المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ مَا سُلِّمَ لَهُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ مَا سُلِّمَ لَهُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ

فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ مَا سُلِّمَ لَهُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَبَطَلَ عَنْهُ حِصَّةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ وَهُوَ الْبِضْعُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ عَنْهُ فَيَكُونُ مُدْرَجًا فِيهِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهُ بَلْ شَرَائِطُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْأَلْفِ الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا أَصَابَ قِيمَتَهَا سَقَطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لِلْمَوْلَى فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَمَا أَصَابَ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ مَهْرًا لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالرَّقَبَةِ وَالْبِضْعِ فَيَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ عِوَضُ مَا سَلَّمَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ جَعْلُ الْعِتْقِ صَدَاقًا لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَنَكَحَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا» قُلْنَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَخْصُوصًا بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَهَا مَهْرُهَا وَإِنْ أَبَى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

{بَابُ التَّدْبِيرِ}

قَالَ رحمه الله (هُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ الْمَوْلَى هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ التَّدْبِيرُ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِتْقِ الْمُوَقَّعِ فِي الْمَمْلُوكِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ الْمُقَيَّدُ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ مَرَضِ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى وَالتَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُمِّ الْوَلَدِ «فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» وَفِي اللُّغَةِ التَّدْبِيرُ هُوَ النَّظَرُ فِيمَا يَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُ وَدَبِرَ الرَّجُلُ إذَا وَلَّى فَكَأَنَّهُ مِنْ دُبُرِ الْحَيَاةِ أَوْ مِنْ التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ دَبَّرَ نَفْسَهُ فِيهِ حَيْثُ اسْتَخْدَمَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ رحمه الله (كَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ أَوْ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَرْتُك) أَيْ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إلَخْ وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِلتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ فَيَصِيرُ بِهِ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَيَوْمٌ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ بِاللَّيْلِ

وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ مُحَرَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ عَادَةً وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ مَوْتِي لِأَنَّ اقْتِرَانَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ مَعَهُ فَكَانَ إثْبَاتًا لِلْعِتْقِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَوْتِ وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي مَوْتِي لِأَنَّ حَرْفَ الظَّرْفِ إذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ يَصِيرُ شَرْطًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ وَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَكَانَ الْمَوْتِ الْوَفَاةَ أَوْ الْهَلَاكَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلَا يَحْتَاجُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ إلَى مَا هُوَ مَالٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ لِأَنَّهُ إدْخَالُ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَإِذَا فَسَدَ وَجَبَ إمَّا عَدَمُ وُقُوعِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَالْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَا عِتْقَ فِيمَا لَمْ يُمْلَكْ وَإِمَّا وُجُوبُ كُلِّ الْقِيمَةِ لِلْمَأْمُورِ إنْ اُعْتُبِرَ قَبْضُهَا نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ قَبْضًا لِلْمَوْلَى وَإِنْ ضَعُفَ فَيُكْتَفَى بِهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ بِالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَبَتْ كُلُّهَا أُجِيبَ بِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَالنِّكَاحُ وَقَعَ مُدْرَجًا فِي الْبَيْعِ ضِمْنَا لَهُ فَلَا يُرَاعَى مِنْ حَيْثُ هُوَ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَفْسُدُ بِهِ وَلَا يَخْفَى إنَّهُ يُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُ فِي كُلِّ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ شَرَائِطُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ) فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ سَقَطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي اهـ

(قَوْلُهُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى فِي الْوَجْهِ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ عَنِّي. اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ مَهْرًا لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ عَنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ. اهـ

[بَابُ التَّدْبِيرِ]

لَمَّا فَرَغَ عَنْ الْعِتْقِ الْوَاقِعِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَتْلُو الْحَيَاةَ وَالتَّدْبِيرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ النَّظَرُ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ وَكَأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا نَظَرَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ عَاقِبَتِهِ أَخْرَجَ عَبْدَهُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ) أَيْ وَهُوَ تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى) وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ تَعْرِيفًا لِلتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ فَقَطْ لَا لِلشَّامِلِ لَهُ وَلِلْمُقَيَّدِ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَبْسُوطِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ الْمُقَيَّدُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ أَفْرَادِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي فِي أَلْفَاظِ الْمُقَيَّدِ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَقَدْ نُقِلَتْ عِبَارَتُهُ بِحُرُوفِهَا فِيمَا سَيَأْتِي

