المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَقَوله وبلغتها إعتراض للدُّعَاء وَهُوَ جملَة بَين جزأي الْكَلَام وَهُوَ - إتمام الدراية لقراء النقاية

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ أصُول الدّين

- ‌ صِفَات الله تَعَالَى

- ‌عَذَاب الْقَبْر

- ‌الْحَشْر

- ‌الصِّرَاط

- ‌الْمِيزَان

- ‌الشَّفَاعَة

- ‌رُؤْيَته تَعَالَى

- ‌الْإِسْرَاء والمعراج

- ‌نزُول عِيسَى

- ‌رفع الْقُرْآن الْكَرِيم

- ‌الْجنَّة وَالنَّار

- ‌ الْجنَّة

- ‌ النَّار

- ‌الرّوح

- ‌أفضل الْخلق

- ‌عصمَة الانبياء

- ‌علم التَّفْسِير

- ‌التَّفْسِير بالرأى

- ‌أَسبَاب النُّزُول

- ‌أول مَا نزل من الْقُرْآن

- ‌آخر مَا نزل من الْقُرْآن

- ‌مبَاحث الْمعَانِي الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ

- ‌علم الحَدِيث

- ‌صِيغ الْأَدَاء

- ‌أَنْوَاع علم الحَدِيث

- ‌فِي الْجرْح

- ‌فِي الكنى

- ‌فِي الألقاب والأنساب

- ‌علم أصُول الْفِقْه

- ‌مصَادر التشريع

- ‌الْعَام

- ‌الْخَاص

- ‌النّسخ

- ‌السّنة

- ‌الْإِجْمَاع

- ‌الْقيَاس

- ‌الْعلَّة

- ‌ الِاجْتِهَاد

- ‌علم الْفَرَائِض

- ‌مَوَانِع الْإِرْث

- ‌الوارثون من الرِّجَال

- ‌الْفُرُوض وأصحابها

- ‌الْعصبَة

- ‌علم النَّحْو

- ‌فِي الْأَفْعَال

- ‌المنصوبات

- ‌الْعَطف

- ‌علم التصريف

- ‌علم الْخط

- ‌الْهمزَة

- ‌علم الْمعَانِي

- ‌الْبَاب الأول

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌الْمسند إِلَيْهِ

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌الْبَاب الرَّابِع

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌الْقصر

- ‌الْبَاب السَّادِس

- ‌الْإِنْشَاء

- ‌الْبَاب السَّابِع

- ‌الْوَصْل والفصل

- ‌الْبَاب الثَّامِن

- ‌الإيجاز والإطناب والمساواة

- ‌علم الْبَيَان

- ‌علم البديع

- ‌علم التشريح

- ‌اللحيان

- ‌الْيَد

- ‌فرع

- ‌الْعين

- ‌الْأذن

- ‌الْقلب

- ‌فرع

- ‌خَاتِمَة

- ‌علم الطِّبّ

- ‌الرّوح

- ‌الْأُمُور الضرورية

- ‌فِي فُصُول السّنة

- ‌تَدْبِير الْفُصُول الْأَرْبَعَة

- ‌الشَّيْخ

- ‌قانون

- ‌خَاتِمَة

- ‌علم التصوف

- ‌كتاب النقاية متضمنة خُلَاصَة أَرْبَعَة عشر علما

- ‌تأليف الشَّيْخ الْعَلامَة جلال الدّين السُّيُوطِيّ

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌أصُول الدّين

- ‌علم التَّفْسِير

- ‌علم الحَدِيث

- ‌صِيغ الْأَدَاء

- ‌علم أصُول الْفِقْه

- ‌الْعَام وَالْخَاص

- ‌علم الْفَرَائِض

- ‌فرع

- ‌علم النَّحْو

- ‌المرفوعات

- ‌المجرورات

- ‌علم التصريف

- ‌علم الْخط

- ‌علم الْمعَانِي

- ‌علم الْبَيَان

- ‌علم البديع

- ‌علم التشريح

- ‌‌‌‌‌فرع

- ‌‌‌فرع

- ‌فرع

- ‌‌‌فرع

- ‌فرع

- ‌علم الطِّبّ

- ‌قانون

- ‌علم التصوف

- ‌خَاتِمَة

الفصل: فَقَوله وبلغتها إعتراض للدُّعَاء وَهُوَ جملَة بَين جزأي الْكَلَام وَهُوَ

فَقَوله وبلغتها إعتراض للدُّعَاء وَهُوَ جملَة بَين جزأي الْكَلَام وَهُوَ إسم إِن وخبرها وَقَوله تَعَالَى {ويجعلون لله الْبَنَات سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَا يشتهون} فَقَوله سُبْحَانَهُ إعتراض للتنزيه وَهُوَ جملَة بَين كلامين {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} فَقَوله إِن الله الخ إعتراض وَهُوَ أَكثر من جملَة بَين فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله وَنِسَاؤُكُمْ حرث لكم

وَيكون الإطنات بالتكرير نَحْو {كلا سيعلمون ثمَّ كلا سيعلمون} وَذكر خَاص بعد عَام تَنْبِيها على فضل الْخَاص نَحْو {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال}

‌علم الْبَيَان

علم يعرف بِهِ إِيرَاد الْمَعْنى الْوَاحِد الْمَدْلُول عَلَيْهِ بِكَلَام مُطَابق لمقْتَضى الْحَال بطرق من التراكيب مُخْتَلفَة فِي وضوح الدّلَالَة عَلَيْهِ بِأَن يكون بَعْضهَا أوضح فِي الدّلَالَة وَبَعضهَا وَاضحا وَهُوَ أخْفى بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأوضح

وَخرج إِيرَاده بطرق مُخْتَلفَة فِي اللَّفْظ دون الوضوح وَعقد هَذَا الْعلم لاشْتِرَاط الوضوح والخلو من التعقيد فِي فصاحة الْكَلَام الْمَأْخُوذ فِي حد البلاغة وافتتحت كغيري بتقسيم الدّلَالَة لأبني عَلَيْهِ وَجه انحصار الْعلم فِي أبوابه الثَّلَاثَة فَقلت دلَالَة اللَّفْظ على تَمام مَا وضع لَهُ وضيعة لِأَن الْوَاضِع إِنَّمَا وضع اللَّفْظ لتَمام الْمَعْنى كدلالة الْإِنْسَان على الْحَيَوَان النَّاطِق وعَلى جزئه كدلالة الْإِنْسَان على الْحَيَوَان أَو النَّاطِق وعَلى لَازمه الْخَارِج عَنهُ كدلالة الْإِنْسَان على الضاحك عقليتان لِأَن دلَالَة اللَّفْظ على الْجُزْء أَو اللَّازِم إِنَّمَا هِيَ من جِهَة حكم الْعقل بِأَن حُصُول الْكل أَو الْمَلْزُوم مُسْتَلْزم لحُصُول الْجُزْء أَو اللَّازِم

ص: 130

وَالْأول لَا تعلق لَهُ بِهَذَا الْفَنّ لِأَن إِيرَاد الْمَعْنى بطرق مُخْتَلفَة فِي الوضوح لَا بتأتى بالوضعية إِذْ السَّامع إِن كَانَ عَالما بِوَضْع الْأَلْفَاظ للمعنى لم يكن بَعْضهَا أوضح عِنْده من بعض وَإِلَّا لم يكن شَيْء من الْأَلْفَاظ دَالا لتوقف الْفَهم على الْعلم

والأخير أَي الْعقلِيّ الشَّامِل للجزء وَاللَّازِم وَهُوَ المبحوث عَنهُ فِي هَذَا الْفَنّ إِن قَامَت قرينَة على عدم إِرَادَته أَي مَا وضع لَهُ فَهُوَ مجَاز وَإِلَّا فكناية وَقد يبْنى الْمجَاز على التَّشْبِيه إِذا كَانَ اسْتِعَارَة فانحصر الْمَقْصُود من علم الْبَيَان فِيهَا أَي التَّشْبِيه وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة

التَّشْبِيه الدّلَالَة على مُشَاركَة أَمر لأمر فِي معنى كزيد أَسد وصم بكم عمي وطرفاه أَي الْمُشبه والمشبه بِهِ إِمَّا حسيان أَي مدركان بِإِحْدَى الْحَواس الْخمس السّمع وَالْبَصَر والشم والذوق واللمس كالصوت الضَّعِيف بالهمس والخد بالورود والنكهة بالعنبر والريق بالشهد وَالْجَلد الناعم بالحرير أَو عقليان كَالْعلمِ بِالْحَيَاةِ وَالْجهل بِالْمَوْتِ أَو مُخْتَلِفَانِ بِأَن يكون الْمُشبه عقليا والمشبه بِهِ حسيا كالمنية بالسبع أَو عَكسه كالعطر بِخلق الْكَرِيم

وَوَجهه أَي التَّشْبِيه مَا يَشْتَرِكَانِ أَي الْمَعْنى الَّذِي قصد اشتراكهما فِيهِ تَحْقِيقا أَو تخييلا بِأَن لَا يُوجد ذَلِك الْمَعْنى فِي الطَّرفَيْنِ أَو أَحدهمَا إِلَّا على سَبِيل التخييل والتأويل كَقَوْلِه

(وَكَأن النُّجُوم بَين دجاها

سنَن لَاحَ بَينهُنَّ ابتداع)

فَوجه التَّشْبِيه وَهُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة من حُصُول أَشْيَاء مشرقة بيض فِي جَوَانِب شَيْء مظلم أسود غير مَوْجُود فِي الْمُشبه بِهِ وَهُوَ السّنَن بَين الابتداع إِلَّا على طَرِيق التخييل لِأَن الْبِدْعَة تجْعَل صَاحبهَا كالماشي فِي الظلمَة فَلَا يَهْتَدِي لطريق وَلَا يَأْمَن أَن يَنَالهُ مَكْرُوه فشبهت بهَا وَلزِمَ بعكسه تَشْبِيه السّنة بِالنورِ وشاع حَتَّى تخيل أَن السّنة مِمَّا لَهُ بَيَاض وإشراق والبدعة مِمَّا لَهُ سَواد وإظلام فَصَارَ كالتشبيه ببياض الشيب وَسَوَاد الشَّبَاب

وأداته مرت فِي علم التَّفْسِير وَهِي الْكَاف وَمثل وَكَأن ثمَّ هُوَ أَي

ص: 131

التَّشْبِيه أَقسَام كَثِيرَة لِأَنَّهُ إِمَّا مُفْرد بمفرد وهما مقيدان كَقَوْلِهِم لمن لَا يحصل من سَعْيه على طائل هُوَ كالرقم على المَاء فالمشبه السَّاعِي مُقَيّد بِأَن لَا يحصل من سَعْيه على شَيْء والمشبه بِهِ الراقم مُقَيّد بِكَوْنِهِ على المَاء وهما مفردان أَو مُفْرد بمفرد لَا مقيدان كتشبيه الخد بالورد أَو مُفْرد بمركب كَقَوْلِه

(وَكَانَ محمر الشَّقِيق إِذا

نصوب أَو تصعد)

(أَعْلَام ياقوت نشرن

على رماح من زبرجد)

فالمشبه الشَّقِيق مُفْرد والمشبه بِهِ أَعْلَام ياقوت منشورة على رماح من زبرجد مركب من عدَّة أُمُور أَو عَكسه أَي تَشْبِيه مركب بمركب كَقَوْلِه

(كَانَ مثار النَّقْع فَوق رؤسنا

وأسيافنا ليل تهادى كواكبه

فالمشبه مثار التُّرَاب فَوق الرؤس والاسياف والمشبه بِهِ اللَّيْل المتساقطة كواكبه) وكل مِنْهُمَا مركب أَو مركب بمفرد كَقَوْلِه

(تريا نَهَارا مشمسا قد شابه

زهر الربى فَكَأَنَّمَا هُوَ مقمر)

فالمشبه النَّهَار المشمس الَّذِي خالطته الأزهار فنقصت من ضوء الشَّمْس باخضرارها حَتَّى صَار يضْرب إِلَى السوَاد وَذَلِكَ مركب والمشبه بِهِ مقمر وَهُوَ مُفْرد فَإِن تعدد طرفاه أَي الْمُشبه والمشبه بِهِ فملفوف ومفروق أَي هما قِسْمَانِ الأول أَن يُؤْتى أَولا بالمشبهات ثمَّ بالمشبه بهَا كَقَوْلِه يصف الْعقَاب بِكَثْرَة صيد الطُّيُور

(كَأَن قُلُوب الطير رطبا ويابسا

لدي وَكره الْعنَّاب والحشف الْبَالِي)

وَالثَّانِي أَن يُؤْتى بمشبه بِهِ ومشبه بِهِ ثمَّ بآخر وَآخر كَقَوْلِه

(النشر مسك وَالْوُجُوه دنا

نيرو أَطْرَاف الأكف عنم)

أَو تعدد الطّرف الأول وَهُوَ الْمُشبه فَقَط فتسوية أَي فَهُوَ تشبه التَّسْوِيَة كَقَوْلِه

(صدغ الحبيب وحالي

كِلَاهُمَا كالليالي)

ص: 132

أَو تعدد الثَّانِي وَهُوَ الْمُشبه بِهِ فَقَط فَجمع أَي تَشْبِيه جمع كَقَوْلِه

(كَأَنَّمَا يبسم عَن لُؤْلُؤ

منضد أَو برد أَو أقاح)

شبه الثغر بِثَلَاثَة أَشْيَاء

ثمَّ التَّشْبِيه تَمْثِيل إِن انتزع وَجهه من مُتَعَدد كَمَا مر من تَشْبِيه مثار النَّقْع مَعَ الأسياف وَإِلَّا بِأَن لم ينتزع من مُتَعَدد فَغَيره ثمَّ هُوَ ظَاهر إِن فهمه كل أحد نَحْو زيد أَسد وَألا بِأَن لم يُدْرِكهُ إِلَّا الْخَواص فَهُوَ خَفِي كَقَوْل امْرَأَة سُئِلت عَن بنيها أَيهمْ أفضل فَقَالَت هم كالحلقة المفرغة لَا يدْرِي أَيْن طرفاها أَي هم متناسبون فِي الشّرف لَا تفاضل بَينهم كَمَا أَن الْحلقَة متناسبة الْأَجْزَاء فِي الصُّورَة لَا يُمكن تعْيين بَعْضهَا طرفا وَبَعضهَا وسطا ثمَّ هُوَ قريب إِن انْتقل من الْمُشبه بِهِ بِلَا تدقيق فِي النّظر لظُهُور وَجهه كتشبيه الشَّمْس بالمرآه المجلوة فِي الاستدارة وَالْإِشْرَاق وَإِلَّا بِأَن لم ينْتَقل إِلَيْهِ بفكر وتدقيق فَهُوَ بعيد كَمَا سبق فِي قَوْله وَكَانَ محمر الشَّقِيق ثمَّ هُوَ مُؤَكد إِن حذفت أداته أَي التَّشْبِيه نَحْو وَهِي تمر مر السَّحَاب وَقَوله

(وَالرِّيح تعبث بالغصون وَقد جرى

ذهب الْأَصِيل على لجين المَاء)

