المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب العنين وغيره) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌(باب العنين وغيره)

فَجَعَلْنَا الْفَاصِلَ بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ مُدَّةَ النِّفَاسِ لِأَنَّهَا كَحَالِ الْوِلَادَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَصُومُ فِيهَا، وَلَا تُصَلِّي، وَلَهُ أَنَّ قَبُولَهُ التَّهْنِئَةَ أَوْ سُكُوتَهُ عَنْ النَّفْيِ إلَى أَنْ تَمْضِيَ مُدَّتُهَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ لَا يَحِلُّ لَهُ السُّكُوتُ عَنْ نَفْيِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ قَدْ تُوجَدُ فِي زَمَانٍ قَصِيرٍ، وَقَدْ لَا تُوجَدُ فِيهِ، وَقَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ، وَالْبُلْدَانِ فَفَوَّضْنَاهُ إلَى رَأْيِ مَنْ لَاحَ لَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ إلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ مُدَّةُ الْعَقِيقَةِ، وَضَعَّفَهُ السَّرَخْسِيُّ، وَقَالَ نَصْبُ الْمُقَدَّرِ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ نَفْيُهُ إلَّا عَلَى فَوْرِ الْوِلَادَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةِ التَّأَمُّلِ، وَالنَّظَرِ كَيْ لَا يَكُونَ نَفْيُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوِلَادَةِ حَتَّى قَدِمَ تُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى الْأَصْلَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ قَدِمَ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْفِصَالِ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ إلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْفِصَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَعْدَمَا شَاخَ، وَهُوَ قَبِيحٌ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ، وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ) لِأَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِدَعْوَى الثَّانِي قَالَ رحمه الله (وَإِنْ عَكَسَ لَاعَنَ) أَيْ أَتَى بِعَكْسِ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ، وَنَفَى الثَّانِي فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَاذِفٌ بِنَفْيِ الثَّانِي، وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْعِفَّةِ سَابِقٌ عَلَى الْقَذْفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعِفَّتِهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا قَالَ رحمه الله (وَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا فِيهِمَا) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَبِثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا يَلْزَمُ ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ فَلَا يَنْفَصِلَانِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ، وَهُمَا اللَّذَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ نَفَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ لَزِمَاهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ لِانْتِهَائِهِ بِالْمَوْتِ، وَالْحَيِّ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ، وَيُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الْقَذْفِ وَاللِّعَانُ يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِقَطْعِ الْفِرَاشِ، وَيَثْبُتُ النَّفْيُ تَبَعًا لَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَلَا يُلَاعِنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَذْفَ أَوْجَبَ لِعَانًا يَقْطَعُ النَّسَبَ فَإِذَا فَاتَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ اللِّعَانِ حَالَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لَا يَثْبُتُ مِنْ بَعْدُ وَلَوْ وَلَدَتْ فَنَفَاهُ وَلَاعَنَ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بِيَوْمٍ لَزِمَهُ الْوَلَدَانِ لِأَنَّ الْقَاطِعَ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الثَّانِي فَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْأَوَّلِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاللِّعَانُ مَاضٍ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ انْتِفَائِهِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُمَا ابْنَايَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَادِقٌ، وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا لِعَدَمِ إكْذَابِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كَذَبْت عَلَيْهَا لِأَنَّهُ وُجِدَ الرُّجُوعُ مِنْهُ صَرِيحًا وَلَوْ قَالَ لَيْسَا بِابْنَيَّ كَانَا ابْنَيْهِ، وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْقَاضِي نَفَى أَحَدَهُمَا، وَذَلِكَ نَفْيٌ لَهُمَا فَلَمْ يَكُونَا وَلَدَيْهِ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ قَاذِفًا لَهَا مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

.

قَالَ رحمه الله (هُوَ مَنْ لَا يَصِلُ إلَى النِّسَاءِ أَوْ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْأَبْكَارِ) أَوْ لَا يَصِلُ إلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا فَحَسْبُ، وَهُوَ مِنْ عَنَّ إذَا حُبِسَ فِي الْعُنَّةِ وَهِيَ حَظِيرَةُ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ عَنَّ إذَا عَرَضَ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ يَمِينًا وَشِمَالًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ قَبُولَهُ التَّهْنِئَةَ) وَهُوَ ذِكْرُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ مِثْلُ أَحْسَنَ اللَّهُ بَارَكَ اللَّهُ جَزَاك رَزَقَك اللَّهُ مِثْلَهُ أَوْ عَلَى دُعَاءِ الْمُهَنِّي اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ تُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى الْأَصْلَيْنِ) أَيْ بَعْدَ قُدُومِهِ عِنْدَهُمَا قَدْرَ مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَعِنْدَهُ قَدْرَ مُدَّةِ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ اهـ فَتْحٌ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَاذِفٌ إلَخْ) وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إكْذَابُ النَّفْسِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْإِقْرَارُ بِالْعِفَّةِ سَابِقٌ عَلَى الْقَذْفِ) هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ صَرَّحَ بِهِمَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِالِاعْتِرَافِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِالِاعْتِرَافِ الثَّانِي قِيلَ لَهُ التَّكْذِيبُ قَبْلَ الْقَذْفِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى قَذَفْت هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَأَنَا كَاذِبٌ فِي قَذْفِهَا ثُمَّ قَذَفَهَا أَنَّهُ يُلَاعَنُ وَلَا يُحَدُّ، كَذَلِكَ هَذَا أَوْ نَقُولُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِعِفَّتِهَا، وَقَالَ هِيَ عَفِيفَةٌ عَنْ الزِّنَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إكْذَابَ النَّفْسِ، فَكَذَا هَذَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَوْ قُتِلَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَاطِعَ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الثَّانِي إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ نَفْيُهُ الْآنَ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْكُوحَةٍ. اهـ. فَتْحٌ

[بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ]

وَهُوَ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَمَّا كَانَ لِلْعِنِّينِ نِسْبَةٌ بِالنِّكَاحِ وَالْفُرْقَةِ جَمِيعًا ذَكَرَ أَحْكَامَ الْعِنِّينِ وَمَا شَابَهَهُ مِنْ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ جَمِيعًا لَكِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ لِكَوْنِ الْعُنَّةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعَوَارِضِ اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ رحمه الله لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ الْأَصِحَّاءِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ أَعْقَبَهَا بِذِكْرِ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِمَّنْ بِهِ مَرَضٌ لَهُ نِسْبَةٌ إلَى النِّكَاحِ، وَالْعِنِّينُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ النِّسَاءِ مَعَ قِيَامِ الْآلَةِ مِنْ عُنَّ إذَا حُبِسَ فِي الْعُنَّةِ، وَهِيَ حَظِيرَةُ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ عُنَّ إذَا مَرِضَ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَقْصِدُ لِاسْتِرْخَائِهِ، وَجَمْعُ الْعِنِّينِ عُنُنٌ، وَيُقَالُ عِنِّينٌ بَيِّنُ التَّعَنُّنِ، وَلَا يُقَالُ بَيِّنُ الْعُنَّةِ، وَلَوْ كَانَ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ لِضَعْفِ الْآلَةِ أَوْ إلَى بَعْضِ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ أَوْ لِسِحْرٍ أَوْ كِبَرٍ فَهُوَ عِنِّينٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فِي حَقِّهَا، وَمَا عَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ يُؤْتَى بِطَسْتٍ فِيهِ مَاءٌ بَارِدٌ فَيَجْلِسُ فِيهِ الْعِنِّينُ فَإِنْ نَقَصَ ذَكَرُهُ، وَانْزَوَى عُلِمَ أَنَّهُ لَا عُنَّةَ بِهِ، وَإِلَّا عُلِمَ أَنَّهُ عِنِّينٌ لَوْ اُعْتُبِرَ عِلْمُهُ فَلَا يُؤَجَّلُ سَنَةً لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَيْسَ إلَّا لِيُعْرَفَ أَنَّهُ عِنِّينٌ عَلَى مَا قَالُوا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إنْ أُجِّلَ مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّ التَّأْجِيلَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ حُكْمُهُ

وَفِي الْمُحِيطِ آلَتُهُ قَصِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا كَالزِّرِّ فَحُكْمُهُ كَالْمَجْبُوبِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْعِنِّينُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ) بِكْرًا كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ ثَيِّبًا اهـ

ص: 21

وَلَا يَقْصِدُ، وَعُنِّنَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ مُنِعَ مِنْ النِّسَاءِ بِسِحْرٍ، وَامْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ، وَهُوَ فِعِّيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ قَالَ رحمه الله (وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا فُرِّقَ فِي الْحَالِ) يَعْنِي إذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقُّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا، وَلَا فَائِدَةَ فِي التَّأْجِيلِ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ

وَقَوْلُهُ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ جُبَّ بَعْدَمَا وَصَلَ إلَيْهَا لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا إذَا صَارَ عِنِّينًا بَعْدَهُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَرِيضًا أَوْ صَغِيرًا لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ أَوْ بُرْؤُهُ لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ كَمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً، وَهُوَ مَجْبُوبٌ أَوْ عِنِّينٌ حَيْثُ يَنْتَظِرُ بُلُوغَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْضَى بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَوْ الْقِصَاصِ أَوْ وَرِثَ مَالًا، وَاطَّلَعَ الْوَلِيُّ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ حَيْثُ يَثْبُتُ لَهُ فِي الصِّغَرِ هَذِهِ الْحُقُوقُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا لِفَوَاتِ حَقِّهَا فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَذَلِكَ بِمَعْزِلٍ مِنْهُ فِي الصِّغَرِ بِخِلَافِ الْفُصُولِ الْأُخَرِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهَا ثَابِتٌ فِي الْحَالِ، وَيَتَضَرَّرُ الصَّغِيرُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ وَلَوْ كَانَ هُوَ أَوْ هِيَ مَجْنُونًا لَا يُؤَخَّرُ فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَةِ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ، وَإِلَّا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ

وَيُؤَهَّلُ لِلطَّلَاقِ هُنَا كَمَا يُؤَهَّلُ لَهُ فِي الْإِبَاءِ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى أَبَوَيْهِ، وَكَمَا فِي اللِّعَانِ إنْ جُنَّ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَلَوْ جَاءَتْ امْرَأَةُ الْمَجْبُوبِ بِوَلَدٍ بَعْدَ التَّفْرِيقِ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَلَا يَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يَبْطُلُ تَفْرِيقُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ لَمْ يَبْقَ عِنِّينًا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِتَفْرِيقِهِ، وَهُوَ بَائِنٌ فَكَيْفَ يَبْطُلُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَصَلَ إلَيْهَا لَا يَبْطُلُ التَّفْرِيقُ قَالَ رحمه الله (وَأُجِّلَ سَنَةً لَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا فَإِنْ وَطِئَ، وَإِلَّا بَانَتْ بِالتَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَتْ) وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يُؤَجَّلُ، وَلَا يُفَرَّقُ لِحَدِيثِ امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُؤَجِّلْهُ حِينَ شَكَتْ إلَيْهِ عَدَمَ تَحَرُّكِ آلَتِهِ

وَلَنَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى تَأْجِيلِهِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ، وَذَلِكَ بِحُسْنِ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ فَيَكُونُ إمْسَاكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ ظُلْمًا فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ دَفْعًا لِلظُّلْمِ عَنْهَا لَكِنَّ ظُلْمَهَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ مَرَّةً فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَعَجْزَهُ فِي الْحَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَجْزِهِ فِي الْمَآلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِمَرَضٍ بِهِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً، وَهُوَ يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالتَّأْجِيلِ سَنَةً لِأَنَّ الْمَرَضَ غَالِبًا يَزُولُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِغَلَبَةِ الْبُرُودَةِ أَوْ الْحَرَارَةِ أَوْ الْيُبُوسَةِ أَوْ الرُّطُوبَةِ، وَفُصُولُ السَّنَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا فَالرَّبِيعُ حَارٌّ رَطْبٌ، وَالصَّيْفُ حَارٌّ يَابِسٌ، وَالْخَرِيفُ بَارِدٌ يَابِسٌ طَبْعَ الْمَوْتِ، وَهُوَ أَرْدَأُ الْفُصُولِ، وَالشِّتَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ مِنْ بَرْدٍ فَفَصْلُ الْحُرِّ يُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَرٍّ فَفَصْلُ الْبَرْدِ يُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ يُبُوسَةٍ فَالرُّطُوبَةُ تُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رُطُوبَةٍ فَالْيُبُوسَةُ تُقَابِلُهُ

وَإِنْ كَانَ مِنْ كُلِّ نَوْعَيْنِ فَيُقَابِلُهُ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَهُوَ كَالْمُدَاوَاةِ لَهُ وَالْعِلَاجِ لَهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا)، وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ اهـ ع (قَوْلُهُ إذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقُّهَا) أَيْ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْوَطْءِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا) كَسَائِرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا) أَيْ فِي التَّفْرِيقِ فِي الْحَالِ بِسَبَبِ الْجَبِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَةِ الْوَلِيِّ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَلَوْ وَجَدَتْ زَوْجَهَا الْمَجْنُونَ عِنِّينًا يُخَاصِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَيُؤَجَّلُ سَنَةً لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَعْدَمُ الشَّهْوَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا، وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي انْتِظَارِ بُلُوغِهِ فَيُجْعَلُ وَلِيُّهُ خَصْمًا، وَإِلَّا نُصِّبَ الْقَاضِي عَنْهُ، وَفَرَّقَ لِلْحَالِ

وَلَوْ جَاءَ الْوَلِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى رِضَاهَا بِعُنَّتِهِ وَجَبِّهِ أَوْ عَلَى عِلْمِهَا بِحَالِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ النِّكَاحُ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ طَلَبَ يَمِينَهَا عَلَى ذَلِكَ تَحْلِفْ فَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يُفَرَّقْ وَإِلَّا فَرَّقَ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يَبْطُلُ تَفْرِيقُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ كَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ لَكِنَّ وَجْهَ التَّفْرِقَةِ يُبْعِدُ هَذَا الْبَحْثَ، وَهُوَ أَنَّ التَّفْرِيقَ بِنَاءٌ عَلَى ثُبُوتِ الْعُنَّةِ وَالْجَبِّ، وَثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ الْمَجْبُوبِ، وَهُوَ مَجْبُوبٌ بِخِلَافِ ثُبُوتِهِ مِنْ الْعِنِّينِ فَإِنَّ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ يَثْبُتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِنِّينٍ فَيَظْهَرُ بُطْلَانُ مَعْنَى الْفُرْقَةِ بِخِلَافِ إقْرَارِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ بِالْوَطْءِ لِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ بَلْ هِيَ بِهِ مُتَنَاقِضَةٌ فَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِالْفُرْقَةِ اهـ قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ رحمه الله فِيمَا ذُكِرَ عَنْ الْغَايَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ الْقَاضِي إذَا قَالَ الزَّوْجُ كُنْت، وَصَلْت إلَيْهَا، وَمَا اسْتَظْهَرَ بِهِ شَارِحُ الْكَنْزِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُوَازِنُ شَهَادَةَ ثُبُوتِ النَّسَبِ عَلَى الدُّخُولِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا يُوَازِنُهُ مَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ

فَإِنْ فُرِّقَ بِالْعُنَّةِ فَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهَا بَطَلَتْ الْفُرْقَةُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَوْ كَانَتْ أَقَرَّتْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْفُرْقَةِ فَكَذَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ أَنَّهُ كَانَ وَصَلَ إلَيْهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَمْ تَبْطُلْ الْفُرْقَةُ لِأَنَّ إقْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْقَاضِي فِي إبْطَالِ قَضَائِهِ فَلَا يُقْبَلُ اهـ كَلَامُ الشَّيْخِ قَاسِمٍ رحمه الله (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَأُجِّلَ سَنَةً) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْخُصُومَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَأْجِيلُ غَيْرِ الْحَاكِمِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَمَا أَجَّلَهُ بَنَى الْمُتَوَلِّي عَلَى التَّأْجِيلِ الْأَوَّلِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا بَانَتْ بِالتَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَتْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا قَالَ الْكَمَالُ هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً غَيْرَ رَتْقَاءَ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْفُرْقَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَالطَّلَبُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِسَيِّدِهَا، وَهُوَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ الْإِذْنِ فِي الْعَزْلِ، وَقِيلَ مُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ اهـ

ص: 22

فَيُوَافِقُ طَبْعَهُ فَيَزُولُ مَا بِهِ مِنْ الْمَرَضِ بِاعْتِدَالِ الطَّبْعِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَزُلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلْقَةٌ، وَأَنَّ حَقَّهَا قَدْ فَاتَ بِهِ فَيُفَرَّقُ بِطَلَبِهَا، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا يُضْرَبُ إذَا اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا، وَقَدْ أَخْبَرَ هُوَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ أَوْ يَعْرُكُهَا عَرْكَ الْأَدِيمِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَلَا يَكُونُ حُجَّةً لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الزَّوْجَةِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

وَقَالَ زُفَرُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا يَثْبُتُ لِفَوَاتِ حَقِّهَا فِي اقْتِضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَذَلِكَ حَقُّهَا عَلَى الْخُلُوصِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَطْءِ فِي الْأَصْلِ حُصُولُ الْوَلَدِ لَا اقْتِضَاءُ الشَّهْوَةِ، وَمَا رُكِّبَ فِيهَا مِنْ الشَّهْوَةِ حَامِلٌ لَهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْوَلَدِ، وَالْوَلَدُ حَقُّ الْمَوْلَى، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله الْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ إنَّ هَذَا الْخِيَارَ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ وَجَدَتْهُ عِنِّينًا، وَلَمْ تُخَاصِمْ زَمَانًا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ رَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، وَأَجَّلَهُ سَنَةً، وَمَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ تُخَاصِمْ زَمَانًا لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِامْتِحَانِ لَا لِلرِّضَا بِهِ وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهَا مَرَّةً ثُمَّ عَجِزَ لَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ حَقَّهَا فِي وَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا مِنْ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَالْإِحْصَانِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُكْمًا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ دِيَانَةً، وَالْفُرْقَةُ بِهِ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ فَسْخٌ لِأَنَّهُ فُرْقَةٌ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ فَإِنْ فَعَلَ، وَإِلَّا نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فَكَانَ الْفِعْلُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَكَانَ طَلَاقًا بَائِنًا لِيَتَحَقَّقَ دَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهَا، وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِهِ ضَرُورِيٌّ فَلَا يَظْهَرُ فِي غَيْرِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالْفَسْخُ يُغَايِرُهُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ، وَالْفَسْخُ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَخِيَارُ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغُ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ فَكَانَ فِي مَعْنَى الِامْتِنَاعِ عَنْ الْإِتْمَامِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ فُرْقَةٌ بَعْدَ التَّمَامِ فَكَانَ رَفْعًا، وَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِوُجُودِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا

وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَنَذْكُرُهُ مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ رحمه الله (فَلَوْ قَالَ وَطِئْت، وَأَنْكَرَتْ، وَقُلْنَ بِكْرٌ خُيِّرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا صَدَقَ بِحَلِفِهِ) يَعْنِي إذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَقَالَ وَطِئْتهَا، وَأَنْكَرَتْ هِيَ نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا بِكْرٌ خُيِّرَتْ، وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الثِّيَابَةُ أَصْلِيَّةً أَوْ طَارِئَةً فِي الْمُدَّةِ ثُمَّ الْمُصَنِّفُ رحمه الله لَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ ثُبُوتِ الْعُنَّةِ فِي الِابْتِدَاءِ لِيُؤَجَّلَ، وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِهَاءِ لِيُفَرَّقَ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهِمَا، وَتَمَامِ تَفْرِيعَاتِهِ فَنَقُولُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا يُؤَجَّلُ سَنَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَإِنْ أَنْكَرَ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا بِكْرٌ يُؤَجَّلُ سَنَةً ثُمَّ إنْ تَمَّتْ السَّنَةُ فَإِنْ ادَّعَتْ عَدَمَ الْوُصُولِ فَإِنْ صَدَّقَهَا خُيِّرَتْ لِثُبُوتِ حَقِّهَا لِلتَّصَادُقِ، وَإِنْ أَنْكَرَ نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا بِكْرٌ خُيِّرَتْ، وَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الثِّيَابَةَ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الثِّيَابَةَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَزُلْ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا عُرِفَ أَنَّ ذَلِكَ آفَةٌ أَصْلِيَّةٌ قَالَ الْكَمَالُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مُوجَبَ التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ مِنْ عِلَّةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَالسَّنَةُ ضُرِبَتْ لِتَعْرِيفِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهَا سَنَةً كَوْنُ ذَلِكَ آفَةً أَصْلِيَّةً فِي الْخِلْقَةِ إذْ الْمَرَضُ يَمْتَدُّ السَّنَةَ، وَأَيْضًا مِمَّا لَهُ حُكْمُ الْعِنِّينِ الْمَسْحُورِ، وَمُقْتَضَى السِّحْرِ مِمَّا قَدْ يَمْتَدُّ السَّنَتَيْنِ، وَبِمُضِيِّ السَّنَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا طَلَبَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْآفَةِ الْأَصْلِيَّةِ بِفَرْضِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى غَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ فَالْحَقُّ أَنَّ التَّفْرِيقَ مَنُوطٌ إمَّا بِغَلَبَةِ ظَنِّ عَدَمِ زَوَالِهِ لِزَمَانَتِهِ أَوْ الْأَصْلِيَّةِ، وَمُضِيُّ السَّنَةِ مَعَ عَدَمِ الْوُصُولِ مُوجِبٌ لِذَلِكَ، وَهُوَ عَدَمُ إيفَاءِ حَقِّهَا فَقَطْ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، وَالسَّنَةُ جُعِلَتْ غَايَةً فِي الصَّبْرِ، وَإِبْلَاءُ الْعُذْرِ شَرْعًا حَتَّى لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا قُرْبُ زَوَالِهِ، وَقَالَ بَعْدَ السَّنَةِ أَجِّلْنِي يَوْمًا لَا يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهَا فَلَوْ رَضِيَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ كَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ لِأَنَّ السَّنَةَ عِنْدَ النَّاسِ غَايَةٌ فِي إبْلَاءِ الْعُذْرِ اهـ

(فَرْعٌ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَالْخُنْثَى إذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أُجِّلَ كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ لِأَنَّ رَجَاءَ الْوُصُولِ يَتَحَقَّقُ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ النِّسَاءِ فَهِيَ امْرَأَةٌ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا لَمْ يُعْلَمْ بِحَالِهَا ثُمَّ عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الرَّتْقَاءِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشَّامِلِ زُوِّجَ خُنْثَى مِنْ خُنْثَى، وَهُمَا مُشْكِلَانِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا رَجُلٌ، وَالْآخَرَ امْرَأَةٌ وَجَبَ الْوَقْفُ فِي النِّكَاحِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ التَّبَيُّنِ لَمْ يَتَوَارَثَا، وَفِيهِ أَيْضًا: مَاتَ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَتْ امْرَأَتَهُ وَكَانَتْ تَبُولُ مِنْ مَبَالِ النِّسَاءِ، وَامْرَأَةٌ أَنَّهُ كَانَ زَوْجَهَا، وَكَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ لَمْ يُقْضَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا إنْ ذُكِرَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا أَقْدَمَ فَيُقْضَى لَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْفُرْقَةُ بِهِ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمُطْلَقَ يُخْرِجُ الْفَاسِدَ، وَالْمَوْقُوفَ، وَالْفَسْخَ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَخِيَارَ الْعِتْقِ، وَالْبُلُوغِ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِهِ ضَرُورِيٌّ فَلَا يَظْهَرُ) أَيْ فِي حَقِّ النَّقْلِ إلَى الْغَيْرِ، وَلَا فِي حَقِّ الِانْتِقَالِ إلَى الْوَرَثَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِوُجُودِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْعِنِّينِ صَحِيحَةٌ إذْ لَا وُقُوفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْعُنَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ اخْتِيَارًا تَعَنُّتًا فَيَدُورُ الْحُكْمُ عَلَى سَلَامَةِ الْآلَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا) أَيْ فِي هَذَا النِّكَاحِ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا فِي نِكَاحٍ قَبْلَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا فِي نِكَاحٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفُرْقَةِ. اهـ. كَمَالٌ رحمه الله

