المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ

لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْفَضْلِيِّ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ وَأَبُو يُوسُفَ قَدَّرَهُ بِمِائَةِ سَنَةٍ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَوْتِ الْأَقْرَانِ فِي بَلَدِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَى أَمْثَالِهِ فِيمَا تَقَعُ الْحَاجَةُ فِيهِ إلَى مَعْرِفَتِهِ طَرِيقُ الشَّرْعِ كَقَيِّمِ الْمُتْلَفَاتِ وَمَهْرِ مِثْلِ النِّسَاءِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَوْتِهِ فَحَكَمَ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بَعْدَ أَقْرَانِهِ نَادِرٌ وَمَبْنَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْغَالِبِ لَا عَلَى النَّادِرِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَكَذَا غَلَبَةُ الظَّنِّ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَإِنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِي أَدْنَى مُدَّةٍ أَنَّهُ مَاتَ لَا سِيَّمَا إذَا دَخَلَ فِي مَهْلَكَةٍ وَمَا كَانَ سَبَبُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مُدَّتِهِ إلَّا لِاخْتِلَافِ آرَائِهِمْ فِيهِ فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِهِ

قَالَ رحمه الله (وَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَوَرِثَ مِنْهُ حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ) أَيْ حِينَ حَكَمَ بِمَوْتِهِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَرِثَهُ إلَّا وَرَثَتُهُ الْمَوْجُودُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ وَرَثَتِهِ كَأَنَّهُ مَاتَ فِيهِ عِيَانًا لِأَنَّ الْحُكْمِيَّ مُعْتَبَرٌ بِالْحَقِيقِيِّ

قَالَ رحمه الله (وَلَا يَرِثُ مِنْ أَحَدٍ مَاتَ) أَيْ لَا يَرِثُ الْمَفْقُودُ مِنْ أَحَدٍ مَاتَ مِنْ أَقَارِبِهِ حَالَ فَقْدِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ حَيًّا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لَأَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ مَالَ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ بِهِ اسْتِحْقَاقَ مَالِيَّةِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ حَيٌّ فِي مَالِهِ مَيِّتٌ فِي حَقِّ مَالِ غَيْرِهِ هَذَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ وَإِنْ عُلِمَ حَيَاتُهُ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ يَرِثُ مِمَّنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلِهَذَا يُوقَفُ نَصِيبُهُ مِنْ مَالِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ أَقَارِبِهِ كَمَا فِي الْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فَيَرِثُ فَإِنْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ فِي وَقْتٍ مَاتَ فِيهِ قَرِيبُهُ كَانَ لَهُ وَإِلَّا يَرُدَّ الْمَوْقُوفَ لِأَجَلِهِ إلَى وَارِثِ مُورِثِهِ الَّذِي وَقَفَ مِنْ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِوَقْفِ الْمُوصَى بِهِ إلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَوْتِهِ فَإِذَا حَكَمَ بِمَوْتِهِ يَرُدُّ الْمَالَ الْمُوصَى بِهِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمَفْقُودِ وَارِثٌ يُحْجَبُ بِهِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَإِنْ انْتَقَصَ حَقُّهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَفْقُودِ (يُعْطِي أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَالْحَمْلِ) لِأَنَّ مُتَرَدِّدٌ فَيُعْمَلُ بِالْأَحْوَطِ فَالْأَحْوَطُ كَالْحَمْلِ ثُمَّ الْأَصْلُ فِي تَصْحِيحِ مَسَائِلِ الْمَفْقُودِ هُوَ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَتُصَحَّحُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَإِلَّا اضْرِبْ الْجَمِيعَ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ مَنْ كَانَ يَسْقُطُ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ أَوْ مَمَاتِهِ فَتُسْقِطُهُ وَمَنْ كَانَ يُنْتَقَصُ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَلَا يَسْقُطُ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي وَمَنْ لَا يَتَغَيَّرُ نَصِيبُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ يُعْطَى نَصِيبَهُ كَامِلًا مِثَالُهُ تَرَكَتْ امْرَأَةٌ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ وَأَخًا كَذَلِكَ مَفْقُودًا فَلِلَامِ السُّدُسُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ الرُّبْعُ وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ وَفَاتِهِ الرُّبْعُ وَالثُّمُنُ وَكَذَا لِلْأُخْتِ عَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَهَا التُّسْعُ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْأَقَلُّ وَيُوقَفُ الْبَاقِي مِنْ نَصِيبِهِ وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ بِنْتَيْنِ وَأَخًا لِأَبٍ وَبِنْتَ ابْنٍ وَابْنَ ابْنٍ مَفْقُودًا فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلِبِنْتِ الِابْنِ التُّسْعُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ وَلِلْأَخِ الثُّلُثُ عَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ فَيُعْطَى الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يُعْطَى الْأَخُ وَلَا بِنْتُ الِابْنِ شَيْئًا كَمَا فِي الْحَمْلِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اخْتِلَاطِ النَّصِيبَيْنِ فَصَاعِدًا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَمِنْهُ الشَّرَكُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ مِثَالُهُ تَرَكَتْ امْرَأَةٌ زَوْجًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِصُورَةِ انْتِقَاصِ حِصَّةِ الْوَارِثِ الْحَاضِرِ بِالْمَفْقُودِ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ مَمَاتِهِ الرُّبْعُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ عَائِلَةً لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ثُمَّ بِالْعَوْلِ صَارَ ثُلُثُهَا رُبْعًا وَصَارَ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ رُبْعًا وَثُمُنًا كَمَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لِلْأُخْتِ) أَيْ رُبْعٌ وَثُمُنٌ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ بِنْتَيْنِ) هَذَا مِثَالٌ لِصُورَةِ مَا يُحْجَبُ فِيهِ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ بِالْمَفْقُودِ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ الشِّرْكَةِ]

هُوَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ فِي الْمَعْرُوف أَوْ رَدِّ الشِّرْكَةِ عَقِبَ الْمَفْقُودِ لِتَنَاسُبِهِمَا بِوَجْهَيْنِ كَوْنُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّ مَالَ الْمَفْقُودِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْحَاضِرِ وَكَوْنُ الِاشْتِرَاكِ قَدْ يَتَحَقَّقُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ وَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَالْمَفْقُودُ حَيٌّ وَهَذِهِ عَامَّةٌ فِيهِمَا وَفِي الْآبِقِ وَاللُّقَطَةُ وَاللَّقِيطُ عَلَى اعْتِبَارِ وُجُودِ مَالٍ مَعَ اللَّقِيطِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمَفْقُودَ عَلَيْهِمَا وَأَوْلَاهُ الْإِبَاقُ لِشُمُولِ عَرَضِيَّةِ الْهَلَاكِ كُلًّا مِنْ نَفْسِ الْمَفْقُودِ وَالْآبِقِ وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ تَخَيَّلَ أَنَّ عَرْضِيَّةَ الْهَلَاكِ لِلْمَالِ فَقَالَ لِأَنَّ الْمَالَ عَلَى عَرْضِيَّةِ التَّوَى وَحَاصِلُ مَحَاسِنِ الشَّرِكَةِ يَرْجِعُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالشِّرْكَةُ لُغَةً خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا وَمَا قِيلَ إنَّهُ اخْتِلَاطُ النَّصِيبَيْنِ تَسَاهُلٌ فَإِنَّ الشِّرْكَةَ اسْمُ الْمَصْدَرِ وَالْمَصْدَرُ الشِّرْكُ مَصْدَرُ شَرِكْت الرَّجُلَ أَشَرَكُهُ شِرْكًا فَظَهَرَ أَنَّهَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ وَفِعْلُهُ الْخَلْطُ وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ فَصِفَةٌ لِلْمَالِ ثَبَتَتْ عَنْ فِعْلِهِمَا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ مِنْ الْمَالِ وَلَا يُظَنُّ أَنَّ اسْمَهُ الِاشْتِرَاكُ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِعْلُهُمَا أَيْضًا مَصْدَرُ اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ افْتِعَالٌ مِنْ الشِّرْكَةِ وَيُعَدَّى إلَى الْمَالِ بِحَرْفِ فِي فَيُقَالُ اشْتَرَكَا فِي الْمَالِ أَيْ حَقَّقَا الْخَلْطَ فِيهِ فَالْمَالُ مُشْتَرَكٌ فِيهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ اشْتِرَاكُهُمَا أَيْ خَلْطُهُمَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ مِنْ الْآخَرِ) ثُمَّ يُطْلَقُ اسْمُ الشِّرْكَةِ عَلَى عَقْدِ الشِّرْكَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اخْتِلَاطُ النَّصِيبَيْنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لَهُ ثُمَّ رُكْنُ شِرْكَةِ الْمِلْكِ اجْتِمَاعُ النَّصِيبَيْنِ وَحُكْمُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ

ص: 312

بِالتَّحْرِيكِ حِبَالَةُ الصَّائِدِ لِأَنَّ فِيهِ اخْتِلَاطَ بَعْضِ حَبْلِهِ بِالْبَعْضِ ثُمَّ يُطْلَقُ اسْمُ الشِّرْكَةِ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّرْكَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ شِرْكَةِ مِلْكٍ وَشِرْكَةِ عَقْدٍ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي أَثْنَاءِ الْبَحْثِ قَالَ رحمه الله (شِرْكَةُ الْمِلْكِ أَنْ يَمْلِكَ اثْنَانِ عَيْنًا إرْثًا أَوْ شِرَاءً) وَكَذَا اسْتِيلَاءً أَوْ اتِّهَابًا أَوْ وَوَصِيَّةً أَوْ اخْتِلَاطُ مَالٍ بِغَيْرِ صُنْعٍ أَوْ بِصُنْعِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَوْ يَعْسُرُ كَالْجِنْسِ بِالْجِنْسِ أَوْ الْمَائِعِ بِالْمَائِعِ أَوْ خَلْطُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الشِّرْكَةِ كَانَ وَاقِعًا فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام كَالشِّرْكَةِ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْغَنَائِمِ وَنَحْوِهِمَا

قَالَ رحمه الله (وَكُلٌّ أَجْنَبِيٌّ فِي قِسْطِ صَاحِبِهِ) أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ لِوِلَايَتِهِ عَلَى مَالِهِ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي صُورَةِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ خَلْطَ الشَّيْءِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ اسْتِهْلَاكٌ وَهُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَخْلُوطِ إلَى الْخَالِطِ لَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَدِّي فَإِذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ فَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ الزَّوَالِ مِنْ وَجْهٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةَ زَوَالِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى شَرِيكِهِ فِي حَقِّ الْبَيْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إلَّا بِرِضَا شَرِيكِهِ وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهُ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الزَّوَالِ فَيُطْلِقُ لَهُ التَّصَرُّفَ وَلِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى حِيَالِهِ لِأَنَّ كُلَّ حَبَّةٍ مُشَارٍ إلَيْهَا لَيْسَتْ بِمُشْتَرَكَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ مَانِعٌ مِنْ الْجَوَازِ بِخِلَافِ غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكَةِ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ فَيَجُوزُ

قَالَ رحمه الله (وَشِرْكَةُ الْعَقْدِ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا وَيَقْبَلُ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِرُكْنِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِأَنْ يَقُولَ شَارَكْتُك فِي بَزٍّ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَقْدَ الشِّرْكَةِ مِمَّا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ لِيَقَعَ مَا يُحَصِّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُحَصِّلُ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِشَرِيكِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهِ فَيَكُونُ مَا يَكْسِبُهُ لَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ ثُمَّ شِرْكَةُ الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ شِرْكَةٍ بِالْمَالِ وَشِرْكَةٍ بِالْأَعْمَالِ وَشِرْكَةٍ بِالْوُجُوهِ وَكُلُّ قِسْمٍ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ مُفَاوَضَةٍ وَعَنَانٍ فَصَارَتْ سِتَّةَ أَقْسَامٍ وَعَقْدُ الشِّرْكَةِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام بُعِثَ وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ وَرُوِيَ أَنَّ «السَّائِبَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُنْت شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكُنْتَ خَيْرَ شَرِيكٍ لَا تُدَارِينِي وَلَا تُمَارِينِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ «وَقَالَ عليه الصلاة والسلام إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ «زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ» فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ شِرْكَةَ الْعَقْدِ مَشْرُوعَةٌ

قَالَ رحمه الله (وَهِيَ مُفَاوَضَةٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً وَكَفَالَةً وَتَسَاوَيَا مَالًا وَتَصَرُّفًا وَدَيْنًا)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

كَالْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَرُكْنُ شِرْكَةِ الْعُقُودِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَارَكْتُك فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولَ الْآخَرُ قَبِلْت وَحُكْمُهَا الشِّرْكَةُ فِي الرِّبْحِ ثُمَّ شِرْكَةُ الْأَمْلَاكِ عَلَى ضَرْبَيْنِ جَبْرِيٌّ وَاخْتِيَارِيٌّ فَالْأَوَّلُ فِي الْعَيْنِ يَرِثُهَا رَجُلَانِ وَالثَّانِي فِي الْعَيْنِ يَشْتَرِيَانِهَا أَوْ تُوهَبُ لَهُمَا أَوْ تُوصَى لَهُمَا فَقَبِلَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ حِبَالَةُ الصَّائِدِ) حِبَالَةُ الصَّائِدِ بِالْكَسْرِ. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا اسْتِيلَاءٌ إلَخْ) مِثْلُ مَا إذَا اسْتَوْلَيَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ اتِّهَابًا) أَيْ قَبِلَا عَيْنًا وُهِبَتْ لَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتِلَاطُ مَالٍ بِغَيْرِ صُنْعٍ) أَيْ كَمَا إذَا شُقَّ الْكِيسَانِ فَاخْتَلَطَ مَا فِيهِمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ خَلْطَ الشَّيْءِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ) أَيْ مِثْلُ خَلْطِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ الزَّوَالِ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ لِوُجُودِ الْخَلْطِ غَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ لِانْعِدَامِ صِفَةِ التَّعَدِّي عَنْ الْخَلْطِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ شِرْكَةِ الْعُقُودِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِمَّا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مِمَّا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ مَا نَصُّهُ لِأَنَّ عَقْدَ الشِّرْكَةِ يَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشِّرْكَةِ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ بِالتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ مِنْ طَرِيقِ النُّطْقِ أَوْ الْحُكْمِ وَلَمْ تُوجَدْ الْوِلَايَةُ وَالنُّطْقُ لَهُ بِالتَّوْكِيلِ فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِتَحَقُّقِ الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الشِّرْكَةِ وَهُوَ الرِّبْحُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالِاحْتِشَاشُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَالِاصْطِيَادِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ مُفَاوَضَةٌ إلَخْ) وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا تَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أَعْرِفُ مَا الْمُفَاوَضَةُ وَقَالَ فِي الْمُخْتَلَفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَدْرِي مَا الْمُفَاوَضَةُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ انْفِرَادِهِ لَا يَجُوزُ فَبِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ عِنْدَ انْضِمَامِهِمَا بَيَانُهَا أَنَّهَا تَضَمَّنَتْ الْوَكَالَةَ وَالْكَفَالَةَ، وَالْوَكَالَةُ بِمَجْهُولِ الْجِنْسِ لَا تَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِالشِّرَاءِ أَوْ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَالْكَفَالَةُ بِمَجْهُولٍ لَا تَصِحُّ أَيْضًا بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِمَجْهُولٍ لِمَعْلُومٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ كَقَوْلِهِ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ وَهُنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِمَجْهُولِ الْجِنْسِ وَالْكَفَالَةُ بِمَجْهُولٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ وَلِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ شَرْطُهَا الْمُسَاوَاةُ عِنْدَكُمْ وَاعْتِبَارُهَا لَا يُمْكِنُ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ لَهُ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ فِي مَتَاعِ الْأَهْلِيِّ أَوْ ثِيَابِ الْبَدَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُ

ص: 313

أَيْ شِرْكَةُ الْعَقْدِ تَكُونُ مُفَاوَضَةً بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تُنْبِئُ عَنْ الْمُسَاوَاةِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْهَا قَالَ الشَّاعِرُ

لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ

وَلَا سَرَاةً إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا

وَالْمُسَاوَاةُ تَكُونُ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ وَقِيلَ الْمُفَاوَضَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ التَّفْوِيضِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُفَوِّضُ أَمْرَ الشِّرْكَةِ إلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلِهَذَا كَانَتْ عَامَّةً فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ بِالنَّصِّ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقْتَضِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ شَرَائِطَهَا فَيُشْتَرَطُ النَّصُّ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مُقْتَضَاهَا لِتَكُونَ مَعْلُومَةً ظَاهِرَةً وَإِنَّمَا شُرِطَتْ الْوَكَالَةُ فِيهَا لِيَتَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الشِّرْكَةُ فِي الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ إلَّا بِالْوَكَالَةِ مِنْهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ الْوَكَالَةُ بِالْمَجْهُولِ لَا تَجُوزُ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الشِّرْكَةُ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ بِمَجْهُولِ الْجِنْسِ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّوْكِيلُ بِالْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ قَصْدًا.

