الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (وَأقَلُّ ائِتِلافِهِ مِنَ اسْمَيْنِ كَـ (زَيْدٌ قائمٌ) أَوْ فِعْلِ واسْمِ كَـ (قَامَ زَيْدٌ)) .
لما ذكر أن التركيب الذي يفيد فائدة تامة يسمى (كلامًا) ذكر أن أقل ما يتألف منه الكلام المفيد هو: اسمان، أو فعل واسم، نحو: الحياة متاع. فهذا التركيب تألف من اسمين أحدهما: (الحياة) والثاني (متاع) ، ولو أخذنا كل كلمة على حدة لم نفهم إلا معنى مفرداً لا يكفي للتخاطب.
ونحو: استفاد الطالب. تركيب مولَّف من فعل وهو (استفاد) واسم وهو (الطالب) ، وقد يتألف الكلام من أكثر من ذلك. (1)
أنواع الإعراب وعلاماته
قوله: ((فَصْلٌ) أَنْوَاعُ الإِعْرَابِ أَرْبَعَةٌ: رفْعٌ ونَصْبٌ في اسْمِ وفِعْلٍ نَحْوُ زَيْدٌ يَقُومُ، وإِنَّ زَيْداً لَنْ يَقُومَ، وجَرٌّ في اسْمٍ نحْوُ بِزَيْدٍ، وجَزْمٌ في فِعْلٍ نَحْوُ لَمْ يَقُمْ، فَيُرْفَعُ بضَمَّةٍ ويُنْصَبُ بِفَتْحَةٍ ويُجَرُّ بِكَسْرَةٍ ويُجْزَمُ بَحَذْفِ حَرَكَة) .
قوله: (فَصْلٌ) الفصل: قطعة من الباب مستقلة بنفسها منفصلة عما سواها تشتمل على مسائل - غالباً - والباب أعم من الفصل؛ لأنه اسم لجملة مختصة من العلم تشتمل على فصول ومسائل أيضاً.
وقوله: (أَنْوَاعُ الإِعْرَابِ أَرْبَعَةٌ) : الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الكلمة.
والمراد بالأثر: الحركة من ضمة أوفتحة أو كسرة. أو حذفها وهو السكون.
وقولنا: (ظاهر أو مقدر) يبين أن الإعراب نوعان:
(1) أعلم أن الكلام والجملة بمعنى واحد. والجملة عند النحاة ثلاثة أنواع:
أ-جملة أصلية: وهي التي تقتصر على ركني الإسناد كالمبتدأ والخبر والفعل والفعال
…
ب-جملة كبرى: وهي ما تركب من مبتدأ خبره جملة اسمية نحو: الإسلام آدابه عالية. أو فعلية نحو: الإِسلام يسمو بتعاليمه.
ج- جملة صغرى: وهي الجملة الواقعة خبرًا كما في المثالين السابقين.
1-
الإعراب الظاهر: وهو الأصل نحو: يفوز المؤمن بثواب الله. فـ (يفوز) فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة. و (المؤمن) فاعل مرفوع بضمة ظاهرة و (ثواب) مجرور بكسرة ظاهرة.
2-
الإعراب التقديري: نحو: الفوضى مفسدة للأعمال. فـ (الفوضى) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر (1) . و (مفسدة) خبر، وسيأتي إن شاء الله تفصيل ذلك.
وأنواع الإعراب أربعة: الرفع والنصب والجر والجزم. وهي بالنسبة للأسماء والأفعال ثلاثة أقسام:
1-
قسم تشترك فيه الأسماء والأفعال (2)، وهو الرفع والنصب نحو: إن المؤمنَ لن يخونَ، العاقلُ يطيعُ أمَّهُ.
2-
قسم تختص به الأسماء وهو الجر نحو: نظرت إلى الكعبة.
3-
قسم تختص به الأفعال. وهو الجزم نحو: لم يحضر أحد.
وقوله: (فَيُرْفَعُ بضَمَّةٍ ويُنْصَبُ بِفَتْحَةٍ ويُجَرُّ بِكَسْرَةٍ ويُجْزَمُ بِحَذْفِ حَرَكَة) .
أي: أن هذه الأنواع الأربعة للإعراب لها علامات تدل عليها وهي ضربان:
1-
علامات أصلية.
2-
علامة فرعية.
فذكر هنا العلامات الأصلية وهي أربعة: -
1-
الضمة للرفع.
2-
الفتحة للنصب.
3-
الكسرة للجر.
4-
حذف الحركة للجزم، ويقال: السكون. أو الوقف. (3) وأمثلتها واضحة.
الإعراب بالعلامات الفرعية
1-
الأسماء الستة
(1) التعذر معناه: الاستحالة؛ لأن الألف لا تقبل الحركة. فالتعذر كون محل الإعراب غير قابل لعلامته.
(2)
المراد بالفعل المضارع لأن الماضي والأمر مبنيان كما تقدم.
(3)
المشهور عند النحاة أن حركة الإعراب غير حركة البناء وإن كانتا في الصورة واللفظ شيئًا واحدًا لكنهم قصدوا التفريق، ففي الإعراب يقال: مرفوع بضمة - مثلاً - وفي البناء يقال: مبني على الضم. فإذا قالوا: مرفوع، علم أنه بعامل يجوز زواله وحدوث عامل آخر يحدث خلاف عمله. وإذا قالوا: مبني على الضم، علم أنه ملازم للضم لا يزول بزوال العامل [راجع شرح المفصل لابن يعيش 3/84] .
قوله: (إلا الأسمَاءَ السِّتَّةَ وهِيَ أَبُوهُ وأَخُوهُ وحَمُوهَا وهَنُوهُ وفُوهُ وذُو مَالٍ، فتُرْفَعُ بِالْوَاوِ وتُنْصَبُ بِالألِفِ وتُجَرُّ بِالْيَاءِ، والأَفَصَحُ اسْتِعْمَالُ (هَنٍ) كَغَدٍ) .
