المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب اليمين في البيع والشراء والتزوج والصوم والصلاة وغيرها) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌(باب اليمين في البيع والشراء والتزوج والصوم والصلاة وغيرها)

وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الثَّالِثَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْهُمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَلِيهِ كَمَا ذَكَرَ لَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ لِلْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا لَهُمَا فَتَنْتَفِي الشَّرِكَةُ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِنْ كَلَّمَ الْأَوَّلَ وَحْدَهُ حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ حَتَّى يُكَلِّمُهُمَا فَجُعِلَ الثَّالِثُ فِي الْكَلَامِ مَضْمُومًا إلَى الثَّانِي عَلَى التَّعْيِينِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ جَعَلَهُ مَضْمُومًا إلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْحُكْمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ تَنَاوَلَتْ أَحَدَهُمَا مُنَكَّرًا إلَّا أَنَّ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْإِثْبَاتِ فَتَخُصُّ فَتَطْلُقُ إحْدَاهُمَا وَفِي الْكَلَامِ الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ النَّفْيِ فَتَعُمُّ عُمُومَ الْأَفْرَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا فَيَنْضَمُّ الثَّالِثُ إلَى مَا يَلِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أَوْ لِعُمُومِ الْإِفْرَادِ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلَامًا عَلَى حِدَةٍ كَأَنَّ الْأَوَّلَ انْقَطَعَ وَشَرَعَ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي وَالْعَطْفُ فِيهِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّ الْإِيصَالَ فِيهِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ثَابِتٌ فَيَكُونُ الثَّالِثُ مَعْطُوفًا عَلَى مَنْ وَجَبَ لَهُ الْحُكْمُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ طَالِقٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلْمُثَنَّى وَفِي ضَمِّ الثَّالِثِ إلَى الثَّانِي جَعَلَهُ لِلْمُثَنَّى لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَاتَانِ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَالَ طَالِقَانِ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ لَا يَصْلُحُ خَبَرًا لِلْمَثْنَى بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا أُكَلِّمُ يَصْلُحُ لِلْمَثْنَى وَلِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ خَبَرًا فَإِنْ ذَكَرَ لَهُ خَبَرًا بِأَنْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَالِقَانِ أَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا وَهَذَا حُرَّانِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ وَلَا تَطْلُقُ بَلْ يُخَيَّرُ إنْ اخْتَارَ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ وَطَلُقَتْ الْأُولَى وَحْدَهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ عَتَقَ الْأَخِيرَانِ وَطَلُقَتْ الْأَخِيرَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْمُبَاشِرِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِمُبَاشَرَةِ وَكِيلِهِ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْ الْوَكِيلِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَإِنْ كَانَتْ حُقُوقُهُ تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ كَمَا يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلِهَذَا لَا يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ بَلْ إلَى الْآمِرِ وَيَتَوَقَّفُ لَوْ بَاشَرَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَفِي الْأَوَّلِ الْوَكِيلُ مُبَاشِرٌ وَلِهَذَا لَا يُضِيفُهُ إلَى الْآمِرِ بَلْ إلَى نَفْسِهِ وَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاشَرَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ رحمه الله (مَا يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ لَا بِالْأَمْرِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْقِسْمَةُ وَالْخُصُومَةُ وَضَرْبُ الْوَلَدِ) أَيْ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمُبَاشَرَتِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ بِفِعْلِهَا هِيَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي عَدَّهَا مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ إلَخْ وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي هَذَا الْأَشْيَاءِ بِمُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ وُجِدَ مِنْ الْوَكِيلِ حَقِيقَةً وَكَذَا حُكْمًا وَلِهَذَا رَجَعَتْ الْحُقُوقُ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ حَالِفًا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهَا فَلَمْ يُوجَدْ الْفِعْلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَلَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) أَيْ الْعِتْقِ وَالْإِقْرَارِ. اهـ. (قَوْلُهُ {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] أَيْ آثِمًا وَلَا كَفُورًا. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا) هَكَذَا هُوَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْكَافِي وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا) قَالَ الْكَمَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ بَابٍ عَقَدَهُ فَوُقُوعُهُ أَقَلُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَأَكْثَرُ مِمَّا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْمُبَاشِرِ يَسْتَغْنِي الْوَكِيلُ فِيهِ عَنْ نِسْبَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ لِوُجُودِهِ مِنْ الْمَأْمُورِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَذَلِكَ كَالْحَلِفِ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يَسْتَأْجِرُ وَلَا يُصَالِحُ عَنْ مَالٍ وَلَا يُقَاسِمُ وَكَذَا الْفِعْلُ الَّذِي يُسْتَنَابُ فِيهِ وَيَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى النِّسْبَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُخَاصِمُ فُلَانًا فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَقُولُ ادَّعَى لِمُوَكِّلِي وَكَذَا الْفِعْلُ الَّذِي يُقْتَصَرُ أَصْلُ الْفَائِدَةِ فِيهِ عَلَى مَحِلِّهِ كَضَرْبِ الْوَلَدِ فَلَا يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَكُلُّ عَقْدٍ لَا تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْمُبَاشِرِ بَلْ هُوَ فِيهِ سَافِرٌ نَاقِلٌ عِبَارَةً يَحْنَثُ فِيهِ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ كَمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَوَكَّلَ بِهِ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يَعْتِقُ بِمَالٍ أَوْ بِلَا مَالٍ أَوْ لَا يُكَاتِبُ أَوْ لَا يَهَبُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ أَوْ لَا يُوصِي أَوْ لَا يَسْتَقْرِضُ أَوْ لَا يُصَالِحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ أَوْ لَا يُودِعُ أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَدِيعَةَ أَوْ لَا يُعِيرُ أَوْ لَا يَسْتَعِيرُ وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ تَرْجِعُ مَصْلَحَتُهُ إلَى الْآمِرِ كَحَلِفِهِ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ وَلَا يَذْبَحُ شَاتَه فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَمِنْهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ وَالْكِسْوَةُ وَالْحَمْلُ عَلَى دَابَّتِهِ وَخِيَاطَةُ الثَّوْبِ وَبِنَاءُ الدَّارِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّزَوُّجُ مَا نَصُّهُ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَضَرْبُ الْوَلَدِ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَا يَحْنَثُ وَقِيلَ الزَّوْجَةُ نَظِيرُ الْوَلَدِ وَقِيلَ نَظِيرُ الْعَبْدِ ثُمَّ رَسَمَ لِلْقَاضِي الْبَدِيعِ وَقَالَ إنْ جَنَتْ الْمَرْأَةُ فَنَظِيرُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَجْنِ فَنَظِيرُ الْحُرِّ وَقَالَ رحمه الله وَلَوْ فَصَلَ أَحَدٌ فِي الْوَلَدِ بِتَفْصِيلِهِ فِي الزَّوْجَةِ فَحَسَنٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا رَجَعَتْ الْحُقُوقُ إلَيْهِ) أَيْ وَكَانَ هُوَ الطَّالِبَ بِالتَّسْلِيمِ بِالثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ وَالْمُخَاصِمَ بِالْعَيْبِ وَبِالْغَبْنِ الْمَوْجُودِ وَالْأُجْرَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ حَالِفًا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهَا) أَيْ لِصِدْقِ أَنَّهُ بَاعَ وَاشْتَرَى وَاسْتَأْجَرَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَظْهَرِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَحْنَثُ

ص: 147

يَحْنَثُ إلَّا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَأْمُرَ بِهِ غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ وَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ حَقِيقَةً فَلَا يَتَغَيَّرُ بِنِيَّتِهِ أَوْ يَكُونُ مِثْلُهُ لَا يُبَاشِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَالْقَاضِي وَالْأَمِيرِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِالْأَمْرِ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَمْنَعُ نَفْسَهُ بِالْيَمِينِ عَمَّا يَعْتَادُهُ وَعَادَتُهُ الْأَمْرُ بِهِ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَبِمَقْصُودِ الْحَالِفِ وَلِهَذَا تَتَقَيَّدُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ مِثْلُهُ مِمَّا يُبَاشِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِالتَّوْكِيلِ لِأَنَّ غَرَضَهُ بِالْحَلِفِ التَّوَقِّي مِنْ الْحُقُوقِ وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ تَارَةً وَيَأْمُرُ أُخْرَى يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ

قَالَ رحمه الله (وَمَا يَحْنَثُ بِهِمَا النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْخَلْعُ وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْقَرْضُ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَضَرْبُ الْعَبْدِ وَالذَّبْحُ وَالْبِنَاءُ وَالْخِيَاطَةُ وَالْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ وَالْكِسْوَةُ وَالْحَمْلُ) أَيْ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا بِالْمُبَاشَرَةِ وَالتَّوْكِيلِ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَبِمُبَاشَرَةِ وَكِيلِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ وُجِدَ مِنْ الْمَأْمُورِ حَقِيقَةً وَمِنْ الْآمِرِ حُكْمًا فَوُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ مِنْ الْآمِرِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَلَنَا أَنَّ غَرَضَ الْحَالِفِ التَّوَقِّي عَنْ حُكْمِ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ وَهَذِهِ الْعُقُودُ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِحُقُوقِهَا فَصَارَ مُبَاشَرَةُ الْوَكِيلِ كَمُبَاشَرَتِهِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ وَالْحُقُوقِ وَصَارَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا وَلِهَذَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهَا إلَيْهِ وَلَوْ بَاشَرَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَهَا بِأَمْرِهِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ شَرْطُ الْحِنْثِ فَيَحْنَثُ وَمَا كَانَ مِنْهَا حِسِّيًّا كَضَرْبِ الْغُلَامِ وَالذَّبْحِ وَنَحْوِهِمَا مَنْقُولٌ أَيْضًا إلَى الْآمِرِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ فَكَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَيَحْنَثُ وَمَنْفَعَةُ ضَرْبِ الْعَبْدِ عَائِدَةٌ إلَى الْمَوْلَى إذْ الْعَبْدُ يَجْرِي عَلَى مُوجِبِ أَمْرِ الْمَوْلَى

وَيَسْعَى فِي مَصَالِحِهِ إذَا ضَرَبَهُ فَصَارَ ضَرْبُهُ كَضَرْبِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ ضَرْبِ الْوَلَدِ فَإِنَّ مُعْظَمَ مَنْفَعَتِهِ تَحْصُلُ لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّبُ بِهِ وَيَرْتَاضُ وَيَنْزَجِرُ عَنْ الْقَبَائِحِ فَصَارَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ رَجُلًا حُرًّا فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِضَرْبِ الْمَأْمُورِ إيَّاهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ضَرْبَهُ فَلَا يَصِحُّ أَمْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ قَاضِيًا فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ ضَرْبَ الْأَحْرَارِ حَدًّا وَتَعْزِيرًا فَيَمْلِكَانِ الْأَمْرَ بِهِ فَيُضَافُ فِعْلُ الْمَأْمُورِ إلَيْهِمَا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ بِأَمْرِهِمَا الضَّمَانُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَلَوْ قَالَ الْحَالِفُ فِي الطَّلَاقِ وَالتَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْحُكْمِيَّاتِ نَوَيْت أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ بِهِ وَلَا أَلِيَ بِنَفْسِي صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ فِي ذَبْحِ الشَّاةِ وَضَرْبِ الْعَبْدِ نَوَيْت أَنْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لِأَنَّ بِالْأَمْرِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ مَنْ حَلَقَ لَهُ حَنِثَ قُلْنَا لَمْ يُوجَدْ الْفِعْلُ مِنْهُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَهَذَا الشَّرْطُ لِلْحِنْثِ بَلْ مِنْ الْعَاقِدِ حَقِيقَةً حُكْمًا وَإِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ الْمِلْكُ لَا كُلُّ حُكْمٍ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْأَعْلَى بِخِلَافِ الْحَلْقِ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهِ عَلَى حَلْقِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَإِنَّمَا انْعَقَدَتْ عَلَى الْحَلْقِ مُطْلَقًا فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ كَمَا لَوْ حَلَقَ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَفْعَلُهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِالْأَمْرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ الْفِعْلِ لَيْسَ إلَّا الْأَمْرَ بِهِ فَيُوجَدُ سَبَبُ الْحِنْثِ بِوُجُودِ الْأَمْرِ بِهِ لِلْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ رُبَّمَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ عَقْدَ بَعْضِ الْبَيْعَاتِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَا يَحْنَثُ بِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْيَمِينِ عَلَى عَقْدِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُ صَاحِبِهِ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ أَنْ رَقَمَ لِسَيْفِ الْأَئِمَّةِ السَّائِلِي حَلَفَ لَا يُوَكِّلُ فَوَكَّلَ رَجُلًا فَلَمْ يُقْبَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ اهـ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُوَكِّلُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ فَوَكَّلَ هَلْ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ) أَيْ وَالصُّلْحُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَسَاقِطٌ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا مَعْزِيًّا لِلْمُحِيطِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ) أَيْ وَالْوَقْفُ كَذَلِكَ اهـ ك (قَوْلُهُ وَضَرْبُ الْعَبْدِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ أَوْ لَا يَذْبَحُ شَاتَه فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَفَعَلَهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ) أَيْ وَالْخُصُومَةُ وَالشَّرِكَةُ بِأَنْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ يَعْقِدُ مَعَ فُلَانٍ عَقْدَ الشَّرِكَةِ نِيَابَةً عَنْهُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مَنْقُولٌ أَيْضًا إلَى الْآمِرِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ أَوْ لَيَخِيطَنَّ ثَوْبَهُ أَوْ لَيَبْنِيَنَّ دَارِهِ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ أَنْ يَبْنِيَهَا بِيَدِهِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى حُرٍّ لَيَضْرِبَنَّهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَضْرِبَهُ بِيَمِينِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَبْدِ وَأَمَّا السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي إذَا قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ بَرَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِيَدِهِ فَيُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَنْزَجِرُ عَنْ الْقَبَائِحِ) أَيْ فَلَمْ يُنْسَبُ فِعْلُ الْمَأْمُورِ إلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى الْأَبِ أَيْضًا لَكِنْ أَصْلُ الْمَنَافِعِ وَحَقِيقَتُهَا إنَّمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُتَّصِفِ بِهَا فَلَا مُوجِبَ لِلْفِعْلِ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا وَعُرْفِ عَامَّتِنَا فَإِنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَ فُلَانٌ الْيَوْمَ وَلَدَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ وَيَقُولُ الْعَامِّيُّ لِوَلَدِهِ غَدًا أَسْقِيك عَلْقَةً ثُمَّ يَذْكُرُ لِمُؤَدِّبِ الْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَهُ فَيَعُدُّ الْأَبُ نَفْسَهُ قَدْ حَقَّقَ إيعَادَ ذَلِكَ وَلَمْ يُكَذِّبْ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى مَعْنًى لَا يَقَعُ بِك ضَرْبٌ مِنْ جِهَتِي وَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ اهـ كَمَالِ رحمه الله (قَوْلُهُ وَلَا أَلِيَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ أَتَوَلَّاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ صُدِّقَ دِيَانَةً) أَيْ لِأَنَّهُ نَوَى شَيْئًا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ يَعْلَمُ مِنْ ضَمِيرِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يَعْتِقُ فَوَكَّلَ بِذَلِكَ حَنِثَ قَالَ الْكَمَالُ يَعْنِي إذَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَوَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَإِنَّمَا نَسَبَهُ إلَى الْآمِرِ مَجَازًا ثُمَّ إنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَكُمْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمَأْمُورَ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَأَنْتُمْ تَأْبَوْنَهُ قُلْنَا لَمَّا لَمْ يَمْلِكْ إضَافَتَهُ إلَى نَفْسِهِ بَلْ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَ نَاقِلَ عِبَارَةٍ لِلْمُوَكِّلِ فَانْضَافَ الْعَقْدُ كُلُّهُ لَفْظًا وَحُكْمًا إلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْعُرْفِ لِلْمُتَكَلِّمِ بِكَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ شِعْرٍ أَوْ حِكْمَةٍ هَذَا لَيْسَ كَلَامَ هَذَا الرَّجُلِ بَلْ كَلَامُ فُلَانٍ وَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَدَمُ لُزُومِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْعُقُودِ نَظَرًا

