المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب اليمين في الطلاق والعتاق) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌(باب اليمين في الطلاق والعتاق)

عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا السَّبْعَةُ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَهُ بِالْكَثْرَةِ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَقَلَّ وَهُوَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِفْهُ كَانَ مُتَنَاوِلًا لَهُ وَمُنْصَرِفًا إلَيْهِ وَلَيْسَ بَعْضُ الْأَعْدَادِ مِمَّا فَوْقَ الثَّلَاثِ بِأُولَى مِنْ الْبَعْضِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ بِلَفْظِ الْأَيَّامِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ أَجْمَعَ مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا يَقَعُ عَلَى أَيَّامِ الْجُمُعَةِ فِي الْمُدَّةِ وَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَاتِ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اسْمٍ لِيَوْمٍ مَخْصُوصٍ إلَّا إذَا نَوَى الْأُسْبُوعَ فَيُصَدَّقُ لِلِاحْتِمَالِ وَلِلتَّغْلِيظِ عَلَى نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ وَلَدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ وَالْأَخِيرَ لِفَرْدٍ لَاحِقٍ وَالْوَسَطَ لِفَرْدٍ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ مَتَى اتَّصَفَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْآخَرِ مِنْهَا لِلتَّنَافِي بَيْنَهَا وَكَذَلِكَ الْفِعْلُ قَالَ رحمه الله (إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ كَذَا حَنِثَ بِالْمَيِّتِ بِخِلَافِ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ وَحْدَهُ) أَيْ لَا يَعْتِقُ الَّذِي يُولَدُ بَعْدَهُ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلُقَتْ وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ وَلَدٌ حَقِيقَةً وَعُرْفًا وَشَرْعًا حَتَّى تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَالدَّمُ الَّذِي بَعْدَهُ نِفَاسٌ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَتُرْجَى شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ السَّقْطَ لَيَقُومُ مُحْبَنْطِئًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ لَا أَدْخُلُ حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَايَ» فَإِذَا كَانَ وَلَدًا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ عَلَى أُمِّهِ ضَرُورَةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ حَيْثُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ عِنْدَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ فَهُوَ حُرٌّ أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَذَلِكَ الْوَلَدُ حُرٌّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَحَقَّقَ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلْحُرِّيَّةِ وَهِيَ الْجَزَاءُ وَانْحِلَالُ الْيَمِينِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نُزُولِ الْجَزَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمْ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ عِتْقَ غَيْرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَاَلَّذِي يُحَقِّقُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ثَانِي وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الثَّانِي فَلَوْلَا أَنَّ الْأَوَّلَ وِلَادَةٌ لَمَا عَتَقَ لِأَنَّهُ صَارَ أَوَّلًا وَلَهُ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الْحُرِّيَّةَ وَصْفًا لِلْمَوْلُودِ تَقَيَّدَ بِوِلَادَةِ الْحَيِّ نَظَرًا إلَى هَذَا الْوَصْفِ إذْ الْمَيِّتُ لَا يَقْبَلُهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا اسْتَشْهَدَا بِهِ لِأَنَّ الْجَزَاءَ هُنَاكَ لَيْسَ وَصْفًا لِلشَّرْطِ أَوْ نَقُولُ ثَبَتَتْ الْحَيَاةُ فِيهِ مُقْتَضًى صَوْنًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ اللَّغْوِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت وَلَدًا مَيِّتًا فَهُوَ حُرٌّ لَغَا وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ ضَرَبْت فُلَانًا فَعَبْدِي حُرٌّ يَتَقَيَّدُ بِحَيَاةِ الْمَضْرُوبِ لِأَنَّ مَعْنَى الضَّرْبِ وَهُوَ الْإِيلَامُ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا لِغَيْرِهِ حَيْثُ يَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَلَمْ يَتَقَيَّدْ الْيَمِينُ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِغَيْرِهِ مَحَلُّ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ فِيهِ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حَيًّا أَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت وَلَدًا حَيًّا فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالْحَيَاةِ نَصًّا وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَيِّتٌ ثُمَّ آخَرُ حَيٌّ حَيْثُ يَعْتِقُ الْآخَرُ بِالْإِجْمَاعِ فِي الصَّحِيحِ وَالْعُذْرُ لَهُمَا أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَبْقَى لِأَنَّ الرِّقَّ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَالْوِلَادَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