وَيَصِحُّ ضِمْنًا حَتَّى صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ مَعَ الْجَهَالَةِ لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ فَكَذَا هَذَا وَأَقْرَبُ مِنْهُ شِرْكَةُ الْعِنَانِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْوَكَالَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَضَمُّنِ عَقْدِ الشِّرْكَةِ الْوَكَالَةَ لِمَا ذَكَرْنَا أَوْ نَقُولُ الْجَهَالَةُ تُفْسِدُ الْعَقْدَ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا لِذَاتِهَا وَهُنَا لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَتَجُوزُ.

وَقَوْلُهُ إنْ تَضَمَّنَتْ الْوَكَالَةَ لَيْسَ فِيهِ فَائِدَةٌ تَمْتَازُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكَةِ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدِ شِرْكَةٍ يَتَضَمَّنُهَا وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْمُفَاوَضَةِ وَشُرِطَتْ الْكَفَالَةُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الشِّرْكَةِ لِتَثْبُتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَكَيْفَ جَازَتْ هُنَا مَعَ جَهَالَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي التَّكْفِيلِ مَقْصُودًا وَأَمَّا إذَا دَخَلَ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ آخَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَكَالَةِ مَعَ الْجَهَالَةِ أَوْ نَقُولُ جَوَّزْنَاهُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَهُ يُنْبِئُ عَنْ التَّسَاوِي وَالْمُرَادُ بِهِ التَّسَاوِي فِي مَالٍ تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ كَالنُّقُودِ وَلَا يَضُرُّهَا التَّفَاضُلُ فِي الْعُرُوضِ وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي التَّصَرُّفِ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ شَرْطٌ فِيهَا وَهِيَ تَفُوتُ عِنْدَ فَوَاتِ الْمُسَاوَاةِ فِي التَّصَرُّفِ كَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ أَوْ الْبَالِغِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ يَمْلِكُهُ بِنَفْسِهِ وَهُمَا لَا يَمْلِكَانِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَالْمَوْلَى وَلِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ التَّكْفِيلَ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا ابْتِدَاءً وَهُوَ شَرْطٌ فِيهَا وَاشْتَرَطَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّصَرُّفِ فَإِنَّ الْكَافِرَ إذَا اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَا يَقْدِرُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَبِيعَهُ وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى بَيْعِ جَمِيعِ مَا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا لَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَذَا الْمُسْلِمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِمَا كَمَا يَقْدِرُ الْكَافِرُ عَلَيْهِ فَفَاتَ الشَّرْطُ وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْمُفَاوَضَةِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا رَوَى أَصْحَابُنَا فِي عَامَّةِ كُتُبِهِمْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «فَاوِضُوا فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» .

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَقَدْ رُوِيَ جَوَازُ شِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ تَعَامَلُوا هَذِهِ الشِّرْكَةَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِهَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاةِ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّا نَشْتَرِطُ الْمُسَاوَاةَ فِي مَالِ التِّجَارَةِ لَا غَيْرُ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ فِيهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ مَعَ حَذْفٍ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّاعِرُ) هُوَ الْأَفْوَهُ الْأَوْدِيُّ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الشِّعْرِ لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ) أَيْ لَا تَصْلُحُ أُمُورُ النَّاسِ حَالَ كَوْنِهِمْ مُتَسَاوِينَ لَا أَشْرَافَ لَهُمْ يَأْمُرُونَهُمْ وَيَنْهَوْنَهُمْ وَالسَّرَاةُ جَمْعُ سَرَى وَبَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ

إذَا تَوَلَّى سَرَاةُ النَّاسِ أَمْرُهُمْ

نَمَا عَلَى ذَاكَ أَمْرُ الْقَوْمِ وَازْدَادُوا

اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِيمَا بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا) أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ هَلْ يَلْزَمُ الْآخَرُ فِيهِ اخْتِلَافٌ يَجِيءُ. اهـ. دِرَايَةٌ قَوْلُهُ يَجِيءُ أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُكْرَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ رحمه الله فِي مُخْتَصَرِهِ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ تَكُونَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِتِجَارَةٍ دُونَ شَرِيكِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا مِنْ حُقُوقِ مَا يَتْجُرَانِ فِيهِ لَازِمًا لِلْآخَرِ وَمَا يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ لِلْآخَرِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا وَجَبَ لِصَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَفِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفِيلِ عَنْهُ وَيَتَسَاوَيَانِ مَعَ ذَلِكَ فِي رُءُوسِ الْأَمْوَالِ فِي قَدْرِهَا وَقِيمَتِهَا فَإِنْ تَفَاوَتَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مُفَاوَضَةً وَكَانَتْ عِنَانًا وَيَتَسَاوَيَانِ أَيْضًا فِي الرِّبْحِ لَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ خَاصٌّ فِي يَدِهِ أَوْ مُودِعٌ لَهُ مِمَّا بَيَّنْت لَك أَنَّ الشِّرْكَةَ تَجُوزُ فِيهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي الشِّرْكَةِ فَسَدَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَكَذَلِكَ إنْ صَارَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَفْسُدُ وَتَصِيرُ شِرْكَةَ عِنَانٍ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ رحمه الله وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ دَرَاهِمُ أَحَدِهِمَا بِيضٌ وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ سُودٌ جَازَتْ الْمُفَاوَضَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهَا فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ فِي الصَّرْفِ فَلَا تَجُوزُ شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ لِمَا عُرِفَ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِينَارٍ جَازَتْ إنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ تَنْعَقِدُ الشِّرْكَةُ عِنَانًا اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَالنُّقُودِ) أَمَّا فِيمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالدُّيُونِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَالذَّخِيرَةِ. اهـ. مِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَقْدِرُ الْكَافِرُ عَلَيْهِ) وَفِي الْإِيضَاحِ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ مَعَ الْمُرْتَدِّ فَلَا تَجُوزُ الشِّرْكَةُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِمْ

ص: 314

بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْكَفَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِزِيَادَةِ تَصَرُّفٍ يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَهْتَدِي إلَى الْجَائِزِ مِنْ الْعُقُودِ وَنَظِيرُهُ أَنَّهَا تَجُوزُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي بَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَشِرَائِهِ وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّاهُ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الْحَنَفِيَّ وَالشَّافِعِيَّ لَمْ يَتَفَاضَلَا فِي التِّجَارَةِ وَضَمَانِهَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ شِرَاءَ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ جَائِزٌ لَهُمَا وَفِي زَعْمِ الْحَنَفِيِّ جَائِزٌ لَهُمَا فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي التَّصَرُّفِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى اعْتِقَادِهِمَا وَكَذَا الْمُحَاجَّةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي مِلْكِ التَّصَرُّفِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْبَالِغِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ مِلْكُ التَّصَرُّفِ وَالْكَفَالَةِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْعِنَانِ كَانَ عِنَانًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ إذْ هُوَ أَخَصُّ فَإِذَا بَطَلَ الْأَخَصُّ تَعَيَّنَ لَهُ الْأَعَمُّ قَالَ رحمه الله (فَلَا تَصِحُّ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ رحمه الله (وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلٌّ يَقَعُ مُشْتَرَكًا لِإِطْعَامِ أَهْلِهِ وَكِسْوَتِهِمْ) أَيْ مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ لِلشِّرْكَةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ صَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فَكَانَ شِرَاؤُهُ كَشِرَائِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الْمُشْتَرَى وَالْكِسْوَةُ الْمُشْتَرَاةُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ عُقُودِ التِّجَارَةِ فَكَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُ الشِّرْكَةِ إلَّا أَنَّا اسْتَثْنَيْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَ شَارَكَ صَاحِبَهُ كَانَ عَالِمًا بِحَاجَتِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ عِيَالِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِهِ إلَّا بِالشِّرَاءِ فَكَانَ مُسْتَثْنًى بِهَذَا الْمَعْنَى لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ تَصَرُّفِهِ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً وَهُوَ كَالْمَنْطُوقِ وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلرُّكُوبِ لِحَاجَتِهِ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الْإِدَامُ وَالْجَارِيَةُ الَّتِي يَطَؤُهَا لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ رحمه الله (وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَغَصْبٍ وَكَفَالَةٍ لَزِمَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ كَفِيلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ وَلَهُ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرٍ أَوْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَفِي الْغَصْبِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَيُلْحَقُ بِهِ الْمُسْتَهْلَكُ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرُهُ هُوَ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ فَصَارَ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلِهَذَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ مِنْ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَهَذَا لِأَنَّ شَرْطَ لُزُومِهِ غَيْرَ الْعَاقِدِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مُشْتَرَكًا حَتَّى يَجِبَ بَدَلُ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يَصِحُّ فِيهَا الِاشْتِرَاكُ فَكَذَا بَدَلُ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَتَاقِ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ صَاحِبَهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِهِ تَتَحَقَّقُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ لِأَنَّ هَذِهِ الدُّيُونَ بَدَلٌ عَمَّا لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا الْمُبَاشِرُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَلْتَزِمْ عَنْ صَاحِبِهِ بِالْعَقْدِ إلَّا دُيُونَ التِّجَارَةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَلَمْ تَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ إنْ أَدَّى الْعَاقِدُ ثَمَنَ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ أَدَّى غَيْرُ الْعَاقِدِ مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْكُلِّ وَإِنْ أَدَّى مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا رَجَعَ بِحِسَابِهِ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ صَاحِبِهِ أَوْ قَضَى عَنْهُ صَاحِبُهُ بِأَمْرِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَا فِي الْأَصْلِ، قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ أَنَّهَا تَجُوزُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي بَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَشِرَائِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ حَلَالًا بِخِلَافِ الْحَنَفِيِّ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ مَعَ الْمَجُوسِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ) أَيْ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ عِنَانًا) أَيْ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْعِنَانِ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ أَحَدَهُمَا لَا عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْآخِرَ كَالْأَرْشِ وَالْمَهْرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ) أَيْ وَتَبَرُّعُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا مِنْ شِرْكَتِهِمَا أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ خَاصَّةً لَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً) وَبَيَانُ كَوْنِهَا مُعَاوَضَةً أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ وَإِذَا أَدَّى عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ فَلَمَّا كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي حَالِ الْبَقَاءِ كَانَتْ فِي مَعْنَى ضَمَانِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ لُزُومَ الْكَفَالَةِ عَلَى صَاحِبِهِ يُلَاقِي حَالَةَ الْبَقَاءِ فَلَزِمَتْ صَاحِبَهُ وَلِأَجْلِ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فِي حَالِ الْبَقَاءِ صَحَّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِيهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ إنْشَائِهَا فِيهِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَصَارَتْ الْكَفَالَةُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَلَيْسَتْ هِيَ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ) قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا لِأَهْلِهِ أَوْ كِسْوَةً لَهُمْ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ ضَمِنَ نِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ لِأَنَّهُ فَضْلُ مَا لِشَرِيكِهِ وَالْفَضْلُ فِي الْمَالِ يُبْطِلُ الْمُفَاوَضَةَ. اهـ.

ص: 315

قَالَ رحمه الله (وَتَبْطُلُ إنْ وُهِبَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ وَرِثَ مَا تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ) أَيْ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ إذَا وَرِثَ أَحَدُهُمَا أَوْ وَهَبَ لَهُ مَا تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ وَوَصَلَ إلَى يَدِهِ وَهُوَ النَّقْدَانِ لِفَوَاتِ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا يُصْلِحُ رَأْسَ الْمَالِ إذْ الْمُسَاوَاةُ فِيهَا شَرْطٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَقَدْ فَاتَ إذْ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَتَنْقَلِبُ عِنَانًا لِلْإِمْكَانِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ

قَالَ رحمه الله (لَا الْعَرَضُ) أَيْ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ بِهِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ لَا يَقَعُ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً وَهَذَا لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ لَا تَبْطُلُ بِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْمَالِ إلَّا فِي مَالٍ يَصِحُّ عَقْدُ الشِّرْكَةِ فِيهِ ابْتِدَاءً كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ وَمَا لَا فَلَا وَلَوْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا وَهُوَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ لَا تَبْطُلُ حَتَّى يَقْبِضَ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِ فَإِذَا قَبَضَ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَالٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْمُفَاوَضَةِ فَيَمْنَعُ الْبَقَاءَ لِأَنَّ لِبَقَاءِ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ وَالْمُفَاوَضَةُ مِنْهَا

قَالَ رحمه الله (وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَعِنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالتِّبْرِ وَالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ) وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ فِي الْعُرُوضِ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي رَأْسِ مَالٍ مَعْلُومٍ كَالنُّقُودِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ مَعَ الْمُنَافِي وَهُوَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَلَنَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَتَفَاضَلَ الثَّمَنَانِ فَمَا يَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي مَالِ صَاحِبِهِ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَمَا لَمْ يَمْلِكْ بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمَا وَثَمَنُهُ فِي ذِمَّتِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِسَابِهِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ فَكَانَ رِبْحُ مَا يَضْمَنُ وَلِأَنَّ أَوَّلَ التَّصَرُّفِ فِي الْعُرُوضِ الْبَيْعُ وَفِي النُّقُودِ الشِّرَاءُ وَبَيْعُ الْإِنْسَانِ مَالَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي بَيْعِ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ بَعْضُ رِبْحِهِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَمِينٌ.

فَإِذَا شُرِطَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ كَانَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَالْفُلُوسُ إذَا كَانَتْ تَرُوجُ فَهِيَ أَثْمَانٌ فَأَخَذَتْ حُكْمَ النَّقْدَيْنِ وَقِيلَ هَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالنُّقُودِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهَا وَلَا الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّ رَوَاجَهَا عَارِضٌ بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ فَكَانَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَتَصِيرُ عَرَضًا فَلَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالٍ فِي الشِّرْكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَأْسِ الْمَالِ بِالْعَدَدِ بَعْدَ الْكَسَادِ وَلَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْحِرْزِ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَقِيلَ أَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَالْأَقْيَسُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ الْفُلُوسَ تَتَعَيَّنُ بِالْقَصْدِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى جَازَ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَبْطُلُ إنْ وَهَبَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ وَرِثَ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اسْتَفَادَ أَحَدُهُمَا مَالًا بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مِمَّا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشِّرْكَةِ لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشِّرْكَةِ لَمْ تَبْطُلْ أَيْضًا حَتَّى يَصِلَ إلَى يَدِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عِنَانًا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَوَصَلَ إلَى يَدِهِ) أَغْفَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا فَهُوَ لَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ وَكَذَا الْعَقَارُ اهـ أَيْ الْعَقَارُ حُكْمُهُ فِي الْإِرْثِ حُكْمُ الْعَرَضِ لَا تَفْسُدُ بِهِ الْمُفَاوَضَةُ ذَكَرَ هَذَا تَفْرِيعًا لِمَسْأَلَةِ الْقُدُورِيِّ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَإِنْ وَرِثَ عَرَضًا أَوْ دُيُونًا لَمْ تَبْطُلْ مَا لَمْ يَقْبِضْ الدُّيُونَ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ رَأْسُ الْمَالِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ حَالَةَ الْبَقَاءِ وَقَالَ فِي الْعُيُونِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إذَا وَرِثَ أَحَدُهُمَا مَالًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ لِلَّذِي وَرِثَهُ اهـ أَتْقَانِيٌّ رحمه الله

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَعِنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى تَجُوزُ الشِّرْكَةُ بِالْعُرُوضِ وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ شَرْطُ جَوَازِ شِرْكَةِ الْعِنَانِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَالْمَالُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِشَرْطِ الشِّرْكَةِ بَلْ الشَّرْطُ وَقْتَ الشِّرَاءِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ أَخْرِجْ مِثْلَهَا وَاشْتَرِ وَبِعْ فَمَا رَبِحْت فَهُوَ بَيْنَنَا فَفَعَلَ صَحَّتْ الشِّرْكَةُ لِقِيَامِ الشِّرْكَةِ عِنْدَ الْمَقْصُودِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَمْ تَجُزْ بِالْعُرُوضِ وَنَحْوِهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْمُضَارِبِ بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ) أَيْ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَنَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذَا لِأَنَّهَا لَوْ جَازَتْ فِي الْعُرُوضِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا عَرَضَهُ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَالْآخَرُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَاشْتَرَكَا فِي الرِّبْحِ يَأْخُذُ الَّذِي بَاعَ عَرَضَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ مِنْ رِبْحِ مَالِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رِبْحَ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَمَا لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ مَا يَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَأْسِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ طِيبِ الرِّبْحِ وَهُوَ وُجُوبُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْإِنْسَانِ مَالَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْ عَرَضَك عَلَى أَنَّ ثَمَنَهُ بَيْنَنَا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرِ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِكِ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيْته بَيْنَنَا أَوْ اشْتَرِ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِي عَلَى أَنَّ مَا اُشْتُرِيَ بَيْنَنَا جَازَ ذَلِكَ فَلِهَذَا افْتَرَقَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفُلُوسُ إذَا كَانَتْ تَرُوجُ فَهِيَ أَثْمَانٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِفُلُوسٍ مُعَيَّنَةٍ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَدْفَعَ غَيْرَهَا اهـ مُشْكِلَاتُ خُوَاهَرْ زَادَهْ

