المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب حد الشرب) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌(باب حد الشرب)

عِنْدَ وُجُودِ الْإِحْصَانِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ حَقِيقَةَ الْعِلَّةِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَ ذِمِّيَّانِ عَلَى ذِمِّيٍّ زَنَى عَبْدُهُ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الزِّنَا لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ بِتَكْمِيلِ حَدِّ الْأَحْرَارِ وَهَذَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ مُكَمِّلٌ لِلْعُقُوبَةِ

وَالْمُكَمِّلُ كَالْمُوجِبِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى الشَّرْطِ وُجُودًا عِنْدَهُ كَمَا يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ وُجُوبًا وَضَرَرُ الْعُقُوبَةِ لَا يَثْبُتُ بِالْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْوُجُودِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْعِلَلِ وَلَنَا أَنَّ الْإِحْصَانَ لَيْسَ بِعِلَّةِ عُقُوبَةٍ وَلَا سَبَبٍ وَلَا شَرْطٍ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَا يَكُونُ مُوجِبًا وَهُوَ لَيْسَ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهَا الزِّنَا وَالسَّبَبُ مَا يَكُونُ مُفْضِيًا وَهُوَ لَيْسَ بِمُفْضٍ بَلْ هُوَ مَانِعٌ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ كُلِّهَا تَمْنَعُ عَنْ الْقَبَائِحِ وَالشَّرْطُ مَا يُوجِدُ الْعِلَّةَ بِصُورَتِهَا وَيَتَوَقَّفُ انْعِقَادُهُ عِلَّةً عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَكُونُ الْوُجُودُ مُضَافًا إلَيْهِ دُونَ الْوُجُوبِ كَدُخُولِ الدَّارِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَأَمَّا الزِّنَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ لَمْ يُوجَدْ بِصُورَتِهِ حَتَّى يَنْعَقِدَ عِلَّةً لِوُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى وُجُودِ الْإِحْصَانِ وَلَا يُضَافُ وُجُودُ الرَّجْمِ إلَيْهِ فَكَانَ عَلَامَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ مُعَرِّفٌ لِحُكْمِهِ وَهُوَ الرَّجْمُ إذَا وُجِدَ مِنْهُ الزِّنَا وَالْحُكْمُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى الْعَلَامَةِ لَا وُجُوبًا وَلَا وُجُودًا وَلَا إفْضَاءً فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَمِّلٍ لِلْعُقُوبَةِ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْإِحْصَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الذُّكُورَةُ بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنَّمَا لَا يَثْبُتُ بِسَبْقِ التَّارِيخِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ الْمُسْلِمُ أَوْ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا شَهَادَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِيمَا يُنْكِرُهُ الْمُسْلِمُ أَوْ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَالْإِحْصَانُ عِبَارَةٌ عَنْ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُوجِبُ عُقُوبَةً أَوْ ضَرَرًا

وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي شَيْءٍ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْصَانُ مُوجِبًا لِلْعُقُوبَةِ بَلْ هُوَ أَوْصَافٌ حَمِيدَةٌ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالتَّزَوُّجِ وَالْإِسْلَامِ كُلُّهَا تُنَافِي الْعُقُوبَةَ بِخِلَافِ التَّزْكِيَةِ فَإِنَّهَا مُكَمِّلَةٌ لِلْعِلَّةِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا قَوْلُ النِّسَاءِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَكَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ بِهِ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَجَامَعَهَا أَوْ بَاضَعَهَا وَلَوْ قَالُوا دَخَلَ بِهَا يَكْفِي عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله لَا يَكْفِي وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ إحْصَانُهُ وَلِأَنَّ لَفْظَةَ الدُّخُولِ مُشْتَرَكٌ يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَطْءِ وَفِي الزِّفَافِ وَفِي الْخَلْوَةِ وَالزِّيَارَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ بِالشَّكِّ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَرَبَهَا أَوْ أَتَاهَا وَلَهُمَا أَنَّ الدُّخُولَ مَتَى أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ بِحَرْفِ الْبَاءِ يُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] الْمُرَادُ الْجِمَاعُ