شرع المصنف رحمه الله في الكلام على الضرب الثاني من علامات الإعراب. وهي العلامات الفرعية. وهي واقعة في سبعة أبواب:
1-
الأسماء.
2-
المثنى.
3-
جمع المذكر السالم.
4-
جمع المؤنث السالم.
5-
ما لا ينصرف.
6-
الأمثلة الخمسة.
7-
الفعل المضارع المعتل الآخر.
وقوله: (الأسماءَ الستةَ) بالنصب على الاستثناء. وكذا ما عطف عليه من المثنى وغيره مما سيذكره بعد ذلك.
وبدأ بالأسماء الستة (1) فذكر أنها ترفع بالواو نيابة عن الضمة كقوله تعالى: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (2) فـ (أبو) مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة و (نا) مضاف إليه. و (شيخ) خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ (كبير) صفة.
وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة كقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَن أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} (3) . فـ (أبا) اسم (أنَّ) منصوب وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة. و (الكاف) مضاف إليه و (الميم) علامة الجمع. وجملة (قد أخذ) خبر (أنَّ) . وتجر بالياء نيابة عن الكسرة، كقوله تعالى:{ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ} (4) فـ (أبي) مجرورة بإلى وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة و (الكاف) مضاف إليه و (الميم) علامة الجمع.
ولا تعرب بالحروف إلا بشروط أربعة:
(1) ويقال: الأسماء الخمسة، لأن إعراب (الهن) بالحركات أشهر من إعرابه بالحروف كما سيأتي إن شاء الله.
(2)
سورة القصص، آية:23.
(3)
سورة يوسف، آية:80.
(4)
سورة يوسف، آية:81.
الأول: أن تكون مفردة. كما في الأمثلة. فإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى - بالألف رفعاً وبالياء نصباً وجراً - كقوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} (1) فـ (أبويه) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى. والهاء مضاف إليه. وإن كانت مجموعة جمع تكسير أعربت بالحركات. كقوله تعالى: {آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} (2) فـ (آباء) مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. وهو مضاف و (الكاف) مضاف إليه. و (الميم) علامة الجمع (لا تدرون) خبر.
الثاني: أن تكون مكبرة كما في الأمثلة. فإن كانت مصغرة أعربت بالحركات نحو: جاء أُخَيُّ زيد. فـ (أُخَيُّ) فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و (زيد) مضاف إليه.
الثالث: أن تكون مضافة كما في الأمثلة. فإن لم تضف أعربت بالحركات قال تعالى: {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} (3) فـ (أبا) اسم (إن) مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة (له) خبر (إن) مقدم وتقول: هذا أبٌ عطوفٌ. وسلمت على أبٍ عطوفٍ.
الرابع: أن تكون الإضافة لغير (ياء) المتكلم كما في الأمثلة. فإن أضيفت لياء المتكلم أعربت بالحركات المقدرة كقوله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} (4) فـ (أخي) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغل المحل بحركة المناسبة و (أخ) مضاف والياء مضاف إليه، والخبر (هو أفصح مني) و (هارون) عطف بيان مرفوع.
وهذه الشروط تفهم من كلام المصنف؛ فإنه ذكر الأسماء الستة مفردة مكبرة مضافة لغير (ياء) المتكلم.
(1) سورة يوسف، آية:100.
(2)
سورة النساء، آية:11.
(3)
سورة يوسف، آية:78.
(4)
سورة القصص، آية:34.
وأشار بقوله: (ذو مال) إلى أن (ذو) لا تكون من الأسماء الستة إلا إذا كانت بمعنى (صاحب) تقول: جاء ذو مال، أي: صاحب مال. بخلاف (ذو) الموصولة فليست بمعنى (صاحب) وإنما هي بمعنى (الذي) ولا تكون (ذو) موصولة إلا على لغة (طيئ) كما سيأتي إن شاء الله، وهي مبنية لا معربة نحو: جاء ذو سافر. فـ (ذو) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. أي: جاء الذي سافر. وجملة (سافر) صلة.
كما يشترط في (ذو) أن تضاف إلى اسم جنس ظاهر غير صفة كما في مثال المصنف، ونحو: زميلي ذو أدب. قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} (1) فـ (اللام) لام الابتداء (ذو) خبر (إن) مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة. وقال تعالى: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} (2) . فـ (ذا) مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الألف. وهو مضاف و {الْقُرْبَى} مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة للتعذر.
وقال تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) } (3) فـ (ذي) مجرور وعلامة جره الياء. وهو مضاف و (حجر) مضاف إليه.
والمراد باسم الجنس: الاسم الجامد غير المشتق (4) الذي وضع للمعنى الكلي المجرد، كالعلم والمال والفضل ونحوها. بخلاف: جاءني ذو قائم. فلا يصح، لأنه مشتق.
(1) سورة الرعد، آية:6.
(2)
سورة الإسراء، آية:26.
(3)
سورة الفجر، آية: 5 و (حجر) أي: عقل.
(4)
الاسم الجامد: ما لم يؤخذ من غيره، وهو إما اسم ذات، وهو الدال على معنى يقوم بذاته كـ (رجل) ، أو اسم معنى، وهو ما لا يقوم بذاته كـ (بياض) والمشتق: ما أخذ من غيره كـ (قائم) مأخوذ من (القيام) . وسأذكر ذلك إن شاء الله في أول باب التمييز.