ص: 316

بِأَعْيَانِهِمَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْفُلُوسِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ بِاصْطِلَاحِ الْكُلِّ فَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَصْطَلِحْ عَلَى ضِدِّهِ وَأَمَّا التِّبْرُ وَهُوَ مَا كَانَ غَيْرَ مَضْرُوبٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَجَعَلَهُ فِي شِرْكَةِ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فَلَمْ يَصْلُحْ رَأْسَ مَالِ الشِّرْكَةِ وَالْمُضَارَبَةَ وَجَعَلَهُ فِي صَرْفِ الْأَصْلِ كَالْأَثْمَانِ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ثَمَنٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَنِيَّةَ تَخْتَصُّ بِضَرْبٍ مَخْصُوصٍ لِأَنَّهُ بَعْدَ الضَّرْبِ لَا يُصْرَفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ غَالِبًا وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْعُرْفُ فَكُلُّ مَوْضِعٍ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ فَهُوَ ثَمَنٌ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْعُرُوضِ فِي حُكْمِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِ جَوَازِ الشِّرْكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ بِهِ.

وَأَمَّا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَفَاوِتُ فَلَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهَا قَبْلَ الْخَلْطِ وَإِنْ خَلَطَاهُ بِجِنْسِهِ فَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ بَيْنَهُمَا شِرْكَةَ مِلْكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ شِرْكَةُ عَقْدٍ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الرِّبْحِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْتَحِقُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا وَيَبْطُلُ شَرْطُ التَّفَاوُتِ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَصِحَّ الشِّرَاءُ بِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ عَرْضٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَتَعَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ عَرَضٌ لَمْ تَصِحَّ الشِّرْكَةُ فِيهِ قَبْلَ الْخَلْطِ وَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ ثَمَنٌ يَجُوزُ بَعْدَهُ رِعَايَةً لِلشَّبَهَيْنِ وَتَوْفِيرًا لِحَظِّهِمَا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا يُصْلِحُ رَأْسَ الْمَالِ فِي الشِّرْكَةِ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بَيْنَ الْخَلْطِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَانِعَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ تَعَيُّنُهُ بِالتَّعْيِينِ فَصَارَ كَمَا إذَا خَلَطَاهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ إذَا خَلَطَ الْجِنْسَ بِجِنْسِهِ يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ حَتَّى يَضْمَنَ مُتْلِفُهُ مِثْلَهُ وَإِنْ خَلَطَهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ حَتَّى يَضْمَنَ مُتْلِفُهُ قِيمَتَهُ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا قَبْلَ الْخَلْطِ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ بَاعَ كُلٌّ نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ الْآخَرِ وَعَقَدَ الشِّرْكَةَ صَحَّ) أَيْ لَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ مِنْ الْعُرُوضِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَعَقَدَا عَقْدَ الشِّرْكَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ جَازَتْ الشِّرْكَةُ وَصَارَتْ شِرْكَةَ عَقْدٍ وَهَذَا لِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ صَارَ شِرْكَةَ مِلْكٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ ثُمَّ بِالْعَقْدِ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ شِرْكَةَ عَقْدٍ فَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ لِمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ فِي الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ نِصْفُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمَالَيْنِ رِبْحَ مَا يَضْمَنُ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبِيعَا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ بَيْعِ نِصْفِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَفَاوِتَةً فَيَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتُ بِهِ الشِّرْكَةُ كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ عَرَضِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ عَرَضِ الْآخَرِ مِائَةً بِبَيْعِ صَاحِبِ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرَضِهِ بِخُمُسِ عَرَضِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا وَهَذَا الْحَمْلُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا حَتَّى يَصِيرَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَا الْعَكْسُ جَائِزٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً فَبَاعَاهُ عَلَى التَّفَاوُتِ بِأَنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رُبْعَ مَالِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَالِ الْآخَرِ حَتَّى يَكُونَ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ بَاعَ نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ قَصْدًا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ شَرْطُهَا التَّسَاوِي بِخِلَافِ الْعِنَانِ وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ عَرَضِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ عَقَدَ الشِّرْكَةَ فِي الْعَرَضِ الَّذِي بَاعَهُ جَازَ أَيْضًا

قَالَ رحمه الله (وَعِنَانٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً فَقَطْ) أَيْ هِيَ عِنَانٌ إنْ تَضَمَّنَتْ الْوَكَالَةَ وَحْدَهَا وَلَمْ تَتَضَمَّنْ الْكَفَالَةَ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فِي نَوْعِ بَزٍّ أَوْ طَعَامٍ أَوْ فِي عُمُومِ التِّجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَفَالَةَ وَالْعِنَانُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَنَّ لَهُ كَذَا أَيْ عَرَضَ لَهُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ

فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ

عَذَارَى دُوَّارٌ فِي مُلَاءٍ مُذَيَّلِ

أَيْ عَرَضَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ عَنَّ لَهُ بِمَعْنَى ظَهَرَ لَهُ فَكَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْبَعْضِ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ الْعِنَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ رَاكِبَ الدَّابَّةِ يُمْسِكُ الْعِنَانَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَيَعْمَلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعِنَانٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَهِيَ مُفَاوَضَةٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً وَكَفَالَةً وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ عِنَانٌ مَا نَصُّهُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ عَرَضَ لَهُ فِي هَذَا الْقَدْرِ لَا عَلَى الْعُمُومِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 317

بِالْأُخْرَى فَكَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَجْعَلُ عَنَانَ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْمَالِ إلَى صَاحِبِهِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهما لَمْ يُجِيزَا هَذَا الِاسْمَ عَلَى هَذِهِ الشِّرْكَةِ وَقَالَا هَذِهِ كَلِمَةٌ تَطَرَّقَ بِهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ لِيُمْكِنَهُمْ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الشِّرْكَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَهَذَا خَطَأٌ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ النَّابِغَةُ

وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي تُقَاهَا

وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ

وَإِنَّمَا تَضَمَّنَتْ الْوَكَالَةَ لِيَحْصُلَ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الشِّرْكَةُ فِيمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَضَمُّنِهِ الْكَفَالَةَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْمُسَاوَاةِ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ

قَالَ رحمه الله (وَتَصِحُّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ دُونَ الْمَالِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَشْتَرِطَا الْأَكْثَرَ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهِمَا عَمَلًا وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله يَسْتَحِقَّانِ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَا خِلَافَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ عَلَى خِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ فَكَذَا الرِّبْحُ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» وَلِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ بِالْمَالِ وَالْعَمَلِ وَالضَّمَانِ وَقَدْ وُجِدَ الْعَمَلُ هُنَا فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ بِهِ كَالْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ وَالْأُسْتَاذُ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ بِالضَّمَانِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمَالِ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَسَّتْ إلَى اشْتِرَاطِ التَّفَاضُلِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ أَهْدَى وَأَحْذَقَ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يَرْضَى بِالْمُسَاوَاةِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُهُمْ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ جَمِيعِ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الشِّرْكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إلَى الْقَرْضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ وَبِخِلَافِ الْوَضِيعَةِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ تُنَافِيهِ كَالْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ مِنْ الرِّبْحِ بِعَمَلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ مِثْلَ عَمَلِ شَرِيكِهِ أَوْ أَكْثَرَ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْمَلُ بِمَالِ غَيْرِهِ وَيُشْبِهُ الشِّرْكَةَ مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ وَوُجُودُ الْعَمَلِ وَالْمَالِ مِنْهُمَا فَقُلْنَا جَازَ اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ اعْتِبَارًا بِالْمُضَارَبَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالشِّرْكَةِ يُحَقِّقُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْمَلُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ وَفِي مَالِ نَفْسِهِ وَعَمَلُهُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِيهِ كَالْمُضَارَبَةِ قَالَ رحمه الله (وَبِبَعْضِ الْمَالِ) أَيْ يَجُوزُ بِبَعْضِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَيْهِ وَالْمُسَاوَاةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ

قَالَ رحمه الله (وَبِخِلَافِ الْجِنْسِ) أَيْ تَجُوزُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وَمِنْ جِهَةِ الْآخَرِ دَنَانِيرَ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَرْعُ الْمَالِ وَلَا تُتَصَوَّرُ الشِّرْكَةُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الشِّرْكَةِ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِلَا خَلْطٍ وَالْجِنْسَانِ لَا يَخْتَلِطَانِ فَيَكُونُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَازًا عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلَا اشْتِرَاكَ مَعَ الِامْتِيَازِ وَلَفْظُ الشِّرْكَةِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِلَاطِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَنَا أَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدُ تَوْكِيلٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِيَشْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْخَلْطِ وَالرِّبْحُ يُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ كَمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْعَقْدُ شِرْكَةً وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْعَقْدِ حَتَّى جَازَ شِرْكَةُ الْوُجُوهِ وَالتَّقَبُّلُ لَا إلَى الْمَالِ لِأَنَّ تِلْكَ لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِالْعَقْدِ فَإِذَا كَانَتْ مُسْتَنِدَةً إلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَقٌّ مِنْ الِاعْتِرَاضِ يُقَالُ عَنَّ لَهُ أَيْ اعْتَرَضَ لَهُ وَهَذَا لَا يُنْبِئُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَصِحُّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَيَتَفَاضَلَا فِي الرِّبْحِ قَالَ الْكَمَالُ وَعَكْسُهُ بِأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ وَيَتَفَاضَلَا فِي الْمَالِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا) أَيْ إذَا شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ زِيَادَةُ رِبْحٍ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ جَازَ لِأَنَّ الْعَمَلَ مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ أَصْلُ الرِّبْحِ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ اشْتَرَطَا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ رِبْحِ مَالِهِ جَازَ أَيْضًا وَيَكُونُ مَالُ صَاحِبِهِ فِي يَدِهِ كَالْبِضَاعَةِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ وَإِنْ شَرَطَا الْفَضْلَ لِمَنْ لَا يَعْمَلُ لَا يَجُوزُ وَلَهُ مِثْلُ رِبْحِهِ خَاصَّةً. اهـ. شَرْحُ تَكْمِلَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ فَإِنَّ الْمَالَ إذَا كَانَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحُ أَثْلَاثًا فَصَاحِبُ الزِّيَادَةِ يَسْتَحِقُّهَا بِلَا ضَمَانٍ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَنَا مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» وَلَمْ يُعَرِّفْ الْحَدِيثَ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ يَنْسُبُهُ إلَى عَلِيٍّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُضَارَبَةُ إلَى الْقَرْضِ) أَيْ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْعَامِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ الْبِضَاعَةُ) أَيْ بِاشْتِرَاطِهِ لِرَبِّ الْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُضَارَبَةَ) أَيْ عَقْدُ شِرْكَةِ الْعِنَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ الشِّرْكَةَ) أَيْ شِرْكَةَ الْمُفَاوَضَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ) لَهُمَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مَالَانِ لَا يَخْتَلِطَانِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمَا الشِّرْكَةُ قِيَاسًا عَلَى الدَّرَاهِمِ مَعَ الْعُرُوضِ وَلَنَا أَنَّهُمَا مَالَانِ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ فَتَنْعَقِدُ بِهِمَا الشِّرْكَةُ كَمَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ عَلَى وَضِيعَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ مَعَ الْعُرُوضِ لِأَنَّ أَحَدَ الْبَدَلَيْنِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ وَلِأَنَّ أَوَّلَ هَذَا الْعَقْدِ تَوْكِيلٌ فِي التَّصَرُّفِ وَآخِرُهُ اشْتِرَاكٌ فِي الرِّبْحِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ الِاتِّحَادُ فِي الْمَالِ وَلَا الْخَلْطُ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ فَلَوْ قَالَ زُفَرُ إنَّ الشِّرْكَةَ فِي الْجِنْسَيْنِ تُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ يُسْتَوْفَى بِالْقِيمَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَلَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ كَالْعُرُوضِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ الْجَهَالَةَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ مَالِهِ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ قِيمَةٍ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 318

الْعَقْدِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الْخَلْطُ وَالْمُسَاوَاةُ وَالِاتِّحَادُ وَقِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ عِنْدَهُمْ كَالْعُرُوضِ وَعِنْدَنَا لَا

قَالَ رحمه الله (وَعَدَمُ خَلْطٍ) أَيْ تَجُوزُ هَذِهِ الشِّرْكَةُ مَعَ عَدَمِ الْخَلْطِ بَيْنَ الْمَالَيْنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا وَالْخِلَافُ فِيهِ قَالَ رحمه الله (وَطُولِبَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَقَطْ) أَيْ طُولِبَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ بِالثَّمَنِ هُنَا وَلَا يُطَالَبُ الْآخَرُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ لِأَنَّ الْعِنَانَ تَقْتَضِي الْوَكَالَةَ دُونَ الْكَفَالَةِ وَالْمُبَاشِرُ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحُقُوقِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ قَالَ رحمه الله (وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ وَإِنْ نَقَدَ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا لِلشِّرْكَةِ وَهَلَكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقَّ الرُّجُوعِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ

قَالَ رحمه الله (وَتَبْطُلُ بِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) لِأَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ فَيَكُونُ لِبَقَائِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَلِأَنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ فِيهَا كَمَا فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَكَانَتْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَالِهِ إنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُ بَعْدَ الْخَلْطِ بَقِيَ الْبَاقِي عَلَى الشِّرْكَةِ وَإِنْ هَلَكَ كُلُّهُ تَبْطُلُ الشِّرْكَةُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ حَيْثُ لَا يَبْطُلَانِ بِهَلَاكِ النُّقُودِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الشِّرَاءِ تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ وَالْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ لَا بِالْعَقْدِ

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَهَلَكَ مَالُ الْآخَرِ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا) يَعْنِي عَلَى مَا شَرَطَا لِأَنَّ الشِّرْكَةَ كَانَتْ قَائِمَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ فَوَقَعَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَعَيَّنُ بِهَلَاكِ مَالِ الْآخَرِ ثُمَّ الشِّرْكَةُ شِرْكَةُ مِلْكٍ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَلَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ شِرْكَةَ الْعَقْدِ بَطَلَتْ بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ شِرْكَةُ عَقْدٍ حَتَّى يَجُوزَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَ وَقَعَ وَقَعَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شِرْكَةَ عَقْدٍ فَلَا تَبْطُلُ بِالْهَلَاكِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا بِمَالِهِمَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالَانِ قَبْلَ النَّقْدِ قَالَ رحمه الله (وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَقَدْ قَضَى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ لِعَدَمِ الرِّضَا بِدُونِ ضَمَانِهِ هَذَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بَعْدَ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ بِمَالِهِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَا صَرَّحَا بِالْوَكَالَةِ فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ فَالْمُشْتَرَى مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا لِأَنَّ عَقْدَ الشِّرْكَةِ إنْ بَطَلَ بِالْهَلَاكِ فَالْوَكَالَةُ الْمُصَرَّحُ بِهَا بَاقِيَةٌ فَكَانَ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ ذَكَرَا مُجَرَّدَ الشِّرْكَةِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ الْوَكَالَةَ فَالْمُشْتَرَى يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً لِأَنَّ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الَّتِي هِيَ فِي ضِمْنِ الشِّرْكَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ الشِّرْكَةُ فَيَبْطُلُ مَا فِي ضِمْنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَرَّحَا بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْصُودَةً وَأَطْلَقَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَفِي بَعْضِهَا أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَصَّا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَيْهَا

قَالَ رحمه الله (وَتَفْسُدُ إنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً مِنْ الرِّبْحِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوجِبُ انْقِطَاعَ الشِّرْكَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِنَانَ تَقْتَضِي الْوَكَالَةَ) أَيْ فَلَمَّا كَانَ انْعِقَادُهَا عَلَى الْوَكَالَةِ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاقِعًا لِنَفْسِهِ فِي الْبَعْضِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِشَرِيكِهِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ وَالْعَاقِدُ فِي الشِّرَاءِ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْحُقُوقِ فَلِهَذَا تُوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ أَدَاءَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ إلَّا بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَالْوَكِيلُ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ عَلَى مَالِ الْمُوَكِّلِ فَكَذَا هُنَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَبْطُلُ بِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ بُطْلَانُ الشِّرْكَةِ عِنْدَ هَلَاكِ الْمَالَيْنِ ظَاهِرٌ وَكَذَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ قَبْلَ وُجُودِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ لَمَّا بَطَلَتْ فِي الْهَالِكِ بَطَلَتْ فِيمَا يُقَابِلُهُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَرْضَ بِمُشَارَكَتِهِ فِي مَالِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَنْ يُشْرِكَهُ هُوَ فِي مَالِهِ أَيْضًا وَقَدْ عُدِمَ هَذَا الشَّرْطُ بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فَبَطَلَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْمَالَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ الْهَالِكُ يُعْتَبَرُ هَالِكًا مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِنِصْفِ الْهَالِكِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْلَكْ عَلَى الشِّرْكَةِ حَيْثُ بَطَلَتْ الشِّرْكَةُ بِهَلَاكِ الْمَالِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَكَذَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْخَلْطِ لِأَنَّهُ يَهْلَكُ عَلَى الشِّرْكَةِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ الْمُفْرَدَةُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الشِّرْكَةِ وَفِي ضِمْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ فَإِنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ فِيهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهَلَكَ مَالُ الْآخَرِ) أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ شِرْكَةَ الْعَقْدِ بَطَلَتْ بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ) أَيْ وَإِنَّمَا بَقِيَ مَا هُوَ حُكْمُ الشِّرَاءِ وَهُوَ الْمِلْكُ. اهـ. (قَوْلُهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَا صَرَّحَا بِالْوَكَالَةِ فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ) أَيْ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ أَثْلَاثًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْمُشْتَرِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ) أَيْ وَيَكُونُ شِرْكَةَ مِلْكٍ. اهـ. هِدَايَةٌ قَوْلُهُ وَيَكُونُ شِرْكَةَ مِلْكٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ بِالْوَكَالَةِ وَالْوَكِيلُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمُشْتَرِي بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَكَذَا هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ الْوَكَالَةَ) أَيْ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ أَثْلَاثًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 319

فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ فَلَعَلَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا الْقَدْرَ الْمُسَمَّى لِأَحَدِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ وَنَظِيرُهُ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهَا

قَالَ رحمه الله (وَلِكُلٍّ مِنْ شَرِيكِي الْعِنَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ أَنْ يُبْضِعَ) لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَتْجُرَ فِيهِ فَبِغَيْرِ الْأَجْرِ أَوْلَى لِأَنَّهُ دُونَهُ لِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ فِيهِ قَالَ رحمه الله (وَيَسْتَأْجِرُ) أَيْ لِيَتْجُرَ فِيهِ أَوْ لِيَحْفَظَ الْمَالَ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ الْكُلِّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِدُ لَهُ بُدًّا مِنْهُ قَالَ رحمه الله (وَيُودِعُ) لِأَنَّهُ إقَامَةُ الْحَافِظِ فِي الْمَالِ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْفِظَ بِأَجْرٍ فَبِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْلَى قَالَ رحمه الله (وَيُضَارِبُ) لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُضَارِبِ يَصِيرُ الْمُضَارِبُ مُودِعًا وَبِالتَّصَرُّفِ وَكِيلًا وَبِالرِّبْحِ أَجِيرًا وَالشِّرْكَةُ فِيهِ ضَرُورِيَّةٌ تُثْبِتُ ضَرُورَةَ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ مِنْ الرِّبْحِ مُشَاعًا فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَكَذَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَلِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْ الْعَمَلِ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ هَذَا أَوْلَى وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوْعُ شِرْكَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَتْجُرَ فِيهِ بَلْ أَوْلَى عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ وَالْمُضَارَبَةُ دُونَ الشِّرْكَةِ فَتَتَضَمَّنُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا دُونَهَا أَنَّ الْمُضَارِبَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَضِيعَةِ وَأَنَّهُ إذَا فَسَدَتْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَاتِبَ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ أَطْلَقَ لَهُمَا الِاكْتِسَابَ وَهَذَا مِنْ بَابِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا الْبَيْعُ وَهَذَا دُونَهُ إذْ لَا يَخْرُجُ فِي الْإِذْنِ مِنْ مِلْكِهِ أَصْلًا وَفِي الْكِتَابَةِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَهُوَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ اسْتِتْبَاعِ الْمِثْلِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَا يُمْنَعُ وَالْمُكَاتَبُ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ مُتَصَرِّفٌ لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ قَالَ رحمه الله (وَيُوَكِّلُ) لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ وَهُوَ دُونَ الشِّرْكَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحْفَظُ الْمَالَ وَمَنْ يَتْجُرُ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ يُوَكِّلَ لِأَنَّهُ دُونَ الِاسْتِئْجَارِ

قَالَ رحمه الله (وَيَدُهُ فِي الْمَالِ أَمَانَةٌ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَالْوَثِيقَةِ فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ قَالَ رحمه الله (وَتَقَبُّلٍ إنْ اشْتَرَكَ خَيَّاطَانِ أَوْ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ وَيَكُونَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) أَيْ شِرْكَةُ الْعَقْدِ تَقَبُّلٌ أَيْ شِرْكَةُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَلَعَلَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا الْقَدْرَ الْمُسَمَّى لِأَحَدِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الشِّرْكَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا الِاشْتِرَاكُ فِي الرِّبْحِ لَا اخْتِصَاصُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَقَلَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْمُضَارَبَةِ الشَّرِكَاتُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَإِذَا شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحُ عَشْرَةٍ أَوْ فِي الشِّرْكَةِ تَبْطُلُ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ بَلْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَنْتَفِي بِهِ الشِّرْكَةُ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ اشْتَرَطَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ لَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِأَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ نِصْفَيْنِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ يَعْنِي الشَّرْطُ فَاسِدٌ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَالْأَمَانَةُ لَا تُضْمَنُ بِالشَّرْطِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَقْدُ جَائِزٌ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ لَا يَلْزَمُ فِي عَقْدٍ جَائِزٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ وَالْفَسَادُ مَا تَعَدَّى إلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَا فَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا لِمَا عُرِفَ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا لِأَنَّ هَلَاكَ الْأَمَانَةِ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ إلَى هُنَا لَفْظُ الشَّامِلِ اهـ أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُودِعُ) أَيْ مَالَ الشِّرْكَةِ لِأَنَّ عَادَةَ التُّجَّارِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَرَتْ كَذَلِكَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ فِي الْقِيَاسِ فَإِنْ فَعَلَ فَأَعَارَ دَابَّةً فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْمُسْتَعِيرِ فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ الْمُعِيرَ ضَامِنٌ لِنِصْفِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ لِشَرِيكِهِ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا أَضْمَنَهُ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَكَذَا لَوْ أَعَارَ ثَوْبًا أَوْ دَارًا أَوْ خَادِمًا إلَى هُنَا لَفْظُ الْحَاكِمِ رحمه الله. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوْعُ شِرْكَةٍ) أَيْ وَلَيْسَ لِشَرِيكِ الْعِنَانِ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ الثَّانِيَةَ مِثْلُ الْأُولَى فَلَا تَكُونُ مِنْ أَحْكَامِهَا وَأَتْبَاعِهَا فَكَذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ إذَا نَصَّ عَلَيْهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُوَكِّلُ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى عَادَةِ التُّجَّارِ وَفِي عَادَتِهِمْ تَوْكِيلُ الشَّرِيكِ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ فَجَازَ ذَلِكَ أَوْ نَقُولُ الْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ الشِّرْكَةِ التِّجَارَةُ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ رُبَّمَا لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ لِلتِّجَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْكِيلِ فَيَثْبُتُ التَّوْكِيلُ فِي ضِمْنِ التِّجَارَةِ تَبَعًا لَهَا بِدَلَالَةِ الْحَالِ فَصَارَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَرَ صَاحِبَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ لِأَنَّهُ عَقْدٌ خَاصٌّ ثَبَتَ مَقْصُودُ التَّحْصِيلِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ جِنْسُهُ وَصِفَتُهُ فَلَمْ يَثْبُتْ فِي ضِمْنِهِ تَبَعًا مَا هُوَ مِثْلُهُ قَالَ الْكَرْخِيُّ رحمه الله فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ إذَا رَهَنَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَتَاعًا مِنْ الشِّرْكَةِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ وَلَوْ ارْتَهَنَ بِدَيْنٍ لَهُمَا أَدَانَاهُ وَقَبَضَ لَمْ يَجُزْ عَلَى شَرِيكِهِ مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ أَنْ يَرْتَهِنَ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ ذَهَبَ بِحِصَّتِهِ وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَيَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ الْمُرْتَهِنَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ هَلَاكَ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِيفَاءِ اهـ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَدُهُ فِي الْمَالِ) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ وَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ يَدُهُ يَدُ الْأَمَانَةِ حَتَّى إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ هَلَكَ بِلَا ضَمَانٍ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْقَابِضَ عَلَى سَوْم الشِّرَاءِ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْوَثِيقَةُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 320

تَقَبُّلٍ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَتُسَمَّى شِرْكَةَ الصَّنَائِعِ وَشِرْكَةَ الْأَعْمَالِ وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زُفَرَ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ فِي الرِّبْحِ تَبْتَنِي عَلَى الشِّرْكَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِمَا وَلَا مَالَ لَهُمَا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ لَهُمَا التَّثْمِيرُ بِدُونِ الْأَصْلِ وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ تَحْصِيلُ الْمَالِ بِالتَّوْكِيلِ وَهَذَا مِمَّا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ فَيَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَاقِدِ فِيهِ شِرْكَةٌ يَجُوزُ فَكَذَا إذَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ شِرْكَةٌ كَالشِّرَاءِ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِالْعَمَلِ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْمَالِ كَالْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ وَقَدْ يَسْتَحِقَّانِهِ بِالْمَالِ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَذَا وَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّاهُ بِالْعَمَلِ فَقَطْ وَيَكُونُ هَذَا عَقْدَ شِرْكَةٍ لَا إجَارَةٍ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَالْمُضَارَبَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ جِنْسِ الْعَمَلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ أَوْ خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمَكَانِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَمَالِكٍ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِلشِّرْكَةِ وَهُوَ إمْكَانُ التَّحْصِيلِ بِالتَّوْكِيلِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِمَا

قَالَ رحمه الله (وَكُلُّ عَمَلٍ يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُمَا) لِأَنَّهُ تَقَبَّلَهُ لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَلِشَرِيكِهِ بِالْوَكَالَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا فَيُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمَلِ وَيُطَالِبَانِ بِالْأَجْرِ وَيَبْرَآنِ بِعَمَلِ أَحَدِهِمَا وَيَبْرَأُ الْمُسْتَعْمِلُ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ إلَى أَحَدِهِمَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَفِي الْعِنَانِ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ وَأَنْ لَا يُطَالِبَ غَيْرَ الْمُتَقَبِّلِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْكَفَالَةِ وَالْكَفَالَةُ تَثْبُتُ بِمُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَمَلَ هُنَا كَالثَّمَنِ فِي الشِّرْكَةِ فِي الْمَالِ فَكَمَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ هُنَاكَ بِالثَّمَنِ فَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ هُنَا بِالْعَمَلِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا قَبْلَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ إلَى مَا بَعْدَهُ لَسَقَطَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ إذْ لَا يُمْكِنُ ضَمَانُ الْعَمَلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَلِهَذَا الْمَعْنَى اسْتَوَى فِي هَذِهِ الشِّرْكَةِ حُكْمُ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ فِي الضَّمَانِ وَهَذَا لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ إمَّا بِالْمَالِ أَوْ بِالْعَمَلِ وَلَا مَالَ لَهُمَا فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ وَلَا وَجْهَ لِضَمَانِ الْعَمَلِ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ

قَالَ رحمه الله (وَكَسْبُ أَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِالتَّقَبُّلِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالضَّمَانِ وَهُوَ لُزُومُ الْعَمَلِ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالْمَالَ أَثْلَاثًا جَازَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى مَا ضَمِنَ مِنْ الْعَمَلِ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزُ كَشِرْكَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَتُسَمَّى شِرْكَةَ الصَّنَائِعِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ شِرْكَةَ الصَّنَائِعِ تُسَمَّى شِرْكَةَ التَّقَبُّلِ وَشِرْكَةَ الْأَعْمَالِ وَشِرْكَةَ الْأَبْدَانِ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْبَدَنِ يَكُونُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَقَدْ تَكُونُ عِنَانًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَمَّا الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا فَهِيَ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ وَأَنْ يَشْتَرِطَا مَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ كَمَا فِي الشِّرْكَةِ بِالْأَمْوَالِ وَأَمَّا الْعِنَانُ فَيَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ أَوْ لَمْ يَكُونَا بَعْدَ أَنْ كَانَا أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ شِرْكَةَ التَّقَبُّلِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الصَّنْعَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَقَصَّارَيْنِ أَوْ خَيَّاطَيْنِ يَشْتَرِكَانِ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ مِنْ النَّاسِ أَوْ قَصَّارٌ وَإِسْكَافٌ.

وَقَالَ زُفَرُ هِيَ جَائِزَةٌ بِشَرْطِ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ وَقَالَ زُفَرُ فِي رِوَايَةٍ لَا تَصِحُّ أَصْلًا وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ عَدَمِ الْجَوَازِ أَنَّ الرِّبْحَ فَرْعُ الْمَالِ وَلَا مَالَ هُنَا وَقَدْ مَرَّ وَلَنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ يَعْقِدُونَ هَذِهِ الشِّرْكَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» . اهـ. (قَوْلُهُ فَكَذَا وَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّاهُ بِالْعَمَلِ فَقَطْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا قَصَّارًا وَالْآخَرُ خَيَّاطًا وَقَعَدَا فِي دُكَّانَيْنِ جَازَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَزُفَرَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُخْتَلِفًا يَعْجِزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ عَمَلِ صَاحِبِهِ الَّذِي يَتَقَبَّلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ صَنْعَتِهِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشِّرْكَةِ وَلَنَا أَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِلشِّرْكَةِ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ بِالتَّوْكِيلِ وَالتَّوْكِيلُ يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ مُبَاشَرَةَ الْعَمَلِ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُتَقَبِّلِ إقَامَةُ الْعَمَلِ بِيَدِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ فَإِذَنْ لَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ إقَامَةِ الْعَمَلِ عَاجِزًا وَكَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ وَعَمِلَ الْآخَرُ يَكُونُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَمَلَهُ كَعَمَلِهِمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إذَا عَمِلَا فَكُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَحِقُّ فَائِدَةَ عَمَلِهِ وَهُوَ كَسْبُهُ وَإِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْعَامِلُ مُعِينًا لِشَرِيكِهِ فِيمَا لَزِمَهُ بِالتَّقَبُّلِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ لَهُ فَكَأَنَّ الشَّرِيكَ اسْتَعَانَ بِأَجْنَبِيٍّ حَتَّى عَمِلَ وَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مُطْلَقُ الْعَمَلِ لَا عَمَلُ الصَّانِعِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْقَصَّارَ إذَا اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ حَتَّى عَمِلَ اسْتَحَقَّ الْقَصَّارُ الْأَجْرَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله قَالُوا جَوَازُ اشْتِرَاطِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ فِي شِرْكَةِ التَّقَبُّلِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ عِنَانًا أَمَّا فِي الْمُفَاوَضَةِ فَلَا يَجُوزُ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ شَرَطَا الْأَكْثَرَ لِأَدْنَاهُمَا عَمَلًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْغَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ حَكَاهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ اهـ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْغَايَةِ إلَخْ عِبَارَةُ الْأَتْقَانِيِّ فِي الْغَايَةِ قُلْت الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لِأَنَّ الرِّبْحَ بِقَدْرِ ضَمَانِ الْعَمَلِ لَا بِحَقِيقَةِ الْعَمَلِ أَلَا تَرَى إلَى مَا نَصَّ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْلَسَ عَلَى دُكَّانِهِ رَجُلًا يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الشِّرْكَةُ لِأَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ وَمِنْ أَحَدِهِمَا الْحَانُوتَ فَتَكُونُ هَذِهِ شِرْكَةً بِالْعُرُوضِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ التَّقَبُّلِ لِأَنَّ تَقَبُّلَ الْعَمَلِ مِنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ عَمَلٌ فَصَارَتْ شِرْكَةً بِالْأَعْمَالِ. اهـ.

ص: 321