المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ

سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَيُعْتَقُ إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ) يَعْنِي إنْ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي إلَخْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ وَيُعْتَقُ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَيْسَ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ فَلَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَإِذَا انْتَفَى مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْعَدَمِ بَقِيَ تَعْلِيقًا كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَلَمْ يَمْنَعْ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُعَلَّقٌ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَإِذَا عَتَقَ بِوُجُودِ الشَّرْطِ عَتَقَ كَمَا يُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ أَعْنِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمَّا صَارَتْ مُتَيَقَّنَةً فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ أَخَذَ حُكْمَ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ لِزَوَالِ التَّرَدُّدِ وَلَوْ وَقَّتَهُ بِمُدَّةٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ إلَيْهَا بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلتَّوْقِيتِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى طُولِ الْمُدَّةِ أَوْ قِصَرِهَا كَمَا فِي التَّوْقِيتِ فِي النِّكَاحِ وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْغَالِبِ لَا يَعِيشُ إلَيْهِ صَارَ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ وَمِنْ الْمُفِيدِ أَنْ يَقُولَ إذَا مِتُّ وَغُسِّلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ وَشَيْءٌ آخَرُ بَعْدَهُ وَإِنْ مَاتَ فَفِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يُعْتَقَ مَا لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ غُسِّلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ انْتَقَلَ إلَى الْوَارِثِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ وَدَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ يُغَسَّلُ عَقِيبَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْوَارِثِ فِيهِ فَصَارَ نَظِيرُ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِخِلَافِ زِيَادَةِ دُخُولِ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ فَيَتَقَرَّرُ مِلْكُ الْوَارِثِ فِيهِ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُول أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ وَمَضَى الشَّهْرُ أَوْ الْيَوْمُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَمْلِكَ بَيْعَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ قُلْنَا احْتِمَالُ مَوْتِهِ قَبْلَ الشَّهْرِ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْيَمِينِ فَصَارَ مُقَيَّدًا فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ وَلِأَنَّ الْمُدَبَّرِ هُوَ الَّذِي يُعْتَقُ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ وَهَذَا يُعْتَقُ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا

وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا مِتُّ أَوْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَعِنْدَ زُفَرَ يَكُونُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ إذَا مَاتَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَّقَهُ بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ فَلَمْ يَكُنْ عَزِيمَةً فِي أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

وَهُوَ طَلَبُ الْوَلَدِ لُغَةً وَفِي الشَّرْعِ طَلَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِلْأَمَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خُرِجَ بِهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَا بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ نَحْوُ أَنْ يُدَبِّرَ عَبْدَهُ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا اهـ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الصِّفَةَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ إنْ مِتّ مِنْ سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَا فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ) أَخَذَهُ مِنْ الِاخْتِيَارِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْغَالِبِ لَا يَعِيشُ إلَيْهِ صَارَ كَالْكَائِنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ مِتّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هَذَا مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ مُدَبَّرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ الْفَقِيهُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ الَّذِي قَالُوا فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ

قَالَ الْحَسَنُ جَازَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَى هُنَا لَفْظُ النَّوَازِلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ رِوَايَةَ الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قُبَيْلَ بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ قَالَ إذَا ذَكَرَا مُدَّةً لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَاخْتَارَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ جَازَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ لِأَنَّهُ يَتَصَوَّرُ أَنْ لَا يَمُوتَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ مُوَقَّتٌ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعِيشَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ اهـ

وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ قَاضِي خَانْ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْيَنَابِيعِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ التَّعْيِينِ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ ذِكْرُ مَا لَا يَعِيشُ إلَيْهِ غَالِبًا تَأْبِيدٌ مَعْنًى وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ إذَا سَمَّيَا مُدَّةً لَا يَعِيشَانِ إلَيْهَا غَالِبًا صَحَّ النِّكَاحُ عِنْدَ الْحَسَنِ لِأَنَّهُ تَأْبِيدٌ مَعْنًى وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَوْقِيتٌ فَلَا يَصِحُّ وَالْمُصَنِّفُ كَالْمُنَاقِضِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ اعْتَبَرَهُ تَوْقِيتًا وَأَبْطَلَ بِهِ النِّكَاحَ وَهُنَا جَعَلَهُ تَأْبِيدًا مُوجِبًا لِلتَّدْبِيرِ اهـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ تَعْتِقُهُ الْوَرَثَةُ اهـ

(قَوْلُهُ قُلْنَا) أَيْ قُلْنَا لَمْ يُوجَدْ تَعْلِيقُهُ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ شَهْرٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَرْطٍ كَائِنٍ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ قِيلَ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ الْعِتْقُ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ وَهُوَ كَانَ صَحِيحًا فَيَعْتِقُ مَنْ وَكَّلَهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ. اهـ. فَتْحٌ

