الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجمهور على اشتراط الاعتماد - كما تقدم - ولا حجة للأخفش في هذا البيت، لجواز حمله على التقديم والتأخير، بجعل الوصف وهو قوله (خبير) خبرًا مقدمًا. وقوله:(بنو لهب) مبتدأ مؤخر. والأصل: بنو لهب خبير، ولما كان هذا الحمل يلزم عليه الإخبار بالمفرد عن الجمع، قال المصنف رحمه الله:(وتقديره (1) خبير كظهير) والمعنى: أن صيغة (فعيل) على وزن المصدر كالصهيل والنعيق. والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع بلفظ واحد فكذا ما هو على وزنه، وقد ورد ذلك صريحًا في قوله تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (2) فـ (الملائكة) مبتدأ و (ظهير) خبر المبتدأ (3) . فأُخبر عن الجمع بالمفرد؛ لما تقدم، والله أعلم.
4- أمثلة المبالغة
قوله: (وَالمِثَالُ وَهُوَ مَا حُوِّلَ لِلمُبَالَغَةِ مِنْ فَاعِلٍ إِلى فَعَّالٍ، أَوْ فَعُولٍ أَوْ مِفْعَالٍ بِكثْرَةٍ، أَوْ فَعِيلٍ، أَوْ فَعِلٍ بِقِلَّةٍ نَحْوُ: أَمَّا العَسَلَ فَأَنَا شَرَّابٌ) .
النوع الأول: من الأسماء العاملة عمل الفعل (أمثلة المبالغة) وقول المصنف (والمثال) معطوف على ما قبله كما تقدم.
والمراد به: كل اسم حُوِّلَ للمبالغة والتكثير (4) في الفعل من صيغة (فاعل) إلى إحدى الصيغ المذكورة. وهي خمس:
(1) هكذا في القطر وشرحه. وفي الفاكهي (2/199) بحذف الهاء، وعندي أنه أصح.
(2)
سورة التحريم، آية:4.
(3)
كلام المصنف هنا مبني على أن الاعتماد على شيء شرط لعمل اسم الفاعل مطلقاً - في المرفوع والمنصوب - ولهذا عمل على تخريج البيت مع أن الوصف فيه لم يعمل في منصوب، والجمهور على أن ذلك شرط لعمله في المرفوع - إذا كان اسمًا ظاهرًا - وفي المنصوب، دون الضمير - المستتر والبارز - وقد حقق المصنف ذلك في المغني على ما ذكره الشيخ يس في حاشيته على شرح الفاكهي. (2/199) .
(4)
هما متغايران فالمبالغة باعتبار الكيفية، والتكثير باعتبار الكمية.
1-
فَعَّال: بتشديد العين. نحو: القائد الناجح ليس بهياب عند الفزع. ومنه ما حكاه سيبويه: أما العسلَ فأنا شراب. فـ (شراب) صيغة مبالغة، وقد عملت عمل الفعل. ففيها ضمير مستتر هو الفاعل. والمفعول (العسلَ) فهو منصوب.
2-
فَعُول: بفتح الفاء، نحو: المؤمن شكورٌ ربَّه على نعمه، فـ (ربَّه) منصوب على التعظيم، والهاء مضاف إليه.
3-
مِفْعال: بكسر الميم، نحو: الشجاعُ مِطْعانٌ عَدُوَّهُ. والتحويل إلى هذه الثلاث بكثرة.
4-
فَعِيل: بكسر العين وبعدها ياء. نحو: المؤمن رحيمٌ بالضعفاء.
5-
فَعِل: بكسر العين من غير ياء. نحو: لا تكن جزعًا عند الشدائد والتحويل إلى هذين بقلة. (1)
فهذه الصيغ الخمس تعمل عمل اسم الفاعل - الذي يعمل عمل فعله - لإفادتها ما يفيده مكررًا، ولورود السماع عن العرب بإعمالها كما تقدم فيما حكاه سيبويه. ومنه قوله الشاعر:
حَذِرٌ أمورًا لا تضير وآمنٌ ......ما ليس منجيَه من الأقدار (2)
فأعمل الشاعر صيغة المبالغة (حَذِرٌ) عمل الفعل، فنصب بها المفعول وهو قوله:(أمورًا) .
(1) وردت صيغة (فعيل) في آيات كثيرة. ذكر منها الأستاذ: محمد عضيمة رحمه الله ما يزيد على ثلاثين آية. فانظرها في: دراسات لأسلوب القرآن الكريم (2/4/40) وانظر: حاشية الصبان (2/297) .
(2)
إعرابه:
(حذر) خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هو. وفي (حذر) ضمير مستتر هو الفاعل (أموراً) مفعول به (لا تضير) لا: نافية. وتضير: فعل مضارع. والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره: هي. والجملة في محل نصب صفة لأمور (وآمن) معطوف على (حذر) وفيه ضمير مستتر هو الفاعل (ما) اسم موصول مفعول به لآمن. (ليس) فعل ماض ناقص. واسمه ضمير مستتر يعود على (ما)(منجيه) منجي: خبر (ليس) منصوب بالفتحة. وهو مضاف والهاء، مضاف إليه. من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. (من الأقدار) متعلق بما قبله. وجملة (ليس) واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول.