الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكلمة (طالب) لا تدل على طالب معين. لأنه لفظ شائع في جميع أفراد الطلاب من زيد وعمرو وبكر وغيرهم. لا يخص فرداً بعينه.
وهذا الجنس نوعان:
1-
جنس موجودٌ في الخارج تعدُّدُه كلفظ رجل، وطالب، وكتاب. فكل منها شائع في جنس الرجال والطلاب والكتب. وتعدده في الخارج موجود مشاهد.
2-
جنس مقدرٌ وجودُ تعدُّدِه في الخارج. كشمس. فِإنها موضوعة لما كان كوكبًا نهاريًا يزيل ظهوره وجود الليل. فحقها أن تصدق على متعدد كما أن رجلاً كذلك. وإنما تخلف ذلك من جهة عدم وجود أفراد له في الخارج، ولو وجدت لكان هذا اللفظ صالحًا لها.
والنكرة لها علامتان: -
1-
أن تقبل (ال) وتؤثر فيها التعريف، مثل: كتاب، رجل. تقول: الرجل شجاع. الكتاب جديد.
2-
ما تقع موقع ما يقبل (ال) مثل: (ذو) بمعنى: صاحب. نحو: جاء ذو علم. أي: صاحب علم. فـ (ذو) نكرة. وهي لا تقبل (ال) ، لكنها واقعة موقع ما يقبل (ال) ، وهو صاحب.
وقوله: (وَمَعْرِفَةٌ وهِيَ سِتَّةٌ) المعرفة اسم يدل على شيء معين، وهي ستة: الضمير، والعلم، واسم الإشارة، واسم الموصول، والمعرَّف بـ (ال) ، والمضاف لواحد منها (1) .
أنواع المعارف
1-
الضمير
قوله: (الضَّمِيرُ وهُوَ مَا دَلَّ عَلَى مُتَكَلِّمٍ أَوْ مُخَاطَبٍ أَوْ غائِبٍ) .
هذا القسم الأول من المعارف وهو الضمير وهو لفظ يدل على متكلم كـ (أنا) أو مخاطب كـ (أنت) أو غائب كـ (هو) والضمير هو أعرف المعارف - بعد لفظ الجلالة وضميره (2) - وأعرف الضمائر ضمير المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب.
(1) وبقي من أنواع المعارف: النكرة المقصودة في باب المنادى نحو: يا طالب أجب [إذا كنت تريد واحداً معينًا] ولعله تركه لأنه سيذكره في بابه.
(2)
إنما كان لفظ الجلالة أعرف المعارف لأنه لا يحتمل إلا المولى جل وعلا بخلاف بقية المعارف.
قوله: (وَهُوَ إِمَّا مُسْتَتِرٌ كالمُقَدَّرِ وُجُوباً في نحْوِ أَقْومُ وتَقُومُ أَوْ جَوَازاً في نحْوِ زَيْدٌ يَقُومُ، أوْ بَارِزٌ) .
الضمير من حيث ظهوره في الكلام وعدم ظهوره قسمان:
الأول: بارز: وهو ماله صورة في اللفظ، كالتاء من: كتبتُ الواجب.
الثاني: مستتر: وهو الذي ليس له صورة في اللفظ (1)، وهو نوعان:
1-
مستتر وجوبًا. .........2- مستتر جوازًا.
فالمستتر وجوبًا: هو الذي لا يحل محله اسم ظاهر ولا ضمير منفصل يرتفع العامل به، نحو: أقوم بصلة رحمي. ففاعل (أقوم) ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا) وهذا الضمير لا يحل محله اسم ظاهر، فلا تقول: أقوم خالد - مثلاً - ولا ضمير منفصل فلا تقول: أقوم أنا. على أن يكون فاعلاً بل هو توكيد للضمير المستتر.
والاستتار الواجب له مواضع منها:
1-
مع فعل الأمر المسند للواحد، نحو: أقم الصلاة. وأما قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (2) فـ (أنت) توكيد للضمير المستتر. و (زوجك) معطوف على الضمير المستتر. (3)
2-
مع الفعل المضارع الذي في أوله همزة المتكلم، نحو: أستيقظ مبكرًا.
3-
مع الفعل المضارع الذي في أوله النون، نحو: نحن لا نحب السهر.
4-
مع الفعل المضارع الذي في أوله تاء خطاب الواحد، نحو: أنت تحب الكتب المفيدة.
(1) ولا يكون الضمير المستتر إلا مرفوعًا لأنه فاعل. أو نائبه.
(2)
سورة البقرة، آية:35.
(3)
انظر تعليقاً في آخر باب: المفعول معه.
وأما المستتر جوازًا: فهو الذي يحل محل محله الاسم الظاهر، أو الضمير المنفصل، وهو المرفوع بفعل الغائب، نحو: خليل يواظب على الصلاة. أو الغائبة نحو: آمنة تحسن الحجاب، وغيرهما (1) .
قوله: (أوْ بَارِزٌ وهُوَ إمَّا مُتَّصِلٌ كَتَاءِ قُمْتُ وكَافِ أَكْرَمَكَ وهَاءِ غلَامِهِ، أَوْ مُنْفَصِلٌ كأنَا وأنتَ وهُوَ وإِيَّايَ) .
تقدم أن الضمير البارز هو ما له صورة في اللفظ. وهو قسمان:
1-
متصل: وهو الذي لا يبتدأ به في الكلام ولا يقع بعد (إلا) كالتاء في قولك: استمعتُ للمحاضرة.