[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

(اعْلَمْ) أَنَّ مُنَاسَبَةَ بَابِ الِاسْتِيلَادِ بِبَابِ التَّدْبِيرِ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقِ فِي الْحَالِ وَحَقِيقَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمَّا كَانَ التَّدْبِيرُ

ص: 100

مِنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ كَالتَّيَمُّمِ وَالْحَجِّ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْقَصْدِ لُغَةً وَقَدْ صَارَ فِي الْعُرْفِ لِقَصْدٍ مَخْصُوصٍ وَنَظِيرُهُ الْبَيْتُ وَالْكَعْبَةُ وَالنَّجْمُ وَالرِّبَا قَالَ رحمه الله (وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ تُمْلَكْ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ مَوْلَاهَا لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «مَنْ وَطِئَ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَعَنْهُ رضي الله عنه «ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا السَّيِّدُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَلِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْمَاءَيْنِ قَدْ اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ تَبْقَى الْجُزْئِيَّةُ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً فَضَعُفَ السَّبَبُ فَأَوْجَبَ حُكْمًا مُؤَجَّلًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَقَاءُ الْجُزْئِيَّةِ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الرِّجَالِ فَكَذَا الْحُرِّيَّةُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ حَتَّى لَوْ مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْد مَا وَلَدَتْ مِنْهُ جَازَ لَهَا بَيْعُهُ وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِهَا وَبِثُبُوتِ عِتْقٍ مُؤَجَّلٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَيُوجِبُ عِتْقُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ

وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهَا مَمْلُوكًا لَهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا أَمْكَنَ تَكْمِيلُهُ إذْ هُوَ فَرْعُ النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ وَقَالَ بِشْرٌ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ شَيْخِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مِنْ بَرْذَعَةَ فَوَصَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَغْدَادَ فَرَأَى بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَوْمًا جَلَسُوا لِلنَّظَرِ وَفِيهِمْ دَاوُد فَسَأَلَهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِتْقَ بِإِيجَابِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِيلَادُ مَصْدَرُ اسْتَوْلَدَ أَيْ طَلَبَ الْوَلَدَ وَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خُصُوصٌ وَهُوَ طَلَبُ وَلَدِ أَمَتِهِ أَيْ اسْتِلْحَاقُهُ أَيْ بَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ هَذَا الِاسْتِلْحَاقِ الثَّابِتَةِ فِي الْأُمِّ اهـ مِنْ شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَالْكَمَالِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَوْلُهُ الِاسْتِيلَادُ قَالَ الْكَمَالُ أَصْلُهُ اسْتَوْلَدَ وَمِثْلُهُ يَجِبُ قَلْبُ وَاوِهِ يَاءً كَمِيعَادٍ وَمِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ فَصَارَا اسْتِيلَادًا وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرُ ثَابِتِ النَّسَبِ وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِي يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ طَلَبُ الْوَلَدِ لُغَةً وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ عَلَى بَعْضِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالنَّجْمِ لَلثُّرَيَّا وَالصَّعِقِ لِخَالِدِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ وَهَذَا فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَنْ أَصَابَتْهُ الصَّاعِقَةُ ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ وَفِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ أُمُّ الْوَلَدِ كُلُّ مَمْلُوكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكٍ لَهَا أَوْ مَالِكٍ لِبَعْضِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ تَابِعٌ لِثَبَاتِ النَّسَبِ فَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ اهـ

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ) قَالَ الْكَمَالُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ عُمَرُ رضي الله عنه فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ اشْتَرَى ابْنَيْ أَمَةٍ مِنْ رَجُلٍ قَدْ أُسْقِطَتْ مِنْهُ فَأَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِرَدِّهَا وَقَالَ أَبَعْدَ مَا اخْتَلَطَتْ لُحُومُكُمْ بِلُحُومِهِنَّ وَدِمَاؤُكُمْ بِدِمَائِهِنَّ. اهـ. (قَوْلُهُ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ) أَيْ بِحَيْثُ يُضَافُ الْوَلَدُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا وَلِهَذَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فَصَارَتْ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ كَأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا وَبِالْعَكْسِ فَلَمَّا كَانَ الْوَلَدُ مُضَافًا إلَى الْوَاطِئِ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أَيْضًا مُضَافَةً إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ وَلَدٍ مُضَافٍ إلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ صَارَ الْوَلَدُ مُعْتِقًا لَهَا بِنَسَبِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