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» أَيْ جَامَعَهَا وَفِي الْعُرْفِ إذَا قِيلَ فُلَانٌ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ يُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ دُونَ الْخَلْوَةِ وَإِذَا خَلَا بِهَا يُقَالُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَعْنَى الزِّيَارَةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ وَطِئْتُهَا وَأَنْكَرَتْ صَارَ مُحْصَنًا دُونَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ كُنْتُ نَصْرَانِيَّةً وَقَالَ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّانِيَيْنِ مُحْصَنًا يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا يَضْمَنُونَ خِلَافًا لِزُفَرَ رحمه الله وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ هَلْ هُوَ شَرْطٌ مُكَمِّلٌ لِلْعِلَّةِ وَهُوَ الزِّنَا أَوْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

قَالَ رحمه الله (مَنْ شَرِبَ خَمْرًا فَأُخِذَ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ أَوْ كَانَ سَكْرَانًا وَلَوْ بِنَبِيذٍ وَشَهِدَ رَجُلَانِ أَوْ أَقَرَّ مَرَّةً

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَكُلِّهَا) الْوَاوُ لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِ الزِّنَا اهـ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ قَبْلَ ظُهُورِ الزِّنَا اهـ.

[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ) قُدِّمَ حَدُّ الزِّنَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي الزِّنَا أَشَدُّ وَلِهَذَا كَانَ حَدُّ الزِّنَا مِائَةً أَوْ رَجْمًا فِي الْحُرِّ وَحَدُّ الشُّرْبِ ثَمَانُونَ فِي الْحُرِّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَرْبَعُونَ كَمَا فِي الْعَبْدِ يُحَقِّقُهُ مَا رَوَى صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك» قَالَ وَأَنْزَلَ تَصْدِيقَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ وَأُخِّرَ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ لِتَيَقُّنِ الْجَرِيمَةِ فِي الشَّارِبِ دُونَ الْقَاذِفِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَدَقَ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ زَانِيًا وَلِهَذَا كَانَ حَدُّ الْقَذْفِ أَخَفَّ الْجَمِيعِ وَتَأْخِيرُ حَدِّ السَّرِقَةِ لِمَا أَنَّهُ شُرِعَ لِصِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَالْمَالُ تَبَعٌ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ وَأُخِّرَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ وَلِأَنَّ شَرْعِيَّتَهُ لِصِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَصِيَانَةِ الْأَنْسَابِ وَالْعَقْلِ آكَدُ مِنْ صِيَانَةِ الْمَالِ بَقِيَ أَنَّهُ أَخَّرَهُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْمَالَ دُونَ الْعِرْضِ فَإِنَّهُ جُعِلَ وِقَايَةً لِلنَّفْسِ عَنْ كُلِّ مَا تَكْرَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا فَأُخِذَ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله قَوْلُهُ وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَأُخِذَ أَيْ إلَى الْحَاكِمِ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ وَهُوَ غَيْرُ سَكْرَانٍ مِنْهَا وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ يُحَدُّ إذَا كَانَ سَكْرَانًا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ سَكْرَانًا أَيْ جَاءُوا بِهِ إلَيْهِ سَكْرَانًا مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ مِنْ النَّبِيذِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَيْ بِالشُّرْبِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ السُّكْرِ مِنْهَا وَفِي الثَّانِي وَهُوَ السُّكْرُ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَالشَّهَادَةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُقَيَّدَةٌ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا بِالشُّرْبِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ الرِّيحَ قَائِمٌ حَالَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ بِأَنْ يَشْهَدَا بِهِ وَبِالشُّرْبِ أَوْ يَشْهَدَا بِهِ فَقَطْ فَيَأْمُرَ الْقَاضِي بِاسْتِنْكَاهِهِ فَيُسْتَنْكَهُ وَيُخْبِرَهُ بِأَنَّ رِيحَهَا مَوْجُودٌ وَأَمَّا إذَا جَاءُوا بِهِ مِنْ بَعِيدٍ فَزَالَتْ الرَّائِحَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَا بِالشُّرْبِ وَيَقُولَا أَخَذْنَاهُ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ لِأَنَّ مَجِيئَهُمْ بِهِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُمْ أَخَذُوهُ فِي حَالِ قِيَامِ الرَّائِحَةِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى ذِكْرِ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ خُصُوصًا بَعْدَ مَا حَمَلْنَا كَوْنَهُ سَكْرَانًا مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ فَإِنَّ رِيحَ الْخَمْرِ لَا تُوجَدُ مِنْ السَّكْرَانِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هَذَا وَلِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بِالشَّهَادَةِ مَعَ عَدَمِ الرَّائِحَةِ فَالْمُرَادُ فِي الثَّانِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِ رَائِحَةِ ذَلِكَ الْمُسْكِرِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْخَمْرِ وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا أَقَرَّ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ لِأَنَّ جِنَايَةَ الشُّرْبِ قَدْ ظَهَرَتْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ اهـ (قَوْلُهُ وَشَهِدَ رَجُلَانِ) وَإِنَّمَا

