المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌باب في التعجب

وكذا كلمة (أُخَر) مؤنث (آخر) بمعنى مغاير. نحو: سجل التاريخ لعائشة أمِّ المؤمنين ولنساءٍ أُخرَ من أمهات المؤمنين أثرهن في حفظ السنة، وكان الأصل أن يقال: آخر بمد الهمزة، وفتح الخاء لأنه اسم تفضيل مجردٌ من أل والإضافة، فيلزم الإفراد والتذكير ولكن عدلوا عنه وقالوا: نساءٍ أُخَر، بضم الهمزة وفتح الخاء بلفظ الجمع، فمنع من الصرف للوصفية والعدل.

والخلاصة أن الأسماء الممنوعة من الصرف ثلاثة أنواع:

1-

ما يُمنع صرفه لعلامة واحدة وهو صيغة منتهى الجموع، وما فيه ألف التأنيث المقصورة أو الممدودة.

2-

ما يُمنع صرفه للعلمية، ومعها علامة أخرى، وهي التركيب أو التأنيث أو العجمة.

3-

ما يُمنع صرفه للعلمية أو الصفة، ومعهما الزيادة أو العدل أو وزن الفعل. والله أعلم.

‌باب في التعجب

وما يبنى منه فعلا التعجب واسم التفضيل

قوله: (التَّعَجُّبُ لَهُ صِيغَتَانِ: مَا أَفْعَلَ زَيْدًا، وَإِعْرَابُهُ: مَا مُبْتَدَأٌ بِمَعْنَى شَيءٌ عَظِيمٌ، وَأَفْعَلَ فِعْلٌ مَاضٍِ فَاعِلُهُ ضَمِيرُ مَا، وَزَيْدًا مَفْعُولٌ بِهِ وَالجُمْلَةُ خَبَرُ ما. وَأَفْعِلْ بِهِ وَهُوَ بِمَعْنى: مَا أَفْعَلَهُ، وَأَصْلُهُ أَفْعَلَ، أَيْ صَارَ ذَا كَذَا كَأَغَدَّ الْبَعِيرُ أَيْ صَارَ ذَا غُدَّةٍ، فَغُيِّرَ اللَّفْظُ وُزِيدَتِ الْبَاءُ فِي الفَاعِلِ لإِصْلاحِ اللَّفْظِ، فَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ هُنَا، بِخِلافِهَا فِي فَاعِلِ كَفَى) .

التعجب: انفعال يحدث في النفس عند الشعور بأمر يُجهلُ سببه، والمراد بالانفعال: تأثر النفس عند الشعور بالأمر المذكور.

وقول النحاة: إن التعجب مستحيل في حقه تعالى، لأنه لا يخفى عليه شيء، وأنه ينبغي صرف التعجب في نصوص القرآن والسنة للمخاطب، هذا فيه نظر، والصواب إثبات التعجب لله تعالى على ما يليق بجلاله، فإن التعجب نوعان:

ص: 278

1-

أن يكون صادراً عن خفاء الأسباب على المتعجِّب فيندهش له ويستعظمه ويتعجب منه، وهذا مستحيل على الله تعالى؛ لأن الله لا يخفى عليه شيء.

2-

أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره أو عما ينبغي أن يكون عليه مع علم المتعجب، وهذا هو الثابت لله تعالى (1) .

وقد دلت النصوص على ثبوته، قال تعالى:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} (2) بضم التاء للفاعل، وهي قراءة حمزة والكسائي. وعلى هذه القراءة فالآية من آيات الصفات، وقال تعالى:{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (3) وقال تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (4)، وقال تعالى:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} (5)، قال ابن أبي عاصم (6) في كتابه (السنة) :(بابٌ في تعجب ربنا من بعض ما يصنع عباده مما يُتقرب به إليه) وذكر حديث: (عَجِبَ ربنا تبارك وتعالى من رجلين: رجل قام من فراشه ولحافه.... الحديث) وهو حديث حسن، وحديث:(عَجِبَ ربك من راعي الغنم في رأس الشَّظِية من الجبل يؤذن ويقيم الصلاة) . إسناده جيد.

