالْعقلِ وعَلى التَّعْيِين للمحذوف بِالْمَقْصُودِ الْأَظْهر نَحْو {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} دلّ الْعقل على أَن هُنَاكَ حذفا إِذا الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة تتَعَلَّق بالأفعال لَا بالأعيان وَالْمَقْصُود الْأَظْهر مِنْهَا الْأكل فَدلَّ على تَعْيِينه كَذَا فِي التَّلْخِيص تبعا للسكا كي وَتعقب بِأَن الدَّال عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم
إِنَّمَا حرم أكلهَا
أَو الْعَادة نَحْو {فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} يحْتَمل أَن التَّقْدِير فِي حبه أَو مراودته ودلت الْعَادة على تعْيين الثَّانِي لِأَن الْحبّ المفرط لَا يلام صَاحبه عَلَيْهِ عَادَة إِذْ لَيْسَ اخْتِيَارا أَو الشُّرُوع فِي الْفِعْل نَحْو بِسم الله فَيقدر مَا جعلت التَّسْمِيَة مبدأ لَهُ كإقرأ فِي الْقِرَاءَة وارتحل فِي السّفر أَو القتران كَقَوْلِهِم للمعرس بالرفاء والبنين أَي عرست وَقد نهي عَن هَذَا الْكَلَام فِي الحَدِيث
والاطناب إِن كَانَ بِبَيَان بعد إِيهَام فايضاح نَحْو رب اشرح لي صَدْرِي فَإِن اشرح لي يُفِيد طلب شرح شَيْء مَاله وصدري يفسره أَو
بمعطوفين مفردين بعد مثنى بمعناهما فتوشيع كَحَدِيث يكبر ابْن آدم وَيكبر مَعَه اثْنَان الْحِرْص وَطول الأمل رَوَاهُ البُخَارِيّ أَو بِخَتْم للْكَلَام بِمَا يُفِيد نُكْتَة ثمَّ بِدُونِهَا فإيغال كَقَوْلِه تَعَالَى {اتبعُوا الْمُرْسلين} {اتبعُوا من لَا يسألكم أجرا وهم مهتدون} فَقَوله تَعَالَى {وهم مهتدون} إيغال لِأَن الْمَعْنى يتم بِدُونِهِ لِأَن الرَّسُول مهتد لَا محَالة لَكِن فِيهِ نُكْتَة وَهِي زِيَادَة الْحَث على الِاتِّبَاع وَالتَّرْغِيب فيهم وكقول الخنساء
(وَإِن صَخْر التأتم الهداة بِهِ
…
كَأَنَّهُ علم فِي رَأسه نَار)
فقولها فِي رَأسه نَار إيغال لِأَن وَكَأَنَّهُ على واف بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّشْبِيه بِمَا يَهْتَدِي بِهِ إِلَّا أَن فِي الزِّيَادَة بذلك مُبَالغَة
أَو بجملة بِمَعْنى جملَة أُخْرَى سَابِقَة توكيدا لَهَا فتذييل كَقَوْلِه تَعَالَى {ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور} وَقَوله سُبْحَانَهُ تَعَالَى {وَقل جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا} وَقَول الصفي
(لله لَذَّة عَيْش بالحبيب مَضَت
…
فَلم تدم لي وَغير الله لم يدم)
أَو بدافع موهم خلاف الْمَقْصُود فتكميل واحتراس أَي يُسمى بهما كَقَوْلِه
(فسقى دِيَارك غير مفسدها
…
صوب الرّبيع وديمة تهمى)
لما كَانَ الْمَطَر رُبمَا يؤول إِلَى خراب الديار وفسادها دَفعه بقوله غير مفسدها أَو بفضلة لنكتة دونه أَي سوى الدّفع الْمَذْكُور فتتميم نَحْو {وَآتى المَال على حبه} أَي مَعَ حبه فَهُوَ أبلغ فِي الْبَدَل أَو بجملة فَأكْثر بَين كَلَام فاعتراض نَحْو
(إِن الثَّمَانِينَ وبلغتها
…
قد أحوجت سمى إِلَى ترجمان)