2-
منفصل: وهو الذي يبتدأ به ويقع بعد (إلا)، نحو: أنت تهذب أولادك. فـ (أنت) ضمير منفصل، لأنه ابتدئ به. ويصح وقوعه بعد (إلا) نحو: لا يقوم بالواجب إلا أنت، فـ (أنت) فاعل (يقوم) .
والضمير المتصل ينقسم بحسب موقعه من الإعراب ثلاث أقسام:
الأول: ما يكون في محل رفع فقط - كأن يكون فاعلاً أو نائب فاعل أو اسمًا لناسخ، مثل:(كان) أو إحدى أخواتها، ونحو ذلك - وهو خمسة ضمائر: التاء المتحركة نحو: ألقيتُ في الحفل كلمة، وألف الاثنين، نحو: الولدان سمعاً النصيحة، وواو الجماعة نحو: المصلون خرجوا وياء المخاطبة نحو: أنتِ تحبين الفضيلة، ونون الإناث نحو: أنتن تهذبن أولادكن.
(1) هنا قاعدة لا بأس بها في هذا الموضع وهي أنه إذا كان الضمير المستتر مقدراً بـ (أنا) أو (نحن) أو (أنت) فهو مستتر وجوبًا. وإن كان مقدراً بـ (هو) فهو مستتر جوازًا إلا في مواضع يسيرة مع أفعال الاستثناء مثل: خلا، وعدا، وليس، ومع فعل التعجب الماضي، وفاعل (نعم وبئس) إذا كان ضميرًا مفسَّراً بتمييز على أحد القولين.
الثاني: ما يكون في محل نصب أو جر - كأن يكون مفعولاً، أو اسمًا لناسخ مثل (إنّ) أو إحدى أخواتها، أو مضافاً إليه، ونحو ذلك، وهو ثلاثة: ياء المتكلم نحو: حفظت كتابي، كتابي جديد، وكاف المخاطب. نحو: أمرك أستاذك بحفظ كتابك، وهاء الغائب، نحو: البنت تهذبها أمها. والابن يهذبه أبوه.
الثالث: ما يكون في محل رفع أو نصب أو جر. وهو (نا) نحو قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1) .
وأما المنفصل فهو بحسب الإعراب قسمان:
1-
ما يكون في محل رفع فقط، وهي اثنا عشر ضميرًا، (أنا) و (أنت) و (هو) وفروعها. نحو: أنت تحضر مبكرًا. فـ (أنت) ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
2-
ما يكون في محل نصب فقط. وهي اثنا عشر ضميرًا (إياي) و (إياك) و (إياه) وفروعها. نحو: إياك كافأ المدرس. فـ (إياك) مفعول مقدم (2) . مبني على الفتح في محل نصب.
قوله: (ولَا فَصْلَ مَعَ إِمْكَانِ الوَصْلِ إلَاّ في نَحْوِ الْهَاءِ مِنْ سَلِنيهِ بمَرْجُوحِيَّةٍ وظَنَنْتُكَهُ وكُنْتُهُ بِرُجْحَانٍ) .
القاعدة في باب الضمير أنه متى أمكن الإتيان بالضمير المتصل فإنه لا يعدل إلى الضمير المنفصل، لأن الغرض من وضع الضمير الاختصار، والمتصل أشد اختصارًا من المنفصل. تقول: أكرمتك. ولا تقول: أكرمت إياك. لأنه أمكن الوصل.
وقد يتعين الإتيان بالضمير منفصلاً، ولا يمكن الإتيان به متصلاً كأن يقع الضمير بعد (إلا) نحو: ربنا ما نرجوا إلا إياك. أو يتقدم الضمير على عامله نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3) .
وهذه القاعدة يستنثى منها ثلاث مسائل - كما ذكر ابن هشام - يجوز فيها الاتصال والانفصال، والخلاف إنما هو في الأرجح منهما.
(1) سورة آل عمران، آية:16.
(2)
هذا هو الأيسر أن نعتبر الجميع ضميرًا بدون تجزئة (إيا) و (االكاف) .
(3)
سورة الفاتحة، آية:5.
المسألة الأولى: أن يكون الضمير ثاني ضميرين أولهما أعرف من الثاني، والعامل فيهما فعل غير ناسخ - كأعطى وأخواتها - وذلك كـ (الهاء) من قولك: الكتاب سلنيه. فيجوز في (الهاء) الاتصال، ويجوز الانفصال: نحو: الكتاب سلني إياه. والياء للمتكلم مفعول أول، والهاء للغائب مفعول ثان، وضمير المتكلم أعرف من ضمير الغائب بمعنى: أنه أشد تمييزًا لمسماه.
وقوله: (بَمرْجُوحِيَّةٍ) أي أن الانفصال في هذه المسألة مرجوح. فيكون الاتصال أرجح لأنه الأصل. ولأنه مؤيد بالقرِآن قال تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} (1) .فـ (يكفي) فعل مضارع، والكاف مفعول أول، والهاء مفعول ثان، والميم علامة الجمع. ولفظ الجلالة فاعل. وقال تعالى:{أَنُلْزِمُكُمُوهَا} (2) فـ (نلزم) فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر والكاف مفعول أول، والميم علامة الجمع، والواو حرف إشباع و (ها) مفعول ثان. وقال تعالى:{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} (3) فـ (يسأل) فعل مضارع. والكاف مفعول أول، والميم علامة الجمع. والواو حرف إشباع، و (ها) مفعول ثان، والفاعل ضمير مستتر.
ومن الانفصال قوله صلى الله عليه وسلم: " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها"(4) فـ (الكاف) مفعول أول، و (إياها) مفعول ثان.