وعلى هذا فتعريف النحاة للتعجب خاص بالنوع الأول المتعلق بالآدميين، كما نص على هذا الزجاج (7) وأما اعتبار القاعدة النحوية هي الأصل ثم تؤول النصوص بما يتمشى معها من اعتبار التعجب مصروفاً للمخاطبين فهذا غير صحيح. والله أعلم.

والتعجب نوعان:

(1) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (6/123) وأضواء البيان للشنقيطي (6/680) . وانظر شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص34، 35.

(2)

سورة الصافات، آية:12.

(3)

سورة عبس، آية:17.

(4)

سورة البقرة، آية:175.

(5)

سورة مريم، آية:38.

(6)

السنة لابن أبي عاصم (1/249) .

(7)

معاني القرآن (4/299) .

ص: 279

1-

نوع لا ضابط له، وإنما يعرف بالقرينة. نحو: قول الله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس" متفق عليه، وقولهم: لله دره فارسًا.

2-

نوع قياسي، وله صيغتان وضعتا لإنشائه وهما: ما أَفْعلَهُ، وأَفْعِلْ به.

فالأولى نحو: ما أوسع الحديقة لِلَّهِ فـ (ما) تعجبية، اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وهي نكرة تامة، ومعنى نكرة: أنها بمعنى (شيء) أيِّ شيء، ومعنى (تامة) : أي أنها لا تحتاج إلا للخبر، فلا تحتاج لنعت أو غيره من القيود، وسوغ الابتداء بها تضمنها معنى التعجب، فصارت بمعنى:(شيء عظيم) . و (أوسع) : فعل ماض مبني على الفتح، بدليل لزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، نحو: ما أفقرني إلى عفو الله. وهو غير متصرف بسبب استعماله في التعجب، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره (هو) يعود على (ما) و (الحديقة) مفعول به منصوب، والجملة خبر المبتدأ (ما) .

والثانية نحو: أَقبِحْ بالبخل لِلَّهِ وهي بمعنى: ما أقبحه. فمدلول الصيغتين من حيث التعجب واحد، فـ (أقبح) فعل ماض جاء على صورة الأمر، مبني على فتح مقدر لمجيئه على هذه الصورة، وأصله (أَفْعَلَ) بصيغة الماضي، وهمزته للصيرورة، أي: أَقْبَحَ البخل بمعنى: صار ذا قبح، كقولهم: أبقلت الأرض، أي: صارت ذات بقل، وهو النبات، وأثمرت الشجرة، أي: صارت ذات ثمرة، فَغُيِّر اللفظ من صورة الماضي إلى الأمر لقصد التعجب، فَقَبُحَ إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدت الباء في الفعل فـ (الباء) زائدة. و (البخل) فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والباء هنا لازمة لا يجوز حذفها، بشرط أن يكون المجرور بها اسماً صريحاً، فإن كان مصدرًا مؤولاً من (أنْ أو أنَّ) وصلتهما جاز حذفها.

كقول القائل:

(1) سورة البقرة، آية:28.

ص: 280

وقال نبي المسلمين تقدموا ......وأَحْبِبْ إلينا أن تكون المقدما (1)

أي: وأحبب إلينا بكونك المقدمَ.

وهذا بخلاف الباء في فاعل (كفى) فإنه يجوز تركها، فمثال ذكرها قوله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (2) فـ (الباء) حرف جر زائدًا إعرابًا مؤكد معنى، ولفظ الجلالة فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و (شهيدًا) تمييز منصوب. وقد مضى ذلك في أول باب الفاعل.

ومثال تركها أن تقول: كفى الإيمانُ زاجرًا عن المعاصي.