ص: 148

لَا أَلِيَ بِنَفْسِي حَيْثُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ إلَّا تَكَلُّمًا بِكَلَامٍ يُفْضِي إلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ مِثْلُ التَّكَلُّمِ بِهِ وَاللَّفْظُ يَنْتَظِمُهُمَا فَإِذَا نَوَى أَنْ لَا يَلِيَ فَقَدْ نَوَى الْخُصُوصَ فِي الْعَامِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ فِي الْعَامِّ الْعُمُومُ دُونَ الْخُصُوصِ وَالضَّرْبُ وَنَحْوُهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ يُعْرَفُ بِأَثَرِهِ الْمَحْسُوسِ فِي الْمَحِلِّ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ فَكَانَ فِيهِ حَقِيقَةً وَالنِّسْبَةُ إلَى الْآمِرِ بِالتَّسَبُّبِ مَجَازًا

فَإِذَا نَوَى الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً فَصَارَ الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْآمِرِ أَوْ يَحْتَمِلُ نَقْلَ حُكْمِ فِعْلِهِ إلَى غَيْرِهِ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إنَّمَا يَحْنَثُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَدَخَلَتْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بِكَلَامٍ كَانَ قَبْلَ الْيَمِينِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ ثُمَّ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالشَّرْطِ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ حَنِثَ وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ وَإِلَّا حَنِثَ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْعُنَّةِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ زُفَرَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله رِوَايَتَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُعْتِقَ يُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ وُقُوعُ الْعِتْقِ بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ فَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ يَحْنَثُ

قَالَ رحمه الله (وَدُخُولُ اللَّامِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْخِيَاطَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

إلَى الْغَرَضِ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا يَلْزَمُ بِمُبَاشَرَتِهِ أَوْ مُبَاشَرَةِ مَأْمُورِهِ وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ مِثْلُ التَّكَلُّمِ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَالرَّسُولِ بِهِ وَلِسَانُ الرَّسُولِ كَلِسَانِ الْمُرْسِلِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا نَوَى التَّكَلُّمَ بِهِ خَاصَّةً فَقَدْ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ دَاخِلٍ تَحْتَ وِلَايَةِ الْمُرْسِلِ مَعَ فَرْضِ أَنَّ مُقْتَضَيَاتِهِ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ وَهِيَ الْحُقُوقُ وَحَقِيقَةُ الْمُرَادِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَمَا مَعَهُ لَمَّا كَانَ لَفْظًا يَثْبُتُ عِنْدَهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ فَالْحَلِفُ عَلَى تَرْكِهِ حَلِفٌ عَلَى أَنْ لَا نُوجِدَ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَتَحَقَّقَ بِمُبَاشَرَتِهِ أَوْ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ فَنِيَّةُ أَحَدِهِمَا خِلَافُ الظَّاهِرِ أَمَّا الذَّبْحُ وَالضَّرْبُ فَفِعْلٌ حِسِّيٌّ لَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ أَثَرِهِ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ الضَّرْبَ يَثْبُتُ مَعَ أَثَرِهِ مِنْ الْفَاعِلِ بِلَا إذْنٍ قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَحْنَثُ وَفِي الْإِجَازَةِ بِالْفِعْلِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَخْتَصُّ بِالْقَوْلِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْمُجِيزِ بِالْفِعْلِ عَاقِدًا لَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّوْكِيلِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَوْ وَكَّلَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ثُمَّ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ وَلَا يُعْتِقُ ثُمَّ طَلَّقَ الْوَكِيلُ أَوْ أَعْتَقَ يَحْنَثُ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَكِيلِ هُنَا مَنْقُولَةٌ إلَيْهِ اهـ قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَوْ قَبْلَهُ أَيْ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَجَازَ الْحَالِفُ بَعْدَهَا بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ فَعَدَمُ الْحِنْثِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ الْيَمِينِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ بَعْدَهَا بِالْقَوْلِ فَالْحِنْثُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ أَجَازَ بِالْفِعْلِ فَعَدَمُ الْحِنْثِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ يُعْرَفُ بِأَثَرِهِ الْمَحْسُوسِ فِي الْمَحِلِّ) أَيْ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْآمِرِ حَتَّى يَكُونَ ضَرْبًا أَوْ ذَبْحًا فَإِنَّهُ إذَا ضَرَبَ عَبْدًا لِغَيْرٍ أَوْ ذَبَحَ شَاةَ الْغَيْرِ يُسَمَّى ذَلِكَ ضَرْبًا أَوْ ذَبْحًا وَإِنْ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَإِنَّمَا نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَى الْآمِرِ بِسَبِيلِ التَّسَبُّبِ مَجَازًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَدُخُولُ اللَّامِ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله وَالْأَصْلُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ اللَّامَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّمْلِيكِ كَقَوْلِهِمْ الْمَالُ لِزَيْدٍ وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ الْمُنْبِئُ عَنْ الْبَاعِثِ عَلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِهِمْ فَعَلَتْ هَذَا الْأَمْرَ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاتِك أَيْ لِأَجْلِ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِك فَلَمَّا كَانَ مُشْتَرَكًا يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِوُجُودِ الْمُرَجِّحِ أَوْ لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ إلَى الْآخَرِ وَالْأَصْلُ الْآخَرُ أَنَّ تَصْحِيحَ الْكَلَامِ مَعَ مُرَاعَاةِ نَظْمِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ تَصْحِيحِهِ مَعَ تَغَيُّرِ نِظَامِهِ وَالْأَصْلُ الْآخَرُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ قَدْ يَفْعَلُهُ الْفَاعِلُ تَارَةً لِنَفْسِهِ وَتَارَةً لِغَيْرِهِ وَمَا لَا تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ لَا يَعْلَمُهُ لِغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْكَلَامُ فِيهِ لِلْمِلْكِ فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ بِعْت لَك هَذَا الثَّوْبَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَسَّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ فِي ثِيَابِ الْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ بِعْت لِأَجْلِك هَذَا الثَّوْبَ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ لِلتَّمْلِيكِ يَتَغَيَّرُ نَظْمُ الْكَلَامِ لِأَنَّ اللَّامَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ صِلَةً لِلثَّوْبِ وَالصِّلَةُ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْصُولِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ فِيهِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَصْحِيحَ الْكَلَامِ مَعَ مُرَاعَاةِ نَظْمِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ تَصْحِيحِهِ مَعَ تَغْيِيرِهِ فَقُلْنَا مَعْنَاهُ إنْ بِعْت لِأَجْلِك ثَوْبًا لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ النَّظْمُ وَلَمْ يُوجَدْ الْبَيْعُ لِأَجْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ أَمْرِهِ فَلَمْ يَحْنَثْ أَمَّا إذَا قَالَ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك يَحْنَثُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِأَمْرِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَنَّ اللَّامَ ذُكِرَتْ عَقِيبَ الثَّوْبِ فَكَانَتْ لِلتَّمْلِيكِ فَكَانَ شَرْطُ الْحِنْثِ بَيْعَ ثَوْبٍ مَمْلُوكٍ لِفُلَانٍ لَا الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ وَقَدْ وُجِدَ بَيْعُ الثَّوْبِ الْمَمْلُوكِ لِفُلَانٍ وَسَوَاءٌ وُجِدَ الْآمِرُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ فِعْلٍ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ إذَا قَدَّمَ اللَّامَ عَلَى الْعَيْنِ تَكُونُ لِلتَّعْلِيلِ وَإِنْ أَخَّرَ تَكُونُ لِلتَّمْلِيكِ مِثْلُ قَوْلِهِ إنْ خِطْت لَك قَمِيصًا أَوْ قَمِيصًا لَك أَوْ إنْ صُغْت لَك حُلِيًّا أَوْ حُلِيًّا لَك وَإِنْ اشْتَرَيْت لَك جَارِيَةً أَوْ جَارِيَةً لَك أَوْ إنْ اسْتَأْجَرْت لَك دَارًا أَوْ دَارًا لَك أَوْ إنْ بَنَيْت لَك دَارًا أَوْ دَارًا لَك وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ فِي مَا لَا تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ إنْ ضَرَبْت لَك عَبْدًا أَوْ إنْ ضَرَبْت عَبْدًا لَك أَوْ إنْ مَسِسْت لَك ثَوْبًا أَوْ إنْ مَسِسْت ثَوْبًا لَك أَوْ دَخَلْت لَك دَارًا أَوْ دَخَلْت دَارًا لَك أَوْ إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا أَوْ أَكَلْت طَعَامًا لَك أَوْ شَرِبْت لَك شَرَابًا أَوْ شَرِبْت شَرَابًا لَك يَحْنَثُ سَوَاءٌ قَدَّمَ اللَّامَ أَوْ أَخَّرَ وَسَوَاءٌ فَعَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَجْرِي فِيهَا الْوَكَالَةُ إذْ لَيْسَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عُهْدَةٌ يَرْجِعُ بِهَا الْمَأْمُورُ عَلَى الْأَمْرِ فَتَكُونُ اللَّامُ لِلتَّمْلِيكِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَوْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَكِلَا الْفَصْلَيْنِ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ

ص: 149

وَالْبِنَاءِ كَأَنْ بِعْت لَك ثَوْبًا لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِأَمْرِهِ كَأَنْ مَلَّكَهُ أَوَّلًا وَعَلَى الدُّخُولِ وَالضَّرْبِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْعَيْنِ كَأَنْ بِعْت ثَوْبًا لَك لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ بِأَنْ كَانَ مَلَّكَهُ أَمْرَهُ أَوَّلًا) أَيْ دُخُولُ اللَّامِ عَلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِهِ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا أَوْ اشْتَرَيْت إلَخْ كَانَ لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالشَّخْصِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَعْنِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَهُوَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ لِأَجْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْحَالِفُ بِأَمْرِهِ حَتَّى لَوْ دَسَّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ وَبَاعَهُ الْحَالِفُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ حَرْفَ اللَّامِ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا أَيْ إنْ بِعْت لِأَجْلِك ثَوْبًا اقْتَضَتْ اخْتِصَاصَ الْبَيْعِ بِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ بِأَمْرِهِ إذْ الْبَيْعُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَلَمْ تُوجَدْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك حَيْثُ يَحْنَثُ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّ حَرْفَ اللَّامِ دَخَلَتْ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ الثَّوْبُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهَا فَاقْتَضَتْ اخْتِصَاصَ الْعَيْنِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ وَالْعَيْنُ كَإِنْ بِعْت ثَوْبًا لَك لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ بِأَنْ كَانَ مَلَّكَهُ أَمْرَهُ أَوَّلًا أَيْ دُخُولُ اللَّامِ عَلَى الْعَيْنِ كَقَوْلِهِ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك يَكُونُ الْيَمِينُ لِاخْتِصَاصِ الْعَيْنِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَلَّكَهُ سَوَاءٌ أَمَرَهُ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ

وَهَذَا الِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَيْنَ دُخُولِ اللَّامِ عَلَى الْفِعْلِ وَبَيْنَ دُخُولِهَا عَلَى الْعَيْنِ إذَا كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَتَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ كَدُخُولِ الدَّارِ وَضَرْبِ الْغُلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ بَلْ يَكُونُ الْيَمِينُ فِيهِمَا لِأَجْلِ اخْتِصَاصِ الْعَيْنِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت لَك دَارًا أَوْ إنْ دَخَلْت دَارًا لَك أَوْ إنْ ضَرَبْت لَك غُلَامًا أَوْ غُلَامًا لَك وَنَحْوَ ذَلِكَ يَحْنَثُ كَيْفَمَا كَانَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الدُّخُولِ وَالضَّرْبِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَيْ لَوْ دَخَلَتْ اللَّامُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إلَخْ كَانَتْ الْيَمِينُ لِاخْتِصَاصِ الْعَيْنِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَدُخُولِهَا عَلَى الْعَيْنِ وَلِهَذَا عَطَفَ الْعَيْنَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ وَأَقْوَى وُجُوهِهِ الْمِلْكُ

فَإِذَا جَاوَزَتْ الْفِعْلَ أَوْجَبَتْ مِلْكَهُ دُونَ الْعَيْنِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبِنَاءِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْفِعْلِ لِاسْتِحَالَتِهِ وَيُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ بِأَنْ يُقَدَّرَ فِيهِ تَأْخِيرُهَا بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَرَجَّحْنَا الْفِعْلَ بِالْقُرْبِ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْعَيْنُ تُوجِبُ مِلْكَ الْعَيْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَعْيَانَ كُلَّهَا تُمْلَكُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ وَذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلَامِ الْوَلَدُ دُونَ الْعَبْدِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ فَصَارَ نَظِيرَ الْإِجَارَةِ لَا نَظِيرَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْغُلَامُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَلَدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ} [الذاريات: 28]

وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لِلْعُرْفِ وَلِأَنَّ الضَّرْبَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ بِهِ فَانْصَرَفَ إلَى الْمَحِلِّ الْمَمْلُوكِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ رحمه الله (فَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ صُدِّقَ فِيمَا عَلَيْهِ) أَيْ إنْ نَوَى خِلَافَ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ صُدِّقَ فِيمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَفِيمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ فَيُصَدَّقُ

قَالَ رحمه الله (إنْ بِعْته أَوْ ابْتَعْته فَهُوَ حُرٌّ فَعَقَدَ بِالْخِيَارِ حَنِثَ) أَيْ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ إنْ بِعْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَعَقَدَ بِالْخِيَارِ حَنِثَ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَتَقَ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ وَلِقِيَامِ الْمِلْكِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ فَكَانَ مِلْكُهُ قَائِمًا عِنْدَ الشَّرْطِ فَيَحْنَثُ وَكَذَا الْمُشْتَرِي مِلْكُهُ قَائِمٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنْتَ حُرٌّ فَيَصِيرُ مُخْتَارًا بِذَلِكَ الْإِمْضَاءَ وَلَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ حَيْثُ لَا يَعْتِقُ بِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْمِلْكُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَكِنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ قَوْلَهُ لَك فِي فِعْلٍ يَجْرِي فِيهِ التَّوْكِيلُ يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ لِأَجْلِهِ وَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ وَإِذَا أَخَّرَ يُرَادُ بِهِ لَامُ التَّمْلِيكِ وَفِي فِعْلٍ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّوْكِيلُ الْأَغْلَبُ أَنَّ الْمُرَادَ لَامُ التَّمْلِيكِ سَوَاءٌ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ فَأُجْرِيَ الْبَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَغْلَبُ كَلَامِ النَّاسِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَسَّ) يُقَالُ دَسَّ الشَّيْءَ فِي الشَّيْءِ أَيْ أَخْفَاهُ فِيهِ يَدُسُّهُ بِالضَّمِّ دَسًّا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ دَسَّهُ فِي التُّرَابِ دَسًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ دَفَنَهُ فِيهِ وَكُلُّ شَيْءٍ أَخْفَيْته فَقَدْ دَسَسْته وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْجَاسُوسِ دَسِيسُ الْقَوْمِ اهـ (قَوْلُهُ وَبَاعَهُ الْحَالِفُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يَحْنَثُ) أَيْ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ إنْ بِعْت ثَوْبًا بِوَكَالَتِك وَأَمْرِك وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ دُونَ مِلْكِ الْعَيْنِ) يَعْنِي وَذَا أَنْ يَفْعَلَهُ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ نَفْعَ ذَلِكَ الْفِعْلِ يَقَعُ لَهُ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْفِعْلِ وَالْعَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ تُوجِبُ مِلْكَ الْعَيْنِ) أَيْ لَا مِلْكَ الْفِعْلِ فَصَارَ تَقْدِيرُ يَمِينُهُ إنْ بِعْت ثَوْبًا هُوَ مَمْلُوكٌ لَك. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ} [الذاريات: 28] بِالْفَاءِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنْتَ حُرٌّ إلَخْ) وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ مُقْتَضِيًا لِلْإِعْتَاقِ سَابِقًا عَلَيْهِ كَذَا هُنَا كَافِي