وَإِلَّا بِأَن ذكرت فَهُوَ مُرْسل كالأمثلة السَّابِقَة ثمَّ هُوَ مَقْبُول إِن وفى بإفادته أَي الْغَرَض وَإِلَّا بِأَن قصر عَنْهَا فَهُوَ مَرْدُود أَعْلَاهُ أَي التَّشْبِيه فِي الْقُوَّة مَا حذف وَجهه وأداته فَقَط أَي بِدُونِ حذف الْمُشبه نَحْو زيد أَسد أَو حذفا مَعَ الْمُشبه نَحْو أَسد فِي مقَام الْإِخْبَار عَن زيد ثمَّ يَلِيهِ حذف فِيهِ أَحدهمَا أَي وَجهه وأداته حذف الْمُشبه أَو لَا نَحْو إِنَّه كالأسد وَنَحْو كالأسد عِنْد الْإِخْبَار عَن زيد وَأسد فِي الشجَاعَة عِنْده وَزيد أَسد فِي الشجَاعَة وَلَا قُوَّة لما سوى ذَلِك بِأَن يذكر الْوَجْه والأداة جَمِيعًا مَعَ ذكر الشّبَه أَو حذفه نَحْو زيد كالأسد فِي الشجَاعَة عِنْد الْإِخْبَار عَنهُ

الْمجَاز قِسْمَانِ مُفْرد وَهُوَ الْكَلِمَة المستعملة فِي غير مَا وضعت لَهُ فِي اصْطِلَاح بِهِ التخاطب فَخرج بِالْمُسْتَعْملِ الْكَلِمَة قبل الِاسْتِعْمَال فَلَا تُوصَف بِحَقِيقَة

ص: 133

وَلَا مجَاز وَبِمَا بعده الْحَقِيقَة وَشَمل الْمُسْتَعْمل فِيمَا لم يوضع فِي اصْطِلَاح التخاطب وَلَا فِي غَيره كالأسد فِي الرجل الشجاع أَو فِيمَا وضع لَهُ فِي اصْطِلَاح آخر غير الِاصْطِلَاح الَّذِي بِهِ التخاطب كَالصَّلَاةِ تسْتَعْمل فِي عرف الشَّرْع للدُّعَاء فَهِيَ فِيهِ مجَاز شرعا وَإِن وضعت لَهُ لُغَة وَقَوْلنَا مَعَ قرينَة عدم إِرَادَته يخرج الْكِنَايَة لِأَنَّهَا مستعملة فِي غير مَا وضعت لَهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَته كَمَا سَيَأْتِي وَلَا بُد من علاقَة بَينه وَبَين الْمَعْنى الْأَصْلِيّ ليَصِح الِاسْتِعْمَال

فَإِن كَانَت العلاقة غير المشابهة بَين الْمَعْنى الْمجَازِي والحقيقي فمرسل كاستعمال الْيَد فِي النِّعْمَة وَالْقُدْرَة وحقيقتها الْجَارِحَة لصدورهما عَنْهَا والراوية فِي المزادة وحقيقتها فِي الْجمل لمجاورتها لَهُ وَإِلَّا بِأَن كَانَت العلاقة المشابهة

فاستعارة فَإِن تحقق مَعْنَاهَا المستعملة فِيهِ حسا أَو عقلا بِأَن كَانَ أمرا مَعْلُوما يُمكن أَن ينص عَلَيْهِ ويشار إِلَيْهِ إِشَارَة حسية أَو عقلية فتحقيقية أَي تسمى بذلك فالحسية كَقَوْل زُهَيْر لدي أَسد شاكبي السِّلَاح مقذف استعير الْأسد للرجل الشجاع وَهُوَ أَمر مُتَحَقق حسا والعقلية كَقَوْلِه تَعَالَى {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} أَي الدّين الْحق وَهُوَ مِلَّة الْإِسْلَام وَهُوَ أَمر مُتَحَقق عقلا لَا حسا

أَو اجْتمع طرفاها أَي الْمُسْتَعَار لَهُ وَمِنْه فِي شَيْء مُمكن فوفاقية كَقَوْلِه تَعَالَى {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} أَي ضَالًّا فهديناه استعير الْإِحْيَاء وَهُوَ جعل الشَّيْء حَيا للهداية الَّتِي هِيَ الدّلَالَة على طَرِيق يُوصل إِلَى الْمَطْلُوب والإحياء وَالْهِدَايَة يُمكن اجْتِمَاعهمَا أَو أجتمعتا فِي مُمْتَنع فعنادية كاستعارة اسْم الْمَعْدُوم للموجود لعدم نَفعه أَو الْمَوْجُود للمعدوم لآثاره الَّتِي تحيي ذكره إِذْ اجْتِمَاع الْوُجُود والعدم فِي شَيْء مُمْتَنع أَو ظهر جَامعهَا فعامية مبتذلة نَحْو رَأَيْت أسدا يرْمى وَإِلَّا بِأَن خَفِي فَلَا يدْرك إِلَّا بفكر وتدقيق فخاصية أَو كَانَ لَفظهَا أَي اللَّفْظ الْمُسْتَعَار فِيهَا إسم جنس فاصلية كاستعارة أَسد للشجاع وَقتل للضرب الشَّديد وَإِلَّا بِأَن كَانَ فعلا أَو وَصفا أَو حرفا فَهِيَ تَبَعِيَّة نَحْو نطقت الْحَال أَو الْحَال ناطقة بِكَذَا إستعير النُّطْق للدلالة وَوجه

ص: 134

التَّشْبِيه إِيصَال الْمَعْنى للذهن وإيضاحه نَحْو قَوْله تَعَالَى {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} إستعيرت لَام التَّعْلِيل للغاية أَو لم تقترن بِصفة وَلَا تَفْرِيع مِمَّا يلائم الْمُسْتَعَار لَهُ أَو مِنْهُ فمطلقة نَحْو عِنْدِي أَسد أَو قرنت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار لَهُ فمجردة كَقَوْلِه

(غمر الرِّدَاء إِذا تَبَسم ضَاحِكا

علقت بضحكته رِقَاب المَال)

أَي كثير الْعَطاء إستعار لَهُ الرِّدَاء لِأَن الْعَطاء يصون صَاحبه كَمَا يصون الرِّدَاء مَا يلقِي عَلَيْهِ ثمَّ وَصفه بالغمر الَّذِي يُنَاسب الْعَطاء تجريدا

أَو قرنت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار مِنْهُ فمرشحة كَقَوْلِه تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى فَمَا ربحت تِجَارَتهمْ} استعير الاشتراء للاستبدال ثمَّ فرع عَلَيْهِمَا مَا يلائم الاشتراء من الرِّبْح وَالتِّجَارَة أَو اضمر التَّشْبِيه فِي النَّفس فَلم يُصَرح بِشَيْء من أَرْكَانه سوى الْمُشبه فبالكناية أَي فَهُوَ اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ وَيدل عَلَيْهِ أَي على التَّشْبِيه الْمُضمر إِثْبَات أَمر مُخْتَصّ بالمشبه بِهِ للمشبه وَهُوَ أَي الْإِثْبَات الْمَذْكُور الإستعارة التخييلية كَقَوْلِه

(وَإِذا الْمنية أنشبت أظفارها

)

شبه المينة فِي اغتيال النُّفُوس بالقهر وَالْغَلَبَة بالسبع وَأثبت لَهَا أمرا مُخْتَصًّا بِهِ وَهُوَ الْأَظْفَار

ومركب عطف على مُفْرد وَهُوَ الثَّانِي من قسمي الْمجَاز وَهُوَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا شبه بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ تَشْبِيه تَمْثِيل فَإِن كَانَ وَجهه منتزعا من مُتَعَدد مُبَالغَة كَقَوْلِك للمتردد فِي أَمر أَرَاك تقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى تَشْبِيها لصورة تردده فِي ذَلِك الْأَمر بِصُورَة تردد من قَامَ يذهب فَتَارَة يُرِيد الذّهاب فَيقدم رجلا وَتارَة لَا يُرِيد فيؤخر أُخْرَى فَاسْتعْمل فِي الصُّورَة الأولى الْكَلَام الدَّال على الثَّانِيَة وَوجه الشّبَه هُوَ الْإِقْدَام تَارَة والإحجام أُخْرَى وَهُوَ منتزع من عدَّة أُمُور

ص: 135

الْكِنَايَة لفظ أُرِيد بِهِ لَازم مَعْنَاهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَته أَي ذَلِك الْمَعْنى مَعَه أَي لَازمه كَلَفْظِ طَوِيل النجاد المُرَاد بِهِ طول الْقَامَة وَيجوز أَن يُرَاد بِهِ حَقِيقَة طول النجاد أَي حمائل السَّيْف أَيْضا وَبِه يُفَارق الْمجَاز فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهِ إِفَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ للقرينة الْمَانِعَة عَن إِرَادَته وَيطْلب بهَا إِمَّا صفة فَإِن كَانَ الِانْتِقَال من الْكِنَايَة إِلَى الْمَطْلُوب بِوَاسِطَة فبعيدة كَقَوْلِهِم كثير الرماد كِنَايَة عَن الْمُضَاف فَإِنَّهُ ينْتَقل من كَثْرَة الرماد إِلَى كَثْرَة إحراق الْحَطب وَمِنْهَا إِلَى كَثْرَة الطبائخ وَمِنْهَا إِلَى كَثْرَة الْأكلَة وَمِنْهَا إِلَى كَثْرَة الضيفان وَمِنْهَا إِلَى الْمَقْصُود

وَإِلَّا بِأَن كَانَ الِانْتِقَال بِلَا وَاسِطَة فَهِيَ قريبَة كطويل النجاد كِنَايَة عَن طول الْقَامَة أَو يطْلب بهَا نِسْبَة أَي إِثْبَات أَمر لأمر أَو نَفْيه عَنهُ كَقَوْلِه

(إِن السماحة والمروءة والندى

فِي قبَّة ضربت على ابْن الحشرج)

أَرَادَ إِثْبَات اخْتِصَاصه بِهَذِهِ الصِّفَات وَلم يُصَرح بهَا بقوله هُوَ مُخْتَصّ بهَا أَو نَحوه بل كنى بِأَن جعلهَا فِي قبَّة مَضْرُوبَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا أثبت الْأَمر فِي مَكَان الرجل فقد أثبت لَهُ أَو لَا يطْلب بهَا لَا صفة وَلَا نِسْبَة بل الْمَوْصُوف كَقَوْلِنَا كِنَايَة عَن الْإِنْسَان حَيّ مستوى الْقَامَة عريض الْأَظْفَار وتتفاوت إِلَى تَعْرِيض وَهُوَ مَا سبق من الْكِنَايَة لأجل مَوْصُوف غير مَذْكُور كَقَوْلِك فِي عرض من يُؤْذِي الْمُسلمين الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده

وتلويح وَهُوَ مَا كثرت فِيهِ الوسائط كَمَا فِي كثير الرماد ورمز وَهُوَ مَا قلت وسائطه مَعَ خَفَاء فِي اللُّزُوم كعريض الْقَفَا كِنَايَة عَن الأبله وإيماء وَإِشَارَة وهما مَا قلت وسائط بِلَا خَفَاء كَقَوْلِه

(أَو مَا رَأَيْت الْمجد ألْقى رَحْله

فِي آل طَلْحَة ثمَّ لم يتَحَوَّل)

وَهِي وَالْمجَاز والاستعارة أبلغ من الْحَقِيقَة وَالتَّصْرِيح والتشبيه لف وَنشر مشوش أَي الْكِنَايَة أبلغ من التَّصْرِيح لِأَن الإنتقال فِيهَا من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم فَهُوَ كدعوى الشَّيْء بِبَيِّنَة وَالْمجَاز أبلغ من الْحَقِيقَة لذَلِك الِاسْتِعَارَة أبلغ من التَّشْبِيه لِأَنَّهَا مجَاز وَهُوَ حَقِيقَة

ص: 136