الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما القسم الثالث فهو ما يخفض تارة، وينصب أخرى وهو (حاشا) والمستثنى بها منصوب على أنه مفعول به باعتبارها فعلاً، أو مجرور باعتبارها حرفًا، نحو: نجح الطلاب حاشا جابرًا، أو جابرٍ. والإعراب كما تقدم. ولا تسبقها (ما) على الأرجح.
باب مخفوضات الأسماء
قوله: (يُخْفَضُ الاِسْمُ إِمَّا بِحَرْفٍ مُشْتَركٍ وَهُوَ مِنْ، وَإِلَى، وَعَنْ، وَعَلَى، وَفِي، وَالَّلَامُ، والْبَاءُ لِلْقَسم وَغَيْرِهِ، أَوْ مُخْتَصٍّ بالظَّاهِرِ: وَهُوَ، رُبّ، ومُذْ، ومُنْذُ، والكافُ، وَحَتَّى، وَوَاوُ القَسمِ وَتَاؤُهُ) .
لما فرغ المصنف رحمه الله من المرفوعات والمنصوبات، ذكر المجرورات، وهي ثلاثة أقسام:
الأول: مجرور بالحرف.
الثاني: مجرور بالإضافة.
الثالث: مجرور بالتبعية لمتبوع مجرور، وهذا موضعه التوابع، وبدأ بالمجرور بالحرف؛ لأنه الأصل.
(1)
وحرف الجر نوعان: (1)
الأول: مشترك بين الاسم الظاهر والمضمر، وهو سبعة، وقد ذكرها المصنف.
الثاني: مختص بالاسم الظاهر. وهو سبعة ذكرها المصنف أيضًا وهي أربعة أقسام:
1-
ما يختص بالنكرات وهو: (رُبَّ) .
2-
ما يختص بالزمان وهو (مذ) و (منذ) .
3-
ما يختص بلفظ الجلالة وهو (التاء) .
4-
ما لا يختص بظاهر بعينه وهو: (الكاف) و (حتى) و (الواو) .
(1) حرف الجر من حيث الأصالة وعدمها ثلاثة أقسام: -
1-
حرف جر أصلي وهو: ماله معنى خاص، ويحتاج إلى متعلَّق مذكور، أو محذوف والمتعلَّق هو: ما يوضح الجار والمجرور ويبينه كقولك: جئت من البيت، فالتعلق نوع من الارتباط الذي يوضح المعنى ويتممه. وهو ينعقد بين شبه الجملة - الظرف والجار والمجرور - وما قبلهما من فعل أو شبهه.
2-
حرف جر زائد وهو: ما ليس له معنى خاص، وإنما يؤتى به للتوكيد، وليس له متعلق. نحو: ما جاء من أحد.
3-
حرف جر شبيه بالزائد وهو ما له معنى خاص، كالحرف الأصلي وليس له متعلق كالزائد مثل: رُبَّ.
فالمشترك الذي يجر الاسم الظاهر والضمير سبعة وهي:
1-
مِنْ: ولها معانٍ منها:
بيان الجنس، وعلامتها: صحة وقوع الموصول موقعها مع ضمير يعود على ما قبلها إن بَيَّنت معرفة، كقوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (1) أي: الذي هو الأوثان. لأن الرجس جنس عام يشمل الأوثان وغيرها. فإن بَينت نكرة فعلامتها: أن يقع موقعها الضمير وحده، كقوله تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (2) أي: هي ذهب.
ومنها: التبعيض: أي الدلالة على البعضية وعلامتها: صحة وقوع (بعض) موقعها كقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ} (3) .
ومنها: ابتداء الغاية في الأمكنة كثيرًا. وفي الأزمنة أحيانًا على الصحيح، وهذا هو الغالب عليها، والمارد بالغاية: المسافة، كقوله تعالى:{إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (4) وقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} (5)(6) إلى غير ذلك من معانيها التي تؤخذ من الكتب المطولة مثل: (مغني اللبيب) وغيره.
2-
إلى: ومن معانيها:
(1) سورة الحج، آية:30.
(2)
سورة الكهف، آية:31.
(3)
سورة البقرة، آية:8.
(4)
سورة الإسراء، آية:1.
(5)
سورة التوبة، آية:108.
(6)
وقيل إن (من) ليست لابتداء الغاية بل هي بمعنى (في) انظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم (1/3/324) وأوضح مثال للغاية الزمانية: حديث (فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة) .
انتهاء الغاية مطلقاً - زمانية أو مكانية - وهو الغالب عليها كقوله تعالى: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (1) وقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (2) وتأتي للمصاحبة، بأن يصحَّ وضع كلمة (مع) موضعها، كقوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (3) .