ص: 195

حُدَّ إنْ عُلِمَ شُرْبُهُ طَوْعًا وَصَحَا) لِحَدِيثِ أَنْسَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ» قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ إلَى أَنْ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ إلَى أَنْ جَلَدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَرَفَعَ الْقَتْلَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام فِي السَّكْرَانِ «إنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الزُّهْرِيُّ «فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانٍ فِي الرَّابِعَةِ فَخَلَّى سَبِيلَهُ» وَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ شُرْبُهُ طَوْعًا لِأَنَّ الشُّرْبَ مُكْرَهًا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ صَاحِيًا لِيُفِيدَ الضَّرْبُ وَهُوَ الْحَدُّ فَائِدَتَهُ وَالْمُرَادُ بِالسُّكْرِ مِنْ النَّبِيذِ الْأَنْبِذَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ أَوْ أَقَرَّ مَرَّةً مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ الْإِقْرَارُ مَرَّتَيْنِ اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ كَمَا فِي الزِّنَا قُلْنَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَا بَعْدَ مُضِيِّ رِيحِهَا لَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ أَوْ تَقَيَّأَهَا أَوْ رَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ أَوْ أَقَرَّ سَكْرَانٌ بِأَنْ زَالَ عَقْلُهُ لَا) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا أَمَّا إذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَهَابِ رَائِحَتِهَا أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ بِذَلِكَ فَلِلتَّقَادُمِ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ وَهُوَ زَوَالُ الرَّائِحَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رحمه الله فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ التَّقَادُمَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ كَمَا فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ اعْتِبَارًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحُدُودِ وَهَذَا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ يَتَحَقَّقُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالرَّائِحَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قُلْنَا وَشَهِدَ رَجُلَانِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً لِأَنَّهَا مُورِثَةٌ لِلشُّبْهَةِ. اهـ. رَازِيٌّ قَالَ فِي الْكَافِي وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَلِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] اعْتَبَرَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عِنْدَ عَدَمِ نِصَابِ الرِّجَالِ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَتَهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةَ وَتُهْمَةَ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَدُّ فَائِدَتُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَدِّ الِانْزِجَارُ وَلَا يَحْصُلُ الِانْزِجَارُ إذَا حُدَّ فِي حَالِ السُّكْرِ لِعَدَمِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ الْحَدِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالسُّكْرِ مِنْ النَّبِيذِ الْأَنْبِذَةُ الْمُحَرَّمَةُ) أَيْ وَلِأَنَّ السُّكْرَ مِنْ الْمُبَاحِ كَالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ أَوْ أَقَرَّ مَرَّةً مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ وَزُفَرَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ مَرَّتَيْنِ) أَيْ فِي مَجْلِسَيْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَا بَعْدَ) بَعْدُ ظَرْفٌ لِلْفِعْلَيْنِ قَبْلَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ التَّقَادُمُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّقَادُمَ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ مَانِعٌ عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنَّ فِي تَقْدِيرِهِ اخْتِلَافًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِشَهْرٍ هَذَا فِي غَيْرِ حَدِّ الشُّرْبِ وَقَدَّرَ مُحَمَّدٌ فِيهِ أَيْضًا كَمَا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ بِشَهْرٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّ وُجُودَ الرَّائِحَةِ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا وَلِأَنَّهُ قَدْ تُوجَدُ رَائِحَتُهُ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لِزَوَالِ الرَّائِحَةِ مَعَ بَقَاءِ الْخَمْرِ فِي الْبَطْنِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالشُّرْبِ فَالتَّقَادُمُ لَا يُبْطِلُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا لَا يُبْطِلُهُ فِي حَدِّ الزِّنَا بِالِاتِّفَاقِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يُبْطِلُهُ التَّقَادُمُ كَمَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُتَّهَمُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ تَطَاوُلِ الْعَهْدِ وَذُكِرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ هَذَا عَظِيمٌ عِنْدِي مِنْ الْقَوْلِ أَنْ يَبْطُلَ الْحَدُّ بِالْإِقْرَارِ وَأَنَا أُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ عَامًا أَنَّهُ كَانَ شَرِبَ النَّبِيذَ وَسَكِرَ تَقَادَمَ أَوْ لَمْ يَتَقَادَمْ وُجِدَ رِيحُهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَلَهُمَا أَنَّ حَدَّ الشُّرْبِ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلَا يَصِحُّ إجْمَاعُهُمْ بِدُونِ رَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَقَدْ اعْتَبَرَ هُوَ قِيَامَ الرَّائِحَةِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ فَإِنْ قُلْت الشَّرْطُ يُوجِبُ وُجُودَ الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَلَا يُوجِبُ الْعَدَمَ عِنْدَ عَدَمِهِ قُلْت عَدَمُ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ الرَّائِحَةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ أَوْجَبَ عَدَمَ الْحُكْمِ بَلْ لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْحَدِّ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَلِأَنَّ إجْمَاعَهُمْ لَا يَصِحُّ بِدُونِ رَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ لَمْ يَرَ الْحَدَّ عِنْدَ انْقِطَاعِ الرَّائِحَةِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدِي فِي الْإِقْرَارِ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ لِمَا بَيَّنَّا وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحُدُودِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا مُقِرًّا بِهَا الرَّدُّ وَالْإِعْرَاضُ وَعَدَمُ الِاسْتِمَاعِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَقَرَّ مَاعِزٌ فَكَيْفَ يَأْمُرُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِالتَّلْتَلَةِ وَالْمَزْمَزَةِ وَالِاسْتِنْكَاهِ حَتَّى يَظْهَرَ سُكْرُهُ فَلَوْ صَحَّ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ جَاءَ فِي رَجُلٍ مُولَعٍ بِالشَّرَابِ مُدْمِنٍ فَاسْتَجَازَهُ لِذَلِكَ. اهـ. وَرَجَّحَ الْكَمَالُ أَيْضًا قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالرَّائِحَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ فَالتَّقَادُمُ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرَ أَنَّهُ أَيْ هَذَا التَّقَادُمَ مُقَدَّرٌ بِالزَّمَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِحَدِّ الزِّنَا أَنَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي أَوْ شَهْرٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذَا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ يَتَحَقَّقُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِلَا شَكٍّ بِخِلَافِ الرَّائِحَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ

يَقُولُونَ لِي انْكَهْ شَرِبْت مُدَامَةً

فَقُلْت لَهُمْ لَا بَلْ أَكَلْت السَّفَرْجَلَا

وَانْكَهْ بِوَزْنِ امْنَعْ وَنَكِهَ مِنْ بَابِهِ أَيْ أَظْهَرَ رَائِحَةَ فَمِهِ فَظَهَرَ أَنَّ رَائِحَةَ الْخَمْرِ مِمَّا تَلْتَبِسُ بِغَيْرِهَا فَلَا يُنَاطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ بِوُجُودِهَا وَلَا بِذَهَابِهَا وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَلْتَبِسُ عَلَى ذَوِي الْمَعْرِفَةِ فَلَا مُوجِبَ لِتَقْيِيدِ الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ بِوُجُودِهَا وَلِأَنَّ الْمَعْقُولَ تَقَيُّدُ قَبُولِهَا بِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَالتُّهْمَةُ لَا تَتَحَقَّقُ فِي الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ وُقُوعِهَا بَعْدَ ذَهَابِ الرَّائِحَةِ بَلْ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْأَدَاءِ تَأْخِيرًا يُعَدُّ تَفْرِيطًا وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي تَقْدِيرِ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَبِهِ تَذْهَبُ