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ وَتَعْرِيفُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَلِبَعْضِ أَفْرَادِ الْمُقَيَّدِ لَا لِكُلِّ أَفْرَادِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ أَوْ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ تَخْفِيفٌ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ يُقَالُ لِآخِرِ الْأَمْرِ دُبُرٌ وَأَصْلُهُ مَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ وَمِنْهُ دَبَّرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ تَدْبِيرًا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ دُبُرٍ أَيْ بَعْدَ دُبُرٍ وَالدُّبُرُ الْفَرْجُ وَالْجَمْعُ أَدْبَارٌ وَوَلَّاهُ دُبُرَهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْهَزِيمَةِ وَأَدْبَرَ إذَا وَلَّى أَيْ صَارَ ذَا دُبُرٍ اهـ

ص: 97

إلَى النِّيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِأَنَّهَا صَرَائِحُ فِيهِ وَتَكُونُ مُطْلَقَةً لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ عَلَى صِفَةٍ فَحَاصِلُهُ أَنَّ أَلْفَاظَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِالتَّدْبِيرِ بِأَنْ يَقُولَ دَبَّرْتُك أَوْ يُضِيفُ الْحُرِّيَّةَ إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي يَصِيرُ مُدَبَّرًا لِلْحَالِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ اسْمٌ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرْآنِ بِالْمَوْتِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِهِ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِرَقَبَتِك أَوْ بِعِتْقِك لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصِيَّةً بِالْعِتْقِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ فَكَانَ مُوصٍ لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي

قَالَ رحمه الله (فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ «رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ «كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ فَقَالَ لَهُ اقْضِ دَيْنَك وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ» وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا يُمْنَعُ جَوَازُ التَّمْلِيكِ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَكَالْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَصِحَّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَيُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَمْنَعُ الْمُوصِيَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَنَا رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ» احْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَدَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ فِي مَلَأِ خَيْرِ الْقُرُونِ وَهُمْ حُضُورٌ مُتَوَافِرُونَ وَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ الْعِتْقِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَهَذَا لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِهَذَا الْكَلَامِ لَا بِكَلَامٍ آخَرَ فَجَعْلُهُ سَبَبًا لِلْحَالِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ سَبَبًا بَعْدَ الْمَوْتِ لِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْحَالِ وَزَوَالِهَا بِهَذَا الْمَوْتِ

وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مَوْجُودَةٌ حُكْمًا بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا قُلْنَا فِي رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِالشَّرْطِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَوْجُودًا حُكْمًا إذَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ حَقِيقَةً وَلَا إمْكَانَ هُنَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ الْفِعْلِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا حَكَمَ الشَّرْعُ بِمَوْتِهِ وَمَتَى حَكَمَ بِمَوْتِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يُحْكَمَ بِحَيَاتِهِ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّنَاقُضِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُنَّ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ بِالْمِلْكِ وَيُمْكِنُ وُجُودُ الشَّرْطِ وَهُوَ أَهْلٌ أَيْضًا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ حُكْمًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ سَبَبًا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ حَالَ زَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ فَكَانَ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَأَخَّرْنَا الْحُكْمَ مَعَ انْعِقَادِ السَّبَبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ إلَّا أَنَّهُ وُجِدَ الْمَانِعُ مِنْ السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ انْعِقَادُهُ يَمِينًا وَالْيَمِينُ تَصَرُّفٌ آخَرُ يَمْنَعُ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ يُعْقَدُ لِلْمَنْعِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ وَالْمَانِعُ مِنْ الشَّرْطِ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ فَيُضَادُّ وُقُوعَ الْجَزَاءِ وَضِدُّ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لَهُ لِأَنَّ أَدْنَى دَرَجَاتِ السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ مُفْضِيًا إلَى الْمُسَبَّبِ فَمَا ظَنُّك إذَا كَانَ مُنَافِيًا لَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا إذَا انْتَقَضَ الْيَمِينُ بِالْحِنْثِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ سَبَبًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَا هُنَا لَمْ يَنْعَقِدْ تَصَرُّفًا آخَرَ فِي الْحَالِ فَبَقِيَ سَبَبًا فِي الْحَالِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهَذَا لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْحُرِّيَّةِ لَا تَقْبَلُ الْإِبْطَالَ فَكَذَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَسَبَبُهَا كَالِاسْتِيلَادِ وَلِأَنَّهُ وَصِيَّةُ إثْبَاتِ الْخِلَافَةِ فِي مِلْكِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَارِثِ فَاعْتُبِرَ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِإِثْبَاتِ الْخِلَافَةِ كَالْقَرَابَةِ وَمَا رَوَاهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَ مَنْفَعَتَهُ بِأَنْ آجَرَهُ وَالْإِجَارَةُ تُسَمَّى بَيْعًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِرَقَبَتِك) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٌ الْأَقْطَعُ رحمه الله فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَقَدْ قَالُوا لَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ إنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَعْتِقْ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّهْمَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّدُسِ

فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ دَخَلَ سُدُسُ رَقَبَتِهِ فِي الْوَصِيَّةِ فَاسْتَحَقَّ عِتْقَ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَكَانَ مُدَبَّرًا وَإِذَا أَوْصَى بِجُزْءٍ فَالْخِيَارُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا ذَلِكَ فِيمَا شَاءُوا فَلَمْ تَتَضَمَّنْ الْوَصِيَّةُ الرَّقَبَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا إلَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ. اهـ. (اعْلَمْ) أَنَّ الْمُدَبَّرَ الْمُقَيَّدَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا الْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَمَذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ كَذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ) وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ إنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا) وَاسْمُهُ يَعْقُوبُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) ابْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِسَبْعِمِائَةٍ أَوْ تِسْعِمِائَةٍ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ) كَدُخُولِ الدَّارِ وَمَجِيءُ رَأْسِ الشَّهْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَصِحَّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) وَسَائِرُ الْوَصَايَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ حَتَّى يَجُوزَ الرُّجُوعُ عَنْهَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَكَذَا هَذِهِ الْوَصِيَّةُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فَكَانَ سَبَبًا فِي الْحَالِ) قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ رحمه الله وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قُبَيْلَ بَابِ عِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِقَوْلِهِ وَفِي الْمُدَبَّرِ يَنْعَقِدُ السَّبَبُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ تَنَاقُضٌ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِذَا مَاتَ فَحِينَئِذٍ يُجْعَلُ سَبَبًا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَ مَنْفَعَتَهُ) يَعْنِي لَا رَقَبَتَهُ تَوْفِيقًا بَيْنَ حَدِيثِنَا وَحَدِيثِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 98

بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ فِيهَا بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ جَابِرٌ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ» ذَكَرَهُ أَبُو الْوَلِيدِ الْمَالِكِيُّ رحمه الله وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَهُ فِي وَقْتٍ كَانَ يُبَاعُ الْحُرُّ بِالدَّيْنِ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «بَاعَ حُرًّا بِدَيْنِهِ» ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ذَكَرَهُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ مَحْضَةٌ بَلْ انْعَقَدَ السَّبَبُ فِيهِ لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ الْمُدَبَّرِ سَيِّدَهُ وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الرُّجُوعَ عَنْهُ بِالْقَوْلِ وَلَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً مَحْضَةً لَبَطَلَ وَلَمَلَكَ الرُّجُوعَ

قَالَ رحمه الله (وَيُسْتَخْدَمُ وَيُؤَجَّرُ وَتُوطَأُ وَتُنْكَحُ) أَيْ يُسْتَخْدَمُ الْمُدَبَّرُ وَيُؤَجَّرُ لِلنَّاسِ وَيَطَأُ الْمَوْلَى الْأَمَةَ الْمُدَبَّرَةَ وَيُزَوِّجُهَا مِنْ إنْسَانٍ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ فِيهِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَبِالْمِلْكِ تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ حَقَّ الْمُدَبَّرِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ حَقَّهُ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْمَالِيَّةِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ وَهُوَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَأُمِّ الْوَلَدِ قَالَ رحمه الله (وَبِمَوْتِهِ يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُنَفَّذُ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ رحمه الله (وَسَعَى فِي ثُلُثَيْهِ لَوْ فَقِيرًا وَكَّلَهُ لَوْ مَدْيُونًا) يَعْنِي سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ الْمَوْلَى فَقِيرًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ وَسَعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَمَحَلُّ نَفَاذِهِ الثُّلُثُ وَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفَهُ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ نَقْضُ الْعِتْقِ فَيَجِبُ نَقْضُهُ مَعْنًى بِرَدِّ قِيمَتِهِ