ص: 150

لَا يَمْنَعُ الدُّخُولَ فِي مِلْكِهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله بَيْنَ شِرَاءِ الْقَرِيبِ وَبَيْنَ شِرَاءِ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَعْتِقُ الْقَرِيبُ بِالشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَيَعْتِقُ الْآخَرُ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ فِي الْقَرِيبِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ إذَا مَلَكَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ مَعَ خِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيَنْزِلُ مُعْتَقًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِتَقَدُّمِ التَّعْلِيقِ مِنْهُ وَفِي الْقَرِيبِ لَا يَنْزِلُ لِعَدَمِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَمَا حَلَفَ بَيْعًا بَاتًّا لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ كَمَا بَاعَهُ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ وَزَالَ عَنْ مِلْكِهِ وَالْجَزَاءُ لَا يَنْزِلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْبَيْعُ حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَا يَحْنَثُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِهَذَا الشِّرَاءِ مِنْ شَيْءٍ فَكَانَ كَأَنَّ الشِّرَاءَ لَمْ يُوجَدْ

قَالَ رحمه الله (وَكَذَا بِالْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ) أَيْ وَكَذَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبِالْمَوْقُوفِ مِنْهُمَا فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَبِيعَ أَوْ لَا يَشْتَرِيَ أَوْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَشْتَرِيَ فَأَمَّا الْفَاسِدُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْبَائِعَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِمِثْلِ غَصْبٍ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ كَمَا يَتِمُّ الْبَيْعُ يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْبَاتِّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ لِمَا قُلْنَا فِي الصَّحِيحِ الْبَاتِّ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَتَقَ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي حَلَفَ بِعِتْقِهِ فَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَعْتِقُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا تَمَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ تَتَارَكَا الْبَيْعَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ شِرَاءً صَحِيحًا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ حَنِثَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ حَقِيقَةً فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِهِ وَارْتَفَعَتْ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ بِالْقَبْضِ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ وَلَا بِمَا فِيهِ خِيَارٌ لِأَحَدِهِمَا أَصْلًا لِأَنَّ الْفَاسِدَ نَاقِصٌ ذَاتًا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْكَمَالِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ فَكَانَ الشَّرْطُ مَعَهُ وَمَا مِنْ وَجْهٍ وَشَرْطُ الْخِيَارِ يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعَقْدِ فَصَارَ كَالْإِيجَابِ بِلَا قَبُولٍ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ كَامِلٌ ذَاتًا لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَالرُّكْنِ وَالْمَحَلِّ وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ مِنْ الْمِلْكِ وَالْحِلِّ لَا يَضُرُّ كَالْهِبَةِ وَشِرَاءِ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يُقَالُ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ إعْدَامٌ قَبْلَهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحْنَثَ كَمَا لَا يَحْنَثُ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي الْإِسْقَاطَاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ ذَاتَ الْعَقْدِ مَوْجُودٌ وَأَثَرَ الشَّرْطِ فِي تَأْخِيرِ الْحُكْمِ لَا فِي الْعَقْدِ وَلِهَذَا يَنْبَرِمُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ

وَلَوْ كَانَ مُعَلَّقًا لَبَطَلَ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَلِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ الْبَيْعُ حَقِيقَةً لِوُجُودِ رُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَمَحِلِّهِ وَكَذَا حُكْمًا عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ فَيَحْنَثُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا مِنْ فُضُولِيٍّ حَنِثَ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ شَرْطُ الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ وَالرُّكْنُ قَدْ وُجِدَ قَبْلَهَا وَلِهَذَا يَسْتَنِدُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ إلَيْهِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهَا بِهِ لَا بِهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَالنِّكَاحِ وَنَحْنُ نَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْمَوْقُوفُ لِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمِلْكُ دُونَ الْحِلِّ وَلِهَذَا تُجَامِعُهُ الْحُرْمَةُ فَيَحْنَثُ فِيهِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَفِي النِّكَاحِ مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ فَبَاعَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْبَيْعِ مِنْهُ حَقِيقَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الشِّرَاءِ وَلِهَذَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ

قَالَ رحمه الله (لَا بِالْبَاطِلِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَلَا بِالشِّرَاءِ الْبَاطِلِ فِي يَمِينِهِ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا حَتَّى لَا يُفِيدَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعَ وَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَتَّى لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت الْيَوْمَ شَيْئًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بِمَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بِخَمْرٍ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ عَلَى مَا عُرِفَ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ عِنْدَ أَحَدٍ وَلَوْ اشْتَرَى مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ لَهُمَا سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ تُنَافِي الِانْعِقَادَ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِهِ الْقَاضِي يَحْنَثُ لِلْحَالِ لِأَنَّ قَضَاءَهُ يُؤَثِّرُ فِي إزَالَةِ الْمَانِعِ مِنْ الْجَوَازِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ فَيَمْتَدُّ السَّبَبُ فِيهِ إلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ يَنْفُذُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ لَا يَنْفُذُ عِنْدَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْمَانِعَ كَانَ مُمْتَدًّا إلَيْهِ فَأَبْطَلَ الْإِيجَابَ فَكَانَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَمَا حَلَفَ بَيْعًا بَاتًّا لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ اهـ

ص: 151

الْقَضَاءُ إبْطَالًا لِذَلِكَ الْمُبْطَلِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْمُدَبَّرِ فِي زَوَالِهِ لَكِنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ وَيُتَصَوَّرُ فِيهِ رِضَاهُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحُرَّ فَبَاعَهُ بَرَّ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ فَانْعَقَدَ عَلَى الْبَاطِلِ

وَكَذَا لَوْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ لِمَا ذَكَرْنَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْحُرَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَنْعَقِدُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ فِيهِمَا بِأَنْ تَرْتَدَّ وَتَلْتَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى

قَالَ رحمه الله (إنْ لَمْ أَبِعْ فَكَذَا فَأَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ حَنِثَ) أَيْ رَجُلٌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ وَلَا يُقَالُ لَمْ يَقَعْ الْيَأْسُ لِجَوَازِ أَنْ تَرْتَدَّ وَتَلْتَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى وَتُسْتَرَقُّ إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أُنْثَى لِأَنَّا نَقُولُ الْحَالِفُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمِلْكِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَقَضَاءُ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَوْهُومٌ وَالْأَحْكَامُ لَا تُبْنَى عَلَى الْمَوْهُومَاتِ فَيَتَحَقَّقُ الْيَأْسُ عَنْ الْبَيْعِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ

قَالَ رحمه الله (قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ) يَعْنِي إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الَّتِي حَلَّفَتْهُ وَهِيَ الْمُخَاطَبَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ جَوَابًا لِكَلَامِهَا فَيَكُونُ مُطَابِقًا لَهُ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ إرْضَاءَهَا وَذَلِكَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيُقَيَّدُ بِهِ وَهُوَ وَإِنْ زَادَ فِي الْجَوَابِ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِلَغْوٍ وَإِنَّمَا تُخْرِجُ الزِّيَادَةُ الْكَلَامَ مِنْ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا إذَا كَانَتْ لَغْوًا وَهُنَا فِيهَا فَائِدَةٌ وَهُوَ تَطْيِيبُ قَلْبِهَا وَتَسْكِينُ نَفْسِهَا بِأَبْلَغِ الْوُجُوهِ حَتَّى لَا تُؤَوِّلَهُ عَلَى غَيْرِ الَّتِي ظَنَّتْ وَلَنَا أَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَمْكَنَ هُنَا فَيُعْمَلُ بِهِ وَهَذَا لِأَنَّ جَوَابَهُ كَانَ أَنْ يَقُولَ إنْ تَزَوَّجْت فَهِيَ طَالِقٌ فَكَانَ بِالزِّيَادَةِ مُبْتَدِئًا وَجَازَ أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ إيحَاشَهَا وَإِلْحَاقَ الْغَيْظِ بِهَا حِينَ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّهُ الشَّرْعُ وَمَعَ التَّرَدُّدِ لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا وَلَوْ نَوَى غَيْرَهَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ تُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ دَخَلَتْ الْمُخَاطَبَةُ حَتَّى لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّا

قَالَ رحمه الله (عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ مَاشِيًا فَإِنْ رَكِبَ أَرَاقَ دَمًا) أَيْ رَجُلٌ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَأَرَاقَ دَمًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَشْيَ وَهُوَ لَيْسَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ دَبَّرَ) أَيْ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ رَجُلٌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ) أَيْ أَوْ هَذِهِ الْأَمَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لَمْ يَقَعْ الْيَأْسُ لِجَوَازِ أَنْ تَرْتَدَّ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إذَا عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى بَيْعِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا لَا يَحْنَثُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُسْبَى بَعْدَ الرِّدَّةِ فَتُبَاعُ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ فِي هَذَا الْمِلْكِ وَبِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْبَيْعِ فِي هَذَا الْمِلْكِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرُوا عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا تَطْلُقُ وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَمَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إلَى هَذَا الْقَوْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُطَابِقًا لَهُ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرِك أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَالِاسْتِثْنَاءُ قَدْ يَكُونُ دَلَالَةً كَمَا يَكُونُ إفْصَاحًا فَتَكُونُ الْمُحَلِّفَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ عُمُومِ اللَّفْظِ دَلَالَةً فَيَنْصَرِفُ الطَّلَاقُ إلَى غَيْرِهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ وَاجِبٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ. اهـ.