ص: 196

يَقُولُونَ لِي انْكَهْ شَرِبْت مُدَامَةً

فَقُلْتُ لَهُمْ لَا بَلْ أَكَلْتُ السَّفَرْجَلَا

وَلَهُمَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِيمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ تَلْتِلُوهُ وَمَزْمِزُوهُ ثُمَّ اسْتَنْكَهُوهُ فَإِنْ وَجَدْتُمْ رَائِحَةَ الْخَمْرِ فَاجْلِدُوهُ وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ بَعْدَمَا ذَهَبَتْ رَائِحَتُهَا وَاعْتَرَفَ بِهِ فَعَزَّرَهُ وَلَمْ يَحُدَّهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِنَفْيِ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلِأَنَّا نَقُولُ لَا بَلْ هُوَ اسْتِدْلَالٌ بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَدِّ كَانَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَكَانَ إجْمَاعُهُمْ بِرَأْيِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ شَرَطَا فِيهِ الرَّائِحَةَ وَلَا إجْمَاعَ عِنْدَ عَدَمِ الرَّائِحَةِ وَمُطْلَقُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» مَخْصُوصٌ بِالْمُضْطَرِّ وَالْمُكْرَهِ فَجَازَ تَخْصِيصُهُ أَيْضًا بِإِجْمَاعِهِمْ وَلِأَنَّ قِيَامَ الْأَثَرِ مِنْ أَقْوَى دَلَائِلِهِ عَلَى الْقُرْبِ فَيُقَدَّرُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ لِعَدَمِ الْأَثَرِ فِيهَا فَيَتَعَذَّرُ اعْتِبَارُهُ وَالتَّمْيِيزُ مُمْكِنٌ لِمَنْ يَعْرِفُ وَإِنَّمَا يُشْتَبَهُ عَلَى الْجُهَّالِ وَكَوْنُهُ مُقِرًّا لَا يُنَافِي التَّأْكِيدَ بِاشْتِرَاطِ الرَّائِحَةِ كَمَا لَا يُنَافِي التَّأْكِيدَ فِي الزِّنَا بِاشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ ثُمَّ الرَّائِحَةُ يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ حَتَّى لَوْ أَخَذُوهُ وَرِيحُهَا يُوجَدُ فِيهِ ثُمَّ انْقَطَعَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهُوا بِهِ إلَى الْإِمَامِ لِبُعْدِ مَسَافَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ

وَمِنْهُ احْتِرَازٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مُضِيِّ رِيحِهَا لَا لِبُعْدِ مَسَافَةٍ وَلَوْ جَاءُوا بِهِ سَكْرَانًا يُشْتَرَطُ فِيهِ وُجُودُ الرَّائِحَةِ لِمَا ذَكَرْنَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَأَشَارَ فِي الْهِدَايَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ أَوْ تَقَيَّأَهَا فَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَرِبَهَا مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا وَالرَّائِحَةُ مُحْتَمَلَةٌ أَيْضًا فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِالشَّكِّ وَكَذَا إذَا وُجِدَ سَكْرَانًا لَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا ذَكَرْنَا وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ الْمُبَاحِ وَأَمَّا إذَا رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَعْمَلُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَهَذَا وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فَصَارَ شُبْهَةً وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِهَا وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ وَهُوَ سَكْرَانٌ فَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَفِي إقْرَارِهِ زِيَادَةُ الِاحْتِمَالِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ مِثْلَ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا إلَّا أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي السَّرِقَةِ فِي حَقِّ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَلِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ عَلَى شَيْءٍ فَأُقِيمَ السُّكْرُ مَقَامَ الرُّجُوعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِحَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الرَّائِحَةُ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ قِيَامِ الرَّائِحَةِ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عُرِفَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ بِابْنِ أَخٍ لَهُ سَكْرَانَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ تَرْتَرُوهُ وَمَزْمِزُوهُ وَاسْتَنْكِهُوهُ فَفَعَلُوا فَرَفَعَهُ إلَى السِّجْنِ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ وَدَعَا بِسَوْطٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُقَّتْ ثَمَرَتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى صَارَتْ دِرَّةً ثُمَّ قَالَ لِلْجَلَّادِ اجْلِدْ وَارْجِعْ يَدَك وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَوْنُ الشَّهَادَةِ لَا يُعْمَلُ بِهَا إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرَّائِحَةِ وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهِ شَهَادَةٌ مُنِعَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا لِقِيَامِ الرَّائِحَةِ وَقْتَ أَدَائِهَا بَلْ وَلَا إقْرَارٌ إنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ حَدَّهُ بِظُهُورِ الرَّائِحَةِ بِالتَّرْتَرَةِ وَالْمَزْمَزَةِ وَالتَّحْرِيكِ بِعُنْفٍ وَالتَّرْتَرَةُ وَالتَّلْتَلَةُ التَّحْرِيكُ وَهُمَا بِتَاءَيْنِ مَنْقُوطَتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِأَنَّ بِالتَّحْرِيكِ تَظْهَرُ الرَّائِحَةُ مِنْ الْمَعِدَةِ الَّتِي كَانَتْ خَفِيَتْ وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ فَقَالَ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَاَللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحْسَنْت فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إذْ وَجَدَ مِنْهُ رَائِحَةَ الْخَمْرِ فَقَالَ أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ وَتُكَذِّبُ الْكِتَابَ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا وَجَدَ مِنْهُ رَائِحَةَ الْخَمْرِ وَفِيهِ لَفْظُ رِيحِ شَرَابٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدَّهُ عِنْدَ وُجُودِ الرَّائِحَةِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاطَ الرَّائِحَةِ مَعَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ هُوَ مَذْهَبٌ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْأَصَحُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ نَفْيُهُ وَمَا ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ يُعَارِضُ مَا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ عَزَّرَ مَنْ وَجَدَ مِنْهُ الرَّائِحَةَ وَيَتَرَجَّحُ وَلِأَنَّهُ أَصَحُّ اهـ مَعَ حَذْفٍ (قَوْلُهُ

يَقُولُونَ لِي انْكَهْ شَرِبْت مُدَامَةً

الْبَيْتَ) يُرْوَى بِكَلِمَةِ قَدْ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ وَبِدُونِهَا وَهِيَ رِوَايَةُ الْفُقَهَاءِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَسْقُطُ الْهَمْزَةُ لِلْوَصْلِ مِنْ انْكَهْ فِي اللَّفْظِ وَعَلَى الثَّانِي تُحَرَّكُ بِالْكَسْرِ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَيَجُوزُ تَحْرِيكُ هَمْزَةِ الْوَصْلِ فِي الْحَشْوِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُطْلَقُ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالتَّمْيِيزُ مُمْكِنٌ) أَيْ بَيْنَ الرَّوَائِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِبُعْدِ مَسَافَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَلَا يَكُونُ التَّقَادُمُ مَانِعًا عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ عَنْ عُذْرٍ فَلَا يُتَّهَمُونَ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ إذَا أَخَّرُوا الشَّهَادَةَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَكَذَا هُنَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ وَهُوَ سَكْرَانٌ) اعْلَمْ أَنَّ السَّكْرَانَ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ بَيَانُهُ أَنَّ السَّكْرَانَ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى نَحْوَ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ كَلَامَهُ هَذَيَانٌ يُحْتَمَلُ الْكَذِبُ وَمَعَ احْتِمَالِ الْكَذِبِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْحُدُودَ يُحْتَالُ لِدَرْئِهَا لَا لِإِثْبَاتِهَا إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَسْرُوقَ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِحَدٍّ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ أَوْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعَتَاقٍ صَحَّ إقْرَارُهُ إلَّا أَنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ إذَا صَحَّا وَهَذَا لِأَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ حَقُّ الْعَبْدِ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَا يُقَامُ بِدُونِ دَعْوَى الْمَقْذُوفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَالسَّكْرَانُ كَالصَّاحِي فِيمَا فِيهِ حُقُوقُ الْعِبَادِ عُقُوبَةً عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْآفَةَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْقَذْفِ سَكْرَانًا حُبِسَ حَتَّى يَصْحُوَ فَيُحَدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ يُحْبَسَ حَتَّى يَخِفَّ عَنْهُ الضَّرْبُ فَيُحَدَّ لِلسُّكْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَذْفِ سَكْرَانًا وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالسُّكْرِ مِنْ الْأَنْبِذَةِ الْمُحَرَّمَةِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ بِالسُّكْرِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ سُكْرِهِ لَا يُحَدُّ

