المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في الحرز) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٣

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ).فِي الْإِحْدَادِ

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌{بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ}

- ‌{بَابُ التَّدْبِيرِ}

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌{كِتَابُ الْأَيْمَانِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌{بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ}

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌[بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا]

- ‌(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

- ‌(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

- ‌[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُرْتَدِّينَ)

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌[كِتَاب الْمَفْقُود]

- ‌(كِتَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

الفصل: ‌(فصل في الحرز)

السُّودَانِ يُقْطَعُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا يُقْطَعُ فِي الْأَبْوَابِ إذَا كَانَتْ فِي الْحِرْزِ وَكَانَتْ خَفِيفَةً لَا يَثْقُلُ حِمْلُهَا عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِي سَرِقَةِ الثَّقِيلِ مِنْ الْأَبْوَابِ وَإِنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً عَلَى الْبَابِ لَا يُقْطَعُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُحْرَزَةً بِهِ بَلْ هِيَ حِرْزٌ لِغَيْرِهَا لِأَنَّ الْحِرْزَ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْيَدِ إلَى الْمَالِ وَيَصِيرُ الْمَالُ بِهِ مُحْصَنًا وَهِيَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَلَا تَكُونُ مُحْرَزَةً بِالتَّرْكِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ)

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَا بِرَضَاعٍ وَمِنْ زَوْجَتِهِ وَزَوْجِهَا وَسَيِّدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجِ سَيِّدَتِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَخَتْنِهِ وَصِهْرِهِ وَمِنْ مَغْنَمٍ وَحَمَّامٍ وَبَيْتٍ أُذِنَ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَلِلْبُسُوطَةِ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ عَادَةً وَلِهَذَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَأَبَاحَ الشَّرْعُ النَّظَرَ إلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ وَجَرَتْ الْبُسُوطَةُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمَالِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ فِيهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَكَانَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ ظَاهِرَةً وَهِيَ كَافِيَةٌ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِخِلَافِ الصَّدِيقِ لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ عَادَاهُ فَلَمْ يَبْقَ صَدِيقًا لَهُ وَفِي غَيْرِ الْوِلَادِ مِنْ الْأَقَارِبِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا بِالْأَجَانِبِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي النَّفَقَةِ وَالْعَتَاقِ

وَلَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مَالَ غَيْرِهِ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْحِرْزِ وَبِالْعَكْسِ يُقْطَعُ لِوُجُودِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي الْوِلَادِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ لَا بِرَضَاعٍ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ فِيهِ لِعَدَمِ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ مِنْ الشُّبْهَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا عَادَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ بِخِلَافِ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ لِعَدَمِ هَذَا الْمَعْنَى قُلْنَا كُلُّ ذَلِكَ لَا يَشْتَهِرُ فَلَا يُوجِبُ الْبُسُوطَةَ وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِدُونِ الْقَرَابَةِ لَا تُحْتَرَمُ كَمَا إذَا ثَبَتَتْ بِالزِّنَا وَلِهَذَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْأَخِ أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ]

(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ وَالْمَسْرُوقُ هُوَ الْمَالُ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْحِرْزِ لِأَنَّ الْحِرْزَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَطْعِ إلَّا أَنَّهُ أَخَّرَ ذِكْرَهُ لِأَنَّ الْحِرْزَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَالِ وَالْحِرْزُ فِي اللُّغَةِ الْمَوْضِعُ الْحَرِيزُ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ الشَّيْءُ أَيْ يُحْفَظُ وَفِي الشَّرْعِ مَا يُحْفَظُ فِيهِ الْمَالُ عَادَةً كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَالْخَيْمَةِ أَوْ الشَّخْصُ بِنَفْسِهِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْحِرْزِ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ مُضَيِّعًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَمَّامٍ) أَيْ نَهَارًا. اهـ. مَجْمَعٌ (قَوْلُهُ وَبَيْتٍ إلَخْ) بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَمَّامٍ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِ الْوِلَادِ مِنْ الْأَقَارِبِ) كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ فَعِنْدَنَا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ الْقَطْعُ لَهُ ظَاهِرٌ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَلِأَنَّ مِلْكَ أَحَدِهِمَا مُبَايِنٌ لِمِلْكِ الْآخَرِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ لِوُجُودِ سَرِقَةٍ مِنْ حِرْزٍ كَامِلٍ وَلَنَا أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَجِبُ إلَّا بِأَخْذِ الْمَالِ وَهَتْكِ الْحِرْزِ وَلَمْ يُوجَدْ هَتْكُ الْحِرْزِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فَلَا يَبْقَى الْمَالُ مُحْرَزًا فِي حَقِّ السَّارِقِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61]

فَإِنْ قُلْت الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْأَكْلِ لَا إبَاحَةِ الدُّخُولِ قُلْت الْأَكْلُ فِي الْبَيْتِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالدُّخُولِ فِيهِ فَدَلَّ إبَاحَةُ الْأَكْلِ فِي الْبَيْتِ عَلَى إبَاحَةِ الدُّخُولِ فِيهِ وَمَعَ إبَاحَةِ الدُّخُولِ فِيهِ لَا يَكُونُ الْحِرْزُ ثَابِتًا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ اسْتِدْلَالُكُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيهَا {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] وَمَعَ هَذَا لَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الصَّدِيقِ قُطِعَ قُلْت لَمَّا سَرَقَ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَدِيقًا بَلْ كَانَ عَدُوًّا بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ لَا يُقَالُ لَمْ تَبْقَ الْأُخُوَّةُ أَوْ الْعُمُومَةُ أَوْ الْخُؤُولَةُ أَوْ الْقَرَابَةُ بِالسَّرِقَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ السَّرِقَةِ فَنَقُولُ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْإِجْمَاعِ قَدْ خُصَّ مِنْهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَقَرَابَةُ الْوِلَادِ وَغَيْرُ الْحِرْزِ وَمَالٌ فِيهِ شَرِكَةٌ لِلسَّارِقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ قُلْنَا هَذَا مَالٌ غَيْرُ مُحْرَزٍ فِي حَقِّ السَّارِقِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فَلَا يُقْطَعُ كَمَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ) أَمَّا قَرَابَةُ الْوِلَادِ فَلَا قَطْعَ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ يُقْطَعُ) أَيْ كَمَا إذَا سَرَقَ مَالَ ذِي رَحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ مَثَلًا أَوْ ابْنَ الْخَالِ إذَا كَانَ أَخًا مِنْ الرَّضَاعِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٌ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِقَوْلِهِ لَا بِرَضَاعٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي حَالَ الْمُطَالَعَةِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت الْبَدْرَ الْعَيْنِيَّ رحمه الله أَجَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ رحمه الله بِمِثْلِ مَا ظَهَرَ لِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ اهـ

(قَوْلُهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَجَبَ الْقَطْعُ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ رَضَاعًا لَا يُقْطَعُ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْنَا كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يُوجِبُ الْبُسُوطَةَ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْأُمِّ مِنْ الرَّضَاعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ يَعْنِي بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي دُخُولِ الْمَنْزِلِ فَلَا يُقْطَعُ فَقَالَ الرَّضَاعُ قَلِيلٌ اشْتِهَارُهُ عَادَةً فَلَا انْبِسَاطَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ لِعَدَمِ اشْتِهَارِ الرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَنْ الْوُقُوفِ فِي مَوْقِفِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الْأُمِّ مِنْ النَّسَبِ فَإِنَّ النَّسَبَ أَمْرٌ مُشْتَهِرٌ فَالِانْبِسَاطُ مُتَحَقِّقٌ لَا مَحَالَةَ اهـ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ) فَإِنْ قُلْت أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رُبَّمَا يُحْرِزُ مَالَهُ عَنْ الْآخَرِ قُلْت نَعَمْ لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ التَّبَسُّطُ فِي الْمَنْزِلِ

ص: 220

فَلِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً فَانْعَدَمَ الْحِرْزُ

وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ السَّرِقَةَ انْعَقَدَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلْقَطْعِ فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً كَمَا إذَا وَهَبَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ سَرَقَتْ هِيَ مِنْهُ لَا يَقْطَعُ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ بَيْنَهُمَا قَائِمَةٌ إذْ الدُّخُولُ مُبَاحٌ لِلِاطِّلَاعِ صِيَانَةً لِمَائِهِ أَوْ لِوُجُوبِ السُّكْنَى عَلَيْهَا حَيْثُ يَسْكُنُ وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْمَنْزِلُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ دُونَ السَّارِقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ عَنْ الْخَلْوَةِ بِصَاحِبِهِ فَحَرُمَ الدُّخُولُ عَلَيْهِ كَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ لَا يُقْطَعُ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ فَصَارَ كَمَا إذَا مَلَكَ الْمَسْرُوقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَالشُّبْهَةُ تُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ دُونَ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ تُعْتَبَرُ فِيهَا حَالَةُ الْمَوْتِ لَا غَيْرُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ يُقْطَعُ

وَكَذَا لَوْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ حِرْزٍ لِلْآخَرِ لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ لِوُجُودِ الْبُسُوطَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ عَادَةً وَدَلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا بَذَلَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ أَنْفَسُ مِنْ الْمَالِ فَالنَّفْسُ أَوْلَى وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَالْعَبْدُ فِي هَذَا مُلْحَقٌ بِمَوْلَاهُ حَتَّى لَا يُقْطَعَ فِي سَرِقَةٍ لَا يُقْطَعُ فِيهَا الْمَوْلَى كَالسَّرِقَةِ مِنْ أَقَارِبِ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالدُّخُولِ عَادَةً فِي بُيُوتِ هَؤُلَاءِ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ وَالْمُكَاتَبُ فِيهِ كَالْقِنِّ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ مُكَاتَبِهِ فَلِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَكْسَابِهِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ مُكَاتَبٍ فَتَحَقَّقَتْ الشُّبْهَةُ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ خَتْنِهِ وَصِهْرِهِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَعِنْدَهُمَا يَقْطَعُ لَهُ أَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِالْبُسُوطَةِ فِي دُخُولِ بَعْضِهِمْ مَنَازِلَ بَعْضٍ بِلَا اسْتِئْذَانٍ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْحِرْزِ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِي مِلْكِ الْبَعْضِ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالْقَرَابَةِ وَلَا قَرَابَةَ وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِالْمُصَاهَرَةِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِالرَّضَاعِ

وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا سَرَقَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ مَغْنَمٍ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَتَى بِرَجُلٍ مِنْ الْمَغْنَمِ فَدَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ وَقَالَ إنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فِيهِ فَلِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ بِالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ إذَا سَرَقَ ثَوْبًا مِنْ تَحْتِ رَجُلٍ فِي الْحَمَّامِ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْحَمَّامَ بُنِيَ لِلْإِحْرَازِ فَكَانَ حِرْزًا فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَافِظُ كَالْبَيْتِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِزًا بِالْمَكَانِ فَيُعْتَبَرُ الْحَافِظُ كَالطَّرِيقِ وَالصَّحْرَاءِ

أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ فِي وَقْتٍ لَا يُؤْذَنُ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فِيهِ يُقْطَعُ وَفِي الْمَسْجِدِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَحَوَانِيتُ التُّجَّارِ وَالْخَانَاتُ كَالْحَمَّامِ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ لِلْإِحْرَازِ وَالْإِذْنُ مُخْتَصٌّ بِوَقْتِ التِّجَارَةِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْحِرْزِ لِأَنَّ الِاخْتِفَاءَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ حِرْزٌ لِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ لِوُجُودِ التَّبَسُّطِ كَمَا إذَا أَحْرَزَ الْأَبُ مَالَهُ عَنْ ابْنِهِ فَسَرَقَ الِابْنُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَانْعَدَمَ الْحِرْزُ) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ سَرَقَ مِرْآةً لِامْرَأَةِ سَيِّدِهِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ فَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ خَادِمُ الزَّوْجِ فَالزَّوْجُ أَوْلَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا) قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَبَانَتْ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ

(قَوْلُهُ أَوْ سَرَقَتْ هِيَ مِنْهُ لَا تُقْطَعُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ يَجِبُ الْقَطْعُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله وَلَوْ سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قُضِيَ بِالْقَطْعِ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يُقْضَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ إذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ تُقْطَعُ يَدُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَالنَّفْسُ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ فَالْمَالُ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا سَرَقَ مِنْ مَوْلَاهُ كَالْقِنِّ اهـ وَكَذَا الْمُدَبَّرُ عَبْدٌ مَا لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ لِمَا بَيَّنَّا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَهُ حَقًّا فِي أَكْسَابِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ مَالَ الْمُكَاتَبِ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَمَالُهُ لَهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ فَمَالُهُ لِلْمَوْلَى وَلَا قَطْعَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى السَّارِقِ وَعَلَى غَيْرِهِ كَمَا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الْمُتَابِعَيْنِ مَا شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ خَتْنِهِ) سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْأَصْهَارَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ وَأَنَّ الْأَخْتَانَ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ مَغْنَمٍ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنَائِمِ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَةَ كَمَا أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ السَّارِقِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ أَوْ فِي الْخُمُسِ كَالْغَانِمِينَ أَوْ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ أَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مُسْتَتَمًّا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَيُقْطَعُ بِخِلَافِ السَّارِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُعَدٌّ

لِمَصَالِح عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ

وَهُوَ مِنْهُمْ فَصَارَ كَمَالٍ فِيهِ شَرِكَةٌ لِلسَّارِقِ فَلَا يُقْطَعُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَالَ الْغَنِيمَةِ مُبَاحٌ أَخْذُهُ فِي الْأَصْلِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَهُوَ بَعْدُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَصَارَ بَقَاؤُهُ عَلَى صُورَتِهِ شُبْهَةً فَسَقَطَ الْقَطْعُ وَالْمَغْنَمُ الْغَنِيمَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَتَعْلِيلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ اهـ

ص: 221

لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ كَالدُّورِ وَالْبُيُوتِ وَالصَّنَادِيقِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ وَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ كَمَنْ جَلَسَ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ مَتَاعُهُ وَهُوَ مُحْرَزٌ بِهِ وَقَدْ «قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ»

وَفِي الْمُحْرَزِ بِالْمَكَانِ لَا يُعْتَبَرُ الْإِحْرَازُ بِالْحَافِظِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْحِرْزَ بِهِ فَوْقَ الْحِرْزِ بِالْحَافِظِ لِأَنَّ الْحِرْزَ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْيَدِ إلَى الْمَالِ وَبِهِ امْتَنَعَ مَعَ اخْتِفَائِهِ فِيهِ عَنْ أَعْيُنِهِمْ فَكَانَ الْحِرْزُ بِالْحَافِظِ دُونَهُ فَيَكُونُ كَالْبَدَلِ عَنْهُ فَلَا يُعْتَبَرُ حَالَ وُجُودِ الْأَصْلِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِيهِ فَسَرَقَ مِنْهُ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ حَاضِرٌ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الْحَافِظَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْحِرْزِ بِالْمَكَانِ وَذَلِكَ قَدْ سَقَطَ بِالْإِذْنِ وَلَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا بِالنَّهَارِ فَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ وَلَيْسَ بِسَرِقَةٍ وَلَوْ كَانَ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ انْقِطَاعِ انْتِشَارِ النَّاسِ قُطِعَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَفِي الْمُحِيطِ الْفَشَّاشُ وَهُوَ الَّذِي يُهَيِّئُ لِغَلْقِ الْبَابِ مَا يَفْتَحُهُ فَفَشَّ بَابًا فِي الدَّارِ أَوْ فِي السُّوقِ نَهَارًا وَلَيْسَ فِي الدَّارِ وَلَا فِي السُّوقِ أَحَدٌ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا وَأَخَذَ الْمَتَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ يُقْطَعُ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ

وَأَوْجَبَ الْقَطْعَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْخَانَاتِ وَفِي الْحَوَانِيتِ لَيْلًا لَا نَهَارًا مُطْلَقًا هَذَا فِي الْمَفْتُوحَةِ وَفِي الْمُغْلَقَةِ يُقْطَعُ مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ وَالْإِخْرَاجُ مِنْ الْحِرْزِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي الْمُحْرَزِ بِالْمَكَانِ لِقِيَامِ يَدِهِ قَبْلَهُ وَفِي الْحَافِظِ يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ لِزَوَالِ يَدِ الْمَالِكِ بِهِ فَتَتِمُّ السَّرِقَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ مُسْتَيْقِظًا أَوْ نَائِمًا عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ وَإِطْلَاقُ الْقُدُورِيِّ بِقَوْلِهِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَكُونُ مُحْرِزًا فِي حَالِ نَوْمِهِ إلَّا إذَا كَانَ تَحْتَ جَنْبِهِ أَوْ تَحْتَ رَأْسِهِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْإِحْرَازُ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يَعُدُّونَ النَّائِمَ عِنْدَ مَتَاعِهِ حَافِظًا لَهُ لَا مُضَيِّعًا وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ بِمِثْلِهِ.

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَرَبُّهُ عِنْدَهُ قُطِعَ) لِمَا رَوَيْنَا وَذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ سَرَقَ ضَيْفٌ مِمَّنْ أَضَافَهُ أَوْ سَرَقَ شَيْئًا أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ لَا) أَيْ لَا يَقْطَعُ لِأَنَّ الْبَيْتَ فِي حَقِّ الضَّيْفِ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي دُخُولِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِهِ وَالدَّارُ بِمَا فِيهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا فِي الْمَعْنَى وَهِيَ كُلُّهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهَا لِيَتَحَقَّقَ الْأَخْذُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْغَصْبِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْبُيُوتِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِهَا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ كُلُّهَا حِرْزًا وَاحِدًا حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا فَسَرَقَ مِنْ الْبَيْتِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَسَرَقَ مِنْهَا وَأَخْرَجَهُ إلَى صَحْنِهَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهَا عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةٍ إلَى الدَّارِ أَوْ أَغَارَ مِنْ أَهْلِ الْحُجْرَةِ عَلَى حُجْرَةٍ أَوْ نَقَبَ فَدَخَلَ وَأَلْقَى شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ فَسَاقَهُ وَأَخْرَجَهُ قُطِعَ) لِتَحَقُّقِ السَّرِقَةِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَمَّا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةٍ إلَى الدَّارِ أَيْ إلَى صَحْنِهَا فَلِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْحِرْزِ قَدْ تَحَقَّقَ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً وَفِيهَا مَقَاصِيرُ أَيْ حُجَرٌ وَمَنَازِلُ وَفِي كُلِّ مَقْصُورَةٍ مَكَانٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَهْلُهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ فَيَكُونُ إخْرَاجُهُ إلَيْهِ كَإِخْرَاجِهِ إلَى السِّكَّةِ لِأَنَّ كُلَّ مَقْصُورَةٍ حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ إذْ لِكُلِّ مَقْصُورَةٍ بَابٌ وَغَلْقٌ عَلَى حِدَةٍ وَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مُحْرَزٌ بِمَقْصُورَتِهِ فَكَانَتْ الْمَنَازِلُ بِمَنْزِلَةِ دُورٍ فِي مَحَلَّةٍ وَأَمَّا إذَا أَغَارَ مِنْ أَهْلِ الْحُجْرَةِ عَلَى أَهْلِ حُجْرَةٍ أُخْرَى فَالْمُرَادُ بِهِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْمَنَازِلِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ كَالدُّورِ وَالْبُيُوتِ وَالصَّنَادِيقِ) أَيْ وَالْحَانُوتِ وَالْخَيْمَةِ وَالْجَرِينِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ) أَيْ ابْنِ أُمَيَّةَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ) ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّإِ وَالسُّنَنِ أَيْضًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ) وَفِي فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ إنَّمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُودَعِ فِيمَا إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِيمَا إذَا نَامَ قَاعِدًا أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ أَمَّا فِي السَّفَرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا. اهـ. دِرَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا أَغَارَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ أَغَارَ لَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَالصَّمْيَرِيِّ وَهُوَ مَنْ أَغَارَ عَلَى الْعَدُوِّ وَأَمَّا لَفْظُ مُحَمَّدٍ وَإِنْ أَعَانَ يَعْنِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْإِغَارَةَ تَدُلُّ عَلَى الْجَهْرِ وَالْمُكَابَرَةِ وَالسَّرِقَةِ عَلَى الْخُفْيَةِ وَلِلْأَوَّلِ وَجْهٌ أَيْضًا عِنْدِي بِأَنْ يَدْخُلَ اللِّصُّ مُكَابَرَةً بِاللَّيْلِ جَهْرًا وَيُخْرِجَ الْمَالَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْخُفْيَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اللَّفْظُ أَيْضًا رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيَّ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الْعُلُومِ لَا سِيَّمَا الْفِقْهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِي هَذَا الْقَدْرِ وَالْإِغَارَةُ جَاءَتْ بِمَعْنَى الْإِسْرَاعِ وَالْعَدْوِ أَيْضًا قَالَ الْفَرَزْدَقُ رَأَوْنَا فَوْقَهُمْ وَلَنَا عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الرَّافِعِينَ مَعَ الْغَيْرِ يَقُولُ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْمَوْسِمِ رَأَوْنَا أَئِمَّتَهُمْ وَالْمُغِيرُ الْمُسْرِعُ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي سَيَّارَةَ عَمِيلَةَ بْنِ خَالِدٍ الْعُدْوَانِيِّ

وَكَانَ يَدْفَعُ بِالنَّاسِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ عَلَى حِمَارٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَضَرَبَتْ الْعَرَبُ بِحِمَارِهِ الْمَثَلَ فَقَالُوا أَصَحُّ مِنْ عَيْرِ أَبِي سَيَّارَةَ وَكَانَ يَقُولُ أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا تُغِيرُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ أَسْرَعَ إنْسَانٌ وَعَدَا مِنْ مَقْصُورَةٍ عَلَى مَقْصُورَةٍ فَسَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ وَجَاءَ أَغَارَ الْحَبْلَ أَيْ فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا ذَكَرَهُ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ وَغَيْرِهِ وَالْفَتْلُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُخَادَعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مَا فِي مَعْنَاهُ فِيهَا أَيْضًا أَلَا تَرَى إلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ الْخُرُوجَ إلَى الْبَصْرَةِ فَأَبَتْ عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يَفْتِلُ فِي الذُّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى أَجَابَتْهُ الذُّرْوَةُ أَعْلَى السَّنَامِ وَالْغَارِبُ مُقَدِّمُهُ هُوَ مَثَلٌ يُقَالُ مَا زَالَ يَفْتِلُ فِي ذُرْوَتِهِ أَيْ يُخَادِعُهُ حَتَّى يُزِيلَهُ عَنْ رَأْيٍ هُوَ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ إذَا احْتَالَ وَخَادَعَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ مَقْصُورَةٍ عَلَى مَقْصُورَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ اهـ كَلَامُ الْأَتْقَانِيِّ رحمه الله

وَقَالَ الْكَمَالُ يُرِيدُ دُخُولَ مَقْصُورَةٍ عَلَى غِرَّةٍ فَأُخِذَ بِسُرْعَةٍ يُقَالُ أَغَارَ الْفَرَسُ وَالثَّعْلَبُ فِي الْعَدْوِ إذَا أَسْرَعَ اهـ

ص: 222

عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ بَلْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْمَنَازِلِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يُقْطَعُ السَّاكِنُ فِيهَا وَلَا الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا إذَا سَرَقَ مِنْ بَعْضِ مَقَاصِيرِهَا

وَأَمَّا إذَا نَقَبَ وَدَخَلَ إلَخْ فَلِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ بِالدُّخُولِ وَتَمَّتْ السَّرِقَةُ بِالْإِخْرَاجِ وَالْأَخْذُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ رحمه الله هُوَ يَقُولُ الْإِلْقَاءُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ وَكَذَا الْأَخْذُ مِنْ الطَّرِيقِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنْ الطَّرِيقِ وَلَنَا أَنَّهُ حِيلَةٌ مُعْتَادَةٌ بَيْنَ السُّرَّاقِ إمَّا لِتَعَذُّرِ الْخُرُوجِ مَعَ الْمَتَاعِ أَوْ لِيُمْكِنَهُ الدَّفْعُ وَالْفِرَارُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَصَارَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَهَذَا لِأَنَّ يَدَهُ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ بِالْأَخْذِ ثُمَّ بِالرَّمْيِ لَمْ تَزَلْ يَدُهُ حُكْمًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ سَقَطَ مِنْهُ مَالٌ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ حُكْمًا فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى يَدِهِ حَقِيقَةً فَإِذَا أَبْقَى يَدَهُ حُكْمًا وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْأَخْذِ يُقْطَعُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ

وَهَذَا لِأَنَّ رَمْيَهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلتَّضْيِيعِ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ التَّضْيِيعَ عَلَى صَاحِبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ حِيلَةً لِإِتْمَامِ الْأَخْذِ وَأَيُّهُمَا فَعَلَ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّمْيَ كَانَ لِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ إلَخْ فَلِأَنَّ سَيْرَ الْحِمَارِ مُضَافٌ إلَيْهِ بِسَوْقِهِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ السَّائِقُ مَا أَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ وَلَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَا يُقْطَعُ وَفِي قَوْلِهِ فَسَاقَهُ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ ضَعِيفًا وَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ قُطِعَ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مُضَافٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَقِيلَ يُقْطَعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ نَاوَلَ آخَرَ مِنْ خَارِجٍ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ وَأَخَذَ أَوْ طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ كُمٍّ أَوْ سَرَقَ مِنْ قِطَارٍ بَعِيرًا أَوْ حَمَلًا لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا لِعَدَمِ الْحِرْزِ أَوْ لِعَدَمِ هَتْكِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا نَاوَلَ آخَرَ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ وَمُرَادُهُ إذَا نَقَبَ وَدَخَلَ وَنَاوَلَ الْمَتَاعَ غَيْرَهُ فَلِأَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِهَتْكِ الْحِرْزِ وَالْإِخْرَاجِ وَلَمْ يُوجَدَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الْخَارِجُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْهَتْكُ وَالدَّاخِلُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ وُجِدَ بِإِخْرَاجِ يَدِهِ فَقَدْ بَطَلَ بِاعْتِرَاضِ يَدِ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَلَمْ تَتِمَّ السَّرِقَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَى الدَّاخِلِ الْقَطْعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْهَتْكَ تَمَّ مِنْهُ فَصَارَ الْمَالُ مُخْرَجًا بِفِعْلِهِ أَوْ بِمُعَاوَنَتِهِ وَأَمَّا الْخَارِجُ فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ وَلَكِنَّ الدَّاخِلَ أَخْرَجَ يَدَهُ وَنَاوَلَهُ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْهَتْكِ وَالْإِخْرَاجِ مِنْهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ الْخَارِجَ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ يُقْطَعُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ذَكَرَهَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ

وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ يَعْنِي مِنْ النَّقْبِ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ اللِّصُّ إذَا كَانَ ظَرِيفًا لَا يُقْطَعُ قِيلَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أَنْ يَنْقُبَ الْبَيْتَ وَيُدْخِلَ يَدَهُ وَيُخْرِجَ الْمَتَاعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ هُوَ وَلِأَنَّ هَتْكَ الْحِرْزِ مُعْتَبَرٌ لِإِيجَابِ الْقَطْعِ وَفِي الْحُدُودِ يُرَاعَى كَمَالُ السَّبَبِ وَالشُّرُوطُ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ وَأَكْمَلُ جِهَةٍ هَتْكُ الْحِرْزِ بِالدُّخُولِ فَيُشْتَرَطُ بِخِلَافِ الصُّنْدُوقِ وَالْجَيْبِ وَالْكُمِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْمُمْكِنَ فِيهَا إدْخَالُ الْيَدِ لَا الدُّخُولُ فَيُشْتَرَطُ الْمُمْكِنُ لَا غَيْرُ لِلتَّعَذُّرِ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ يَقُولُ إنَّ السَّرِقَةَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ عَلَى الْخُفْيَةِ وَقَدْ تَحَقَّقَ بِإِدْخَالِ يَدِهِ كَمَا تَحَقَّقَ بِدُخُولِهِ بِنَفْسِهِ وَالدُّخُولُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي الصُّنْدُوقِ وَنَحْوِهِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّا وَحُصُولُ الْمَقْصُودِ بِغَيْرِ هَتْكِ الْحِرْزِ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَقَّ جُوَالِقًا فَتَبَدَّدَ مَا فِيهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَخَذَهُ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ لِعَدَمِ الْهَتْكِ

وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْهَتْكِ وَأَمَّا إذَا طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ فَلِأَنَّ الرِّبَاطَ مِنْ خَارِجٍ فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَمْ يُوجَدْ هَتْكُ الْحِرْزِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ وَإِنْ كَانَتْ الصُّرَّةُ دَاخِلَةً فَطَّرَهَا وَأَخَذَهَا قُطِعَ لِأَنَّ الرِّبَاطَ مِنْ دَاخِلٍ فَبِالطَّرِّ تَبْقَى الصُّرَّةُ دَاخِلَ الْكُمِّ فَيَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الدَّاخِلِ فَوُجِدَ الْهَتْكُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّرِّ حَلُّ الرِّبَاطِ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ لِانْعِكَاسِ الْعِلَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ مُحْرِزٌ بِالْكُمِّ أَوْ بِصَاحِبِهِ قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ بِالْحَافِظِ إلَّا إذَا كَانَ يَحْفَظُهُ مِنْ السُّرَّاقِ وَبَعُدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَصَارَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ غَيْرُهُ حَيْثُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْحِرْزِ وَلَيْسَ عَلَى السَّارِقِ أَيْضًا قَطْعٌ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ بِاعْتِرَاضِ يَدِ الْآخَرِ لَمْ تَبْقَ يَدُهُ قَائِمَةً عَلَى السَّرِقَةِ حِينَ الْخُرُوجِ وَقَدْ خَرَجَ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ خَرَجَ اهـ أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالرَّمْيِ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ حُكْمًا) أَيْ لِعَدَمِ اعْتِرَاضِ يَدٍ أُخْرَى عَلَى يَدِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ لَمْ يَضْمَنْ) سَيَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَضْمَنُ السَّائِقُ إلَخْ) وَفِي مَبْسُوطِ أَبِي الْيُسْرِ وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى عُنُقِ كَلْبٍ فَزَجَرَهُ يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ زَجْرٍ لَا يُقْطَعُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْقِهِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَا يُقْطَعُ) أَيْ لِأَنَّ لِلْبَهِيمَةِ اخْتِيَارًا لِنَفْسِهَا. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَلَوْ ذَهَبَ السَّارِقُ إلَى مَنْزِلِهِ فَخَرَجَ الْحِمَارُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ لَا يُقْطَعُ وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ شَيْئًا عَلَى طَائِرٍ وَتَرَكَهُ ثُمَّ طَارَ إلَى مَنْزِلِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ لَا يُقْطَعُ) كَذَا فِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا طَرَّ صُرَّةً) الطَّرُّ الشِّقُّ وَمِنْهُ الطِّرَارُ وَالصُّرَّةُ الْهِمْيَانُ وَالْمُرَادُ مِنْ الصُّرَّةِ هُنَا نَفْسُ الْكُمِّ الْمَشْدُودِ فِيهِ الدَّرَاهِمُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِالْكُمِّ) أَيْ فِي صُورَةِ طَرِّهَا خَارِجَ الْكُمِّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بِصَاحِبِهِ) أَيْ فِي صُورَةِ طَرِّهَا دَاخِلَ الْكُمِّ. اهـ. كَاكِيٌّ

ص: 223