وهذا الإعراب والتخريج الذي ذكر المصنف رحمه الله في هذه الصيغة هو المشهور، وذهب جماعة من النحاة إلى الإعراب الأتي:

أقبح: فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر وجوباً، تقديره: أنت، يعود على مصدر الفعل المذكور وهو (القبح) . (بالبخل) جار ومجرور متعلقان بالفعل، ويكون المعنى الملحوظ: يا قبح أقبح بالبخل، أي: لازمه ولا تفارقه. وهذا الإعراب أيسر من الأول، فالأخذ به حسن، ولا سيما للمبتدئين.

قوله: (وَإِنَّمَا يُبْنَى فِعْلَا التَّعَجُبِ وَاسْمُ التَّفْضِيلِ مِنْ فِعْلٍ ثُلاثِي مُثْبَتٍ مُتَفَاوِتٍ تَامٍّ مَبْنِيٍّ لِلْفَاعِلِ اسْمُ فَاعِلِهِ أَفْعَلَ) .

ذكر المصنف شروط ما يبنى منه فعلا التعجب، وذلك بأن يُتعجب منه مباشرة، ولما شارك اسم التفضيل فعلى التعجب في هذه الشروط ضمه المصنف إليهما لقصد الاختصار، وهذه الشروط:

1-

أن يكون فعلاً، فلا يبنيان من غير فعل. فلا يقال: ما أجلفه لِلَّهِ، من الجِلْفِ (وهو الرجل الغليظ الجافي) ولا ما أحمره!، من الحمار.

2-

أن يكون ثلاثيًا، فلا يبنيان مما زاد على ثلاثة، مثل: دحرج وانطلق واستخرج.

(1) في البيت دليل على جواز الفصل بين فعل التعجب وفاعله وهو المصدر المؤول بالجار والمجرور وهو معمول لفعل التعجب.

(2)

سورة النساء، آية:79.

ص: 281

3-

أن يكون مثبتًا، فلا يصاغان من فعل منفي، سواء كان النفي ملازمًا له نحو ما عاج (1) الدواء أي: ما نفع، أو كان غير ملازم نحو: ما حضر الغائب.

4-

أن يكون معناه قابلاً للتفاوت أي: التفاضل والزيادة، ليتحقق معنى التعجب. فلا يصاغان مما لا تفاوت فيه، نحو: فني ومات. (2)

5-

أن يكون الفعل تامًا (أي ليس ناقصًا) ، فلا يبنيان من (كان وكاد) وأخواتهما.

6-

أن يكون مبنيًا للفاعل (أي للمعلوم) فلا يصاغان من فعل مبني للمجهول مثل: عُرِف، عُلِم، خوف الالتباس بالمبني للفاعل. وهو المبني للمعلوم، فإن أمن اللبس بأن كان الفعل ملازمًا للبناء للمجهول جاز ذلك، وقد سمع من كلامهم: ما أشغله، وما أعناه بحاجتك، فيصح: ما أزهى الطاووس، وما أهزل المريض، من شُغل وعُنى وزُهى (3) وهُزل.

7-

ألا يكون اسم فاعله على أفعل، وموضع ذلك ما دل على عيب أو لون أو حلية أو شيء فطري نحو: عَرِج. فهو أعرج. وخَضِر فهو أخضر، وحَوِر فهو أحور (4) ، فلا يتعجب من ذلك.

والصحيح ما قاله بعض الكوفيين من صحة مجيء التعجب مما يدل على الألوان والعيوب، لورود السماع عن العرب في باب أفعل التفضيل، من قولهم: أسودُ من حَلَكِ الغراب، وأبيضُ من اللبن، والحكم على ذلك بالشذوذ والمنع من القياس عليه غير مقبول.

8-

وبقي شرط ثامن لم يذكره ابن هشام، وهو: ألا يكون الفعل جامدًا، مثل: نعم وبئس وعسى ونحوها.

(1) مضارعة يعيج أما عاج يعوج فمعناه: مال يميل. وهذا يأتي في النفي والإثبات.

(2)

إلا إن أريد وصف زائد عليه فيقال في نحو: مات عصام: ما أفجع موته، وأفجع بموته.

