المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب (لا) النافية للجنس - تعجيل الندى بشرح قطر الندى

[عبد الله بن صالح الفوزان]

الفصل: ‌باب (لا) النافية للجنس

النوع الثاني: الدخول الواجب. فيجب الإتيان باللام إذا خففت (إن) وأهملت ولم يظهر قصد الإثبات، وإنما لزمت اللام لتفرق بينها وبين إنْ النافية، ولهذا تسمى (اللام الفارقة) نحو: إنْ خالد لمسافر. فلولا وجود اللام لاحتمل أن يكون نفيًا لأن (إنْ) تأتي نافية.

فإن عملت لم تلزم اللام لأنها لا تلتبس بـ (إن) النافية؛ لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر نحو: إنْ خالدًا مسافر، فهو إثبات، وكذا (إذا) ظهر القصد بأن وجد قرينة تبين المراد، وهو التوكيد نحو: إنِ الاستقامةُ سعادةُ الدارين، فهي مخففة من الثقيلة مهملة، لأن المعنى يفسد على اعتبارها نافية.

‌باب (لا) النافية للجنس

قوله: (وَمِثْلُ إِنَّ لَا النَّافِيَةُ للْجِنْسِ لَكِنْ عَمَلُهَا خَاصٌ بِالنَّكِرَاتِ المُتَّصِلَةِ بِهَا نَحْوُ: لَا صَاحِبَ عِلْمٍ مَمْقُوتٌ. وَلَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا عِنْدِي. وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا غَيْرَ مُضَافٍ وَلَا شِبْهَهُ بُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ في نَحْوِ: لَا رَجُلَ وَلَا رِجَالَ، وَعَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْكَسْرِ في نَحْوِ: لَا مُسْلِمَاتٍ، وَعَلَى الْيَاءِ في نَحْوِ: لَا رَجُلَيْنِ وَلَا مُسْلِمينَ) .

من نواسخ الابتداء: (لا) النافية للجنس، وهي مثل (إنَّ) في عملها، فتنصب الاسم - لفظًا أو محلاً - وترفع الخبر.

ومعنى (النافية للجنس) أي: نفي الخبر عن الجنس كله على سبيل الاستغراق والشمول. فإذا قلت: لا طالبَ حاضرٌ، فقد نفيت الحضور عن جميع أفراد الطلاب، فلا يصح أن تقول: لا طالب حاضر بل طالبان، لأن هذا تناقض. بخلاف (لا) العاملة عمل (ليس) فإنها ليست نصًا في نفي الجنس. فهي تحتمل نفي الجنس، وتحتمل نفي الواحد (1) فإن قدرتها نافية للواحد صح أن تقول: لا طالبٌ حاضرًا بل طالبان، وإن قدرتها نافية للجنس لم يجز ذلك.

(1) وتقدم ذلك في الكلام عليها مع الحروف العامة عمل (ليس) .

ص: 133

وهذا إن كان الاسم مفردًا. فإن كان مثنى أو جمعًا فالاحتمال موجود فيهما معًا نحو: لا عاقلين متشاتمان. لا مجدين مذمومون، ونحو: لا عاقلان متشاتمين، لا مجدون مذمومين، ففي هذا احتمال نفي الحكم عن الجنس كله أو نفي قيد التثنية فقط أو قيد الجمع فقط.

وتسمى (لا) النافية للجنس (لا) التبرئة؛ لتبرئة أفراد الجنس عن حكم الخبر. وهي تختص بهذه التسمية لقوة دلالتها على النفي المؤكد أكثر من غيرها من أدوات النفي الأخرى.

وقد ذكر ابن هشام لعملها شرطين:

الأول: أن يكون اسمها وخبرها نكرتين: فلا تعمل في المعرفة. فإن دخلت على معرفة وجب تكرارها نحو: لا خالد في المسجد ولا هشام.