وَأَمَّا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا إخْرَاجُهَا مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَيَجُوزُ إعْتَاقُهَا وَتَدْبِيرُهَا وَكِتَابَتُهَا وَوَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الْكَمَالُ وَإِذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ إلَى الْمَوْتِ إجْمَاعًا وَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى مَجَازِ الْأَوَّلِ فَثَبَتَ فِي الْحَالِ بَعْضُ مُوَاجَبِ الْعِتْقِ مِنْ امْتِنَاعِ تَمْلِيكِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ فِي بَابِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَضَعُفَ السَّبَبُ) أَعْنِي سَبَبَ الْعِتْقِ وَهُوَ الْجُزْئِيَّةُ بَيْنَهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَأَوْجَبَ حُكْمًا مُؤَجَّلًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحُرِّيَّةَ فَلَوْ جَازَ بَيْعُهَا لَبَطَلَ اسْتِحْقَاقُهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَبَقَاءُ الْجُزْئِيَّةِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ الْجُزْئِيَّةُ حُكْمًا بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَكَذَا الْحُرِّيَّةُ) بِالْحَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجُزْئِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ بِالْحَاءِ أَصَحُّ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ كَمَا تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ كَذَلِكَ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِنَّ بَلْ فِي حَقِّهِنَّ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَلَدَ يُقْرِضُ مِنْهُنَّ بِالْمِقْرَاضِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ الْحَاءِ تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَلَا تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الرِّجَالِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْجِيمِ مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ بِالنَّسَبِ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ إذْ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ اهـ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ وَبِثُبُوتِ عِتْقٍ مُؤَجَّلٍ) يَعْنِي قَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا عِتْقٌ مُؤَجَّلٌ وَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ عِتْقِهَا مُؤَجَّلًا أَنْ يَثْبُتَ لَهَا فِي الْحَالِ حَقُّ الْعِتْقِ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَإِخْرَاجُهَا إلَّا إلَى الْحُرِّيَّةِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ ثُبُوتُ الْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ الْبَيْعُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ثُبُوتِ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومِ الْوُقُوعِ ثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِهَا فِي الْحَالِ بَلْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا فِي الْحَالِ لِلْعِتْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ إلَّا حُكْمُ النَّصِّ حَيْثُ صَرَّحَ النَّصُّ بِأَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ لِمَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا عُمَرُ رضي الله عنه. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا أَمْكَنَ تَكْمِيلُهُ) كَمَا فِي الْقِنَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ بِشْرٌ) الَّذِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَاَلَّذِي فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ وَهُمَا شَخْصٌ وَاحِدٌ لَا شَخْصَانِ كَمَا يُظَنُّ وَبِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ خَاصَّةً وَلَهُ تَصَانِيفُ وَرِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَ مُعْتَزِلِيًّا وَرَغَّبَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَذُمُّهُ اهـ

(قَوْلُهُ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ) تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الدَّقَّاقِ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ

ص: 101

حَنَفِيٌّ عَنْ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّ بَيْعَهَا كَانَ جَائِزًا قَبْلَ الْعُلُوقِ بِالْإِجْمَاعِ فَنَحْنُ عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْيَقِينِ لَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ فَتَحَيَّرَ الْحَنَفِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُوجِبُ الْيَقِينَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهَا بَعْدَ الْعُلُوقِ فَإِنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا حُرًّا فَنَحْنُ عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ فَتَحَيَّرَ دَاوُد وَانْقَطَعَ فَلَمَّا رَأَى وَهَنَهُ وَوَهَنَ أَصْحَابِهِ فِي الْفِقْهِ تَرَكَ الْخُرُوجَ إلَى الْحَجِّ وَجَلَسَ لِلتَّدْرِيسِ فَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ دَاوُد عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَمِعَ لَيْلَةً مُنَادِيًا يَقُولُ {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [الرعد: 17] فَمَا لَبِثَ سَاعَةً أَنْ قَرَعَ إنْسَانٌ بَابَهُ وَأَخْبَرَهُ بِمَوْتِ دَاوُد فَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ

قَالَ رحمه الله (وَتُوطَأُ وَتُسْتَخْدَمُ وَتُؤَجَّرُ وَتُزَوَّجُ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَوِلَايَةُ هَذَا التَّصَرُّفِ تُسْتَفَادُ بِهِ فَصَارَتْ كَالْمُدَبَّرِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْعَقْدِ فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِالْوَطْءِ وَأَنَّهُ أَقْوَى إفْضَاءً أَوْلَى وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَلَدِ وَهُوَ سُقُوطُ تَقَوُّمِهَا أَوْ نُقْصَانُ قِيمَتِهَا أَوْ الِاسْتِنْقَاصُ بِأَوْلَادِ الْأَمَةِ عَادَةً أَوْ خَسَاسَةُ الْمَحَلِّ فَإِنَّ النُّفُوسَ الْأَبِيَّةَ تَسْتَنْكِفُ عَنْ وَطْئِهِنَّ فَضْلًا عَنْ طَلَبِ الْوَلَدِ مِنْهُنَّ وَإِنَّمَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ لِبَعْضِ النَّاسِ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ

وَالْقِيَاسُ عَلَى النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ التَّوَالُدُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا لِوُجُودِ الْفِرَاشِ الْقَوِيِّ وَلِهَذَا لَا يَنْفَرِدُ بِالْعَزْلِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ عِنْدَهُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اشْتِرَاطِهِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ لَهُ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَحَمَلَتْ فَقَالَ لَيْسَ مِنِّي إنِّي أَتَيْتهَا إتْيَانًا لَا أُرِيدُ بِهِ الْوَلَدَ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ جَارِيَتِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَسْوَدَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقَالَ مِمَّنْ هُوَ فَقَالَتْ مِنْ رَاعِي الْإِبِلِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بَعْد مَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَمْ يَثْبُتْ قَالَ رحمه الله (فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ بِلَا دَعْوَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ الْأَوَّلِ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْوَلَدَ الْأَوَّلَ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَصَارَتْ كَالْمَنْكُوحَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى أَوْ مَاتَ عَنْهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ هَذَا إذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ

أَمَّا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ أُمِّهَا وَنَحْوِهِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالدَّعْوَةِ لِانْقِطَاعِ الْفِرَاشِ قَالَ رحمه الله (وَانْتَفَى بِنَفْيِهِ) أَيْ انْتَفَى نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَا اعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ حَتَّى يَمْلِكَ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأَكُّدِ الْفِرَاشِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ فَقَالَ إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَكَذَا بَعْدَ التَّطَاوُلِ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ دَلِيلُ الْإِقْرَارِ مِنْ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِالْإِقْرَارِ وَمُدَّةُ التَّطَاوُلِ مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ اللِّعَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ وَلَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ وَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ لِأَنَّ فِرَاشَهَا قَدْ تَأَكَّدَ بِالْحُرِّيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ وَلَزِمَ لِمَا قُلْنَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِنَسَبِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ فِي الْحُكْمِ لِمَا ذَكَرْنَا

وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَحَصَّنَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ التَّحْصِينِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي طَبَقَاتِهِ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ الْبَرْذَعِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي آخِرِهَا الْعَيْنُ نِسْبَةٌ إلَى بَرْذَعَةَ قَرْيَةٌ بِأَقْصَى أَذْرَبِيجَانَ كَذَا قَيَّدَهُ السَّمْعَانِيُّ وَالذَّهَبِيُّ وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُعْجِمُ الذَّالَ نِسْبَةٌ إلَى أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ تَقَدَّمَ قُلْت وَالْبَرْذَعِيُّ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ نِسْبَةٌ إلَى بَرْذعَةِ الدَّابَّةِ وَهِيَ نِسْبَةُ الْحَسَنِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا. اهـ.

(قَوْلُهُ فَنَحْنُ عَلَى هَذَا حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ دَاوُد) وَكَانَ لَهُ أَنْ يُجِيبَ وَيَقُولُ الزَّوَالُ كَانَ بِمَانِعٍ عَرَضَ وَهُوَ قِيَامُ الْوَلَدِ الْحُرِّ فِي بَطْنِهَا وَزَالَ بِانْفِصَالِهِ فَعَادَ مَا كَانَ فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ قَالَهُ الْكَمَالُ رحمه الله

(قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ إلَخْ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَهَذَا الِاسْتِبْرَاءُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَاسْتِبْرَاءِ الْبَائِعِ وَلَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْوَلَدُ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ عَنْ طَلَبِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا يَسْقُطُ عَنْهَا التَّقَوُّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَنْتَقِصُ قِيمَتُهَا عِنْدَهُمَا فَلِمَا كَانَ وَطْءُ الْأَمَةِ مُحْتَمَلًا لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ دَلِيلًا عَلَى الْفِرَاشِ فَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ لِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْيَمِينِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ سُقُوطُ تَقَوُّمِهَا) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ

(قَوْلُهُ أَوْ نُقْصَانُ قِيمَتِهَا) أَيْ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْقِنِّ لِزَوَالِ مَنْفَعَةِ السِّعَايَةِ وَالْبَيْعِ وَبَقَاءِ مَنْفَعَةِ الْوَطْءِ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ بِلَا دَعْوَةٍ) أَيْ اعْتِرَافٍ مِنْهُ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى الْوِلَادَةَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ جَازَ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ لَا يَكُونَ وَلَدُهَا مِنْ الزِّنَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ التَّحْصِينِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّحْصِينِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَعَنْ مَظَانِّ الرِّيبَةِ وَالْعَزْلُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يَنْزِلُ فِي مَوْضِعِ