وأشار بقوله: (فوه) إلى أنه لا يعرب بالحروف إلا بشرط أن تُحذف منه الميم. فتقول: فوك رائحته طيبة. نظف فاك بالسواك. كرهت رائحة فيك. ففي الأول مرفوع بالواو، وفي الثاني منصوب بالألف، وفي الثالث مجرور بالياء، فإن بقيت الميم أُعرب بالحركات تقول: هذا فمٌ. ونظفت فمًا. ونظرت إلى فمٍ.
وقوله: (وَحَمُوهَا) بإضافة (الحمُ) إلى ضمير المؤنث، لبيان أن (الحمُ) أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وابن عمه. وقد يطلق على أقارب الزوجة فيقال: حموه. بالإضافة للمذكر.
قوله: (وَالأَفَصَحُ اسْتِعْمَالُ (هَنٍ) كَغَدٍ) . الهنُ: اسم يكنى به عن أسماء الأجناس، تقول هذا هن زيد، أي: فرس زيد - مثلاً - وقيل كناية عما يستقبح ذكره، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:(من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)(1) .
و (الهن) إذا استعمل مجردًا عن الإضافة فهو اسم منقوص، أي محذوف اللام، وهي الواو، لأن أصله (هَنَوٌ) فيعرب بالحركات، نحو: هذا هنٌ. ورأيت هنًا. ومررت بهنٍ.
فإن أضيف فجمهور العرب تستعمله كذلك. تقول: هذا هنُكَ، رأيت هنَكَ، ومررت بهنِكَ. وبعضهم يعربه بالحروف فيجريه مُجْرى (أب وأخ) فيقول: هذا هنوك، ورأيت هناك، ومررت بهنيك. وهي لغة قليلة. وعليها ورد ذكره مع الأسماء الخمسة.
(2-3) المثنى وجمع المذكر السالم
قوله: (وَالمُثَنَّى كَالزَّيْدَانِ فَيُرْفَعُ بِالأَلِفِ وجَمْعَ المُذَكَّرِ السَّالِمَ كالزيدون فَيُرْفَعُ بالواو ويُجَرَّانِ ويُنْصَبَانِ بِالْيَاءِ) .
ذكر الباب الثاني والثالث مما خرج عن الأصل وأعرب بالعلامات الفرعية. وهما: المثنى وجمع المذكر السالم.
(1) أخرجه أحمد وإسناده صحيح [انظر الصحيحة للألباني رقم 269] ومعناه: أن من تعزى وانتسب إلى القوم فقال: يا لفلان، يا لبكر.. (فأعضوه بهن أبيه) أي قولوا له: اعضض بهن أبيك. بلفظ صريح دون كناية، مبالغة في التشنيع عليه.
فالمثنى: ما دل على اثنين بزيادة في آخره، صالح للتجريد وعطف مثله عليه. نحو جاء الطالبان. فهو لفظ دال على اثنين. بزيادة في آخره، وهي الألف والنون، صالح لتجريده من هذه الزيادة، فتقول جاء طالب. ويصح أن تعطف عليه مثله، فتقول جاء طالب وطالب آخر.
وقولنا: (ما دل على اثنين) هذا جنس في التعريف يدخل فيه كل ما دل على اثنين كرجلين، وشفعٍ، واثنين واثنتين، وكلا وكلتا.
وقولنا: (بزيادة في آخره) هذا قيد يخرج ما دل على اثنين وليست فيه زيادة مثل (شفع) فليس بمثنى. وإن دل على اثنين.
وقولنا: (صالح للتجريد) : هذا قيد ثان يخرج ما دل على اثنين لكن لا يصح إسقاط الألف منه، وهو اثنان واثنتان، وكلا وكلتا، نحو: جاء اثنان. إذ لا يصح: اُثْنٌ.
وقولنا: (وعطف مثله عليه) هذا قيد ثالث، يخرج ما لا يصح عطف مثله عليه، كالقمرين، إذ لا يصح قمر وقمر. كما يقال: جاء طالب وطالب آخر.
وحكم المثنى أنه يرفع بالألف نيابة عن الضمة نحو: جاء طالبان. فـ (طالبان) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى. وينصب ويجر بالياء. كقولك: رأيت طالبين. فـ (طالبين) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنه مثنى. وتقول: مررت بطالبين فـ (طالبين) اسم مجرور بالباء وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه مثنى. (1)
وأما جمع المذكر السالم فهو: ما دل على أكثر من اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف أمثاله عليه.
(1) هذه لغة جمهور العرب في المثنى. ومن العرب من يلزم المثنى الألف رفعًا ونصبًا وجرًا وعليه ورد حديث (لا وتران في ليلة) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وهو حديث صحيح. فـ (لا) نافية للجنس. (وتران) اسمها مبني على الألف في محل نصب (في ليلة) خبر.
نحو: قدم المجاهدون. فهو اسم دال على أكثر من اثنين. بزيادة في آخره وهي الواو والنون. صالح للتجريد من هذه الزيادة فتقول: مجاهد. وعطف أمثال هذا المجرد عليه فتقول: قدم مجاهد من الشام ومجاهد من العراق ومجاهد من مصر.
وحكمه: أنه يرفع بالواو نيابة عن الضمة نحو يفوز الرجال العاملون فـ (العاملون) صفة لـ (الرجال) وصفة المرفوع مرفوع وعلامة رفعه الواو، لأنه جمع مذكر سالم. وينصب ويجر بالياء نحو: ساعدت الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. فـ (الآمرين) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء، لأنه جمع مذكر سالم. وتقول: يرضى الله عن المحسنين. فـ (المحسنين) اسم مجرور بـ (عن) وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم.
قوله: (وَكِلَا وكِلْتَا مَعَ الضَّمِيرِ كَالْمُثَنَّى) .
لما ذكر المثنى شرع في ذكر ملحقاته وهي التي لا ينطبق عليها التعريف كما تقدم، وهي أربعة (كلا، وكلتا، واثنان، واثنتان) .