(3)

حكى ابن دريد فيما نقله في اللسان (4/361) : زها يزهو، أي: تكبر، وعليه فلا شذوذ لأنه من المبني للفاعل.

(4)

الحور: شدة سواد العين وشدة بياضها.

ص: 282

فإن كان الفعل ثلاثي أو ناقصًا أو كان الوصف منه على أفعل فإننا نتوصل إلى التعجب منه أو التفضيل بواسطة (ما أشد أو اشدد) ونحوهما، ونأتي بعد ذلك بمصدر ذلك الفعل صريحًا أو مؤولاً، ويكون منصوبًا على المفعولية بعد (أشد) ونحوه، ومجرورًا بعد (اشدد) ونحوه. وأما بعد أفعال التفضيل فهو منصوب على التمييز نحو: ما أشدَّ انطلاقَ خالد، واشدد بانطلاقه، ما أصعب أن يكون الدواء مراً، ما أشد خضرة الزرع. فـ (ما) مبتدأ و (انطلاق) مفعول به منصوب و (خالد) مضاف إليه، والجملة خبر المبتدأ. و (انطلاق) مصدر صريح. و (أن يكون) مصدر مؤول. و (اشدد) فعل ماض جاء على صورة الأمر، أو فعل أمر (بانطلاقه) الباء حرف جر زائد و (انطلاق) فاعل، أو الفاعل ضمير مستتر على ما تقدم في إعراب الصيغة.

وتقول في التفضيل: خالد أكثرُ إعانةً من أخيه، فـ (خالد) مبتدأ و (أكثر) خبر و (إعانةً) تمييز (من أخيه) متعلق باسم التفضيل.

وإن كان الفعل مبنياً للمجهول أو منفياً فنتوصل إلى التعجب منه بالواسطة المذكورة، ونأتي بمصدر الفعل مؤولاً نحو: ما أحسن أن يبذل المال في الخير. ما أضرَّ ألَاّ يصدق البائع. فـ (أن يبذل) في تأويل مصدر مفعول (أحسن)، والتقدير: ما أحسنَ بذلَ المال. و (ألا يصدق) في تأويل مصدر منفي بـ (لا)، والتقدير: ما أضرَّ عدمَ صدقِ البائع.

ولا يتعجب من الفعل الجامد، ولا من الذي لا يتفاوت معناه مطلقًا لا بواسطة ولا مباشرة؛ لأن الجامد لا مصدر له فَيُنْصَبَ أو يُجَرَّ، والذي لا يتفاوت معناه ليس قابلاً للتفاضل، فلا يتحقق معنى التعجب. والله أعلم.

باب في الوقف (1) وبعض مسائل الخط

(1) والمراد به هنا الوقف الاختياري. وهو الوقف المقصود لذاته فإن لم يقصد أصلاً بل عرض للقارئ بسبب ضيق النفس ونحوه فاضطراري، وإن قصد به اختبار حال الطالب هل يحسن الوقف فهو اختباري.

ص: 283

قوله: (الوَقْفُ في الأَفْصَحِ عَلَى نَحْوِ: رَحْمَةٍ بِالهَاءِ، وَعَلَى نَحْوِ: مُسْلِمَاتٍ بِالتَّاءِ) .

الوقف: قطع النطق عند آخر الكلمة، ويتعلق به الأحكام الآتية:

1-

إذا وقف على كلمة منتهية بتاء التأنيث التي قبلها متحرك قلبت التاء هاء، في أفصح اللغتين نحو: ما أشبه الليلة بالبارحهْ، ويجوز إبقاؤها - كما سيذكر المصنف - وكذا إن كان ما قبل التاء ساكناً معتلاً نحو: قد قامت الصلاه، فإن كان ما قبل التاء ساكنًا صحيحاً كأُخْتٍ وبِنْت، وقف عليها بالتاء من غير إبدال.