ص: 102

وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حِفْظِهَا عَمَّا يُوجِبُ رِيبَةَ الزِّنَا وَعِنْدَ عَدَمِ الْعَزْلِ وَقَدْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ وَاجِبٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُحَصِّنْهَا أَوْ عَزَلَ عَنْهَا فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَفْيُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الزِّنَا يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ الْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَهُ عَزَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يَعْزِلْ حَصَّنَهَا أَوْ لَمْ يُحَصِّنْهَا حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ عَقِيبَ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَفِي الْإِيضَاحِ ذُكِرَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ بِلَفْظِ الِاسْتِحْبَابِ وَفِي الْمَبْسُوطِ بِلَفْظِ الْوُجُوبِ

وَعَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الْوَلَدَ وَيَسْتَمْتِعَ بِالْأُمِّ ثُمَّ يَعْتِقَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ نَسَبِ وَلَدٍ لَيْسَ مِنْهُ لَا يَحِلُّ شَرْعًا فَيُحْتَاطُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ قَالَ رحمه الله (وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَلَمْ تَسَعْ لِغَرِيمٍ) أَيْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ لِغَرِيمٍ وَلَا لِوَارِثٍ لِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ لِمَا أَنَّ قِوَامَهُ بِالنَّسْلِ مَعْنًى كَمَا أَنَّ قِوَامَهُ بِالْأَكْلِ حَقِيقَةً وَحَاجَتُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ كَحَاجَتِهِ إلَى التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تَتَقَوَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يَتَقَوَّمُ كَالْقِصَاصِ حَتَّى إذَا قُتِلَ الْمَدِينُ وَوَجَبَ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ أَوْ قُتِلَ لَهُ وَلِيٌّ وَوَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ ثُمَّ مَاتَ الْمَدِينُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلهُ أَوْ قَتَلَ هُوَ رَجُلًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِلَ أَوْ يَعْفُوا عَنْهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا الْغَرِيمَ وَإِنْ أَدَّى إلَى بُطْلَانِ حَقِّهِمْ فِي هَذَا كُلِّهِ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا) وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا تَكُونُ مُكَاتَبَةً فَلَا تُؤَدِّي السِّعَايَةُ إلَى الْأَضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله تُعْتَقُ لِلْحَالِ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا وَهَذَا خِلَافٌ فِيمَا إذَا عَرَضَ عَلَى الْمَوْلَى الْإِسْلَامَ فَأَبَى لَهُ أَنْ فِي اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا ذُلًّا وَإِزَالَةُ ذُلِّ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَذَلِكَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْأَوَّلُ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي وَلَنَا أَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَدِهِ وَتُعَدُّ إزَالَةُ مِلْكِ الذِّمِّيِّ مَجَّانًا لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحْتَرَمٌ فَيَخْرُجُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ كَمَا فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَهَذَا لِأَنَّ الذُّلَّ فِي الِاسْتِخْدَامِ قَهْرًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَذَا يَزُولُ بِالِاسْتِسْعَاءِ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ يَدِهِ وَتَكُونُ حُرَّةً يَدًا أَوْ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهَا وَنَفْسِهَا، وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الذِّمِّيِّ وَاجِبٌ أَيْضًا فَلَوْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ بِبَدَلٍ فِي ذِمَّةِ مُفْلِسِهِ وَالْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ كَالتَّاوِي بَلْ هُوَ تَاوٍ لِأَنَّهَا تَتَوَانَى وَلَا تَنْشَطُ عَلَى الِاكْتِسَابِ بَعْدَ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُعْتَقْ لِأَنَّهَا تَنْشَطُ وَتَجْهَدُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ لِتَنَالَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ ضَرَرًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِلَا بَدَلٍ وَلَا يُقَالُ هِيَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ لِأَنَّا نَقُولُ وُجُوبُ السِّعَايَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَوُّمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُتَقَوَّمُ وَمَعَ هَذَا لَوْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالًا لِلتَّعَذُّرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهَا تَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ وَكِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ جَائِزَةٌ لِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ مَالِيَّتَهَا فَيُتْرَكُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ بِلَا سِعَايَةٍ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ عَجَزَتْ لَا تُرَدُّ إلَى مَا كَانَتْ لِأَنَّهَا لَوْ رُدَّتْ لَأُعِيدَتْ مُكَاتَبَةً لِقِيَامِ الْمُوجِبِ مَا لَمْ يُسْلِمْ مَوْلَاهَا وَالْمُدَبَّرُ فِي هَذَا كَأُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْمُجَامَعَةِ

أَمَّا إذَا وَطِئَهَا وَعَزَلَ أَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ لَكِنْ لَمْ يُحَصِّنْهَا جَازَ لِلْمَوْلَى نَفْيُ الْوَلَدِ لِتَعَارُضِ الظَّاهِرَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَالْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الزِّنَا فَوَقَعَ الشَّكُّ وَالِاحْتِمَالُ فِي كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ الْمَوْلَى فَلَمْ تَلْزَمْهُ الدَّعْوَةُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الْوَلَدَ) يَعْنِي لِئَلَّا يَسْتَرِقَهُ بِالشَّكِّ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ لِغَرِيمٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَدْيُونًا مُسْتَغْرِقًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا لِوَارِثٍ لِمَا رَوَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» . اهـ. (قَوْلُهُ كَالْقِصَاصِ) يَعْنِي إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَدْيُونٌ فَلَيْسَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ أَخْذُ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِدَيْنِهِمْ لِاسْتِيفَاءِ دُيُونِهِمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا) قَالَ الرَّازِيّ وَهَذِهِ السِّعَايَةُ إنَّمَا تَجِبُ نَظَرًا إلَى اعْتِقَادِ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ مَالٌ عِنْدَهُ كَالْخَمْرِ اهـ وَهِيَ أَيْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لَا تَعْتِقُ حَتَّى تُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ. اهـ. هِدَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ وَقَالَ زُفَرُ تَعْتِقُ لِلْحَالِ أَيْ لِحَالِ إبَاءِ مَوْلَاهَا الْإِسْلَامَ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا تُطَالَبُ بِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ إنْ أَسْلَمَ عِنْدَ الْعَرْضِ فَهِيَ عَلَى حَالِهَا بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا مَا نَصُّهُ وَهِيَ ثُلُثَا قِيمَتِهَا قِنَّةً اهـ

(قَوْلُهُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا عَرَضَ عَلَى الْمَوْلَى الْإِسْلَامَ) فَإِنْ أَسْلَمَ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ) الَّذِي فِي الْكَافِي وَتَبِعَهُ فِيهِ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ وَذَا بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِعْتَاقِ وَعَدَلَ الشَّارِحُ عَنْ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ إلَى الْعِتْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَدِهِ) يَعْنِي بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ) جَوَابُ قَوْلِهِ فَلَوْ قُلْنَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِلَا بَدَلٍ) فَلِهَذَا لَا تَعْتِقُ مَا لَمْ تُؤَدِّ السِّعَايَةَ وَهَذَا إشْكَالٌ لَهُمَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَقَوُّمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ وَجَبَتْ السِّعَايَةُ وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُزَالُ بِلَا بَدَلٍ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ فِيهَا الْمَالِيَّةَ وَالتَّقَوُّمَ وَيُحْرِزُهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ يَبِعْهَا وَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ فِي حَقِّهِمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ كَمَا فِي مَالِيَّةِ الْخَمْرِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَقَدْ احْتَبَسَ عِنْدَهُمَا لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا عِنْدَ الِاحْتِبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ ثُمَّ إذَا احْتَبَسَ نَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ. اهـ. كَافِي

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ مَالِيَّتَهَا) أَيْ حَتَّى يَعْتَقِدَ جَوَازَ بَيْعِهَا. اهـ.

ص: 103

مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَمَلَكَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ يَمِينٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَنَا وَلَهُ فِيهَا قَوْلَانِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» شَرَطَ لِثُبُوتِ الْعِتْقِ لَهَا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ مِنْ سَيِّدِهَا وَهَذِهِ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا لَا مِنْ سَيِّدِهَا وَلِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِرَقِيقٍ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ مَلَكَهَا الزَّانِي وَهَذَا لِأَنَّ ثُبُوتَ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ بِاعْتِبَارِ عُلُوقِ الْوَلَدِ حُرًّا لِأَنَّهُ جُزْءُ الْأُمِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَالْجُزْءُ لَا يُخَالِفُ الْكُلَّ وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْئِيَّةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْجُزْئِيَّةُ تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّسَبُ فَتَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِوَاسِطَةِ انْتِسَابِ الْوَلَدِ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ وَلَدِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا نِسْبَةَ لَهُ إلَى الزَّانِي نَظِيرُهُ مَنْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ مِنْ الزِّنَا حَيْثُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نِسْبَتِهِ إلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ مِنْ الزِّنَا بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ حَقِيقَةً بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ قَبْلَ الْمِلْكِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَغْوٌ شَرْعًا إذْ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهَذَا النَّسَبُ مُتَقَرِّرٌ شَرْعًا وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ جُزْئِيَّةِ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ وَلَا حَقِيقَتُهُ