أما كلا وكلتا فهما من الأسماء الملازمة للإضافة، ولهما حالتان:
الأولى: أن يضافا إلى الضمير، فيعربان إعراب المثنى. نحو: اتفق الشريكان كلاهما، وخرجت البنتان كلتاهما. رأيت الطالبين كليهما. رأيت الأختين كلتيهما. بُرَّ بوالديك كليهما. سلمت على الخالتين كلتيهما.
فـ (كلاهما) كلا: توكيد معنوي لما قبله. مرفوع مثله. وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى. والهاء مضاف إليه، و (ما) علامة التثنية. و (كليهما) منصوب بالياء، و (بوالديك كليهما) مجرور بالياء.
الثانية: أن يضافا إلى الاسم الظاهر، فتلزمها الألف، ويعربان إعراب الاسم المقصور. وذلك بالحركات المقدرة. نحو: جاء كلا الرجلين، ورأيت كلا الرجلين، ومررت بكلا الرجلين. فـ (كلا) فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. وكذا يقال في حالتي النصب والجر. وهذه الحالة تفهم من كلام المصنف، لأنه لما قال:(مع الضمير كالمثنى) علم أنهما مع الاسم الظاهر ليس كذلك، وإلا لم يكن لتخصيص الضمير فائدة.
قوله: (وَكَذَا اثْنَانِ واثْنَتَانَ مُطْلَقاً وإِنْ رُكِّبَا) .
ذكر الثالث والرابع مما يلحق بالمثنى وهما: اثنان واثنتان. فيعربان إعراب المثنى مطلقًا. أي بلا شرط، سواء كانا مفردين - أي غير مضافين - وهو الغالب. نحو: حضر في المسجد اثنان. ورأيت اثنين. وسلمت على اثنين. فـ (اثنان) فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. أو كانا مضافين نحو: هذان اثنا زيدٍ، فـ (اثنا) خبر مرفوع بالألف. و (زيد) مضاف إليه.
وكذا إن كانا مركبين نحو: حضر في الفصل اثنا عشر طالباً. ورأيت اثني عشر طالبًا. ودخلت على اثني عشر طالبًا. فـ (اثنا) فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى و (عشر) مبني على الفتح لا محل له.
قوله: (وَأولو وعِشْرُونَ وأَخَوَاتُهُ) .
لما ذكر جمع المذكر السالم شرع في ذكر ملحقاته. وهي التي لا ينطبق عليها التعريف. ولم تتحقق فيها الشروط، ولكنها تعرب إعرابه، وذلك أن الذي يجمع من الكلمات جمعًا مذكرًا سالمًا نوعان: -
الأول: العلم، نحو: حضر المحمدون، بخلاف: رجل، فلا يجمع، ما لم يصغر. فإن صغر جاز جمعه، كرجيلون.
الثاني: الصفة، نحو: لا تصغِ إلى الكاذبين. والمراد بها ما دل على معنى وذات.
وشروط العلم أربعة:
1-
أن يكون لمذكر. فإن كان لمؤنث كزينب، لم يجمع.
2-
أن يكون لعاقل، فإن كان لغير عاقل كـ (لاحق) علم على فرس، لم يجمع.
3-
أن يكون خاليًا من التاء، فإن كان فيه تاء كـ (طلحة) ، لم يجمع.
4-
أن يكون خاليًا من التركيب، فإن كان مركبًا كـ (بعلبك) ، لم يجمع.
وشروط الصفة ستة:
1-
أن تكون لمذكر. فإن كانت لمؤنث كـ (حائض) ، لم تجمع.
2-
أن تكون لعاقل. فإن كانت لغير عاقل كـ (سابق) صفة لفرس، لم تجمع.
3-
أن تكون خالية من تاء التأنيث. فإن كانت غير خالية كـ (علامة) لم تجمع.
4-
ألا تكون من باب (أفعل فعلاء) فإن كانت من باب (أفعل) الذي مؤنثه (فعلاء) لم تجمع كـ (أخضر خضراء) .
5-
ألا تكون من باب (فعلان فعلى) فإن كانت من باب (فعلان) الذي مؤنثه (فعلى) لم تجمع كـ (شبعان وشبعى) .
6-
ألا تكون مما يستوي فيه المذكر والمؤنث. فإن كانت منه لم تجمع كـ (صبور) فإنه يقال: خالد صبور. وهند صبور.
فالملحقات التي ذكر المصنف رحمه الله لم تتحقق فيها هذه الشروط كما سنبين إن شاء الله.
وقوله: (أولو) مبتدأ، وخبره قوله:(كالجمع) كما سيأتي - إن شاء الله - فـ (أولو) ملحق بجمع المذكر. لأنه لا مفرد له من لفظه. فيعرب إعراب الجمع، تقول: جاء أولو العلم، رأيت أولي العلم، واستمعت إلى أولي العلم. فـ (أولو) فاعل مرفوع بالواو، لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، و (العلم) مضاف إليه، وكذا ما بعده. قال تعالى:{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)، وقال تعالى:{وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (2)، وقال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (3) ففي الأولى مرفوع بالواو، لأنه فاعل، وفي الثاني منصوب بالياء، لأنه منادي، وفي الثالث مجرور بالياء.
(1) سورة البقرة، آية:269.
(2)
سورة البقرة، آية:197.
(3)
سورة الزمر، آية:21.
قوله: (وَعِشْرُونَ وأَخَوَاتُهُ) المقصود بـ (أخواته) : الأعداد من ثلاثين إلى تسعين بدخول الغاية، وهي ملحقة بجمع المذكر لأنه ليس لها مفرد. فتعرب إعراب الجمع. نحو: عندي عشرون كتابًا. اشتريت عشرين كتاباً، استفدت من عشرين كتاباً، فـ (عشرون) مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر، قال تعالى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (1) وقال تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (2) وقال تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (3) .
قوله: (وعَالَمُونَ) مفرده (عَالَم) ولكنه ليس بعلم ولا صفة، بل هو بمنزلة اسم الجنس. لأن المراد به: كل من سوى الله تعالى. فهو ملحق بجميع المذكر فيعرب إعرابه. قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (4) فـ (العالمين) اسم مجرور وعلامة جره (الياء) لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
قوله: (وَأَهْلُونَ) مفرده (أهل)، ولكنه ليس بعلم ولا صفة. بل هو اسم جامد. فهو ملحق بالجمع. فيعرب بإعرابه. نحو: أهلونا نحرص على تربيتهم. فـ (أهلونا) مبتدأ مرفوع بالواو لأنه ملحق بالجمع. و (نا) مضاف إليه، قال تعالى:{شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} (5) وقال تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (6) وقال تعالى: {إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} (7) فالأول فاعل، والثاني مفعول به. والثالث مجرور.
قوله: (وَوَابلُونَ) مفرد (وابل) وهو المطر الغزير، وهو ملحق بالجمع، لأنه ليس بعلم ولا صفة وهو - أيضاً - لغير العاقل.
(1) سورة الأنفال، آية:65.
(2)
سورة الأحقاف، آية:15.
(3)
سورة المعارج، آية:4.
(4)
سورة العنكبوت، آية 6.
(5)
سورة الفتح، آية:11.
(6)
سورة المائدة، آية:89.
(7)
سورة الفتح، آية:12.
قوله: (وَأرَضُونَ) بفتح الراء، جمع (أرض) وهو علم لمؤنث. ولم يسلم فيه بناء المفرد عند جمعه، فإن مفرده (أرض) بسكون الراء. والجمع بفتحها. وجمع المذكر السالم لابد أن يسلم فيه بناء المفرد فلا يحصل فيه تغيير لا في حركة ولا في حرف من زيادة أو نقصان عدا الواو والنون والياء والنون.
وقوله: (وَسِنُونَ وبَابُهُ) سنون: مفرد هـ (سنة) وهو ليس بعلم. وهو لمؤنث، ومختوم بالتاء، ولغير العاقل. فهو ملحق بجمع المذكر السالم في إعرابه بالواو رفعًا وبالياء نصبًا وجرًا. نحو: هذه سنونَ خِصبٍ، أقمت عنده سنين، درست النحو خمسين سنين.
وقوله: (وَبَابُهُ) أي باب سنين. والمراد به: كل اسم ثلاثي حذفت لامه (1) وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة، ولم يعرف له عند العرب جمع تكسير معرب بالحركات و (سنة) اسم ثلاثي أصله (سَنَوٌ) بدليل جمعه على (سنوات) حذفت لامه وهي (الواو) لأن وزنه (فَعَلٌ) وعوض عنها تاء التأنيث. وليس له جمع تكسير في اللغة العربية.
ومثله: عِضَةٌ (بمعنى: كذب وافتراء) وجمعها: عِضُون. وأصل المفرد: عِضَوٌ. فهو اسم ثلاثي حذفت لامه. وعوض عنها تاء التأنيث. وليس له جمع تكسير. قال تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) } (2) فـ (عضين) مفعول ثان لـ (جعل) منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. والمعنى: أنهم فرَّقوا القول في القرآن فقال بعضهم: سحر، وقال بعضهم: كهانة، وقال بعضهم: أساطير الأولين.
(1) اللام هي الحرف الثالث الأصلي للكلمة. سميت لاما لأنها تقابل اللام في الميزان الصرفي (فعل) . فمثلاً: سنوٌ السين فاء الكلمة والنون عين الكلمة والواو لام الكلمة.
(2)
سورة الحجر، آية:91.
ومثله عِزَةٌ (بكسر العين وفتح الزاي وهي الفرقة من الناس) وجمعها: عِزُون، قال تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) } (1) فـ (عزين) حال منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. والمعنى: أنهم جماعات عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم وعن شماله.
قوله: (وبنون) هذا جمع مفرده: (ابن) لكنه لم يسلم من التغيير، فقد حذفت منه الهمزة وتحركت الباء، فأُلحق بجمع المذكر السالم في إعرابه بالحروف، قال تعالى:{أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) } (2) وقال تعالى: {جعل لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (3)، وقال تعالى:{أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) } (4) . ففي الآية الأولى: مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو، وفي الثانية: مفعول به منصوب لـ (جعل) وعلامة نصبه الياء وفي الثانية: مجرور وعلامة جره الياء.
قوله: (وعِليُّون) هو اسم لأعلى الجنة، وهو في الأصل جمع، ثم سُمِّي به، فلذا أُلحق بهذا الجمع، فأعرب إعرابه، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) } (5) فالأولى مجرورة بالياء. والثانية مرفوعة بالواو على أنها خبر (ما) .
قوله: (وشبهه) أي: شبه عليين مما هو في الأصل جمع ثم سمى به كـ (زيدون) - علماً - فتقول: هذا زيدونَ، ورأيت زيدينَ ومررت بزيدينَ. فنعربه إعراب هذا الجمع.
قوله: (كالجمع) خبر المبتدأ، وهو قوله:(أولو) وما عُطف عليه - كما تقدم - أي: جميع ما ذكر كالجمع المذكر السالم في إعرابه بالحروف.
4-
ما جمع بألف وتاء
(1) سورة المعارج، آية:37.
(2)
سورة الطور، آية:39.
(3)
سورة النحل، آية:72.
(4)
سورة الشعراء، آية:133.
(5)
سورة المطففين، آية 18، 19.