المسألة الثانية: أن يكون الضمير ثاني ضميرين، أولهما أعرف من الآخر، والعامل فيهما فعل ناسخ - كظن وأخواتها - نحو: الصديق ظَنَنْتُكَهُ. فـ (الكاف) مفعول أول، و (الهاء) مفعول ثانٍ. فيجوز الاتصال، ويجوز الانفصال. فتقول: الصديق ظننتك إياه.
المسألة الثالثة: أن يكون الضمير خبراً لـ (كان) أو إحدى أخواتها. نحو: الصديق كُنْتَهُ. ويجوز: الصديق كنت إياه. بالانفصال.
(1) سورة البقرة، آية:137.
(2)
سورة هود، آية:28.
(3)
سورة محمد، آية:37.
(4)
أخرجه أبو داود رقم (2549) وهو حديث صحيح.
وقوله: (بِرُجْحَانٍ) أي: أن الانفصال في هاتين المسألتين أرجح من الوصل عند الجمهور، لأنه خبر في الأصل. وحق الخبر الفصل قبل دخول الناسخ، وعند جماعة الوصل أرجح؛ لأنه الأصل. ومؤيد بالقرآن قال تعالى:{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} (1) فالكاف مفعول أول، والهاء مفعول ثان، والميم علامة الجمع، و (قليلاً) مفعول ثالث، ومثله (ولو أراكهم كثيرًا)، وقال صلى الله عليه وسلم في شأن ابن صياد:"إن يَكُنْهُ فلن تسلط عليه، وإلا يكنه فلا خير لك في قتله"، فالهاء في قوله:(يكنه) خبر (يكن) . وقد جاء متصلاً.
وهو عائد على الدجال، واسم (يكن) ضمير يعود على ابن صياد (2) .
والحق أن كلاً من الفصل والوصل واردٌ عن العرب في المسائل الثلاث بكثرة تبيح القياس، وعليه فهذا الترجيح والخلاف مما لا طائل تحته، والله أعلم.
2-
العلم
قوله: (ثُمَّ الْعَلَمُ وَهُوَ: إِمَّا شَخْصِيٌ كَزَيْدٍ أَوْ جِنْسيٌ كَأُسَأمَةَ) .
هذا القسم الثاني من أنواع المعارف وهو: العلم. وهو قسمان:
1-
علم شخصي.............2- علم جنسي.
والعلم الشخصي: هو الذي يعين مسماه مطلقاً. نحو: جاء خالد. هذه مكة.
وقولنا: يعين مسماه: يخرج النكرة لأنها لا تدل على معين.
(1) سورة الأنفال - آية: 43. واعلم أن كلام الجمهور من أن الضمير خبر في الأصل لا يتأتى في هذه الآية لأن الضمير الذي جاء متصلاً وهو الهاء ليس خبرًا في الأصل بل هو مبتدأ والخبر في الأصل هو قوله (قليلاً) [حاشية يس على شرح الفاكهي 1/192] .
(2)
الحديث متفق عليه، وابن صياد واسمه (صاف) فيه بعض أوصاف الدجال، وقد هَمَّ عمر رضي الله عنه بقتله، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يقطع بأنه الدجال ولا غيره فقال ذلك لعمر رضي الله عنه.
وقولنا: مطلقاً. أي بلا قرينة. وهذا لإخراج بقية المعارف، فإن كل واحد منها لا يعين مسماه إلا بقرينة، كما سيأتي إن شاء الله، وسمى علم شخص؛ لأنه يدل على شخص معين معلوم. (1)
أما العلم الجنسي: فهو الذي لا يخص واحدًا بعينه، وإنما يصلح للجنس كله. كقولك: هذا أسامة، (للأسد) ، فهذا لفظ صالح لكل أسد.
وسمى (علم جنس) لأنه موضوع لكل فرد من أفراد الجنس. فـ (أسامة) يصلح لكل أسد و (ثُعَالة) يصلح لكل ثعلب، و (أم عِرْيَطٍ) لكل عقرب، وهكذا.
قوله: (وَإِمَّا اَسْمٌ كَمَا مَثًَّلْنَا، أَوْ لَقَبٌ كَزَيْنِ العَابِدِينَ، وَقُفَّةَ (2) أَوْ كُنْيَةٌ كَأَبِي عَمْرو وَأَمِّ كُلْثُومٍ) .
العلم الشخصي باعتبار وضعه ثلاثة أقسام:
1-
اسم: وهو ما أطلق على الذات أولاً، نحو: عاصم، هند.
2-
كنية: ما أطلق على الذات بعد التسمية وصُدِّرَ بأب، نحو أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين، أو أم، نحو: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها راوية الحديث.
3-
لقب وهو ما أطلق على الذات بعد التسمية، وأشعر بمدح كالمأمون والرشيد، أو ذم، كالجاحظ، والسفَّاح.
قوله: (وَيُؤّخَّرُ اللَّقَبُ عَنِ الاِسْمِ تَابِعًا لَهُ مُطْلَقًا، أَوْ مَخْفُوضًا بإِضَافَتِهِ إِنْ أُفْرِدَا كَسَعِيدِ كُرْزٍ) .
(1) الأصل في العلم ِأنه لا يضاف ولا تدخل عليه (أل) المعرفة، لأنه معرفة بالعلمية فيستغنى بها عن أي تعريف آخر. لكن إن حصل لصاحبه مشارك في اسمه خرج عن كونه معرفة وجرى مجرى الأسماء الشائعة التي تحتاج إلى إيضاح وتعيين فيحتاج إلى تعريف بالإضافة - مثلاً - نحو: زيدكم، خالدكم
…
وتكون معارف بالإضافة لا بالعلمية، انظر: شرح المفصل لابن يعيش (1/44) .
