المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌3- اسم الفاعل

الثاني: المنون. وإعماله أقرب إلى القياس من إعمال المضاف، لأنه يشبه الفعل في التنكير، وهو يلي المضاف في الكثرة نحو: واجب علينا تشجيعٌ كلَّ مجتهد، تقديره: واجب علينا أن نشجع كل مجتهد. ومنه قوله تعالى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا} (1) فـ (إطعام) مصدر، معطوف على ما قبله وهو (فك رقبة) وهو منون نَصَبَ المفعول به وهو قوله (يتيماً) . والتقدير: أو أن يطعم يتيمًا.

الثالث: المعرف بـ (ال) . وإعماله شاذ، لبعده عن مشابهة الفعل باقترانه بـ (ال) ، وهو أقل من سابقيه استعمالاً وبلاغة، نحو: المجدُّ سريع الإنجاز أعمالَه. بنصب (أعماله) على أنه مفعول به للمصدر وهو (الإنجاز) . ومنه قوله الشاعر:

عجبت من الرزق المسيءَ إلهُهُ ......ومن ترك بعض الصالحين فقيرًا (2)

(2)

بنصب (المسيء) على أنه مفعول به للمصدر (3) وهو (الرزق) و (إلهه) بالرفع فاعل له.

‌3- اسم الفاعل

(1) سورة البلد، آية:14.

(2)

هذا البيت ثابت في متن القطر الذي عليه شرح الفاكهي. وموجود في شرح ابن هشام على القطر. والمثبت في متن القطر شطر بيت آخر فانظره.

(3)

هذا ما ذكر الفاكهي في شرحه على القطر (2/195) وذكر محمد عبد الحميد في إعرابه لشواهد شرح القطر لابن هشام أنه بالجر مضاف إليه.

ومعنى هذا البيت أن الشاعر يتعجب من أن الله تعالى يرزق بعض المسيئين ويترك بعض الصالحين فقيرً معدمًا. وقوله: (ومن ترك بعض الصالحين) فيه إضافة المصدر إلى مفعوله. و (فقيراً) أعربوه حالاً، وعندي أنه مفعول ثان للمصدر.

ص: 230

قوله: (وَاسْمُ الفَاعِلِ كَـ (ضَاربٍ وَمُكْرِمٍ) ، فَإِنْ كَانَ بـ (اَلْ) عَمِلَ مُطْلَقًا، أَوْ مُجَرَّدًا فَبِشَرْطَيْنِ كَوْنُهُ حَالاً أَوِ اسْتِقْبَالاً وَاعْتِمَادُهُ عَلَى نَفْيٍ أَوِ اسْتِفْهَامٍ، أَوْ مُخْبَر ٍعَنْهُ، أَوْ مَوْصُوفٍ و {بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} (1) عَلَى حِكَايَةِ الحَالِ، خِلافًا لِلْكِسَائي. وَخَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأخِيرِ، وَتَقْدِيرُهُ خَبِيرٌ كَظَهِيرٍ خِلافًا لِلأخْفَشِ) .

النوع الثالث من الأسماء العاملة عمل الفعل (اسم الفاعل) وقوله المصنف: (واسم الفاعل) معطوف على ما قبله كما تقدم في المصدر.

واسم الفاعل: اسم مشتق للدلالة على معنى مجرد حادث وعلى فاعله.

وقولنا: (معنى مجرد) المراد: هو الحدث، كالقيام، والقعود، في قولك: قائم، قاعد.

ومعنى: (حادث) أي: عارض يتغير ويزول. وهذا هو الغالب في اسم الفاعل نحو: ندم الظالم فهو نادم.

ويصاغ من الفعل الثلاثي على وزن (فاعل) كـ: ضارب، ومن غير الثلاثي على وزن مضارعه بعد إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وكسر ما قبل الآخر كـ: مُكْرِم، وهو يعمل عمل فعله فإن كان لازمًا رفع الفاعل، وإن كان متعديًا رفع الفاعل ونصب المفعول، ويأتي توضيح ذلك إن شاء الله.

واسم الفاعل لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يكون مقترنًا بـ (ال) .

