المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ

الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِمَا هَذَا إذَا كَانَ كُلُّهُ مَضْمُونًا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَمَانَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ جَعَلَ حِصَّةَ الْمَضْمُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَحِصَّةَ الْأَمَانَةِ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَضْمُونِ فَصَارَ كَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ وَالْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ مَدِينًا فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى إنْ اخْتَارَ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ وَإِنْ أَبَى بِيعَ الْعَبْدُ وَأَخَذَ الرَّادُّ جُعْلَهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَمَا بَقِيَ يُعْطَى لِأَصْحَابِ الدُّيُونِ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَسْتَقِرُّ لَهُ الْمِلْكُ وَإِنْ كَانَ جَانِيًا فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَهَّرَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ بِاخْتِيَارِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ وَأَحْيَا الرَّادُّ مَالِيَّتَهُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهُ بِالْجِنَايَةِ فَالْجُعْلُ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ أَحْيَا حَقَّهُ وَإِنْ كَانَ مَوْهُوبًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الرَّدِّ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَ الرَّدِّ فَزَوَالُهُ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ كَزَوَالِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلِأَنَّ زَوَالَ مِلْكِهِ بِالرُّجُوعِ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ وَهُوَ تَرْكُهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي وَالْمَدِينِ وَجُعْلُ عَبْدِ الصَّبِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ مِلْكِهِ وَلَوْ رَدَّهُ وَصِيَّةً لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِهِ وَجُعْلُ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْغَاصِبِ وَجُعْلُ عَبْدِ رَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَخِدْمَتُهُ لِآخَرَ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَ بِهِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ بِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

قَالَ رحمه الله (وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ) لِأَنَّهُ لُقَطَةٌ حَقِيقَةً فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ مِنْ أَنَّ الْآخِذَ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَ الْإِذْنِ وَفِي حَبْسِهِ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَ حُضُورِ مَوْلَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ

[كِتَاب الْمَفْقُود]

(كِتَابُ الْمَفْقُودِ) قَالَ رحمه الله (هُوَ غَائِبٌ لَمْ يُدْرَ مَوْضِعُهُ) وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ فِي اللُّغَةِ مِنْ الْأَضْدَادِ يَقُولُ الرَّجُلُ فَقَدْت الشَّيْءَ أَيْ أَضْلَلْته وَفَقَدْته أَيْ طَلَبْته وَكُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ مُتَحَقِّقٌ فِي الْمَفْقُودِ فَقَدْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ غَائِبٌ لَمْ يُدْرَ مَوْضِعُهُ وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ، وَأَهْلُهُ فِي طَلَبِهِ يَجِدُّونَ وَقَدْ انْقَطَعَ عَنْهُمْ خَبَرُهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِمْ أَثَرُهُ فَبِالْجِدِّ قَدْ يَصِلُونَ إلَى الْمُرَادِ وَرُبَّمَا يَتَأَخَّرُ اللِّقَاءُ إلَى يَوْمِ التَّنَادِ وَحُكْمُهُ فِي الشَّرْعِ أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَرِثَ مِنْ أَحَدٍ مَاتَ مِنْ أَقَارِبِهِ لِأَنَّ ثُبُوتَ حَيَاتِهِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا فِي إبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَلَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ قَالَ رحمه الله (فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَصَّبَ نَاظِرَ الْكُلِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ عَجَزَ الْمَفْقُودُ فَصَارَ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَفِي نَصْبِ مَا ذَكَرْنَا نَظَرٌ لَهُ فَيَفْعَلُ وَقَوْلُهُ مَنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ يَعْنِي يَقْبِضُ غَلَّاتِهِ وَالدُّيُونَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَلَا يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ لَمْ يُقِرَّ بِهِ الْغَرِيمُ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَقَارٍ أَوْ عَرَضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَمُّنِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِيمَنْ وَكَّلَهُ الْمَالِكُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ هَلْ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ أَمْ لَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَمْلِكُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

فَإِذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ قِيلَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسُ الْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ قُلْنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ سَبَبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هَلْ تَكُونُ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ أَمْ لَا فَإِذَا رَآهَا الْقَاضِي حُجَّةً وَقَضَى بِهَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَمَا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ هَكَذَا ذُكِرَ هُنَا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ أَبَدًا فَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ حَتَّى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ حَيْثُ يُبَاعُ وَيُقَدَّمُ الْجُعْلُ ثُمَّ الْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ اهـ اق.

(كِتَابُ الْمَفْقُودِ) قَالَ فِي النُّقَايَةِ هُوَ غَائِبٌ لَمْ يُدْرَ أَثَرُهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَا تُنْكَحُ عِرْسُهُ وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ. اهـ.

ص: 310

مَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وَاقِعَةٍ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيذِ أَحَدٍ لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِيهَا قَبْلَ الْحُكْمِ ثُمَّ الْوَكِيلُ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِيهِ فَتَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَيْهِ وَيَبِيعُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ حِفْظُ صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ فِيهِ بِحِفْظِ الْمَعْنَى وَلَا يَبِيعُ مَا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ فِي نَفَقَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا فِي حِفْظِ مَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ حِفْظِ الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ

قَالَ رحمه الله (وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى قَرِيبِهِ وِلَادًا وَزَوْجَتِهِ) أَيْ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وِلَادًا وَعَلَى زَوْجَتِهِ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي وَلِهَذَا لَوْ ظَفِرُوا بِمَالِهِ أَخَذُوهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ إعَانَةً لَهُمْ فَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ غَيْرِ الْوِلَادِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ لَا تَجِبُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لِمَا أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَوْ قَضَى لَهُمْ لَكَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ الْمُرَادُ بِهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ النَّقْدَانِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَتِهِمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ قِيمَةً كَالنُّقُودِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ وَالْمَدِينُ مُقِرَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ إذَا لَمْ يَكُونَا ظَاهِرَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَا ظَاهِرَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقْرَارِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَاهِرًا دُونَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الصَّحِيحِ فَإِنْ دَفَعَا إلَيْهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ الْمُودِعُ وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ لِتَعَدِّي الْمُودِعِ وَعَدَمِ إيصَالِ الدَّيْنِ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ نَائِبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَى الْقَاضِي نَفْسُهُ أَوْ إلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ فَإِذَا كَانَا جَاحِدَيْنِ أَصْلًا أَوْ كَانَا جَاحِدَيْ السَّبَبِ مِنْ النَّسَبِ وَالزَّوْجِيَّةِ لَمْ يَنْتَصِبْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ خَصْمًا فِيهِ لِأَنَّ مَا يُثْبِتُهُ لِلْغَائِبِ وَهُوَ الْمَالُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِحَقِّهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ آخَرُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَقُّهُ مُتَعَيِّنًا فِيهِ كَالشَّفِيعِ يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ شِرَاءَ الْمَشْفُوعِ مِنْ الْمَالِكِ الْغَائِبِ وَكَالْعَبْدِ يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ الْغَائِبِ وَأَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ فِي مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ

قَالَ رحمه الله (وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ إذَا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَعَلَ ذَلِكَ فِي الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ وَلِأَنَّهُ فَاتَ حَقُّهَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ اعْتِبَارًا بِالْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ فَأَخَذَ مِنْهُمَا الْمِقْدَارَ الْأَرْبَعَ مِنْ الْإِيلَاءِ وَالسِّنِينَ مِنْ الْعُنَّةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ لِأَنَّ حَقَّهَا فَاتَ وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ كَمَا فِي الْعُنَّةِ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِيهَا هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَسْتَبِينَ مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ فَكَانَا بَيَانًا لِلْبَيَانِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَرْفُوعِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّهُ وَهُوَ حَيٌّ فِي إبْقَاءِ حَقِّهِ وَلِهَذَا لَا يُورَثُ مَالُهُ لِلْحَالِ فَكَذَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ عُمَرَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةً وَالتَّفْرِيقُ فِي الْإِيلَاءِ لِرَفْعِ الظُّلْمِ وَلَا ظُلْمَ فِي الْمَفْقُودِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا مُعَجَّلًا فَأَجَّلَهُ الشَّارِعُ فَكَانَ إيقَاعًا بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ فَلَا تُقَاسُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعُنَّةِ لِأَنَّ الْغُرْبَةَ يَعْقُبُهَا الرُّجُوعُ وَالْعُنَّةُ لَا تَزُولُ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهَا سَنَةً عَادَةً فَانْعَدَمَ شَرْطُ الْقِيَاسِ وَهُوَ الِاسْتِوَاءُ

قَالَ رحمه الله (وَحُكِمَ بِمَوْتِهِ بَعْدَ تِسْعِينَ سَنَةً)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَاهِرًا) أَيْ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ أَوْ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِحَقِّهِ) أَيْ وَهُوَ النَّفَقَةُ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ) أَيْ جَرَّتْهُ اهـ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ أَنَا لَقِيت الْمَفْقُودَ فَحَدَّثَنِي حَدِيثَهُ قَالَ أَكَلْت خَزِيرًا بِالزَّايِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مَرَقَةٌ تُطْبَخُ بِمَا يُصَفَّى مِنْ بَلَالَةِ النُّخَالَةِ فِي أَهْلِي ثُمَّ خَرَجَتْ فَأَخَذَنِي نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَمَكَثْت فِيهِمْ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فِي عِتْقِي فَأَعْتَقُونِي ثُمَّ أَتَوْا بِي قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا أَتَعْرِفُ النَّخِيلَ قُلْت نَعَمْ فَخَلُّوا عَنِّي فَجِئْت فَإِذَا عُمَرُ أَبَانَ امْرَأَتِي بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجْت فَخَيَّرَنِي عُمَرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّ وَبَيْنَ الْمَهْرِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَرَوْنَ أَنَّ عُمَرَ هَمَّ بِتَأْدِيبِهِ حِينَ رَآهُ وَجَعَلَ يَقُولُ يَغِيبُ أَحَدُكُمْ عَنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَلَا يَبْعَثُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ لَا تَعَجَّلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَذَكَرَ لَهُ قِصَّتَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْجِنَّ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَأَهْلُ الزَّيْغِ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمُسْتَنْكَرُ دُخُولُهُمْ فِي الْآدَمِيِّ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ رُوحَيْنِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يَتَحَقَّقُ. وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَسَلُّطُهُمْ عَلَى الْآدَمِيِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْجِنُّ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْمِلُوا جِسْمًا كَثِيفًا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَلَكِنَّا نَأْخُذُ بِمَا وَرَدَ بِهِ الْآثَارُ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَأْسِ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِهِ» فَنَتَّبِعُ الْآثَارَ وَلَا نَشْتَغِلُ بِكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفِي طِلْبَةِ الطَّلَبَةِ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يَقُولُ إنَّ هَذَا الْمَفْقُودَ كَانَ اسْمُهُ خُرَافَةَ وَكَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ الْجِنِّ يَحْكِي عَنْهُمْ أَشْيَاءَ يَتَعَجَّبُ مِنْهَا وَيَتَوَقَّفُ فِي صِحَّتِهَا فَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةَ وَصَارَ هَذَا مَثَلًا يُضْرَبُ عِنْدَ سَمَاعِ مَا لَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ وَالْخُرَافَاتُ كُلُّ مَا لَا صِحَّةَ لَهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَذَا اهـ وَاسْتَبْعَدَهَا فِي الْمُغْرِبِ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه وَخُرَافَةُ كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. اهـ.

ص: 311