المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{باب العتق على جعل} - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌{باب العتق على جعل}

احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ إنْ بَقِيَ إلَى مَوْتِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ دَاخِلًا فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَصَارَ كَالْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ فَجَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ وَمَا بَيْنَهُمَا لَيْسَ حَالَ إيجَابِ الْعِتْقِ وَلَا حَالَ اعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ لِأَنَّا إنَّمَا أَلْحَقْنَا الْمُسْتَقْبَلَ بِالْحَالِ إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِيصَاءُ وَلَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ

فَإِنْ قِيلَ قَدْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قُلْنَا هَذَا الْكَلَامُ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ لَكِنَّ حَالَ الْإِعْتَاقِ هُوَ حَالُ التَّكَلُّمِ مِنْ وَجْهٍ وَمِنْ وَجْهٍ حَالُ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ لَكِنْ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ فَصَارَ حَالَةُ الْمَوْتِ وَحَالَةُ التَّكَلُّمِ كَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ حَالُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَيَتَنَاوَلُهَا بِاعْتِبَارِهَا أَوْ نَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ إيجَابُ عِتْقٍ وَإِيصَاءُ الْإِيجَابِ وَالْإِيجَابُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى سَبَبِهِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا وَنَوَى النَّذْرَ وَالْيَمِينَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ

وَأَمَّا إذَا نَوَى فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ لِأَنَّهُ نَوَى التَّشْدِيدَ عَلَى نَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

قَالَ رحمه الله (حَرَّرَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ عَتَقَ) أَيْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ عَتَقَ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا أَوْ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنْ تَجِيئَنِي بِأَلْفٍ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِقَبُولِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِقَبُولِ الْعِوَضِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِذَا قَبِلَهُ الْعَبْدُ صَارَ حُرًّا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِقَبُولِهِ وَكَانَتْ ذِمَّتُهُ صَالِحَةً وَقَدْ تَأَكَّدَتْ بِالْعِتْقِ وَجَازَ أَنْ يَجِبَ الْمَالُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بِمُقَابَلَةِ مَا سَقَطَ مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى شَيْئًا كَمَا يَجِبُ بِالْخُلْعِ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا بِإِزَاءِ مَا سَقَطَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ وَكَمَا يَجِبُ بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَهُوَ دَيْنٌ وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ حَتَّى صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَافِي بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ مَعَ الْمُنَافِي لِأَنَّهُ يَسْعَى وَهُوَ عَبْدٌ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَمْ يَكُنْ بَدَلُ الْكِتَابَةِ دَيْنًا مُطْلَقًا إذْ الدَّيْنُ مَا لَا يُمْكِنُ الْمَدِينَ الْخُرُوجُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ أَنْوَاعَهُ حَتَّى الْحَيَوَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَلَا يُبَالَى بِجَهَالَةِ الْوَصْفِ كَالْجُودَةِ وَالرَّدَاءَةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَلَا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ فَشَابَهَ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَإِنَّمَا لَمْ تَمْنَعْ الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ مِنْ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ لِأَنَّهُ يَجْرِي التَّسَامُحُ فِيهَا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَالْفَسَادِ بِاعْتِبَارِهِ وَلِهَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَائِهِ صَارَ مَأْذُونًا) أَيْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ) حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الْمُشْتَرِي تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الرَّاهِنَةَ اهـ

(قَوْلُهُ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ سَبَبَيْنِ) وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِلْعِرَاقِيِّينَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ فِي الْأُصُولِ وَإِلَّا لَمْ يَمْتَنِعْ الْجَمْعُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافٌ فِيهِ لِأَنَّ الْجَمْعَ قَطُّ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارَيْنِ وَبِالنَّظَرِ إلَى شَيْئَيْنِ. اهـ

[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ} قَالَ الْكَمَالُ أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ أَبْوَابِ الْعِتْقِ مُنْجَزِهَا وَمُعَلَّقِهَا كَمَا أَخَّرَ الْخُلْعَ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ مِنْ الْإِسْقَاطِ غَيْرُ أَصْلٍ بَلْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَخَّرَ مَا لَيْسَ بِأَصْلٍ عَمَّا هُوَ أَصْلٌ وَالْجُعَلُ مَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ وَكَذَا الْجَعِيلَةُ وَيُقَالُ الْجَعَالَةُ ضَبْطُهَا بِالْكَسْرِ فِي الصِّحَاحِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ غَرِيبِ الْحَدِيثِ لِلْقِتْبَيَّ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ لِلْفَارَابِيِّ بِالْفَتْحِ فَيَكُونُ فِيهِ وَجْهَانِ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُقْبَلْ وَيَقَعُ عَلَى مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَإِنْ قُبِلَ وَقَعَ الْعِتْقُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَقَعُ بِمَجْلِسِ عِلْمِهِ فَإِنْ وُجِدَ الْقَبُولُ صَحَّ وَإِنْ رُدَّ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا بِالْقِيَامِ أَوْ بِاشْتِغَالِهِ بِعَمَلٍ آخَرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا قَبْلَهُ اهـ

(قَوْلُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِقَبُولِ الْعِوَضِ) لِأَنَّ الْمَوْلَى يَثْبُتُ مِلْكُهُ فِي الْعِوَضِ الْكَائِنِ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ بِقَبُولِهِ فَيَلْزَمُ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْ الْمُعَوَّضِ وَإِلَّا اجْتَمَعَ الْعِوَضَانِ فِي مِلْكِهِ. اهـ. فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ مَا نَصُّهُ أَرَادَ بِهِ الْعِتْقَ هُنَا اهـ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ) يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ اهـ وَكَمَا إذَا طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ قَبْلَ أَدَاءِ الْعِوَضِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ أَنْوَاعَهُ) أَيْ مِنْ النَّقْدِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَرْضِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ) لَا بُدَّ مِنْ مَعْلُومِيَّةِ النَّوْعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْهُ الصِّنْفَ فَيَصِحُّ كَلَامُ الشَّارِحِ رحمه الله -

ص: 93

لَوْ عَلَّقَ الْمَوْلَى عِتْقَ الْعَبْدِ بِأَدَاءِ الْعَبْدِ أَوْ بِأَدَاءِ الْمَالِ صَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِدَلَالَةِ حَالِهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَثَّهُ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالِاكْتِسَابِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الِاكْتِسَابَ بِالتَّكَدِّي لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْخَسَاسَةِ فَتُعَيَّنُ التِّجَارَةُ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتَادَةُ وَلَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا لِأَنَّ صِيغَتَهُ التَّعْلِيقُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ نَحْوَهُ فَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِأَدَاءِ الْمَالِ كَتَعْلِيقِهِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَا يَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَالْكِتَابَةُ تُوجِبُ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ بِالْقَبُولِ فَيَثْبُتُ الْمَالُ لَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ مِلْكِ الْيَدِ وَالْكَسْبِ

وَهُنَا لَمْ يَجِبْ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَدِ وَالْكَسْبِ ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَدَّى يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَيُعْتَقُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ وَكَمَا إذَا قَالَ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إذَا أَدَّيْت، وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ لِتَخَيُّرِهِ بَيْن الْأَدَاءِ وَالِامْتِنَاعِ وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ يَتَوَقَّفُ بِهِ فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ مَتَى وَإِذَا لِأَنَّهُمَا لِلْوَقْتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ قَالَ رحمه الله (وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ) وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَحْضَرَ الْمَالَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمَوْلَى مِنْ قَبْضِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ وَنَزَّلَهُ قَابِضًا بِذَلِكَ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ قَبَضَ أَوْ لَا وَهُوَ تَفْسِيرُ الْإِجْبَارِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى الْقَبُولُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَا يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى لَا يُعْتَقُ وَلَا يُعْتَبَرُ إبْرَاؤُهُ

وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ وَأَدَّى عَنْهُ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ بِطَلَبِهِ وَأَدَّى الْبَاقِيَ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى لَا يُعْتَبَرُ أَدَاؤُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَتْبَعُهُ أَوْلَادُهُ فَإِذَا كَانَ تَعْلِيقًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحِنْثِ كَمَا إذَا عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاءٌ مُتَّصِلٌ بِقَبُولِهِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ إلَيَّ فَلَا يَتِمُّ بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُعَاوَضَةٌ وَالْبَدَلَ فِيهَا وَاجِبٌ فَاحْتَجْنَا إلَى جَعْلِ الْمَوْلَى قَابِضًا لِيَتَخَلَّصَ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ وَلَنَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ تَعْلِيقٌ وَبِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ مُعَاوَضَةٌ لِأَنَّهُ حَثَّهُ عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالِ وَرَغَّبَهُ فِي الْأَدَاءِ بِمَا جَعَلَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْعِتْقِ وَهَذَا مَعْنَى الْكِتَابَةِ وَهَذَا الْمَالُ عِوَضٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ لَازِمًا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ يُوَفِّرُ حَظَّهُ عَلَيْهِمَا فَوَفَّرْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ التَّعْلِيقِ ابْتِدَاءً فِي حَقِّ تِلْكَ الْأَحْكَامِ رِعَايَةً لِلَّفْظِ وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى وَوَفَّرْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فِي الْآخِرَةِ فَأَجْبَرْنَا الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْغُرُورِ عَنْ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ الْمَشَقَّةَ فِي اكْتِسَابِ الْمَالِ إلَّا لِيَنَالَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ نَظِيرَ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّهُ جُعِلَ هِبَةَ ابْتِدَاءٍ حَتَّى اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ فِي الْعِوَضَيْنِ وَبَطَلَ بِالشُّيُوعِ وَجُعِلَ تَبَعًا انْتِهَاءً حَتَّى يُرَدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ

وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ أَوْ بِأَدَاءِ الْمَالِ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَدَائِهِ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْعَبْدِ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمَالِ اهـ (قَوْلُهُ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) وَإِنَّمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِأَنَّ الْعِتْقَ إسْقَاطُ حَقِّ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ لَزِمَهُ السِّعَايَةُ وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الِاكْتِسَابَ بِالتَّكَدِّي لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْخَسَاسَةِ) أَيْ فَيَلْحَقُ الْمَوْلَى عَارُهَا لَكِنَّهُ لَوْ اكْتَسَبَ مِنْهُ فَأَدَّى عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَكَمَا إذَا قَالَ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إذَا أَدَّيْت) فَرْعٌ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشُّفْعَةِ فِي بَابِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ فَقَالَ الْمَوْلَى قُلْت لَك إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَيْنِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ الْعَبْدُ قُلْت إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ اهـ

(قَوْلُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ) فَيَعُمَّانِ الْأَوْقَاتِ كُلَّهَا اهـ (قَوْلُهُ وَنَزَلَهُ قَابِضًا بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى نِسْبَةِ الْإِجْبَارِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ هَذَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا كَانَ خَمْرًا أَوْ مَجْهُولًا لَا جَهَالَةً فَاحِشَةً كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا خَمْرًا أَوْ ثَوْبًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِمَا أَيْ لَا يَنْزِلُ قَابِضًا إلَّا إنْ أَخَذَهُ مُخْتَارًا وَأَمَّا عَدَمُ الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَحَجَجْت بِهَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَيْئَيْنِ الْمَالِ وَالْحَجِّ فَلَا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْمَالِ لِبُطْلَانِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا أَحُجُّ بِهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ تَمَامُ الشَّرْطِ وَالْحَجُّ وَقَعَ مَشُورَةً. اهـ. كَمَالٌ