3-
عن: وأشهر معانيها:
المجاوزة. ومعناها: ابتعاد شيء مذكور أو غير مذكور عما بعد حرف الجر بسبب شيء قبله. فالأول نحو: رميت السهم عن القوس، أي: جاوز السهم القوس بسبب الرمي.
ومنه قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (4) والثاني نحو: أبو بكر رضي الله عنه. أي جاوزته المؤاخذة بسبب الرضى، ومنه قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} (5) وتأتي للبعدية، كقوله تعالى:{طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} (6) . أي: حالاً بعد حال.
4-
على: وأشهر معانيها:
الاستعلاء. أي: العلو، حسياً كان نحو قوله تعالى:{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) } (7) أو معنويًا كقوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (8) وتأتي للتعليل كقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (9) أي: لهدايته إياكم. وتأتي للظرفية بمعنى (في) إذا جَرَّت الظرف كقوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} (10) أي: في حين غفلة.
5-
في: وأشهر معانيها:
(1) سورة الإسراء، آية:1.
(2)
سورة البقرة، آية:187.
(3)
سورة النساء، آية:2.
(4)
سورة يوسف، آية:29.
(5)
سورة التوبة، آية:43.
(6)
سورة الانشقاق، آية:19.
(7)
سورة المؤمنون، آية:22.
(8)
سورة البقرة، آية:253.
(9)
سورة البقرة، آية:185.
(10)
سورة القصص، آية:15.
الظرفية، ومعناها: احتواءُ الشيء في داخله شيئاً آخر، كما يحتوي الظرف المظروف؛ نحو: القلم في الحقيبة، وقد يكون مجازًا إذا فقد الاحتواء، نحو: خالد في البرية. قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) } (1) .
6-
اللام: وأشهر معانيها:
المِلْكُ، وذلك إذا وقعت بين ذاتين الثانية منهما تملك حقيقة نحو: الكتاب لخالد. قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (2) ومن معانيها: الاستحقاق، وهي الواقعة بين معنى وذات كقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} (3)، ومن معانيها: التقوية للعامل بسبب ضعفه، إما لتأخره، كقوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (4) أو لكونه فرعًا عن غيره كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) } (5) لأن (فَعَّالٌ) صيغة مبالغة، وهي فرع عن الفعل في العمل.
7-
الباء: وأشهر معانيها:
الإلصاق وهو مطلق التعلق، وهو حسي، نحو: أمسكت بزيد، أو معنوي نحو: طفت بالكعبة.
أما القسم الثاني المختص بالاسم الظاهر فهو كما يلي:
1-
رُبَّ:
(1) سورة القمر، آية:54.
(2)
سورة البقرة، آية:284.
(3)
10) سورة الفاتحة، آية 2. وكون اللام في الآية للاستحقاق ذكره ابن هشام في المغني ص (275) .
(4)
سورة يوسف، آية:43.
(5)
سورة هود، آية:107.
وهو حرف جر شبيه بالزائد موضوع للتكثير والتقليل حسب القرينة، والأول أكثر. نحو رُبَّ رجلٍ عالمٍ لقيت، فـ (رُبَّ) حرف جر شبيه بالزائد، (رجلٍ) مبتدأ مرفوع بضمةً مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، (عالم) صفة، وجملة (لقيت) خبر المبتدأ. وهو خاص بجر النكرة. ولابد أن يأتي بعدها نعت مفرد أو جملة أو شبهها، فالمفرد كما مثل. والجملة نحو: رب رجلٍ لازمك عرفته. وشبه الجملة: رب جالس عندك عرفته. ويجوز تخفيف الباء كما في قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) } (1) في قراءة نافع وعاصم. وشدد الباقون. وهي هنا مكفوفة عن العمل بـ (ما) الزائدة إعرابًا المؤكدة معنى.
2-
مُذْ، مُنْذُ:
ولا يجر بهما من الاسم الظاهر إلا الزمن المعين نحو: ما رأيته منذُ يومِ السبت، أو مُذْ يومِ السبت. ويجوز رفع ما بعدهما على أنهما اسمان نحو: ما رأيته مذ يومُ السبت. فـ (مذ) مبتدأ (يومُ السبت) خبره.
3-
الكاف:
وأشهر معانيها التشبيه كقوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) } (2) وتأتي للتعليل كقوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (3) وكقولنا في التشهد "كما صليت على إبراهيم" على أحد القولين. (4)
4-
حتى:
(1) سورة الحجر، آية:2.
(2)
سورة الشورى، آية:32.
(3)
سورة البقرة، آية:198.
(4)
وهذا القول يسلم من الإيرادات التي ترد على القول الثاني وهو المشهور عند كثير من أهل العلم وهو أن الكاف للتشبيه. والقول بأنها للتعليل ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (11/161) ط: السلفية. وفيه بقية هذا الموضوع فراجعه إن شئت.