قَالَ رحمه الله (وَيُبَاعُ لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ إلَى عَشْرِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَهُ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الرُّجُوعَ عَنْهُ بِالْقَوْلِ) وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَصَايَا فَإِنَّهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَلَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُبَاعُ لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَيْ وَمِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ الْعَشْرِ عَتَقَ مُدَبَّرًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ الْعَشْرِ لَا يَعْتِقُ وَمُقْتَضَى الْوَجْهِ كَوْنُهُ لَوْ مَاتَ فِي رَأْسِ السَّنَةِ يَعْتِقُ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَوْلَاهَا تَنَاوَلَ الْكَلَامُ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ تَنْجِيزُ عِتْقِهِ فَيَصِير حُرًّا بَعْدَ السَّنَةِ وَالْعَشْرِ فَيَكُونُ لِلْإِسْقَاطِ اهـ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فِي مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِمَا لَيْسَ بِكَائِنٍ لَا مَحَالَةَ فَرُبَّمَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَفِقْهُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّا إنَّمَا نُوجِبُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ بِالتَّدْبِيرِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى قَصْدِهِ الْقُرْبَةَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ وَهَذَا الْقَصْدُ مِنْهُ يَنْعَدِمُ إذَا عَلَّقَ بِمَوْتِهِ بِصِفَةٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الْقُرْبَةِ لَا يَخْتَلِفُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَلِانْعِدَامِ هَذَا الْقَصْدِ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْقَصْدَ إلَى إيجَابِ الْقُرْبَةِ مُتَحَقِّقٌ هُنَاكَ حِينَ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنْ إنْ مَاتَ كَمَا لَوْ قَالَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ مَعَ انْعِدَامِ الْقَصْدِ إلَى إيجَابِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ قَدْ انْعَدَمَ

فَإِذَا قَالَ أَنْتِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا لِأَنَّ مَوْتَ فُلَانٍ لَيْسَ بِسَبَبِ الْخِلَافَةِ فِي حَقِّ هَذَا الْمَوْلَى وَوُجُوبُ حَقِّ الْعِتْقِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْخِلَافَةِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ فُلَانًا لَوْ مَاتَ وَالْمَوْلَى حَيٌّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا خِلَافَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَذَلِكَ الرَّجُلُ حَيٌّ صَارَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُدَبَّرًا وَتَجْرِي فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ اهـ فَقَوْلُهُ فَإِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا اهـ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي خِزَانَتِهِ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ يَصِيرُ بِهَا الْعَبْدُ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَوْلُهُ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ اهـ وَهُوَ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ مَاتَ فُلَانٌ مِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ وَمَعْنَاهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَاحِدٌ فَلَا رَيْبَ يَكُونُ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّدْبِيرَ الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يُعَلِّقُهُ الْمَوْلَى بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ وَالتَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ هُوَ الَّذِي يُعَلِّقُهُ الْمَوْلَى بِمَوْتِ نَفْسِهِ عَلَى صِفَةٍ كَإِنْ مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا أَوْ مَرَضِي هَذَا أَوْ بِمَوْتِ غَيْرِهِ كَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ أَوْ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ اهـ

قَالَ الْحَدَّادِيُّ رحمه الله فِي الْجَوْهَرَةِ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا اهـ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ أَيْ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ بَلْ هُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ وَقَوْلُهُ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُرِيدُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَهُ وَمُقَيَّدٌ عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي دَلِيلِهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهَذَا كَمَا تَرَى يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا وَلَا يَنْفِي أَصْلَ التَّدْبِيرِ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

قَالَ قَاضِي خَانْ رحمه الله قُبَيْلَ بَابِ الْوَصِيِّ مَا نَصُّهُ وَقِيلَ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا نَحْوُ أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت كَانَ رُجُوعًا وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لَا تَكُونُ وَصِيَّةً وَمِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْفِعْلِ نَحْوُ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْفِعْلِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ لَوْ قَالَ رَجَعْت عَنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ جَازَ بَيْعُهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَمِنْهَا مَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا

ص: 99