ِ) قَدَّمَ هَذَا الْبَابَ عَلَى غَيْرِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي حَلِفِ النَّاسِ فَكَأَنَّ بَيَانَهُ أَهَمُّ بِاعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) فَلَا يُسَمَّى وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ وَالْوَصِيَّةَ وَلَا يَعْتِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ كَذَا إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي إذَا قَالَ لَهَا إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَسْقَطَتْ سِقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ طَلُقَتْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِمِثْلِهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِمِثْلِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ خَلْقُهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ وَلَمْ تَنْقَضِ بِهِ عِدَّةٌ وَلَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْيَا فِي الْآخِرَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مُحْبَنْطِئًا) الْمُحْبَنْطِئُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ الْمُتَغَضِّبُ الْمُسْتَبْطِئُ لِلشَّيْءِ كَذَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ وَقَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ يُرْوَى بِغَيْرِ هَمْزٍ وَبِهَمْزٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ الْمُتَغَضِّبُ الْمُسْتَبْطِئُ لِلشَّيْءِ وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ الْمُنْتَفِخُ يَعْنِي يَغْضَبُ وَيَنْتَفِخُ بَطْنُهُ مِنْ الْغَضَبِ حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَاهُ الْجَنَّةَ مِنْ حَبَطَ إذَا انْتَفَخَ بَطْنُهُ اهـ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْفِعْلُ مِنْهُمَا احْبَنْطَأَ مَهْمُوزًا وَاحْبَنْطَى مَقْصُورًا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الْحُرِّيَّةَ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ إلَّا الْوَلَدَ الْحَيَّ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ وَصْفًا لِلْمَوْصُوفِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ الْوَلَدُ وَهَذَا الْوَصْفُ الْخَاصُّ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَيِّ فَيُقَيَّدُ الْمَوْصُوفُ بِالشَّرْطِ بِالْحَيَاةِ وَإِلَّا لَغَا الْكَلَامُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا وَلَدْت وَلَدًا حَيًّا اهـ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ) حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعْتِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِغَيْرِهِ مَحَلُّ الْإِعْتَاقِ) أَيْ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِيهِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مَالِكِهِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إضْمَارِ الْمِلْكِ فِيهِ أَمَّا الْمَيِّتُ لَا يَصِحُّ إيجَابُ الْعِتْقِ فِيهِ لَا مَوْقُوفًا وَلَا غَيْرَهُ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّقَّ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ) وَإِيضَاحُهُ أَنَّ اسْمَ الْعَبْدِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُهُ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَالْمَالِيَّةِ فِيهِ فَكَانَ الْعَبْدُ اسْمًا لِشَخْصٍ قَامَ بِهِ الْمِلْكُ وَالْمَالِيَّةُ وَبِالْمَوْتِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالًا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْعَبْدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ حَيٌّ وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَبْدًا مَجَازًا بِالصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ اسْمٌ لِلْمَوْلُودِ وَالْمَيِّتُ مَوْلُودٌ حَقِيقَةً كَالْحَيِّ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَيَاةِ اهـ

ص: 141

فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْضًا إجْمَاعًا وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ حُرِّيَّةَ غَيْرِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَيَاةِ

قَالَ رحمه الله (أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ وَلَوْ مَلَكَ عَبْدَيْنِ مَعًا ثُمَّ آخَرَ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ فَالْمُشْتَرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وُجِدَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى فَيَعْتِقُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَى الْعَبْدَيْنِ مَعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا الشَّرْطُ وَهُوَ الْفَرْدِيَّةُ وَلَا فِيمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَهُمَا لِعَدَمِ السَّبْقِ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ زَادَ وَحْدَهُ عَتَقَ الثَّالِثُ) أَيْ زَادَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِأَنْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ وَحْدَهُ أَوْ أَمْلِكُهُ وَحْدَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدًا بَعْدَهُمَا عَتَقَ الثَّالِثُ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الِانْفِرَادُ فِي حَالَةِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ وَحْدَهُ لِلْحَالِ لُغَةً يُقَالُ جَاءَ زَيْدٌ وَحْدَهُ أَيْ مُنْفَرِدًا فَيُشْتَرَطُ انْفِرَادُهُ فِي حَالَةِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَكَانَ أَوَّلًا فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعُرُوضِ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّنَانِيرِ عَتَقَ لِمَا قُلْنَا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَسْوَدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبِيدًا بِيضًا ثُمَّ اشْتَرَى أَسْوَدَ عَتَقَ

وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحَالِهِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ وَاحِدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قُلْنَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ وَحْدَهُ يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِهِ وَنَفْيَ مُشَارَكَةِ الْغَيْرِ إيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي الذَّاتِ وَوَاحِدًا يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي الذَّاتِ وَتَأْكِيدَ الْمُوجَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَةٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي ذَاتِهِ وَهُوَ الرُّجُولِيَّةُ لَا فِي الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِهِ وَهُوَ الْكَيْنُونَةُ فِي الدَّارِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وَصْفَ التَّفَرُّدِ لِلرَّجُلِ فِي الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِهِ وَهُوَ الْكَيْنُونَةُ فِي الدَّارِ لَا انْفِرَادُهُ فِي ذَاتِهِ وَهُوَ الرُّجُولِيَّةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَفِيهَا رَجُلَانِ كَانَ كَاذِبًا