وأما إذا كان جمعاً بالألف والتاء فالأفصح الوقف بالتاء، نحو: رُبَّ أكلةٍ منعت أكلاتْ، وبعضهم يقف بالهاء (1) - كما سيأتي - فقد سمع من كلامهم: كيف الأخوةُ والأخواه؟

قوله: (وَعَلَى نَحْو: قَاضٍ رَفْعًا وَجَرًّا بِالحَذْفِ، وَنَحْوُ: القَاضِي فِيهمَا بِالإِثْبَاتِ، وَقَدْ يُعْكَسُ فِيهِنَّ، وَلَيْسَ في نَصْبِ قَاضٍ وَالقَاضِي إِلا اليَاءُ) .

2-

إذا وقف على الاسم المنقوص وهو ما آخره ياء مكسور ما قبلها، فإما أن يكون معرفة، وهو: المحلى بأل، أو نكرة، وهو: المنون، فإن كان منونًا فالأفصح الوقف عليه رفعًا وجرًا بحذف الياء نحو: جاء داعٍ، سلمت على داعٍ.

(1) وهم عرب طيئ كما في المطالع النصرية ص (145) وفي الأشموني (4/214) .

ص: 284

ويجوز الوقف عليه بإثبات الياء فتقول: جاء داعي، وسلمت على داعي. وقد قرأ ابن كثير - من السبعة - في قوله تعالى:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} (1)، وقوله تعالى:{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (2)، وقوله تعالى:{وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} (3)، وقوله تعالى:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (4) قرأ ابن كثير بياء في الوقف في الألفاظ الأربعة حيث وقعت، وقرأ الباقون بالحذف. (5)

وإن كان غير منون فالأفصح الوقف عليه رفعًا وجرًا بالإثبات نحو: شر القلوب القلبُ القاسي، تدور الدوائر على الباغي، ويجوز الوقف عليه بحذفها، ومنه قوله تعالى:{الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} (6) وقوله تعالى: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} (7) فقد قرأ الجمهور بالحذف، وقرأ ابن كثير بإثبات الياء. (8)

فإن كان المنقوص منصوبًا ثبتت ياؤه مطلقًا محلى بأل، أو منونًا، فإن كان منونًا أُبدل من تنوينه ألف، نحو: كفى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إماماً وهاديا، قال تعالى:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} (9)، وإن كان غير منون وقف على الياء نحو: اشمل بمعروفك الدانيَ والقاصيْ. قال تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} (10) .

(1) سورة الرعد، آية:7.

(2)

سورة الرعد، آية:11.

(3)

سورة الرعد، آية:34.

(4)

سورة النحل، آية:96.

(5)

انظر الكشف لمكي (2/21) .

(6)

سورة الرعد، آية:9.

(7)

سورة غافر، آية:15.

(8)

انظر الكشف لمكي (2/24، 246) .

(9)

سورة آل عمران، آية:193.

(10)

سورة القيامة، آية:26.

ص: 285

وقول المصنف (وقد يعكس فيهن) الضمير في قوله (فيهن) راجع إلى قلب تاء (رحمة) هاء. وإثبات تاء (مسلمات) وحذف ياء (قاض) وإثبات ياء (القاضي) فيوقف على (رحمة) بالتاء بدل الهاء، وعلى (مسلمات) بالهاء بدل التاء، وعلى (قاض) بالياء بدلاً من حذفها، وعلى (القاضي) بالحذف وقد ذكر ذلك كله. (1)

قوله: (وَيُوقَفُ عَلَى (إِذًا) وَنَحْوِ: {لَنَسْفَعَنْ} (2) وَ (رَأَيْتُ زَيْدًا) بِالأَلِفِ كَمَا يُكْتَبْنَ) .

3-

يجب في الوقف قلب النون الساكنة ألفاً في ثلاث مسائل:

الأولى: إذن الجوابية، وهي حرف جواب وجزاء في نحو: أزورك غدًا إن شاء الله، فتقول: أكرمك إذا، وأصلها (إذن) ، فتبدل عند الوقف ألفاً كما يفعل بالمنون المنصوب - الذي سيأتي ذكره - وهذا على ما ذكر ابن هشام، وهو مذهب بصري، والكوفيون يكتبونها بالنون مطلقًا سواء كانت ناصبة أم لا، للفرق بينها وبين (إذا) الظرفية والفجائية، والقول الثالث للفراء وهو: أن الناصبة تكتب بالنون، والملغاة بالألف، وهذا في غير ما ورد في القرآن؛ لأن ما ورد فيه فهو سنة متبعة في رسمه مقصورة عليه. (3)

(1) اعلم أن هناك فرقا بين تاء التأنيث وهاء التأنيث وخلاصته كما يلي:

1-

أن تاء التأنيث لا تبدل في الوقف هاء. وهاء التأنيث يوقف عليها بالهاء.

2-

أن تاء التأنيث تكتب مبسوطة، وهاء التأنيث تكتب مربوطة.

3-

أن تاء التأنيث لا تمنع من الصرف وهاء التأنيث تمنع من الصرف.

4-

أن تاء التأنيث تكون في الأسماء والأفعال نحو: بنت خرجت، وهاء التأنيث لا تكون إلا في الأسماء مثل: فاطمة.

أن هاء التأنيث يفتح ما قبلها دائماً لفظاً نحو حفصة وطلحة، أو تقديرًا نحو فتاة وقضاة. بخلاف تاء التأنيث فقد يكون ما قبلها ساكنًا نحو: بنت وأخت، وقد يكون متحركًا نحو: قالت ونعمت. راجع المطالع النصرية ص 141.

(2)

سورة العلق، آية:15.

(3)

انظر المطالع النصرية ص135، 136.

ص: 286

الثانية: نون التوكيد الخفيفة الواقعة بعد الفتحة نحو: احذرَنْ صحبة الفاسق، فتقول في الوقف: احذرا، ومنه قوله تعالى:{لَنَسْفَعَنْ} (1) وقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} (2) وقف جميع القراء عليها بالألف. (3)

الثالثة: تنوين الاسم المنصوب: رأيت خالدًا، وعلى هذا جمهور العرب إلا ربيعة، فإنهم وقفوا بالحذف: رأيت خالدْ.

وقوله: (كما يكتبن) أي أن الوقف في هذه المسائل الثلاث بالألف كما يكتبن بها. لأن الأصل في كتابة الكلمة أن تكتب بصورة لفظها بتقدير الابتداء بها والوقف عليها.

قوله: (وَتُكْتَبُ الأَلِفُ بَعْدَ وَاوِ الجَمَاعَةِ كَقَالُوا دُونَ الأَصْلِيَّةِ، كَزَيْدٌ يَدْعُو، وَتُرْسَمُ الأَلِفُ يَاءً إِنْ تَجَاوَزَتِ الثَّلاثَةَ، كَاسْتَدْعَى وَالمُصْطَفَى أَوْ كَانَ أَصْلُهَا اليَاءَ كَرَمَى وَالْفَتَى، وَأَلِفاً في غَيْرِهِ كَعَفَا وَالعَصَا وَيَنْكَشِفُ أَمْرُ أَلِفِ الفِعْلِ بِالتَّاءِ كَرَمَيْتُ وَعَفَوْتُ، وَالاسْمِ بِالتَّثْنِيَةِ كَعَصَوَيْنِ وَفَتَيَيْنِ) .

ذكر المصنف رحمه الله مسألتين من مسائل الكتابة:

(1) سورة العلق، آية:15.

(2)

سورة يوسف، آية:32.

(3)

لا بد من قرينة تدل على أن الألف في المثال المذكور أصلها نون التوكيد الخفيفة ولذا قال الفاكهي في شرح القطر (2/278) : (محل كتابة النون الخفيفة بالألف، عند عدم اللبس، أما إن حصل لبس نحو: لا تضربَنْ زيدًا واضربن عمرًا. فتكتب بالنون على الأصح؛ لئلا يلتبس أمر الواحد أو نهيه بأمر الاثنين أو نهيهما في الخط) .

ص: 287