1 -

(فُرُوعٌ) قَالَ لِي إلَيْك حَاجَةٌ أَتَقْضِيهَا فَقَالَ نَعَمْ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَقَالَ حَاجَتِي أَنْ تُطَلِّقَ زَوْجَتَك ثَلَاثًا لَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَلَوْ حَلَفَ لَيُطِيعَنَّهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ وَيَنْهَاهُ عَنْهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ فَجَامَعَهَا الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ تَحْلِيفِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ بِهِ النَّهْيَ عَنْ جِمَاعِ الْمَرْأَةِ عَادَةً كَمَا لَا يُرِيدُونَ النَّهْيَ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَكُلُّ طَلَاقٍ يُضَافُ إلَيْهِ يَحْنَثُ بِهِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ يَحْنَثُ لَا بِمَا لَا يُضَافُ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي لِلْعُنَّةِ وَاللَّعَّانِ وَلَا بِإِجَازَةِ خُلْعِ الْفُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ وَيَحْنَثُ لَوْ أَجَازَهُ بِالْفِعْلِ

1 -

قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ الْيَوْمَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَخَلَهَا الْيَوْمَ فَقَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ رَأَيَانِي دَخَلْت الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ بِقَوْلِهِمَا رَأَيَاهُ دَخَلَ حَتَّى يَشْهَدَ آخَرَانِ غَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ رَأَيَاهُ دَخَلَ

ادَّعَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَحَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ مَا هِيَ امْرَأَتُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَقَالَ كَانَتْ امْرَأَتِي وَطَلَّقْتهَا لَا يَحْنَثُ

1 -

حَلَفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَشَهِدَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا وَقَضَى بِهَا الْقَاضِي يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمَا

1 -

حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَدْرِي حَلَفَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يَتَحَرَّى وَيَعْمَلُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي فَإِنْ اسْتَوَى ظَنُّهُ يَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا

قَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ السَّاعَةَ أَوْ زَيْنَبُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُمَا حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ فَإِذَا دَخَلَتْ إحْدَاهُمَا خُيِّرَ فِي إبْقَائِهِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ

1 -

وَلَوْ اُتُّهِمَتْ امْرَأَةٌ بِالسَّرِقَةِ فَأَمَرَتْ زَوْجَهَا أَنْ يَحْلِفَ بِطَلَاقِهَا أَنَّهَا لَمْ تَسْرِقْ فَحَلَفَ فَقَالَتْ قَدْ كُنْت سَرَقْت فَلِلزَّوْجِ أَنْ لَا يُصَدِّقَهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مُتَنَاقِضَةً

1 -

حَلَفَ إنْ لَمْ يُجَامِعْ امْرَأَتَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ فَهِيَ طَالِقٌ قَالُوا هَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ وَالسَّبْعُونَ كَثِيرٌ

حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ابْنَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ ابْنٌ فَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ فَكَلَّمَهُ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ وُجُودَ الْوَلَدِ وَقْتَ الْيَمِينِ وَهُمَا وَقْتَ التَّكَلُّمِ. اهـ. كَمَالٌ رحمه الله -

ص: 152

بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ إلَيْهَا كَالْوُضُوءِ وَالسَّعْيِ وَالنَّذْرِ بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ وَلَهَا نَظِيرٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ إيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ الشَّرْعُ لَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ صَارَتْ كِنَايَةً عَنْ إيجَابِ الْإِحْرَامِ عُرْفًا وَشَرْعًا إذْ النَّاسُ تَعَارَفُوا الْتِزَامَ الْإِحْرَامِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخْتَ عُقْبَةَ حِينَ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَنْ تُحْرِمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّاذِرُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ خَارِجًا مِنْهَا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَارَ كِنَايَةً عَنْ الْتِزَامِ الْإِحْرَامِ وَالِالْتِزَامُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِأَحَدِهِمَا لِلْعُرْفِ فَإِذَا لَزِمَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ مَشَى وَهُوَ أَكْمَلُ وَفِيهِ إيفَاءٌ بِمَا الْتَزَمَهُ كَمَا الْتَزَمَهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ حَجَّ مَاشِيًا فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ قَالَ وَاحِدَةٌ بِسَبْعِمِائَةٍ» وَلِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَإِنْ كَانَ عِبَارَةً عَنْ الِالْتِزَامِ لَكِنْ فِيهِ نَصٌّ عَلَى الْمَشْيِ وَفِي الْمَشْيِ فَضِيلَةٌ فَتُرَاعَى تِلْكَ الصِّفَةُ لِفَضِيلَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَضْرِبَ بِثَوْبِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْتِزَامِ التَّصَدُّقِ بِهِ بِمَكَّةَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضْرِبَ بِهِ الْحَطِيمَ لِعَدَمِ التَّقَرُّبِ بِالضَّرْبِ وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَذَبَحَ شَاةً لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتُرِقْ دَمًا» وَكَانَتْ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَنْوِي مَسْجِدًا مِنْ الْمَسَاجِدِ سِوَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ لَفْظِهِ إذْ الْمَسَاجِدُ كُلُّهَا بُيُوتُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَحَرَّرَتْ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَكَانَتْ مُعَدَّةً لِإِقَامَةِ طَاعَتِهِ تَعَالَى

قَالَ رحمه الله (بِخِلَافِ الْخُرُوجِ أَوْ الذَّهَابِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمَشْيِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَيَّ الْخُرُوجُ أَوْ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَاللُّزُومُ لِلْعُرْفِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ فَامْتَنَعَ أَصْلًا وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ لِأَنَّ الْحَرَمَ وَالْمَسْجِدَ الْحَرَامَ شَامِلٌ لِلْبَيْتِ فَصَارَ ذِكْرُهُ كَذِكْرِهِ بِخِلَافِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُمَا مُنْفَصِلَانِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْعُرْفُ وَلَيْسَ فِيهِ عُرْفٌ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ بِلَفْظَةِ الذَّهَابُ وَالْخُرُوجُ وَإِنْ قَالَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى

قَالَ رحمه الله (عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ أَحُجَّ هَذِهِ السَّنَةَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ حَجَجْت وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ ضَحَّى الْعَامَ بِالْكُوفَةِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْتِقُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْتِقُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَجِّ وَلَهُمَا أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بَاطِلَةٌ إذْ لَا مُطَالَبَ لَهَا وَهِيَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ أَيْضًا فَبَقِيَ النَّفْيُ مَقْصُودًا وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا بَاطِلَةٌ فَإِنْ قِيلَ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمُ الشَّاهِدِ وَأَمَّا إذَا أَحَاطَ بِهَا فَتُقْبَلُ وَهُنَا أَحَاطَ بِهَا عِلْمُ الشَّاهِدِ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ التَّضْحِيَةِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَصَارَ نَظِيرُ شَهَادَتِهِمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى وَهُوَ يَقُولُ وَصَلْت بِهِ قَوْلَ النَّصَارَى قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِإِحَاطَةِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِهِ فَكَذَا هُنَا بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُمَا مُنْفَصِلَانِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْبَيْتِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي وَجْهٍ يَلْزَمُهُ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي وَجْهٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي وَجْهٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ بِالِاتِّفَاقِ فَهُوَ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ إلَى بَكَّةَ وَكُلُّ ذَلِكَ مُتَعَارَفٌ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ فَهُوَ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْخُرُوجُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَكَذَا إذَا ذَكَرَ لَفْظَ السَّعْيِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ الذَّهَابِ أَوْ الرُّكُوبِ أَوْ الْإِتْيَانِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَلْزَمُهُ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّ الْحَرَمَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ يَشْمَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيْتُ فَإِذَا ذَكَرَ الْبَيْتَ وَحْدَهُ يَلْزَمُهُ فَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَا يَشْمَلُهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِي لَفْظِ الْمَشْيِ لَيْسَ مَا يُنَبِّئُ عَنْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ إلَّا أَنَّ فِي النَّذْرِ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مَكَّةَ ثَبَتَ الْحُكْمُ بِالْإِجْمَاعِ خَارِجًا عَنْ الْقِيَاسِ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَا أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ أَوْ إلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بَاطِلَةٌ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَئِنْ قَالَ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّضْحِيَةِ وَهِيَ إثْبَاتٌ فَمِنْ ضَرُورَتِهَا يَلْزَمُ عَدَمُ الْحَجِّ ضِمْنًا وَالضِّمْنِيَّاتُ لَا تُعَلَّلُ قُلْنَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِثْبَاتِ إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَالتَّضْحِيَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا مُطَالِبَ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُ عَلَيْهَا فَثَبَتَ عَدَمُ الْمُطَالِبِ فَلَمَّا انْتَفَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّضْحِيَةِ ثَبَتَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ وَالشَّهَادَةُ عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ لَا تُقْبَلُ لِمَا قُلْنَا. اهـ. (قَوْلُهُ إذْ لَا مُطَالِبَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا يَطْلُبُهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يُعَلَّقْ بِهَا وَمَا لَا مُطَالِبَ لَهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَإِذَا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّضْحِيَةِ بَقِيَتْ فِي الْحَاصِلِ عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ مَقْصُودًا وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ بَاطِلَةٌ. اهـ. كَمَالٌ

ص: 153

شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ شَهِدَا عَنْ عِلْمٍ أَوْ بَنَيَا عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَمِ قُلْنَا الْبَيِّنَاتُ شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ فَتَرِدُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ

تَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ

بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَحْسُوسٍ وَهُوَ السُّكُوتُ فَإِنْ قِيلَ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ فِي الشُّرُوطِ مَقْبُولَةٌ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تُقْبَلُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ قُلْنَا هُوَ الْآخَرُ مُعَايِنٌ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي خَارِجِ الدَّارِ

قَالَ رحمه الله (وَحَنِثَ فِي لَا يَصُومُ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَنَوَى الصَّوْمَ وَأَمْسَكَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ الشَّارِعَ فِي الْفِعْلِ يُسَمَّى فَاعِلًا ثُمَّ بِالْإِفْطَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ الْحِنْثُ الْمُتَقَرِّرُ وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ الْمُسْتَمِرَّ تَكْرَارٌ وَتَكْرَارُ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْحِنْثِ قَالَ رحمه الله (وَفِي صَوْمًا أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَيْ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَصُومُ صَوْمًا أَوْ يَوْمًا بِصَوْمِ يَوْمٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الصَّوْمَ مُطْلَقًا بِذَكَرِ الْمَصْدَرِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ وَالْمُفِيدُ لِحُكْمِهِ شَرْعًا وَفِي قَوْلِهِ يَوْمًا تَصْرِيحٌ فِي تَقْدِيرِهِ بِالْيَوْمِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهِمَا إلَّا بِصَوْمِ يَوْمٍ كَامِلٍ

قَالَ رحمه الله (وَفِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ) أَيْ فِي يَمِينِهِ لَا يُصَلِّي يَحْنَثُ بِرَكْعَةٍ وَهُوَ مَا إذَا قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ وَلَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ بِالشُّرُوعِ اعْتِبَارًا بِالصَّوْمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ أَرْكَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِجَمِيعِهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ صَلَّى رُكُوعًا وَلَا صَلَّى سُجُودًا وَإِنَّمَا يُقَالُ صَلَّى رَكْعَةً وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا وَبَعْدَهَا تَكْرَارٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَيَتَكَرَّرُ ذَلِكَ بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَتَى يَحْنَثُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْنَثُ بِنَفْسِ السَّجْدَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْنَثُ بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهَا قَالَ رحمه الله (وَفِي صَلَاةٍ بِشَفْعٍ) أَيْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِشَفْعٍ فِي يَمِينِهِ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ «لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ الْبُتَيْرَاءِ»

قَالَ رحمه الله (إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَمَلَكَ قُطْنًا فَغَزَلَتْهُ وَنُسِجَ فَلَبِسَ فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَقَالَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ إلَّا إذَا غَزَلَتْهُ مِنْ قُطْنٍ كَانَ فِي مِلْكِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ أَوْ بَنَيَا عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَمِ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ لَكِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ بِأَنْ يُقَالَ النَّفْيُ إذَا كَانَ كَذَا صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذَا لَا تَصِحُّ

تَيْسِيرًا وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ

اللَّازِمِ فِي تَمَيُّزِ نَفْيٍ مِنْ نَفْيٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السَّيْرِ فَالْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى السُّكُوتِ الَّذِي هُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ فَصَارَ كَشُهُودِ الْإِرْثِ إذَا قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ حَيْثُ يُعْطَى لَهُ كُلُّ التَّرِكَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ وَالنَّفْيُ فِي ضِمْنِهِ وَالْإِرْثُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَأَمَّا النَّحْرُ وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا وَنَفْيُ الْحَجِّ فِي ضِمْنِهِ لَكِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ كَعَدَمِهَا فِي حَقِّهِ فَكَانَ النَّفْيُ هُوَ الْمَقْصُودَ بِهَا وَأَمَّا مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ فِي الشُّرُوطِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهَا قَامَتْ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ مُعَايِنٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجًا فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ شَرْطَ الْعِتْقِ فَلَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِهَا كَذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَل الشَّرْطَ بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ كَعَدَمِ الْحَجِّ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ مِنْ النَّفْيِ الْمَجْعُولِ شَرْطًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَّعًى بِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْمُدَّعَى بِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَوْجَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تُقْبَلُ) أَيْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ وُجِدَ) أَيْ تَمَامُ حَقِيقَتِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا تَكْرَارٌ) قَالَ الْكَمَالُ وَلِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ إذَا تَمَّتْ حَقِيقَتُهُ يُسَمَّى فَاعِلًا وَلِذَا نَزَلَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام ذَابِحًا حَيْثُ أَمَرَّ السِّكِّينَ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ فَقِيلَ لَهُ {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105] بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَقِيقَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالصَّلَاةِ فَلِذَا قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَنَّهُ إذَا قَامَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ حَنِثَ إذَا قَطَعَ وَلَوْ قَطَعَ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَا يَحْنَثُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوُجُودِ تَمَامُ حَقِيقَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ «لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ الْبُتَيْرَاءِ») أَيْ نَهْيًا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَوْ فُعِلَتْ وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَا صَلَّى رَكْعَةً لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي وَحْدَهُ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ حَلَفَ لَا يُصَلِّي رَكْعَةً فَصَلَاةُ الرَّكْعَةِ حَقِيقَةً دُونَ مُجَرَّدِ الصُّورَةِ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِضَمِّ أُخْرَى إلَيْهَا وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَلَمْ يَقُلْ رَكْعَةً وَالْبُتَيْرَاءُ تَصْغِيرُ الْبَتْرَاءِ تَأْنِيثُ الْأَبْتَرِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ ثُمَّ صَارَ يُقَالُ لِلنَّاقِصِ وَفِي الْبَيْعِ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْفَرْقُ غَيْرُ خَافٍ ثُمَّ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَهَلْ يَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ عَلَى قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِمَا ذَكَرْته وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ حَتَّى يَقْعُدَ. اهـ. كَمَالٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الْبُتَيْرَاءُ مَا نَصُّهُ أَيْ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ. اهـ. كَافِي كَمَالٍ