الثاني: أن يكون الاسم مقدمًا والخبر مؤخرًا. فإن تقدم الخبر بطل عملها ووجب تكرارها، نحو: لا في المعهد طلاب ولا مدرسون، ومنه قوله تعالى:{لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (1)(2) فـ (لا) نافية ملغاة. (فيها) خبر مقدم (غول) مبتدأ مؤخر (ولا) الواو عاطفة. و (لا) مؤكدة للنفي. (هم) مبتدأ. وجملة (ينزفون) خبر. والواو نائب فاعل.

وإذا استوفت شروط عملها. فلا يخلو اسمها من ثلاث حالات:

1-

أن يكون مفرداً، أي: كلمة واحدة، فالمفرد هنا: ما ليس بمضاف ولا شبيه بالمضاف، فيدخل فيه المفرد، نحو: لا سرورَ دائمٌ، وجمع التكسير نحو: لا كواكبَ طالعاتٌ. والمثنى نحو: لا ضدينِ مجتمعان. وجمع المذكر السالم نحو: لا متنافسينَ في الخير نادمون. وما جمع بألف وتاء نحو: لا متبرجاتٍ محترماتٌ.

(1) سورة الصافات، آية:47.

(2)

أي: ما يغتال عقولهم وأجسامهم فيهلكهم {ولا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} أي: لا يسكرون عنها أي بسببها كما في خمر الدنيا.

ص: 134

وحكم الاسم في هذه الحال أنه يبنى على ما كان ينصب به. فالمفرد وجمع التكسير يبنيان على الفتح، والمثنى وجمع المذكر السالم يبنيان على الياء. وما جمع بألف وتاء يبنى على الكسر، لأنه الأصل في هذا الجمع، ويجوز بناؤه على الفتح كما ذكر المصنف رحمه الله.

فنحو: لا سرور دائم، لا: نافية للجنس تنصب الاسم وترفع الخبر. (سرور) اسمها مبني على الفتح في محل نصب (دائم) خبرها مرفوع بها وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

2-

أن يكون اسمها مضافاً، أي: مكونًا من كلمتين أضيفت الأولى إلى الثانية نحو: لا طالبَ علم ممقوتٌ.

3-

أن يكون شبيهاً بالمضاف، أي: مكونًا من كلمتين للأولى تعلق بالثانية غير الإضافة (1) نحو: لا عاصيًا أباه موفق، لا عشرين درهماً عندي.

وحكم الاسم في هذين الحالين أنه ينصب لفظًا. نحو: لا عاصيًا أباه موفق. لا: نافية للجنس (عاصيًا) اسمها منصوب بها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وفاعله ضمير مستتر. (أباه) مفعول به لاسم الفاعل، والهاء مضاف إليه، (موفق) خبر (لا) .

قوله: (وَلَكَ في نَحْوِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ فَتْحُ الأَوَّلِ، وَفي الثَّانِي الْفَتْحُ وَالنَّصْبُ وَالرَّفْعُ كَالصِّفَةِ في نَحْو: لَا رَجُلَ ظَرِيفٌ وَرَفْعُهُ فَيَمْتَنعُ النَّصْبُ، وإِنْ لَمْ تُكَرَّرْ لَا أَوْ فُصِلَت الصِّفِةُ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُفْردَةٍ امْتَنَعَ الْفَتُحُ) .

إذا تكررت (لا) مع النكرة وسبق الثانية عاطف نحو: (لا حول ولا قوة إلا بالله) جاز في النكرة الأولى وجهان:

1-

البناء على الفتح لأنه اسم مفرد - كما تقدم - فيجوز في الثاني ثلاثة أوجه:

(أ) البناء على الفتح (لا قوةَ) فتكون الثانية عاملة عمل (إن) .

(1) فيدخل فيه الرفع نحو: لا حاضرًا أبوه موجود. أو النصب كالمثال المذكور أو التعلق به نحو: لا راكبًا في السيارة موجود. أو العطف عليه نحو: لا ثلاثة وثلاثين عندنا.

ص: 135