(2)
القُفَّة: القرعة اليابسة. والقفة: ما يتخذ من خوص كهيئة القرعة تضع فيه المرأة القطن ونحوه. وجمعها قفف. مثل غرفة وغرف (المصباح المنير) .
إذا اجتمع الاسم مع اللقب وجب تأخير اللقب عن الاسم، فتقول: عمر الفاروق ثاني الخلفاء الراشدين؛ لأن اللقب بمنزلة الصفة لإشعاره بالمدح أو الذم، وهي تتأخر عن الموصوف. (1)
أما من حيث إعراب اللقب فقد ذكر المصنف أنه يعرب بإعراب الاسم، فيكون تابعًا له في رفعه ونصبه وجره. على أنه بدل منه أو عطف بيان.
وقوله: (مطلقًا) أي سواء كان اللقب والاسم مفردين، أي: غير مركبين. نحو: جاء سعيدٌ كرزٌ (2) ورأيت سعيدًا كرزًا. ومررت بسعيدٍ كرزٍ. أم مركبين نحو: جاء عبدُ الله زينُ العابدين. أم مختلفين إفرادًا وتركيباً، مثل: جاء زيدٌ زينُ العابدين، وجاء عبدُ الله كرزٌ.
ففي هذه الحالات الأربع يتبع اللقبُ الاسمَ في إعرابه. ويجوز في الحالة الأولى - وهي أن يكونا مفردين - إضافة الاسم إلى اللقب. فيكون اللقب مجرورًا بالإضافة، مراداً بالأول المسمى والثاني الاسم، نحو: جاء سعيدُ كرزٍ.
لكن المختار في هذه الحالة الاتباع - كغيرها من الحالات - لأنه أيسر، ولأن الاتباع لا يحتاج إلى التأويل المذكور. لأنه يلزم على القول بالإضافة إضافة الشيء إلى نفسه، وهذا ممنوع كما ذكر النحويون في باب الإضافة.
3-
اسم الإشارة
قوله: (ثُمَّ الإشَارَةُ وهِيَ ذَا للْمُذَكَّرِ وذي وذِهِ وتِي وتِهِ وتَا لِلْمُؤَنَّثِ، وذَانِ وتَانِ لِلْمُثَنَّى بِالأَلِفِ رَفْعاً، وبالْيَاءِ جَرَّاً ونصبْاً، وأُولَاءِ لِجَمْعِهِمَا) .
القسم الثالث من أقسام المعارف اسم الإشارة: وهو اسم يعين مسماه بإشارة حسية أو معنوية.
فمثال الإشارة الحسية: هذا كتاب مفيد.
(1) قد يتقدم اللقب إذا كان أشهر من الاسم، كقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} فالمسيح لقب وقد تقدم على الاسم (عيسى) .
(2)
كرز كبُرْج: خُرْج الراعي، بضم الخاء. وهو وعاء معروف، وعلى وزنه (فُعَّل) معناه: اللئيم والخبيث والحاذق (قاموس) .
ومثال الإشارة المعنوية: هذا رأي صائب.
ولأسماء الإشارة تقسيمان:
الأول: ما يلاحظ فيه الإفراد والتذكير وفروعهما، وهو ثلاثة أقسام:
1-
ما يشار به للمفرد. فللمذكر (ذا) مثل: هذا تاجر صدوق، فـ (ها) للتنبيه (1) . و (ذا) اسم إشارة مبني على الكسون في محل رفع مبتدأ (تاجر) خبر (صدوق) صفة، وللمؤنث (ذي) نحو: هذي الفتاة تحسن الحجاب، و (ذه) بإسكان الهاء أو كسرها، وهو الأكثر نحو: هذه البنت مهذبة. و (تي) نحو: تيك المرأة تعرف معنى التربية، و (ته) بإسكان الهاء أو كسرها، و (تا) .
2-
ما يشار به للمثنى، فللمذكر (ذان) في حالة الرفع، و (ذين) في حالتي النصب والجر، نحو: هذان عالمان جليلان، صافحت هذين العالمين، سلمت على هذين العالمين. وللمؤنث (تان) في حالة الرفع، و (تين) في حالتي النصب والجر. نحو: هاتان بنتان عاقلتان، تصدقت على هاتين المرأتين الكبيرتين. فـ (ها) للتنبيه (تان) اسم إشارة مبني على الألف (2) في محل رفع مبتدأ (بنتان) خبر.
3-
ما يشار به للجمع بنوعيه. وهو لفظه (أولاء) نحو: هؤلاء الطلاب يحبون الفائدة. وهو مبني على الكسر دائماً كما تقدم في الأسماء المبنية.
قوله: (وَالْبَعِيدُ بِالْكَافِ مُجَرَّدَةً مِنَ اللَاّمِ مُطْلَقاً، أَوْ مَقْرُونَةً بِهَا إلَاّ في الْمُثَنَّى مُطْلَقاً، وفِي الْجَمْعِ فِي لُغَةِ مَنْ مَدَّهُ وفِيمَا تَقَدَّمَتْهُ هَا التَّنْبِيهِ) .
(1) لأنها تنبه المخاطب إلى المشار إليه.
(2)
هذا هو الأولى في اسم الإشارة المثنى أنه مبني لا معرب، طردًا للباب على طريقة واحدة إذ لا معنى لإخراج حالة التثنية من البناء إلى الإعراب، ثم إن الظاهر أنهما ليسا مثنيين حقيقيين بل هما صيغتان وضعتا ابتداء للمثنى. فإن من النحاة من يرى أن ألف التثنية في (هذان) هي ألف (هذا) والنون للفرق بين الواحد والمثنى.