(قَوْلُهُ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْإِجْبَارِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا اِ هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْحُقُوقِ أَنَّهُ يَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ بَلْ إنْ أَخَذَهُ كَانَ قَابِضًا وَعَتَقَ الْعَبْدُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ) وَإِذَا كَانَ يَمِينًا فَلَا إجْبَارَ عَلَى مُبَاشَرَةِ شُرُوطِ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اسْتِحْقَاقَ قَبْلَ الشَّرْطِ بَلْ بِالشَّرْطِ وَلَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى أَنْ يُبَاشِرَ سَبَبًا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ) كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى وَقَعَ بَائِنًا. اهـ. (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلَّفْظِ) أَيْ لِلَفْظِ الْمَوْلَى اهـ

(قَوْلُهُ فَأَجْبَرْنَا الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ إذَا أَدَّى الْعَبْدُ الْمَالَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ إلَخْ) قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ قَالَ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَجَاءَ بِبَعْضِ الْأَلْفِ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِهِ لِأَنَّ هَذَا جُزْءٌ مِنْ جُمْلَةٍ هِيَ عِوَضٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَصَارَ لِلْبَعْضِ حُكْمُ الْأَعْوَاضِ أَيْضًا كَقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَبَعْضِ الثَّمَنِ فَإِنَّ أَدَاءَ بَعْضِ الثَّمَنِ لَا يُوجِبُ قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجْبِرْهُ لَكَلَّفْنَا الْمُؤَدِّيَ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَهُوَ أَدَاءُ جَمِيعِ الْبَدَلِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَتَى الْعَبْدُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَالْقِيَاسُ عَلَى أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ

ص: 94

اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْكُلَّ لِعَدَمِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يُجْعَلُ مُعَاوَضَةً وَكِلَاهُمَا مَالُ الْمَوْلَى لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا ثَبَتَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّهُ كَالْكِتَابَةِ ثَبَتَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ اقْتِضَاءً وَكَانَ أَحَقَّ بِإِكْسَابِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَالِ وَلَوْ أَدَّاهُ عَتَقَ ثُمَّ إذَا أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ عَتَقَ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالْأَدَاءِ مِنْهُ وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ وَإِنْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ أَدَّى مَغْصُوبًا فَاسْتَحَقَّ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ دَرَاهِمَ فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لَا تَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ يَمِينًا مَحْضًا وَلَا جَبْرَ فِيهَا

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِأَلْفٍ فَالْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ أُضِيفَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْقَبُولِ قَبْلَ وُجُودِ الْإِيجَابِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا قَبْلَ غَدٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ حَيْثُ يَكُونُ الْقَبُولُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إيجَابَ التَّدْبِيرِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا فَسَقَطَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ زَالَ فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ فَمَا فَائِدَةُ الْقَبُولِ قُلْنَا فَائِدَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُعَلَّقٌ بِقَبُولِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مَا لَمْ يَقْبَلْ

وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ فِيهِ فِي الْحَالِ فَإِذَا قَبِلَ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَا يَجِبُ الْمَالُ لِمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَالْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت حَيْثُ تَكُونُ الْمَشِيئَةُ فِيهِ فِي غَدٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ فِيهِمَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَوَقَّفَ عَلَى مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِمَا فَكَذَا الْمَشِيئَةُ وَقَالَ زُفَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ فِيهِمَا إذْ لَا فَرْقَ فِي الْأَيْمَانِ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْمَشِيئَةِ وَتَأْخِيرِهَا وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةَ فِي الْحَالِ إجْمَاعًا فَكَذَا إذَا أَخَّرَ ثُمَّ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يَعْتِقْهُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْعِتْقِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ بِالْمَوْتِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِنَفْسِ الْمَوْتِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إعْتَاقُ أَحَدٍ فَإِنْ قِيلَ أَهْلِيَّةُ الْمُعَلَّقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِشَرْطٍ ثُمَّ جُنَّ وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُنَا مِثْلَهُ قُلْنَا نَعَمْ إذَا كَانَ مِلْكُ الْمُعَلَّقِ قَائِمًا وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُنَا خَرَجَ مِلْكُهُ وَبَقِيَ لِلْوَارِثِ وَمَتَى خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقَعُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ فَمَا ظَنُّك عِنْدَ عَدَمِهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَأَخَّرَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَوْتِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَذَلِكَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي فَكَذَا هَذَا