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ) وَتُجْزِئُ الْوَاحِدَةُ الْعَدْلَةُ وَالثِّنْتَانِ وَالثَّلَاثُ أَفْضَلُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 23

الْوُصُولُ إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ ثُبُوتِهَا بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَحْلِفُ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا يَنْفِي الْوُصُولِ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ فَتُخَيَّرُ بِقَوْلِهِنَّ ثُمَّ إنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ

وَإِنْ نَكَلَ خُيِّرَتْ لِأَنَّ دَعْوَاهَا تَأَيَّدَتْ بِالنُّكُولِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الْفُرْقَةَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ هُوَ السَّلَامَةُ فِي الْجِبِلَّةِ ثُمَّ إنْ حَلَفَ فَلَا حَقَّ لَهَا، وَإِنْ نَكَلَ يُؤَجَّلُ سَنَةً فَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ فَإِنْ ادَّعَتْ عَدَمَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا خُيِّرَتْ لِثُبُوتِ حَقِّهَا بِالتَّصَادُقِ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ نَكَلَ خُيِّرَتْ لِمَا ذَكَرْنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فِي الِابْتِدَاءِ يُؤَجَّلُ سَنَةً، وَإِنْ نَكَلَ فِي الِانْتِهَاءِ تُخَيَّرُ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِنَّ فَيُؤَجَّلُ أَوْ يُفَرَّقُ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اخْتَارَتْهُ بَطَلَ حَقُّهَا) لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا، وَكَذَا إذَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا أَوْ أَقَامَهَا أَعْوَانُ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ شَيْئًا لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَخْيِيرِ الزَّوْجِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ بَلْ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ ثُمَّ إنْ اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ أَمَرَ الْقَاضِي الزَّوْجَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً فَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا

وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ لِرِضَاهَا بِحَالِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى وَهِيَ عَالِمَةٌ بِحَالِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا لَا خِيَارَ لَهَا لِعِلْمِهَا بِالْعَيْبِ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ وَطْءِ غَيْرِهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي التَّأْجِيلِ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّ السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ طَبْعَهُ يُوَافِقُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِيهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ، وَالسَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ، وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ، وَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَثُلُثٌ وَرُبْعُ عُشْرِ يَوْمٍ بِالتَّقْرِيبِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ

وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْقَمَرِيَّةَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ وَجُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ، وَفِي الْمُحِيطِ يُرِيدُ بِالشَّمْسِيَّةِ أَنْ تُعْتَبَرَ بِالْأَيَّامِ لَا بِالْأَهِلَّةِ فَتَزِيدُ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّ حِسَابَ الْعَجَمِ بِالْأَيَّامِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الْفُرْقَةِ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لِلدُّخُولِ صُورَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَامَهَا أَعْوَانُ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ شَيْئًا) أَيْ أَوْ قَامَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ شَيْئًا بَطَلَ خِيَارُهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ كَخِيَارِ الْعِتْقِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَانَتْ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ قَالَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَمَا فِي خِيَارِ الْمُدْرِكَةِ كَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ تَأْجِيلِ السَّنَةِ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ لَمْ يُصَدَّقْ الزَّوْجُ، وَخَيَّرَ السُّلْطَانُ الْمَرْأَةَ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَتْ اخْتَارَتْ فُرْقَتَهُ

فَإِنْ فَارَقَتْهُ كَانَتْ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، وَكَذَا قَالَ الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا ذَكَرُوا فِي كُتُبِهِمْ كَمَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ، وَمَبْسُوطِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيِّ، وَالشَّامِلِ، وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيِّ وَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْإِمَامِ الْعَتَّابِيِّ وَالتُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا، وَشَرَطُوا تَفْرِيقَ الْحَاكِمِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ إنَّهَا كَمَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْمُخَيَّرَةِ بِتَخْيِيرِ الزَّوْجِ أَوْ بِتَخْيِيرِ الزَّوْجِ كَالْمُعْتَقَةِ، وَقَالَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمَّا خَيَّرَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ فُرْقَةً حَتَّى يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا إلَى هُنَا لَفْظُهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَفِي التَّأْجِيلِ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْعِنِّينُ يُؤَجَّلُ سَنَةً قَمَرِيَّةً لَا شَمْسِيَّةً هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ هُوَ السَّنَةُ وَالسَّنَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْقَمَرِيَّةِ مُطْلَقًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَجْهُهُ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ رضي الله عنه وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ اسْمُ السَّنَةِ قَوْلًا، وَأَهْلَ الشَّرْعِ إنَّمَا يَتَعَارَفُونَ الْأَشْهُرَ وَالسِّنِينَ بِالْأَهِلَّةِ فَإِذَا أَطْلَقُوا السَّنَةَ انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ ثُمَّ زِيَادَةُ الشَّمْسِيَّةِ قِيلَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْ الْحَلْوَانِيِّ الشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، وَجُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ وَالْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا كَذَا رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ، وَرَأَيْت فِي أُخْرَى فِيهِ فِي الشَّمْسِيَّةِ زِيَادَةُ رُبْعِ يَوْمٍ مَعَ مَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ الْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ، وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ وَرُبْعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ، وَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثٍ وَرُبْعِ عُشْرٍ بِالتَّقْرِيبِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مُحْدَثٌ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ كَتَبَ إلَى شُرَيْحٍ أَنْ يُؤَجِّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ يُرْفَعُ إلَيْهِ، وَكَذَا قَوْلُ الرَّاوِي عَنْ عُمَرَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَتْ إلَيْهِ فَأَجَّلَهُ حَوْلًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فِي السَّنَةِ، وَالْحَوْلُ لِمَا تَرَى بِالْأَهِلَّةِ هَذَا الَّذِي يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَأَهْلُ الشَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَ لَمْ يُعْرَفْ بِعُرْفٍ آخَرَ بَلْ اسْمُ السَّنَةِ هُوَ الَّذِي تَوَارَدَ عَلَيْهِ الْعِرْفَانُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ اهـ

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ طَبْعَهُ يُوَافِقُ الزِّيَادَةَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي إلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ، وَكَذَا صَاحِبُ التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ مُوَافَقَةُ الْعِلَاجِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي يَقَعُ التَّفَاوُتُ فِيهَا بَيْنَ الشَّمْسِيَّةِ وَالْقَمَرِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ) أَيْ وَقَاضِي خَانْ وَظَهِيرُ الدِّينِ اهـ فَتْحٌ

ص: 24

لَا بِالْأَهِلَّةِ، وَيُحْتَسَبُ بِأَيَّامِ الْحَيْضِ وَشَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَخْلُو عَنْهَا، وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَرَضِهِ وَمَرَضِهَا لِأَنَّ السَّنَةَ قَدْ تَخْلُو عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ، وَعُوِّضَ قَدْرَهُ لِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَادِرٌ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، وَهُوَ قَدْرُ نِصْفِهِ فَكَذَا النِّصْفُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَإِنْ حَجَّ أَوْ غَابَ هُوَ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ بِفِعْلِهِ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مَعَهُ أَوْ يُؤَخِّرَ الْحَجَّ وَالْغَيْبَةَ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَّتْ هِيَ أَوْ غَابَتْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا كَانَ عُذْرًا فَإِنْ حُبِسَ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْمَجِيءِ إلَى السِّجْنِ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ، وَكَانَ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا حُبِسَ عَلَى مَهْرِهَا وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ خَاصَمَتْهُ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْعِتْقِ أَجَّلَهُ سَنَةً، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجَّلَهُ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ، وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا بَعْدَ التَّأْجِيلِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ غَشَيَانِهَا، وَالِامْتِنَاعُ بِفِعْلِهِ فَلَا يُعْذَرُ.

قَالَ رحمه الله (وَلَمْ يُخَيَّرْ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ) أَيْ لَمْ يُخَيَّرْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِعَيْبٍ فِي الْآخَرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُرَدُّ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ: الْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْجُنُونُ، وَالرَّتْقُ، وَالْقَرْنُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ حِسًّا أَوْ طَبْعًا، وَالطَّبْعُ مُؤَيَّدٌ بِالشَّرْعِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» «، وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَصِ، وَقَالَ الْحَقِي بِأَهْلِك حِينَ وَجَدَ بِكَشْحِهَا وَضَحًا أَوْ بَيَاضًا» ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يُشْبِهُ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُبَادَلَةٍ، وَالْبَيْعُ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ فَكَذَا النِّكَاحُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله تُرَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَ بِالرَّجُلِ عَيْبٌ فَاحِشٌ بِحَيْثُ لَا تُطِيقُ الْمَقَامَ مَعَهُ لِأَنَّهَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْوُصُولُ إلَى حَقِّهَا لِمَعْنًى فِيهِ فَكَانَ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهَا عَيْبٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالطَّلَاقِ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِغَيْرِهَا، وَلَنَا أَنْ، الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ هُوَ الْوَطْءُ

وَهَذِهِ الْعُيُوبُ لَا تَفُوتُهُ بَلْ تُوجِبُ فِيهِ خَلَلًا فَفَوَاتُهُ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فَاخْتِلَالُهُ أَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبَ، وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ تَأْثِيرُهَا فِي تَفْوِيتِ تَمَامِ الرِّضَا، وَلُزُومُ النِّكَاحِ لَا يَعْتَمِدُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْهَزْلِ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا بِكْرٌ شَابَّةٌ جَمِيلَةٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا عَجُوزًا شَوْهَاءَ بِهَا شِقٌّ مَائِلٌ وَلُعَابٌ سَائِلٌ وَهِيَ عَمْيَاءُ مَقْطُوعَةُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَوْ شَلَّاءُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ فَقَدَ رِضَاهُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ تَمَامَ الرِّضَا شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ لَرُدَّ بِجَمِيعِ الْعُيُوبِ كَالْبَيْعِ، وَلَا فَائِدَةَ لِتَخْصِيصِ الْبَعْضِ، وَفِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَلَا يُمْكِنُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا يَعْدَمَانِ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ، وَالتَّوَالُدُ وَالتَّنَاسُلُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْعُيُوبِ لَا يُعْدِمُهُ بَلْ يُخِلُّ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَرْنَاءَ وَالرَّتْقَاءَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِمَا بِالْفَتْقِ وَالشَّقِّ

وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، لَا يُعْلَمُ لِكَعْبٍ وَلَدٌ اسْمُهُ زَيْدٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْفِرَارَ لَا الْخِيَارَ، وَظَاهِرُهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ جِمَاعًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ، وَيُثَابُ عَلَى خِدْمَتِهِ وَتَمْرِيضِهِ، وَعَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ، وَالْمَجْذُومُ هُوَ الَّذِي بِهِ الْجُذَامُ، وَهُوَ دَاءٌ يَشُقُّ الْجِلْدَ، وَيَقْطَعُ اللَّحْمَ، وَيَتَسَاقَطُ مِنْهُ، وَالْفِعْلُ جُذِمَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ بِمَعْنَى أَصَابَهُ الْجُذَامُ، وَهُوَ مَجْذُومٌ، وَلَا يُقَالُ أَجْذَمَ. وَالْبَرَصُ دَاءٌ، وَهُوَ بَيَاضٌ، وَقَدْ بَرِصَ الرَّجُلُ فَهُوَ أَبْرَصُ، وَأَبْرَصَهُ اللَّهُ، وَجُنَّ الرَّجُلُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَأَجَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَلَا يُقَالُ مُجَنٌّ، وَلَا جَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَجَاءَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَفْعَلَ عَلَى مَفْعُولٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ دُونَ مُفْعِلِ؛ هَذَا، وَالثَّانِي أَحْزَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مَحْزُونٌ

وَالثَّالِثُ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مَحْبُوبٌ، وَجَاءَ مُحِبٌّ عَلَى الْأَصْلِ فِي شَعْرِ عَنْتَرَةَ

وَلَقَدْ نَزَلَتْ فَلَا تَظُنِّي غَيْرَهُ

مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمُحِبِّ الْمُكْرَمِ

وَالْقَرْنُ فِي الْفَرْجِ مَا يَمْنَعُ سُلُوكَ الذَّكَرِ فِيهِ، وَهُوَ إمَّا غُدَّةٌ غَلِيظَةٌ أَوْ لُحْمَةٌ، مُرْتَفِعَةٌ أَوْ عَظْمٌ، وَامْرَأَةُ قَرْنَاءُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِهَا، وَهُوَ الْعَفَلَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَرْنَ عَظْمٌ نَاتِئٌ مُحَدَّدُ الرَّأْسِ كَقَرْنِ الْغَزَالَةِ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ.، وَالرَّتْقُ التَّلَاحُمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَيُحْتَسَبُ بِأَيَّامِ الْحَيْضِ وَشَهْرِ رَمَضَانَ) يَعْنِي لَا يُعَوَّضُ عَنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَشَهْرِ رَمَضَانَ الْوَاقِعَةِ فِي مُدَّةِ التَّأْجِيلِ أَيَّامٌ أُخَرُ بَلْ هِيَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَدَّرُوا مُدَّةَ التَّأْجِيلِ بِسَنَةٍ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهَا أَيَّامَ الْحَيْضِ وَشَهْرَ رَمَضَانَ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّ السَّنَةَ لَا تَخْلُو عَنْهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّنَةَ قَدْ تَخْلُو عَنْهُ) يَعْنِي لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَرَضُ مَحْسُوبًا مِنْ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ قَلِيلًا كَانَ الْمَرَضُ أَوْ كَثِيرًا بَلْ يُعَوَّضُ لِذَلِكَ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْهُ مَا نَصَّهُ أَيْ عَنْ الْمَرَضِ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَّتْ هِيَ أَوْ غَابَتْ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَحْتَسِبُ، عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُحَلِّلَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ الزَّوْجُ حَيْثُ يَحْتَسِبُ، عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ وَكَانَ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ احْتَسَبَ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَوْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً فِي حَقٍّ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْخَلْوَةُ مَعَهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَيَّام وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يُخَيَّرْ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ) اعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِعَيْبٍ مَا فِي الْمَرْأَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالرَّتْقُ) امْرَأَةٌ رَتْقَاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خُرْقٌ، إلَّا الْمَبَالَ اهـ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ وَالْقَرْنُ) مِثْلُ فَلْسٍ الْعَفْلَةِ،، وَهُوَ لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي الْفَرْجِ فِي مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَالْغُدَّةِ الْغَلِيظَةِ، وَقَدْ يَكُونُ عَظْمًا. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ حِسًّا) أَيْ فِي الرَّتْقِ وَالْقَرْنِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ طَبْعًا) أَيْ فِي الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ بَرِصَ الرَّجُلُ) مِنْ بَابِ تَعِبَ. اهـ. مِصْبَاحٌ

ص: 25