ص: 197

الرُّجُوعَ وَبِخِلَافِ مَا إذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ فِي حَالَةِ السُّكْرِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ فَيُعْتَبَرُ فِعْلُهُ فِيمَا يَنْفُذُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَاعْتِقَادٍ بِخِلَافِ ارْتِدَادِهِ حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ وَلَا تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ بِهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالِاعْتِقَادِ وَهُوَ شَرْطٌ فِيهِ

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ارْتِدَادُهُ كُفْرٌ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَسْلَمَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَإِسْلَامِ الْمُكْرَهِ وَهَذَا إذَا سَكِرَ بِالْمُحَرَّمِ وَأَمَّا إذَا سَكِرَ بِالْمُبَاحِ كَشُرْبِ الْمُضْطَرِّ وَالْمُكْرَهِ وَالْمُتَّخَذِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ وَالدَّوَاءِ فَلَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ لِعَدَمِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ بَيَّنَ حَدَّ السَّكْرَانِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يَعْرِفَ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرِّجَالَ مِنْ النِّسَاءِ وَلَا يَعْرِفَ شَيْئًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا هُوَ مَنْ يَهْذِي وَيَخْلِطُ جَدَّهُ بِهَزْلِهِ وَلِأَنَّهُ هُوَ السَّكْرَانُ فِي الْعُرْفِ أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ إذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ سَوْطًا

وَلَهُ أَنَّ الْحَدَّ عُقُوبَةٌ فَتُعْتَبَرُ النِّهَايَةُ فِي سَبَبِهِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ وَنِهَايَةُ السُّكْرِ أَنْ يَغْلِبَ السُّرُورُ عَلَى الْعَقْلِ فَيَسْلُبَ التَّمْيِيزَ أَصْلًا وَمَا دُونَهُ لَا يَخْلُو عَنْ شُبْهَةِ الصَّحْوِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] عَبَّرَ عَنْ الصَّحْوِ بِعِلْمِ مَا يَقُولُونَ فَكَانَ السُّكْرُ ضِدَّهُ وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمَا يَقُولُونَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَالْمُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ بِالِاتِّفَاقِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرُمَاتِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله الْمُعْتَبَرُ ظُهُورُ أَثَرِ السُّكْرِ فِي مَشْيِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَأَطْرَافِهِ وَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَإِنَّ الصَّاحِيَ رُبَّمَا يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَالسَّكْرَانَ قَدْ لَا يَتَمَايَلُ وَيَمْشِي مُسْتَقِيمًا.

قَالَ رحمه الله (وَحَدُّ السُّكْرِ وَالْخَمْرِ وَلَوْ شَرِبَ قَطْرَةً ثَمَانُونَ سَوْطًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله أَرْبَعُونَ لِمَا رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ» وَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُضْرَبَ شَارِبُ الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ» وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَمَالِكٌ بِمَعْنَاهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَا رَوَاهُ كَانَ بِجَرِيدَتَيْنِ فَنَعْلَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ ضَرْبَةٍ بِضَرْبَتَيْنِ فَكَانَ حُجَّةً لَنَا وَاَلَّذِي يَدُلُّك عَلَى هَذَا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه «جُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ» فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْجَرِيدَتَانِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام مَنْصُوصٌ عَلَيْهِمَا وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ وَفِي رِوَايَةٍ أَرْبَعِينَ

وَيَتَوَجَّهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِمَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ جَلَدَ الْوَلِيدَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي مُسْنَدِهِ وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ ضَرْبِهِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا جَلَدَهُ عُمَرُ رضي الله عنه ثَمَانِينَ بَعْدَمَا اسْتَشَارَ النَّاسَ قَالَ رحمه الله (وَلِلْعَبْدِ نِصْفُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِّ الْعَبْدِ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ جَلَدُوا عَبِيدَهُمْ نِصْفَ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَلِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ قَبْلُ.

قَالَ رحمه الله (وَفُرِّقَ عَلَى بَدَنِهِ كَحَدِّ الزِّنَا) لِأَنَّ تَكْرَارَ الضَّرْبِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَدْ يُفْضِي إلَى التَّلَفِ وَالْحَدُّ شُرِعَ زَاجِرًا لَا مُتْلِفًا وَيُتَوَقَّى الْمَوَاضِعُ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا فِي حَدِّ الزِّنَا لِمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ إيصَالَ الْأَلَمِ بِالْبَدَنِ وَيُجَرَّدُ عَنْ ثِيَابِهِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا مُبَالَغَةً فِي الْإِيلَامِ وَلِأَنَّ سَبَبَهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ كَحَدِّ الزِّنَا بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ وَلِأَنَّ سَبَبَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَاذِفُ صَادِقًا فِيهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

بِإِقْرَارِهِ بِالسُّكْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ بَعْدَ الصَّحْوِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ) قَالَ الْكَمَالُ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادِ أَوْ الِاسْتِخْفَافِ وَبِاعْتِبَارِ الِاسْتِخْفَافِ حُكِمَ بِكُفْرِ الْهَازِلِ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِهِ لِمَا يَقُولُ وَلَا اعْتِقَادَ لِلسَّكْرَانِ وَلَا اسْتِخْفَافَ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ قِيَامِ الْإِدْرَاكِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا تَبِينُ امْرَأَتُهُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ مَنْطِقًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَدِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِمَا وَلِهَذَا لَمْ يُنْقَلْ خِلَافٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَتُعْتَبَرُ النِّهَايَةُ فِي سَبَبِهِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ) أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الزِّنَا تُعْتَبَرُ الْمُخَالَطَةُ كَالْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَفِي السَّرِقَةِ يُعْتَبَرُ الْأَخْذُ مِنْ الْحِرْزِ التَّامِّ فَكَذَا هُنَا اُعْتُبِرَ أَقْصَى غَايَاتِ السُّكْرِ وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مَبْلَغًا لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَا يُحَدُّ وَلِأَنَّ السُّكْرَ نَاقِصٌ وَفِي النَّقْصِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا السُّكْرُ أَصْلًا وَلِأَنَّ حُرْمَتَهَا قَطْعِيَّةٌ لَا اجْتِهَادِيَّةٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ) قَالَ الْكَمَالُ وَإِنَّمَا اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى قَوْلَهُمَا لِضَعْفِ وَجْهِ قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ يُؤْخَذُ فِي أَسْبَابِ الْحُدُودِ بِأَقْصَاهَا فَقَدْ سَلَّمَ أَنَّ السُّكْرَ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْحَالَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا وَأَنَّهُ تَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُ وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ هِيَ سُكْرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَمْشِي مُسْتَقِيمًا) أَيْ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ. اهـ. هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَحَدُّ السُّكْرِ) وَالسُّكْرُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ كَذَا السَّمَاعُ أَيْ حَدُّ الْخَمْرِ كَيْفَمَا شَرِبَهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَنْ طَوْعٍ فَإِنَّ حُرْمَتَهَا قَطْعِيَّةٌ يَجِبُ الْحَدُّ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ مِنْهَا بِلَا اشْتِرَاطِ السُّكْرِ وَحَدُّ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ فَإِنَّ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ مَا لَمْ يَسْكَرْ وَلِأَنَّ حُرْمَتَهَا اجْتِهَادِيَّةٌ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ثَمَانُونَ سَوْطًا) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفُرِّقَ عَلَى بَدَنِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ الضَّرْبُ وَلِأَنَّ الْحَدَّ يُرَادُ بِهِ الطُّهْرَةُ مِنْ الذَّنْبِ وَجَمِيعُ الْأَعْضَاءِ تَحْتَاجُ إلَى التَّطْهِيرِ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَثْنَاةِ فَإِنَّ الضَّرْبَ عَلَى الْوَجْهِ يُورَثُ الْمَثُلَةَ وَهِيَ مَنْهِيَّةٌ وَالضَّرْبَ عَلَى الْفَرْجِ وَالرَّأْسِ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ وَالْحَدُّ زَاجِرٌ لَا مُتْلِفٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تُنْزَعُ اهـ

ص: 198