وَلَوْ قَالَ مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَحْدَهُ كَانَ صَادِقًا فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ أَمْلِكُهُ وَحْدَهُ يَقْتَضِي التَّفَرُّدَ فِي التَّمَلُّكِ وَالْعَبْدُ الثَّالِثُ مُتَّصِفٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَيَعْتِقُ وَقَوْلُهُ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا صِفَةٌ لِلْعَبْدِ فَيَقْتَضِي التَّفَرُّدَ فِي ذَاتِهِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْحُكْمُ بِهِ وَجَرَى وُجُودُهُ مَجْرَى عَدَمِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى إفَادَةِ مَعْنَى التَّفَرُّدِ حَالَةَ الشِّرَاءِ فَلَمْ يَعْتِقْ إلَّا إذَا نَوَى مَعْنَى التَّوَحُّدِ فِي حَالَةِ الشِّرَاءِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ الْمَوْلَى فَلَا يَعْتِقُ بِالشَّكِّ وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ عَتَقَ الْعَبْدُ الْكَامِلُ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِعَبْدٍ فَلَمْ يُشَارِكْهُ فِي اسْمِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ وَصْفُ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْفَرْدِيَّةِ كَمَا لَوْ مَلَكَ مَعَهُ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَوَّلُ كُرٍّ أَمْلِكُهُ فَهُوَ هَدْيٌ فَمَلَكَ كُرًّا وَنِصْفَ كُرٍّ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ النِّصْفَ يُزَاحِمُ الْكُلَّ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُ بِالضَّمِّ يَصِيرُ شَيْئًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ قَالَ آخِرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا فَمَاتَ) أَيْ السَّيِّدُ (لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ الْآخِرَ اسْمٌ لِفَرْدٍ لَاحِقٍ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا سَابِقَ لَهُ فَلَا يَكُونُ لَاحِقًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ضِدِّهِ قَالَ رحمه الله (فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا فَمَاتَ عَتَقَ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ فَرْدٌ لَاحِقٌ وَيَسْتَنِدُ الْعِتْقُ إلَى وَقْتِ الشِّرَاءِ حَتَّى يَعْتِقَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ مُقْتَصِرًا عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْآخِرِيَّةَ ثَبَتَتْ بِعَدَمِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ فَصَارَ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا بِعَدَمِ الشِّرَاءِ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْعَدَمُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَقْتَصِرُ الْعِتْقُ عَلَى زَمَنِ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَشْتَرِ عَلَيْك عَبْدًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّ وَحْدَهُ لِلْحَالِ لُغَةً) أَيْ فَيُقَيَّدُ عَامِلُهُ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِمَعْنَاهُ فَيُفِيدُ أَنَّ الشِّرَاءَ فِي حَالِ تَفَرُّدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَادِقٌ فِي الثَّالِثِ فَيَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ لِأَنَّ وَاحِدًا يَحْتَمِلُ التَّفَرُّدَ فِي الذَّاتِ فَتَكُونُ حَالًا مُؤَكِّدَةً لِأَنَّ الْوَاقِعَ كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِي ذَاتِهِ فَلَا يَعْتِقُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ أَوَّلٌ بِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ فَرْدٌ وَاحِدٌ وَسَابِقٌ عَلَى مَنْ يَكُونُ بَعْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ الثَّالِثُ أَوَّلًا بِهَذَا الْمَعْنَى وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى يَعْتِقُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ بِمَعْنَى الِانْفِرَادِ فِي تَعَلُّقِ الْفِعْلِ فَتَكُونُ مُؤَسِّسَةً فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ فِي تَعْلِيقِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَعْتِقُ بِالشَّكِّ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَاسْتُشْكِلَ يَعْنِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَعْنِي أَوَّلَ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ وَحْدَهُ فَهُوَ حُرٌّ بِمَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعًا ثُمَّ اشْتَرَى آخَرَ لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ مَعَ أَنَّ طَرِيقَ التَّفَرُّدِ فِيهِمَا عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وَاحِدًا يَقْتَضِي نَفْيَ الْمُشَارَكَةِ فِي الذَّاتِ وَوَحْدَهُ يَقْتَضِيهِ فِي الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِهِ دُونَ الذَّاتِ وَلِهَذَا صُدِّقَ الرَّجُلُ فِي قَوْلِهِ فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ وَكُذِّبَ إنْ قَالَ وَحْدَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قُلْنَا إذَا قَالَ وَاحِدًا إنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى أَوَّلِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاحِدًا لَمْ يُفِدْ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى مَا أَفَادَهُ لَفْظُ أَوَّلِ فَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ وَإِذَا قَالَ وَحْدَهُ فَقَدْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى أَوَّلِ عَبْدٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فِي التَّمْلِيكِ وَالثَّالِثُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيَعْتِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا لَا يَعْتِقُ) أَيْ أَحَدٌ مِنْهُمْ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ الْمَوْلَى) أَيْ حَالَ كَوْنِي مُنْفَرِدًا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ لَاحِقًا) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ تُحَقِّقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَحَقُّقِ الْآخِرِيَّةِ وُجُودٌ سَابِقٌ بِالْفِعْلِ وَفِي الْأَوَّلِيَّةِ عَدَمُ تَقَدُّمِ غَيْرِهِ لَا وُجُودُ آخَرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ الْمُشْتَرَى فِي قَوْلِهِ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ إذَا لَمْ يَشْتَرِ بَعْدَهُ غَيْرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ضِدِّهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى كُلِّ حَالٍّ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ اهـ

ص: 142

فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى مَاتَ يَعْتِقُ الْمُخَاطَبُ مُقْتَصِرًا عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَكَذَا هَذَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَالْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَلَهُ أَنَّ الْآخِرِيَّةَ تَثْبُتُ لِلثَّانِي كَمَا اشْتَرَاهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ بِعَرْضِ الزَّوَالِ لِاحْتِمَالِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ

فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُ صِفَةَ الْآخِرِيَّةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ آخِرًا مُنْذُ اشْتَرَاهُ فَيَعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالْحَيْضِ فَرَأَتْ الدَّمَ لَمْ يَحْنَثْ لِلْحَالِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ دُونَ الثَّلَاثِ فَإِذَا اسْتَمَرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ كَانَ وَاقِعًا مِنْ وَقْتِ رَأَتْ الدَّمَ وَقَوْلُهُمْ إنَّ صِفَةَ الْآخِرِيَّةِ إنَّمَا تَثْبُتُ بِعَدَمِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فَلَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت فِئْت إلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الْقُرْبَانِ لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَلْفُوظًا صَرِيحًا لَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْرَبْك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَالَ كُنْت قَرُبْتُهَا فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا هُنَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِنْدَهُمَا وَتَرِثُ بِحُكْمِ أَنَّهُ فَارٌّ وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَتَحُدُّ وَعِنْدَهُ يَقَعُ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ بِلَا حِدَادٍ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ طَلُقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً لِأَنَّ الَّتِي أَعَادَ عَلَيْهَا التَّزَوُّجَ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أَوْلَى فَلَا تَتَّصِفُ بِالْآخِرِيَّةِ لِلتَّضَادِّ كَمَنْ قَالَ آخِرُ عَبْدٍ أَضْرِبُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَ عَبْدًا ثُمَّ ضَرَبَ آخَرَ ثُمَّ أَعَادَ الضَّرْبَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ الْمَضْرُوبُ مَرَّةً