قوله: (وَأُولات ومَا جُمَعَ بِأَلِفٍ وتَاءَ مزيدَتَيْن ومَا سُمِّي بهِ مِنْهُمَا فَيُنْصَبُ بالْكَسْرَةِ نحو: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ} (1) و {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} (2)) .
هذا الباب الرابع مما يعرب بالعلامات الفرعية. وهو ما جمع بألف وتاء مزيدتين. وبعضهم يقول: جمع المؤنث السالم.
والتسمية الأولى أجود، لأن بعض المفردات التي جمعت هذا الجمع ليست مؤنثة مثل: اصطبل واصطبلات. وحمَّام وحمَّامات. كما أن بعض المفردات تغيرت فلم تسلم عند الجمع مثل: سَجْدَة وسَجَدات. وحُبْلى وحُبْليات، وصحراء وصحروات، لكن ما دام أنه اصطلح على هذه التسمية فلا مانع من إطلاقها. ويكون قولنا:(المؤنث السالم) ليس قيدًا.
وقوله: (مَا جُمَعَ بِأَلِفٍ وتَاء) أي بسبب ألف وتاء. والمعنى: أن الدلالة على الجمع بسبب وجود الألف والتاء. نحو: جاءت فاطمة. فهذا مفرد. فإذا قلنا: جاءت الفاطمات. صار جمعاً بسبب الألف والتاء. وهذا يقتضي ألا تكون الألف أو التاء موجودة في المفرد. ولهذا قال: (مزيدتين) مع أن هذه اللفظة لا يحتاج إليها إن كانت الباء في قوله (بألف وتاء) سببية. وإنْ كانت للمصاحبة فلابد من قيد الزيادة (3) .
وحكم هذا الجمع أنه يرفع بالضمة على الأصل نحو: فازت المتحجباتُ، وينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة نحو: هنَّأت المتحجبات فـ (المتحجبات) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة، لأنه جمع مؤنث سالم. وأما الجر فهو: بالكسرة على الأصل نحو: أثنيت على المتحجباتِ.
(1) سورة العنكبوت، آية:44.
(2)
سورة الصافات، آية:153.
(3)
لأن مثل: قضاة وأبيات جمع فيه ألف وتاء وليس مما نحن فيه - كما سيأتي - والأظهر أن (الباء) متعلقة بالفعل (جُمع) وعليه فلا داعي لقيد الزيادة إلا لغرض التوضيح.
فيخرج بالألف الزائدة: الألف الأصلية نحو: قضاة وغزاة، فإن التاء فيهما وإن كانت زائدة. إلا أن الألف فيهما أصلية، لأنها منقلبة عن أصل، لأن أصل (قضاة) قُضَيَة (بضم القاف وفتح الضاد والياء) لأنها من (قَضَيت) تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا فصارت (قضاة) . فينصب بالفتحة على الأصل نحو: أكرمت قضاةَ البلد.
ويخرج بالتاء المزيدة: التاء الأصلية، كتاء بيت وأبيات، وميت وأموات، وصوت وأصوات، فإن التاء فيها أصلية بدليل وجودها في المفرد. فلا يكون مما جُمع بألف وتاء، بل ينصب بالفتحة على الأصل قال تعالى:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (1) فـ (أمواتًا) خبر (كان) منصوب بها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وقال تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (2) . فـ (أصوات) مفعول به منصوب بالفتحة. (3)
(1) سورة البقرة، آية:28.
(2)
سورة الحجرات، آية:2.
(3)
إذا قلت: بنت وبنات. فهذا الجمع ينصب بالكسرة. وصوت وأصوات هذا الجمع ينصب بالفتحة مع أن التاء في مفرد كل منهما، والفرق أن الدلالة على الجمع في الأول بسبب الزيادة. والثاني بسبب الصيغة؛ لأنه على وزن من أوزان جموع التكسير فاعرف ذلك فإنه نافع في هذا الباب.
قوله: (وَأُولات) هذا الأول مما يلحق بجمع المؤنث السالم، لأنه لا مفرد له من لفظه بل من معناه. وهو (صاحبات) ومفرده (صاحبة) ، وهو ملازم للإضافة لاسم جنس (1) ظاهر، ولهذا يعرب إعراب الجمع بدون تنوين. تقول: جاءت أولاتُ أدب، ورأيت أولاتِ أدب، ومررت بأولاتِ أدب. قال تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (2) فـ (أولات الأحمال) مبتدأ مرفوع بالضمة، (والأحمال) مضاف إليه، والجملة بعده خبر، والتقدير:(أجلُهن وَضْعُ حمِلهن) وقال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} (3) فـ (أولات حمل) خبر (كان) منصوب بالكسرة. واسمها نون الإناث المدغمة في نون (كان) .
قوله: (ومَا سُمِّي بِهِ مِنْهُمَا) هذا النوع الثاني مما يلحق بهذا الجمع. وهو ما سمي به من هذا الجمع وملحقاته. وهو المراد بقوله: (منهما) أي ما سمي به من لفظ (أولات) وما سمي به مما جمع بألف وتاء، والمراد بالتسمية أن ينقل لفظ الجمع إلى العلمية فَيُنزَّل منزلة المفرد. نحو (فاطمات، زينبات) ونحوهما مما صار علماً على امرأة.
ومثله: (عرفات)(علم على المشعر المعروف) . تقول: هذه عرفاتٌ، ورأيت عرفاتٍ، ومررت بعرفاتٍ. فترفعه بالضمة، وتنصبه وتجره بالكسرة مع التنوين (4) مراعاة لظاهره، وهو أنه جمع مع أن مدلوله مفرد (5)، ومنه قوله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (6)
5-
ما لا ينصرف
(1) تقدم تعريف اسم الجنس في باب الأسماء الستة.