(قَوْلُهُ وَقَالَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ إلَّا إذَا غَزَلَتْهُ مِنْ قُطْنٍ كَانَ إلَخْ) قَالَ فِي الْكَافِي وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْقُطْنَ أَوْ الْغَزْلَ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَنَّهُ هَدْيٌ وَمَعْنَى الْهَدْيِ التَّصَدُّقُ بِهِ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَيْهَا اهـ قَالَ الْكَمَالُ وَمَعْنَى الْهَدْيِ هُنَا مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَيْهَا فَإِنْ

ص: 154

يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ أَوْ إلَى سَبَبِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهَا إذْ غَزْلُ الْمَرْأَةِ وَاللُّبْسُ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ قَالَ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ عَلَى مَا مَرَّ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّ الْغَزْلَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ بِهِ الْغَاصِبُ وَغَزْلُ الْمَرْأَةِ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الزَّوْجِ عَادَةً وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى قُطْنًا وَغَزَلَتْهُ وَنَسَجَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مِلْكًا لَهُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ لِأَنَّهَا لَا تَغْزِلُهُ عَادَةً إلَّا لَهُ وَالْمُعْتَادُ كَالْمَشْرُوطِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ مِلْكًا لَهَا كَمَا لَوْ غَزَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ فَإِذَا كَانَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ يَكُونُ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلْمِلْكِ كَسَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَلِهَذَا لَوْ غَزَلَتْهُ مِنْ قُطْنٍ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ وَنَسَجَتْهُ وَلَبِسَهُ يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّسَرِّي فَإِنَّ التَّسَرِّي لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلْمِلْكِ

قَالَ رحمه الله (لَبِسَ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ عَقْدُ لُؤْلُؤٍ لُبْسُ حُلِيٍّ) أَمَّا الذَّهَبُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لِلتَّزَيُّنِ فَكَانَ لُبْسُهُ لُبْسَ الْحُلِيِّ وَلِهَذَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ فَكَانَ كَامِلًا فِي مَعْنَى التَّحَلِّي فَدَخَلَ تَحْتَ مُطْلَقِ اسْمِ الْحُلِيِّ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ ذَهَبٍ يَحْنَثُ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عَقْدُ اللُّؤْلُؤِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَلَيْسَ بِحُلِيٍّ إلَّا إذَا كَانَ مُرَصَّعًا حَتَّى لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا بِلُبْسِ غَيْرِ الْمُرَصَّعِ مِنْهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ لِأَنَّ اللُّؤْلُؤَ الْخَالِصَ يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْحُلِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: 12] وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ اللُّؤْلُؤُ الْخَالِصُ وَقَالَ تَعَالَى {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} [الحج: 23] وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِالتَّحَلِّي بِهِ إلَّا مُرَصَّعًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالْعَادَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْأَيْمَانِ ثُمَّ قِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ لِلرِّجَالِ بِلُبْسِ اللُّؤْلُؤِ الْخَالِصِ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ فَكُلٌّ أَفْتَى بِمَا عَايَنَ فِي زَمَانِهِ وَقَالَ فِي الْكَافِي قَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا فَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ التَّحَلِّي بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ عَقْدَ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ غَيْرِ مُرَصَّعٍ قَالَ رحمه الله (لَا خَاتَمَ فِضَّةٍ) أَيْ لَا يَكُونُ لُبْسُ خَاتَمِ فِضَّةٍ لُبْسَ حُلِيٍّ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ كَامِلٍ لِأَنَّ الْحُلِيَّ تُسْتَعْمَلُ لِلتَّزَيُّنِ فَقَطْ وَهَذَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَلِهَذَا حَلَّ لِلرَّجُلِ وَلَوْ كَانَ حُلِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمَا حَلَّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُلِيًّا كَامِلًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الِاسْمِ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ خَاتَمَ الْفِضَّةِ إذَا صِيغَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ ذَا فَصٍّ يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ

قَالَ رحمه الله (لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ (فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ فَنَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى سَرِيرٍ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الْجَالِسَ عَلَى الْبِسَاطِ أَوْ الْحَصِيرِ لَا يُعَدُّ جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ عَادَةً فَانْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ إلَى الْأَرْضِ فَلَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَالَ بَيْنَهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

كَانَ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ أَوْ بَدَنَةٍ فَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ هُنَاكَ فَلَا يُجْزِيهِ إهْدَاءُ قِيمَتِهِ وَقِيلَ فِي إهْدَاءِ قِيمَةِ الشَّاةِ رِوَايَتَانِ فَلَوْ سُرِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِنْ نَذَرَ ثَوْبًا جَازَ التَّصَدُّقُ فِي مَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ الْهَدْيُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَى مَكَّةَ أَيْ يَنْتَقِلُ إلَيْهَا لِلتَّصَدُّقِ ثُمَّ إذَا نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ ثَوْبًا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ نَعَمًا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُهْدِيَ بِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا لَا يَجُوزُ وَلَا يَكُونُ هَدْيًا حَتَّى يُذْبَحُ ثُمَّ إذَا سُرِقَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَجْنَاسِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَإِذَا نَذَرَ بِمَا لَا يُنْقَلُ كَالْعَقَارِ يَكُونُ نَذْرًا بِالْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ نَقْلِ الْعَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ) أَيْ فِيمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ إلَى سَبَبِهِ) أَيْ مِثْلَ إنْ اشْتَرَيْت كَذَا فَهُوَ هَدْيٌ أَوْ فَعَلَ إنْ تَصَدَّقَ بِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْغَزْلَ سَبَبُ الْمِلْكِ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقُطْنَ فِي الْبَيْتِ وَهِيَ تَغْزِلُهُ فَيَكُونُ الْمَغْزُولُ مِلْكًا لَهُ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَلْفَاظِ فَالتَّعْلِيقُ تَعْلِيقٌ بِسَبَبِ مِلْكِهِ لِلزَّوْجِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَمْلِكُهُ بِسَبَبِ غَزْلِك قُطْنَهُ هُوَ هَدْيٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ مِلْكِ الْقُطْنِ وَلَا إلَى الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ غَزَلَتْهُ مِنْ قُطْنٍ كَانَ فِي مِلْكِهِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَالْوَاجِبُ فِي دِيَارِنَا أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَغْزِلُ إلَّا مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا أَوْ قُطْنِهَا فَلَيْسَ الْغَزْلُ سَبَبًا لِمِلْكِهِ لِلْمَغْزُولِ عَادَةً فَلَا يَسْتَقِيمُ جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. قُلْت جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ مُسْتَقِيمٌ فِي حَقِّ بَعْضِ أَهْلِ الرِّيفِ اهـ (قَوْلُهُ يَحْنَثُ) وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ وَهُوَ غَزْلُ الْمَرْأَةِ لَا إلَى مِلْكِيَّتِهِ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمْ يَصِرْ مَذْكُورًا حَتَّى يُضَافَ إلَيْهِ. اهـ. كَافِي

(قَوْلُهُ حَلْيٌ) الْحَلْيُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ حُلِيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى فُعُولٍ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ مُرَصَّعًا) التَّرْصِيعُ التَّرْكِيبُ يُقَالُ تَاجٌ مُرَصَّعٌ بِالْجَوَاهِرِ اهـ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ) وَبِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ اللُّؤْلُؤَ وَكَذَلِكَ الرِّجَالُ وَقَاسَ أَبُو حَنِيفَةَ اللُّؤْلُؤَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حُلِيًّا إلَّا بِصِيغَةٍ تُصَاغُ فَكَذَا اللُّؤْلُؤُ لَا يَكُونُ حُلِيًّا إلَّا بِالتَّرْصِيعِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فَعَلَى هَذَا إذَا عَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ فِي عُنُقِهَا شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ غَيْرَ مَصُوغٍ لَا يَحْنَثُ اهـ (قَوْلُهُ وَالْعَادَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْأَيْمَانِ) أَيْ لَا اسْتِعْمَالُ الْقُرْآنِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ حُلِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمَا حَلَّ) أَيْ لِأَنَّ التَّزَيُّنَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَلَوْ لَبِسَ خَلْخَالًا أَوْ دُمْلُوجًا أَوْ سِوَارًا يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ) قَالَ الْكَمَالُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ نَفْيُ كَوْنِهِ حُلِيًّا وَإِنْ كَانَ زِينَةً وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ اهـ

ص: 155