وَلَوْ كَانَ لِأَجْلِ الِاتِّصَالِ بِهَا لَثَبَتَتْ وَلَا حُجَّةَ لَهُ بِمَا رُوِيَ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْعُلُوقَ وُجِدَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مِلْكِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِعِتْقِهِ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا فِي مِلْكِهِ وَفِيمَا إذَا وَلَدَتْ بِالزِّنَا خِلَافَ زُفَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّا وَلَوْ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَأَوْلَادَهَا كُلَّهُمْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيُعْتَقُ وَلَدُهَا مِنْهُ وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ خِلَافًا لِزُفَرَ رحمه الله بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ أُمِّهِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْأَبُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهَا

وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي النِّكَاحِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَةِ الْأَبِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ التَّمَلُّكِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ حَتَّى لَوْ حَبِلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِ الِابْنِ أَوْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مِلْكِهِ أَوْ جُنَّ الْأَبُ أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا فَأَفَاقَ أَوْ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ فَجَاءَتْ بِوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْأَبِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الِابْنُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الِابْنُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ عَلَى الِابْنِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ مَلَكَ أَخَاهُ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْأَبِ لِعَدَمِ قَبُولِ النَّقْلِ إلَى مِلْكِ الْأَبِ وَلَوْ وَطِئَ أَبُ الْأَبِ مَعَ قِيَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ حَالَ قِيَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّقِّ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الْجُنُونِ تَصِحُّ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِأَنَّ الْمُصَحَّحَ ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِلْجَدِّ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْأَبِ وَقَدْ وُجِدَ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِلْكُ الْحَافِدِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فِي بَعْضِهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِاحْتِيَاجِ الْوَلَدِ إلَى النَّسَبِ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكَهُ فِي النِّصْفِ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِيهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ فِيهِ فَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ فِيهِ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعُلُوقُ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُخْلَقُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّعْوَى فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ رحمه الله (وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ إذْ هُوَ قَابِلٌ لِلتَّمَلُّكِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلُ كَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِ قَالَ رحمه الله (وَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُ تَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ ثَبَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْعِتْقِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ رحمه الله (وَنِصْفُ عَقْرِهَا) أَيْ لَزِمَهُ نِصْفُ عُقْرِهَا لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً إذْ مِلْكُهُ ثَبَتَ بَعْدَ الْوَطْءِ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَعَقَّبُهُ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِخِلَافٍ الْأَبِ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَالَهُ مِنْ الْحَقِّ لَا يَكْفِي لِلِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهُ حَقُّ تَمَلُّكٍ لَا حَقِيقَةُ مِلْكٍ وَلَا حَقُّهُ فَلِهَذَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَهُ فِيهَا قَوْلَانِ) وَهُوَ وَلَدُ الْمَغْرُورِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ وَلَنَا) يَعْنِي وَلَنَا أَنَّهَا عُلِّقَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ وَذَا دَلِيلُ اتِّحَادِهِمَا وَالْجُزْئِيَّةُ مُوجِبَةٌ لِلْعِتْقِ اهـ (قَوْلُهُ نَظِيرُهُ مَنْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ) وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أُمِّهِ لَا تَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِيمَا رُوِيَ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ بِمَا رُوِيَ اهـ

(قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي النِّكَاحِ) يَعْنِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ حُكْمُ وَطْءِ الرَّجُلِ جَارِيَةَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَدَعْوَةِ نَسَبِ الْوَلَدِ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ) وَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ صَاحِبَ وِلَايَةٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَا عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ) فَإِذَا ثَبَتَ فِي نَصِيبِ الْمُسْتَوْلَدِ ثَبَتَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إذْ الِاسْتِيلَادُ فَرْعُ النَّسَبِ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً) أَيْ فَلَاقَى الْوَطْءُ مِلْكَهُ وَمِلْكَ شَرِيكِهِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَدِّ أَوْ الْعُقْرِ فَسَقَطَ الْأَوَّلُ لِلشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ فَوَجَبَ الثَّانِي. اهـ.