(2)
سورة الطلاق، آية:4.
(3)
سورة الطلاق، آية:6.
(4)
هذا تنوين المقابلة الذي يحلق جمع المؤنث السالم.
(5)
من العرب من يحذف التنوين. ومنهم من يعربه إعراب الممنوع من الصرف مراعاة لمفرده وهو أنه علم مؤنث مفرد فيمنع من الصرف للعلمية والتأنيث.
(6)
سورة البقرة، آية:198.
قوله: (وَمَا لَا يَنْصَرِفُ فَيُجرُّ بِالْفَتْحَةِ نَحْوُ بِأَفْضَلِ مِنْهُ إِلَاّ مَعَ أَلْ نَحْوُ بِالأَفْضَلِ أَوْ بِالإِضَافَةَ نَحْوُ بِأَفْضَلِكُمْ) .
هذا الباب الخامس مما خرج عن الأصل وأعرب بعلامة فرعية، وهو الممنوع من الصرف. أي الممنوع من التنوين.
وهو: الاسم المعرب الذي لا يدخله التنوين، لوجود علتين من علل تسع، أو واحدة تقوم مقامها.
مثل: أحمد. فيه العلمية ووزن الفعل. و (عطشان) فيه الوصفية وزيادة الألف والنون. و (مساجد) فيه علة واحدة، وهي صيغة منتهى الجموع.
وهو يرفع بالضمة. وينصب بالفتحة. ويجر بالفتحة - أيضًا - نيابة عن الكسرة. نحو: حضر أحمدُ، رَدَّ الله يوسفَ إلى يعقوبَ.
ويستثنى من ذلك مسألتان يجر فيهما الممنوع من الصرف بالكسرة على الأصل:
الأولى: إذا كان مضافاً (1) نحو: وعظت في مساجدِ القرية. ونحو: مررت بأفضلِكم.
الثانية: إذا كان مقترناً بأل نحو: سألت عن الأفضلِ من الطلاب.
وسيأتي إن شاء الله تعالى شرح لهذا الباب في آخر الكتاب عند ذكر علامات منع الاسم من الصرف.
6-
الأمثلة الخمسة
قوله: (وَالأَمْثِلةَ الْخَمَسْةَ وهِيَ تَفْعَلَانِ وتَفْعَلُونَ بِالْيَاءِ والتَّاءِ فِيهمَا وتَفْعَلينَ فَتُرْفَعُ بثُبُوتِ النُّونِ وتُجْزَمُ وتُنْصَبُ بِحَذْفِهَا نَحْو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (2)) .
هذا الباب السادس مما خرج عن الأصل وأعرب بعلامات فرعية وهو باب الأمثلة الخمسة. وهذا التعبير أولى من (الأفعال الخمسة)، لأن هذه ليست أفعالاً بعينها كالأسماء الستة. وقوله:(والأمثلة) معطوف على ما تقدم، منصوب بالفتحة.
والأمثلة الخمسة هي:
1-
كل مضارع متصل بألف تدل على اثنين غائبين نحو: الرجلان يجريان.
(1) فإن كان مضافاً إليه جر بالفتحة نحو: كتابُ يوسفَ جديدٌ.
(2)
سورة البقرة، آية:24.
2-
كل مضارع متصل بألف تدل على اثنين مخاطبين نحو: أنتما تصلحان بين الناس.
3-
كل مضار متصل بواو تدل على جماعة الغائبين نحو: العلماء يحفظون الشريعة.
4-
كل مضارع متصل بواو تدل على جماعة المخاطبين نحو: أنتم تهذبون الأخلاق.
وإلى هذه الأربعة أشار المصنف بقوله: (وهي تفعلان وتفعلون. بالياء والتاء فيهما) فالياء للغائب. والتاء للمخاطب.
5-
كل مضارع متصل بياء تدل على المخاطبة نحو: أنت تهذبين الأطفال.
وحكمهما: ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة نحو: المؤمنون يؤمنون بالغيب. فـ (يؤمنون) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون نيابة عن الضمة، لأنه من الأمثلة الخمسة، والواو فاعل، قال تعالى:{لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (1) وقال تعالى: {فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} . (2) وتنصب وتجزم بحذفها نيابة عن السكون والفتحة (3) نحو: اختلف الشريكان ولم يتفقا، فعل مضارع مجزوم بـ (لم) وعلامة جزمه حذف النون، لأنه من الأمثلة الخمسة. ونحو: المجدون لن يتأخروا. فـ (يتأخروا) فعل مضارع منصوب بـ (لن) وعلامة نصبه حذف النون. والألف والواو في المثالين: فاعل.
قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (4) فالأول مجزوم بحذف النون (5) . والثاني منصوب بحذفها أيضًا.
7-
الفعل المضارع المعتل
(1) سورة الصف، آية:2.
(2)
سورة المائدة، آية:107.
(3)
قد تحذف النون لغير ناصب أو جازم كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تحابوا" - رواه مسلم برقم (93) - فحذفت النون في قوله: (ولا تؤمنوا) لغير ناصب أو جازم وهي لغة صحيحة. قليلة الاستعمال.
(4)
سورة البقرة، آية:24.
(5)
لكن ما الذي جزم المضارع، أهو (إن) أم (لم) ؟ سيأتي ذلك في جوازم المضارع عند الكلام على (لم) إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَالْفِعْلَ الْمُضَارعَ الْمُعْتَلَّ الآخِرِ، فَيُجْزَمُ بِحَذْفِ آخِرِهِ نَحْوُ لَمْ يَغْزُ ولَمْ يَخْشَ ولَمْ يَرْمِ) .
هذا الباب السابع مما خرج عن الأصل وأعرب بعلامات فرعية وهو الفعل المضارع المعتل الآخر. وهو ما في آخره واو كـ (يدعو) أو ألف كـ (يخشى) أو ياء كـ (يرمي) .