التقسيم الثاني لأسماء الإشارة: ما يلاحظ فيه المشار إليه من جهة قربه أو بعده، فله مرتبتان:
الأولى: أن يكون المشار إليه قريباً. وتستعمل فيه أسماء الإشارة، بدون زيادة (كاف) أو (لام) . نحو: هذا مطر غزير.
الثاني: أن يكون المشار إليه بعيداً. وتستعمل فيه أسماء الإشارة بزيادة الكاف، نحو: ذاك رجل مقبل. أو الكاف واللام، نحو: ذلك الرجل (1) أقبل إلينا.
وهذه الكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب وليست بضمير لأنها لو كانت ضميرًا لكانت مضافاً إليه، وأسماء الإشارة لا تضاف.
وأما اللام فهي حرف دال على المبالغة في البعد تزاد قبل الكاف نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} (2) فـ (ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، و (اللام) للبعد و (الكاف) حرف خطاب (الكتاب) بدل أو عطف بيان (لا) نافية للجنس (ريب) اسمها مبني على الفتح في محل نصب (فيه) خبر (لا) والجملة خبر المبتدأ. (3)
وهذه اللام ملازمة للكاف إلا في التثنية فلا تزاد. ولا في الجمع في لغة من مده فقال: (هؤلاء)، أما من قصره فقال:(أولى) فإنه يزيد اللام فيقول: (أُولا لك) وكذا فيما تقدمته (ها) التنبيه فلا يجوز: هذا لك. ولا تزاد أيضًا في أسماء الإشارة للمؤنث.
4-
الاسم الموصول
قوله: (ثُمَّ الْمَوْصُولُ، وهُوَ الَّذِي والَّتي واللَّذانِ واللَّتانِ بِالأَلِفِ رَفْعاً وبِالْيَاءِ جَرًّا ونَصبْاً ولِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الَّذينَ بِالْيَاءِ مُطْلَقاً والأُولَى ولِجَمْعِ الْمُؤنَّثِ اللَاّئي واللاتيِ) .
(1) ذكرنا فيما مضى أن الاسم المحلى بـ (أل) بعد اسم الإشارة إن كان مشتقًا فالأحسن إعرابه نعتًا نحو: ذلك الفاضل أقبل إلينا، وإن كان جامدًا كالرجل فالأحسن إعرابه بدلاً أو عطف بيان.
(2)
سورة البقرة، آية:2.
(3)
في الآية أعاريب أخرى.
الرابع من أقسام المعارف. الاسم الموصول وهو: اسم يعين مسماه بقيد الصلة المشتملة على عائد. نحو: حضر الذي فاز ابنه فـ (الذي) اسم موصول مبهم، لا يدل على معين، وجملة (فاز ابنه) هي الصلة التي عينت المراد، وقد اشتملت على عائد يعود على الاسم الموصول، وهو: الضمير. وهو قسمان:
الأول: اسم موصول مختص: وهو ما كان نصًا في الدلالة على بعض الأنواع لا يتعداها - وهو المراد هنا - وله ثمانية ألفاظ:
1-
الذي: للمفرد المذكر، نحو: جاء الذي أخذ الجائزة. فـ (الذي) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
2-
التي: للمفرد المؤنث، نحو: حضرت التي كتبت النصيحة، فـ (التي) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
3-
اللذان (1) : للمثنى المذكر - رفعًا - واللذين نصبًا وجراً، نحو: قدم اللذين تبرعا بالمال. فـ (اللذان) اسم موصول مبني على الألف في محل رفع فاعل. (2)
4-
اللتان: للمثنى المؤنث، وحكمه كالذي قبله. نحو: حضرت اللتان ضمدتا الجراح. شكرت اللتين ضمدتا الجراح.
5-
الذين: لجمع الذكور. وهو بالياء (مطلقًا) أي في حالة الرفع والنصب والجر، نحو: أحب الذين علموني، فـ (الذين) اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
6-
الألى: لجمع الذكور، نحو: سرني الألى ساهموا في الدعوة. فـ (الألى) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
7-
اللائي: لجمع المؤنث، ويجوز إثبات الياء وحذفها. نحو: حَضَرتِ اللائي جمعن الصدقات. فـ (اللائي) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. وإن حذفت الياء فهي مبنية على الكسر.
8-
اللاتي: لجمع المؤنث - أيضًا - وهي كالتي قبلها.
(1) تكتب اللذان بلامين فرقا بينهما وبين الذين، التي لجمع الذكور منعاً من الالتباس في حالتي النصب والجر..
(2)
انظر ما تقدم في اسم الإشارة المثنى.
قوله: (وَبِمَعْنى الْجِمِيعِ مَنْ ومَا وأَيٌّ وأَلْ في وصْفٍ صَريحِ لِغَيْرِ تَفْضيل كَالضَّارِبِ والْمَضْرُوبِ وذُو فيِ لُغَةِ طَيِّىءٍ، وذا بَعْدَ مَا أَوْ مَنْ الاسِْتِفهَامِيَّتَيْنِ) .
هذا القسم الثاني من الأسماء - الموصولة وهو الموصول المشترك. وهو الذي لا يختص بنوع معين، وإنما يصلح للواحد وغيره، دون أن تتغير صيغته، والصلة هي التي تحدد المراد، وهو ستة:
1-
من: وهي اسم موصول مبني على السكون، وتكون كثيرًا للعالِم (1) نحو: خرج من ألقى المحاضرة. ولغيره قليلاً نحو: من مخلوقات الله من يمشي على أربع.