قَالَ رحمه الله (كُلُّ عَبْدٍ بَشَّرَنِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ لَيْسَ لِلْمُبَشَّرِ بِهِ عِلْمُهُ عُرْفًا وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الْبَاقِيَيْنِ أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام مَرَّ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فَقَالَ عليه الصلاة والسلام مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ بَشَّرَنِي أَبُو بَكْرٍ وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ» فَقَدْ سَمَّى أَبَا بَكْرٍ مُبَشِّرًا لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ وَلَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَأَخْبَرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقُوا لِمَا بَيَّنَّا وَرَوَيْنَا لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا كَالْبِشَارَةِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ الْعَبْدُ عَتَقَ فِي الْبِشَارَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالْمُرَاسَلَةَ تُسَمَّى بِشَارَةً وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُشَافَهَةِ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ بِالْبِشَارَةِ فَجَاءَ الرَّسُولُ وَقَالَ لِلْمَوْلَى إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك قَدِمَ فُلَانٌ عَتَقَ الْمُرْسِلُ دُونَ الرَّسُولِ وَهَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ إنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ وَلَمْ يَقُلْ أَرْسَلَنِي عَتَقَ الرَّسُولُ خَاصَّةً قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) لِأَنَّ الْبِشَارَةَ تَحَقَّقَتْ مِنْ الْجَمِيعِ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ لُغَةً وَفِي الْعُرْفِ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيَّنَّاهُ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ مِنْ الْجَمَاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28]

قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ إلَخْ) فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَتَرِثُ بِحُكْمِ أَنَّهُ فَارٌّ) أَيْ حَيْثُ حَكَمَا بِطَلَاقِهَا فِي آخِرِ نَفَسٍ مِنْ حَيَاتِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ) أَيْ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِدَّةَ الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ اهـ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ فِي فَصْلِ الْفَارِّ وَيَجْعَلُهَا بِالْأَقْرَاءِ وَهُمَا بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ اهـ وَقَالَ فِي الْكَنْزِ وَزَوْجَةُ الْفَارِّ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَقْتَ تَزْوِيجِهَا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ) قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ أُورِدَ عَلَى اشْتِرَاطِ الصِّدْقِ فِي الْبِشَارَةِ أَنَّ تَغَيُّرَ الْوَجْهِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْإِخْبَارِ السَّارِّ صِدْقًا كَذَلِكَ يَحْصُلُ كَذِبًا وَأُجِيبَ بِمَا لَيْسَ بِمُفِيدٍ وَالْوَجْهُ فِيهِ نَقْلُ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) قَالَ الْحَاكِمُ وَإِنْ قَالَ عَنَيْت وَاحِدًا لَمْ يُدَنْ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسَعُهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ وَاحِدًا فَيُمْضِيَ عِتْقَهُ وَيُمْسِكَ الْبَقِيَّةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ فَرَحٍ أَوْ تَرَحٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21]{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} [هود: 71]. اهـ. كَافِي قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ سَارًّا فِي الْعُرْفِ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مَا يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ سَارًّا أَوْ ضَارًّا قَالَ تَعَالَى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ بِمَا يُكْرَهُ قُرِنَ بِذِكْرِ مَا بِهِ الْوَعِيدُ كَمَا فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا خَاصٌّ بِالْمَحْبُوبِ وَمَا وَرَدَ بِهِ فِي الْمَكْرُوهِ فَمَجَازٌ دُفِعَ بِمَادَّةِ اشْتِقَاقِهِ وَهِيَ الْبَشَرَةُ فَإِنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ لِذَلِكَ الْخَبَرِ أَثَرًا فِي الْبَشَرَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَا يَخَافُهُ الْإِنْسَانُ يُوجِبُ تَغَيُّرَ بَشَرَتِهِ فِي الْمُشَاهَدِ الْمَعْرُوفِ كَمَا يَتَغَيَّرُ بِالْمَحْبُوبِ إلَّا أَنَّ عَلَى الْعُرْفِ بِنَاءَ الْأَيْمَانِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ مَا نَصُّهُ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ بَاشَرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إذَا أَلْصَقَ بَشَرَتَهُ بِبَشَرَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] بِالْفَاءِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَكَذَا هُوَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَمَا شَاهَدْته بِخَطِّ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ وَالتِّلَاوَةُ {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ وَفِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ كَمَا شَاهَدْته بِخَطِّ الْعَيْنِيِّ فَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ وَالتِّلَاوَةُ {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] وَهِيَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ وَالْأُولَى فِي الذَّارِيَاتِ اهـ

ص: 143

شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ لَا شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ أَبِيهِ أَيْضًا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَقُولَ لِأَمَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَاشْتَرَاهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا تُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا قَارَنَتْ عِلَّةَ الْعِتْقِ وَرِقُّ الْمُعْتَقِ كَامِلٌ صَحَّ التَّكْفِيرُ وَإِلَّا فَلَا وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِنَاءً عَلَيْهِ فَعِنْدَهُمَا عِلَّةُ الْعِتْقِ الْقَرَابَةُ لِأَنَّهَا عِلَّةُ الصِّلَاتِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَالتَّزَاوُرِ وَالشِّرَاءَ شَرْطُ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقُ سَبَبٌ لِزَوَالِهِ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَاسْتَحَالَ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى الشِّرَاءِ فَلَمْ تَتَّصِلْ النِّيَّةُ بِعِلَّةِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ نَاوِيًا عَنْ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا شِرَاءَ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ

وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ نِيَّةَ التَّكْفِيرِ قَارَنَتْ الشَّرْطَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ الشِّرَاءُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ هُوَ التَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ الْأَهْلِيَّةُ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ صَحَّ وَجَازَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ مَنْفَعَةِ الْكَفَّارَةِ إلَى أَبِيهِ فَلَا تَجُوزُ كَغَيْرِهَا مِنْ الْقُرَبِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَلَنَا أَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيهِ فَيُعْتِقُهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ أَيْ يُعْتِقُهُ بِذَلِكَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْعِتْقِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ سَقَاهُ فَأَرْوَاهُ أَيْ بِذَلِكَ السَّقْيِ وَضَرَبَهُ فَأَوْجَعَهُ أَيْ بِذَلِكَ الضَّرْبِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِعِلَّةِ الْعِتْقِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إعْتَاقٌ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَهَذَا الضَّمَانُ لَا يَجِبُ إلَّا عَلَى الْمُعْتِقِ وَلِأَنَّ الشِّرَاءَ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَالْمُلْكُ يُوجِبُ الْعِتْقَ فِي الْقَرِيبِ فَيُضَافُ الْمِلْكُ مَعَ حُكْمِهِ إلَى شِرَائِهِ لِأَنَّهُمَا حَدَثَا بِهِ وَهَذَا كَمَنْ رَمَى إنْسَانًا فَأَصَابَهُ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ كَأَنَّهُ جَزَّ رَقَبَتَهُ بِالسَّيْفِ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَإِنَّمَا صُوِّرَتْ هَكَذَا لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ شِرَاءِ الْقَرِيبِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَشِرَاءَ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِلَّا فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يُجْزِي مُعَلَّقًا وَلَا مُنَجَّزًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشِّرَاءَيْنِ مَعَ أَنَّ الشِّرَاءَ فِي الْفَصْلَيْنِ مَسْبُوقٌ بِمَا يُوجِبُ الْعِتْقَ مِنْ وَجْهٍ وَهُمَا الْقَرَابَةُ وَالِاسْتِيلَادُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ اسْتَحَقَّتْ الْعِتْقَ بِالِاسْتِيلَادِ حَتَّى جُعِلَ إعْتَاقًا مِنْ وَجْهٍ قَالَ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» فَهِيَ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَدْ عَتَقَتْ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ عِتْقُهَا بِالشِّرَاءِ أَوْ تَنْجِيزًا إعْتَاقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَالْوَاجِبُ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ إعْتَاقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ إعْتَاقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الشِّرَاءِ عِتْقٌ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا تُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا الْعِتْقُ فَلِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْيَمِينِ السَّابِقَةِ وَهُوَ الشِّرَاءُ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَلِأَنَّهَا لَمَّا اسْتَحَقَّتْ الْعِتْقَ بِالِاسْتِيلَادِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» لَمْ يَكُنْ كُلُّ الْعِتْقِ مُضَافًا إلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ عِلَّةُ الْعِتْقِ مِنْ وَجْهٍ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ تَحْرِيرٌ كَامِلٌ لَا تَحْرِيرٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَعِنْدَهُمَا عِلَّةُ الْعِتْقِ الْقَرَابَةُ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا الشِّرَاءُ فَإِنَّ الشِّرَاءَ شَرْطُ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِالشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ لَا بِالْعِلَّةِ فَصَارَ كَعِتْقِهِ بِيَمِينٍ مُتَقَدِّمَةٍ، بَيَانُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّحْرِيرُ وَالشِّرَاءُ لَيْسَ بِتَحْرِيرٍ لِمُنَافَاةٍ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشِّرَاءَ اسْتِجْلَابُ الْمِلْكِ وَالتَّحْرِيرَ إزَالَةُ الْمِلْكِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا ادَّعَى نَسَبَهُ يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ) وَالْحَاصِلُ مِنْ دَلِيلِ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعِلَّةَ لِلْعِتْقِ هِيَ الْقَرَابَةُ الْمُحَرِّمَةُ لَا الشِّرَاءُ لِلْقَرِيبِ لِأَنَّهَا الَّتِي ظَهَرَ أَثَرُهَا فِي وُجُوبِ الصِّلَاتِ كَالنَّفَقَةِ فَهِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْعِتْقِ وَإِنَّمَا الْمِلْكُ شَرْطُ عَمَلِهَا سَوَاءٌ حَصَلَ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ نَفْسَ الْعِلَّةِ فَلَا لِأَنَّهُ لِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ لِإِزَالَتِهِ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ مُقْتَضَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَاشْتَرَاهُ نَاوِيًا عَنْ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَوْلٍ كَانَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ حَتَّى إذَا قَالَ هُوَ حُرٌّ يَوْمَ أَشْتَرِيهِ وَعَنَى بِهِ أَنْ يَقَعَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَجْزَأَهُ لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِالْإِعْتَاقِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى حَيْثُ لَمْ تَقْتَرِنْ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ بِعِلَّةِ الْعِتْقِ بَلْ اقْتَرَنَتْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَلَيْسَ لِلشَّرْطِ أَثَرٌ فِي إيجَابِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ ثَبَتَ بِقَوْلٍ سَابِقٍ وَهُوَ قَوْلُهُ حُرٌّ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ نَوَى عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا هَذَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ يُعْتِقُهُ بِذَلِكَ الشِّرَاءِ) بَيَانُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْوَلَدَ مُعْتِقًا لِوَالِدِهِ بِالشِّرَاءِ فَيَكُونُ الشِّرَاءُ إعْتَاقًا لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْتَدَأَ لَمْ يُوجَدْ بِالِاتِّفَاقِ فَكَمَا اشْتَرَاهُ عَتَقَ وَكَلَامُ الرَّسُولِ تَجِبُ صِيَانَتُهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ إعْتَاقًا لَزِمَ الْإِلْغَاءُ وَمِثْلُهُ وَارِدٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ سَقَاهُ فَأَرْوَاهُ أَيْ بِالسَّقْيِ يُؤَيِّدُهُ، مَا رَوَى صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» بَيَانُهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ الْحُرِّيَّةَ جَزَاءً لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءُ عِلَّةٌ لِلْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَيَكُونُ الشِّرَاءُ تَحْرِيرًا وَإِعْتَاقًا وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ فَجَازَ عَمَّا عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَرِثَ أَبَاهُ يَنْوِي بِهِ الْكَفَّارَةَ حَيْثُ لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَاخْتِيَارِهِ وَالتَّكْفِيرُ يَتَأَدَّى بِالتَّحْرِيرِ الَّذِي هُوَ صُنْعُهُ وَفِي الْأَسْبَابِ السَّابِقَةِ أَعْنِي الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ يَحْصُلُ صُنْعُهُ وَهُوَ الْقَبُولُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ بِذَلِكَ الضَّرْبِ) وَالتَّرْتِيبُ بِالْفَاءِ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ عَلَى مَا عُرِفَ مِثْلُ سَهَا فَسَجَدَ وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ اهـ