فهذا يرفع بضمة مقدرة على الألف والواو والياء نحو: ينهى الإسلام عن الكذب، المؤمن يدعو إلى الإسلام بأخلاقه، العاقل يهتدي بنصح المجربين، فـ (ينهى) فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر و (يدعو) فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل. ومثله (يهتدي) .
وينصب بفتحة مقدرة على الألف نحو: لن يسعى العاقل فيما يضره. فـ (يسعى) فعل مضارع منصوب بـ (لن) وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. وبفتحة ظاهرة على الواو والياء. نحو: لن يدعوَ المؤمن إلا ربه، فـ (يدعو) فعل مضارع منصوب بـ (لن) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، ونحو: لن يرتقيَ الحسود. وإعرابه كسابقه.
ويجزم بحذف حرف العلة الذي في آخره. وهذا هو الذي خرج فيه الفعل المعتل عن الأصل. وأما الرفع والنصب فهما باقيان على الأصل، إلا أنهما قد يكونا ظاهرين أو مقدرين. وسيأتي ذكر ذلك في الإعراب التقديري.
ومثال المعتل بالألف المجزوم: لا تنسَ وعدك. فـ (لا) ناهية.
و (تنس) فعل مضارع مجزوم بـ (لا) وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهو الألف.
ومثال المعتل بالواو: لا تدعُ غير الله.
ومثال المعتل بالياء: لم يهتدِ الناس إلا بهذا الدين.
الإعراب التقديري
قوله: (تُقَدَّرُ جمِيعُ الْحَرَكاتِ في نَحْوِ غُلَامِي والْفَتَى ويُسَمَّى الثَّاني مَقْصُوراً) .
تقدم أن علامات الإعراب نوعان:
1-
علامات ظاهرة. وهي الأصل، وتقدمت أمثلتها.
2-
علامات مقدرة. وهذا الفصل معقود لذكرها.
والمراد بالإعراب التقديري: أن العلامة الإعرابية - كالضمة أو الفتحة - لا تظهر على الحرف الأخير من اللفظ المعرب لسبب مما يأتي. (1)
والذي يقدر فيه الإعراب خمسة أنواع: -
1-
الاسم المضاف لياء المتكلم. فتقدر فيه حركات الإعراب جميعها لا لكون الحرف الآخر منه لا يقبل الحركة لذاته. بل لأجل ما اتصل به وهو (الياء) .
فمثال الرفع: كتابي جديد، والنصب: حفظت كتابي من الضياع، والجر: نقلت من كتابي، فـ (كتابي) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. وهو مضاف والياء مضاف إليه. وفي المثال الثاني (كتابي) مفعول به منصوب بفتحة مقدرة.. الخ. وفي الثالث مجرور بكسرة مقدرة
…
إلى آخره. (2)
2-
المقصور: وهو كل اسم معرب آخره ألف لازمة. وتُقَدَّر فيه جميع حركات الإعراب. لأن آخره ألف، والألف لا تقبل الحركة لذاتها.
(1) الإعراب التقديري غير الإعراب المحلي. فالتقديري يكون في الأسماء المعربة أو الأفعال وهو على الحرف الأخير فقط. أما الإعراب المحلي فهو في الأسماء المبنية والجمل التي لها محل من الإعراب وهو على الكلمة المبنية كلها. فإذا قلت: هذا كتاب. فـ (ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ومعنى (في محل رفع) : أننا لو وضعنا كلمة معربة مكان اسم الإشارة لكانت مرفوعة.. وهكذا لو قلت: رأيت طفلاً يبكي، فجملة (يبكي) في محل نصب صفة، فإنك لو قلت: رأيت طفلاً باكيًا. لكانت الصفة المفردة منصوبة فالجملة في محل نصب.
(2)
أو يقال مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو أيسر من التقدير ما دام أن الكسرة موجودة.
فمثال الرفع: رضا الوالدين سعادة للولد، فـ (رضا) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. مثال النصب: لا تتبع الهوى. فـ (الهوى) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. ومثال الجر: الحِمْيةُ نافعة للمرضى. فـ (المرضى) اسم مجرور بـ (اللام) وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
3-
قوله: (وَالضَّمَّةُ والْكَسْرَةُ فِي نَحْوِ الْقَاضِي ويُسَمَّى مَنْقُوصاً) .
هذا النوع الثالث مما يعرب بالحركات المقدرة وهو المنقوص. وهو: اسم معرب آخره ياء لازمة غير مشددة، قبلها كسرة نحو: القاضي، الساعي، الداني.
فهذا يقدر عليه من علامات الإعراب الضمة والكسرة للثقل نحو: الساعي للخير كفاعله. فـ (الساعي) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، ونحو: على الباغي تدور الدوائر. فـ (الباغي) اسم مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل.
4-
قوله: (وَالضَّمَّةُ والْفَتْحَةُ في نَحْوِ يَخْشَى) .
هذا النوع الرابع مما يعرب بالحركات المقدرة. وهو الفعل المضارع المعتل بالألف فتقدر فيه الضمة والفتحة. نحو: المتقي يخشى ربه، فـ (يخشى) فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، ونحو: لن يرضى العاقل بالأذى، فـ (يرضى) فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر.
5-
قوله: (وَالضَّمَّةُ في نَحْوُ يَدْعُو ويَقْضِي) .
هذا النوع الخامس مما يعرب بالحركات المقدرة. وهو الفعل المضارع المعتل بالواو والياء فتقدر فيه الضمة نحو: الموحِّد لا يدعو إلا الله. فـ (يدعو) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعة ضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل. ونحو: أنت تربي أولادك على الفضيلة، فـ (تربي) فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل.