المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المسألة الثانية: إذا كان الفاعل ضميرًا مستترًا مفسرًا بتمييز كما - تعجيل الندى بشرح قطر الندى

[عبد الله بن صالح الفوزان]

الفصل: المسألة الثانية: إذا كان الفاعل ضميرًا مستترًا مفسرًا بتمييز كما

المسألة الثانية: إذا كان الفاعل ضميرًا مستترًا مفسرًا بتمييز كما مضى، فلابد من مطابقة التمييز للمخصوص بالمدح أو الذم، فيتطابقان تذكيرًا وتأنيثًا وإفرادًا فتقول: نعم رجلاً محمد، ونعم رجلين المحمدان، ونعم رجالاً المحمدون. نعم أو نِعْمت فتاةً المتحجبة، أو فتاتين المتحجبتان، أو فتياتٍ المتحجبات.

‌نائب الفاعل

قوله: (يُحْذََفُ الْفَاعِلُ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا مَفْعُولٌ بِهِ، فإنِْ لَمْ يُوجَدْ فَمَا اخْتَصَّ وتَصَرَّفَ مِنْ ظَرْف أَوْ مَجْرُورٍ، أَوْ مَصْدَرٍ) .

نائب الفاعل (1) : هو ما حذف فاعله وأُقيم مُقامه.

وقولنا: (ما) أي: اسم صريح نحو: نُقل الخبر، أو مؤول، نحو: يُخَاف أن تزيد الأسعار. فـ (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل، أي: يُخَافُ زيادةُ الأسعار.

وقولنا: حذف فاعله، أي لغرض لفظي أو معنوي، فاللفظي: كالمحافظة على السجع نحو: من طابت سريرتُه حُمدت سيرتُه، والمعنوي: كالعلم به، كقوله تعالى:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} . (2) أو الجهل به نحو: سُرِقَ القلم؛ إلى غير ذلك من الأغراض التي هي من مباحث البلاغين في علم المعاني.

وقولنا: (وأقيم مُقامه) أي أقيم النائب من مفعول به وغيره مُقام الفاعل. فيأخذ أحكامه كلها من إسناد العامل إليه. ووجوب تأخره عنه. واستحقاقه للاتصال به، وامتناع حذفه، وتأنيث الفعل له، إن كان مؤنثاً، وغير ذلك، فتقول في: أَكْرَمَ خالدٌ الغريبَ. أُكْرِمَ الغريبُ وفي: أَكرم خالدٌ فاطمةَ، أُكْرِمَت فاطمةُ.

فإذا أريد حذف الفاعل لغرض من الأغراض ترتب على حذفه أمران:

(1) يسميه كثير من القدماء (المفعول الذي لم يسم فاعله) . وما ذكر أحسن، لأنه يكون نائب الفاعل غير المفعول به مما سيأتي.

(2)

سورة النساء، آية:28.

ص: 154

1-

تغيير صيغة الفعل، وهو تحويله من الفعل المبني للمعلوم إلى مبني للمجهول، إيذاناً بالنيابة، وهذا سيأتي بيانه إن شاء الله.

2-

إقامة نائب عنه يَحُلُّ محله. وهو أربعة أشياء:

الأول: المفعول به، وهو الأصل في النيابة عن الفاعل، ولهذا لا ينوب عنه غيره مع وجوده، كما يفهم من قول ابن هشام:(فإن لم يوجد) ، وتقدم له أمثلة.

فإن كان الفعل يتعدى لمفعولين أنيب الأول مُناب الفاعل وبقي الثاني منصوباً، نحو: أَعطيتُ الفقير ثوباً، فتقول: أُعطي الفقيرُ ثوباً. فـ (أُعطي) فعل ماض مبني للمجهول (الفقير) نائب فاعل مرفوع (ثوباً) مفعول ثانٍ منصوب.

الثاني: الظرف بنوعيه - الزماني والمكاني - ويشترط لنيابته عن الفاعل شرطان:

1-

أن يكون متصرفًا. والمراد به ما يخرج من النصب على الظرفية، ومن الجر بـ (من) إلى التأثر بالعوامل المختلفة، كـ (زمن ووقت وساعة ويوم وقدام وخلف) ونحوها، بخلاف (سحر) - إذا أريد به سَحَرُ يوم بعينه - فلا يصلح أن يكون نائب فاعل؛ لأنه ملازم للنصب على الظرفية. وبخلاف:(عندَ) فإنه ملازم للنصب أو الجر بـ (من) .

2-

أن يكون الظرف مختصاً. والمراد بالاختصاص - هنا - أن يزاد على معنى الظرفية معنى جديداً، ليزول الغموض والإبهام من معناه. وذلك إما بوصف أو إضافة أو علمية ونحوها. مثل: صِيْمَ يومُ الخميس، فـ (يوم) نائب فاعل مرفوع (1) . وقد حصل الاختصاص بإضافته إلى كلمة (الخميس)، ونحو: جُلس وقتٌ طويلٌ. فـ (وقت) نائب فاعل مرفوع، تخصص بالوصف، ونحو: صيم رمضانُ، فـ (رمضان) نائب فاعل مرفوع، وقد تخصص بالعلمية، ونحو: جُلِسَ قدامُ الطلاب. فتخصص الظرف المكاني بالإضافة، بخلاف: جُلس وقت: فلا يصح، لعدم الفائدة.

الثالث: مما ينوب عن الفاعل: المصدر، ويشترط لنيابته شرطان كالظرف:

(1) إذا صار الظرف نائب فاعل أو مبتدأ أو فاعلاً أو شيئاً آخر غير النصب على الظرفية فإنه لا يسمى ظرفًا.

ص: 155

1-

أن يكون متصرفاً، والمراد به ما يخرج من النصب على المصدرية إلى التأثر بالعوامل المختلفة، نحو: أَكْلٌ، كتابة، فَهْمٌ، جلوس وغيرها، بخلاف (مَعَاذَ اللهِ) فهو مصدر ميمي منصوب بفعل محذوف، أي: أعوذ بالله معاذًا، ولم يشتهر استعماله عن العرب ِإلا منصوبًا مضافًا، فلا يقع نائب فاعل، لئلا يُخْرَجَ عما استقر له في لسان العرب.

2-

أن يكون مختصًا، والمراد بالاختصاص هنا: أن يكتسب المصدر من لفظ آخر معنى زائدًا على معناه المبهم المقصور على الحدث المجرد نحو: قُرئ قراءةٌ مجودةٌ، جُلس جلوسُ الخائف، بخلاف: قُرئ قراءة. لعدم الفائدة؛ لأن المصدر لم يفد معنى زائدًا على ما فهم من الفعل.

الرابع: مما ينوب عن الفاعل: الجار والمجرور، وله شرطان:

1-

أن يكون حرف الجر متصرفًا، والمراد به: ألا يلزم طريقة واحدة لا يخرج عنها إلى غيرها، مثل: في، عن، الباء ونحوها، بخلاف (مذ) و (منذ) الملازمين لجر الزمان، و (رُبَّ) الملازمة للنكرات.

2-

أن يكون المجرور مختصًّا، والمراد بالاختصاص: أن يكتسب الجار مع مجروره معنى زائدًا إما بوصف أو إضافة أو غيرهما نحو: جُلس في حديقة واسعة، فُرح بانتصار المسلمين. ونائب الفاعل هو الجار والمجرور فيكون في محل رفع. (1)

قوله: (وَيُضَمُّ أَوَّلُ الْفِعْلِ مُطْلَقاً، ويُشَاركُهُ ثَانِي نَحْو تُعُلَّمَ وثَالِثُ نحْوِ انْطُلِقَ، ويُفْتَحُ مَا قَبِلَ الآخرِ فِي الْمُضَارع، ويُكْسَرُ فِي الْمَاضِي ولَكَ فِي نَحْوِ قَالَ وبَاعَ الْكَسْرُ مُخْلَصاً ومُشَمًّا ضَماً والضَّمُّ مُخْلَصاً) .

(1) وهذا فيه تيسير.والقول والثاني أن نائب الفاعل هو المجرور وحده فهو مجرور في الظاهر ولكنه في محل رفع. فإن كان حرف الجر زائدًا نحو: ما أكرم من أحد. فلا خلاف في أن النائب هو المجرور وحده فهو مجرور لفظًا مرفوع محلاً. انظر (همع الهوامع للسيوطي 1/163) .

ص: 156

تقدم أن شرط النيابة عن الفاعل: تغيير صورة الفعل إيذانًا بهذه النيابة، وتفصيل ذلك كما يلي:

1-

إذا كان الفعل ماضيًا صحيح العين خاليًا من التضعيف وجب ضم أوله وكسر ما قبل آخره، نحو: فَتَحَ العملُ بابَ الرزق فيقال: فُتح بابُ الرزق. فـ (فتح) فعل ماض مبني للمجهول (باب) نائب فاعل مرفوع و (الرزق) مضاف إليه.

2-

إذا كان الفعل مضارعًا وجب ضم أوله وفتح ما قبل آخره، نحو: يحترم الناسُ العالِمَ، فيقال: يُحتَرَمُ العالمُ، فـ (يحترم) فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة (العالم) نائب فاعل مرفوع.

وهذا معنى قوله: (يُضم أول الفعل مطلقًا) أي: ماضيًا كان أو مضارعًا، ثلاثيًا كان أو رباعيًا، مجردًا أو مزيدًا. كما سيأتي.

3-

إذا كان الفعل مبدوءاً بتاء زائدة وجب ضم الحرف الثاني مع الأول نحو: تعَلَّم خليلٌ النحوَ، فيقال: تُعُلِّم النحوُ.

4-

إذا كان الماضي مبدوءًا بهمزة وصل وجب ضم ثالثه مع أوله نحو: انطلق خالدٌ يومَ الخميس، فيقال: اُنطُلق يومُ الخميسِ.

(1)

إذا كان الماضي ثلاثيًا مُعَلَّ العين (1) جاز في فائه عند بنائه للمجهول ثلاثة أوجه، سواء كان واويًّا أو يائيًّا، وهي:

(1) هناك فرق بين معل العين ومعتل العين. فـ (معل العين) ما كان وسطه حرف علة وخضع لأحكام الإعلال كالقلب - مثلاً - نحو: قال، باع. فأصلهما قَوَلَ وبَيَعَ. فتحركت الواو والياء وفتح ما قبلهما فقلبتا ألفًا.

5-

ومعتل العين ما كان وسطه حرف علة ولا يخضع لأحكام الإعلال مثل: عَوِرَ، هَيَفَ. [والهَيَفُ: ضمور البطن] .

ص: 157