ص: 104

يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ فَإِنَّ لَهُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ فِي النِّصْفِ فَيَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّقْلِ قَالَ رحمه الله (لَا قِيمَتُهُ) أَيْ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ عَلِقَ حُرَّ الْأَصْلِ إذْ النَّسَبُ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَالضَّمَانِ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْت فَيَحْدُثُ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْلَقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا) وَمَعْنَاهُ إذَا حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعُقْرِ وَالْوَلَاءِ وَضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعُقْرُ لِصَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْقَافَةِ لِأَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعَ عِلْمِنَا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُخْلَقُ مِنْ مَاءَيْنِ مُتَعَذِّرٌ وَقَدْ «سُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ الْقَائِفِ فِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ» وَلِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالنِّكَاحِ وَلَنَا كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه إلَى شُرَيْحٍ رحمه الله لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بَيَّنَّا لَبُيِّنَ لَهُمَا هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ

وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلِأَنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَلِأَنَّ فِيهِ قَذْفًا لِلْمُحْصَنَاتِ وَلِهَذَا صَارَ قَذْفًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا شَرْعًا لَرَجَعَ إلَيْهِ فِي اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ بِالْجَهْلِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50] قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَانَتْ أَنْكِحَتُهُمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ مِنْهَا أَنَّ رَهْطًا كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى امْرَأَةٍ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ دَعُوا بِقَائِفٍ فَأَلْحَقهُ بِأَشْبَهِهِمْ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِمَا تَلَوْنَا وَلِأَنَّ الْقَائِفَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي يَقُولُ الْبَاطِلَ قَالَ الشَّاعِرُ

وَطَالَ حَذَارِي خِيفَةَ الْبَيْنِ وَالنَّوَى

وَمِنْ قَائِفٍ فِي قَوْلِهِ يَتَقَوَّلُ

أَيْ يَقُولُ الْبَاطِلَ وَسُرُورُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لِقَطْعِ طَعْنِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِاخْتِلَافِ لَوْنِهِمَا وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْقَائِفَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمَّا مَرَّ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ عَلَيْهِمَا فَقَالَ هَذِهِ الْأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ انْقَطَعَ طَعْنُهُمْ وَلَزِمَ الْحُجَّةَ عَلَى زَعْمِهِمْ فَسُرَّ عليه الصلاة والسلام لِذَلِكَ لَا لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ حُجَّةٌ شَرْعًا وَلِأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ يُحَقِّقُهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ بِهِ

وَلَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ حُجَّةً فِيهِ لِأَنَّ نَسَبَهُ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَلَا عَدَمَ الشَّبَهِ يُوجِبُ انْتِفَاءَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ لَك إبِلٌ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ فَقَالَ إنَّ فِيهَا لَوُرْقًا فَقَالَ مِمَّ تَرَى ذَلِكَ جَاءَهَا قَالَ مِنْ عِرْقٍ نَزَعَهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم فَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ عليه الصلاة والسلام فِي نَفْيِهِ لِعَدَمِ الشَّبَهِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ حُكْمًا مَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالنَّسَبِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَجَزَّأُ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَأَحْكَامٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ فَمَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّجْزِئَةِ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ إلَّا إذَا وُجِدَ الْمُرَجِّحُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعَارِضُهُ الْمَرْجُوحُ كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَبَا الْآخَرِ لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقًّا فِي مَالِ ابْنِهِ أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ

وَالْمُرْتَدُّ أَوْلَى مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْكِتَابِيُّ أَوْلَى مِنْ الْمَجُوسِيِّ قَالَ رحمه الله (وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا) لِأَنَّ دَعْوَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ فِي الْوَلَدِ مُعْتَبَرَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى دَعْوَةِ صَاحِبِهِ لِقِيَامِ الْمُرَجِّحِ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِيهِ فَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ فِيهَا أُمَّ الْوَلَدِ لَهُ تَبِعَا لِوَلَدِهَا قَالَ رحمه الله (وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَحَلِّ الْمَعْصُومِ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ يَطْعَنُونَ) مِنْ بَابِ قَتَلَ. اهـ. (قَوْلُهُ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَجَمَلٌ وَغَيْرُهُ أَوْرَقُ لَوْنُهُ كَلَوْنِ الرَّمَادِ وَحَمَامَةٌ وَرْقَاءُ. اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِيلَادِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْعُقْرِ قِصَاصًا بِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ قِيلَ لَا فَائِدَةَ فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا قُلْنَا فِيهِ فَائِدَةٌ فَرُبَّمَا يُبْرِئُ أَحَدَهُمَا حَقُّهُ فَيَبْقَى حَقُّ الْآخَرِ فَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ اهـ وَقَالَ الْكَمَالُ وَفَائِدَةُ إيجَابِ الْعُقْرِ مَعَ التَّقَاصِّ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَبْرَأَ الْآخَرَ مِنْ حَقِّهِ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ وَأَيْضًا لَوْ قُوِّمَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرِ بِالذَّهَبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذَ الذَّهَبَ اهـ

ص: 105