الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فـ (مكانك) اسم فعل أمر بمعنى (اثبتي) وجاء المضارع في جوابه مجزوماً وهو قوله (تحمدي) وعلامة كونه مجزومًا حذف النون منه. لأنه مسند لياء المخاطبة وهي النفس.
وأما النصب فلا ينصب المضارع بعد الفاء في جواب الطلب منه فلا تقول: نزال فنحدثَك. بنصب المضارع (نحدثَك) بل يجب رفعه، وقد مضى بيان ذلك في الكلام على نواصب المضارع أول الكتاب.
2- المصدر
قوله: (وَالمَصْدَرُ كَضَرْبٍ وَإِكْرَامٍ إِنْ حَلَّ محَلَّهُ فِعْلٌ مَعَ (أَنْ) أَوْ (مَا) وَلَمْ يَكُنْ مُصَغَّرًا وَلا مُضْمَرًا وَلا مَحْدُودًا وَلَا مَنْعُوتًا قَبْلَ العَمَلِ وَلا مَحْذُوفًا وَلا مَفْصُولاً مِنَ المَعْمُولِ وَلا مُؤَخَّرًا عَنْهُ) .
النوع الثاني: من الأسماء العاملة عمل الفعل: المصدر، والمصدر هو: الاسم الدال على الحدث المجرد، المشتمل على حروف فعل أو أكثر منها، نحو: بَذْلُ المال في الخير نَفْعٌ لصاحبه. فـ (بَذْل) مصدر: بَذَلَ، يبذل بذلاً، وهو يدل على حدوث البذل من غير زمن. وقد اشتمل على جميع حروف الفعل (بَذَلَ) .
وفي نحو: إكرام الضيف من آداب الإسلام. اشتمل المصدر على حروف فعله وزيادة الألف قبل آخره. (1)
وقول المصنف: (والمصدر) بالرفع عطف على (اسم الفعل) والتقدير: يعمل عمل فعله سبعة: اسم الفعل والمصدر
…
فيعمل المصدر عمل فعله الذي اشتق منه. فيرفع الفاعل وينصب المفعول به بواسطة أو بغيرها، وفي تمثيل المصنف رحمه الله للمصدر بقوله:(كضرب وإكرام) إشارة إلى أن المصدر المزيد يعمل عمل المجرد.
وقد ذكر المصنف لعمله ثمانية شروط، واحد منها وجودي، والسبعة الباقية عدمية وهي كما يلي:
1-
أن يصح أن يَحِلَّ محله (أن) والفعل. أو (ما) والفعل، نحو: يسرني أداؤك الواجب. فـ (أداءُ) فاعل (يسرُّ) وهو مصدر عَمِلَ عَمَل فعله، وقد أضيف إلى فاعله وهو (الكاف) ، ونصب المفعول (الواجب)، ويمكن أن يحل محله (أن والفعل) أو (ما والفعل) فتقول: يسرني أن تؤدي الواجب. إن أردت المضي أو الاستقبال. أو يسرني ما تؤدي الواجب، إن أردت الحال.
(1) والمصدر يختلف عن اسم المصدر وإن كان يتفقان في الدلالة على الحدث لكن المصدر لا تنقص حروفه عن حروف فعله. واسم المصدر تنقص حروفه عن حروف فعله لفظاً وتقديرًا دون تعويض مثل: عطاء، فإنه مساو للمصدر: إعطاء في الدلالة على المعنى. لكنه خالفه بخلوه من الهمزة الموجودة في فعله. وقولنا: لفظًا وتقديرًا شرط في اسم المصدر. لإخراج ما خلا من بعض ما في فعله لفظًا ولم يخل منها تقديرًا فهو مصدر نحو: قتال مصدر قاتل، وقد خلا من الألف التي قبل التاء في الفعل. لكن خلا منها لفظًا ولم يخل منها تقديرًا. ولذلك نطق بها في بعض المواضع نحو: قاتل قيتالاً. لكن انقلبت الألف ياء لكسر ما قبلها. وأما حذفها فهو للتخفيف وكثرة الاستعمال. وقولنا: دون تعويض. احتراز مما فيه تعويض نحو: عدة. فإنه مصدر. وعد. وقد خلا من الواو التي في فعله لفظًا وتقديرًا لكن عوض عنها التاء.
2-
ألا يكون مصغرًا فلا يجوز: أُكَيلُكَ الطعام بسرعة مضر. تريد: أكلك الطعام.
3-
ألا يكون ضميرًا. فلا يجوز: إكرامي الصديق مطلوب وهو جارًا أشد، تريد: وإكرامي جارًا أشد.