2-
ما: وهي اسم موصول مبني على السكون، وهي لغير العالِم كثيرًا نحو:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} (2) . فـ (ما) اسم موصول مبتدأ (عندكم) عند: ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف صلة (ما) وهو مضاف. والكاف مضاف إليه. والميم علامة الجمع. وجملة (ينفد) خبر المبتدأ. ولغيره قليلاً نحو: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (3) . فـ (ما) اسم موصول فاعل (يسبح) والجار والمجرور (في السموات) متعلق بمحذوف صلة الموصول.
3-
أيٌّ: وهي موصول مبني على الضم، إذا أضيفت وحذف صدر صلتها، نحو سلمت على أيُّهم أفضلُ. فـ (أيُّ) . مبنية على الضم في محل جر، لأنها أضيفت إلى الضمير، وصدر صلتها - وهو المبتدأ - محذوف، لأن الأصل: هو أفضلُ.
وتعرب بالحركات فيما عدا ذلك نحو: كافأت أيَّهم هو مجتهد، فـ (أيَّ) مفعول به منصوب بالفتحة.
(1) اختار بعض النحاة أن يقال: (من) للعالم، بدل العاقل. لأن الله تعالى وصف نفسه بالعلم. وهي قد تستعمل في الدلالة عليه سبحانه في مثل (سبحان من يسبح الرعد بحمده) [انظر: الأدب المفرد للبخاري مع شرحه: فضل الله الصمد (2/185) ] .
(2)
سورة النحل، آية:96.
(3)
سورة الجمعة، آية:1.
4-
أل: وهي اسم موصول - وإن كانت على صورة الحرف - (1) وإعرابها يظهر على ما بعدها.
وقوله: (في وصف صريح لغير تفضيل) أشار به إلى أن (ال) لا تكون اسماً موصولاً إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن تكون مع وصف. وهو ما دل على معنى وذات.
الثاني: أن يكون الوصف صريحًا. والوصف الصريح: هو الاسم المشتق الذي يشبه الفعل في التجدد والحدوث شبهًا قويًا. بحيث يمكن أن يحل الفعل محله، وذلك هو اسم الفاعل نحو: أعجبني القارئ. واسم المفعول نحو: تصفحت المكتوب، وصيغ المبالغة نحو: فاز السابقون إلى الخيرات.
الثالث: أن يكون الوصف لغير تفضيل. فإن كان لتفضيل كالأفضل والأعلم، فهي حرف تعريف، وليست موصولة، فلا تكون بمعنى (الذي) .
5-
ذو: وهي اسم موصول عند قبيلة (طيئ) نحو: زارني ذو تعلم، أي: الذي تعلم. وهي مبنية على السكون في محل رفع أو نصب أو جر حسب موقعها في الجملة.
6-
ذا: وأصلها اسم إشارة. وتأتي موصولة بمعنى (الذي)(2) بشرط أن تسبق بـ (ما) أو (من) الاستفهاميتين (3) نحو: ماذا عملت من الخير؟ ومن ذا عندك؟ فـ (ما) اسم استفهام مبتدأ و (ذا) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر. وجملة (عملت) صلة.
(1) وإنما كانت اسمًا - على الراجح - لأن الضمير في نحو: حضر القائم بواجبه، يعود عليها والضمير لا يعود إلا على اسم. ولا مرجع له سواها.
(2)
الفرق بين (ذا) الموصولة والإشارية، أنها إن دخلت على مفرد فهي اسم إشارة نحو: من ذا الكاتب، أي: من هذا؟ لأن المفرد لا يصلح صلة لها، وإن دخلت على جملة أو شبه جملة فهي موصولة.
(3)
ويشترط فيها ألا تكون ملغاة. ومعنى الإلغاء: أن تركب (ما) أو (من) مع (ذا) تركيباً يجعلهما كلمة واحدة في المعنى والإعراب فمثلاً: ماذا عملت؟ يصح اعتبارها موصولة. كما ذكرنا. ويصح إلغاؤها واعتبار (ماذا) اسم استفهام مفعولاً مقدمًا.
قوله: (وَصِلَةُ ألْ الْوَصْفُ، وصِلَةُ غَيْرِهَا إِمَّا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ ذَاتُ ضَمير طِبْقٍ للْمَوْصُولِ يُسَمْى عَائِداً أو ظرفٌ أو جارٌ ومجرور، تامّان، متعلِّقان باستقرَّ محذوفاً) .
يحتاج الاسم الموصول إلى صلة بعده توضح معناه وتزيل إبهامه - كما تقدم - وهذه الصلة ثلاثة أنواع:
1-
الوصف: وهذا خاص بـ (ال) الموصولة. وقد مضى الكلام عليه.
2-
الجملة اسمية أو فعلية. وشرطها أمران:
الأول: أن تكون خبرية. ليكون مضمونها معلوماً عند المخاطب قبل الكلام نحو: جاء الذي زارنا بالأمس. فإن كانت إنشائية لم يصح وقوعها صلة نحو: جاء الذي أكرمْهُ. لأن الإنشائية لا يقع مضمونها إلا بعد ذكرها، فلا تكون معروفة عند المخاطب. فيفوت الإيضاح المقصود من الصلة.
الشرط الثاني: أن تشتمل الجملة على ضمير يرجع إلى الاسم الموصول. وهو المسمى بـ (العائد) .
وشرطه: أن يكون مطابقاً للاسم الموصول في إفراده وتثنيته وجمعه وتذكيره وتأنيثه، نحو جاء الذي فاز، أي: هو. وجاءت التي فازت، أي: هي. وجاء اللذان فازا. وجاء الذين فازوا. وجاءت اللاتي فُزْنَ. فجملة (فاز) وما بعدها، صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
3-
الظرف والجار المجرور، ويشترط في وقوعهما صلة أن يكون تامين أي: يحصل بالوصل بكل منهما فائدة. تزيل الإبهام وتوضح المراد، من غير حاجة لذكر متعلقهما، نحو: عرفت الذي عندك. وصافحت الذي في الدار. فالظرف (عندك) والجار والمجرور (في الدار) حصل في الوصل بهما فائدة؛ لأنهما متعلقان بمحذوف يدل على مجرد الوجود العام. فهو واضح وبَيِّنٌ لا حاجة إلى ذكره.
وقوله: (مُتَعلِّقَانِ باسْتَقَرَّ مَحْذُوفاً) أي أن الظرف والجار والمجرور إذا وقعا صلة فلا بد أن يكون متعلَّقهما فعلاً نحو: استقر - حصل - ثبت، ولا بد أن يكون محذوفاً ولا يصح تقديره بوصف مثل: كائن، ومستقر؛ لأن الصلة لا تكون إلا جملة؛ لأنها هي التي تزيل الإبهام، ولا يجوز ذكره لعدم الحاجة إليه في كشف المراد. (1)
قوله: (وَقَدْ يُحْذَفُ نَحْوُ: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} (2) ، {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} (3){فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (4) ، {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} (5)) .
الضمير في قوله (وقد يحذف) أي العائد. وهو إما أن يكون مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا.
وشرط حذفه: أمن اللبس، وذلك بأن لا يصلح الباقي بعد حذفه لأن يكون صلة كاملة. لاشتماله على ضمير غير ذلك الضمير المحذوف. فمثلا جاء الذي هو أبو مسافر، لا يجوز حذف العائد المرفوع (هو) ؛ لأن الباقي بعد الحذف مشتمل على عائد وهو (الهاء) .
(1) الكون العام: هو الذي يدل على مجرد الوجود العام دون شيء آخر زائد عليه نحو: سلمت على الذي عندك. فـ (عندك) لا يفيد شيئاً أكثر من الدلالة على وجود الشخص وجودًا مطلقاً. فهو متعلق بمحذوف تقديره: استقر، ولا حاجة لذكره، وأما الكون الخاص: فهو الذي يدل على معنى زائد على مجرد الوجود العام. فإن دل عليه دليل حذف وإلا وجب ذكره فمثلاً: عرفت الذي قرأ عندك. لا يجوز حذف المتعلق (قرأ) لعدم ما يدل عليه. ونحو: ذاكر خالد في المسجد وعاصم في المنزل. فتقول: بل عاصم الذي في المسجد. أي بل عاصم الذي ذاكر في المسجد. فصح حذفه لوجود الدليل.
(2)
سورة مريم، آية:69.
(3)
سورة يس - آية 35. والتمثيل بالآية إنما يتم على قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بحذف الهاء (وما عملت) . لكن كتبت الآية برسم المصحف على قراءة حفص بإثبات الهاء.
(4)
سورة طه، آية:72.
(5)
سورة المؤمنون، آية:33.
ومثال حذف العائد المرفوع: كثر الإقبال على حلقات العلم التي هي كفيلة بإصلاح الفرد والمجتمع. فيجوز حذف العائد المرفوع (هي)، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} (1) فـ (أيُّهم) اسم موصول مبني على الضم في محل نصب مفعول به، والهاء مضاف إليه، والميم علامة الجمع. و (أشدُّ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو) ، وهو العائد.
ومثال حذف العائد المنصوب: لا تقل ما لا تعلم وإن قلَّ ما تعلم. فـ (ما) اسم موصول في الموضعين، وقد حذف العائد المنصوب، وتقديره: ما لا تعلمه وإن قلَّ ما تعلمه. ومنه قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} فـ (ما) اسم موصول مبني على السكون في محل جر عطف على قوله: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} (2) ، وجملة (عملت) صلة، والعائد محذوف أي: عملته. وقد قرأ أبو بكر والكسائي وحمزة بحذف العائد، وقرأ الباقون بذكره على الأصل. (3)
ومثال المجرور بالإضافة: ابذل ما أنت باذل في وجوه البر، فـ (ما) اسم موصول، وقد حذف العائد المجرور بالإضافة، والتقدير: ما أنت باذله، ومنه قوله تعالى:{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (4) فـ (ما) اسم موصول مفعول به. وقد حذف العائد؛ لأنه مجرور بالإضافة، والتقدير: قاضيه.
ومثال المجرور بالحرف: استفد مما يستفيد العقلاء، أي: استفد مما يستفيد منه العقلاء، فحذف العائد المجرور بالحرف. ومنه قوله تعالى:{وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} (5) فـ (مما) : من: حرف جر. و (ما) اسم موصول مبني على السكون في محل جر. وجملة (تشربون) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والعائد محذوف تقديره: مما تشربون منه.
5-
المعرَّف بـ (ال)
(1) سورة مريم، آية:69.
(2)
سورة يس، آية:35.
(3)
انظر: الكشف لمكي (2/216) والتبصرة له ص (32) .
(4)
سورة طه، آية:72.
(5)
سورة المؤمنون، آية:33.
قوله: (ثُمَّ ذو الأَدَاةِ وهِيَ أَلْ عِنْدَ الخَلِيل وسيبَويْهِ لَا اللَاّمُ وحْدَها خِلافاً لْلأَخْفَش، وتَكُونُ لِلْعَهْدِ نَحْوُ: {فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ} (1) ، وجَاءَ الْقَاضِي، أوْ لِلْجِنْس كَأَهْلَكَ النَّاسَ الدِّينَارُ والدِّرْهُم، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (2)، أَوْ لاِسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِهِ نَحْوُ:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (3) أَوْ صِفَاتِهِ نحْوُ: زَيدٌ الرَّجُلُ) .
هذا القسم الخامس من المعارف: وهو المعرَّف بـ (ال) وقد اختلف النحويون في حرف التعريف في مثل (الغلام) فقال الخليل بن أحمد: المعرِّف هو (ال) أي: الحرفان معاً، والهمزة همزة قطع أصلية بدليل فتحها. وُصِلَتْ (4)، لكثرة الاستعمال. وهذا هو الراجح لسلامته من دعوى الزيادة. وقال سيبويه والأخفش: المعرف هو اللام وحدها (5) والهمزة زيدت للنطق بالساكن، فلا مدخل لها في التعريف.
و (ال) المعرفة ثلاثة أنواع:
(1) سورة النور، آية:35.
(2)
سورة الأنبياء، آية:30.
(3)
سورة النساء، آية:28.
(4)
همزة الوصل: كل همز يثبت في الابتداء ويسقط في الدرج. وهمزة القطع كل همز يثبت في أول الكلام وفي درجه. ولها بحث في آخر الكتاب إن شاء الله.
(5)
هذا هو المشهور عند النحاة وقد نص عليه ابن هشام في شرحه على (القطر) مخالفاً ما في المتن. وذكر السجاعي في حاشيته على شرح القطر ص (52) أن هذا قول آخر لسيبويه وهو أن حرف التعريف ثنائي. ولكن همزته همزة وصل. معتد بها في الوضع ومثل هذا الخلاف لا يستفيد منه الطالب ولا سيما المبتدئ، فكان على المصنف رحمه الله ألا يذكره. انظر: الجنى الداني ص (138)(192) .
1-
لتعريف العهد أي: تعريف ذي العهد. بمعنى: الشيء المعهود، وهي التي تدخل على النكرة فتفيدها درجة من التعريف تجعل مدلولها فردًا معينًا بعد أن كان مبهمًا شائعًا، والعهد ثلاثة أنواع:
(أ) عهد ذكري: وهو أن يكون مدخول (ال) تقدم له ذكر في الكلام، كقوله تعالى:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (1) وفائدتها: التنبيه على أن مصحوبها هو الأول بعينه (2) .
ب- عهد ذهني: وهو أن يكون مدخول (ال) معلومًا لدى المخاطب، نحو: جاء القاضي، إذا كان بينك وبين مخاطبك عهد في قاضٍ خاص، قال تعالى:{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (3)
ج- عهد حضوري: وهو أن يكون مصحوب (ال) حاضراً، كقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (4) . أي: اليوم الحاضر، وهو يوم عرفة؛ لأن الآية نزلت فيه.
2-
لتعريف الجنس. وهي التي تدخل على لفظ الجنس لبيان حقيقته الذاتية القائمة في الذهن دون التعرض لأفراده. نحو: أهلك الناس الدينار والدرهم أي: جنسهما، وليس المراد كل فرد. فإن من الدنانير والدراهم ما يكون زادًا لصاحبه إلى الجنة. ومنه قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (5)(6) أي: من هذه الحقيقة لا من كل شيء اسمه ماء.
(1) سورة النور، آية:35.
(2)
انظر مغني اللبيب ص (861) وما بعدها.
(3)
سورة التوبة، آية: 40
(4)
سورة المائدة، آية:3.
(5)
سورة الأنبياء، آية:30.
(6)
كل شيء: مفعول به للفعل (جعلنا) لأنه بمعنى خلقنا. و (حي) صفة لـ (شيء) فإن كان (جعلنا) بمعنى: صيرنا. فـ (كل شيء) مفعول أول (من الماء) مفعول ثان.
3-
للاستغراق: وهي الداخلة على واحد من الجنس لإفادة الاستغراق والشمول. وعلامتها صحة وقوع (كل) موقعها. وهي إما لاستغراق الأفراد كقوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (1) أي: كل فرد من أفراد الإنسان ضعيف.
أو لاستغراق صفات الأفراد، نحو: خالد الرجل. أي الجامع لصفات الرجال المحمودة. إذ لو قيل: خالد كل رجل، على وجه المبالغة والمجاز لصحَّ، بمعنى أنه اجتمع فيه ما افترق في غيره من الرجال. ومنه قوله تعالى:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} (2) أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزلة وخصائصها.
والفرق بين هذه الأقسام الثلاثة: أن العهدية يراد بمدخولها فرد معين، والتي لتعريف الجنس يراد بمصحوبها نفس الحقيقة، لا ما تصدق عليه من الأفراد، والتي للاستغراق يراد بمصحوبها كل الأفراد حقيقة، أو مجازا ً (3) .
قوله: (وإبْدَالُ اللَاّم ميماً لُغَةٌ حِمْيَرِيَّةٌ) أي إبدال اللام في (ال) المعرِّفة لغة لقبيلة حِمْيَرٍ من قبائل اليمن. فيقولون في (الغلام) : أمغلام، وفي (الفرس) : أمفرس.
6-
المضاف لمعرفة
قوله: (وَالمُضَافُ إلَى وَاحدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وهُوَ بِحَسَبِ مَا يُضَافُ إلَيْه إلَاّ المُضَافَ إلَى الضَّمِيرِ فَكالْعَلَمِ) .
هذا القسم السادس من أقسام المعارف. وهو النكرة المضافة لواحد من أقسام المعرفة. فإذا أضيفت النكرة للضمير أو العلم أو اسم الإشارة أو لاسم الموصول، ِأو المعرف بـ (ال) اكتسبت التعريف وصارت معرفة.
(1) سورة النساء، آية:28.
(2)
سورة البقرة، آية:2. والآية تقدم إعرابها في آخر اسم الإشارة.
(3)
انظر: الجنى الداني ص (195) .