ص: 144

الرَّمْيَ يُوجِبُ نُفُوذَ السَّهْمِ وَمُضِيَّهُ فِي الْهَوَاءِ وَالنُّفُوذُ سَبَبُ الْوُقُوعِ فِي الْمَرْمِيِّ إلَيْهِ

وَالْوُقُوعُ سَبَبُ الْجُرْحِ وَهُوَ سَبَبُ الْمَوْتِ فَيُضَافُ كُلُّهُ إلَى الرَّمْيِ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ صِلَةٌ وَلِلْمِلْكِ تَأْثِيرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الصِّلَةِ شَرْعًا حَتَّى تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ صِلَةً لِلْفُقَرَاءِ كَمَا لِلْقَرَابَةِ تَأْثِيرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الصِّلَةِ فَكَانَا عِلَّةً ذَاتَ وَصْفَيْنِ وَمَتَى تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى آخِرِهِمَا لِأَنَّ تَمَامَ الْعِلَّةِ بِهِ وَآخِرُ الْوَصْفَيْنِ هُنَا الْمِلْكُ فَيَكُونُ بِهِ مُعْتَقًا وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَسَبَ نَصِيبِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ صَارَتْ آخِرَ الْوَصْفَيْنِ فَصَارَ بِهَا مُعْتَقًا وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الثَّانِي حَيْثُ لَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهَا وَحْدَهَا وَإِنْ تَمَّتْ الْحُجَّةُ بِهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ مَا أَتْلَفَا بِشَهَادَتِهِمَا عِنْدَ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ شَيْئًا بِدُونِ الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ يَكُونُ بِهِمَا جَمِيعًا

وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعِتْقَ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ لِأَنَّا نَقُولُ الِاسْتِحْقَاقُ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ كَمَالِ الْعِلَّةِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ فِيهِ صَرْفُ مَنْفَعَةِ الْكَفَّارَةِ إلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ صَرْفُهَا إلَى عَبْدِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ إلَى أَبِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْوَاجِبَاتِ كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى عَبْدِهِ فَكَذَا إلَى أَبِيهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ وَهَبَ لَهُ قَرِيبُهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ نَاوِيًا عَنْ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ جَبْرِيٌّ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ صُنْعٌ وَلَا اخْتِيَارٌ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِشَرِيكِهِ بِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُعْتَقًا بِدُونِ اخْتِيَارِهِ وَمُبَاشَرَتِهِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إذَا نَوَى بِالشِّرَاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْعِلَّةِ وَهِيَ الْيَمِينُ وَلَا يُقَالُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ عِلَّةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَالْمُنَجَّزِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً

أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ شَرْطُ النِّيَّةِ وَهِيَ تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْيَمِينُ وَأَمَّا الشِّرَاءُ فَشَرْطٌ مَحْضٌ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ وَهُوَ الْعِتْقُ وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْيَمِينِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ حَتَّى لَوْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَاشْتَرَاهُ جَازَ عَنْ كَفَّارَتِهِ لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِالْعِلَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً قَدْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ عِتْقَهَا لَا يُجْزِي عَنْ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحُرِّيَّةَ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا»

قَالَ رحمه الله (إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ صَحَّ لَوْ فِي مِلْكِهِ) أَيْ لَوْ قَالَ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَتَسَرَّى أَمَةً كَانَتْ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَتَقَتْ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِ الْأَمَةِ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهُوَ كَالنَّفْيِ قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجَارِيَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا فِي مِلْكِهِ حِينَ حَلَفَ لَا يَصِحُّ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَتَسَرَّى بِهَا لَا تَعْتِقُ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعْتِقُ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَكَانَ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلْمِلْكِ كَمَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك وَطَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَصَارَ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلْمِلْكِ فَكَذَا هُنَا وَلَا يُقَالُ هَذَا إثْبَاتُ الْمِلْكِ بِالِاقْتِضَاءِ وَهُوَ لَا يَرَى الِاقْتِضَاءَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْحَذْفِ إذْ إثْبَاتُ مَا لَمْ يُذْكَرْ لَا يَنْحَصِرُ بِالِاقْتِضَاءِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ التَّسَرِّي يَسْبِقُ الْمِلْكُ إلَى الْفَهْمِ