4-
ألا يكون محدودًا. أي: مختومًا بالتاء الدالة على المرة الواحدة. فلا يصح ساءني ضربتك عليًا. لأن (ضربة) مصدر محدود. مختوم بتاء زائدة دالة على المرة الواحدة.
فإن كانت التاء من صيغة الكلمة وليست للوحدة جاز أن يعمل المصدر نحو: إغاثتك الملهوف دليل مروءتك.
5-
ألا يكون المصدر متبعاً بتابع كالنعت وغيره، قبل تمام عمله. فلا يجوز: أعجبني إكرامُك الطيِّبُ زيدًا. لأن (الطيب) صفة للمصدر (إكرام) وهو لم يستكمل عمله بنصب مفعوله (زيدًا) .
6-
ألا يكون محذوفاً، لأنه إذا حذف لم توجد حروف الفعل الذي هو محمول عليه.
7-
ألا يكون مفصولاً عن معموله بفاصل ليس معمولاً لهذا المصدر نحو: إني أقوى على إلقاءٍ في الحفل كلمةً نافعة، والأصل: إني أقوى على إلقاءٍ كلمةً نافعةً في الحفل.
8-
ألا يتأخر عن معموله، فلا يجوز: ساءني زيدًا ضربُك. إلا إن كان المعمول ظرفًا أو جارًا أو مجرورًا فيجوز تأخره عنه، لوروده في القرآن، ولأنه يتوسع فيهما. قال تعالى:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} (1)(2) وقال تعالى: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} (3)(4) . والأصل: بلغ السعي معه. حِوَلاً عنها. ولا داعي للتكلف في التأويل من غير داع، ولا سيما في القرآن.
(1) سورة الصافات، آية:102.
(2)
السعي: مصدر للفعل الثلاثي: سعى.
(3)
سورة الكهف، آية:108.
(4)
حولاً: مصدر للثلاثي (حال) ، أو اسم مصدر للفعل (تحوَّل) بمعنى التحول، صحت الواو ولم تقلب ياء، لأن الواو متحركة وليس بعدها ألف [انظر "معجم مفردات الإبدال والإعلال في القرآن الكريم " ص89 للدكتور أحمد الخراط] .
قوله: (وَإِعْمَالُهُ مُضَافًا أكْثَرُ نَحْوُ: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} (1) وقَوْل الشَّاعر: (أَلَاّ إنَّ ظُلْمَ نَفْسِهِ المَرْءُ بَيِّنٌ) . وَمُنَوَّنًا أَقْيَسُ نَحْوُ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا} (2) وبـ (اَلْ) شَاذٌ نَحْوُ: (عجبت من الرزق المسيءَ إلهُهُ)) .
ينقسم المصدر العامل إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المضاف. وإعماله أكثر من إعمال القسمين الآخرين. وهو ضربان:
(أ) مضاف لفاعله. نحو: يسرني شكرُكَ المنعمَ. فـ (شكر) مصدر. وهو فاعل (يسرُّ) ، وهو مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله. (المنعمَ) مفعول به للمصدر، ومنه قوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} (3) فـ (دفعُ) مبتدأ حذف خبره وجوبًا. وهو مضاف إلى فاعله. و (الناسَ) مفعول به للمصدر.
(ب) مضاف لمفعوله نحو: من سوء التربية عصيانُ الآباءِ بنوهم. فـ (عصيان) مصدر، وهو مبتدأ مؤخر. وهو مضاف إلى مفعوله (الآباء) و (بنوهم) فاعل المصدر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:" بني الإسلام على خمس.. وحجِّ البيتِ من استطاع إليه سبيلاً " فـ (حج) مصدر مضاف لمفعوله (البيت) و (من استطاع) فاعل المصدر. وقول الشاعر:
ألا إنَّ ظلمَ نفسِه المرءُ بيّنٌ......إذا لم يَصُنْها عن هوىً يغلب العقلا (4)
فأضاف المصدر (ظلم) إلى مفعوله وهو (نفسه) ثم أتى بالفاعل بعد ذلك، وهو قوله:(المرءُ) والأصل: ألا إن ظلمَ المرءِ نفسَه بين
…
(1) سورة البقرة، آية:251.
(2)
سورة البلد، آية:14. ومعنى (مسغبة) : مجاعة.
(3)
سورة البقرة، آية:251.
(4)
هذا البيت غير موجود في متن القطر الذي عليه شرح الفاكهي. ومعناه واضح. وقوله: (ألا) أداة استفتاح وتنبيه. والألف في قوله (العقلا) للإطلاق.