الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الأول
الْإِسْنَاد الخبري مِنْهُ حَقِيقَة عقلية وَهِي إِسْنَاد الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ من الْمصدر وَاسم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول وَاسم التَّفْضِيل والظرف وَالصّفة المشبهة لما هُوَ لَهُ عِنْد الْمُتَكَلّم سَوَاء طابق الْوَاقِع كَقَوْل الْمُؤمن أنبت الله عز وجل البقل أم لَا كَقَوْل الْكَافِر أنبت الرّبيع البقل وَالْمرَاد بِكَوْنِهِ لَهُ عِنْد الْمُتَكَلّم فِيمَا يظْهر من حَاله وَإِن كَانَ اعْتِقَاده بِخِلَافِهِ سَوَاء طابق الْوَاقِع كَقَوْل المعتزلي لمن لَا يعرف حَاله خلق الله تَعَالَى الْأَفْعَال كلهَا أم لَا كَقَوْلِك جَاءَ زيد وَأَنت تعلم أَنه لم يَجِيء دون الْمُخَاطب ومجاز عَقْلِي وَهُوَ إِسْنَاد مَا ذكر إِلَى ملابس لَهُ بِفَتْح الْبَاء غير مأهولة من مصدر وزمان وَمَكَان وَسبب بتأول كَقَوْل الْمُؤمن أنبت الرّبيع البقل بِخِلَاف قَول الْجَاهِل ذَلِك لِأَنَّهُ إعتقاده فَلَا تَأَول فِيهِ وَمِنْه فِي الْمصدر جد جده وَفِي الْمَكَان نهر جَار وَإِنَّمَا هُوَ مجْرى فِيهِ وَفِي السَّبَب يذبح أَبْنَاءَهُم أَي يَأْمر بذبحهم وطرفاء أَي الْمسند إِلَيْهِ والمسند إِمَّا حقيقتان لغويتان كأنبت الرّبيع البقل أَو مجازان لغويان كأحيا الأَرْض شباب الزَّمَان إِذْ نِسْبَة الْإِحْيَاء والشبوبية إِلَى الأَرْض وَالزَّمَان مجَاز لِأَنَّهُمَا حَقِيقَة فِي الْحَيَوَان أَو مُخْتَلِفَانِ بِأَن يكون الْمسند حَقِيقَة والمسند إِلَيْهِ مجَازًا أَو بِالْعَكْسِ نَحْو أنبت البقل شباب الزَّمَان وَأَحْيَا الأَرْض الرّبيع وَشَرطه قرينَة صارفة عَن إِرَادَة ظَاهِرَة لِأَن الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن عِنْد انتفائها الْحَقِيقَة وَهِي إِمَّا لفظية كَقَوْل أبي النَّجْم
(ميز عَنهُ قنزعا عَن قنزع
…
جذب اللَّيَالِي أبطيء أَو أسرعي)
ثمَّ قَالَ
أفناه قيل الله للشمس اطلعِي أَو معنوية بِأَن يصدر مثل أنبت الرّبيع من
الْمُؤمن أَو يَسْتَحِيل قِيَامه من الْمَذْكُور عقلا كمحبتك جَاءَت بِي إِلَيْك أَو عَادَة كهزم الْأَمِير الْجند
ثمَّ قد يُرَاد بالْكلَام إِفَادَة الْمُخَاطب الحكم المتضمن لَهُ أَو إفادته كَونه أَي الْمُتَكَلّم عَالما بِهِ فليقتصر الْمُتَكَلّم على قدر الْحَاجة فحالي الذِّهْن من الحكم لَا يُؤَكد لَهُ لإستغنائه عَنهُ بل يلقِي إِلَيْهِ الْكَلَام خَالِيا من أَدَاة التَّأْكِيد والمتردد فِيهِ يُقَوي بمؤكد إستحسانا وَالْمُنكر لَهُ يُؤَكد بِأَكْثَرَ بِحَسب الْإِنْكَار قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن رسل عِيسَى عليه الصلاة والسلام إِلَى أهل إنطاكية إِذْ كذبُوا أَولا {إِنَّا إِلَيْكُم مرسلون} فأكد بِأَن واسمية الْجُمْلَة وَثَانِيا {رَبنَا يعلم إِنَّا إِلَيْكُم لمرسلون} أكد بالقسم وَإِن وَاللَّام واسمية الْجُمْلَة لمبالغة المخاطبين فِي الْإِنْكَار
فَالْأول ابتدائي وَالثَّانِي طلبي وَالثَّالِث إنكاري أَي يُسمى كل من المقامات بذلك وَقد يَجْعَل الْمُنكر كَغَيْرِهِ فَلَا يُؤَكد لَهُ لداع مَعَه لَو تَأمله ارتدع عَن إِنْكَاره كَقَوْلِك لمنكر الْإِسْلَام حق بِلَا تَأْكِيد لِأَن مَعَه دَلَائِل دَالَّة على حَقِيقَة الْإِسْلَام وَعَكسه أَي يَجْعَل غير الْمُنكر كالمنكر فيؤكد لَهُ لظُهُور إِمَارَة للإنكار عَلَيْهِ كَقَوْلِه
(جَاءَ شَقِيق عارضا رمحه
…
إِن بني عمك فيهم رماح)
أكدوا إِن لَا يُنكر أَن فِي بني عَمه رماحا لَكِن لما جَاءَ وَاضِعا رمحه على الْعرض من غير الْتِفَات وَلَا تهيؤ فَكَأَنَّهُ اعْتقد أَنهم عزل لَا سلَاح لَهُم فَنزل منزلَة الْمُنكر وَقد قَالَ تَعَالَى {ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون} زيد فِي تَأْكِيد الْمَوْت بِاللَّامِ وَإِن كَانُوا لَا ينكرونه لِأَن من اعْتقد حقيته فَشَأْنه الاستعداد لَهُ فَلَمَّا لم يستعدوا لَهُ بِالْإِسْلَامِ فكأنهم ينكرونه وَتركت من الْبَعْث وَإِن أنكروه لتقدم مَا دلّ على حقيته قطعا فِي آيَات خلق الْإِنْسَان إِذا الْقَادِر على الْإِنْشَاء قَادر على الْإِعَادَة فَلَو تأملوا ذَلِك لم ينكروه