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ حَرَّرَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً فَقَبِلَ عَتَقَ) يَعْنِي مِنْ سَاعَتِهِ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى الشَّيْءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ وُجُودُ الْقَبُولِ لَا وُجُودُ الْمَقْبُولِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولُ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ خَدَمْتنِي كَذَا مُدَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدُمَهُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَالْأَوَّلُ مُعَاوَضَةٌ قَالَ رحمه الله (وَخَدَمَهُ) لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْمُبْدَلَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ قَالَ رحمه الله (فَلَوْ مَاتَ تَجِبُ قِيمَتُهُ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدُ تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْعَبْدَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ فِي الْمُدَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَوَّلًا وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اسْتَحَقَّتْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ

وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي الذِّمَّةِ فَأَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ لَهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَبْدِ لَيْسَتْ بِمَالٍ فِي حَقِّهِ إذْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

بِقَبُولِ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ اهـ أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ) أَيْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَعَتَقَ. اهـ. هِدَايَةٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إيجَابٌ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لِأَنَّ إيجَابَ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدُ) أَيْ قَبْلَ الْخِدْمَةِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ لَهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ) أَيْ وَهُوَ الْخِدْمَةُ اهـ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ) أَيْ وَقَدْ حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِ الْخِدْمَةِ بِمَوْتِهِ فَوَجَبَ تَسْلِيمُ قِيمَتِهَا اهـ

ص: 95

تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لَا بِقِيمَةِ الْبِضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَكَذَا الْمَنَافِعُ صَارَتْ مَالًا بِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِأَمَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَبِ لَا بِقِيمَةِ الْأَمَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا إلَى سَنَةٍ بِعَبْدٍ فَقَبَضَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَكَذَا هَذَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَصِيرُ مَالًا بِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّزْوِيجُ عَلَى مَنَافِعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَسَوَّى هُنَا بَيْنَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ وَطَعَنَ عِيسَى وَقَالَ هَذَا غَلَطٌ يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى بَلْ تَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَاسْتَوْفَى بَعْضَهَا وَمَاتَ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَقُولُ النَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخِدْمَةِ وَكَانَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ خِدْمَةَ الْمَوْلَى فَيَفُوتُ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى كَمَا يَفُوتُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إنَّ هَذَا الْعُذْرَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا فَلَا تَفُوتُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ نَقُولَ الْخِدْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ لَا تُورَثُ فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاءُ عَيْنِ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ نَفْسِهِ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ وَفِي قَوْلِهِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا نَظَرٌ فَإِنَّ خِدْمَةَ الْفُقَرَاءِ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَخِدْمَةَ الشَّيْخِ أَصْعَبُ مِنْ خِدْمَةِ الشَّابِّ وَقَدْ يَكُونُونَ كَثِيرِينَ فَخِدْمَةُ الْوَاحِدِ أَسْهَلُ مِنْ خِدْمَةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَفَعَلَ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَتَقَتْ مَجَّانًا) لِأَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَقَعَ الْعِتْقُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي عِتْقِ الْحَمْلِ وَقَوْلُهُ أَعْتِقْهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لَفْظَةِ عَلَيَّ قَبْلَ قَوْلِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي الطَّلَاقِ جَائِزٌ وَفِي الْعَتَاقِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَكُونُ اشْتِرَاطًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ فَيَكُونُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ أَعْتِقْ أَمَتَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا قَالَ رحمه الله (وَلَوْ زَادَ عَنِّي قَسَّمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَتِهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَيَجِبُ مَا أَصَابَ الْقِيمَةَ فَقَطْ) أَيْ