الثانية: أن يكون مجردًا منها.

فإن كان مقترناً بأل عمل بلا شرط، نحو: الكاتمُ سرَّ إخوانه محبوبٌ، فـ (الكاتمُ) مبتدأ. وفيه فاعل مستتر. (سرَّ) مفعول به لاسم الفاعل (محبوب) خبر المبتدأ.

(1) سورة الكهف، آية:18.

ص: 231

وإن كان مجردًا عمل عمل فعله بشرطين (1) :

الأول: أن يكون للحال أو الاستقبال.

الثاني: أن يعتمد على نفي، أو استفهام، أو على مبتدأ، وهو المراد بقوله:(أو مخبرٍ عنه) . أو يعتمد على موصوف، وذلك بأن يقع اسم الفاعل خبرًا عن المبتدأ أو صفة.

مثال اعتماده على نفي: ما حامدٌ السوقَ إلا من ربح. فـ (ما) نافية و (حامد) مبتدأ، وهو اسم فاعل. عمل عمل فعله. فرفع الفاعل الذي سد مسد الخبر وهو (من) الموصولة. ونصب المفعول المقدَّم وهو كلمة (السوق) .

ومثال الاستفهام: أبالغٌ أنت قصدَك؟ فـ (بالغٌ) مبتدأ (أنت) فاعل سد مسد الخبر، (قصدَك) مفعول به لاسم الفاعل. والكاف مضاف إليه.

ومثال اعتماده على مبتدأ: أنت حافظٌ غَيْبَةَ جارك.

ومثال اعتماده على موصوف. صحبت رجلاً عارفًا حقوق الصداقة.

فإن كان مفيدًا للمضي لم يعمل، فلا يصح أن تقول: محمد كاتبٌ واجبَه أمس، بنصب (واجبه) بل يجب فيه الإضافة فتقول: محمد كاتبُ واجبِهِ أمس، وخالف في ذلك الكسائي فأجاز عمله - وإن كان ماضيًا - محتجًا بقوله تعالى:{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} (2) فـ (باسط) بمعنى الماضي. وخرجه غيره على أنه حكاية حال ماضية. ومعنى ذلك: أن يفرض المتكلم حين كلامه أن القصة واقعة الآن فهو يصفها. وعليه لا يكون (باسطٌ) ماضياً، وإنما هو حاضر. والسر في ذلك إحضاره في الذهن حتى كأنه مشاهد.

(1) عمل فعله تقدم ذكره. لكن ينبغي أن يعلم أن وجود هذين الشرطين لا يوجب عمله بل تجوز إضافته إلى مفعوله كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} فقد قرأ حفص بالإضافة. وقرأ الباقون بالتنوين ونصب (أمره) على المفعولية قال مكي: (وهما لغتان في إثبات التنوين في اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال وحذفه وقد مضى له نظائر) انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع (2/239، 324) .

(2)

سورة الكهف، آية:18.

ص: 232

وإن لم يعتمد اسم الفاعل لم يعمل. وخالف في ذلك الأخفش فأجاز عمله، واحتج بقول الشاعر:

خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلا تكُ ملغيًا ......مقالة لِهْبيٍّ إذا الطير مَرَّتِ (1)

فإن قوله: (خبير) مبتدأ، وقوله (بنو لهب) فاعل سد مسد الخبر، ولم يعتمد اسم الفاعل على شيء مما ذكر.

(1) المعنى: أن بني لهب عالمون بزجر الطير وعيافتها - أي التكهن بأسمائها وحركاتها وأصواتها تفاؤلاً وتشاؤمًا - فإذا أخبرك لهبي بشيء من ذلك فصدقه ولا تلغ كلامه. ومعلوم أن التطيرّ من أعمال الجاهلية وهو نوع من الشرك يتنافى مع التوحيد أو ينقص كماله.

إعرابه: فلا تك: مضارع مجزوم وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت)(ملغيًا) خبرها. (مقالة) مفعول به لاسم الفاعل (ملغيًا)(الطير) فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور، أو مبتدأ خبره ما بعده.

ص: 233