وَفِي الِاقْتِضَاءِ لَا يَلْزَمُ الْفَهْمُ مِنْ اللَّفْظِ وَقَدْ يَتَّفِقُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت يُفْهَمُ مِنْهُ الطَّعَامُ وَهُوَ مُقْتَضَى وَلَنَا أَنَّ الْيَمِينَ بِالْعِتْقِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ أَوْ إلَى سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي حَقِّهَا وَهَذَا لِأَنَّ التَّسَرِّيَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّحْصِينِ وَالْمَنْعُ عَنْ الْخُرُوجِ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّرِّيَّةِ وَاحِدَةُ السَّرَارِيِّ وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ الْإِخْفَاءُ أَوْ إلَى السُّرُورِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُسَرُّ بِهَا أَوْ إلَى السَّرِيِّ وَهُوَ السَّيِّدُ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَا غُيِّرَ فِي النَّسَبِ إلَى فُعْلِيَّةٍ كَمَا قَالُوا فِي النَّسَبِ إلَى الدَّهْرِ دُهْرِيٌّ وَإِلَى الْأَرْضِ السَّهْلَةِ سُهْلِيٌّ وَقُلِبَتْ إحْدَى الرَّاءَاتِ يَاءً فِي تَسَرَّيْت وَأَصْلُهُ تَسَرَّرْتُ كَمَا قُلِبَتْ إحْدَى النُّونَاتِ يَاءً فِي تَظَنَّيْتُ وَأَصْلُهُ تَظَنَّنْت وَطَلَبُ الْوَلَدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّحْصِينِ لِلتَّسَرِّي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله حَتَّى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَكَانَ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلْمِلْكِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت جَارِيَةً فَتَسَرَّيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهَا) أَمَّا الْمِلْكُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ مَلَكْت أَمَةً وَأَمَّا الْإِضَافَةُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ فَلِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى التَّسَرِّي وَهُوَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِمِلْكِ الْأَمَةِ فَلَمْ يَصِحَّ إضَافَةُ الْإِعْتَاقِ إلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ التَّسَرِّيَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّحْصِينِ وَالْإِسْكَانِ وَهُوَ أَنْ يُبَوِّئَهَا وَيَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ اهـ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ طَلَبُ الْوَلَدِ مَعَ ذَلِكَ شَرْطُهُ لِأَنَّ السَّرِيَّةَ فِي الْعَادَةِ هِيَ الَّتِي يُطْلَبُ وَلَدُهَا. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ وَهُوَ السَّيِّدُ) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا اتَّخَذَهَا سُرِّيَّةً فَقَدْ جَعَلَهَا سَيِّدَةَ الْإِمَاءِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ تَسَرِّيًا إلَّا بِطَلَبِ الْوَلَدِ مَعَ هَذَا وَالْمُرَادُ مِنْ طَلَبِ الْوَلَدِ أَنْ لَا يَعْزِلَ مَاءَهُ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهَا شَيْئًا مِنْ هَذَا وَلَكِنْ وَطِئَ خَادِمَهُ فَعَلِقَتْ مِنْهُ لَمْ تَعْتِقْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَرَّهَا قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَمَعْنَى التَّسَرِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنْ يُحْصِنَ أَمَتَهُ وَيَعُدَّهَا لِلْجِمَاعِ أَفْضَى إلَيْهَا بِمَائِهِ أَوْ عَزَلَ عَنْهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَعْزِلُ مَاءَهُ مَعَ ذَلِكَ فَعُرِفَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّحْصِينِ وَالْإِعْدَادِ لَا يَكُونُ تَسَرِّيًا وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْهُ لَنَا أَنَّ مَادَّةَ اشْتِقَاقِهِ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَتْ مِنْ السُّرُورِ أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَى الْجِمَاعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا تَقْتَضِي الْإِنْزَالَ فِيهَا لِأَنَّ الْجِمَاعَ وَالسُّرُورَ وَالسِّيَادَةَ كُلٌّ مِنْهَا يَتَحَقَّقُ دُونَهُ فَأَخْذُهُ فِي الْمَفْهُومِ وَاعْتِبَارُهُ بِلَا دَلِيلٍ وَكَوْنُ الْعُرْفِ فِي التَّسَرِّي تَحْصِينَهَا لِطَلَبِ الْوَلَدِ دَائِمًا مَمْنُوعٌ بَلْ الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ فِي الْمُشَاهَدِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقْصِدُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ مُجَرَّدَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَلِدَ

ص: 145

لَوْ عَزَلَ عَنْهَا لَا تَكُونُ سُرِّيَّةً عِنْدَهُ فَإِذَا كَانَتْ عِبَارَةً عَنْ التَّحْصِينِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِمِلْكِ النِّكَاحِ كَمَا يَكُونُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ مِلْكُ الْمُتْعَةِ لَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَلَا يَصِيرُ ذِكْرُهُ ذِكْرَ مِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا إذَا قَالَ لِجَارِيَةِ الْغَيْرِ إذَا جَامَعْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا وَجَامَعَهَا لَمْ تَعْتِقْ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ إلَّا بِمِلْكِ النِّكَاحِ فَيَصِيرُ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِلنِّكَاحِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ ذِكْرَ التَّسَرِّي ذِكْرٌ لِمِلْكِ الْيَمِينِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِتْقُهَا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمِلْكِ ثَبَتَ اقْتِضَاءً ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّسَرِّي وَهُوَ شَرْطٌ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا

وَلَا يَظْهَرُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّ صِحَّةِ الْجَزَاءِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ اقْتِضَاءً لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَلَا يَظْهَرُ فِيمَا وَرَاءَهَا وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ التَّسَرِّي شَرْطًا لِلْعِتْقِ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الشَّرْطِ وَهُوَ التَّسَرِّي وَلَا يَكُونُ التَّسَرِّي إلَّا فِي الْمِلْكِ فَلَزِمَ الْمِلْكُ ضَرُورَةَ صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ التَّسَرِّي وَأَمَّا نُزُولُ الْجَزَاءِ فَالشَّرْطُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ثُبُوتُ الشَّرْطِ بِدُونِ نُزُولِ الْجَزَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّسَرِّي يُوجَدُ وَإِنْ لَمْ تَعْتِقْ الْأَمَةُ وَفِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ ظَهَرَ النِّكَاحُ فِي حَقِّ الشَّرْطِ وَهُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ الْعِتْقُ وَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى الْجَزَاءِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ صَادَفَ التَّعْلِيقَ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِشَرْطٍ سَيُوجَدُ وَوِزَانُ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ ثَلَاثًا لِأَنَّ ذِكْرَ الطَّلَاقِ ذِكْرٌ لِلنِّكَاحِ لِصِحَّةِ الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَكُنْ ذِكْرًا لِلنِّكَاحِ فِي صِحَّةِ الْجَزَاءِ وَهُوَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقِ بِالطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَمَا تَنَاوَلَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّهُ لِمَكَانِ تَقْدِيرِ الْكَلَامِ إنْ مَلَكْت جَارِيَةً وَتَسَرَّيْت بِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فَلَا تَعْتِقُ مَنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ يَوْمئِذٍ إذَا تَسَرَّى بِهَا وَوِزَانُ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ زُفَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَةٍ إنْ تَسَرَّيْت بِك فَعَبْدِي حُرٌّ فَاشْتَرَاهَا فَتَسَرَّى بِهَا عَتَقَ عَبْدُهُ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ وَلَا يَعْتِقُ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ

قَالَ رحمه الله (كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ عَبِيدُهُ الْقِنُّ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُوهُ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَصَرَّفُ إلَى الْكَامِلِ وَمِلْكُهُ لِهَؤُلَاءِ كَامِلٌ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُمْ رَقَبَةً وَيَدًا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دُيِّنَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ أَوْ بِالْعَكْسِ حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ بِوَصْفٍ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ وَلَا عُمُومَ لَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ وَلَوْ قَالَ نَوَيْت النِّسَاءَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ حَقِيقَةً لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنَّ الْأُنْثَى يُقَالُ لَهَا مَمْلُوكَةٌ لَكِنْ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهِمْ لَفْظُ التَّذْكِيرِ عَادَةً بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ فَتَكُونُ نِيَّتُهُ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ نَوَيْت الرِّجَالَ خَاصَّةً حَيْثُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَكَذَا لَوْ قَالَ نَوَيْت غَيْرَ الْمُدَبَّرِ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً قَالَ رحمه الله (لَا مُكَاتَبُهُ) أَيْ لَا يَعْتِقُ مُكَاتَبُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ نَاقِصٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى يَدًا وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَكْسَابَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ مُكَاتَبَتَهُ وَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ عَلَيْهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ قَاصِرًا فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَالْمُخْتَلِعَةِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا كَامِلٌ فَيَدْخُلَانِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ وَالرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْحُرِّيَّةَ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يُجْزِيَانِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَالْمُكَاتَبُ عَكْسُهُ فَإِنَّ رِقَّهُ كَامِلٌ وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ فَانْعَكَسَ الْحُكْمُ لِذَلِكَ

قَالَ رحمه الله (هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَيَيْنِ) لِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ لِإِثْبَاتِ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَدْ أَدْخَلَهَا بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَعَطَفَ الثَّالِثَةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَيَخْتَصُّ بِمَحِلِّ الْحُكْمِ وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَهَذِهِ

قَالَ رحمه الله (وَكَذَا الْعِتْقُ وَالْإِقْرَارُ) حَتَّى إذَا قَالَ لِعَبِيدِهِ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا عَتَقَ الْأَخِيرُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَوْ قَالَ فِي الْإِقْرَارِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ كَانَ خَمْسُمِائَةٍ لِلْأَخِيرِ وَخَمْسُمِائَةٍ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ يَجْعَلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ لِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ لِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لِأَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَلِلثَّالِثِ بِأَلْفٍ فَيَكُونُ لِلثَّالِثِ نِصْفُهُ وَلِأَحَدِهِمَا نِصْفُهُ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ النِّصْفَ لِلْأَوَّلِ وَالنِّصْفَ لِلْآخَرَيْنِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَهُ إذَا عُرِفَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَحَصَّنَهَا وَوَطِئَهَا حَنِثَ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَوْ قَالَ إنْ تَسَرَّيْت جَارِيَةً فَعَبْدِي حُرٌّ فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَتَسَرَّاهَا عَتَقَ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عَبْدٌ فَمَلَكَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً فَتَسَرَّاهَا لَا يَعْتِقُ هَذَا الْعَبْدُ الْمُسْتَحْدَثُ وَلَوْ قَالَ إنْ تَسَرَّيْت جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَتَسَرَّى جَارِيَةً كَانَتْ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَتَقَتْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ إجْمَاعِيَّةٌ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَعْدَ الْحَلِفِ فَتَسَرَّاهَا لَا تَعْتِقُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَالَ زُفَرُ تَعْتِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِمَكَانِ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٍّ عَتَقَ عَبِيدُهُ الْقِنُّ) الْقِنُّ الرَّقِيقُ يَنْطَلِقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ فَيُقَالُ عَبْدٌ قِنٌّ وَعَبِيدٌ قِنٌّ وَأَمَةٌ قِنٌّ بِالْإِضَافَةِ وَبِالْوَصْفِ أَيْضًا وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ وَهُوَ الَّذِي مَلَكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ مُكَاتَبُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ اهـ

ص: 146