وَلَوْ زَادَ لَفْظَةَ عَنِّي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بِأَنْ قَالَ أَعْتِقْ أَمَتَك عَنِّي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قُسِّمَتْ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَتِهَا وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ الْقِيمَةَ أَدَّاهُ الْآمِرُ وَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ سَقَطَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ عَنِّي تَضَمَّنَ الشِّرَاءَ اقْتِضَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالرَّقَبَةِ شِرَاءً وَبِالْبِضْعِ نِكَاحًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ نَفْسِهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْخِدْمَةُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَأَبَتْ الزَّوْجَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَتَقَتْ مَجَّانًا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَا تُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى التَّزْوِيجِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا اهـ قَالَ الْكَمَالُ فَإِذَا أُعْتِقَ فَإِمَّا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَوْ لَا وَلَا يَلْزَمُهَا تَزَوُّجُهُ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ شَيْءٌ أَصْلًا لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَمْرُهُ الْمُخَاطَبِ بِإِعْتَاقِهِ أَمَتَهُ وَتَزْوِيجِهَا مِنْهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفٍ مَشْرُوطَةٍ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ مَهْرِهَا فَلَمَّا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ بَطَلَتْ عَنْهُ حِصَّةُ الْمَهْرِ مِنْهَا وَأَمَّا حِصَّتُهُ الْعِتْقُ فَبَاطِلَةٌ إذْ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِيهِ كَالْمَرْأَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِلْكٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَمْلِكُهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ فِيهِ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ هِيَ مِلْكُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْقَضَاءِ وَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ إلَّا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُعَوِّضُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَسَّمَتْ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَتِهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ قِيمَتَهَا سَقَطَ عَنْهُ وَمَا أَصَابَ مَهْرَهَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ

فَإِنْ اسْتَوَيَا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَهْرُهَا مِائَةً أَوْ كَانَ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَمَهْرُهَا أَلْفًا سَقَطَ عَنْهُ خَمْسُمِائَةٍ وَوَجَبَ لَهَا خَمْسُمِائَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا بِأَنْ كَانَ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ أَوْ أَلْفَيْنِ وَمَهْرُهَا مِائَةً أَوْ أَلْفًا سَقَطَ عَنْهُ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَوَجَبَ لَهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ اهـ (فَرْعٌ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَعْتِقْ أَمَتَك هَذِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَأَعْتَقَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَالْعِتْقُ وَاقِعٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ فَفَعَلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ فَفَعَلَ لَزِمَ الْأَلْفُ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْعَتَاقِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَالْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ إذْ الثَّابِتُ بِهِ سُقُوطُ مِلْكِ الزَّوْجِ لَا غَيْرُ فَكَمَا جَازَ الْتِزَامُ الْمَرْأَةِ بِالْمَالِ فَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ بِخِلَافِ الْعَتَاقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ بِالْإِعْتَاقِ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَانَ الْبَدَلُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَجْنَبِيُّ كَالْعَبْدِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ لَهُ بِهِ شَيْءٌ أَصْلًا فَكَانَ اشْتِرَاطُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ اهـ

(قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَيْ نُسَخِ الْهِدَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ عَنِّي تَضَمَّنَ الشِّرَاءُ اقْتِضَاءً) لَكِنَّهُ ضَمَّ إلَى رَقَبَتِهَا تَزْوِيجَهَا وَقَابَلَ الْمَجْمُوعَ بِعِوَضِ أَلْفٍ فَانْقَسَمَتْ عَلَيْهَا بِالْحِصَّةِ وَكَانَ هَذَا كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ فِي الْبَيْعِ بِأَلْفٍ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ سَقَطَ وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَجَبَ ثَمَنًا بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مَالًا ثُمَّ خُرُوجِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ نَفْسَهُ وَمَانِعُ الْبِضْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا لَكِنْ أَخَذَتْ حُكْمَ الْمَالِ لِأَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ حَالَةَ الدُّخُولِ وَإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا. اهـ. كَمَالٌ

ص: 96